المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > تاريخ وتراث > تاريخ وتراث
تاريخ وتراث جميع مايتعلق بتاريخنا وموروثنا وتراثنا الأصيل !!


القنصل الهولندي ورحالة ألماني في زيارة تاريخية لحضرموت عام 1931م

تاريخ وتراث


إضافة رد
قديم 06-01-2012, 09:54 AM   #31
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الخليفي الهلالي [ مشاهدة المشاركة ]
الفاضل أبو صلاح

أنت تسحرنا وتنلقنا على بساط الريح من مكان إلى آخر ومن زمن إلى أزمنه من تاريخ الوطن الحبيب

أخي ابوصلاح أقولها بصدق وأمانه أنني ومن خلال متابعتي لما تنقل أو تكتب فأنني انتقل روحيّاً
إلى تلك الأجواء الآسره بكل تفاصيلها ولا أبالغ والله الشاهد أنني انسى نفسي وأنا اتنقل فيما بين
عقاب وسهول ومطاريق مدن وادي عمد أو وادي دوعن أو اي مدينه أوقريه حضرميه لأنها أصل
بيئتي ومكان نشئتي ومرتع صباى.....

سلمت يمناك أخي الكاتب والاديب أبو صلاح؛؛؛؛؛

شكراً لك أخي الخليفي الهلالي
ربما لا يخطر على بالك وأنت تطأ الأرض بقدميك في هذه الأمكنة التي أشرت أليها من حضرموت أنها الأم المعطاة لكل خير على مر الزمان ، وأن تحت كل قدم منهما عالماً بل عوالم كاملة من آثار البشرية التي مرت عليها منذ الأزل ،وأن أقتصرنا الأمر نقول من قوم نبي الله نوح "أبو البشرية الثاني "عليه السلام إلى يومنا هذا وحضرموت هي حضرموت ، وإن تباينت أساليب حياتها عبر التاريخ الطويل ، الكل منا ينتمي أليها ،وإن بعدت بنا المسافات عنها أو قربت كلنا حضرموت 000نتمنى لها العافية من الألم 0
مرة أخرى اشكرك على جميل عباراتك ،ومرورك الذي اغنى الموضوع وأنتظرني في محطة قادمة إن شاء الله
  رد مع اقتباس
قديم 06-07-2012, 11:34 AM   #32
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

