المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الأخبار السياسيه
سقيفة الأخبار السياسيه جميع الآراء والأفكار المطروحه والأخبار المنقوله هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها ومصادرها !!


عبد الناصربعد غزوة واحتلالة صنعاء وتعز والحديدة خطاب النكبات لليمن والجنوب العربي وحضرموت (شاهد الفديو)

سقيفة الأخبار السياسيه


موضوع مغلق
قديم 07-19-2012, 02:32 AM   #81
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


ظاهرة التسول تهدد استقلال اليمن

صالح العجمي الاربعاء 2012/07/18 الساعة 12:25:33


استغلال وضع الانسان اليمني وعوزه نتيجة الأزمات والحروب المتوالية التي عانى منهاالشعب اليمني في الشمال والجنوب منذ عشرسنوات تتبناه القوى النافذة في المجتمع والتي يتزعمها زعماء القبائل بالتعاون مع اصحاب القرار في المؤسسة العسكرية خصوصا القطاع العسكري المتعاطف مع التيارات الاسلامية في الساحة اليمنية والتي يستمد منها شرعيته في ممارسة انشطته التي تصادر حرية الناس في تحديد قناعاتهم وتوجهاتهم الحزبية والدينية والمتهمين بالعمالة كما ورد في صحيفة الشارع خلال الايام القليلة الماضية .

العلاقة الوثيقة بين هذه الاطراف والقائمة على المصالح الشخصية الضيقة تعتبر العائق التاريخي امام التنمية وبناء الاقتصاد اليمني ,فكم نسمع عن تدفق المساعدات الإنسانية من الدول الصديقة والجيران والمنظمات الانسانية والجمعيات الخيرية الى هذا البلد ناهبك عن موارد البلد الاقتصادية المتدفقة والتي لا تلبث أن تصل إلى المطارات والمواني اليمنية إلى إيدي اؤلئك المتنفذين والذين يهدرون تلك الجهود المبذولة ويتم الاستحواذ على تلك المساعدات وتقديمها بناءعلى حسابات شخصية وخلفيات الصراع والولاءات الاجتماعية بل انه يتم خصصتها وتحويلها الى تجارة خاصة للنافذين و تباع باسعار خياليه لا تصل اليها ايدي الفئات المستحقة العاجزة عن الدفاع عن حقوقها .

فالمنظمات الانسانية والجمعيات الخيرية تواجه تركع تحت تسلط مباشر من قبل النافذين الغارقين في صراع حقيقي مع الشعب بفرض الفقرعليه فرضا والذين يرون أن تسهيل السبل أمام الجهات المانحة لمساعدة اليمن إنعكاس سلبي على وضعهم السياسي وأمنهم واستقرارهم وسحب بساط السلطة من تحت اقدامهم فتراهم يحتكرون تلك المساعدات في المخازن التابعه لهم وتقديمها للمواطن بعد معاناة شاقة من الوقوف في طوابير ايام عديدة حتى الحصول على جزء بسيط من تلك المساعدات ‘بعد إدراجها تحت اسماء جمعيات سميت باسماءهم تتولى القيادم بتقديمها كي يركع المواطن تحت اقدامهم ويتنازل عن حقه السياسي والديني والاجتماعي مقابل الحصول على لقمة عيشه .

فالكثير من المنظمات الانسانية التي قدمت لمساعدة المواطن اليمني غادرت والبقية ترتب اوراقها للرحيل نتيجة كل هذه الضغوط والعوائق التي تواجهها في اليمن بصورة استثنائية لتحقيق مكاسب سياسية من خلالها ودعم تكتلات والحاق الضرربالكثير ممن يتبنون فكر معين او ينتمون الى حزب لاينسجم معهم وهذه الضغوط قد لاتتكرر في البلدان التي تمارس تلك المنظمات فيها دورها الانساني فأصبحت رهينة الفشل في تقديم خدماتها للجمهور المحتاج وتم تسيسها من قبل النافذين والمشائخ ومن معهم من القيادات العسكرية واقصاءها عن الهدف النبيل الا نساني والذي لا يرتبط غالبا بإي مصلحة وابتزاز في موقف سياسي .

المشهد الانساني يختلف في اليمن عن العالم فهوامير السياسة ايديهم ممتدة إلى الخارج وعيونهم على مصادر الدخل من البلد ويتاجرون بوضع الانسان في السفارات والمؤتمرات الدولية بانتهازية قائمة على الطائفية كما هو ملف القضية الحوثية والقاعدة وتخويف الجيران ودول الخليج من التوسع الايراني في اليمن وابتزاز تلك الدول في الحصول على الدعم بإيهامهم بدورهم في تحجيم مثل تلك الحركة في حين يدخلون من الباب الخلفي مع ايران وغيرها من المرجعيات الشيعية بالمثل وبدواعي انسانية واخرى طائفيه مضادة .

الوضع في اليمن يستدعي من الدول الصديقة والجارة إن كانت تحرص على مستقبل علاقاتها مع اليمن وبحكم العلاقة الأخوية والدين والدم واللغة أن توقف هذا النزيف الجارف للنسيج الاجتماعي اليمني وان تواجه تلك الفئات المسترزقه بكل صراحه و تكف يد الدعم الشخصي عنهم فكيف بمواطن يمني يتقاضى رواتب خيالية بإسم اليمن من دول أجنبيه اليس هذا تدخل قذر لا يمكن أن يكون الا ممر للتدخل في القرار السياسي في البلد.

ولكن تضخم المعاناة التي يعيشها الشعب قد ولد الوعي الكافي بين اوساط الشباب الجامعي وشباب الثورة الذي يدرك حجم تأثير تلك التدخلات والتمويل للمشائخ على الثورة وتحقيق اهدافها.

و ليعلم أولئك أن المشائخ فقدوا نفوذهم في استقطاب القبائل واخضاعهم لقراراتهم الارتجالية والقبيلة اليمنية اليوم لديها كوادر جامعية مؤهلة من الصعب استدراجها في مثل هذا الوحل القديم وسياسة الشيخ وقطيع الاغنام , ولا يمكن استخدامهم في حروب قد تؤثر على المنطقة والتي كانت ورقة يهددون بها من يبتزونه ويفرضون عليه مطالبهم التي لايقل جرمها عن جرم قطع الطريق وجرائم القاعدة ومن يمارسون خطف الإجانب بل اجزم أنهم من يقومون بذلك لغسيل الخزينة العامة في اليمن وهذه صورة داخلية تعكس تلك الصورة على المستوى الخارجي والشعب اليوم هو من يقرر مصير نفسه وقام بثورته لبناء دولة مؤسسات قائمة على العدل والمساواة .

والانجرار خلف رموز القبائل التي لديها رصيد تاريخي من الفساد والعبث بخيرات الوطن ومن يساندهم في ذلك لم يعد مجدي والشعب ينظر اليهم عملاء استحوذ عليهم الجشع وقادوا البلد وسمعته الى الدمار فهم المتسولين في المقدمة وحياتهم وشركاتهم ومؤسساتهم وسياراتهم وبيوتهم كلها من التسول والمساعدات من الخارج والاستمرار في تمويلهم جريمة سياسية قد تظهر نتائجها على مستقبل العلاقات مع تلك الجهات في حال استمرار تدفق أموالهم على تجار الحروب والفساد بكل أشكاله في اليمن .

بل إن الدول التي تمد يد المساعدة وتصرف رواتب لغير مواطنيها ومن تعلم أنهم السبب في معاناة شعب وتدميره في حال أن الكثير من مواطنيها تحت وطأة الفقر ترتكب جرائم بشعة تتنافى مع العلاقات الاخوية والدم والدين والمرحلة التي تمر بها اليمن من الصراعات والحروب كانت كفيله بتعريتهم أمام الرأي العام ومدى استهانتهم بالدم اليمني
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
 
قديم 07-21-2012, 02:05 AM   #82
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


جنوبنا لا يقع في إطار يمنكم

د. عبيد البري الجمعة 2012/07/20 الساعة 04:35:13


بعد العداء الواضح الذي عبرت عنه القوى السياسية في نظام صنعاء بكل أنواع الانتهاكات لحقوق الانسان الجنوبي ، رجعنا مع إخواننا المثقفين الجنوبيين نبحث (سجلات وكتب وأوراق ووثائق) في تاريخ الشعب اليمني والشعب الجنوبي ، لعلنا نجد إجابة عن أسئلة كثيرة ، منها على سبيل المثال : ما هي الروابط التاريخية والجغرافية بين اليمن والجنوب قبل الثورة اليمنية وبعدها ؟ .. ولماذا الوحدة الطوعية مع اليمن ؟ .. ولماذا الوحدة بالقوة ؟ ؛ فوجدنا أن ما وصل إليه اليوم كلا الشعبين في الجمهورية اليمنية من أزمة مأساوية ما هي إلا صناعة سياسية ذات طابع ومصالح إقليمية ودولية ، أعد لها " سيناريو قديم " بحيث كـُتبت آخر أحرفه في صنعاء ليكون " الإخراج " في عدن .

ولا شك أن القيادات الجنوبية كانوا مدركين بأنهم لن يستطيعوا القيام بدور أبطال تلك المسرحية مع حلول العام 1990م ، لكنهم أصروا على القيام بأدوار ليست أدوارهم ، ولم تكن صالحة لهم ولا لزمنهم ، في تلك المسرحية الهزلية . ومع ذلك لم تعتذر بعد أي من القيادات الجنوبية عن الاخطاء التاريخية والسياسية التي طالبهم بها الحراك السلمي الجنوبي ؛ ولم تبين كيف صارت الدولة الجنوبية الواقعة جغرافياً شرق اليمن ، تسمى " اليمن الجنوبية " في حين لا وجود لدولة تسمى " اليمن الشمالية " ؟! .

فعند قيام ثورة سبتمبر 1962م ، كان تعريف الثورة لـ (اليمن) واضحاً ، بأن الشعب اليمني (جنوباً وشمالاً) يقع في إطار الجمهورية العربية اليمنية . حيث جاء في البيان الأول الذي أعلن أسباب التخلص من الإمام ، بثـتـه إذاعة صنعاء ما يلي :" مئات السنين وبلادنا يحكمها الطغاة ، ويتـفـننون في ألوان الطغيان حتى زرعوا المذلة والمسكنة والخنوع في نفوس شعبنا ، ومنذ مئات السنين وشعبنا يسحقه الحكم الفردي بلا رحمة ولا شفـقه ، فكل إمام يرفعه الشعب إلى عرش الحكم يبدأ حكمة بمظهر الإمام الصالح ، حتى إذا ما تمكن على كرسي حكمة ظهرت أطماعة وأغراضه الشخصية ".

وخاطب بيان الثورة اليمنية فئات الشعب اليمني قائلاً : " قامت ثورتكم اليوم لتقضي على الطغيان وتحقق للشعب الحرية والعدالة والمساواة ولتدفع شعبنا العربي في اليمن في طريق الحياة العزيزة الكريمة ، في طريق التقدم والحضارة ، في طريق الوحدة العربية الشاملة ، في طريق الإنسانية .. أنها ثورة الشعب كله ، ثورة الجنود والقبائل ، ثورة المدنيين والموظفين الصغار ، ثورة التجار وطلاب المدارس ، ثورة المهاجرين والمشردين في أنحاء العالم ، ثورة شعبنا العربي في اليمن جنوباً وشمالاً ، ثورة في جمهورية عربية يمنية ، تؤمن بالله وتؤمن بالقوة العربية ، وتؤمن بالوحدة العربية ".[المصدر : صحيفة "الأهرام" المصرية – ص7 الصادرة بتاريخ 28 سبتمبر 1962م] .

وبينت ثورة 26 سبتمبر أهدافها ، وأكدت بأنها عمّت (جميع أنحاء اليمن) ، ولم نجد في أهدافها ما سمِّي - لاحقاً - بـ "الأهداف الستة للثورة اليمنية" ؛ حيث جاء في بيان حكومة الثورة في اليمن ، بثته إذاعة صنعاء في 28 سبتمبر 1962م : " أن الحكومة ستعمل في سياستها الداخلية على إقامة العدالة الاجتماعية في جميع انحاء اليمن ، ورفع مستوى الشعب ، والقضاء على النظام الاقطاعي ، وإزالة الخلافات القبلية ، وتشجيع رأس المال الحر على ألا يتحول إلى احتكار ". وأعلن البيان : " أن السياسة العربية والدولية للحكومة اليمنية هي إيجاد روابط أوثق مع الدول العربية المتحررة لتحقيق الوحدة العربية ومنع التدخل الاجنبي بجميع اشكاله ". [المصدر السابق ص(11) 29 سبتمبر 1962م] .

ولقد مثــّل معظم المشرّدين اليمنيين الذي أشار إليهم البيان الأول لثورة اليمن ما يقارب ثلاثة أرباع سكان عدن (نفس نسبة القبارصة اليونان في قبرص) ، فشكلوا "اتحاد نقابات العمال في عدن" الذي ضم 17 ألف شخص ، كمنظمة شعبية كبيرة جناحها السياسي حزب الشعب الاشتراكي القوي الذي عارض مشروع بريطانيا الخاص بضم عدن لـ " المحميات " في الجنوب العربي . وبذلك أوردت صحيفة " الأهرام " في عددها الصادر في 1 أكتوبر عام 1962م ص(1) تحت عنوان (الاعداد للإضراب في عدن ضد مشروع بريطانيا لإتحاد المحميات) :

" يبحث اتحاد عمال عدن وحزب الشعب الاشتراكي وسائل مقاومة المشروع البريطاني الخاص بإدماج مستعمرة عدن في اتحاد فيدرالي مع محميات الجنوب العربي ، وأعلن عبد المجيد الاصنج السكرتير العام للاتحاد أن الاتحاد سيدعو إلى إضراب عام للاحتجاج على المشروع البريطاني ، ووصف الثورة اليمنية بأنها خطوة نحو الامام ، وقال : إننا نعتبر هذه الثورة مكسباً لجميع المواطنين الذين يؤمنون بوحدة المنطقة ".

وفي الحقيقة لا يوجد مبرر للإدعاء بـ " وحدة المنطقة " التي نادى بها الأصنج ؛ ولكن ربما لأن بريطانيا قد ضمت جزر كمران وبريم اليمنيتين إلى مستعمرة عدن مثلما ضمت جزر كوريا موريا العمانية ، وربما رأى العمال اليمنيين بعددهم الكبير في عدن وبالاستناد إلى سياسة حزبهم ، حزب الشعب الاشتراكي ، أنه بالإمكان جعل عدن إما أشبه بـ (القضية القبرصية) أو بضمها إلى اليمن بدلاً من عودتها إلى أصلها التاريخي ضمن سلطنة لحج كجزء من الإتحاد الفيدرالي للجنوب العربي .

وبالرغم من أن بريطانيا قد برّأت ذمتها عند رحيلها من عدن ، بتسليمها جزر كمران وبريم لليمن ، وتسليم جزر كوريا موريا لسلطنة عمان ، إلا إن التواجد الكبير لليمنيين في عدن بعد الاستقلال ، ومشاركة بعضهم في قيادة الحزب والدولة الجنوبية ، قد ساعد على مواصلة الهدف حتى النهاية عام 1990م .. وقد كرمت اليمن منذ وقت مبكر ، السيد عبد الله عبد المجيد الأصنج ، والسيد محمد سالم با سندوه ، بمنح كل منهما عدة مناصب في حكومة صنعاء تقديراً لدورهما في المشروع الثقافي - السياسي لـ " يمننة " عدن .
 
قديم 07-29-2012, 12:37 AM   #83
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


رسالة المحامي علي هيثم الغريب حول القضية الجنوبية

بواسطة admin بتاريخ 28 يوليو, 2012 في 01:18 صباح

عدن اف ام | ابو صالح الحضرمي

حصلت عدن اف ام على رسالة المحامي على هيثم الغريب التي وضعها كوثيقة للتاريخ حول قضية الجنوب الوطنية تم جمعها في ملف وور وملف PDF وتنسيقها لسهولة الاطلاع عليها

اليكم الروابط
رابط ملف وورد :

ظ…ط±ظƒط² طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„طµظˆط± طŒ طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„طµظˆط±طŒ ظ…ظˆظ‚ط¹ طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„طµظˆط± طŒ ط±ظپط¹ ط§ظ„ظ…ظ„ظپط§طھطŒ طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„ظ…ظ„ظپط§طھ

ظ…ط±ظƒط² طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„طµظˆط± طŒ طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„طµظˆط±طŒ ظ…ظˆظ‚ط¹ طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„طµظˆط± طŒ ط±ظپط¹ ط§ظ„ظ…ظ„ظپط§طھطŒ طھط/////ظ…ظٹظ„ ط§ظ„ظ…ظ„ظپط§طھ

رابط ملف PDF :

http://www.qzal.net/01/2012-07/13433984512.pdf

http://www.qzal.net/01/2012-07/13433984512.pdf

ولاهمية الرسالة تعيد عدن اف ام نشرها كاملة .



الكثير يسال عن ماهي القضية الجنوبية وكيفية النشأة والسرد التاريخي المرحلي لها وكل هذه التساؤلات جعلت المحامي القدير الاستاذ علي هيثم الغريب مستشار رئيس المجلس الاعلى للحراك السلمي الجنوبي لتحرير واستعادة دولة الجنوب يضع هذه الوثيقة للتاريخ وللتوعية والترشيد. مكونة من اربعة اجزاء.

وثيقة تاريخية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب.. (1)

قبل 22 مايو 1990م كانت الجنوب تشكل دولة كما كان حالها قبل آلاف السنين, فمن عاد وثمود والاحقاف وحضرموت وكِنده وقتبان وأوسان وحمير, حضارات ما قبل الإسلام إلى سلطنات ومشيخات {منذ القرن الثالث عشر وحتى عام 1967م}، ثم إلى إتحاد الجنوب العربي {1959-1967 } ثم إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية (1967-1972) ثم إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية(1972-1990). كل هذه الحضارات والدول قامت على بقعة جغرافية واحدة تسمى (الجنوب العربي). بعد ظهور المد القومي ثم المد الاشتراكي في أسيا وأفريقيا تمركزت الأحزاب العربية التي تدعو إلى القومية والوحدة العربية (حركة القوميين العرب، البعث، الناصريين والماركسيين الاشتراكيين) وتوحدت تحت لواء أحزاب مركزية تمتد من الشام والقاهرة وبغداد إلى عدن.

ومنذ ذلك الحين رفعت بعض الأحزاب القومية شعار الوحدة بين الجنوب العربي والجمهورية العربية اليمنية إيمانا منها بالوحدة العربية ومنطلقة من برامجها التي اعتبرت فيها الوحدة بين الجنوب العربي واليمن كجزء أساسي موجة ضد الأنظمة التقليدية في المنطقة.. إلا إن طرحها هذا لم تقابله أي استجابة من قبل الجمهورية العربية اليمنية. فكان مواطنيها يأتون إلى الجنوب ليحصلوا على كافة حقوق المواطنة – شريطة أن يكونوا اشتراكيين –

والمواطن الجنوبي في الجمهورية العربية اليمنية قبل عام 1990م، هو مواطن أجنبي ويحصل على وثيقة “مقيم” شأنه شأن الأجانب.. كان الاشتراكيون يحاولون بناء دولة موحدة على مستوى الجزيرة العربية والجنوب العربي واليمن،

وذلك وفق إيديولوجية الاشتراكية العلمية التي لا حدود لها، فدعموا الجبهة الوطنية ( حوشي) لتغيير النظام في اليمن (الشمال حاليا) والجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي.. وبدأت الحروب بين ما سمي بالجنوب والشمال منذ عام 1972م. والشيء المؤكد في حرب 1972م وحرب 1979م أن الأولى لم ينتصر فيها الجنوبيون ماعدا احتلالهم لمدينة قعطبه، بسبب أن قادة تلك الجبهات الشمالية كانوا من الجنوبيين الهاربين من النظام في عدن. لذا كان الانتصار على الشمال صعباً، ولكن حرب 1979م وبعد هروب الجنوبيين من صنعاء إلى البلدان العربية والأجنبية نتيجة معاملة النظام السيئة معهم وبغياب – حرب الجنوبي ضد الجنوبي – اكتسحت القوات الجنوبية حدود الجمهورية العربية اليمنية خلال ساعات قليلة ووصلت إلى مأرب و يريم و لولا تدخل العراق وليبيا لسقطت صنعاء خلال أيام…

غير أنه بعد ضعف النظام الاشتراكي في الجنوب وانهيار المعسكر الاشتراكي وعدم إصغاء الجنوبيين لبعضهم البعض والحشد الذي شهدت صنعاء ل”الأفغان العرب” وتوطد الحكم المشيخي- المذهبي المتخلف في اليمن ( الجمهورية العربية اليمنية)، أصبح النظام في صنعاء مهتماً بالحصول على السيطرة على الأراضي والثروات الواقعة في الجنوب وليس في منطقة عسير ونجران الذي كان الأئمة يدّعون أنها جزء من اليمن بحكم المذهب وليس بحكم التاريخ..

علاوة على أن الحزب الاشتراكي الذي رفع شعار “الوحدة اليمنية” منذ تأسيسه عام 1978م قد تهالك ودُمر من داخله, وأصبح مناسباً – في عقيدة الجمهورية العربية اليمنية – أن يحتل الشمال الجنوب من خلاله لكونه يكتسب المشروعية الوحيدة لتوقيع أي اتفاقات مع أي دولة أجنبيه كانت.. وقد يستفاد منه كتوجه وحدوي للسيطرة على الشعب الجنوبي.. ولا ننسى إن أبنا الجنوب الذين تشبعوا بالفكر القومي العربي، كان توجهم صادقا ويمكن من خلال إن يحققوا الوحدة بين الدولتين – في صنعاء وعدن- لإرساء دعائم التوجه العربي في الوحدة ولو على جزء يسير من الوطن العربي الكبير.

وفي وقت مبكر بعد عام 1986م – حرب الأخوة الجنوبيين – أبرم أول أتفاق للتنقل بين الشمال والجنوب بالبطاقة الشخصية والسير في الإجراءات الوحدوية التي توقفت بعد حرب 1979م. من الناحية القانونية والدستورية لم يكن للحزب الاشتراكي الحق في إبرام أي اتفاقيات تخص السيادة والهوية مع دولة أخرى أو قوى خارجية ولم ينص دستور جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على ذلك، ولم يستفتى الشعب في الجنوب..

بيد أنه في أيام عز القوة المتطرفة في الشمال ووجود نصف الجيش الجنوبي هارباً في صنعاء وتوافد “الشباب العرب – الأفغان” الذين كانوا يقاتلون الاستعمار الروسي في أفغانستان الذي بلغ عددهم في ذلك الوقت مئة ألف مقاتل برئاسة الزنداني والديلمي سار نظام صنعاء باتجاه الوحدة مع الجنوب. وفي سبتمبر 1988م طرح مقترح من قبل بعض قياديين اشتراكيين من مواليد الشمال ومن مؤسسي الحزب الاشتراكي بدمج “حوشي” (فرع الاشتراكي في الشمال) مع الحزب الاشتراكي فتم ذلك وأصبحت – منذ عام 1988م- الأغلبية داخل قيادة الحزب الاشتراكي في الجنوب من الشماليين لذلك نجحت مطالب “الاندماجيين” بالسير سريعا باتجاه الاتحاد بين الدولتين.

لم يكن نظام الجمهورية العربية اليمنية مكترثاً بصفة خاصة بمبادئ الوحدة والقانون الدولي عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الخاصة.. لذا عقدت خمس اتفاقيات بين الدولتين – ج. ي. د. ش. ، ج. ع. ي. – وهي اتفاقيات غير قانونية ولا متكافئة بل ويستند عليها الوضع الشمالي في الجنوب حالياً، لكن الحقيقة إن الاتفاقيات مع الجمهورية العربية اليمنية كما هو معروف لم يتم الدخول فيها بحرية، وإنها كانت لغير مصلحة شعب الجنوب، ولهذا أفضت إلى حرب عام 94م بين الشمال والجنوب وإلى إخضاع سكان الجنوب لحكم الجمهورية العربية اليمنية. وعندما أبرمت اتفاقية جديدة (93م-94م ) “وثيقة العهد و الاتفاق” ووقعت عليها كل الأطراف المعنية بعدها شن الحرب على الجنوب مخالفة لاتفاقيات إعلان الوحدة ولتلك الوثيقة.

