القهوة والشاهي بحضرموت

[ابوبكر بن حسن البار]

بسم الله الرحمــــن الرحيم
======================
القهـــوة و الشـاهـي بحضرموت

*****************************
قال السيد عبدالرحمن بن محمد العيدروس في رسالته ( ايناس الصفوة بانفاس القهوة ) ان قهوة البن لم تعرف في الاعصر الخالية واول حدوثها اواخر القرن الثامن باليمن المبارك ومكتشفها هو الامام الحسن علي صاحب المخا الشهير بالشاذلـي وليس شاذلي النسب كما يتوهم وانما هو شاذلي الطريقة فاذا صح أنه أول مكتشف للقهوة فأن الامام أبابكر العيدروس (العدني)هو الذي نشرها في الاقطار الاخرى
ومن هذا يتضح أن الحضارم في مقدمة من شرب القهوة .وقد أشاد بذكرها كثير من الشعراء والبلغاء ،فمن قصيدة للعلامة عبدالمعطي بن حسن باكثير المتوفي عام 989هـ يقول فيها:=
أهلا بصافي قهوة كالاثمد جليت فزانت بالخمار الأسود
لما أديرت في كؤوس لجينها بيمين ساق كالقضيب الأملد
يحكي بياض إنائها وسوادها طرفآ كحيلآ لابكحل المرود
ويشبهها ابنه الشيخ أحمد بن عبد المعطي بمقلة العين وسط الفناجين الصيني البيضاء فيقول
لله محكم قهوة تجلى لنا في أبيض الصيني طاب شرابها
فكأنما هي مقلة مكحولة ودخانها من فوقها أهدابها
وللشيخ محمد عبدالقادر الحباني المتوفي عام 1015هـ قصيدة في القهوة يقول فيها :=
ياشاعرآ فاق في أقواله الشعراء أبدى لنا من قوافي نظمه دررا
أطربتني إذ وضعت القاف تتبعه هاء وواو وهاء بعده زبرا
حققت في وصفها وصفي كفي ورقي بل قد شفي وجلا عن قلبي الكدرا
فأنها قوة إذا حذفت لها هاء تبين ذا من في الأنام قرا
بقافها قويت أعضاء كل فتى وهاؤها للهدى والواو منه جرى
فاشرب هنيئآ فما في ذا منغصة كلا ولاحرمة تخشى بها ضررا
0000000000000000000000000000000000000000000000
ويصف الامام عمر بن سقاف القهوة وقد أقبل بها الساقي بأبيات عجيبة مطلعها :
قد أقبلت وسوادها يتوقد ومن العجائب أن يضي الاسود
ويحث الناس على المبادرة والاسراع في تلبية الدعوة الى حضورها شريطة ألا تكون في محرم
فإذا دعيت لها فبادر مسرعا مالم تكن في مجلس لا يحمد
00000000000000000000000000000000000000000000000000
وعلى شراب القهوة تطيب الجلسات ،وتعقد الندوات ،وتحلو السمرات ،ويتنادم الأحباب ويجتمع الأصحاب ،وتحصل الألفة على شراب القهوة ،ويذكر بعض الشعراء أن للقهوة خمس فوائد لخصها في هذين البيتين :=
عليك بأكل البن في كل ساعة ففي البن للأكال خمس فوائد
نشاط وتهضيم وتعليل بلغم وتطييب أنفاس وعون لقاصد
ويضيف بعض الناس على القهوة شيئآ من (الزنجبيل)وتختلف النسبة المضافة ،فالبادية يكثرون منه ،أما الحاضرة فتضيف نسبة بسيطة ،كما يضع الحضر قليلا من (الهيل) لتطييب رائحتها000وفي حضرموت الداخل يوضع سكر بداخلها 0 اما في المناطق الجبلية فتكون مرة ويحضرون معها التمر والحلوى وماشابه ذلك 00