قفل دوعن ومادوعن إلا بصيف

"صيف"- بصاد مكسورة وتسكين اليا والفا-( قفل دوعن [ أي مفتاح دوعن ] ولها ذكر كثير في التاريخ ، وقد روي عن الشيخ عمر بامخرمه رحمه الله انه قال لبدر بوطويرق : ( حاذر على صيف ، شف مادوعن إلا بصيف )ذكر ذلك بن عبيد الله السقاف في إدام القوت في معرض ترجمته للمدينة وأما كون بلدة "صيف "قفل دوعن أو مفتاح دوعن فأنني أجد تفسيره من كلام السيد علوي بن طاهر الحداد في كتابه (الشامل في تاريخ حضرموت ص212 ) قال:( إذا جاوزت صيف وقطعت ساقتيها استقبلك واديان أحدهما عن يمينك وهو الأيمن يأتي من الجنوب وثانيهما عن يسارك من الناحية الجنوبية الشرقية وهو الوادي الأيسر ويقال ليسر فإذا اجتمعها قيل لهما وادي دوعن بتغليب اسم الوادي الأيمن فإنه الذي يطلق عليه اسم دوعن في العرف الخاص000 )
كان الطقس حار جداً غداة مغادرة الضيوف الخريبة باتجاه مدينة "صيف "أو بلدة صيف إذ تبلغ درجة الحرارة 39.5 درجة مئوية تحت أشجار النخيل في الطريق الذي سلكه (الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) وما هي إلا ساعات حتى وصلوا "صيف" متنقلين بين عدداً من القرى الواقعة على منحدرات جبلية وأشجار النخيل والسواقي التي تمر بها مياه السيول والأعشاب الجافة التي تنتظر المطر0 وقبل أن تصل القافلة التي تحمل الضيوف ومرافقيهم خاصة السيد علوي العطاس إلى محطتهم التالية ؛ فقد مروا ببعض المظاهر الجغرافية التي لفتت نظرهم ووصفوه ومنها, أن أصبح بطن الوادي الشاسع مقفرا, ثم أخذ يضيق فوق طريق من الحجارة الجرداء إلى أن وصلوا مشارف "صيف" التي طلت عليهم فجأة ببنيانها المتواضع وحالة أهلها البائسة كما يقول الهولندي الكولنيل دانيال : (000شاهدنا "صيف" قرب المغيب ترقد فوق منحدر حطام الصخر العريض حيث يصبح الوادي شاسعا جدا وتكسر الشاطئ الصخري وتراجع. ضرب الفقر المدينة الصغيرة المحاطة بالسور, ذات المنازل القصيرة000 ) ثم أردف قائلاً : (ويبدو أن حالة عدد قليل من سكانها قد سمحت لهم بطلاء الطوابق المأهولة بالجير الأبيض [ النورة ]وببناء درابزين [ أي طابقين ] فوق شرفات السطح.)
الوضع العام للمدينة وطبيعة حاكمها وأهلها كما يبدو ، يمكن أن تستنتجه من انطباعات الضيوف الأجانب قال: (قد أفسدتنا معاملة الأيام الماضية حيث كان رجال السلطة والأعيان يستقبلوننا باعتبارنا ضيوفا لهم مكانة مرموقة. على أي حال ما زلنا هنا تحت حماية النظام القعيطي, وزودنا الشيخ الجليل باصرة برسالة إلى حاكم "صيف". وقد حذرتنا عائلة المحضار من حاكم "صيف". فهو رجل فقير, وضليع في علوم الدين التقليدية, لكنه جاهل وليست له كفاءة في مسائل الإدارة الدنيوية. والسكان متعصبون وفقراء. لكننا كنا نأمل فقط أن يمنحنا الحاكم شرفة السطح لقضاء الليل, وليس أكثر من ذلك, لأننا نرغب أن نبدأ رحلتنا صباحاً في اليوم التالي) وهنا ربما تلحظ انعكاس الخلاف أوالصراع الذي كان حينه على أوجه أو اشده بين حضارم المهجر في في تلكم الجزر الاندونيسية الخلابة القابعة خلف المحيط في جنوب شرق أسيا،وهي جزركمستعمرات هولندية قبل الحرب العامية الثانية سنة 1939م 0فالمشائخ وشرائح اجتماعية مختلفة من قبائل وادي دوعن وعمد مثل آل العمودي وآل بلحمر،وآل باصهي وآل باقبصي وغيرهم كانوا في حزب جماعة الإصلاح والإرشاد ؛وفي المقابل حزب الرابطة العلوية التي يتزعمها من السادة العلويين في اندونيسيا خاصة كاآل بن شهاب وآل طاهر وآل بن يحيى وآل الجنيد وآل العطاس وآل باعبود وعلى رأسهم جميعاً آل المحضار المنتمي لهم وزير الدولة القعيطية والشخصية المعروفة محمد بن أحمد المحضار التي لعبت دوراً كبيراً في قطب الصراع وكذا الحاكم أو الوالي عمر باصرة من قبل الدولة القعيطية ، وأنا لست بصدد الحديث عن هذه القضية وإن كنت قد لمست فقط أجواء ماحدث في تحذير السيد المحضار وكلام المؤلف والله أعلم 0