ورجوعاً حتى إلى تلك الاتفاقيات التي أبرمت بين الدولتين في عدن وصنعاء في الأعوام (87 – 1990م) ثم إعلان الوحدة بين النظامين في 22 مايو 1990م سرعان ما وجد نظام صنعاء أن تلك الاتفاقيات غير كافية لتلبية الرغبة في تحقيق سيطرة أكبر على الجنوب.. حيث كان الطرفان المتعاقدين – دولة الجنوب ودولة الشمال – قد وافقا على بقاء تشريعات كل دولة كما هي حتى تأتي قوانين جديدة يتفق حولها، ويلتزم كل من الطرفين المتعاقدين ببنود اتفاقيات إجراءات الاتحاد بين الدولتين.. وبالرغم من هذه الالتزامات استمرت مؤسسة الحكم في صنعاء في محاولاتها لتغيير الموقف من أجل الدخول إلى عدن وبهدف الحيلولة دون بقاء الجنوب بيد الدولة السابقة.. وعليه فإنه من الواضح أن أي شيء يحكم سلفاً بشأن قضية السيادة ويضر بحق أحد الطرفين المتعاقدين يجب اعتباره نقضاً لروح الاتفاقية ونقضاً لنصوصها، وهذا هو بالضبط ما سعت إلى فعله مؤسسة الحكم في صنعاء خلال سنوات ما بعد إعلان الوحدة (90م – 94م ).

وطوال ثلاثة أعوام (91- 1994م) عقدت عدة اتفاقيات جديدة بين علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية سابقاً والرئيس{ نائب الرئيس بعد إعلان الوحدة} علي سالم البيض رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بشأن كيفية بناء دولة الوحدة، فرفضت الجمهورية العربية اليمنية كل العروض بل ورفضت تنفيذ اتفاقية الشراكة، وطلبت بدلاً من ذلك أن تندمج أكثر من عشر وزارات خاصة الجيش والأمن والعمل قبل تنفيذ اتفاقيات الوحدة، رفض الرئيس البيض ذلك.

عندما وصل الرئيس علي عبد الله صالح إلى قناعة بأن الرئيس علي سالم البيض مازال يحكم الجنوب وان هناك التفافا جماهيريا حوله استعان بالجهاديين وحزب الإصلاح لقتل الجنوبيين وتفجير منازلهم، وبالاشتراكيين الشماليين لأجراء الانتخابات. قبل البيض رئيس دولة الجنوب إجراء الانتخابات لمعرفته الكاملة أن الجنوب سيصوت لجنوبيته، وهذا ما حصل فعلا، كل دوائر الجنوب الانتخابية الــ(56) أيدت برنامجه الانتخابي.

كان نظام صنعاء يعتقد أن أجراء الانتخابات سيوفر له الذريعة المناسبة لاحتلال الجنوب، ولكنها بالحقيقة جسدت الدولة الجنوبية من جديد، حيث قُسمت الجنوب إلى 56 دائرة انتخابية بدلاً من 111 دائرة قبل الوحدة والشمال 245 دائرة بدلاً من 157 قبل إعلان الوحدة.. ذهبت دوائر الجنوب بكاملها (56 دائرة) للاشتراكيين الجنوبيين ودوائر الشمال للشماليين، فلم يفوز أحد من الجنوبيين في الشمال ولا فاز شمالي في الجنوب، وهكذا عاد الرئيس علي سالم البيض إلى عدن ومعه حكومة الجنوب السابقة ومجلس النواب من الجنوبيين ومستنداً على هذه النتائج الانتخابية..

فلم يجد نظام صنعاء ضرورة للانتظار طويلاً لأنه حين أصر رئيس دولة الجنوب – نائب الرئيس بعد إعلان الوحدة – التمسك بنتائج الانتخابات التي أعطته الحق بالإبقاء على سيادته على الجنوب، رد نظام صنعاء بالحرب واحتلال الجنوب.

ومن أجل فهم أهداف مرامي سياسة نظام صنعاء أثناء تلك الفترة فإن من الضروري أن نتذكر إنها مرت بتحول جذري عقب اكتشافات النفط في حضرموت وشبوة وعودة الأفغان العرب إلى صنعاء لتعينها على التخلص من بعض القيادات الوطنية الجنوبية (154 شهيد سقطوا في صنعاء قبل إعلان الحرب على الجنوب عام 1994م وبأوامر من قبل الرئيس علي عبد الله صالح) وبدأت سياسة استخدام القوة لكسب أهداف سياسية. ونفذت جرائم كثيرة كتفجير منزل رئيس الوزراء الجنوبي حيدر أبوبكر العطاس وإطلاق صاروخ إلى غرفة نوم رئيس مجلس النواب الدكتور ياسين سعيد نعمان (جنوبي) وأخيراً مغامرة إعلان الحرب على الجنوب يوم 27 أبريل 1994م وقتل الرئيس علي عبد الله صالح عشرين ألف مواطن فبل أن يحتل الجنوب.

لقد سعينا نحن أبناء الجنوب إلى الوحدة سعياً، وجاهدنا بصدق من أجل الوحدة، نصبو جميعاً إلى ما تصبو إليه الأمم التي تقدر قيمة الأوطان والشرف والكرامة.. وكنا نعتقد أن نظام صنعاء سيهيئ لهذه الوحدة رجالاً من ذوي الكفاءة والنزاهة حتى يكونوا سند الوحدة وحتى يكونوا ذخرها وفخرها، وحتى يمهدوا لها بدرايتهم وتجاربهم سبل الوصول إلى بناء دولة للوحدة.. دولة حديثة.. تظهر العروبة والإسلام في مظهرهما اللائق بهمَ ويقيموا الحجة أمام العالم أجمع على أن الشعب اليمني شعب ناضج وشريف.

ولكن والأسى يملأ قلوبنا نقول: لقد عبئ نظام صنعاء الشباب المجاهدين الذين جاءوا بهم من أفغانستان، واستعانوا بالجهل والتخلف والمذهبية في الشمال، في إصدار فتاوى الاستحلال والتكفير التي استند إليها النظام في حربه ضد الجنوب عام 94م.. ويستند إليها اليوم في التعبئة ضد الحراك الجنوبي السلمي، وعلى أساس إن الحراك يقوم به ناس ملاحدة وكفرة. فمن هو من الجنوبيين مع النظام الحالي فهو مسلم، ومن لم يكن معه فهو كافر وملحد.. وكل هذه الفتاوى جاءت لدوافع سياسية بحته وذلك لتحقيق غاية التفرد بنهب الجنوب أرضاً وإنساناً، واستخدام الدين كستار لتنفيذ تلك الغاية. واليوم وبنفس الوسيلة يتم اصطناع شرعية جديدة لإطلاق الرصاص الحي على الجنوبيين الذين يطالبون بأرضهم و ثروتهم.. والسلطة مصرة على استخدام الفتاوى الدينية لقتل أبناء الجنوب ومصادرة أملاكهم، والتحكم بالثروة والرقاب، والدعوة للكراهية الدينية التي تستند عليها السلطة.. لإيجاد شرعية جديدة لضرب الجنوب عسكرياً.

ونبين ذلك من خلال فتوتين مشهورتين استندت إليهما السلطة عام 94م في حربها ضد الجنوب:

* فتوى الدكتور عبد الوهاب الديلمي، أُذيعت الفتوى في 6 مايو 94م (خلال الحرب ضد الجنوب) في وسائل الإعلام الرسمية والمرئية و المسموعة- ثم نشرت في صحيفة الشورى 8 يناير 1995م، وفي صحيفة عبد المجيد الزنداني صوت الإيمان الصادرة بتاريخ 21 يونيو 1994م العدد (24) تحت عنوان: ” كي لا يلتبس حكم الحرب على الأمة”، فما جاء في تلك الفتوى: “من أغرب ما نسمعه هذه الأيام – أيام حرب 94م – أقوال يطلقها بعض الناس يشككون من ورائها في شرعية القتال. قد يكون مدخل التشكيك إلى عدم شرعية القتال هو أن الذين يقاتلون مع المرتدين مسلمون – يقصد بالمرتدين الاشتراكيين الجنوبيين والمسلمون هم أبناء الجنوب من نساء وأطفال وشيوخ – ومن هذا أن يقال أن الحزب الاشتراكي هم عبارة عن عدد محصور.. فلولا هؤلاء الذين نسميهم بالمسلمين ما كان لهم من قدرة على أن يحققوا شيئاً، ومن أجل ذلك أجاز أهل العلم قتل هؤلاء المسلمين، لأن عدم قتل هؤلاء المسلمين يترتب عليه مفسدة أعظم من مفسدة قتلهم”. انتهى.

هكذا وظف علماء الشمال الدين لاستثارة عاطفة العامة من أبناء الشمال واستدعاء الكراهية الدينية، والتوحش بالقتل لاحتلال شعب آخر، وتمزيق كل روابط الأخوة الإسلامية والرحمة و التآلف. بعدها عين صاحب هذه الفتوى وزيراً للعدل تقديراً له على تهييج الأسرة الشمالية ضد الأسرة الجنوبية وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في الجنوب.

كنا في الجنوب نود أن يفهم أهلنا في الشمال إننا شعب مسلم، وإن الإسلام في ظروفنا السابقة والحاضرة فوق كل اعتبار حزبي وفوق كل شهوة شخصية، ولكنا والأسى يملأ قلوبنا نرى أمام أعيننا جماعة من أصحاب الفتاوى الدينية المعتمدين لدى السلطة في الشمال قد دفعهم حب الظفر بالسلطة والجاه والمال إلى شن حرب عوان استخدموا فيها فتاوى تكفيرية لا يزاولها مسلم أمام مسلم. نعم يملك الأسى قلوبنا لأننا نعلم وكلكم يعلم أن لا رجاء لوحدة تقوم الزعامة فيها على إيذاء الناس في دينهم وسمعتهم وعلى إفساد ضمائر بعض المفتيين بالمال والاحتيال.. واليوم يقوم أتباع السلطة من الأئمة الجدد بحرب شعوا سموها معركة من أجل حماية الدين ضد كل من يطالب بحقوقه من أبناء الجنوب، وقد أسرفوا في الطعن و التكفير والسب والافتراء والترغيب والترهيب ضد أبناء الجنوب، الذين يشهد الإسلام لهم بأنهم اسلموا قبل الهجرة النبوية إلى يثرب..

*ولهذه الغاية نفسها جاءت فتوى عبد المجيد الزنداني الصادرة في واحد محرم 1415هـ الموافق 10/ 6 / 1994م – خلال حرب 94م الظالمة ضد الجنوب، عشرين مليون مقابل ثلاثة مليون- جرى نشرها بواسطة شريط مسجل، توزيع: “تسجيلات الإيمان التابعة للشيخ الزنداني”، تحت عنوان: ” واجب المسلمين نحو المعركة”، ونشرت أجزاء منه في صحيفة “يمن تايمز” باللغة الانجليزية الصادرة بتاريخ 20 / 6 / 1994م العدد (23).

قال فيها: “أن قتالنا ضد الشيوعيين هو من أجل الإسلام.. من أجل وحدة القيادة السياسية لليمنيين أن يكون لهم حكم واحد و قائد واحد.. هذه معركتنا هذه هي المعاني التي نقاتل من أجلها”.. وقال أيضاً مخاطباً الحكام العرب أن يقفوا معه ضد الجنوبيين: ” كما أفتيتم بأن الجهاد في أفغانستان واجب.. فلا أقل من أن تحموا ظهور إخوانكم.. أن قتالنا قتال شرعي ضد فئة باغية ملحدة وكافرة قتالها واجب.. أننا نطلب من علماء المسلمين أن يرفعوا أصواتهم وأن يبينوا للشعوب حكمة الجهاد في اليمن.. سنسألهم عن هذه الفتوى غداً بين يدي الله..” وقال الشيخ الزنداني وهو يشرح لأهلنا في الشمال: “إن الله تعالى قد سخر قدرته للمحاربة إلى جانبهم, من أمثلة ذلك: في إحدى المعارك – طبعاً كل المعارك كانت تدار في المدن والقرى الجنوبية – زرع الكفرة حقولاً من الألغام وتقدم جيش المسلمين وكاد أن يقع في تلك الحقول ولكن الله أرسل رياحاً أزالت الرمال و كشفت رؤوس الألغام فعلموا أنهم أمام حقل من الألغام. وغيرها من القصص والحكايات التي تنطلي فعلاً على شعب 75% منه أمياً وفقيراً وهنا نلفت نظركم أن رد علماء المسلمين جاء ليدين فتاوى التكفير والاستحلال ضد الجنوبيين، واعتبروها بحد ذاتها جريمة وحملوا أصحابها جريمة ما نجم عنها من ضحايا خاصة من الأطفال و النساء والشيوخ.

ومن ذلك ما صرح به العلماء لمجلة ” المسلمون” الصادرة بتاريخ 5/ 8 / 1994م العدد (496) نورد بعضاً من ما نشر: “استنكر جميع علماء الأمة ما جاء في الفتوى التي أصدرها الشيخ عبد الوهاب الديلمي أثناء الحرب اليمنية التي أباح فيها قتل النساء والشيوخ والأطفال للوصول إلى الأعداء زاعماً أنها قاعدة شرعية كما أورد الديلمي في حديثه لمراسل “المسلمون” العدد الماضي. وكان في مقدمة العلماء الذين استنكروا تلك الفتوى شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق وعدد من أعضاء هيئة كبار العلماء والشيخ محمد الغزالي والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جرين عضو الإفتاء بإدارة البحوث العلمية والإفتاء، مبينين أن الديلمي أخطى في فتواه في أكثر من وجه وأكدوا أن الديلمي ليس من أهل الفتوى المعتبرين أساساً.. وأشار العلماء إلى أنه يتحمل بفتواه مسؤولية ما أريق بسببها من دماء الأطفال والشيوخ والنساء”. وكان عبد المجيد الزنداني قد قاد حملة ضد الوحدة قبل إعلانها في 22 مايو 1990م بل وكفرها وكفر دستورها الذي أُستفتى عليه بعد إعلان الوحدة بعام.. ولكنه تولى منصب عضوية مجلس الرئاسة الذي يسير بهذا الدستور الذي كفره. وتولى الدكتور الديلمي وزارة العدل وأقسم اليمين بموجب الدستور الذي كفره.. وهذا يعني أن المشكلة كانت سياسية بحته وأن التكفير كان سلاحاً لبث الكراهية ضد الجنوبيين واستخدام الدين للوصول إلى السلطة. واليوم نتيجة اشتداد الرفض الشعبي الجنوبي للاستيلاء على أملاكهم و حقوقهم يسير المفتيين من أبناء الشمال على نفس الطريق..

أن قيام الجمهورية العربية اليمنية باحتلال الجنوب كان أساساً من أجل تحقيق مصالحها، وعلى أن السياسة التي تنتهجها اليوم في الجنوب مبعثها مصالحها الذاتية. وقد سميت حرب 94م ضد الجنوب فتحاً رغم أن الجنوب دولة إسلامية.. ومنذ 7 /7 / 1994م بقيت الجنوب بيد نظام صنعاء، وأُديرت عبر القوات العسكرية والأمنية القمعية ونهبت بصورة لم يشهد لها التاريخ مثيل.

ولم يعترف الشعب الجنوبي أبداً بشرعية اتفاقيات الوحدة ولا بشرعية الحرب، كما لم يتنازل في أي وقت عن دعواه بالسيادة على أرضه ووطنه، وقد أنتفض بعد حرب 1994م, وقدم آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين… وتمت خطط جديدة لتعزيز السيطرة على الجنوب بصورة مطلقة وتم إلغاء كل الاتفاقيات التي أبرمت قبل الحرب… وأصبحت للقوات الشمالية وتجارها و مشايخها الحرية المطلقة لنهب شواطئ عدن والمكلا والمزارع والأراضي والاستيلاء على مؤسسات ومباني و أملاك دولة الجنوب السابقة، ومن خلال الإحصائيات الأولية إنه تم الاستيلاء على ما قيمته 20 مليار دولار خلال العامين الأوليين فقط بعد حرب 1994م (مع أن أملاك الشعب لا ثمن لها).

أن هذه الاتفاقيات الاتحادية بين دولة الجنوب ودولة الشمال- على خطورتها – لا تعطي بالفعل صورة دقيقة أو كاملة عن مدى السيطرة والنهب اللذان يمارسهما نظام صنعاء على الجنوب، فهذا النفوذ والنهب المخطط غير مستمد من التزامات مكتوبة ولا نابع عن اتفاقيات بين الدولتين السابقتين، وإنما قائم بالأحرى على نتائج حرب 1994م وعلى القوة القمعية والكثرة العددية.. وهذه طريقة عهدناها نحن الجنوبيين في سياسة نظام صنعاء ومعروفة جيداً عبر تاريخ الحروب بين الدولتين، أن تُنجز اتفاقيات بين الحكومتين ثم يتم الإعلان بأن نظام صنعاء ملتزم بموجب اتفاقيات موقعة رغم أنه قد شن الحرب عليها…

استنكر العالم كله حرب الشمال على الجنوب – التي أعلنت في لحظة ضعف الجنوبيين واستخدام الأفغان العرب والقاعدة وغيرهم – وكان لدول مجلس التعاون الخليجي موقف ايجابي وصادق .. حيث جاء في البيان الصحفي الصادر عن الدورة الحادية والخمسين للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في الرياض يوم 25- 26 ذو الحجة 1414هـ الموافق 4 – 5 يونيو 1994م ما نصه: ” تابع المجلس الوزاري بقلق بالغ التطورات المؤلمة في اليمن، وما ترتب على استمرار القتال بين الطرفين مما جعل القادة في جنوب اليمن يعلنون قيام جمهورية اليمن الديمقراطية، في هذا السياق رحب المجلس بصدور قرار مجلس الأمن رقم 924″ وأضاف البيان ” وانطلاقا من حقيقة أن الوحدة مطلب لأبناء الأمة العربية، فقد رحب المجلس بالوحدة اليمنية عند قيامها بتراضي الدولتين المستقلتين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في مايو 1990م وبالتالي فإن بقاءها لا يمكن أن يستمر إلا بتراضي الطرفين، وأمام الواقع المتمثل بأن أحد الطرفين قد أعلن عودته إلى وضعه السابق وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية فإنه لا يمكن للطرفين في هذا الإطار إلا التفاوض بالطرق والوسائل السلمية.. إذ أنه لا يمكن إطلاقاً فرض الوحدة بالوسائل العسكرية”.

واليوم ولأجل المواجهات المحتملة في الجنوب اعتمد نظام صنعاء على التخطيط لوضع قوات برية ونقاط عسكرية متمركزة بصورة دائمة من العند قرب عدن إلى حوف في المهرة، وتعزيزها في حالات الطوارئ كما يجري اليوم في ظل انتفاضة شعبية عارمة، ويحتفظ النظام حالياً بعشرات الألوية على طول وعرض الجنوب لمساندة قوات الأمن المركزي والأمن السياسي والأمن القومي والاستخبارات العسكرية وجيش المخبرين.. هذا إضافة إلى المعسكرات السابقة الدائمة.. تجسيد تأثير التحولات الكبرى الجارية في المحافظات الجنوبية على عدن والمكلا وزنجبار وعتق والغيضة حيث وضع الجيش لمنع المواطنين من التوجه إلى تلك العواصم الجنوبية..



وثيقة تاريخية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب (2)

إن الثورة السلمية في عدن وأرياف الجنوب قاطبة قد أزالت شكوك ربما كانت لدى بعض دول الجوار حول القضية الجنوبية.. حيث وبعد الاعتقالات الكبرى التي تمت عام 2008م وقتل عشرات المواطنين وإنزال الأسلحة الثقيلة إلى عدن أتضح للعالم أن هذا النظام لا يؤمن بالديمقراطية التي التزم بها أمام المجتمع الدولي خلال حرب 1994م، خاصة وإن انتخابات عام 2003م البرلمانية والرئاسية والمحلية لعام 2006م قد أثبتت أن 82% من سكان الجنوب قاطعوها ولم ينل المنتخبون غير أصوات ما لا يزيد عن 20% من المسجلين في قوائم الانتخاب.. ولهذا طلب الرئيس تأجيل الانتخابات البرلمانية عام 2008م عندما رفض الجنوبيون لجان القيد والتسجيل، بل وقاموا بمصادرة صناديق الاقتراع. ورفض الشعب الجنوبي أن تقرر مصيره أصوات المدافع وأصوات الانتخابات المزيفة.

واليوم إن القضية الرئيسية لم تعد ما إذا كان يجب أو لا يجب أن تكون هناك انتخابات في الجنوب لأن شعب الجنوب قد رفض ذلك مسبقاً، ولكن المسألة المركزية الآن هي ما إذا كان الجنوب والشمال باتحاد كل منهما مع الآخر ينبغي أن يستمر أم لا ؟!. أي هل هناك رغبة لشعب الجنوب في الاتحاد مع الشمال؟. نقول: لا.. فما يوجد اليوم في الشمال تعصب أعمى وتحريض كبير ضد الجنوبيين يمكن يرتكب النظام من خلالهما مجازر شبيهة بمجازر رواندا ويمكن أن يحوّل المحتلين عدن إلى سراييفو الجزيرة العربية، خاصة وان هناك تعبئة رسمية متواصلة قد أظهرت “جيشاً حربياً” يُقذف به بوجه الجنوب.

وهنا يمكن الحديث عن الاتفاقيات التي أبرمت بين الدولتين في صنعاء وعدن لإدخال الجنوب في هذه المأساة، خاصة وان الرئيس علي عبد الله صالح بعد أن أعلن الحرب عليها اليوم بعد الانتفاضة الشعبية الجنوبية يعود من جديد للتمسك بها. فالاتفاق بين الرئيسين البيض وصالح بدأ باتفاق شفوي بينهما حول حقل جنة في شبوة الذي كان هذا الموقع سبب حروب الأئمة ضد الجنوب قبل ثورة سبتمبر 1962م حيث كان الأمام يحيى ومن بعده أبنه أحمد يطالبان بالعبر وجزء من شبوة ( وثائق تلك الاتفاقيات موجودة)، وبنفس الطريقة كان رئيس دولة الشمال يطالب بتقاسم حقل جنة النفطي بدلاً من الحرب، وهذا الاتفاق الشفوي أنما يتوخى من ورائه – أساساً – الحفاظ على وضع الحدود ألمرسمه بين الدولتين.

ولا يستطيع نظام صنعاء أن يخرج من هذا الوضع رغم هاجس القوة التي انتابته بعد حرب الأخوة في الجنوب عام 1986م، فأوحى للرئيس علي عبد الله صالح أن الاتفاق الذي تم مع الجنوبيين بشأن تقاسم حقل جنة النفطي يعني الاعتراف بالحدود ألمرسمه التي اعترف بها الأمام يحيى ومن بعده الأمام أحمد.. ولا يستطيع أن يقضي البطلان أي موقف يتخذ من قبل دولة الجنوب حول أمور تتعلق بالحدود أو الثروة أو الأرض، وعليه ولتدارك هذا الأمر أصبح التقرب من النظام الاشتراكي هو الطريق الأمثل لاحتواء قيادة الجنوب السياسية وضم أرضهم، فجاءت الاتفاقيات الوحدوية بين شريكي الوحدة كفخ للجنوب, وليس كمشروع وحدوي صادق يمكن أن يكون نموذج للوحدة العربية.

وهكذا فإن نظام صنعاء لم يترك شيئاً في تلك الاتفاقيات للصدفة، حتى إذا ما طالب الجنوبيون بإعادة دولتهم السابقة – كما حصل عام 1961م من قبل سوريا ومصر – فإن نظام صنعاء بإمكانه أن يعترض على هذا المطلب، وحتى إذا قام نظام صنعاء بحرب ضد الجنوب لضمه بالقوة فإن الحرب لن تكون بالمفهوم القانوني – حسب تصور حكام صنعاء – حرب بين دولتين، بل حرب أهلية داخل دولة واحدة.