الشاهي
أما الشاهي فقد عرف في حضرموت حديثآ إلا أنهم اهتموا به وطوروه بشكل عجيب لم يسبقهم غيرهم اليه ،ولهم فن في طبخه وتفنن في شربه ،.وقد ذكره الشعراء في قصائدهم وأفرد بعضهم قصائد خاصة به ذكروا فيها شروطه وفوائده وأوقاته .
وأعتقد أنه لا يخلو ديوان شاعر حضرمي من ذكر هذا الشراب الجميل .ويقال بأن أول من جلبه من الحجاز هو الامام علي بن محمد الحبشي المتوفي بسيؤن عام 1333هـ وخصه بقصيدة فريدة طويلة ذكر فيها بعضآ من شروطه فقال :=
راق طعم الشراب من ذا الشاهي فتناهى في الحسن أي تناهي
هو نعم الشراب ذوقآ ولونأ ماله من مماثل أو مضاهي
إنما الشرط فيه لطف الأواني مع حسن الحلي وعذب المياه
وامتلاء الكؤوس قالوا معيب ورأوا أنه على النصف زاهي
000000000000000000000000000000000000000000000
وقد قرر فيها شروط الشاي وواجبات ساقيه وطابخه ، فلطف الأواني وجمالها ونظافتها من أهم شروطه ،وغالبآ مايعمل في (البراريد )الصيني ،كما قد ينتقي له السكر المكرر وبعضهم يغسله (أي السكر)في الفنجان مبالغة في النظافة ،كما أن شجر الشاي نفسه يجب أن يغسل بالماء الفاتر لئلا يذهب لونه اذا غسل بالماء الساخن ،أما الشاي الأخضر فينبغي أن يغسل أكثر من مرة ..وعلى الساقي ألا يملأ الكأس اذ أن امتلاءه عدوه من المعيبات ،واشترطوا أن يكون أكثر من النصف بقليل أي لايتجاوز يد (الفنجان ) أما البعض الاخر فيرى ألا يزيد على نصف الفنجان ،ومنهم العلامة المرحوم صالح بن علي الحامد الذي يقول :
لولا انتصاف الكاس خيل أنها في كف ساقيها تقوم بذاتها
ويبالغ البعض في التفنن فيضعون في الملاعق الفضية (العنبر)لتطيب رائحته ويذكر بعضهم انه مقو.
ولايتناول الشاي إلا في وقت صفاء وأنس واستعداد له إذ أن إعداده يستغرق وقتا طويلا ،فأوقات العمل لانرى الناس في حضرموت يشربونه ،ومعظم أوقات شربه هو بعد الافطار وبعد الغداء وفي المساء .. ولاتخلو جلسة أنس أو زيارة أحباب من تناول هذا الشراب اللذيذ كما تنفح رائحة العود (الدخون )و(الند )في جلساته وخاصة في اجتماعات النساء..
ومن قصيدة للحبيب أبي بكر بن شهاب المتوفي عام 1341هـ يصف الشاي بقوله :=
رق مرآها ومرآى جامها فهي والجام ضمير مستتر
رائد الأعين عن إدراكها قاصر لولا اللهيب المستعر
راح أنس إن بدت في مجلس يعبق النادي برياها العطر
رونق الجسم بها منتعش ولها في اللب سحر مستمر
0000000000000000000000000000000000000000000000000
أما الشاعر السيد صالح بن علي الحامد فيشترط على ساقي الشاي أن يروق له ماء المطر العذب وأن ينتقي له أجود أنواع الشاي ، ولابدع فالشاعر من أبناء الاغنياء
بحضرموت .. وهذا بعض ماجاء في قصيدته عن الشاي:=
روق لها ماء الغمام وهاتها لي والحباب يدور في جنباته
من جيد الشاي استحال عصيرها فأتت تحاكي الشهب في جاماتها
قد راق منظرها ورق زجاجها فلعلة لم يدهقوا كاساتها
لولا انتصاف الكأس خيل أنها في كف ساقيها تقوم بذاتها
واذا الهموم على النديم تكاثفت وبدت أشعتها جلت ظلماتها
فبها غنيت عن التي سلب النهى من شأنها والاثم من تبعاتها
000000000000000000000000000000000000000000000000
وقبل أن اختم كلامي عن الشاي أحب أن أقول بأن النوع المفضل لدى الحضارم هو الأسود ،أما الأخضر فلا يستعمله سوى (المسنين )000
أبوبكر حسن البار

[الدمعه الحزينه]

يعطيك العافيه موضوع مفيد عن الشاي والقهوة مع الشكر والتحيه العطره