المهم أن الرحلة وصلت إلى صيف وسنترك القارئ أمام ماقد وصفه وكتبه الزائر ومن يرافقه من المهتمين عن بلدة "صيف " قال (بدت "صيف" جافية, خالية من النبات والألوان, والسكان يحدقون بطريقة عدائية إلى مجموعتنا الصغيرة وهي تخترق الشوارع الضيقة المتسخة. ثم قادنا الحراس إلى اسطبل ضيق, اجتزنا الساحة الداخلية التي تقف فيها الأبقار, ثم تسلقنا إلى السطح عبر سلالم ضيقة. وأحاطت بنا منازل طويلة كئيبة منعت عنا النسيم المنعش, وحجبت عنا أيضاً النوافذ الصغيرة التي كانوا يتجسسون منها علينا. وتوافد إلى الأسطبل وإلى سطحنا كل من "توم" و"ديك" و"هاري", حتى أصبحنا بعد قليل وسط جمهور محتشد. كل الجنود من قبيلة يافع, واستقبلوا بحفاوة نيابة عن الحاكم الغائب, ورجونا أن نتقبل القليل الذي يمكن أن يقدموه لنا. بل أحضروا خروفاً وجديا, وخيرونا أن نختار واحداً منهما للعشاء. كان الجنود سعداء بهذا التغيير الذي طرأ على حياتهم الرتيبة. بل أظهروا غاية المودة مما جعلنا نقبل الأمر لا مفر منه ونعد إقامتنا لليل فوق سطح الأسطبل. ولم نر أحدا من سكان المدينة, يبدو أنهم لا يريدون التعامل مع النصارى. أما البدو في الشارع والصبية فقد أبدو اهتماماً كبيراً. وبمساعدة الجنود وبلغة ركيكة, استطعنا أن ننظف مكاننا في السطح ونضع فيه أسرتنا. واستدعوا مجموعة من السكان الذين يتحدثون لغة الملايو. وقد تخلصوا من تعصب أهالي "صيف" من إقامتهم في جاوا وهم يعرفون ويقدرون حكومة هولندا. وهمسوا لنا بأن مكان إقامتنا غير مناسب, فالحاكم فقير وليست له سلطة. وقد تغيب متعمداً ليتجنب مشقة استضافتنا.) لاحظ أن الوصف فيه قسوة لأهل "صيف "خلافاً لما عرفناه من سابق زياراته هل انطباعاته عن سكان المنطقة وبلدتهم وحاكمها على حقيقته ،من المفيد أن نسمع من الأخوة أهل المنطقة أو من هو قريب منهم رأيهم ؟
لم يحصل الضيوف على راحتهم ،أو يتمكنوا من كتابة تقاريرهم بشكل جيد ،لأسباب تتعلق بصخب وضوضاء أحدثها السكان المحليون الذين لم يتركوا فرصة للضيوف لأخذ راحتهم قال : ( ثم قمنا بكتابة مذكراتنا وببعض الأعمال الضرورية الأخرى ونحن وسط كل أنواع الصخب والضجيج. وجلس الجنود من "صيف" مع أتباعنا إلى ما بعد منتصف الليل, وهم يستمتعون بأكل الشواء الأرز, ويتبادلون بأصواتهم النكرة كل أنواع الحكاوى والأخبار. وصلت محاولات "فريده" للاختراق حضرموت إلى مأساة عندما حل على "صيف" الكئيبة هذه. فكان سيء الحظ إذ وصل قبل يوم واحد من زيارة قبر الشيخ أحمد بن عيسى العمودي[ هو الشيخ سعيد بن عيسى العمودي النمتوفي سنه 676هـ وليس أحمد بن عيسى. وهو من كبار رجال التصوف والطريقة في مدينة قيدون وتقام له زيارة سنوية ]) ويتذكر الزائر حوادث حدثت لبعض الأجانب حين زاروا بلدة " صيف " من أهالي المنطقة حيث اجتمع آلاف البدو, وكانوا يعتبرون بعضهم جواسيس للإفرنج الإنجليز في عدن, وقال أن البعض نجوا بأعجوبة من الموت. وعومل بعضهم بقسوة, وانتزعت منهم نقودهم بل وأرغموا على مغادرة "صيف" والعودة إلى الساحل ،ووصفوا أهالي "صيف" بأنهم "مجموعة مريضة إلى حد بعيد ونظرتهم موبوءة"0
ثم حان موعد الرحيل من "صيف "قال :(كانت فترة راحتنا في "صيف" قصيرة الأجل. فعند الرابعة جاء الحاكم, وهو أيضا المؤذن, ليوقظ السيد علوي للصلاة. وبدأنا نستفسر فورا عن الحيوانات التي سنركبها وعن الترحيل. وكانت الإجابات عبارة عن وعود براقة, لأنه بعد فترة طويلة من شروق الشمس لم تظهر أي حيوانات. وأصبح البقاء فوق السطح غير محتمل فليس فيه ظل يحمى من حرارة الشمس. وظللنا ننتظر لساعات عند حقائبنا. واعترانا اليأس. ماذا سنفعل هنا إذا لم نحصل فورا على الحيوانات والسروج؟ لا يمكننا البقاء في هذه المدينة, وصبيانها في الشوارع بلا خلاق, وجنودها الكسالي يتحلقون حولنا. وعندما ظهر الحاكم مرة أخرى واجه عاصفة من التوبيخ. وأرسلنا الجنود أنفسهم لترتيب الأمور. وأخيراً نفضنا عن أرجلنا غبار "صيف" ونحن نتنفس الصعداء. ) وعند المغادرة من صيف رافقهم جنديان إضافيان, من جنود يافع تتحمل السلطنة القعيطية دفع مستحقاتهما، و يبدو عليهما الفقر والشحوب ومرتبهما لا يكفي لإعاشتهما جيداً. كما أخبر بذلك المؤلف قال : ( وطلب كلاهما أن يدخل في خدمتنا ويسافر معنا إلى الخارج. وعمل أحدهما في الفيلق العربي مع نظام حيدر آباد, ويتحدث الهندستانية.)
وحتى الملتقى في محطة ووقفة جديدة لكم تحياتي واعتذاري لأهل "صيف "إن كنت قد أسأت الظن فيهم وما أنا إلا ناقلاً ومعقباً وشارحاً وموضحاً إذا تطلب الأمر0
  رد مع اقتباس
قديم 06-27-2012, 05:22 PM   #33
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الهجرين في حضن جبل فارد جاثم على الأرض كالجمل البارك من غير عنق