بعد الحرب الطاحنة التي حدثت عام 1994م أصبحت الجنوب تابعه لنظام صنعاء سواء أراد أو لم يرد السكان أو الأنظمة العربية المجاورة المهددون مباشرة بوجود عدم الاستقرار في المنطقة.. وكما قال عبد الكريم الأرياني: “أن الجنوب ستبقى إلى الأبد ضمن الوحدة من أجل الاحتفاظ بالهيمنة من قبل السلطة الوحدوية على المصالح الاقتصادية في الجنوب” وأنه لواضح من نتائج حرب 1994م أن الأهداف الرئيسية لسياسة نظام صنعاء في الجنوب هي كالتالي:

أولاً: ضمان بقاء الجنوب تحت سلطة صنعاء.

ثانياً: تسهيل و توطيد السيطرة على ثرواته وأراضيه.

ثالثاً: إحداث تغيير ديموغرافي – سكاني للدفاع عن مصالح صنعاء و ردع أي خروج ضد هذه الأهداف.

وبإيجاز لقد عارض الشعب الجنوبي هذه المطامع التي تخدم مصالح سكان الجمهورية العربية اليمنية.. وأكثر من ذلك فإن ضم الجنوب بالقوة يقوي لغة الحرب بين العرب وإحداث الفوضى في الجزيرة العربية وعدم الاستقرار، وبسبب هذا فإن سكان الجنوب مناهضون بتصميم لا مثيل له في التاريخ لهذه الخطط البدائية, ومصممين على طرد المحتلين.

واليوم بعد أن ظلت الجنوب تحت الحكم الاستبدادي المتخلف لمدة 15عاماً (94م-2009م) وعلى امتداد تلك الفترة القصيرة من الزمن عمل الكثير جداً لنهب كل شيء في الجنوب له قيمة ولو كانت رخيصة جداً.. كانت الجنوب كلها هدفاً لحرب إبادة يشنها نظام صنعاء، إذ يجري يومياً القيام بإطلاق الرصاص الحي على الاحتجاجات السلمية والمواطنين، والاستيلاء على الأراضي والمزارع ونهب الآبار الارتوازية ودفنها وتحويلها إلى أراضي للبيع بالقطعة.. فيما ترك الآلف الناس مزارعهم واضطروا للجوء إلى المقاومة السلمية.. حتى لقد بلغ عدد من نهبت مزارعهم مائة ألف ونيف، معظمهم اليوم يعانون من الجوع والمرض.

ويعيش الجنوب إن حالة طوارئ التي لم تعلن رسميا حتى خلال عام الحرب ( 94م )- حتى لا تأخذ القضية الجنوبية مكانتها في المحافل الدولية.. والسجون تغص بالمعتقلين السياسيين الذين حرموا حتى من حق المقاضاة. أما من هم في المدن (عدن، المعلا، زنجبار، ردفان، الضالع) فقد أخضعوا لمعاملات وحشية وللتعذيب في السجون المركزية وسجون الأجهزة الأمنية وبعض الأماكن العامة (ملعب 22 مايو في عدن) والمعسكرات ( معسكر الأمن المركزي والمشاريع العسكرية والشرطة العسكرية), وخلال هذا العام أُلغي القبض على كثير من الأكاديميين والدكاترة والمحاميين والكتاب والصحفيين، إما لنشاطاتهم السياسية أو للاشتباه في كونهم مشاركين في الاحتجاجات الجنوبية أو يقرءون صحيفة “الأيام” أو يبيعونها في الأكشاك الرسمية أو يشاركون في التعليقات في الصحافة الالكترونية…

ولقد بدأت في أبريل 2009م موجة أخرى من الاعتقالات على نطاق واسع، ولم يعرف حتى الآن عن مصير بعض أولئك الذين قبض عليهم. وإنه ليوجد في سجون صنعاء أطفال رهائن تطالب السلطة آبائهم بتسليم أنفسهم.

وفيما يتعلق بالاعتصامات العامة الأخيرة في عدن (21 مايو 2009م ،7 / 7 / 2009م) فإن السلطات العسكرية أنزلت أسلحتها الثقيلة إلى داخل مديريات محافظة عدن (دبابات، مصفحات، دفاع جوي، أطقم عسكرية، سيارات همر عسكرية) لمساعدة الأمن المركزي المتهم بارتكاب أبشع المجازر في الجنوب، وقامت الأجهزة الأمنية العسكرية و المدنية بإلغاء القبض على حوالي ستة ألف متظاهر، وحولت نحو أربعمائة معتقل إلى سجون المحافظات المجاورة كما قتل وأصيب يوم 21 مايو 2009م أكثر من 100 مواطن على أيدي جنود السلطة.

وفي 23 يونيو 2009م ارتكبت أجهزة السلطة في زنجبار– أبين أبشع مجزرة عرفها الجنوب حيث راح ضحيتها 18 شهيداً و 87 جريح، وتُرك المصابين ينزفون في الشوارع ورفضت السلطة أنقادهم.. ومن استطاع الوصول إلى المستشفيات العامة رفض الأمن علاجهم.

ثم تبع ذلك مجزرة الضالع 24 يونيو 2009م، وقبلها مجزرة تشييع شهداء ردفان الأربعة يوم 9 يونيو 2009م (استشهدوا بين ابريل و مايو 2009م) حيث أطلق الأمن النار على المشيعين وسقط عدد من الشهداء والجرحى، و مجزرة عدن و المكلا – حضرموت يوم 7/ 7/ 2009م، و مجزرة الضالع يوم 30 سبتمبر 2009م ( مسيرة الغضب التي عمت كل الجنوب )، و يوم 16 أكتوبر 2009م أعلن قرار صادر عن وزارة الداخلية بمنع المظاهرات والاعتصامات، وهذا يعتبر القرار المائة لوزارة الداخلية طوال الثلاث السنوات الماضية، وشملت هذه القرارات القبض حتى على الذين يعتقد أنهم قدموا أي مساعدة للوطنيين، كما حدث في ساحة الهاشمي في عدن وفي مدينة زنجبار عندما فتح المواطنون منازلهم لإسعاف ومعالجة الجرحى.

إن سلطات صنعاء كانت قد بدأت في 7/ 7/ 1994م حينما استولت على عدن والمكلا بالقوة ثم راحت منذ ذلك الوقت تمد نفوذها إلى المحافظات الأخرى من خلال فرض ما يسمى بـ(أراضي الدولة) وحرية الاستيلاء عليها من قبل المتنفذين الشماليين مستعينة بالجيش والأمن.. ومنحت الشماليين – حتى لا يستنكروا هذه الجرائم – كثير من الأراضي ومزارع الجنوبيين، وتم فرض السلطات المحلية المزيفة ضد رغبات الشعب في الجنوب، واستغلت سلطات صنعاء الشعب وحالة دون كل تقدم، فأغلقت مستشفيات عدن الخمس واستبقت أثنين منها للقادرين على دفع ثمن العلاج والمعاينة.. وأغلقت العيادات التي كانت منتشرة في قرى محافظات الجنوب وكانت تمونها الدولة السابقة في الجنوب.. كما أنه لا توجد أية مستشفيات حقيقية في المحافظات الجنوبية تتبع الدولة.. فالسلطات في صنعاء تعتبر الجنوب ذات أهمية حيوية لمصالحها الاقتصادية والسياسية، فهي:

أولاً: حريصة على حماية الثروة النفطية والسمكية و المعدنية وتسخير مردودها لبناء الشمال.

ثانياً: تريد الاستمرار في السيطرة على الأراضي والمزارع والجبال وتوزيعها على مشائخ وعساكر الشمال لتأمين ولاءهم لها.

ثالثاً: تود الإبقاء على الجنوب كمصدر دخل وكسوق استهلاكية لتسويق منتجات التجار الشماليين فيها.

رابعاً: اعتبار شبوة وحضرموت وعدن مواقع هامة وضرورية لحماية ميزانية المؤسسات القبلية والعسكرية والتجارية الشمالية الحاكمة في الجنوب (ترفد هذه المناطق بـ 90% من ميزانية الدولة).

ومن أجل حماية هذه المصالح، استخدم نظام صنعاء القوة لقمع المقاومة السلمية، وبشكل رئيسي من خلال إطلاق النار من مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة على الاعتصامات السلمية، وما من محافظة أو مديرية أو قرية أو مدينة في الجنوب أُفلتت من هذه الجرائم التي يرتكبها النظام تحت سمع وبصر دول الجوار والجامعة العربية والأمم المتحدة …

وتتمثل الوسائل الأخرى التي يستخدمها النظام لتمديد وجوده في الجنوب، في قمع المواطنين وحظر الصحف الجنوبية (لا توجد إلا صحيفتين “الأيام” و “الطريق”).. ومنع الاعتصامات المنصوص عليها قانوناً، والإبقاء على حالة الطوارئ غير المعلنة بصورة دائمة خاصة في المدن الجنوبية.. وإقامة حكم مباشر على الجنوب من خلال الجيش والأجهزة الأمنية.

ولقد كان فرض ما تدعى بـ(مجالس السلطات المحلية) الذي خلقها النظام كسلطة صورية لضمان مصالحه مناورة أخرى من قبله – نظام صنعاء – وأن نصوص قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2001م أظهرت أنه كان خطوة إلى الخلف لا إلى الأمام، فوفقاً للمادة (19) من القانون لا تستطيع السلطة المحلية المنتخبة حماية الاعتصامات السلمية التي يطلق عليها الرصاص الحي من قبل قوات صنعاء العسكرية، ولا تستطيع توقيف الملاحقات ولا الاعتقالات التي يتعرض لها نشطا العمل السياسي، ولا تستطيع البث في الأراضي التابعة لها، وليست حتى سلطة منفذة لأوامر صنعاء، بل أن تنفيذ ما تريده السلطات في صنعاء يتم عبر الأجهزة الأمنية والعسكرية الشمالية المتواجدة في الجنوب.. ولا تستطيع القيام بأية ترتيبات تخص سكان المحافظة (أي ناخبيها ).. فالسلطة المحلية في الجنوب تنفذ أوامر نظام صنعاء…

ولقد اعتمد شعب الجنوب على الوسائل السلمية في طرح مطالبه من أجل فك الارتباط من دولة الجمهورية العربية اليمنية، ولكن النظام في صنعاء استخدم كل القوة المتاحة له لسحق مثل هذه الاحتجاجات السلمية.. وعليه فقد اضطر الشعب للرد على العنف بالمزيد من الحشود الشعبية الواسعة والسلمية وليس إلى الثورة أو العنف.. وكانت الانتصارات السياسية التي حققها الحراك الجنوبي السلمي هي إعادة 5% من المتقاعدين العسكريين إلى أعمالهم، وإخفاق خطة النظام في إحداث التغيير الديموغرافي في الجنوب – كان هذا مطلب عبد الوهاب الإنسي بعد الحرب -.. وتمكن شعب الجنوب من إماطة اللثام عن الأهداف الحقيقية لنظام صنعاء من وراء قيامه بحرب 1994م ضد الجنوب التي فشلت هي الأخرى…

علاوة على أن وثائق المنظمات الدولية الرسمية تبين من جانب آخر كم أصبحت بدائية و متخلفة الأوضاع السائدة في الجنوب، فالصحة العامة قد أُهملت لدرجة أن أصبح لدى محافظات الجنوب أحد أعلى معدلات وفيات الأطفال والمتقاعدين، وتفشت أمراض خطيرة ومزمنة كانت دولة الجنوب السابقة قد قضت عليها بشهادة المنظمات الدولية. أما التعليم فغير موجود عملياً إلا لتسجيل عدد الطلاب فقط.. في حين أن ما لا يزيد – في بعض مديريات الجنوب – عن نسبة أثنين بالمائة من السكان يواصلون دراستهم إلى الثانوية.

من جانب ثالث استمرت إجراءات القمع والقتل السياسي ضد المواطنين العزل، وارتكبت مجازر بعنف متصاعد راح ضحيتها المئات (مجزرة 27 أبريل 98م في حضرموت، مجزرة الضالع في 10/ 9/ 2007م، مجزرة الحبيلين 13 أكتوبر 2007م، مجزرة الهاشمي 21مايو 2009م وغيرها من عمليات إطلاق الرصاص على المواطنين الجنوبيين العُزل) التي راح ضحيتها المئات والآف المعتقلين.. ووصل أبناء الجنوب إلى قناعة أنه لا يمكن أن يكون هناك بالطبع أية مراجعة ممكنة للسياسة الشمالية.

ولقد حاول أبناء الجنوب في عام 2005م طرق باب الجامعة واستجداء حريتنا، وكنا نعتقد أن الجامعة العربية تستطيع عمل شيء، لكن في ذلك الوقت كان الحراك الجنوبي السلمي مازال عند مطالبه الحقوقية المشروعة رغم إن نظام صنعاء كان يقترف المذابح والتخريب والقتل والاعتقالات والمحاكمات.. فكانت تلك الجرائم ضد شعب الجنوب قد لفتت نظر واهتمام المنظمات الدولية قبل الجامعة العربية، وبدلاً من أن تقوم السلطات من معالجة مطالب الجنوبيين السلمية وبطريقة سلمية، تصرفت بعنف وارتكبت مجازر بشعة يندى لها جبين الإنسانية، وزج بكثيرين في سجون الجنوب والشمال.. وإن عدن وحضرموت لم تتعرضا للنهب والسلب فقط بل وللاضطهاد وقتل الكثيرين هناك، وتعرضت معظم مناطق الجنوب للقصف من قبل سلاح الدبابات والمدفعية، وقد قال رئيس هيئة الأركان العامة: “أن قصف تلك المناطق هو التصرف الوحيد المناسب للحفاظ على سلطة الوحدة اليمنية” والدول العربية والأجنبية لم تعرف شيء عن ذلك لأنه لا يسمح لأي مراسل بدخول تلك المناطق أو حضور الاعتصامات أو نقل تلك الحوادث والمجازر اللاإنسانية عبر القنوات الفضائية.

ولما كان لدينا الآن موقف من قبل الجامعة العربية – وإن كان ضبابي وخجول – إلا إننا نستطيع نحن الجنوبيين التمتع بحق مخاطبة المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة والجامعة العربية.. رغم أنه مازال هناك بعد الانطباع العام في الجنوب الذي عبر عنه العديد من أبناء الجنوب عبر شبكات الصحافة الالكترونية – كمصدر وحيد للجنوبيين بعد أن منعوا من منحهم إصدار الصحف بل أغلق النظام أكبر صحيفة في الجنوب واستخدام ضد أسرتها أبشع الجرائم من قتل ورمي القنابل على مبانيها وهي صحيفة “الأيام” – ذوي النية الحسنة في الجنوب والعالم، بأن الجامعة العربية لا تستطيع عمل شيء، وإلى حين يصبح الجنوب مثل صعده وحرف سفيان ومأرب، فأنها حينذاك فقط يمكن أن يحترم الجنوب.. وإن كان هذا مسلك الأمم المتحدة فنسأل الله ألا يكون هذا مسلك الجامعة العربية مهما كان مصالح بعض أعضاءها. فهذه النظرة يتحتم على الجامعة العربية إزالتها بأعمالها وسلوكها خصوصاً بالنسبة للجنوب.. لأن الجنوب المعروف عنه تاريخياً هو فوهة البركان فلا ترفعوا حرارته بصمتكم عن الجرائم التي ترتكب ضده من قبل نظام صنعاء.

إن الأمم المتحدة والجامعة العربية تستطيعان تطبيق القرارات السابقة التي أصدرتها عام 94م دون أن يكون ضرورياً أن تتحول الجنوب إلى دارفور أخرى.. وتدلل بأنها حريصة فعلاً على حياة الشعوب العربية وليس على الأنظمة التي ترتكب المذابح وتخرب الأنفس وتحطم النسيج الاجتماعي.. وأن تصون دماء الأطفال والنساء والشباب مثلما هي حريصة على صيانة دما الإنسان في أي بقعة كانت في المعمورة من الحروب الداخلية والتمزق.

وإن مناشدات الجنوبيين للمجتمع الدولي والعربي لا ينبغي أن تقود إلى التقليل من نضالهم السلمي – وهو النضال الوحيد اليوم في الوطن العربي والعالم الإسلامي – الذي يعم الجنوب كله.. إنه نضال سلمي من أجل ما هو حق وأن يكون مصير الجنوبيين بيدهم.

أن القضية الجنوبية واضحة جداً، وسهلة الاستيعاب أن كانت هناك إرادة دولية لمعالجتها. فالقضية هي قضية دولة دخلت بشراكة مع دولة جارة هي الجمهورية العربية اليمنية.. وفي عام 1994م شنت الدولة الجارة الحرب على الجنوب وأصبح الشعب هناك يعيش تحت حكم وسيادة الجمهورية العربية اليمنية.. بعد أن كانت دولة الجنوب عضواً في الجامعة العربية والمنظمة الإسلامية والأمم المتحدة والهيئات والمنظمات الدولية.

والعالم يعرف جيداً بلداً صغيراً مثل الجمهورية العربية اليمنية بعدد كبير جداً من السكان وبمؤسسات مختلفة، وعدد ضخم من المشايخ والحدود القبلية ألمرسمه بينهم.. فهناك في الجمهورية العربية اليمنية نحو ثلاثة وعشرين دويلة قبلية وكل دويلة قبلية لها رئيس أو أكثر.. فهي خارجياً وحدة سياسية، لكنها داخلياً منقسمة إلى دويلات قبلية عديدة جداً، وكل واحدة مستقلة عن الأخريات. والنظام السياسي لكي يحظى بدعم هذه المكونات لابد أن يعمل لها ميزانية خاصة وقت السلم و ميزانية أخرى وقت الحرب.. تلك هي الحالة وهي حالة غريبة جداً…

وقد حاول نظام صنعاء أن يعمم هذا التقسيم القبلي على الجنوب بعد عام 94م لكي يسهل عليه إخضاع الجنوب عبر المشايخ، ولكن عندما فهم مشايخ الجنوب أنهم مقيدون ومربوطون ببيت المشيخه العليا في صنعاء وهم لا شيء أمام مشايخ صنعاء.. وأنهم مجرد عبيد بدون إرادة ذاتية، وملزمين بتنفيذ أوامر السلطة الأمنية والعسكرية وتوجيهات مشيخة صنعاء العليا.. وإن الثارات القبلية وزرع الفتن بدأت تصدّر إلى الجنوب وبدأت الأثوار والأبقار والأغنام تهجر و تذبح أمام محاكم عدن طلباً للصلح.. وظهرت أساليب لفرض الواقع المتخلف في الشمال على الجنوب وأصبح انعدام الدولة كأمر واقع، ومن يحاول أن يستنكر ذلك تسارع السلطات الشمالية إلى زج به في السجن أو توقيف راتبه أو قتله إذا كرر ذلك …حينذاك أنضم اغلب مشائخ الجنوب للحراك السلمي.

وكانت هناك محاولات كثيرة من قبل أبناء الجنوب – خاصة المثقفين والكتاب {د-ابوبكر السقاف والمحامي علي هيثم الغريب وفاروق ناصر علي واحمد عمر بن فريد وغيرهم} للإفصاح عن رأيهم الرافض لهذه الهمجية، وكتبوا عدة مقالات وعرائض لكنهم واجهوا دائماً القسوة الأمنية والاضطهاد وكل أنواع القهر.. هؤلاء الكتاب والمحاميين الذين مثلوا التطلعات الوطنية الأولى وحركة الحرية في الجنوب قادوا مواطنيهم سلمياً.. وحاولوا بصورة مشروعة أن ينصحوا نظام صنعاء بأن أبناء الجنوب من حقهم أن يكونوا أحراراً على أرضهم.. وأن يطالبوا بدولتهم المسلوبة وبثروتهم المنهوبة وبأراضيهم المستباحة، وأنه ليس من حق نظام صنعاء أن يقاوم بطريقة مسلحة شعباً أعزل.. يناضل سلمياً من أجل استرداد سيادته.

إن أبناء الجنوب إذا ما تحققت مطالبهم وذلك بفك الارتباط فإن المجتمع الدولي سيرى بنفسه أنهم يريدون وجه جديد لدولتهم الجديدة وثقافة أساسها الإسلام والتاريخ والهوية واللحاق بركب التطور الإنساني وفي المساهمة في الرفاه والحضارة العربية والإنسانية.

نحن نريد فك الارتباط لا اتحاداً فدرالياً أو كون فدراليا.. نريد دولة الشعب تعود للشعب الجنوبي.. وشعب الجنوب له وحده أن يتمتع بحق تقرير مصيره النهائي، فهذه الوحدة الذي يريد نظام صنعاء أن يحافظ عليها هي وحدة وهمية مفرغة من مضامينها، مجردة من قيمها، والجنوبيون فيها محرومون من الحقوق السيادية ومن أية سلطة فعلية.. ويخضعون لنتائج حرب 1994م.

وإذا تحدثنا بطريقة عابرة لتوضيح الحالة النفسية للجنوبيين نقدر نقول بأسف أنه حتى الثروة التي يجنيها بعض أبناء الجنوب لمساندة نظام صنعاء في الجنوب وإعطاءه مسحة من الشرعية خارجياً فإنها – أي الثروة – لا تضفي على صاحبها أي احترام وسط أهل الجنوب، كما أن تعيين النظام السياسي لأحد الجنوبيين في وظيفة مهما كانت أهميتها لا تضفي أية هيبة حتى وإن كانت من أعلى الوظائف في الدولة. وهذا شيء طبيعي فالناس ترضخ للحياة التي يعيشونها، ولا يستطيع هؤلاء أن يفرضوا أي رأي أو سلطة حتى بين أقرب الناس إليهم.. ومنذ حرب 94م وحتى الآن لم تعثر السلطة على أي شخص مناسب يمكن أن يوافقها على جرائمها التي تنفذ في الجنوب أو مستعد للقيام بأعمال قمعية ضد أهله. فما الذي يمكن أن يجنيه الإنسان الجنوبي من وضع نفسه يوماً وسيطاً بين السلطات وبقية مواطنيه عدا مشاعر العداوة من قبل الطرفين؟!…

وأعتقد أنه خلال الانتفاضة الشعبية الجنوبية انتهت مثل هذه الورقة التي كانت تستخدم من قبل النظام بعد كل تمرد جنوبي، ثم أنه وبحكم الثقافة المدنية التي دخلت الجنوب منذ القرن الثالث عشر بواسطة الهجرات المتواصلة للجنوبيين إلى بلدان الأرخبيل الهندي وبريطانيا وأمريكا وغيرها ووجود دولة النظام والقانون بعد الاستقلال الوطني عام 1967م بغض النظر عن اختلافنا مع قوانين وإيديولوجية ذلك النظام شبه الاشتراكي.. فإن شعب الجنوب تربى على النظام والقانون.. وبعد أن قرر النظام السياسي إدخالهم بإتحاد مع دولة الجمهورية العربية اليمنية حرموا من جميع حقوقهم ليس من قبل جهاز الحكم في صنعاء بل وأيضاً من قبل الشعب الذي تعمدوا تجهيله في الشمال الذي لا يعرف أي حقوق له بسبب الأنظمة المذهبية والقبلية والعسكرية التي توارثت حكمه.. وأنكر على الجنوبيين في أن يكونوا أحراراً.. وسلبت كافة حقوقهم بما فيها الحقوق الثقافية والمدنية والسياسية والتاريخية، وحقهم بالتجمع (إطلاق الرصاص الحي عليهم) والتعبير(إغلاق الصحيفة الوحيدة في الجنوب التي تعبر عن ألآمهم ومطالبهم “صحيفة الأيام “). وهكذا فإن شعب الجنوب تعرض ؟لإبادة جماعية سارت وفق نهج منظم من قبل نظام صنعاء.







وثيقة تاريخية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب (3)

واليوم إن القضية ليست ما إذا كانت الاتفاقيات الوحدوية صحيحة أو مغلوطة.. إن القضية ليست ما إذا كانت شراكة مايو 1990م بين الدولتين في صنعاء و عدن يجب أن تبقى أو يجب حلها.. إذ أن شعب الجنوب يقرر ما هو صائب لهم و ما هو غير صائب لهم.. و أعتقد أنه قد قدر تماماً مصيره،وما تقديمه آلاف الشهداء و الجرحى منذ حرب عام 94م وما بعدها إلا دليل على تصميمه على فك الارتباط واستعادة الدولة.

