بكائيات المـــحضار في ذكرى رحيله الثانـية

[عمر خريص]

وتـمر الايام كئيبه رتيبه ، وتكتمل دورة الزمن ،وهاهو الخامس من فبراير عام 2002م يحمل ذكرى الرحيل الثانية للشاعر الغنائي الكبير حسين ابو بكر المحضار عن دنيانا الفانية ، ولا اذيع سرا اذا قلت ان غصت الوداع وحرقة الفراق لم تخمد جذوتـها في قلوب محبي الـمحضار واحبابه وتلامذته ومتذوقي شعره ، وقامة شعريه كالـمـحضار وماتركه من انتاج رائع وضخم ، لن ينتسي من ذاكرة الزمان ولن تـمتد اليه يد النسيان ، وآفة الانسان ، وفي العام الـماضي تكرم على محبي شعر الـمحضار وذواقة كلماته الاستاذ الوفي والمربي النبيل ( عبدالله فرج بازرقان ) وتـحمل عنا بعض الوفاء للراحل الخالد الذكر ، حيث اخرج لنا (مرثياته) بعد جمعها واعدادها وتوثيقها توثيقا حسنا ، وكانت تـحمل أسم (بكائيات ) وهي بـمثابة الديوان الخامس للـمحضار من حيث الاصدار ،وهو عمل يشكر عليه ويستحق به الثناء ، والديوان يتكون من ثلاثة واربعون مرثية ، وأضيف اليها (روضة العشاق) وهو المولد النبوي الذي انشأه المحضار في سنوات شعره المبكره وظل مخطوطا الى ان اخرجه اهله للنشر ، ومراثي الـمحضار وما قاله فيها من ندب أو تابين أو عزاء تأتي من أقوى المراثي في الشعر الحميني المعاصر ، وذلك حظ شعره كله لـما عرف به من موهبة فذة اتقنت فن الشعر والابحار في ملكوته ، ونلاحظ ان المحضار في مراثيه يكتب بالفصحى تارة واخرى بالحميني (المعروف بين الفصحى والعامي) ، وقد عزيت ذلك الى شدة تأثيره من وقع الصدمة الاولى في من يرثيه ومنزلته وقرب المدة وقصرها ، فنراه يرثي صديقه الحميم الاول والمقرب اليه السيد (علوي مول الدويله ) بمرثاة حكمية مؤثرة يقول فيها:ـ
الى الملا الاعلى الى العالم العلوي … الى الـخلد فاضت روحك اليوم ياعلوي
وحياك مـولاك العلي تحيـة 00 واعطاك في الفردوس فوق الذي تنـوي
وبعد ان تـهدى نفس الشاعر المصابه في من تحب تركن الى ضفاف الشعر الحميني تجتر باقي اشجان مسكونه وتنفض عنها احزان مدفونه ، وهذا ما نسمعه وهو يقول في رثاء صاحبه السابق الذكر بعد مرور الايام نراه يقول :ـ
اعادة الفايت الى حاله مـحال …… لكن قلبي ماتوقع في مـحلـــه
لا جيت بانسيه ذكره الخـيال ….. واثار بقيت بعد مـحبوبه وخلـه
وفراق من تـهواه وحلــه مااصعب الايام بعده واللـــيال .
ولعل غيرنا لا يوافقنا على ماذهبنا اليه ، فالنمدده بشاهدا اخر ابلغ واثبت ، وهل اصدق من ان يرثي الشاعر أمه ، ففيها قال اول ماقال قصيدته الحكمية التي يقول فيها :ـ أماه كنت لدمع العين ماسـحة 00 فمن يمسـح بعد اليوم دمعاتي
أماه يانغم اشدو به ابـــدا 00 قد فاق كل اناشيدي ونغماتي
مااجمل الصبر الا فيك اعجزني 00 في ان يكون جميل الوصف والذات .
الى اخر ها وهي من ثمانية ابيات ، اما بعد اسبوع من وفاة أمه فقد ركن ايضا الى ضفاف الشعر الحميني وشرب من معينه ماشاء الله له ان يشرب اذ يقول فيها:ـ
ماكفت الدمعه ** من الجمعة الى الجمعة ** ومكانها ماباتكف مني الدموع
لا ذكرت من لو لاه انا ماكنت شيء ** حكم القضاء جاري على كل حي
ضاقت علي بقعه ** في داري انطفت شمعه ** ماشي يعادل ضؤها بين الشموع
في كل موقع منها في الدار ضي .
ونفس الشي نراه في تأثره البالغ في رثاء المؤرخ (سعيد عوض باوزير) وفيها يفلسف الـمحضار قضية الموت ولا يجعله رحيلا مقبولا اعتياديا بل جعله نداء عشق وانصهارا في بوتوقة الحب المتفاني والاخلاص المطلق ، يقول فيها مخاطبا المرثي :ـ
حنت الى لقياك تربة بلادك *** فقربت وصالك وادنت بـعادك
وجيت لكن جيت تـهدي فؤادك *** والروح والعقل المفكر لها
كأنها الا في يديها قيادك *** وفلتتك من عندها واصـطيادك
تحزن اذا حست بشي من عنادك *** ومنك البسمات تحلى لـها .
هكذا قال في اول قصيدة يرثي المؤرخ باوزير فيها ووتوالى بعد ذلك قصائد المحضار في اكثر من ذكرى لوفاة المؤرخ باوزير ولكنها كلها قصائد حمينية خالصة ، وايضا نراه كذلك في رثائه للعلامة الشيخ عبدالكريم الملاحي والعلامة السيد عبدالله الحداد رحمهما الله وغيرهما ممن لم نستشهد بهم .
واعترف ان قصائد الديوان مادة خصبة لدراسة جانب من جوانب شعر الـمحضار ويحتاج الي بسط ودراسة وافيه واحاطة كاملة لكل الملامح الفنيه فيه ، ولعلي بهذا القول اغري بـمن لديه الخبرة والمقدرة في خوض غمار هذا العمل الفني الجميل ، ولا اعرف اذا كانت للمـحضار قصائد غير هذه مع انه اكد لي رحمه الله بأن من شجعه على كتابة قصائده بالفصحى هو الاديب الكبير الشاعر الرائد (حسين محمد البار) صاحب الرائد وكان ينشرها في جريدته بعد النظر فيها ، هذا ماأخبرني به المـحضار وللامانة والتاريخ اقول هذا والله على ماأقول شهيد ، ورحم الله الـمحضار .

[أبوعوض الشبامي]

.

علمت من صديق لي أن عائلة المحضار تعد أن تنشر ديوانه الأخير والذي يحتوي على الأغاني الأخيرة والأغاني التي لم تنشر من قبل ونحن في انتظار هذا الديوان الأخير ودواوين المحضار هي في مجملها أغاني ذات الحان مميزة ومطربة ومع الأسف قد أغفل ممن تولوا نشر تلك الدواوين كتابة ( النوتة ) الموسيقية لكل لحن حتى يبقى اللحن لكل كلمات اغنية منشورة محفوظا للأجيال وحق ثابت مثبوت لن يتعرض بعد حين الى السطو ..!!


.

[عمر خريص]

صدقت استاذي ابو عوض

هم يقومون بجمعه الان .. ربنا يوفقهم

ونرجو ان يتجنبوا الاخطاء والقصور وان يخرج الديوان اكثر دقة مما سبقه من دوواين المحضار دون المساس به

نرجو ذلك