نفضوا عن أرجلهم غبار "صيف" وهم يتنفسون الصعداء.لم ترق لهم الإقامة طويلاُ في بلدة"صيف"التي خلفوها وراء ظهورهم غير نادمين، واتجهوا صوب جهة المشرق، يسيرون ببطن الوادي ،وعلى جانبيه في جو حار مشمس تزيد درجة حرارته عن 39 درجة مئوية ،يطفئون حر الضماء من مياه السقايات البارد التي تنتشر كرؤوس المنارات البيضاء على طول الطرق التي تسلكها الدواب والمارة من الناس ،أوقفها أهل الفضل والرحمة من سابقي أهل حضرموت يرجون بها وجه الله 0
بعد مسيرة ساعتين من تحركهما من "صيف "فإذا بهما يقابلان اثنان من السادة العلويين وصفاهما بأنهما يحثان السير في اتجاه القافلة ،وكان قد وصفهما (الكولونيل" دانيال فان در ميولين أيضا )بأنهما ) في هندام حسن ) وهما مرسلان إلى السيد علوي العطاس رفيق رحلتهم إلى وادي حضرموت.
كما أن السيد أبو بكر بن شيخ الكاف في تريم قد أرسل سيارتين في طريقهما إلى حريضة توقعا أن القافلة لابد أن تكون "حريضة "هدف رئيس من أهدافها خاصة وأنها المدينة التي يقطنها جُل ّ عائلة "آل العطاس"ولهم بها مقام كبير يقصده زوار حريضة باستمرار0
قال المؤلف : (000فواصلنا مسيرنا الآن بهمة جديدة. وعبرنا مرة أخرى إلى الجانب الأيسر من الوادي, وهو الجانب الذي تقع فيه "صيف". وأصر الجنود اليافعيون على أن هذا الجانب غير آمن, وترجونا أن ننتظر وصول الجمال قبل أن نواصل.)
و أخيرا ظهر لهم جبل الهجرين بحافته الحادة المتميزة وقمته المسطحة, كسفينة ترسو في الفضاء، وحيث ترقد عند سفحه بساتين النخيل. قال: ( اندفعنا الآن بعزم جديد, بالرغم من الحرارة وحيواناتنا المجهدة. وعندما وصلنا إلى حافة الأرض المزروعة, اعتقدنا أننا وصلنا إلى نهاية رحلتنا, لكن ما زالت هناك مسافة علينا قطعها)
وخلال تلك المسافة التي كانت تفصلهم عن الهجرين كانوا قد توقفوا في محطات ،شربوا الماء البارد من أقداح الفخار،ثم واصلوا السير مع الدواب من الحمير التي ترافقهم في رحلتهم وهي متعبة لم تستطع مواصلة السير عبر قنوات المياه الجافة (أي السواقي )،فرحموها وآثروا السير على الأقدام، قال :( 000لم تستطع الحمير مواصلة السير أكثر من ذلك, فترجلنا منها. )
غير أن أحد الجنود اليافعين القساة لم يأبه بتعب حمار الكولونيل دانيال الذي ترك ركوبه شفقة عليه بعد أن اتعب فحدثت مشادة بين عصبية يافع وقوة هولندا الاستعمارية فأنظر ما حدث قال: (فاقتاد أحد الجنود اليافعيين حماري من لجامه إلى المؤخرة, وعندما وصل إلى هناك حاول أن يمتطيه خلسة. لكننا لمحناه, فصحت فيه لنزل منه, لأني نزلت منه لتوى رأفة به. فصاح إليه رفيقه اليافعي الذي كان يسير أمامي بألا يطيع أمري. فصحت فيه غاضبا ليصمت, وقلت له لقد دفعت أجر الحمير وأنا المسئول عنها. وعندما رد على بصفاقة قائلاً "أمسك لسانك", ضربته بصندوق على أذنه. فالتفت نحوى غاضبا وهو يمسك بندقيته وقال "هل أسكت على ضربك لي؟" فقلت له "سوف تطيع أمري فأنت تحت قيادتي". فتراجع عبد الله إلى المؤخرة وهو مقطب الجبين, بينما ركزنا أنظارنا جميعا على بندقيته.)
ولم يمض وقت طويل حتى جاء رفيقه بطلب الصفح عنه. وقال:( " لا تغضب منه فهو متوتر قليلاً". )
فرد الكولونيل بقوله :(ومن يستطيع أن يظل غاضبا لفترة طويلة من هؤلاء الأغرار الشرسين البدائيين؟. )
لم تسعفه قبليتة وعصبية العسكري اليافعي ، وحتى أن اعتذاره كان فيه مهانة له أمام هذا الأجنبي المستعمر في الأصل ، ومن ثم لأنه كان أجيراً عنده ؛لا ممثلاً للأمن ونظام الدولة القعيطية ووزيرها المحضار0
وبالنظر إلى تلك الواقعة والتأمل في بعض جوانبها ،تجد أن فيها ما يمثل صورة من صور رجالات الأمن والعسكر في السلطنات القعيطية والكثيرية السابقة التي حكمت حضرموت0
وفي كل الأحوال فقد انتهى الأمر في مساء تلك الليلة الساخنة بعد أن أعطي كلا الجنديين اليافعيين أجرتهما وصرفا أمرهما، و استغني الكولونيل عن خدماتهما : ولهذا قال :(000, أعطينا الجنديين اليافعيين مكافأتهما التي انتظراها بشغف, وافترقا من النصارى كأحسن ما يكون الأصدقاء.)
وحتى وصول القافلة إلى الهجرين،فقد مر الركب أثناء سيرهما على مسجد وبجانبه قبة وزير ماء للشرب على الطريق ،وبئر زراعية بها نسوة من الفلاحات يعملن في الزراعة ،قد استوقفهن مشهد رجال من النصارى الحُمر البشرة كما هو الشائع عند العوام . على أنهن ما إن شاهدن غرباء حتى سارعن بتغطية وجوههن ، وكن يضعن فوق رؤوسهن قبعات عريضة من السعف [مظلة ] للوقاية من حرارة الشمس0
وأخيرا وصلوا الهجرين :
الهجرين هي المدينة التي لا تغيب عن المشاهد والمنارات التاريخية في حضرموت كلما ذكرت ،وهي التي كما قيل "أشهر من نار على علم "، لا تغفل الكتابات التاريخية عن ذكرها ، لما لها ولأهلها الكنديون الذين سكنوها في الغالب منذ قديم الزمان كما ذكر الهمداني في صفة جزيرة العرب ،وبن عبيد الله السقاف في "إدام القوت" وكان قد وصفها بأحسن وصف وجدته في (إدام القوت معجم بلدان حضرموت قال : (هي واقعة في حضن جبل فارد جاثم على الأرض كالجمل البارك من غير عنق ، تحف بسفوحه النخيل من كل جانب ، متجانف طرفه الغربي إلى جهة الجنوب وطرفه الشرقي إلى جهة الشمال 000)
استقبلته المدينة المصلوبة على رأس جبل[ الباحث الهولندي وصديقه ] وبدأ بالصعود في طريقها المعبد نحو سفح الجبل، حيث تقع الهجرين، ويقود إلى بوابة هذه المدينة ممر معبد أيضا , وكانت تتحكم في الماضي بحكم موقعها في الطريق الرئيسي من الساحل إلى حضرموت. (الشوارع داخل المدينة أيضا شديدة الانحدار وتعطى المدينة انطباعا بالاضمحلال. وبها قليل من المنازل العالية أو الجميلة, واللون الأبيض الذي هو علامة الرخاء يكاد لا يوجد حتى في منزل واحد. يطغى على المدينة اللون الرمادي والبني مثل الجبال التي تقف أمامها. )
لاحظ أن انطباعه عن المدينة ومظهرها العام ،قد يفضي أليك بانطباع سيء فيما قاله عنها ماذا قال؟ : (توقفنا أمام منزل بطابقين يقع في شارع جانبي. يقال إن السيد محمد بن سالم بن عبدالرحمن الكاف, الذي نحمل له رسالة تعريف من مضيفنا في دوعن, يسكن هنا. وأخذوا منا الخطاب, وأغلق الباب مرة أخرى, وانتظرنا في الشارع. وعندما طال انتظارنا قلنا لأنسنا بقلق لعل الإفرنج غير مرغوبين في هذا المنزل.)
وهذا من سوء ظنه فيما يبدو،وإن اكتشف حقيقة الأمر وخطأ تقديره للموقف بعد ذلك ، قال :(000 ولم يكن الأمر كذلك, فقد كان هناك حفل زواج بالمنزل في ذلك الوقت, والمنزل مزدحم بالنساء فكان لا بد من إزاحتهن خلف الأبواب قبل أن يسمح لنا بالدخول.)
ولم ينته الأمر عند هذا الحد ،فإنه كما عهدناه من سابق في مواقف أخرى ينظر دائماً إلى سلبيات ومثالب وعورات القوم حين ينزل عليهم ؛وكأنه يحاول أن يكتشف ثمة ما يعيب ، من المواقف المظاهر والمناظر غير الجميلة التي يكتشفها في زيارته، وقلما يثني على أحد و يستحسنه ، إلا في حدود من يعرفه من خواص الجمهور فقط الذين تعامل معهم في حضرموت ؛وأدوا له مهام خاصة لتسهيل رحلته إلى وادي حضرموت ،على الأقل في ما مر بنا من زيارات سابقة في دوعن والشحر وشحير قال: ( 000 وبعد الانتهاء من هذه المرحلة, أخذونا إلى شقة تدل معالمها على أنها كانت مكتظة فقد كانت دافئة ومتسخة. ورغم أننا زحمنا المكان إلا أن بعض الفضوليين أقحموا أنفسهم علينا. ويبدو أن صاحب المنزل وابنه الذي يسيل المخاط من أنفه قد ادخروا الماء لكل الأغراض إلا للاستخدام. ولكن نظرته الودودة واستقباله الحار سرعان ما جعل كل شيء طبيعيا.)
يعود للاعتذار لنا معشر الحضارمة العرب بشكل مؤدب في تعبير منه غير مزري ولا فض أنظر لقوله : (
لعله من المناسب أن نتقدم بالعرفان لحفاوة العرب. فمن من الغربيين كان سيخفى امتعاضه إذا توقف حفل زواجه بمجيء قافلة من الناس المرهقين الجوعي؟ ومن منا كان سيفتح كل داره فورا للمسافرين "أبناء الطريق" ويقوم بنفسه بإحضار الماء لإطفاء ظمأهم, ويعد لهم في الحال الطعام الذي يقيم أودهم؟)
جميل منه هذا،وعلى كل حال نقول له الخيل أعلم بفرسانها، فلم يضرب لأحد من الناس مثلاً في كرمه إلا وحاتم الطائي وهو من العرب، ، وكعب بن مامة، في الإيثار،وقوله تعالى: " وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين " سبأ: 39 وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه " إن الله عز وجل كريم يحب الكرم و معالي الأخلاق ، و يبغض سفسافها " .
وكما هي عادة أهل الأرياف يحبون المعاشرة والمآكلة عند قدوم الضيف ،فاجتمع الناس في هذا المنزل بمدينة الهجرين من طوائف شتى لايفصلهم عن بعض عنصرية لون، أو حواجز طبقية، بالرغم من حضورهما في المشهد الاجتماعي لواقع حضرموت ولهذا وصف الواقع للمرة الثانية بأنه ديمقراطي،- كما تعلم في حلقة سابقة عن البدو في شحير - قال:( الحياة هنا ديمقراطية. ففي غرفة الاستقبال المحشوة بالناس, يجلس العبيد والخدم والأطفال وصاحب الدار معا ويشربون من نفس الإناء. ويعبون لأنفسهم القهوة في نفس فناجين الآخرين دون غسلها. وكرس مضيفنا نفسه لخدمتنا. كان يتغيب دائماً ليتأكد بنفسه أن التحضير للوجبة يتم دون إبطاء.)
وحتى موعد تقديم وجبة الغداء،ولعلها الصبحة أو المشطة كما في العادات الحضرمية ،لم تلبث النساء في الغرفة المجاورة لجلوس الضيوف ،يشدون بأغاني العرس مع الشرح النسائي الحضرمي المعروف، و كن في مرح دائم بالرغم من الحر القائظ الشديد في صيف مايو في تلك السنة -1931م -,
ولم يدر في خلدهن أن هذا الإفرنجي سيكتب عنهن كل شيء فيما بعد 0
وأخيراً جاء ت ساعة الراحة والغداء : (فقد قام مضيفنا الحاذق في هذا الأثناء في هدوء بإعداد غرفة لنا في ركن قصي من المنزل الشاسع. كان يرى إرهاقنا, فهمس لنا أن نتبعه حتى نهرب من فضول الزوار الذين لا ينقطعون. فأهل المدينة هؤلاء الذين لا يمكن أن نحمى أنفسنا منهم, لن يجروا على الدخول إلى هذه الغرفة الهادئة. واستلقينا فوق السجاد على الأرض, وسوف يهتم مضيفنا بألا يزعجنا أحد لمدة ساعة. ثم أحضروا لنا الطعام في هدوء, ولم نستيقظ إلا عندما كان الأرز الأصفر ينتظرنا في الصحون المفطحة حول مائدة الطعام المستديرة على الأرض, وبجانبه اللحم والطبيخ. وأمام كل واحد منا قطعة مستديرة من الخبز.) ولقد ظن صاحب المنزل أن الغداء قد لايكفي ،وبكل أدب واحترام تقدم ألينا واعتذر عن قلة الأكل المقدم لنا, ثم بدئوا يأكلون قال : (000 وانهمرتا على الأكل وننحن نردد "بسم الله الرحمن الرحيم".)
والصحيح الثابت من آداب الأكل في السنة النبوية أن تقول (بسم الله ) فقط إن كنت مستناً بسنته صلى الله عليه وسلم 0
قد لاحظ الضيف على الوجبة خاصة الأرز أنها مشابهه لما كان عليه الآسيويون في جاوا والهند وسيلان وهذا صحيح ،لأنها في الأصل نقلت مع الهجرة إلى حضرموت قال : (إن عادة طبخ الأرز واللحم مع كمية كبيرة من البهارات لا بد أنها جاءت من جاوا والهند. فهم يكثرون من البهارات التي لا يألفها الضيوف الأجانب) 0
كان مضيفهم يجيد التحدث باللغة الملاوية, ويهوى الحديث عن "شيربون" التي تقع في شمال ساحل جاوا, حيث حققت أسرته نجاحا ملحوظاً ويتمنى أن يعود بضعة أشهر عندما ينتهي حصاد التمر. ويمتلك والده عشرين منزلا هناك. وهو يعرف مائة وخمسين رجلا سافروا من الهجرين ليبحثوا عن حظهم في جاوا.
قال : ( 000 واطلعت قبل مغادرتنا على الجواز الهولندي لمضيفنا وأقربائه وكتبت عناوينهم ووعدت بأن أقابلهم فيما بعد في "شيربون", فهم يستحقون ولو اهتماما بسيطا من جانبنا, فقد كنا مشدوهين بالحفاوة البسيطة الصادقة التي لقيناها في هذا المنزل, خصوصاً بعد تجربتنا المريرة في "صيف".)
هل لاحظت ما أسلفت ذكره من طريقة وأسلوب الزائر مع غيره من الناس !؟
وعندما حانت ساعة الرحيل : وقف مضيفهم عند عتبة الباب في وداعهم بعد أن طلب منهم المبيت أيضا في الهجرين بإصرار شديد. (000لكن علوي العطاس كان تواقا إلى رؤية أسرته في موطنه, ولذلك قررنا أن نواصل السفر إلى "المشهد" بعد الظهر. )
و مما أثار الانتباه تجمع من يتحدث الملاوية من أهل الهجرين الذين أخذوا يتبادلون الحديث بها ببضع كلمات مع ممثل الحكومة الهولندية كما وصف نفسه "بالأبيض " التي تستعمر بلاده جاوا موطنهم الثاني في تلك الفترة (000 وعند وداعنا لم تحط بنا وجوه تعلوها الكراهية والاحتقار, ولا التعابير المسيئة للنصارى الذين يجب ألا يسمح لهم بتلويث الأرض, بل كان خروجنا عبارة عن موكب انتصار صغير, وتزاحم حولنا الصبية وهم يمتلئون حماسة, وكل واحد منهم يحاول إبراز معرفته بلغة الملايو.)
ولنا لقاء إن شاء الله في المشهد وآل العطاس دمتم بخير لكم تحياتي0