وإن الوعود التي يطلقها نظام صنعاء بشأن حل القضية الجنوبية أو معالجة المصابين و الجرحى الجنوبيين هي وعود شكلية و للاستهلاك الخارجي، فالجنوب يعيش وضع تبعي للشمال و غنيمة لكل من يشارك في قمعه من الشماليين، و وقع فعلاً تحت السيطرة الهمجية مستغلين بذلك الوضع في المنطقة ومصالح الدول .

ورئيس الجمهورية العربية اليمنية علي عبد الله صالح أفصح وقال: ” إن الحزب الاشتراكي كان هارباً من الجنوب فوقّع الوحدة معنا ” .. إذا فهذه الاتفاقيات التي على ضوئها أعلنت الوحدة هي في مفهوم نظام صنعاء صكوك باطلة و تفتقد إلى الشرعية و الصلاحية القانونية. ولهذه السبب بالذات تم التحايل عليها بإجراءات سياسية تتنافى مع نصوصها و أُعلن الحرب عليها رسمياً عام 1994م من قبل دولة الجمهورية العربية اليمنية.

إن الجنوب بعد الاستيلاء عليه بالقوة العددية المسلحة و بعد إن صار بالفلك الهمجي اليمني أصبح يخدم احتياجات شعب الشمال.. و ضاعت مبادئ الوحدة و العدالة و مسألة بناء دولة حديثة للوحدة. و لسوء الحظ أنه بعد احتلال الجنوب قام النظام بتنفيذ مصالح البلدان التي كانت رافضة لنهجه العسكري ضد الجنوب.. و سعت تلك البلدان من خلال ضعف النظام و هشاشته إلى التقاضي عن جرائم النظام التي وقفت أصلاً ضدها عام 1994 رغم أنها تعرف أنه من المستحيل الدفاع عن وحدة جاءت بالقوة و ضد إرادة أهل الجنوب، و كما قال لنا من قبل مثقفي تلك البلدان و هي حقائق معروفة جداً على كل حال، فإن هذه ” الوحدة ” هي لا شيء أكثر من محاولة لتأمين أطماع تلك البلدان و استمراراً للسيطرة العسكرية و الأمنية في الجنوب برضا تلك البلدان و بوسائل سياسية ملتوية من أجل ضمان مصالحها الإستراتيجية المنافية كلياً لمصالح الشعبين في الشمال و الجنوب. و مهما يكن فإن الجنوبي يسأل بطريقة مشروعة ما إذا كانت مثل هذه المواقف من قبل دول جاره لنا صحيحة أخلاقياً ؟ أو حتى يمكن اعتبارها قانونية و هي تتعارض مع مصالحها أصلا ومع الأغلبية الساحقة لشعب الجنوب ؟!.

ومن هنا إننا نعتقد أن من الصعب إنكار الحقائق التالية حول مسألة ” الوحدة “التي يتغنى بها النظام:

أولاً: إن تلك الوحدة هي اتحاد مفروض بالقوة العسكرية و لا تضع اعتباراً لإرادة الشعب الجنوبي، و لا حاجة لإعطاء أي دليل بهذا الصدد إذا ما نظرنا فقط إلى الطريقة التي تمت بها عام 1994م، و كما نعرف جميعاً، معرفة جيدة، لم يجرى أي استفتاء لشعب الجنوب حول الوحدة عام 1990م .. فقد سويت المسألة كلياً بين الحزب الاشتراكي اليمني (الجنوب) و المؤتمر الشعبي العام (الشمال) و هما حزبان غير منتخبان من قبل الشعبين في الجنوب والشمال .. و فيما يتعلق ببقية الإجراءات التي تمت بعد إعلان الوحدة لم يستشار بها أيضاً سكان الجنوب و لا قواه السياسية و الحزبية التي كانت قد ظهرت بعد إعلان التعددية السياسية من قبل الرئيس الجنوبي علي سالم البيض نهاية عام 1989م…خاصة وان الرئيس البيض قد تنازل عن بعض المطالب في سبيل إرساء مبدأ التعددية وحرية الصحافة.

ثانياً: لو نظرنا إلى اتفاقيات إعلان الوحدة بين الدولتين ج. ع. ي. و ج. ي. د. ش. سنجد أنه لا شيء في هذه الاتفاقيات يمس سيادة الشعب الجنوبي على أرضه.. و يكفي القول في النهاية أن هذه الاتفاقيات جعلت التقاسم بين شريكي الوحدة أساس الحكم.. و بهذه الطريقة فإن الدولتين كانتا موجودتان في الجنوب و الشمال و حقوق الشعبين كانت موجودة أيضاً حتى أن الرئيس علي سالم البيض أعتكف في عدن و لم يمسه النظام بشيء لأنه كان محمي بشعبه المحبط كلياً من الوحدة و بوطنه الأم – الجنوب – ثم إن الأشخاص الوحيدين الذين استفادوا من تلك الاتفاقيات كانوا الاشتراكيين الشماليين الذين احتضنهم الحزب لحملهم معاً مشروع إيديولوجي اشتراكي، و هم الذين وقفوا مع النظام في وطنهم – الشمال – عندما نشبت حرب 94م و انضموا إلى أهلهم هناك بعد سقوط شراكة الحزب الاشتراكي بالسلطة.

ثالثاً: إذا كانت اتفاقيات الوحدة بين الدولتين في صنعاء و عدن تتناقض أساساً مع ميثاق الأمم المتحدة و حقوق الإنسان و كونها جرت و شعب الجنوب منكرة حقوقه من قبل الحزب الحاكم الوحيد – الحزب الاشتراكي اليمني – و مقيدة إرادته و حريته بقيود مختلفة، فإن حرب 94م التي شنت عليه كما شن الصرب حربهم ضد البوسنة و أحدثت جرائم شنيعة و مقابر جماعية للأطفال و النساء و المسنين تعتبر جريمة جنائية موجهة ضد الإنسانية و المجتمع الدولي، و لابد من التحقيق فيها من قبل الهيئات الدولية. و مهما يكن من الشدة التي تستعمل للقضاء على فكرة فك الارتباط لدى الجنوبيين فإنه لن يُستطاع إرضائهم بما دون فك الارتباط وتحقيق الاستقلال.

رابعاً: إن نظام صنعاء بعد انتصاره على الجنوب عام 94م أتبع، بلا كلل، سياسة نهب الأملاك العامة و الخاصة بصورة بشعة و غير أخلاقية، و عمل على إسكات جميع وسائل الرفض القانوني و التعبير السلمي و أرتكب جرائم جديدة ضد شعب الجنوب راح ضحيتها المئات من الشهداء و الجرحى، و ساهم في التردي الأخلاقي و تدمير الإدارة التي ورثها الجنوبيون عن بريطانيا، فبدون تلك الإدارة فإن دولة الجنوب السابقة ما كانت لتساوي شيئاً.

وهناك الكثير من الحجج القانونية و التاريخية المناهضة لدعوة نظام صنعاء بأن الجنوب جزء عاد إلى الأصل، إذ أن كل هيئات الدولة (البرلمان و الحكومة) تُنتخب دستورياً. و بالأخير فإن حكومة ما بعد إعلان الوحدة لم يكن لديها حق ولا سلطة حول الجنوب ولا التصرف بمستقبله، وكان لابد بالأخير لنظام صنعاء من شن الحرب للاستيلاء على الجنوب.

إننا في الجنوب نجد من الصعب تفهم سياسة نظام صنعاء في سياق الحقائق القائمة على الواقع.. فقد كان يتحدث عن الديمقراطية و تداول السلطة سلمياً و حرية التعبير، و هو بذلك كان يعتقد أنه يخدم مصالحه الذاتية في الشمال لجعل سيطرته أبدية على الجنوب، و ضد رغبات الشعب الذي ظل يناضل منذ فترة ما بعد الاستقلال من أجل استعادة حريته و بناء دولته الوطنية الديمقراطية.

لقد تحدث الرئيس الجنوبي علي سالم البيض بوضوح و دقة تاريخية عن الآمال التي صُنعت في الجنوب لإنشاء الاتحاد مع الشمال.. و عن الفخ الذي صنع في الشمال لالتهام الجنوب، و لا حاجة لنا لأن نأخذ وقت القارئ بإعادة ما قاله حول هذه النقطة. و الحقيقة اليوم هي، أن شعب الجنوب يكافح سلمياً لفك الارتباط عن أشقائه في الشمال و استعادة دولته.

لقد حرم شعب الجنوب خلال عقد و نصف من الزمن منذُ 1994م وحتى اللحظة من أرضه و ثروته ومن المشاركة الحقيقية بالحكم، و صار أبناء الجنوب جالية ضمن الجاليات الأجنبية الأخرى و شجع نظام صنعاء سكان الشمال بالقدوم إلى الجنوب و نهبها تحت حماية قوات الأمن المركزي و الجيش و الاستيطان فيها .. حتى أصبح تجار الشمال هم الطبقة المفضلة لديه في الجنوب…

إن سياسة نظام صنعاء استهدفت الاستيلاء على أراضي الجنوب و مزارعه حتى تظهر إلى السطح مصالح متضاربة ومتعادية، مما يجعل فك الارتباط عملية نوعاً ما أكثر صعوبة. و إن ظهور ما يوحي بذلك حدث خلال الانتخابات العامة لأعوام ما بعد حرب عام 94م لفوز مرشحي الحزب الحاكم، إذ منح أبناء الشمال وثائق شخصية جنوبية ليحق لهم الانتخاب و الترشيح، فأدى ذلك إلى مقاطعة الانتخابات بنسب عالية جداً من قبل الجنوبيين المقيدين في جداول الناخبين وغيرهم من الذين رفضوا تقييد أسمائهم…

وبعد الاعتقالات الكبرى التي تعرض لها رموز الحراك الجنوبي في 1 أبريل 2008م، اقترح الرئيس علي عبد الله صالح حكماً محلياً في الجنوب بهدف إسكات صوت الانتفاضة الشعبية العارمة، ثم اقترح مشروعاً جديداً لانتخاب المحافظين مع بقاء الأمن المركزي و الجيش و الأجهزة الأمنية الأخرى تحت القيادة المركزية.. إنه قرار يمكّن النظام المركزي من الإبقاء على سلطته و قوته داخل الجنوب.. في الوقت الذي يظهر أمام العالم و كأنه نظام شبه ديمقراطي و مقبول.

إن الحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي يهدف إليه النظام قد اُعدّ بطريقة تمنحه البقاء في الجنوب بصورة شرعية، و تجعله يحصل على منفعة اقتصادية و مساعدات مالية من خلال التمسك بانتخابات شكلية و غير نزيهة. حتى أصبح المحافظ الجنوبي في الجنوب و كأنه المندوب السامي للسلطة المركزية.. يقدم لها الخدمات التي تطلبها .. فنظام صنعاء راح يؤسس نظام الحكم المحلي آملاً بذلك أنه سيحول دون مطالبة شعب الجنوب بحقوقه المشروعة.

وفي الوقت نفسه بدأت الأحزاب السياسية – كلها أحزاب شمالية – إلى المشاركة في كل تلك الانتخابات، بل و حظيت تلك الأحزاب بمساندة السلطة السياسية لأنها تدعوا إلى نفس مشاريع النظام، و لأنها لا تحبذ فكرة فك الارتباط.. و لكن بعد انفجار حرب صعده بدأت السلطة ترى فيها الخطر الحقيقي في الشمال – و ليس في الجنوب – على خططها و مشاريعها، و قد شنت السلطة في صنعاء حملة ضد أحزاب المشترك رغم أنها تعمل على امتصاص الحراك الجنوبي السلمي لأنها نددت بكل الجرائم و المجازر التي اقترفها النظام ضد أبناء الجنوب العُزل.

ثم قام النظام بتشكيل مليشيات مسلحة في كل محافظات و مديريات الجنوب لمواجهة الحراك الجنوبي بالقوة.. وأعطاها الحق في ضرب أو تفتيش منازل المشاركين في الحراك و رصد تحركاتهم و إبلاغ الأمن عنهم .. و كذلك توقيفهم و الرد على استفساراتهم.. وتعاملهم النيابة المتخصصة بالحراك الجنوبي السلمي كقتلة و قطاع طرق و محرضين.. ( أيام الاحتلال البريطاني للجنوب كان قادة النضال المسلح الذين يزج بهم في السجن يحكم عليهم بغرامات مالية بسيطة أو يتم نفيهم إلى الخارج.. و لم يكن هناك أشخاص معتقلون بدون محاكمة كما هو عليه الحال الآن، و إن تمت محاكمات كانت أقصى التهم الموجهة إلى قادة النضال السياسي و المسلح هي مخالفات القوانين فقط) و يمنح الأمن المركزي – المتهم الوحيد بارتكاب مجازر جماعية في الجنوب – صلاحيات جلد المشاركين في الاعتصامات السلمية و ضربهم و تعذيبهم و سبهم بنفس تلك الكلمات التي سمعناها في سجن أبو غريب في العراق.. وهناك كذلك وزارة لحقوق الإنسان، لكنها هي نفسها أدانت الحراك الجنوبي السلمي و دعت إلى ملاحقة المشاركين فيه.

بعد انتفاضة الشعب الجنوبي جاءت فكرة تأسيس مجلس قيادة الثورة الجنوبية السلمية بعد ما صار واضحاً أن الشعب لن يقوى على تحقيق أهدافه إلا بتنظيم نفسه تحت قيادة واحدة موحدة.. و هو ليس حزباً سياسياً، و إنما مجلس وطني عام يمثل كل شرائح المجتمع الجنوبي, خاصة وانه نتج عن تراكم نضال وتضحيات شعب الجنوب التي أفرزت هيئات وطنية جنوبية كللت بالنجاح وذلك باندماجها معا تحت مسمى مجلس قيادة الثورة السلمية الجنوبية وأصبح المجلس الممثل الشرعي للشعب الجنوبي ويعبر عن تطلعات الجنوبيين وإرادتهم الموحدة وهذه المطالب يمكن تحديدها في النقاط التالية:

1- التحرر الكامل من نظام الجمهورية العربية اليمنية و فك الارتباط معه و إيجاد دولة جنوبية بنظام جديد يعكس إرادة الشعب الجنوبي.

2- تقديم مرتكبي الجرائم و المجازر التي ارتكبت ضد شعب الجنوب إلى القضاء، و إطلاق سراح كل السجناء السياسيين والمختطفين قسرا وعودة المنفيين إلى وطنهم، وإلغاء القوانين المصادرة للحريات و الضغط على نظام صنعاء بالخضوع لإرادة شعب الجنوب والعمل على تطبيق القرارات الدولية.

3- نطالب المجتمع الدولي والجامعة العربية بتشكيل لجنة (برضا مجلس التعاون الخليجي) للسير بإجراءات فك الارتباط بين الدولتين و أن يكون هناك حضور للأمم المتحدة.

4- يجب الحفاظ على أمن الجميع في الشمال كي لا يحدث تقسيم هناك بحكم التركيبة القبلية و المذهبية المتفجرة ..

5- أن الشمال والجنوب بدولتيهما يجب أن يعيشان في ظل سياسة إقليمية توفر الأمن والاستقرار للمنطقة.

خاصة وانه عندما شنت حرب 94م، ضد الجنوب فإن أغلب البلدان العربية احتجت بما فيها الجامعة العربية و مجلس التعاون الخليجي و الأمم المتحدة.. و يجب تذكر أن الجنوب كانت قبل حرب 94م دولة مستقلة بالكامل.. وهل يمكن التصور بجدية أن الشماليين الذين شاركوا بحكم الجنوب كان يمكن أن يسمحوا لنظام صنعاء الذين هربوا منه إلى عدن بالاستيلاء على الجنوب بدون إظهار -على الأقل- بعض المعارضة لو أنهم كانوا يؤمنون أن الجنوب جزء من اليمن؟ لا نظن أن أي إنسان عاقل يمكن أن يصدق أن هذا كان ممكناً.

أغلب أعضاء و قيادات الحزب الاشتراكي اليمني كانوا من الأشخاص الذين ولدوا في الشمال و قد عادوا إلى أرضهم بعد إعلان الوحدة و هل كانت تلك العناصر قادرة على مقاومة نظام يجسد مشروعها و ترفض الحرب ضد الجنوب؟!.

إنه لواضح – كما قلنا – أن المشاعر كانت مختلفة، و علاوة على ذلك فإن من استولى على عدن و الجنوب بقوة السلاح لم يحصلوا وحدهم على الغنائم و المنافع، و إنما أيضاً اغلب أبناء الشمال … نظراً لأن حرب 94م قد ضمنت للشماليين حماية ما ينهبوه. أنها كانت، بالطبع، حيلة من حيل النظام السياسي دخل بها الحزب الاشتراكي اليمني بحكم عدد الماركسيين الشماليين فيه.. و عندما أنهار الحزب الاشتراكي ظهر الفصيل الشمالي يقوده من جديد من صنعاء ضد الحراك الجنوبي السلمي، و هنا بالذات بدأت القطيعة بين الاشتراكيين الشماليين و الاشتراكيين الجنوبيين لاختلاف المصالح الوطنية و السياسية.. و أيا كان ما كان لدى الاشتراكيين الشماليين من سبب لتنفيذ مثل هذه السياسة فقد كانت النتيجة أن الاشتراكي احتفظ بوجوده في صنعاء و رأوا أن حزبهم مهدداً من قبل الجنوب لا من قبل الشمال.. وكل ما تحققه أحزاب اللقاء المشترك هو إثارة المعارضة للنظام و ليس موقفاً منها مع الجنوب…

هذا الترابط بين السلطة و القوى المعارضة لها أوجد قناعة عند الجنوبيين أن الشمال قد توحد فعلياً ( سلطة و معارضة ) لنهب الجنوب وإبادة سكانه.. و هكذا شهدت الجنوب تغيراً هائلاً، فما كان في أغلب الحالات مجرد معارضة جنوبية فردية تحول إلى انتفاضة شعبية كاسحة.

وهنا يمكن أن نشير إلى حقيقة تاريخية ثابتة و هي أنه في وقت كانت فيه الشعوب – في القرن الماضي – الخاضعة للاستعمار في العالم كله.. فإن سكان الجنوب لم يخضعوا أنفسهم على الإطلاق للحكم الاستعماري مباشرة بل كانت هناك معاهدات مكتوبة بعيدة عن أي تواجد عسكري أو أمني بريطاني، و تلك المعاهدات كانت شبيهة بمعاهدات مصر مع الاستعمار البريطاني الذي دخلها عام 1882م.. و اليوم فإن المعارضة الحزبية و السياسية في صنعاء لم تثير أي رغبة للحفاظ على الوحدة في نظر الجنوبيين، و من جانب ثاني أنه لو كانت هناك رغبة حقيقية لدى الجنوبيين في الوحدة فإن التجاوب مع دعوة لقاء التشاور الوطني الذي اشتركت فيه أغلب القوى الفعلية في صنعاء و خرجت بوثيقة شبيهة “بوثيقة العهد و الاتفاق” كان سيكون غير قابل للرفض من قبل الجنوبيين.. و حسبما حدث فإن غالبية جماهير الجنوب أبدت معارضتها الواضحة حتى لتلك الوثيقة التي قالت السلطة عليها أنها ” وثيقة الخيانة “.. و أنه لطبيعي أن تعتبر أحزاب اللقاء المشترك الحراك الجنوبي ومجلس قيادة الثورة السليمة غير شرعيان لأن ولاءهم هو لوطنهم و ليس للجنوب.. أما السبب الأخر في هذا فهو أن الجنوبيين غير واثقين من المعارضة، و لا رغبة لديهم أن يحكموا من السلطة أو أحزاب المعارضة.. فنحن نريد أن نكون أسياد أنفسنا، سادة على أرضنا، و قرارنا السياسي كما كنا منذ آلاف السنين.

إن شعب الجنوب مصمما على أن يصبح مستقلاً بذاته و العقبة الرئيسية كانت بالطبع تجزئة وانقسام الجنوبيين إلى عدة فصائل و هيئات صغيرة.. و جاءت النتيجة أن ثلاث هيئات توصلت إلى أتفاق بمبادرة من شخصيات جنوبية في الحراك، وفي 9 مايو 2009م أتحدت معاً لتأسيس (مجلس قيادة الثورة السلمية الجنوبية).. و منذئذ انضمت إليه شخصيات كبيرة في الداخل و الخارج.. و إن ذلك الاندماج التاريخي بين مكونات الحراك الجنوبي تم الموافقة عليه من قبل كل الهيئات في المحافظات و المديريات الجنوبية علاوة على أن قياداتنا الجنوبية السابقة واللاحقة جميعها تعيش في المنفى دعمت وتبنت هذا الاندماج الوطني.وعبر هذا المجلس سنؤسس ثقافة مجتمعية جديدة ونظاماً ديمقراطياً مناسباً و مفهوماً لشعبنا. نظام يقوم على التوفيق بين كل شرائح المجتمع وقواه السياسية و قوالب الديمقراطية التي لا تتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف، و سنرسي مفهوم جديد للانتخاب كون الانتخابات العامة ليست بجديدة على شعب الجنوب إطلاقاً فقد كانت حاضره منذ فترة ما قبل دخول بريطانيا الجنوب.. فمن الناحية التقليدية فإن القبائل كانت تنتخب زعماءها، و إن كان ليس بصناديق الاقتراع والأصوات، وإنما بالنقاش المفتوح و الاتفاق فيما بينهم.. فهذه الممارسة التي أرسيت بطريقة نزيهة منذ القدم هي التي خلقت المدنية في الجنوب.. و نحن نؤمن أن تلك الممارسات كانت ديمقراطية بحق و من السهل بعد فك الارتباط إدخال إجراءات انتخابية أكثر رسمية من تلك..حتى لا نكرر الطرق غير الديمقراطية التي شابت نظام الجنوب السابق ،وكذلك تكرار الاتفاقيات التي حصلت بين دولة الجنوب ودولة الشمال قبل وبعد إعلان الوحدة. ونعتقد انه كان هناك سوء فهم من قبل نظام صنعاء لاتفاقيات الوحدة، لذلك يتحتم علينا أن نذكر:

أولاً: أن دولة الجمهورية العربية اليمنية بعد توقيع إعلان الوحدة ليست لديها أية سلطات فيما يتعلق بدولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، أي أن تلك الاتفاقيات لم تمنح دولة الشمال حكم دولة الجنوب.

ثانياً: إن بعض الوزارات التي اندمجت بالمناصفة و بالرغم من امتلاكها لما يسمى ( سلطات مشتركة) للنظر في بعض القضايا الثانوية ، إلا أن هذه في الحقيقة سلطة لم تستخدم أبداً في الفترة من 90م – 1994م لا في الشمال ولا في الجنوب .. حيث ظلت كل دولة تحكم شعبها تماماً كما كان قبل إعلان الوحدة عام 1990م.. و إن تسيير أمور الحكومة من خلال (السلطة المشتركة) بين الشماليين والجنوبيين داخل كل وزارة كان يستحيل استخدامها نيابة عن مؤسسات الدولة السابقة القائمة في الجنوب أو القائمة في الشمال .. و في الواقع فإن كل نظام من النظامين كان يسيطر على وطنه و كيانه السابق.. و على كل ناحية من نواحي الحكم، أي أن دولة الجنوب ظلت تحتفظ بالسيادة على أراضيها حتى يوم 7/ 7/ 1994م عندما دخلت القوات القبلية العسكرية الشمالية إلى عدن.

وكمثال على ما نقصده، حتى ممكن أن يكون مثال خارجي، فإننا نريد أن نذكر أن احتلال العراق للكويت قد أحدث أول فراق سياسي بين طرفي الوحدة – الشمال والجنوب -. حيث كانت للشعب الجنوبي وجهة نظر قوية حول هذا الاحتلال الدموي الذي احدث سابقة خطيرة في الوطن العربي.. و قال البيض حينها : ” إن الشعب الجنوبي كانت له وشائج مع الشعب الكويتي لا يمكن أن نتسبب في قطعها” و كرس البيض جهود كبيرة للتأثير على الرئيس علي عبد الله صالح وقد نجح في الحد من اندفاع صنعاء لمساندة العراق عسكرياً رغم أن القيادة الجنوبية كانت تعيش بين سندان الوحدة و مطرقة الغزو العراقي للكويت.

والنقطة الأخرى، نريد أن نؤكد فيها شيئاً عن وضع الجنوب وعدن خاصة.. إن عدن هي الآن تعاني من بطش وتغيير ديموغرافي واسع و رغم وجود المكاتب الحكومية شكلياً إلا أنها تخضع لحكم الأجهزة الأمنية.. و إنه لا شيء يعمل من أجل سكان عدن، و ما يقال غير ذلك فهو بعيد جداً عن الصدق. وقد حدث تقدم في مد الطرقات والكهرباء والمياه إلى المستوطنات السكنية و الزراعية التي يمتلكها المتنفذون الشماليون بعد طرد الملاك والسكان الأصليين منها بالاستعانة بالأمن المركزي والجيش.

ذا فالقضية الجنوبية من خلال ما ذكرناه تبدو واضحة في حد ذاتها.. و شعب الجنوب من خلال “المسيرات المليونية” أظهر رغبة في أن يروا المجتمع الدولي والجامعة العربية تطبقان قرارا ملزما لنظام صنعاء من شأنه جعل حرب 94م حرب غير شرعية، و أن تطبق القرارات التي اتخذت بشأن احتلال العراق للكويت على الجنوب، هذا ما حصل منها فعلاً عام 1994م قبل أن تستولي القوات القبلية والعسكرية على الجنوب و بعده.. و بقدر كون الجنوب كانت تديره دولة متمتعة بالعضوية في الجامعة العربية والأمم المتحدة و بكافة الهيئات الدولية، و هي دولة وافقت دون استفتاء شعبي على الدخول بشراكة مع دولة جارة أخرى وفشلت هذه الشراكة.. فإننا نعتقد إن واجب المجتمع الدولي والجامعة العربية تناول هذه القضية بجدية و بأنه يجب تأكيد حق شعب الجنوب في فك الارتباط وتحقيق الاستقلال.

وثيقة تاريخية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب (4)

وعلى أساس من هذا القرار فإننا نشعر بأن خطوات عاجلة يجب اتخاذها لنقل كل السلطات إلى سكان الجنوب، بدون أي شروط أو تحفظات، طبقاً لإرادة الشعب المعبر عنها بتلك التضحيات الجسيمة.. لذلك فإن أول خطوة ملموسة هي وضع الخطوات المناسبة التي ستمكن شعب الجنوب من استعادة دولته.. و في رأينا أن هذه الخطوات تشمل:

أولاً: عدم الاعتراف باتفاقيات الوحدة التي لم تكن حتى محل مشاورات شعبية، سواء في شكل استفتاء أو من خلال التشاور مع القوى الوطنية الجنوبية في الداخل و الخارج.

ثانياً: عدم الاعتراف بنتائج حرب 1994م، وهذا ما جاء فعلاً في قرارات الجامعة العربية خلال فترة الحرب و قرارات مجلس التعاون الخليجي و قرارات الأمم المتحدة.

ثالثاً: عدم حل المجالس المحلية في المحافظات الجنوبية خاصة وإن أغلب أعضاءها قد أنضم للحراك الجنوبي السلمي حتى تتم انتخابات جديدة.

رابعاً: لابد من مشاركة بلدان مجلس التعاون الخليجي في مسألة فك الارتباط حتى تولد دولة قوية و في سلام مع جيرانها. بل إن المشاركة في معالجة المحنة التي يمر بها الجنوب اليوم تفرض على بلدان المنطقة التزاماً دينياً وأخلاقياً وقانونياً.

خامساً: لابد من وجود حكومة مستقلة في الجنوب حتى يستفتى الشعب عليها، لأن وحدة 22مايو 1990م ببساطة كانت مشروع نوايا حسنة وثقافة قومية وأممية وتعبيراً عن الثقة في أن النظامين في صنعاء و عدن يستطيعان العمل معاً من أجل المصالح المشتركة للشعبين ككل.. و لكن هذا المشروع لم يتحقق مع الأسف و ما حرب 94م التي شنت ضد الجنوب إلا دليل على ذلك.. و لقد جرت كثير من المحاولات من قبل بعض الجنوبيين لرفض أي اتحاد بين دولتين بدون أسس صحيحة.. و أكدوا أن الوحدة الاندماجية هي عامل معوق لمشروع الوحدة العربية نفسه. و الرئيس اليمني نفسه لم يكن يرغب حتى في توحيد وزارتين خوفاً من جيش الجنوب الفتاك الذي وصل إلى مأرب و ذمار عام 1979م و كادت صنعاء لولا التدخل العراقي أن تسقط بأيدي الجنوبيين و كان مقترحه أن تكون هناك وحدة كون فدرالية.. و اليوم فإنه يجب التوضيح أن مسألة هذه الوحدة متروك أمرها لشعب الجنوب نفسه و ليس لنظام صنعاء الذي دخل عدن بالقوة العسكرية.

سادساً: لابد من إرسال بعثة زائرة من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى الجنوب، و ينبغي أن لا يكون ضرورياً إذا أعترض النظام في صنعاء على ذلك أن تزور الجنوب كله.. لكن يمكن أن تزور المناطق المحررة سلمياً منه والتي تتمتع بحكم نفسها تحت السلطة المحلية.. إن النظام حتماً سيقول أن ذلك يشكل تدخلاً في الشئون الداخلية لسلطاته، و إن هذا القرار سيكون غير مقبول من جانبه، و نحن نقول إن كان ذلك غير مقبول، فهل سياسته في الجنوب مقبولة من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية..؟!وهل يحق للنظام الذي استولى على الجنوب بالقوة عام 1994م أن يحمل الجامعة العربية على تغيير موقفها والانصياع إلى رأيه؟.. و إن كانت الإجابة من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية بنعم فلماذا إذاً تتدخل بشئوننا نحن الجنوبيين؟!

فإذا كان النظام لا يرغب في أن يكون للمجتمع الدولي أي دور في تمكين شعبنا من فك الارتباط.. وبحكم إننا كنا دولة نتمتع بعضوية كاملة في الأمم المتحدة والجامعة العربية و دخلنا بشراكة مع دولة جارة بحكم ظروف كثيرة، و تريد هذه الدولة أن تخطط إلى فرض وحدة شكلية زائفة يرضى بها القوميون العرب، و يخفي خلفها هيمنته على جنوبنا الحبيب، و يحول دون وضع نواة سليمة لوحدة عربية قادمة بإذن الله لتحقيق أسمى أهداف الأمة العربية وأعزها على الإطلاق، فهل هذا يتوافق مع ميثاق الجامعة العربية والصكوك الدولية؟! لاسيما و أن نظام صنعاء يعمل منذ عام الحرب (1994م) وخلال وجود جيشه و أمنه في الجنوب للحيلولة دون تحقيق الأمن والاستقرار مستخدماً في مناهضتهما كل الوسائل القمعية والمؤامرات.. فهل الوحدة هي أن تنهب أراضينا وأملاكنا؟ هل الوحدة أن ترتكب المجازر ضد مواطنين عزل، و هي جرائم أبشع من جرائم شارون ضد الشعب الفلسطيني؟ هل الوحدة أن يأخذ أولادنا القُصّر إلى سجون صنعاء كرهائن حتى يسلم رموز الحراك أنفسهم للنظام ؟! هل الوحدة أن يفتي مفتين النظام من الشماليين بقتل أطفالنا و نساءنا والمسنين من أبناء الجنوب و إن الانفصالي هو مرتد عن الإسلام؟!(هناك وثائق تثبت ذلك).

كان قد قيل من قبل نظام صنعاء إن الحراك الجنوبي السلمي ” فقاقيع ” مرفوعة بروح الانفصال. دعونا نفصل الموضوع بواقعية، لو كان الحراك الجنوبي عبارة عن ” فقاقيع ” هل كان يمكن أن يسانده الملايين من أبناء الجنوب الذين خرجوا وصدورهم عارية منتظرين رصاص نظام صنعاء؟ ..لا، و هل مطلب “فك الارتباط” هو مطلب الرئيس علي سالم البيض و علي ناصر و العطاس؟ .. لا، بل كل الجنوبيين يريدون فك الارتباط. و كما نشهدكم على أن وسائلنا النضالية لم تكن لتخرج عن الوسائل السلمية المشروعة، و إن الحركة الشعبية الجنوبية لم يتعد حدود أهدافها إلى أي عبث ما بحقوق الشماليين المتواجدين في الجنوب قبل الحرب و الذين يشكلون مع أبناء الجنوب نسيجاً اجتماعياً ، أو حدود حسن العشرة التي اعتادوا أن يجدوها في بلادنا منذ سنوات طويلة و أصبحنا نشكل معاً أسرة واحدة.

ولا شك عندنا في أن المجتمع الدولي والجامعة العربية تشاركنا في الإقناع بهذه الحقائق التي لا بد أن تكونوا علمتموها ،توجد ملفات متنوعة حول الجرائم التي أقترفها النظام ضد شعب الجنوب ابتدءا من نهب الأرض و تشريد ملاكها الأصليين( أحد المتنفذين الشماليين نهب أرض مساحتها تساوي مساحة قطر و البحرين)و ردم شواطئ عدن و المكلا و بناء فُلل للمستوطنين الشماليين، الاستيلاء على منازل و مزارع المواطنين، قتل الناس في الشوارع – قبل الحراك الجنوبي – لإيجاد الهيبة لكل من هو شمالي، الاستيلاء على كل أملاك الدولة السابقة في الجنوب ( مبانيها ومؤسساتها و أوقافها و مزارعها و مصانعها و ورشها و غيرها) طرد و تعقيّد سبعمائة و خمسين ألف موظف جنوبي من السلك العسكري و الأمني و المدني بدون أي حقوق تذكر، رفض التحقيق في الجرائم التي تقترفها الأجهزة المنية في الجنوب و يظهر إفلاتها من العقاب جراء الانتهاكات التي تمارسها ضد الجنوبيين، و يقوم الادعاء العام كذلك بإغلاق أي تحقيقات بهذا الخصوص.. و مازلنا نطالب الهيئات الدولية بالتحقيق في كل الجرائم التي نفذت ضد أبناء الجنوب بما فيها جرائم حرب 1994م…

حيث كانت حرب الشمال ضد الجنوب عام 1994م حرب فريدة من نوعها، حرب غطتها كل القنوات الخليجية و العربية و العالمية و شهدها العالم كله و شهد تلك الجرائم اللاانسانية التي ارتكبت ضد سكان الجنوب و أهل عدن خاصة.. و هناك أدلة قوية على ارتكاب القوات الشمالية جرائم ” إبادة جماعية ” تمثلت في ضرب عدن بالصواريخ و الطائرات والمدفعية و قطع الكهرباء والمياه والاتصالات على السكان هناك .. وهذا يخالف اتفاقيات إعلان الوحدة بين الدولتين والاتفاقيات والمواثيق الدولية، بما في ذلك القتل المتعمد لأسر بأكملها و ضرب عدن بالصواريخ و الطائرات و المدفعية كان يهدف إلى إلحاق أقصى ضرر بالسكان و التدمير الكبير للممتلكات العامة و الخاصة، وإن هذه الانتهاكات تدعم إمكانية توجيه اتهامات على أساس ” المسئولية الإجرامية الفردية ” خصوصاً في حالات استهداف المدنيين في مدن وقرى الجنوب، ما يشكل جريمة حرب بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية. و قد طالبنا حينها مجلس الأمن الدولي بأن يضع المسألة أمام الأعضاء للتصرف بموجب الفصل السابع وإحالة القضية إلى محكمة خاصة بجرائم الإبادة الجماعية (حينها لم تكن المحكمة الجنائية الدولية قد تأسست).. و إجراء تحقيق ذي صدقيه يتسق مع المعايير الدولية و بإشراف حقوقي دولي.. و قد قامت عدد من المنظمات الدولية و حقوق الإنسان بجمع الأدلة و البراهين من خلال الرصد و التوثيق وجمع المعلومات عن الضحايا من الأطفال و النساء و المسنين.

ونحن اليوم في نفس الاتجاه نطالب مؤسسات حقوق الإنسان العربية و الدولية و مؤسسات المجتمع المدني ممارسة الضغط على نظام صنعاء بعدم تكرار تلك الجرائم غير إلانسانية .. خاصة و إن الجرائم مازالت ترتكب ضد الجنوبيين و بشكل يومي وحث الجامعة العربية و المجتمع الدولي من أجل محاسبة المسئولين الشماليين و عدم إفلاتهم من العقاب.

بل لعلنا نؤكد إن هذا الأوان قد آن منذ زمن ما بعد حرب 94م حين سطت عصابات قبلية و عسكرية و أمنية عل أملاك و ثروات الجنوبيين سطواً مسلحاً في وضح النهار، و حين تسببت بالنكبة الجنوبية عبر سياسات نهب أرض الجنوب و تدمير مؤسسات الدولة فيه و إلغاء الحياة المدنية.. و الذي علل محاسبة هؤلاء بالتأكيد ظروف عديدة لعل في مقدمتها انحياز بعض الدول الأجنبية السافر لنظام صنعاء و هيمنة قرارها على الأمم المتحدة و دخول بلدان الخليج بمشاكل صدام حسين و إيران و العراق و غيرها.. و لذلك يحق لنا أن ننتظر موقف الجامعة العربية إلى جانب شعب ما فعل أكثر من أن يسأل الأمة العربية و المجتمع الدولي أن يسمح له بأن يعيش كبقية شعوب العالم، بعد أن وصل إلى قناعة تامة بأنه لا يستطيع أن يعيش إلا بوطنه الذي سلب منه بالقوة و في زمن ضعفه.. و باستعادة دولته التي دخلت بشراكة مع دولة جارة أخرى.

ونحن نرى أن الدول العربية و الأجنبية و مجلس التعاون الخليجي و الجامعة العربية و مجلس الأمن الدولي قد كان لهم موقف واضح من حرب 1994م.. و قد ذكرنا موقف مجلس التعاون الخليجي عندما أشار بيانه يوم 4-5 يونيو 1994م ” أنه لا يمكن إطلاقاً فرض هذه الوحدة بالوسائل العسكرية ” و هناك قرارات دولية خاصة بحرب 1994م القرار رقم 924 و 631 لسنة 1994م، و كذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة رقم 764 (1994م) ، ثم تقديم هذا التقرير وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 924(1994م) و يطلب التقرير من ضمن أمور أخرى إرسال بعثة تقصي الحقائق إلى المنطقة حال ما يمكن ذلك، و تقرير الأمين العام لمجلس الأمن الدولي رقم 817 (1994م) ثم تقديم هذا التقرير وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 931(1994م) و الذي طلب بموجبه المجلس من الأمين العام و مبعوثه الخاص متابعة المحادثات مع جميع الفرقاء تحت أشرفهما و السعي إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار و بحث إمكانية إنشاء آلية مقبولة للطرفين يفضل أن تشارك فيها دول المنطقة.. و كانت الولايات المتحدة الأمريكية من ضمن الموقعين على قرارات مجلس الأمن رقم 924 و 931 لسنة 1994م، بل و اعتبرت دخول القوات الشمالية إلى عدن خط أحمر و رفضت فرض الوحدة بالقوة.

وانطلاقا من هذا الموقف الدولي و الأمريكي يعتبر الوضع الحالي في الجنوب غير قانوني وإن نظام صنعاء شكل خرقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي و إن دخول عدن بالقوة والاستيلاء على الأملاك هناك قد يؤدي إلى رحيل السكان و هذا أيضاً مخالف لوثائق الأمم المتحدة ، و فضلاً عن ذلك إن المواثيق الدولية التي وقعت عليها الجمهورية اليمنية تحدد نصاً أن السيطرة على الأراضي الخاصة و العامة المرتبطة بالسكان يشكل مساً بالأملاك الشخصية مما يشكل خرقاً لنصوص تلك الوثائق، و الناحية الأخرى تتعلق بقانونية نهب الأرض في الجنوب على ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان.. فالجنوب ليست أرض بلا مالك، واعترفت الأمم المتحدة إن النزاع في اليمن هو نزاع بين دولتين، فالجنوب كان دولة بذاته قبل إعلان الوحدة و الشمال كان دولة بذاته كذلك.. و الدولتين كانتا لهما عضوية في كافة المحافل الدولية و لذا من حق الجنوبيين أن يرفعوا قضيتهم أمام المجتمع الدولي، لأن الشراكة التي أعلنت بين الدولتين الجنوبية و الشمالية عام 90م تحولت عام 94م إلى احتلال الشمال للجنوب و ما يجري اليوم في الجنوب يؤكد ذلك الاحتلال و ما على الدولة الشمالية إلا تطبيق نص النظام رقم (43) من أنظمة لاهاي الصادرة عام 1907م ، و إن اليمن كعضو في الجامعة العربية و في منظمة الأمم المتحدة عليه التزامات تتطلب منه اتخاذ خطوات لتطبيقها خاصة قرارات مجلس الأمن و الجامعة العربية و التعاون الخليجي لعام 1994م.

في 24 يوليو 1994م برز استياء شديد في أوساط مجلس الأمن و الأمانة العامة للأمم المتحدة من تصعيد صنعاء قصف عدن بكافة أنواع الأسلحة مع إن عدن مدينة و ليست جبهة قتال، و شدد سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن في اجتماع مع وزير التخطيط في حكومة صنعاء عبد الكريم الإرياني على أن قصف القوات الشمالية لعدن ليس من مصلحة صنعاء، بل قد تترتب عليه إجراءات من مجلس الأمن و إن ليس من مصلحة صنعاء اعتماد أسلوب الصرب مع البوسنة ، و أعرب مجلس الأمن عن قلقه إزاء استمرار قصف المدنيين في عدن ، و وجهت الولايات المتحدة الأمريكية أعنف تحذير لصنعاء في وقت استمر فيه القصف الشمالي على عدن .. و في بيان صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية اعتبر استمرار قصف عدن و للمرة الثانية خلال أسبوع و استمرار الهجمات على المدينة بمثابة ” خرق ” لقرار مجلس الأمن رقم (924) و حذر من أن استمرار العمليات العسكرية ” قد يتطلب اهتماماً عاجلاً من مجلس الأمن”، و حذرت وزيرة الخارجية من اقتحام عدن و طالبت صنعاء وقف قصفها لعدن فوراً، و سحب منصات إطلاق الصواريخ و قطع المدفعية من محيط عدن.

ونقلت مصادر بريطانية عن السفير البريطاني سير ديفيد قوله للدكتور الإرياني أن قصف عدن ” يترك انطباعاً يسهل المقارنة بين عدن و سراييفو”، مشبهاً الصرب بالقوات الشمالية، و لكن استمرار القوات الشمالية في قصف المناطق السكنية بمدينة عدن الذي راح ضحيتها مئات الأسر على رغم من النداءات الدولية تطالب بوقف إطلاق النار فوراً، و هذا يعتبر مخالف لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، و لو لم تكن سلطات صنعاء تخشى افتضاح حقيقة المجازر الوحشية التي أحدثتها في عدن من جراء القصف المتواصل على السكان و لمدة 70 يوماً لما قامت بمنع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي من زيارة عدن في منتصف عام 1994م، و نظراً لما كان الأخضر الإبراهيمي يوليه من الاهتمام الخاص بوقف إطلاق النار ليتمكن من زيارة عدن، بيد أنه لم يفلح في إقناع حكومة صنعاء بالعدول عن موقفها الرافض لوقف إطلاق الصواريخ على عدن، و عليه فإن اللجنة برئاسة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لم تتمكن من زيارة عدن و إجراء محادثات مع السلطات هناك.. و وصلت إلى المكلا- حضرموت حيث كانت المظاهرات تعم تلك المحافظة مستنكرة المجازر الجماعية التي ترتكب ضد المدنيين في عدن التي كانت تبعد مسافة سبعين كم من جبهات القتال.

وبعد دخول القوات الشمالية الجنوب استمر النظام يهدد باستخدام العنف و الإبادة ضد الجنوبيين، و قد نفذ وعوده فعلاً و ذلك بارتكاب عشر مجازر جماعية راح ضحيتها مئات القتلى و الجرحى وآلاف المعتقلين، كما تسببوا في موت بطيء لمئات الجرحى بعد أن رفضتهم المستشفيات الحكومية بأوامر عليا و كذلك ملاحقة المستشفيات الخاصة الذين يعالجون المصابين من المشاركين بالحراك الجنوبي السلمي.. و رفض تشييع الشهداء بموكب جماعي، على الأقل أسوة بفلسطين حيث تسمح إسرائيل بذلك النوع من تشييع الشهداء..وقد رفضت المحاكم المحلية النظر في الدعاوى المرفوعة من قبل المواطنين الجنوبيين الذين نهبت منازلهم و أراضيهم وأملاكهم، أو النظر في الجرائم الجنائية المرتكبة ضد المواطنين العُزل.

واليوم يواجه الجنوب حملة قمعية لا حدود لها و تشمل جميع أنحاء الجنوب.. و إلى حجب مواقع الانترنت الخاصة ب الحراك الجنوبي و مصادرة الصحف التي تتطرق إلى الحراك الجنوبي أو تذكر احتجاجه، و إطلاق الرصاص على أسرة رئيس تحرير صحيفة ” الأيام ” ومنعه من السفر إلى الخارج أو الخروج من منزله.. و قطع الاتصالات الهاتفية على أغلب المحافظات الجنوبية التي تشهد احتجاجات شبه يومية و تقييد التغطية الإعلامية للمظاهرات.. وإلى الاعتقالات الجماعية و تعذيب المحتجزين، و الحكومة اليمنية ملزمة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان و الاحتجاجات السلمية هي من الحقوق المكفولة دولياً.. كما أن هناك حملة عنف شنتها مليشيات الدفاع عن الوحدة التي شكلتها و ترعاها الدولة ، و تم تقسيم الجنوب إلى مربعات عسكرية و أمنية، و احتمال أن هذا العمل الذي تقوم به الدولة يؤدي إلى ارتكاب مجازر جماعية جديدة ضد الجنوبيين .. فالتحريض المباشر و تسليح مجاميع موالية للنظام هما جريمة تخضع للعقاب من قبل المجتمع الدولي.

أن النظام ملزم بالتقيد بالتزاماته القاضية باحترام حق شعب الجنوب في التعبير عن احتجاجاته بالطرق السلمية و التزاماته بموجب القانون الإنساني الدولي و القانون الدولي لحقوق الإنسان ، كما أن عليه ضمان حرية الجنوبيين في الدفاع عن أراضيهم و أملاكهم و من حقه أن يلجأ للقضاء المحلي للمطالبة بأملاكه المسلوبة، و إلى القضاء الدولي إذا تعذر ذلك.. و نحن نطالب النظام و السلطات القضائية بإجراء المحاكمات للمسئولين عن تلك الجرائم، لكن تبين لنا أن النظام السياسي لا يقوم و لا يرغب و لا يريد إجراء المحاكمات لتلك الجرائم.. و من هنا فلو كان النظام السياسي ليس مدفوعاً حقاً بروح الحرب و القمع لبلوغ أغراضه الخاصة هل كنت سأتكلم ضده في الجنوب؟ لا .. لو كان النظام السياسي وحدوياً فعلاً هل كنا سنتحدث ضده؟ لا.. مطلقاً.. و لكن بعد حرب 94م شعرنا أن ثمة عدواناً ضدنا يجري تنظيمه باسم الوحدة و تكتلات تتكون ضدنا في الشمال .. أما الوحدة الحقيقية سواء كانت مع الشمال أو مع أي قطر عربي فلا تهددنا، بل إنها على النقيض تجسد مشاعرنا الوطنية و نقاءنا العربي وروحنا الإسلامية.. بيد أن الوحدة التي يتحدث عنها النظام لها أهداف أخرى، إنها وسيلة للاستيلاء على أراضي الجنوبيين و لقمع الشعب و توجهاته الطبيعية و المشروعة، إن النظام لم يقل شيئاً للسيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية ، لم يقل على الإطلاق حول حقيقة أن هذه الوحدة التي يتحدث عنها النظام اُستخدمت و لازالت تُستخدم ضد سكان الجنوب و ضد ثقافة الوحدة العربية المنشودة.. وإن حفاظ النظام على هذه الوحدة بالقوة و سفك الدماء لم تتم لأن شعب الجنوب راضي عنها، و إنما لأن الشمال استولى على الجنوب في زمن استثنائي لن يتكرر أبداً.

إن وجود دعوات انفصالية في العراق أو السودان أو الساقية الحمراء و وادي الذهب هو أمر مختلف، لأن تلك المناطق تقع ضمن اختصاصات الأقاليم نفسها، و نفس الشيء ينطبق على بلدان أجنبية أخرى (كندا و اسبانيا) فيها مثل هذه الدعوات الانفصالية .. و لكن الدعوة إلى فك الارتباط من قبل شعب الجنوب هذا لأن الجنوب كان إقليم تحكمه دولة، و لم يكن يوماً ما شعب بدون دولة.

إننا يجب أن ننظر إلى الأشياء بواقعية، هل من أحد ضد الوحدات القطرية؟ طبعاً لا ..!! إن كل مواطن في المعمورة يتمنى أن تربط دولته بدولة جارة علاقات اتحادية أو تجارية و غيرها.. لكن لماذا يجب أن تتم الوحدة تحت تهديد المدفع؟ هل هذا متفق مع مصالح المجتمع الدولي والأمة العربية؟ طبعاً لا ..!! وعلى المنظمات الدولية والإنسانية أن تسأل نظام صنعاء من أجل من قامت هذه الوحدة ؟ و عن أي مصالح تدافع؟ و أي نوع من المصالح للجنوب فيها؟ و كما نعرف جيداً أن تلك المصالح تشمل مواصلة استغلال الجنوب بمشاعر العرب الوحدويين، و اللعب بالأمة العربية انطلاقا من هذه الآمال و الأحلام.. و قد نجح النظام الهمجي فعلاً في أنه جعل من عظام أطفال الجنوب “نقوس” بخور يوزعها على منازل القوميين العرب لكي يقفون إلى جانبه.

إن نظام صنعاء يقول أن سكان الجنوب راضي بهذه الوحدة التي تعمدت بالدم و مازالت تتعمد كل يوم بالدم، إذا لماذا من الضروري أن تتعمد الوحدة بالدم إن كان شعب الجنوب راضياً عنها؟ و لماذا لجأ النظام إلى تأسيس مليشيات مسلحة من المواطنين للدفاع عن وحدته المزعومة؟! .. إن كل ذلك مجرد تزييف لإرادة شعب الجنوب،وللإرادة الدولية حيث يستغل نظام الاحتلال شعار الوحدة لإقامة نظام غير وحدوي.. واليوم من ذا الذي يستطيع حصر عدد ضحايا هذا الصراع من أجل فك الارتباط؟ و لماذا كان من الضروري خوض حرب 94م التي راح ضحيتها – حسب إحصاء نظام صنعاء- أثنا عشر ألف قتيل و أكثر من مئة ألف جريح؟.. وان كان الجنوب قد سلم دولة وعاصمة ورئاسة من أجل الوحدة وأراد أن يثبت إخلاصه وذلك بتنازله ذاك من أجل تأسيس نواة للوحدة العربية تعيد شيء من الإحساس بها، الا ان نظام الاحتلال خيب أملنا جميعاً عندما عرفنا أن هناك أطماع همجية من قبل القوى الحاكمة في صنعاء,تريد الأرض والثروة ولا تريد الإنسان .. واليوم نقول نعم لقد دخل الجنوب كشريك بالوحدة مع دولة صنعاء و لكن لا يعني هذا أن الجنوب انتهى.. نعم لقد فقدنا – بنقاء عربي و حسن نية – دولتنا، إنما ماذا نفعل اليوم؟ لقد أنكبينا على النضال السلمي و كما أنشأنا دولة عام 1967م، لا يوجد أي سبب يحول دون أن نفعل نفس الشيء اليوم؟!.. أن نبني دولة تقوم لا على الشمولية و إنما على الديمقراطية والحرية والأمان وتوفير الخبز والدواء للناس.

واليوم ما من مواطن شمالي واحد يستطيع، دون أن يحدث انفصالاً عن الوحدة الحالية أن ينكر أن مصالحه هي فوق مصالح شعب الجنوب سواء في فك الارتباط أو في الوحدة، و أصبح حكم الجنوب يدار من قبل أشخاص موفدين عسكريين و أمنيين يعتبرون أنفسهم “عمالقة الوحدة العربية” مستعدين للتضحية بسكان الجنوب كله في سبيل أن يروا ثرواتهم تزداد و تتكاثر أملاكهم و تجارتهم غير المشروعة والقائمة على السطو والعنف والإجراءات الوحشية و المجازر الجماعية التي تقترفها السلطات الأمنية ضد أبناء الجنوب الأبرياء.

ونظام صنعاء لم ينكر على الجنوبيين أبسط حقوقهم الإنسانية فقط و إنما خلق أيضاً جواً من الرعب والاضطهاد إلى جانب وضع العقبات في طريق المعالجات المقترحة داخلياً و خارجياً.. إضافة إلى لجوئه إلى كل وسيلة للعنف والقمع.. ويقول نظام صنعاء و يكرر القول بأن انتفاضة شعب الجنوب عُمل على إذكائها من الخارج من إيران و غيرها، و ذلك غير صحيح، إذ أن انتفاضة الجنوب الكاسحة كانت تلقائية من قبل الشعب، و إن شعب الجنوب لديه ثقة كبيرة بنفسه أولا وبدول مجلس التعاون الخليجي و الجامعة العربية و الأمم المتحدة و يؤمن بأنها لن تتخلى عنه في كفاحه السلمي من أجل حقوقه المشروعة، و يريد منها أن تمارس ضغطاً مؤثراً على نظام صنعاء يحمله على فك الارتباط الذي يطالب به شعب الجنوب خاصة و إن تلك الإجراءات القمعية قد أوجدت إجماع جنوبي على أن هذه الوحدة وحدة مزيفة و مصطنعة يسيطر عليها نظام الجمهورية العربية اليمنية.

انتهى
 
قديم 08-03-2012, 03:07 AM   #84
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


Sadaaden.com - 2012-08-02
ثمانيني يمني يتندَّر على ترك الجنسية السعودية
قال مواطن يمني تجاوز الثمانين من عمره أنه تخلى عن الجنسية السعودية التي كانت تسمى حينها "التابعية" من أجل الاستقرار في بلده بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، معبرا عن الحسرة والأسى حين اكتشف لاحقا أن أغلب المسؤولين الذين تصارعوا على كراسي السلطة في اليمن الجمهوري كانوا يتهافتون من أجل الحصول على جنسيات أجنبية كملاذ آمن من تقلبات الأوضاع في البلد.

محمد عبدالغني مدهش الذي قضى أغلب سنين عمره مغتربا في السعودية ومعاصرا في مهجره لخمسة ملوك أولهم المؤسس عبد العزيز آل سعود، روى حكايته لـ"العربية.نت" قائلاً: أنا من مواليد محافظة تعز مديرية شرعب الرونة في 1930 وكانت منطقتنا حينها تعيش مفارقة عجيبة؛ مئات العائلات اليهودية اليمنية الغنية "التي نزحت الى إسرائيل بعد 1948" وعشرات الآلاف من اليمنيين المسلمين الذين يعيشون في فقر مدقع وحالة مجاعة، وهو ما حرك في نفوس الناس دافع الهجرة إلى بلدان عديدة أبرزها المملكة العربية السعودية التي كانت آنذاك في باكورة تأسيسها وبدايات ظهور النفط.

وأضاف عبدالغني: سافرت إلى السعودية تقريبا في 1946 وكانت إجراءات الهجرة حينها بسيطة وميسرة حيث كان يسمح لمن يحمل جوازا أن يصطحب معه 3 آخرين كمرافقين، فكان أخي الكبير حسن يملك جوازا وكنت أنا ضمن ثلاثة مرافقين مدرجين في وثائقه، وقطعنا المسافة مشيا على الأقدام من قريتنا في ضواحي تعز الى مدينة جدة في 29 يوما وكنا نمر على القرى السعودية خلال الرحلة فنستريح في المساجد وكان أهالي تلك القرى يضيفوننا باعتبارنا غرباء ويغمروننا بكرمهم العربي وفي جدة استقبلنا أناس من أهالي قريتنا كانوا قد سبقونا إلى الغربة.

ومن جدة انتقل عبدالغني مع آخرين في اليوم التالي إلى مكة عبر سيارة كبيرة كانت تسمى "الحساوي" وتنقل ركابا في طابقين وهناك في مكة "طفنا وسعينا حول البيت العتيق ونمنا في الحرم حيث لم يكن ممنوعا ذلك، وبدأت رحلة العمل في الغربة في مخبز بمكة فكنت أحمل الخبز فوق راسي وأوزعه على الأسواق وبمعاش 30 ريالا في الشهر، وبعد سنوات قليلة تنقلت بين مكة وجدة والرياض وخميس مشيط كشريك في مطاعم ومطابخ وكان آخرها مع "القرموشي" للفول الشهير بجدة.

التاجر اليهودي

وقال إن أول مبلغ جمعه من غربته أرسله لإنقاذ والده الذي كان مدينا لتاجر يهودي شهير في شرعب اسمه "شُكر أفرائي" الذي كان يستعيد مديونياته من اليمنيين المسلمين تأهبا لمغادرة البلاد بعد قيام دولة إسرائيل في 1948. وشرح محمد عبدالغني قصته مع ذلك التاريخ حيث قال "عندما جاءت حرب 1948 كانت الحكومة السعودية تجند متطوعين للقتال في فلسطين نصرة للأشقاء، فذهبت للالتحاق بالمتطوعين غير أن اللجنة المختصة ونظرا لغياب الفحص الطبي للسن كانت قد وضعت خطا أفقيا على الجدار لقياس أطوال المتقدمين فجاء طولي أقصر من الخط المحدد ولم يتم قبولي ضمن المتطوعين وكنت حزينا لذلك".

وعن قصته مع الجنسية السعودية والتي كانت تسمى حينها بـ"التابعية" أشار الى أنه خلال إقامته في مكة تعرف على شخص يمني يدعى محمد عبيد وينتمي الى منطقة ذي سفال بمحافظة إب: "كان محمد عبيد ضمن العائدين من فلسطين كمجندين متطوعين انتدبتهم الحكومة السعودية للقتال مع جيوش عربية أخرى ضد الإسرائيليين، وبعد أن رجع مع رفاقه الآخرين تم تكريمهم بمنحهم التابعية (الجنسية) السعودية وتمليكهم منازل، وبالصدفة تعرفت عليه وارتبطت معه بصداقة قوية، ولاحقا هو من تولى أمر وإجراءات حصولي على التابعية وتم تجنيسي على أساس أنني (من مواليد عسير والتربية في مكة) وكان ذلك تقريبا في 1955".

وتابع حكايته بالقول: "عندما قامت ثورة 26 سبتمبر 1962 قررت للأسف الشديد وبتفكير عاطفي التخلي عن الجنسية والعودة للاستقرار في اليمن، فسافرت مع آخرين بالباخرة من جدة إلى ميناء الصليف بالحديدة وهناك استقبلنا مسؤولون في مقدمتهم علي عبد الله السلال نجل المشير عبد الله السلال أول رئيس للجمهورية، وبعد عودتي خدمت كعسكري متطوع ضمن مرافقي محافظ تعز حينها الشيخ أمين عبدالواسع نعمان واستمريت نحو سنة رأيت خلالها أن الوضع لم يتحسن فرجعت مجددا للغربة في السعودية إلى ان استقريت نهائيا في اليمن عام 1990".

وقال إنه شعر بالندم بعد أن تخلى عن الجنسية السعودية ورأى في المقابل مسؤولي النظام الجمهوري من رؤساء حكومات ووزراء يتهافتون على جنسيات بلدان أجنبية تحسبا لأي ظروف غير سارة.

صنعاء - عبدالعزيز الهياجم
 
قديم 08-05-2012, 01:45 AM   #85
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الرسالة ماقبل الأخيرة لقادة المسيرة

بواسطة سعدان اليافعي بتاريخ 4 أغسطس, 2012 في 11:52 مساء

ADEN FM- بقلم /سالم بن مبارك بن حريز الجعيدي


لا يخفى عليكم ما تمر به قضيتنا الوطنية هذه الأيام من تكالب وتجاذب غير مسبوق، ينهش في جسدها البعيد قبل القريب والصديق قبل العدو، حتى إختلط الحابل بالنابل وتصاعدت الأغبرة وحجبت الرؤية أو تكاد، ما يفرض علينا التوقف عن المكابرة وأساليب المخاتلة، فنحن في معركة لن نكسبها بالشعارات أو المزايدة. فتعالوا إلى كلمة سواء، نتوقف فيها جميعاً عن الإدعاء بأننا الأوصياء، فلا حل سيفرض على شعبنا دون إستفتاء.. فإسعوا لإمتلاك زمام المبادرة فهذه مواجهة لن تنفع فيها الأقوال أو ردود الأفعال.


لذلك، يطالبكم شعبكم أن تتقدموا الصفوف، وأن لا تسمحوا بإن لا تصبح قضيتنا الوطنية أداة من أدوات المواجهة الإقليمية والدولية، وتعد هذه مهمة وطنية لن يتسنى لنا تحقيقها في ظل هذه الأجواء الدولية الساخنة والحرب الإقليمية الباردة، إلا متى ما أقرينا بأن لا مخرج لنا مما نحن فيه سوى بوحدتنا الوطنية، والتي تعتبر الركيزة الأساسية للخلاص الوطني هذا من جهة، ومن جهة أخرى الإعتراف بوجود مصالح دولية وإقليمية على أرضنا – وهذا ليس إستثناءاً – كون المصالح الدولية وجدت وتوجد في كل زمان ومكان،

ولكنها اليوم وفي ظل هذه الظروف الإستثائية والمعقده التى يمر بها الوطن، التى حولت ذلك التشابك في المصالح إلى تضاد بل ومواجهة بين تلك القوى الدولية والإقليمية ذات المصالح المتعارضة، ما يحتم علينا العمل على النئي بقضيتنا الوطنية عن نقاط المواجهة والتصادم بين تلك المصالح، ولن يتسنى لنا ذلك مالم نستوعب هذا الواقع، ونسعى لإيجاد تصور واعي لكيفية التوفيق بين تلك المصالح ومصلحتنا الوطنية، فالكل له الحق في حماية وتثبيت مصالحه الوطنية كأحد ثوابت السياسة العالمية، ولا يوجد ما يمنعنا من الإتفاق مع بعض القوى الدولية والإقليمية على نقاط توافقية، أوالإختلاف معهم فيما يتعارض مع مصلحتنا الوطنية.


ونحن إذ نقر بأن المصالح الدولية والإقليمية متشابكة ومعقدة، ومحاولة التوفيق بينها هي من أصعب المهام، فالساعي للتوفيق فيما بينها كمن يسير داخل حقل من الألغام المترابطة، ورغم الترابط والتداخل المعقد بين تلك المصالح إلا أن بمقدورنا تقسيمها لعدة محاور تؤثر وتتأثر بل وتتحكم في مسار القضية الوطنية ولو بشكل ونسب مختلفة.

فهناك محاور ثانوية يمكن تأجيل التعامل معها في الوقت الحالي، وهناك محاور رئيسة وذات تأثير مباشر وحاسم في نجاحنا لتحقيق ما نصبوا إليه. ودون الدخول في جدال بيزنطي، نعتقد أنكم ستوافقونا الراي على أن هناك ثلاث محاور خارجية تؤثر بشكل مباشر – ولو بنسب متفاوته – في كل صغيرة وكبيرة في اليمن، وهذا بطبيعة الحال ما يسحب نفسه على قضيتنا في الجنوب، وتلك المحاور بوضوح هي:

1- المحور الأمريكي ـ الغربي

2- المحور السعودي

3- المحور الإيراني

أولاً: المحور الأمريكي ـ الغربي:

المصالح الأمريكية والغربية هى المحرك الأساس لهذا المحور، والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. يسعى هذا المحور لفرض السيطرة على الممرات الدولية وتأمين المواقع الإستراتيجية وخاصة في عدن وحضرموت. ويجب التعامل معه بواقعية ودون مكابرة، فسياسة دفن الرؤوس في الرمال – كما يفعل البعض – لن تحل هذه الإشكالية، بل نرى أنها ستدفع الى تبني قرارات ووضع الحلول، والتى إن لم تقوض قضيتنا الوطنية ستضرها أيما ضرر.

لذا نعتقد أن الوقت قد حان للتوافق على رؤية وطنية لهذه القضية وبما يتوافق مع مصالحنا ولا يتعارض مع إستقلاليتنا أو يمس بسيادتنا الوطنية في دولتنا القادمة بإذن الله، وهذا لن يكون عسيراً، خاصة وأن هناك دول كثيرة تم فيها التوافق والتوفيق بين المصالح الوطنية لتك الدول والولايات المتحدة الأمريكية سوا في أروبا الغربية كالمانيا الإتحاديه، أو الدول الإقليمية كتركيا ودول الخليج والسعودية،

وهذا ما سيسهل علينا الإقتباس من بعض تلك الإتفاقات وإسقاط البعض الأخر على والوضع في الجنوب، للوصول الى رؤية واقعية تضمن بل لا تتعارض مع السيادة الوطنية لدولتنا القادمة بإذن الله، وفي نفس الوقت تقدم التطمينات والضمانات اللازمة للولايات المتحدة وحلفائها بضمان المصالح الدولية، ومن وجهة نظرنا المتواضعة، لا يوجد حتى ما يمنعنا بالقبول بضمانات دولية لتك المصالح. وخطوة أو رؤية كهذه ستساعد على إذابة الجليد في العلاقات الجنوبية الأمريكية والدوليه بشكل عام مما سيساعد على التوصل لحلول عادلة للقضية الجنوبية.


ثانيا:ً المحور السعودي:

ويمثل هذا المحور المصالح الخليجية بشكل عام ومصالح السعودية بشكل خاص في اليمن، وهي مصالح مترابطة وأزلية ولا يمكنا إلا الإقرار بها والتعامل معها بواقعية، وهذا يتطلب منا معرفة تلك المصالح ومعرفة أولوياتها وخصوصيتها، فنقدم لهم الرؤى والحلول التى تستوعب المتغيرات، وهذا يتطلب منا التقدم برؤية واقعية ومرحلية، وفي نفس الوقت تكون ضامنة لسيادتنا الوطنية ومطمئنة لأشقائنا في الخليج والسعودية، أما بخصوص المصالح التى لا تمسنا في الجنوب فيتوجب علينا عدم إقحام الجنوب فيها حتى لا يدفع ثمن تداعياتها.

والخطوة الأولى للسياسة الواقعية في هذا المضمار هي الإعتراف بأن للأخوة في الخليج والسعودية مصالح وأولويات مختلفة في الشمال عن المصالح والأولويات في الجنوب ، ففي الشمال مثلآ يأتي على رأس اؤلوياتهم تثبيت وإحتواء نظام الحكم في صنعاء ، وهي الوسيلة المضمونة والمجربة بالنسبة للأشقاء لتأمين الخاصرة الجنوبية الغربية للمملكة، وهذا شأن كما أسلفنا لا يعنينا ولا يجب أن نقحم أنفسنا أو قضيتنا فيه. ومن وجهة نظرنا تتمحور أولويات هذا المحور السعودي في النقاط التالية:

أ) القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه.

ب) ضمان وتأمين الحدود.

ج) وربما، السعى لضمان عبور خطوط الإمداد وتأمينها.


أما القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه فقد تكفل بها شعبنا في الداخل وذلك من خلال شبابه ولجانهم الشعبية، التى أثبتت للقاصى والداني بأن أرض الجنوب لم ولن تكون حاضنة للإرهاب بل أنها طارده له، وذلك من خلال الملاحم البطولية لتك اللجان الشعبية في أبين وشبوة وغيرها من مناطق الجنوب، وهو ما قدم الدليل القاطع على زيف الإدعاءات التى يروج لها البعض عن وجود الإرهاب في الجنوب، وأثبت أن كل تلك الأقاويل الجوفاء لا تعدو أن تكون أداة من أدوات القوى المتصارعة في صنعاء لخلط الأوراق، بل وأثبتت تلك الملاحم البطوليه للجنوبيين، أن قوى الفيد والغنيمة هي الراعية والصانعة الحقيقة للإرهاب في اليمن والمنطقة، وهذا ما ساعد بشكل حاسم في تغير النظرة الإقليمية والدولية للقضية الجنوبية وسبل حلها.


وأما ضمان الحدود وتأمينها، فلأشقاء في المملكة والخليج لن ينكروا علينا بأن حدودنا معهم ورغم طولها وتعقيداتها إلا أنها كانت من أمن الحدود والمنافذ، وعلى من ينكر ذلك العودة لملفات وقضايا التسلل والتهريب في زمن الدولة في الجنوب والمقارنة بين تلك الحدود وحدودهم مع الجمهورية العربية اليمنية، رغم التنافر بين النظام في عدن ومعظم دول الجوار والتناغم أو التوافق بينهم وبين النظام في صنعاء.

ليس هذا وحسب بل أنه من غير العدل أن يتناسى أو يتنكر الأشقاء والأصدقاء، بأننا في الجنوب أول من أسس لتأمين الحدود وحل مشاكلها وتعقيداتها بالتوافق والتراضي وبما يضمن مصالح كل الأطراف على قاعدة شرعية وقانونية عادلة، وهي قاعدة لا ضرر ولا ضرار، فكنا أول من طبق تلك القاعدة في حل الإشكالات الحدودية في الجزيرة العربية من خلال السعى لجعلها الركيزة الأساسية لإتفاقية ترسيم الحدود بين الجنوب وسلطنة عُمان الشقيقة ليس هذا وحسب، بل أننا قد أعلنا إلتزامنا القانوني والسياسي بجميع الإتفاقات الحدودية وعلى وجه الخصوص إتفاقيات الحدود العُمانية والسعودسة،

وجاء ذلك الإعلان على لسان أخر قيادة جنوبية ممثلة بالأخ الرئيس علي سالم البيض، الذي أعلن إلتزام الجنوب بشكل صريح وواضح بجميع الإتفاقات الدولية، وذلك في أول ظهور له في مايو 2009م.


وفيما يخص ما يشاع او يقال عن سعى الأشقاء لإيجاد معابر وخطوط إمداد جديدة لصادراتهم، فلن نعدم الوسيلة لإيجاد التوافق بيننا وبينهم حولها وسنكون خير معين لهم على ضمانها وتأمينها، وهذا ما يفرضه علينا الترابط الجغرافي والتاريخي الأزلي بيننا وبينهم، فهم الإمتداد التاريخي لنا ونحن العمق الإستراتيجي لهم، ولذا فنحن نؤمن بأن الوضع الطبيعي للعلاقات فيما بيننا وبينهم هو أن نكون ضمن منظومة تضامنية تكاملية واحدة تضمن الأمن والسيادة للجميع.


ثالثاً: المحور الإيراني:

يعد هذا المحور من أعقد المحاور التى ستؤثر على مسار قضيتنا الوطنية حالياً ومستقبلاً، فلم يعد بخاف على أحد، من أن لإيران مصالح وطنية وأطماع إقليمية لن تتوانا في إستخدام كل إمكانياتها لتحقيقها، وهذا ما تسعى إليه من خلال توظيف وإستخدام الولاءات المذهبية لتحقيق تلك الأطماع.

ونحن لا نذيع سراً إذا ما قلنا بأن إيران تستخدم تلك الولاءات المذهبية في المواجهة التى تخوضها ضد دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية، لذا فإيران تسعى لتطويع النظام في صنعاء لتجعل منه شوكة في خاصرة المملكة، ليتسنا لها حصارها جغرافياً ومذهبياً، خاصة بعد أن نجحت في إخراج العراق من الصف العربي والخليجي.


وإذ نقر بأن التصادم والمواجهة السعودية الإيرانية في اليمن هي نتيجة حتمية لتضارب المصالح، فكما لإيران مصالح ومطامع في المنطقة، فإن للملكة مصالح ومطامع في اليمن، وأنها كما أسلفنا تعمل على إحتواء النظام في اليمن لتأمين تلك المصالح، وهذا ما أعطى بعض المزايدين على الترويج بأن التدخل السعودي والإيراني في اليمن، عبارة لوجهين لعملة واحدة، ونسوا أو تناسوا الفوارق بين الإستخدام والإحتواء، وهنا يلزم علينا أن ننبه القيادات الجنوبية، بأن عليهم إستيعاب المراحل التاريخية لتلك التدخلات وأخذ الدروس والعبر منها.

نذكر لقادة المسيرة، أن الإحتواء السعودي للنظام في صنعاء لم يوجه في يوم من الأيام للمساس بمصالحنا أو الإنتقاص من سيادتنا الوطنية كجنوبيين، بينما أن الإستقطاب والإستخدام للنظام في صنعاء من قبل القوى الإقليمية الأخرى هو ما كان في الغالب يوجه لضرب مصالحنا كجنوبيين ويوظف من قبل القوى في اليمن لتحقيق مطامعهم التوسعية والتاريخية في الجنوب،

وهذا ما حصل في بداية الستينيات من القرن المنصرف عندما إستقطب النظام المصري نظام صنعاء وإستخدمه في مواجهته الإقليمية مع السعودية، فكان من نتائج ذلك الإستخدام التأسيس للأوهام وبداية لتزوير التاريخ الجنوبي، ليس هذا بل وذهبوا أبعد من ذلك عندما إدعوا بوجود ثورة مسلحة لا مبرر لها ضد الإستعمار البريطاني، خاصة بعد إقرار بريطانيا بحق شعب الجنوب العربي في تقرير المصير والإستقلال وذلك في سبتمبر 1963م ، أي قبل الإدعاء بوجود ما سمي ثورة 14 أكتوبر، هذه كانت اولى التدخلات الإنتهازية في اليمن، التى قادت إلى نكبة 1967م المتمثلة في ضياع الهوية الجنوبية المستقلة، وبداية دخولنا للنفق المظلم الذي مازلنا نتلمس سبل الخروج منه.


وكان ثاني تلك التدخلات الإنتهازية، في نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات من القرن المنصرم حين إستطاع صدام حسين أن يوظف النظام اليمني في المواجهة العراقية الخليجية، ولأننا قد وصلنا لحالة من الإغماء بفعل السياسات الهوجاء للجهلة والغوغائيين، فقد إستطاع النظام اليمني وحلفائه الجدد وبمساعدة من بعض المغامرين، الذين ألقوا بنا في غياهب الجب، بل أن منهم من ساعد نظام صنعاء عام 94م لإهالة التراب علينا لتكون القاضية فكانت القاضية لأولئك الغوغائيين.


أما الشعب الجنوبي فقد إستطاع إمتصاص الضربة، وهاهو ينفض الغبار عن كاهلة ويخرج المارد الجنوبي من القمقم، وسيواصل الصمود والمقاومة حتى يستعيد هويته وينتزع حريته وسيادته على أرضة وثروته شاء من شاء وأبى من أبى.

ومن هنا نرى أن على النخب والقيادات الجنوبية إستيعاب دروس التاريخ والإستفادة منها في العمل على الحيلولة دون أن يكون الجنوب هو من يدفع الثمن أو أن يكون الضحية مرة أخرى لهذة الإستقطابات .

ومهما يكن تأثير العوامل الخارجية على مسار القضية، ومهما حققنا من نجاح في تحقيق الإصطفاف المؤز لقضيتنا في الخارج، إلا أن العامل الحاسم للنصر يتمثل في وحدتنا الوطنية الجنوبية، التى لايمكن تحقيقها مالم نستوعب التنوع والتمايز الفكري والثقافي والتاريخي في الجنوب وتوظيف ذلك كله لما يعزز الوحدة والوطنية، ولن تكون إلا بالتوافق بين الجميع والإيمان الفعلي بأن الوطن لكل أبنائه.

ورغم أن كل من يدعى الوصل بليلى يتشدق بهذا وبشكل خاص القيادات الجنوبية وعلى رأسهم من يحسبون على مناطق ذات تميز وخصوصية لا يمكن القفز عليها، بل أن التوافق معها هو العامل الحاسم في الوحدة التوافية الجنوبية، إلا أنهم جميعاً يمارسون إما المكابرة أو المخاتلة مما حال وسيحول دون تحقيق الوحدة الوطنية المطلوبة.


ولهذا، فنحن – كما أسلفنا – نطالب الجميع الإقلاع عن المكابرة أو إتباع سياسة المخاتلة، فشعبنا في الجنوب يسعى لبناء جنوب جديد لا إستعادت الوهم القديم هذه من ناحية، ومن الناحية الأخرى نؤكد لهم جميعاً بأننا على قناعة بأنه لا يمكن لنا أن نحقق الوحدة الوطنية في الجنوب حتى نلتزم بالثوابت التالية:

أ – الإلتزام برفض الوصاية الحزبية والفئوية على الجنوب والإقرار بأن التوافق القابل للإستمرار والنجاح هو التوافق بين محافظات الجنوب الست وعلى أسس واقعية وليس بين الأحزاب أو الكيانات الهلامية.

ب – القبول الواضح والصريح بالتمثيل النسبي بين المحافظات الجنوبية الست، بحيث يراعى في ذلك التمثيل المساحة والسكان والثروة وكذا الخصوصية التاريخية.

ج – القبول والإعلان بشكل غير قابل للتأويل بالفدرالية الجنوبية بين محافظات الجنوب الست أو أقاليم الجنوب – أياً تكن التسمية المتوافق عليها – مع اللإلتزام بحق الجميع في القبول أو الرفض لتلك الفدرالية أي ( حق تقرير المصير ) فهو الضمانه الوحيدة لإستمرار ونجاح الدولة القادمة.

وفي الختام فإن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم وبإلحاح أيها السادة. هل لديكم رؤية لسياسة خارجية؟ وهل أنتم على إستعداد للقبول بمتطلبات الوحدة الوطنية؟ أم لازلتم خلف من يدعوا تحقيق المنجزات؟! متوهمين أنهم من سيصنع المعجزات؟! ولو لا قليل من حياء لإدعوا بكمال الذات، نعوذ بالله من هكذا عقليات، تسعى للترويج لرؤى سياسية ترفض الإعتراف بهويتنا التاريخية وتعظم هوية الإحتلال اليمنية، وكأنها تخوض حملة إنتخابة.

وكفى.

سالم بن مبارك بن حريز الجعيدي

3 أغسطس 2012 م
 
قديم 08-25-2012, 01:03 AM   #86
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


" السلال " ثائر قاد ثورة 26 سبتمبر فأ نقلبت عليه القوى ( القبلية - الدينية العسكرية )

نشر بتاريخ السبت, 25 آب/أغسطس 2012 00:17 | | الزيارات: 32

اليمن السعيد - صنعاء

تحتفل اليمن قيادة وشعبا باليوبيل الذهبي للثورة اليمنية الام 26سبتمبر1962م في ظروف وطنية صعبة ومعقدة للغاية الا انها لاتقلل من حجم الابتهاج والفرح بحلول هذه الذكرى الوطنية المجيدة التي فيها ثار الشعب اليمني على حكم الرجعية والاستبداد في شمال اليمن ومهدت لانطلاق الثورة ضد المستعمر البريطاني في جنوب البلاد

حيث انطلقت في اثرها ثورة 14 اكتوبر الظافرة في1963م التي انطلقت من قمم جبال ردفان الشماء وحتمت على المستعمر الجلاء من جنوب اليمن في 30/نوفمبر-تشرين الثاني /1967م ، وكان المشير عبدالله السلال اول رئيس للجمهورية في اليمن الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية ) بعد قيام الثورة اليمنية الام 26/ سبتمبر /1962م وننتهز الفرصة هذه للتعريف بقائد الثورة والرئيس الاول في اليمن .



- ولدالمشير عبدالله يحي السلال في قرية شعسان بمديرية سنحان محافظة صنعاء عام 1917م من اسرة فقيرة والتحق بمدرسة الايتام بصنعاء سنة 1929م ، وسافر العراق ضمن اول بعثة عسكرية عام 1936م وتخرج منها برتبة ملازم ثان ، والتحق بالكلية الحربية العراقية في منتصف الثلاثينيات وبعد تخرجه شارك في الانقلاب الدستوري عام 1948م واستضافه سجن حجة عام 1948 واطلقه الامير البدر عام1955م ، ثم شغل عدة مناصب مدة سبع سنوات اخرها قائدا لحرس الامير البدر (محمد بن احمد حميد الدين ) ولي عهد الامام احمد بن يحي حميد الدين وكان ضمن الخلية السرية لتنظيم الضباط الاحرار .



وفي ليلة الثورة السبتمبرية شعر الضباط الاحرار في لحظة التنفيذ بشدة لحاجتهم لرتبة عسكرية عالية تعلو فوق تنافس الزملاء يكون لها تاثيرها على سائر الضباط الثوار وقادة الاسلحة وكان الاتجاة الى زعيمين هما (العقيد عبدالله السلال) امير حرس البدر ومدير كلية الطيران و(العقيد حمود رشدي ) قائد سلاح المدفعية ورجحت كفة الزعيم السلال لسبقه في النضال وانتمائه الى الطبقات الشعبية .



وعلى فورية استجابة السلال فان الضباط الاحرار كانوا يرون قيادة الرئيس عبدالله السلال انية قياسا على الرئيس محمد نجيب في مصر وعلى الرئيس عبدالسلام عارف في العراق، وكان اللواء /عبدالله جزيلان المرشح المستقبلي عند هؤلاء الضباط قياسا بالزعيمين جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم .



في اليوم التالي للثورة 27/سبتمبر –ايلول /1962م تم اعلان تشكيل مجلس قيادة الثورة (مجلس السيادة ) برئاسة عبدالله بن يحي السلال و9 اعضاء منهم- عبدالله جزيلان ، علي عبد المغني ،عبدالسلام صبرة ،محمد اسماعيل المنصور ، وتم القبض على بعض اعوان النظام البائد وتشكيل (محكمة الشعب ) لهم الا ان ظروف الثورة ادت الى اعدام كثير دون محاكمة الامر الذي دعا الرئيس عبدالله السلال الى محاكمة العناصر المتهمه واصدار الاحكام وتم توقيف تنفيذها ، وفي 31/اكتوبر –تشرين الثاني /1962م اعيد تشكيل مجلس قيادة الثورة بقيادة المشير السلال وعضوية 17من قيادات الثورة منهم الدكتور/عبدالرحمن البيضاني والقاضي /عبد الرحمن الارياني والقاضي /عبد السلام صبرة واللواء /عبدالله جزيلان ، وتم تشكيل الحكومة برئاسة عبدالله السلال وعضوية كلا من الدكتور البيضاني واللواء / جزيلان واللواء/عبد اللطيف ضيف الله والقاضي /الارياني واللواء /حسن العمري. .



،، وفي 13/ ديسمبر-كانون الاول /1962م تم ترقية الرئيس عبدالله السلال من رتبة عقيد الى ( مشير)،



وخاضت الجمهورية الاولى معركة السلاح ومعركة الاكاذيب والتامرات والتحديات المختلفة لانها جديدة تؤسس لعهدا جديد ليحتم استمراية الصراع العنيف بين القوى المؤازرة للنظام الجمهوري وجموع المرتزقة وانصارالحكم الملكي الذين حشدوا كافة القدرات لاجهاض الجمهورية ، واعتمد النظام الجمهوري في بداية الامر على الدعم العسكري والسياسي المصري في عهد زعيم القومية العربية جمال عبد الناصر .



ففي وقت مبكر عقب قيام واعلان الثورة اليمنية 26/سبتمبر /1962م وصلت طلائع القوات المصرية الى اليمن في اليوم الرابع للثورة حيث وصلت طائرة حربية الى ميناء الحديدة على متنها القاضي محمد محمود الزبيري والدكتور عبد الرحمن البيضاني وعبد الرحيم عبدالله ومعهم العميد المصري علي عبد الخبير وبعض المساعدين العسكريين ، وفي 15/اكتوبر –تشرين الاول / وصلت الميناء سفينة مصرية على متنها اول قوة عسكرية مصرية مكونة من مائة ضابط وجندي مع اسلحتهم وبعد خمسة ايام وصل قرابة الف جندي مصري،وفي الجانب الاخر بدات جموع الملكية في الالتفاف حول الامام المخلوع (البدر ) الذي اتخذ مدينة حجة قاعدة في المقاومة ومن ثم الفرار الى المملكة العربية السعودية لتعلن اذاعة مكة بالبدر اماما لليمن في اكتوبر –تشرين الاول /1962م ،واتخذت القيادة الملكية (نجران ) قاعدة للمقاومة ونقطة انطلاق في عمليات استرداد الحكم الضائع وحظت بدعم سعودي واضح وبريطاني خفي ياتي من عدن عبر شريف بيحان الى الملكيين ،وجرت المواجهات العنيفة بين القوات اليمنية –المصرية وقوات الملكية في صنعاء وحريب وصعدة وصرواح والعرقوب وبهدف دعم الموقف الجمهوري وصل الى اليمن المشير عبد الحكيم عامر في 15 /ديسمبر – كانون الاول /1962م وظل مع قواده في اليمن حتى الـ20 من ديسمبر، وتم التوقيع في صنعاء على اتفاقية تعاون عسكري بين اليمن ومصر في الوقت الذي تمكن الرئيس المصري جمال عبد الناصر على اثر خطابات متبادله بينهما من انتزاع اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بثورة اليمن في ديسمبر 1962م وتوج ذلك بقبول اليمن في نفس الشهر عضوا في منظمة الامم المتحدة كما اوصت الحكومة المصرية بتعيين الدكتور /عبد الرحمن البيضاني المرادي نائبا للرئيس عبدالله السلال في مجلسي القيادة والوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة وتم ذلك الا انه لم يستمر سوى بضعة شهور فقط .



في ابريل –نيسان من عام 1963م وبمشاركة الامين العام للامم المتحدة وقعت اتفاقية (فض الاشتباك ) بين الطرفين المتحاربين في اليمن ،وقضت الاتفاقية بتوقيف السعودية عن دعم الملكيين والتزام مصر ببدء الانسحاب من اليمن على مراحل وتوقفها عن القيام باي عمليات عسكرية على اراضي سعودية ،ومع حلول عام 1964م تم ايقاف اطلاق النار وشكلت لجنة مصرية– سعودية لبحث الاعداد لمؤتمر وطني في اليمن الا ان الاختلاف وتزايد البون بين قيادات الثورة منع من ذلك ، وفي 2/ديسمبر- كانون الاول /1964م قدم الشيخ محمد احمد نعمان رئيس مجلس الشورى والقاضي عبد الرحمن يحي الارياني والقاضي محمد محمود الزبيري نواب رئيس مجلس الوزراء استقالة جماعية من مناصبهم والذي انعكس سلبا على الموقف الجمهوري فتمكنت قوات الملكية من الاستيلاء على جبال رازح وسلسلة جبال صعدة وتمكنت من صد محاولات القوات المصرية –الجمهورية للتغلغل وتعزز ذلك باستيلائها على مدينة حريب مارب وفشل الهجوم المصري في استعادتها الى جانب الاستيلاء على مواقع جمهورية في صرواح وقطع طريق صنعاء -صعدة وطريق صنعاء –الحزم والاستيلاء على جحانة في 24 يوليو –تموز /1964م ودخول مارب التي كان الجمهوريون يسيطرون عليها منذ فبراير 1963م وبدء اتباع حرب العصابات بدعم سعودي وبريطاني ، الامر الذي جعل الحرب اليمنية حرب سعودية –مصرية بالوكالة لتطيل امد الصراع ليحتم على القيادة المصرية في اليمن نتاج تزايد حدة الخسائر اصدار قرار باخلاء المناطق المتطرفة من الاراضي اليمنية وتجميع القوات في مناطق رئيسية تمكن من الاعتماد عليها كليا .



-ومع منصف عام 1965م تعمق الشرخ بين القيادات الجمهورية بعد مصرع الشهيد القاضي محمد محمود الزبيري (ابو الاحرار ) في اوائل ابريل –نيسان 1965م وترك الانشقاق ملامحه تظهر في (مؤتمر عمران ) الذي ادان الفساد السائد في اجهزة الحكم واتسعت الجبهة الجمهورية المعارضة لاستقالة الارياني ليتم في 20 /ابريل –نيسان / 1965م الاعلان عن تشكيل مجلس للرئاسة برئاسة المشير عبدالله السلال وعضوية اربعة من قيادات الثورة هم :-



العميد حسن العمري -القاضي عبد الرحمن الارياني -محمد علي عثمان -نعمان بن قايد راجح



كما تم تكليف الاستاذ /احمد محمد نعمان بتشكيل حكومة جديدة لم تضم احد من العناصر المتعاطفه مع مصر ،ووافق مجلسي الرئاسة والوزراء على عقد مؤتمر في شمال صنعاء في 2/مايو –ايار /1965م حيث عقد (مؤتمر خمر ) في الموعد المحدد واستمر ثلاثة ايام وانتخب فيه القاضي عبد الرحمن بن يحي الارياني رئيسا له بالاجماع وجاءت مقررات المؤتمر في المجال الداخلي لتمثل انتصارا لمقترحات النعمان والزبيري والارياني في خطابات استقالاتهم السابقة ، واكد المؤتمر على ضرورة انهاء حالة الحرب واحلال السلام وكسب تعاون الدول المجاورة في انهاء الحرب وتقديم الشكر لمصر على دعمها للثورة في اليمن .



قبل المشير عبدالله السلال بقرارات مؤتمر خمر ليواجه تدهور الاوضاع في المعسكر الجمهوري رغم تقليص هذه القرارات لصلاحياته ، ولكنه اصدر في 28/ يونيو –حزيران /1965م قرار بتشكيل اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة من اربعة من العسكريين ليحتدم الخلاف مجددا بين الجمهوريين (المعتدلين ،المتشددين ) وقدم النعمان استقالته الى لجنة متابعة قرارات خمر ليعلن السلال في 14 /يوليو –تموز /1965م تكليف الفريق حسن العمري بتشكيل الحكومة.





..اصبحت في اليمن قوتان جمهوريتان (متشددة ) تؤكد الحفاظ على النظام الجمهوري والقضاء على الرجعية ورفض أي دور سياسي لاتباع ال حميد الدين والتمسك يالسلام وليس الاستسلام ، و(معتدلة ) ترى في هذا التشدد خطر على الثورة مع تمسكها بالنظام الجمهوري لتظهر قوة جمهورية ثالثة ليست جمهورية او ملكية (منشقين ) تطالب برحيل القوات المصرية من اليمن وتؤكد ان اليمنيين لايحاربون من اجل الملكية او الجمهورية وانما من اجل اخراج القوات المصرية وعقدت هذه القوة مع الملكيين في الطائف في اول اغسطس مؤتمرا تحت رعاية سعودية توصل في 10 /اغسطس –اب /1965م الى مايعرف بـــ(اتفاق الطائف ) يقضي باقامة دولة اليمن تحت مسمى (الدولة اليمنية الاسلامية ) ،واشعر



هذا الموقف المصريون بالحرج وادرك الرئيس جمال عبد الناصر ان الوجود المصري في اليمن لم يعد محل ترحيب ليدفع بالحلول السياسية بالتنسيق مع السعودية والوصول الى جدة لاجراء مباحثات مع الملك فيصل بن عبد العزيز ال سعود حول الوضع في اليمن والتي انتهت بتوقيع (اتفاقية جدة ) والتي من اهم نصوصها ان الشعب اليمني يقرر نوع الحكم الذي يرتضيه لنفسه في استفتاء شعبي في موعد اقصاه 23/نوفمبر –تشرين الثاني /1966م وتشكيل مؤتمر انتقالي مكون من 50 مقعدا يمثل جميع القوى الوطنية واهل الحل والعقد يجتمع في \" مدينة حرض \" في 23/نوفمبر- تشرين الثاني /1965م ليقرر طريقة الحكم في فترة الانتقال وحتى اجراء الاستفتاء الشعبي ،وحتى يتم الاستفتاء تقوم المملكة بايقاف فوري للمساعدات العسكرية بجميع انواعها او استخدام الاراضي السعودية ضد اليمن وتقوم مصر بسحب كافة قواتها من اليمن في ظرف 10 شهور ابتداء من 23 نوفمبر ،وتضمن الاتقاق شفهيا استبعاد المتشددي من الطرفين (البدر ،السلال ).



تم تنفيذ وقف اطلاق النار وبدات القوات المصرية في التجمع الى المدن الرئيسية والبدء في الانسحاب ، وعارض المتشددون الجمهوريون الاتفاق كما عارضه المعتدلون لانه لم يؤكد على الاصل وهو النظام الجمهوري وكان اول تعبير عن وحدة المعسكر الجمهوري اعلان تشكيل مجلس جمهوري جديد في 4/ سبتمبر –ايلول /1965م برئاسة المشير عبد الله يحي السلال وعضوية الفريق حسن العمري والقاضي عبد الرحمن الارياني ومحمد احمد نعمان ومحمد علي عثمان وحمود الجائفي ونشط في التحرك الداخلي ليبلغ ذروته في (مؤتمر الجند ) في 12 /اكتوبر –تشرين الاول /1965م ضم 20 ممثلا لليمن واكد تمسكه بالوحدة الوطنية والنظام الجمهوري واستبعاد ال حميد الدين وتم انتخاب 9 اعضاء لاختيار ممثلي الشعب في \"مؤتمر حرض \" واقنعت مصر الجمهوريين بخوض المعركة السياسية واقنع جمال عبد الناصر المشير السلال بالبقاء في القاهرة تنفيذا للاتفاق وتم تشكيل مجلس جمهوري يقوم باعباء رئيس الجمهورية اثناء تخلفه في القاهرة ،وتم عقد (مؤتمر حرض ) حيث مثل الطرف الجمهوري القاضي عبد الرحمن الارياني رئيسا للوفد وعضوية الاستاذ نعمان والشيخ محمد علي عثمان والشيخ عبدالله بن حسين الاحمر والشيخ يحي منصور والشيخ مطيع دماج ومن العسكر حمود الجائفي عبدالله جزيلان العميد محمد الرعيني العميد محمد الاهنومي المقدم احمد الرحومي المقدم عبدالله الراعي العميد حمود بيدر ومن المدنيين عبد السلام صبرة محمد الاسودي محمد الربادي حسن مكي عبد الغني مطهر ، ومثل الوفد اللكي الاستاذ احمد محمد الشامي وزير خارجية الملكيين رئيسا للوفد وعضوية ثلاثة من الجمهوريين المنشقين ابراهيم الوزير ،سنان ابو لحوم ،نعمان بن قايد راجح .



....وفي ( مؤتمر حرض ) حدث خلاف بين الطرفين الجمهوري والملكي وحاول الملكيين اغراء الطرف الجمهوري دون جدوى واذاعت صنعاء تحذيرا من مؤتمر حرض بعد ان اخفق المؤتمر بعد الجلسة الرابعة في 5 /ديسمبر –كانون الاول /1965م باختلاف وجهات النظر بين الجمهوريين والملكيين ، واستمر الهدوء حتى ديسمبر 1966م والشهور الخمسة الاولى من عام 1967م ، وفي الايام الاولى من يوليو 1967م توقفت الغارات المصرية على الملكيين وسحبت معظم الطائرات المصرية من اليمن مع بضعة الاف من افراد القوات المسلحة ووصل عدد القوات المصرية المتبقية في اليمن اقل من 15 الف جندي وحلت القوات الجمهورية محل القوات المصرية في المواقع البعيدة وشحنت مئات المدافع والمركبات المدرعة للميناء استعدادا للرحيل الى مصر ، وشنت القوات الملكية في منتصف يوليو هجوما ونفذت كمائن على القوات المصرية المنسحبة وتمكنت من احتلال حرض وميدي شمال البلاد والتقدم باتجاه الساحل نحو الحديدة واستولت على مارب وحريب مما دفع القوات المصرية الى تنفيذ هجوما مضادا في نفس الشهر فبداءت بغارات شديدة على مقر القيادة الملكية في كتاف \"شرق صعدة \" وعين اللواء عبد القادر حسن قائد جديدا للقوات المصرية في اليمن وشنت غارات على الملكية في حرض وميدي وسيطرت عليها الا ان مارب وحريب ظلت في ايدي الملكيين.





،،منذ ابعاد الرئيس عبدالله السلال الى القاهرة في اكتوبر – تشرين الاول /1965م وهناك مجلس جمهوري يحكم البلاد ،وفي 10/مارس – اذار / 1966م استقبل المشير عبد الحكيم عامر في القاهرة وفدا يمنيا برئاسة الفريق حسن العمري استمر حتى ابريل وخلاله تم تعيين عضوا في المجلس الجمهوري وتعيين قائدا جديدا للقوات المسلحة وتعديلات وزارية شملت 9 مناصب وزارية ، وبعد فترة استشعرت القيادة المصرية بنوع من التامر في مخطط لاعلان عودة القوات المصرية من اليمن رغم تاكيد مصري على استمرارية بقاء قواتها الى 1967م ،وفي اغسطس 1966م استدعى الرئيس جمال عبد الناصر المشير عبدالله السلال وبحضور انور السادات وعبد الحكيم عامر وناقشا عودة السلال الى اليمن والاتفاق على الخطوط العريضة وفي فجر 13 /اغسطس –اب /1966م عاد السلال الى اليمن وحاول الفريق حسن العمري منع هبوط طائرة السلال بارسال الدبابات الى المطار لكن اللواء طلعت حسن قائد القوات المصرية باليمن انذره بانه سيحطم كل دبابة لاتعود الى مواقعها خلال ساعتين فتراجع العمري بقواته وتسلم السلال السلطة مجددا بعد غيابه وفر الفريق العمري وجماعته وتجمعوا في الحديدة وركبوا احدى الطائرات المصرية الى القاهرة في 9/سبتمبر – ايلول / 1966م وهم العمري ،النعمان ،الارياني ،الجايفي 00وعدد من وزراء حكومة العمري الا ان المشيرعبد الحكيم عامر رفض مقابلتهم ولم يجدوا سوى شمس الدين بدران الذي اغلظ لهم وساءت الامور ليتم اعتقالهم باستثناء القاضي الارياني الذي حددت له اقامة اجبارية .



وفي صنعاء اصدر السلال قرارات بقبول استقالة اعضاء المجلس الجمهوري ووزارة العمري وتشكيل حكومة جديدة برئاسته وعضوية القيادات المتعاونة مع مصر ، وتمت اكبر عملية اعفاء من المناصب السياسية والادارية في اليمن شملت الاستاذ محسن احمد العيني وزير الخارجية وسفير اليمن في الولايات المتحدة الامريكية واسماعيل الجرافي ومصطفى يعقوب ومحمد احمد نعمان ، وجرت سلسلة من الاعتقالات والمحاكمات بدات بالقبض على اللواء محمد الرعيني الذي قام باعمال رئيس الجمهورية في فترة غياب السلال وعين وزير للدولة لشئون القبائل في الحكومة القائمة انذاك واللواء هادي عيسى وزير الداخلية وشكلت المحاكمة برئاسة العميد محمد الاهنومي وعضوية عبد القادر الخطري والعقيد علي الكهالي رئيس هيئة الاركان العامة وقدمت الاتهامات بارتباط الرعيني وهادي عيسى بالمدعو ميشيل حريز رئيس النقطة الرابعة الامريكية رئيس جهاز المخابرات في الشرق الاوسط الذي جاء الى اليمن للبحث عن البترول في الصليف عام 1965م والتنسيق لاسقاط النظام والقيام باعمال تخريبية شملت الضرب على القوات المصرية بالهاون وقصف منزل رئيس الجمهورية ونسف اكبر مستودعات الوقود في\" جبل نقم \" المطل على صنعاء والقاء القنابل على شارع علي عبد المغني والجامع الكبير بصنعاء واحداث الفوضى والقلاقل، واقرت المحكمة في 27/اكتوبر /1966م اعدام 13 متهما بينهم محمد الرعيني وهادي عيسى وتبرئة 12 اخرين .



وواصلت السياسة المصرية جهودها السياسية لحل مشكلة حرب اليمن بالتواصل مع السعودية ولم تحقق تقدم ايجابي ،والذي دفع الاستاذ محمد احمد محجوب رئيس وزراء السودان انذاك الى تقديم مقترح تكوين لجنة ثلاثية بحيث تختار السعودية ومصر من يمثلها فاختارت السعودية المغرب واختارت مصر العراق ومثلت السودان الطرف الثالث كراعية للقضية ، ووفدت اللجنة برئاسة محمد فوزي قائد القوات المصرية للمشاورة مع القيادة اليمنية التي رفضت الاتفاق لعدم اشراكها فيه وتزامن تواجدها مع اسوء يوم للقوات المصرية في صنعاء اذ تعرضت لهجمات واسعة في اسواق صنعاء في 3/اكتوبر ، وعادت اللجنة الى مصر وعرضت الاتفاق على القيادات اليمنية المتخلفه في القاهرة واعلن الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر ان قبائل اليمن توافق على الاتفاق وتفوض الارياني الموجود في القاهرة في اختيار القيادات القبلية التي ستمثل في المؤتمر المزمع عقده في 6/اكتوبر-تشرين الاول /1967م ،



لكن حدث مالم يكن في الحسبان ففي 5/نوفمبر - تشرين الثاني / 1967م اطيح بحكومة الرئيس عبدالله يحي السلال وهو متوجة الى القاهرة واحس السلال لالمؤامرة فكانت كلمته الاخيرة لمودعية وهو متوجه الى القاهرة ( الاهم من رئاسة الجمهورية الحفاظ على الجمهورية ) وتم اقصائة عن الحكم في 24/نوفمبر –تشرين الثاني /1967م رسميا وتشكيل المجلس الجمهوري برئاسة القاضي /عبد الرحمن بن يحي الارياني وعضوية محمد علي عثمان واحمد محمد نعمان ومع رفض النعمان حل بدلا عنه الفريق حسن العمري لتبدا مرحلة جديدة في اليمن .



كان المشير السلال نقي الصفحة امام الجيش والشعب فلم يستغل منصبه العسكري او منصبه الاداري على ميناء الحديدة ، اوتسبب في الاضرار باحد مهما كان مناوئا ولا اوصلته مناصبه الى حدود الثراء ، وتجلت للسلال مواقف شعبية عندما اناط به القصرالملكي مهمة سحق الطلاب المتظاهرين في يونيو-حزيران من عام 1962م فابداء تعاطفا مع الطلاب الى حد اتهام الحاشية له بالتواطؤ ،عاد السلال الى صنعاء بدعوة من الرئيس /علي عبدالله صالح في سبتمبر1981م وظل بمنزله معتزلا الحياة السياسية حتى توفى في 15/مارس -اذار /1994م .


***هذه الترجمة من كتاب \"زعماء العرب في القرن العشرين \" تحت الطبع للكاتب

المصدر : مارب برس
 
قديم 08-25-2012, 11:21 PM   #87
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


فيديو نادر" الإمام أحمد يزور مصر ويلتقي عبدالناصر ومراسيم استقباله في بور سعيد "

السبت 25 أغسطس-آب 2012 الساعة 11 مساءً / انصار الثورة- متابعات

لمشاهدة الفيديوا اضغط على الرابط التالي

 
قديم 08-26-2012, 12:48 AM   #88
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


«شخصية الإمام أحمد حميد الدين ورجالات عصره» 2-2

محمد ناجي أحمد

قراءة نقدية في كتاب:
تقريض محسن العيني للكتاب:

يفرح اللواء الأكوع بتقريض العيني للكتاب بعبارة صغيرة ألصقها في بداية الكتاب جاء فيها «كتاب..نادر.. سلمت يداك»..وأم هيثم تكاد تلتهمه..صفحة صفحة..لك التهنئة..وقد تفوقت على الجميع. ومن وجهة نظري فالتفوق في هذا الكتاب يتمثل بقدرة الأكوع على اختلاق الأكاذيب وتوجيه الأحداث توجيها خاطئاً،وللعيني محاولة سابقة حين ترجم كتاب «كنت طبيبة في اليمن» فعمد إلى إقحام صور الإعدامات وغيرها من الصور دون أن تكون موجودة في أصل الكتاب، إضافة إلى الهوامش المخلة بموضوعية الترجمة،وهو الدور الذي قام به الأكوع حين ألحق كتاب «رحلة الإمام أحمد إلى روما» لـ«د.جوزيبي جاسبريني» فعمد إلى وضع الكثير من الهوامش دون أن ينبه القارئ من أن الهوامش للأكوع وليست للطبيب الإيطالي صاحب الكتاب، وهو الذي رافق الإمام أحمد إلى إيطاليا عام 1959م مع أطباء آخرين، وتظل رواية هذا الطبيب واحدة من الروايات الشخصية التي ينبغي مقارنتها بروايات أخرى... وفي قصة سفر النعمان مع البدر إلى السعودية عام 1955 ثم هربه إلى مصر يقول عن النعمان: «فهاجم زبارة هجوماً فظيعاً فقال: سأشكوك إلى الإمام فقال الأستاذ كلاماً لاحقاً جارحاً للإمام..وحتى البدر لم يسلم منه وأخذ شنطته ورحل إلى مصر» 29 . والحقيقة أن النعمان يروي في مذكراته الحوارية بأنه فر إلى مصر دون أن يلفت نظر البدر إلى ذلك، بل إن عبدالله الراعي في مذكراته التي أعد حوارها «صادق ناشر» يصور هروب النعمان إلى مصر بأنه اتفاق مع البدر كي يدعو الأحرار والشباب في مصر إلى إمامة البدر.وعن الالتحاق بحلف ثلاثي يضم الجمهورية العربية المتحدة وسوريا واليمن يقول الأكوع: إن مقره كان الحديدة، والحقيقة أن مقره القاهرة؛ لأن الإمام أحمد رفض أن يكون مقره الحديدة، كما يذكر النعمان ذلك.

يوظف الأكوع استخدام الإمام أحمد للمورفين لتسكين الآلام التي كان يعاني منها على أنها كانت «لتسكين مشاعره» -40ص.

العمالة للخارج:
يستشهد الأكوع بمذكرات الشهيد «جمال جميل» العراقي الأصل اليماني الهوى، حيث ذكر فيها «بأن كبار المجتمع اليمني خاصة أيام الحرب الكونية الأولى والثانية وفي فترة ما قبلها كانوا شللاً تتبع دولاً أجنبية أخرى، فهذا عميل انجليزي، وذلك لألمانيا وهؤلاء لإيطاليا وهكذا مع السعودية وغيرها، وأنهم كانوا يستلمون مبالغ معينة لقاء مناصرتهم لهذا أو ذاك أو بذل الجهود لتوجيه الحكومة المتوكلية لصالح أي من تلك الدول» 56ص. ويرى الأكوع أن من يقول بعمالة العلامة عبدالوزير للسعودية يستدلون «بأنه كان على رأس المتآمرين مع الملك عبدالعزيز حتى ضاعت تلك المناطق الثلاث مستدلين بجواب الملك سنة 1948 على العلامة عبدالله علي الوزير عندما طالبه بالوفاء باتفاقه مع عمه عبدالله بن أحمد الوزير ليعينه على الوصول إلى الحكم...فقال الملك بحدة بالغة: «لكن ما اتفقنا على قتل الشيبة! أي الإمام يحيى» 56-57ص. والمقصود بالمناطق الثلاث جيزان ونجران وعسير،حين كان الأمير عبدالله الوزير مثلاً للإمام يحيى في المفاوضات مع السعودية، والتي تكللت باتفاقية الطائف عام 1934، التي وقعها عبدالله الوزير نيابة عن الإمام..
ملحمة الإمام أحمد الشعرية:
وهي قصيدة ملحمية سردية تصور حياة الإمام أحمد، ابتداء من قوله: «إلا أني بليت بهاشمي خؤولته بنو عبدالمدان» في إشارة إلى أخيه سيف الإسلام عبدالله، الذي كان أخواله من بني المدان، وهي على طريقة قصيدة أبي جعفر المنصور التي يقول مطلعها:

«ولو أني بليت بهاشمي
خؤولته بنو عبدالمدان»

«فالملحمة الأحمدية تصور السيرة الذاتية لبعض الأحداث التي عاشها الإمام أحمد، ويستطيع القارئ أن يجزم بأن القصيدة منتحلة على الإمام أحمد فهي لم تشتهر في حياته، أو تعرف أنها له، والكاتب يشير إلى أن الإمام أحمد كتبها في مرضه بعد إصابته برصاص اللقية والعلفي، ولزومه سريرالمرض، ولأن الخط ليس خط الإمام ولا خط من عرف من كتابه، فقد نسب لشخصية وهمية اسمها «عبدالمحسن» التي تولت فترة الجوابات على الناس باسم الإمام أحمد»97-98ص.

يؤكد اللواء محمد علي الأكوع على أن الذين تولوا مؤامرة اغتيال الإمام يحيى هم بيت الوزير والفضيل الورتلاني والكبسي، ويبرئ جمال جمال من الاشتراك في المؤامرة، مع أن صحفياً مصرياً كان حاضراً بعد حركة 1948يؤكد اشتراك الجيش من خلال سيارة فوقها رشاش في عملية الاغتيال.. ويرى أن الإعدامات التي تمت للمشاركين بحركة 48م تمت بدون محاكمات بالرغم من أن مقتل الشهاري المتوكل رئيس محكمة الاستئناف بصنعاء كان بسبب حكمه بالإعدام لمن شارك بمؤامرة اغتيال الإمام يحيى، إلاّ أن الأكوع ينفي ذلك ويقول: «لكن الحورش والمسمري والعنسي والوجيه أعدموا كغيرهم بلا حكم شرعي، أو دعوة أو إجابة، أو استئناف،إلاّ بعد ثلاثة أشهر من آخر الإعدامات.حيث صدر حكم عجيب بتوقيع يحيى محمد عباس الشهاري المتوكل وأحمد محمد زبارة»120ص.. في الوقت الذي ينفي اللواء الأكوع أي محاكمات جرت قبل الإعدامات في 48م، إلاّ أن الأستاذ محمد عبدالله الفسيل «ورغم كل ما ناله من الإمام أحمد فإذا به اليوم يرى بقناعة كاملة بأن الإمام أحمد لم يعدم أو يسجن أحداً إلاّ بحق».. بل ويشير الأكوع إلى أن الشامي كان مشتركاً في عملية الاغتيال من خلال تتبعه لسير الإمام يحيى ،فـ «قد ركب بسكليتة، ليتتبع سير الإمام يحيى فأخبر عبدالله الوزير بذلك ليرسل القردعي وأصحابه ليغتالوا الإمام »122ص،وهذا اتهام ينقصه المنطق؛ لأن عملية الاغتيال تمت بكمين رتب له في بيت عبدالله أحمد الوزير كما تقول صاحبة «يتيمة الأحزان من حوادث الزمان» المنسوب لـ«تقية بنت الإمام يحيى حميد الدين» أي في بيت زوجها الذي كان ممن خططوا مع الورتلاني لعملية الاغتيال، ولهذا فموضوع البسكليتة غير مقنع!.
حديث الأكوع عن النعمان:
يقع الأكوع في أخطاء منها قوله: إن الاستاذ حصل على الشهادة العالمية في زبيد، والحقيقة هو أن الاستاذ النعمان حصل على إجازة علمية من علماء زبيد، وحين سافر إلى مصر أواخر الثلاثينيات لم يقبل في الدراسة بالأزهر بسبب عدم حصوله على شهادات إعدادية أو ثانوية «شهادة البكالوريا»، فتم قبوله للدراسة لمدة عام يحصل بعدها الطالب على شهادة تسمى العالمية، وفي رأيي أن الالتحاق بالأزهر والحصول على هذه الشهادة لا يشترط فيها حصول الطالب على شهادات من المدارس، لهذا يستطيع أي مستمع أن يلتحق بهذا النوع من التعليم، وهو نفس الشأن مع الأستاذ محمد محمود الزبيري حين جاء إلى مصر وساعده النعمان على أن يلتحق مستمعاً فقط لا غير بدار العلوم، وبالتالي فلا النعمان خريج الأزهر ولا الزبيري خريج دار العلوم... عندما جاء سيف الإسلام القاسم بصحبة الزبير إلى تربة ذبحان، وكان ذلك بداية تعرف الأستاذ النعمان بالزبيري، فقد سبق أن عرف أباه القاضي محمود الزبيري من زبيد، وكان القاضي يستعين بالنعمان في كتابة الأحكام لحسن خط النعمان، إلاّ أن الأكوع يقول: «لما أمر الإمام يحيى الأمير علي الوزير بالوقوف على حقيقة أمري ومدرستي بذبحان فجاء معه القاضي محمود الزبير وابنه محمد فلفت نظري كشاب مربوع القامة صبيح الوجه بلحية بأول بزوغها»134ص. وباعتقادي أن القاضي محمود كان قد توفي، وأصبح الزبيري من ضمن بطانة علي الوزير، وأن أمر الإمام يحيى بالوقوف على حقيقة المدرسة بذبحان كان سببه التقرير الذي كتبه الاستاذ النعمان والحاكم المجاهد وعامل التربة، وقد كان التقرير بخصوص اتهام الاستاذ محمد أحمد حيدرة بالكفر بسبب طريقة تعليمه لمواضيع تتعلق بالجغرافيا والقول بدوران الأرض، وبث الروح الوطنية، وتعليم التلاميذ الأغاني والعزف على العود!.

يحاول الأكوع تبرئة الرئيس السلال من رفض إعطاء الإمام البدر الأمان الذي طلبه، وأن يتركوه يذهب للعيش في مصر، ويحيل أسباب هذا الرفض إلى عنفوان «عبدالله جزيلان» الذي قطع الطريق على المترددين حين «نهر العروسي رسول البدر بشراسة، وأمره بالانصراف وإبلاغ البدر بأنها ثورة الشعب العظيم لن يقبل المساومة، وأن لا أمل له إلاّ بالاعتراف بالهزيمة وأن أمره آيل إلى تحكيم السيف»151ص.ومن المعروف لدى المتواجدين في القيادة «مدرسة السلاح» أن السلال وجزيلان هما من رفضا إعطاء البدر الأمان بسبب قربهما منه قبل الانقلاب عليه، وممن يؤكدون ذلك اللواء عبدالله الراعي في مذكراته، والتي يؤكد فيها تطرف السلال وجزيلان ورفضهما إعطاء أمان للإمام البدر، وإعطائهم الأوامر بالقصف على القصر ودفن الإمام تحت الانقاض!.

لم يشر الأكوع على تسلل البدر لبيت قريب من دار البشائر، مكتفياً بقوله: «فبادر بالتسلل من داره نحو باب البلقة، فهناك بيت النقيب علي مانع، أحد نقباء عكفة والده الإمام أحمد الموثوق بهم لصالحه»152ص... يشير الأكوع إلى أنه حين ارسل عبدالله الوزير إلى سجن نافع في حجة مع آخرين «وكان معه الرئيس النقيب جمال جميل العراقي».وإذا به يتأفف من وجوده وإياه في سيارة واحدة فيقول: «ابعدوا هذا العلج العراقي من عندنا، فكان بذلك أشد على الرئيس جمال جميل من الهزيمة والعذاب المنكر الذي ناله الجنود والرهائن وسجناء قلعة السلاح حسب مذكرات جمال جميل»157ص...وباعتقادي أن سبب موقف عبدالله الوزير تجاه جمال جميل يعود إلى الصراع الذي كان مضمراً بين الورتلاني وجمال جمال، بسبب سيطرة الورتلاني على آراء وقرارات عبدالله الوزير أثناء إدارة الانقلاب بعد اغتيال الإمام يحيى حميد الدين.
عن الشيخ حسن الأحمر :
حين يتحدث الأكوع عن الشيخ حسين بن ناصر بن مبخوت الأحمر، والذي ذهب للقتال مع الإدريسي فـ«عاتبه الإمام يحيى لما يذهب إلى الإدريسي الشافعي وهو زيدي المذهب فسخر منه وقال له: لقد افقرتنا، ولهذا فإن الادريسي إمام الذهب وأنت إمام المذهب»188ص، وما هو متداول هو قول الشيخ حسين الأحمر، والعديد من المشايخ الذين ذهبوا للقتال مع الإدريسي ضد الملك عبدالعزيز آل سعود، هو قولهم: «الإمام يحيى إمام المذهب والإدريسي إمام الذهب»، دون أن يكون في ذلك سخرية، أو زعم بأنه أفقرهم، فذلك ديدن القبيلي في تعدد انتمائه للذهب والمذهب طيلة تحولات الأحداث في اليمن!.
عن علي الوزير:

يشير الأكوع إلى سعي الأمير علي الوزير «للاستعانة بالإنجليز بعدن لعونه بالرجال والسلاح، ليكون ابن عمه عبدالله إماماً. وأنه سيعقد معهم معاهدة يكون لهم منها الأفضلية.وكان الواسطة أحمد الأصنج عم الأستاذ عبدالله، فرفع والي عدن المسألة لوزارة المستعمرات بلندن فأجابت بأن يوقف المسألة تماماً، فعلاقتنا مع الإمام يحيى جيدة، وهذا حسب وثيقة محفوظة بمركز الدراسات»193ص.
حكاية التيمم:

يورد اللواء محمد علي الأكوع قصة تيمم القاضي محمد علي الأكوع الحوالي المؤرخ، فيقول: «وذات يوم جئته فرأيته يحضر تراباً ليتيمم لحساسية عرضت له من الماء، فعاذلته قائلاً: إن الصلاة بدون تراب أصوب، فأصر وطلا وجهه بالتراب»220ص.
وهذه قصة تبين مدى اختلاق اللواء الأكوع للحكايات، فالقاضي والمؤرخ محمد علي الأكوع الحوالي لا يجهل كيفية التيمم حتى يطلي وجهه بالتراب!.


في الأحد 26 أغسطس-آب 2012 12:15:44 ص

تجد هذا المقال في الجمهورية نت
 
قديم 08-31-2012, 01:51 AM   #89
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الاصنج من الذاكرة

من ذاكرة الاستاذ عبدالله عبدالمجيد الاصنج



الثلاثاء, 31 تموز/يوليو 2012 23:36

ذكريات الاستاذ عبدالله عبدالمجيد الاصنج في عشر حلقات كما رواها على شاشة قناة " شباب اليمن "



الحلقة الاولى





الحلقة الثانية





الحلقة الثالثة





الحلقة الرابعة





الحلقة الخامسة





الحلقة السادسة





الحلقة السابعة





الحلقة الثامنة





الحلقة التاسعة





الحلقة العاشرة والأخيرة



 
قديم 09-08-2012, 11:12 PM   #90
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


نجل المشير عامر: عبدالناصر قتل والدي ليغطي نكسة 67

أدلى الدكتور عمرو عبد الحكيم عامر، نجل وزير الحربية الأسبق في حكومة الرئيس المصري جمال عبد الناصر المشير عبد الحكيم عامر، بتصريحات لجريدة "الجمهورية" أعلن فيها اتهامه الصريح والمباشر للرئيس عبد الناصر بأنه وراء اغتيال والده.


وبرر عمرو عبد الحكيم ما ذهب إليه بأن عامر كان تحت الإقامة الجبرية عقب نكسة 67، وبالتالي حمايته كانت مسؤولية الرئيس عبد الناصر، لكنه وبسبب مخاوف أن يقود والده المشير عامر انقلاباً باعتباره كان من أقوى رجالات الجيش للحب الجارف الذي يملكه بين الجنود تم التخلص منه، مؤكداً أن عبد الناصر غدر بوالده وجعله كبش فداء حتى تختفي معالم الحقيقة التي أدت إلى النكسة.

وتابع أن القضية التي قامت الأسرة برفعها وصلت إلى مراحل متقدمة للإعلان عن الفاعل الرئيسي في جريمة قتل والده وستعلن المحكمة المختصة بالفصل في الوثائق التي قدمناها نهاية العام الماضي عن التفاصيل خلال أيام قليلة مقبلة.

واعتبر نجل عامر أن ثورة يوليو كانت محددة الأهداف وأن القائمين بها كان لديهم هدف وطني غير عادي باعتبار أن فشلها سيؤدي إلى قتلهم جميعاً، أما ثورة يناير فإنها ثورة شعبية غير محددة الأهداف وليس لها قائد استطاعت جماعة الإخوان الإفادة من مكاسبها، مبيناً في تصريحاته أنه يتخذ من جماعة الإخوان المسلمين موقفاً سلبياً.

وأعلن نجل عامر تأييده للمصالحة مع رموز النظام السابق القابعين في طرة بردهم الأموال المتهمين بالاستيلاء عليها مقابل الإفراج عنهم، لأنها مهمة في إنقاذ الوطن من حالة التردي المالي السلبي الذي يحتاجه في الوقت الحاضر مع طردهم خارج البلاد.

•الكاتب : الأهالي نت- العربية نت
•التاريخ : 2012-09-08 11:51:14
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas