من الحـرف الشعبيـة في حـضــرمــوت(( صناعة الفخار))

[أبوعوض الشبامي]

.

هناك موروثات شعبية وثروة واسعة وكبيرة يجدها الباحث المتعطش للمعرفة في حضرموت خاصة تلك المرتبطة بالحياة الاجتماعية والمعيشية والمهنية للأفراد والجماعات من هذا الموروث الحضاري الحرف التقليدية كصناعة الفخار والجلود والمعادن والخوص والنورة ( الجير ) وغيرها من الحرف الشعبية التي دفعت الحاجة الى مزاولتها حسب احتياجات الانسان او المجتمع لها.

والحرف الشعبية التي أرغب أن أوثقها واخص بها سقيفة الشبامي ليست فقط امتداد للصناعات التقليدية القديمة في المجتمع الحضرمي فحسب، ولكن لا زالت تحتفظ باصالتها وطابعها المحلي المتميز ، بالرغم من دخول وسائل صناعية حديثة حتى زاحمت الصناعات والحرف الشعبية و تكاد أن تقضي عليها.

وفي ظل التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الحضرمي بدأت الأسر والعائلات الحضرمية التقليدية التي توارثت هذه الحرف الشعبية و ارتبطت اسماؤها بها ، بدأت تتلاشى وتنحصر في عدد محدود منها لا يتجاوز اصابع اليد.

صناعة الفخار:
========

اشتهرت عائلة ( آل دعكيك ) بحزم شبام وعائلة ( آل باني وآل بابريجه ) بتريم بصناعة الفخار، والذي يتم تشكيله من مادة الطين ويشكل منها الآنية الفخارية والقابلة للزخرفة ، وهذه الآنية الفخارية المنزلية انقرضت لمزاحمة الآدوات المعدنية والبلاستيكية لها ، وكذا دخول الثلاجات في المنزل الحضرمي . ولم يبقى من صناعة الفخار سوى صناعة التنانير ( تنار ) والتي لا زالت قائمة في حضرموت ، بالرغم من هجمة الأفران التي تعمل بالغاز على المطبخ الحضرمي ، إلا أن المطبخ الحضرمي لم يتنازل عن أهمية ( التنار ) وقد كسبت التنانير المصنعة بالحزم ( شبام ) شهرة واسعة وذلك لجودتها.

المواد والوسائل التي يتم بها صناعة التنار:

1- الطين : وافضله من طمي تربة الوديان
2- الحفره : الطين الجبلي
3- بعر الحمير
4- البرم : حجارة تتميز باحتفاظها بقدر كبير من الحرارة تطحن وتعجن بالماء
5- رماد : بقايا وقود الحطب أو من الأكيار.
6- شعر الغنم : ويستعمل في عجينة الطين لغرض تماسك التربة
7- اداة من حديد صغيرة لتمليس وتهديب التنار .

خطوات صناعة التنار :

أولا : يعجن الطين مع الحفرة والروث بالماء حسب المقادير المطلوبة لصناعة التنانير ، ويبدأ الحرفي بأخذ العجينة ويبني الشكل الدائري المجوف حسب الحجم المطلوب ، ويترك لمدة ساعة أو أكثر حسب فصل السنة ، ثم يعود ويضيف البناء مرة اخرى على جسم وشكل التنار ، ثم يتركه ساعة أو أكثر ليتماسك ، ثم يعود إليه في المرة الثالثة ويكمل عليه حتى يرتفع التنار حسب الشكل والحجم المطلوب ، ويترك لمدة ثلاثة أيام ليجف.

ثانيا : بعد أن يتأكد الحرفي أن التنار قد جف تماما يستخدم اداة من حديد صغيرة بحجم الملعقة ، ويقوم بتهديب التنار من الداخل ثم يطحن حجر ( البرم ) ويعجنه جيدا ويطلي به داخل التنار ليكسبه طبقة ملساء متينة تساعد على امتصاص الحرارة بسرعة والاحتفاظ بها لمدة أطول.

ثالثا : يقوم الحرفي بعملية تسمى الرواك ( يروك ) التنار حيث يأتي بقطعة حجر مساء ناعمة وبواسطتها تتم عملية ( الرواك ) والغرض منها تنعيم التنار من الداخل ليصبح املسا لا يترك في الخبز أي ندبات أو تشققات ظاهرة .

المرحلة الأخيرة : وتأتي حسب تسويق التنار ووظيفته ، فإذا كان التنار متنقلا فيأتي الحرفي بصفائح (( الاتناك ) ويلف بها من حول التنار ومن تحت أرضيته ، وتعبأ المنطقة الفارغة بين الصفائح وجسم التنار بمادة الرماد ، بهدف حفظ الحرارة. ثم تغلق من أعلى بعجينة من الطين مع شعر الغنم.
أما إذا كان التنار ثابت (( مركزي ) في المطبخ الرئيسي في الدار ، فإنه لا داعي لإستعمال الصفائح المعدنية من حوله بل يوضع في زاوية خاصة من المطبخ يتم بناءها من حوله ليكون جزءا مهما من أثاث المطبخ الحضرمي.


.
صنــــاعة التنانير منطقة الحزم - شبام -


.