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 06-30-2012 الساعة 06:04 PM
  رد مع اقتباس
قديم 06-28-2012, 08:02 AM   #34
الخليفي الهلالي
شخصيات هامه

افتراضي

ايكا دوة ساتو امبة ليما

يقال أن سكان حريضه يحسبون الأرقام بالملايو(الجاوي)

وخصوصا أصحاب (التوكو) الدكان هههههههههه؛؛؛؛؛
  رد مع اقتباس
قديم 06-28-2012, 11:05 PM   #35
خذني معاك
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية خذني معاك

افتراضي

- أبـــ صلاح ـــــــو :

- من خلال متابعتي لهذه السلسلة التاريخية الذي تسطرها أنامل

- الكاتب التاريخي تتركنا نسبح بعمق ونتلذذ في سرد القصة التاريخية القديمة

- ومن حيث التوثيق الرائع الذي يكلف الكاتب ( أبا صلاح ) الكثير من المشقة والتعب

- ولكن كونك رجل لديك إنتماء وطني وحبك لبلادك , فيدفعك التاريخ بقوة صارمة لبذل كل جهودك

- التي تشكر عليها وستثبت لك السقيفة هنا تسجيلك لهذا التاريخ العريق الذي تدونه بقلمك البلاتيني

- إلى جانب دعوات أبناء وطنك لك بالتوفيق , لأنك أنت ياأستاذي الكريم من أنرت عقولنا بهذا السجل العظيم

- مهما كتبت عنك فلن اوفيك حقك يا هذا الرجل المتحمس .

- ولو قلت لك مليون تحية قليل لجنابك وشخصيتك المرموقة ..

- لك من أبو خالد : كل الود والتقدير // تحياتي وودي //
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 09-04-2012, 01:49 PM   #36
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الخليفي الهلالي [ مشاهدة المشاركة ]
ايكا دوة ساتو امبة ليما

يقال أن سكان حريضه يحسبون الأرقام بالملايو(الجاوي)

وخصوصا أصحاب (التوكو) الدكان هههههههههه؛؛؛؛؛

نعم يالخليفي الهلالي صدقت
من أهل حريضة من ولد في بلاد الملايو ، ومنهم كما قلت يحسبون البقش ..... الزلط !... (ايكا دوة ساتو امبة ليما ) وجمعوا لهم ثروة عظيمة هناك ،ووصلوا إلى مراكز سياسية كبيرة مثل (الدكتور علي العطاس وزير خارجية سابق ) ومنهم من لعب دوراً كبيراً في تاريخ الجنوب السياسي المعاصر الجميع محل تقدير لا يقل هذا من شأنهم ،فريئس أكبر دولة مدنية وذات قوة اقتصادية وعسكرية هائلة في العالم من أصول مهاجرة أفريقية كماتعلم !! .المهم أن الحضارم مثل الشمس التي لاتغيب شرقت أم غربت نحن فخورون بهم حتى وإن كانوا يحسبون الأرقام بالملايو فهم يعدون من أصول بلاد حضرموت إن كانوا من موالدة شرق آسيا أو شرق إفريقيا ،فهم أثرو الحياة الثقافية والإجتماعية في هذا البلدان خطأ كان أو صواباً، هم منا ونحن منهم .... (حضارم كلمة طيبة تجمعنا ،ولاشك أن شبوة العاصمة القديمة منهم )
  رد مع اقتباس
قديم 09-04-2012, 02:07 PM   #37
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خذني معاك [ مشاهدة المشاركة ]
- أبـــ صلاح ـــــــو :

- من خلال متابعتي لهذه السلسلة التاريخية الذي تسطرها أنامل

- الكاتب التاريخي تتركنا نسبح بعمق ونتلذذ في سرد القصة التاريخية القديمة

- ومن حيث التوثيق الرائع الذي يكلف الكاتب ( أبا صلاح ) الكثير من المشقة والتعب

- ولكن كونك رجل لديك إنتماء وطني وحبك لبلادك , فيدفعك التاريخ بقوة صارمة لبذل كل جهودك

- التي تشكر عليها وستثبت لك السقيفة هنا تسجيلك لهذا التاريخ العريق الذي تدونه بقلمك البلاتيني

- إلى جانب دعوات أبناء وطنك لك بالتوفيق , لأنك أنت ياأستاذي الكريم من أنرت عقولنا بهذا السجل العظيم

- مهما كتبت عنك فلن اوفيك حقك يا هذا الرجل المتحمس .

- ولو قلت لك مليون تحية قليل لجنابك وشخصيتك المرموقة ..

- لك من أبو خالد : كل الود والتقدير // تحياتي وودي //


أستاذي المبارك أبو خالد بارك الله فيك وأطال الله عمرك في طاعته ،وأستعملنا وأياك في ماهو خيرُ لدنيانا وآخرتنا أنه سميع مجيب
كلماتك كالبلسم على الجروح ،، والغيث للقلوب بوركت ياسيدي الفاضل أنني بصدد الإنتهاء من الوقفة التالية من هذا الموضوع الشيق الذي كما ذكرت سابقاً يرجع بنا إلى أكثر من ثمانين عاماً إلى الوراء في تاريخ حضرموت . نناقشه في وقفات أرجو من الله أن يوفقني إلى أتمامه ،وقد توقفت منه في رمضان وأيام العيد وهانذا أعود إن شاء الله تعالى [/COLOR]
  رد مع اقتباس
قديم 09-17-2012, 04:45 PM   #38
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

من الهجرين إلى المشهد .....
من الهجرين إلى المشهد ؛ والمشهد قر ية صغيرة كانت تعرف قديماً ( الغيوار ) تقع شمال مدينة الهجرين التاريخية ولا تبعد عنها كثيراً،
وأسم "المشهد " جاء أنه أسم قرية عربية تقع في الجليل شمال فلسطين التاريخية, أو شمالي مدينة الناصرة في الأراضي العربية المحتلة من فلسطين. وأمّا" مشهد أو طوس "كما كانت تسمى قديما ايضا، فهي من كبريات مدن إيران ومن أعظم مدن خراسان، وقد فتحت في أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأصبحت (مشهد ) الإيرانية ،محل اهتمام كبير عند الشيعة الإمامية الاثناء عشرية ، لأن فيها الكثير من المزارات والمقامات الشيعية ، وأهمها إطلاقا ضريح الإمام علي بن موسى الرضا، ومشهده الذي به سميت تلك المدينة مشهدا.وأما "مشهد "في حضرموت الوادي ، فقد أطلق عليها هذا الأسم بدلاً
من أسمها القديم (الغيوار كما ذكر السيد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف في (إدام القوت ) هو السيد علي بن حسن بن عبد الرحمن العطاس، مؤلف كتاب "المقصد في شواهد المشهد" الذي توفى سنة سنة1172 هجرية، ويرجع بن عبيد الله السقاف سبب التسمية أنه لما هاجر إلى هذا المكان قرية ( الغيوار ) كما تقدم بسبب أن أفراداً من عشيرته حسدوه في بلدته حريضة قال عنه نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لتفضله عليهم بعلو شانه وغزارة علمه وقوة عارضته وكان يتنقل في البلدان لنشر الدعوة الى الله تعالى وكانت امه من آل اسحاق الساكنين بهينن فبدا له ان يختط بذلك المكان دارا ويبني مسجدا ورغب الناس في البناء بجواره )كما ذكرأيضا -بن عبيد الله السقاف في كتابه السالف الذكر - قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة... وعندما راوا عموم الامان بنيت الديار حوالي مسجده فكان بناءه واختطاطه ذلك المكان حصاة صادت عدة عصافير اذ قد استراح هو من مناواة الحساد وامن به الناس وزال الباس وكان يحتفل بمولد النبي [ صلى الله عليه وسلم ] في اليوم الثاني عشر من ر بيع الاول في كل عام يتقاطر له الوفود من كل ناحية ...) غير أن بعض من كتبوا في المسائل العقدية من العلماء المتقدمين شنع في القول بتسمية القبر مشهداً ،و عدَّ ذلك من الأصنام والأوثان كالإمام المحدث اليمني المجتهد محمد بن اسماعيل الصنعاني ، في كتابه (تطهير الاعتقاد , المكتب الإسلامي الطبعة الخامسة 1405هـ صفـ 27و26ـحة وآخرون .
أما المؤلف الهولندي الزائر "دانيال فان در ميولين " صاحب الكتاب فله سبباً أخر بتسمية (المشهد ) خلافاً لما ذكر أعلاه قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة المشهد مدينة صغيرة منقرضة تقع وسط صحراء الوادي الجرداء. ومعنى اسم "المشهد" هو "المكان الذي مات فيه شهيد". وهي سوق موسمية هامة ومكان للحج. فخلال أيام محددة في شهر محرم حددت لهذا الغرص, يمتليء المكان بالبائعين والمشترين الذين يسكنون في المنازل والأكواخ المؤقتة, وأغلب المنازل الآن خالية ......) ولاشك أن الكاتب قد أخطأ في تعليله أو أن هذا من المترجم للكتاب .
وفي كل الأحوال قد وصلوا إلى المشهد في غياب حاكم المنطقة الذي يفضل السكنى في مدينة حريضة المزدهرة ،لكن هذا لم يمنع أبناءه المتواجدين في قرية المشهد بتقديم فروض واجب الضيافة لمن قدم من الضيوف على المنطقة ،ومما تجدر الإشارة أليه فقد أعجب بهما الضيفان الأجنبيان ،وهذا ليس بغريب عن عائلة آل العطاس التي يقصدها الزوار والضيوف باستمرار كما هو الحال في عاصمة آل العطاس حريضة قال : (.... تمتلك عائلة العطاس منزلا للضيافة جيد الإعداد لأفراد الأسرة الذين يمرون على المشهد. وتم حديثا طلاء الطابق الأعلى بالجير الأبيض, والسلالم والممرات والحمامات والمراحيض وكل شيء في غاية النظافة. كان شيئا كماليا بالنسبة لنا أن نستحم ونضع أسرتنا السفرية فوق السطح النظيف بطلائه الأبيض بعيداً عن الروائح النتنة التي تنتشر في كل مدينة عربية. وياله من فرق بين سح الأسطبل في "صيف"؟)
أتجه الكولنيل دانيال فان در ميولين والدكتور. هـ . فون فيسمان إلى خرائب ريبون القريبة من المشهد وتقع في جنوبها وجنوبها الغربي ،وهي من أهم مراكز الإستيطان البشري في حضرموت منذ آلاف السنين وقيل إلى ما قبل القرن التاسع قبل الميلاد، واستمر فيها الاستيطان والحياة المزدهرة حتى القرون الميلادية الأولى .
ولقد تمت في هذه الخرائب من المدينة حفريات وأبحاث ودراسات أثرية من قبل البعثة الآثرية السوفيتية في الفترة من «83 - 1989م » وهي دراسات علمية من قبل آثاريون روس وحضارم متخصصون ، وتوصلت إلى معطيات من خلال استقراءات النقوش والآثار بأن سكان المدينة كانوا يزاولون الزراعة وتربية الحيوانات ، وبنوا مجمعات سكنية وقصوراً جميلة للسكن وأبنية أخرى خاصة لأنشطتهم الدينية كالمعابد، وقد كانت كل الأراضي المحيطة بالمدينة التي تمت فيها الحفريات مغطاة بشبكات من قنوات الري والقنوات والسدود وأحواض المياه، ويدلكل هذا على ازدهار بلغ أوجه.
وقد شاهدالكولنيل" دانيال فان در ميولين والدكتور. هـ . فون فيسمان" بنفسه كثيراً من النقوش على صخورمنحوتة في المنازل وقبور الأولياء والمساجد والسقايات وفي داخل بئر القرية الكبيرة العميقة وقال : ( لم تكن المادة مشجعة؛ فالحجر الجيري الذي نقشت فيه مأخوذ من الجبال المجاورة وكان هشاً فلم تبق إلا شظايا من أغلب النقوش. لا شك أن بحثا دقيقاً أعمق مما نستطيع القيام به, سوف يسلط عليها ضوءا أكثر سطوعا.)
وحين أنتقل إلى خرائب ريبون جنوب غرب قرية" المشهد " أيضا قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة .... ويشاهد الإنسان ///////////////////////// يصل ارتفاع بعضها إلى ثلاثين قدما, وعلى قممها بقايا جدران بنيت من كتل حجرية منحوتة, تلتحم مع بعضها بنوع من الأسمنت. وفوق قمة التل الأول شاهدنا بقايا لأربع قوائم عليها نقوش مربعة, علها الأساس لأعمدة. وفي اتجاه المنحدرات وجدنا الكثير من شظايا الحجارة نقشت عليها شخصيات. وفي التل التالي بئر قديمة, قطرها ثلاثون قدما وعمقها يصل إلى ستين قدما. ويتكون الجزء الأعلى من حائطها من طبقات من صخر متراكم بينما الجزء الأسفل من الطين. تغطى الأوساخ الآن جزءاً كبيراً من البئر ولعلها كانت أعمق مما هي عليه الآن ....)
وهكذا ظل الزائر ينقل في المنطقة الواقعة جنوب قرية "المشهد " يلاحظ ويسجل ويصوربآلة التصوير التي يحملها مزيداً من الأنقاض والآثار والنقوش التي حفلت بها منطقة أو مستوطنة "ريبون" ،وقد توقف أمام ماكان يعرف " بمقبرة الملوك " التي وقف عليها وقال : مقابر الملوك, التي تقع في مربع كبير جنوب جنوب غرب المشهد, تخلف كل الفضوليين الذين كانوا يتابعوننا. وجدنا نقوشاً قليلة هنا. والتلال منفصلة عن بعضها البعض, وعلى قممها أساسات لجدران صلبة يتكون منها سياج مربع مساحته ثلاثون قدماً. لم تكن الحجارة كبيرة جداً لكنها منحوتة نحتا جيداً. والأنقاض هنا مغطاة لحد كبير بأكوام من الطفال الرملي, ومن المحتمل جداً أن يكون بقايا الأجزاء العلياء للمباني. وتتناثر بين الصخور كثير من شظايا فخارية بنيّة - حمراء.)
وكان السيد حسن العطاس الأخ الكبير للسيد علوي رفيق الكولنيل " دانيال فان در ميولين " موجوداً في حضرموت بعد إن كان مسافراً في بتافيا من قبل , وقد حرص على اللقاء بالضيوف بعد أن جاء إلى المشهد للقائهم . قال : (.... لقد أرسل والدهم تعليمات ببرقية من بتافيا, ليستقبلوا بحفاوة المبعوث الأول لهولندا في حضرموت. وما أن استلم السيد حسن التعليمات, حتى امتطى هجينا وانطلق لملاقاتنا. ولم يجرؤ أن يلبس في بلاده غطاء الرأس الواقي من الشمس (البرنيطة) الذي يستعمله الإفرنج. لكن برزت فيما بعد كل تقدميته وحيويته وجرأته.)
ومنذ هذا اللقاء الذي تم في المشهد أصبح السيد حسن بن علوي العطاس الذي هو رب الأسرة ومقدمها في حريضة والذي وصفه الزائر بأنه رجلاً تقدمياً،وفي هذا كناية على تحضره ومدنيته التي أكتسبها من الهجرة وتعامله مع غيره من الأجنبيين , قال ( ... وقضينا وقتا جميلا تحت رعايته. ولو كان له الوقت الكافي ليرافقنا في رحلة العودة, لتجنبنا الكثير من المنغصات.) أنتهت بهذا زيارتهم للمشهد وخرائب ريبون .
لنا وقفة أخرى إن شاء الله تعالى ، نسجلها في حريضة موطن آل العطاس العلويون وإلى ذلك اللقاء لكم تحياتي

  رد مع اقتباس
قديم 10-18-2012, 05:08 PM   #39
ابوعبدالرحمن الحزمي
حال جديد
 
الصورة الرمزية ابوعبدالرحمن الحزمي

افتراضي

اابحاث تاريخية طيبة يكتبها الباحث ابو صلاح الذي تخصص في تاريخ حضرموت وتراثها جزاك الله خير موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
  رد مع اقتباس
قديم 01-10-2013, 11:21 AM   #40
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوعبدالرحمن الحزمي [ مشاهدة المشاركة ]
اابحاث تاريخية طيبة يكتبها الباحث ابو صلاح الذي تخصص في تاريخ حضرموت وتراثها جزاك الله خير موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


شكرا للأخ أبو عبد الرحمن الحزمي وبالمناسبة أبتداء من اليوم إن شاء الله سأستأنف كتابة بقية المواضيع حول هذه الرحلة الشيقة إن شاء الله تعالى تقبل خالص شكري وتقديري لك ولجميع حلان السقيفة الشبامية الكرام فالسقيفة بيتنا نحن دائماً بصدد التفكير في تقديم الأجمل والأفضل وقد نشغل أحياناً بظروف العمل وعوامل أخرى فوق طاقتنا لكنني لا أنسى السقيفة خلال يومي على الإطلاق .
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas