اليمن: قاتل جار الله عمر شكل خلية متشددين والمحققون ما زالوا يبحثون عن صلة لـ«القاعدة

[ابن حضرموت]

يدرك المحققون في حادثة اغتيال مساعد الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني، جار الله عمر، الحقائق الاساسية التي تتلخص في ان القاتل، احمد علي جار الله كون خلية صغيرة من المتشددين بغرض «ضرب اعداء الاسلام في اليمن». حسب اعتقاده. فقبل عامين قرأ على مصلين في مسجد خلال حديث له قائمة قال انها تضم اعداء الاسلام في اليمن من ضمنهم مستشفى يديرها معمدانيون اميركيون. وقال جار الله خلال حديثه في المسجد ان «في جبلة مستشفى معمدانيا يعتبر مصدرا للنشاطات المسيحية في المحافظة» وأضاف ان «المسلمين يعتنقون المسيحية في هذا المستشفى» وان «القرآن الكريم يرمى في مراحيض المساجد».
قرر احمد علي جار الله اتخاذ خطوة عملية، اذ اقدم على اغتيال السياسي المعروف والامين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني جار الله عمر، وبعد يومين من الحادثة اغتال واحد من اتباع احمد علي جار الله يدعى عابد عبد الرازق كامل ثلاثة اميركيين في مستشفى ظل يقدم الرعاية الصحية لسكان مدينة جبلة على مدى 35 عاما. ولا تزال الإجابة غائبة على سؤال مهم هو: هل للهجومين، اللذين أثارا غضب يمنيين ليسوا من المتعاطفين مع الولايات المتحدة، صلة بشبكة «القاعدة»؟
للاجابة عن هذا السؤال يقول المحققون انه حتى الآن لم يظهر ما يشير الى وجود صلة مباشرة للهجومين بشبكة «القاعدة»، رغم ان العثور على مثل هذه العلاقة لن يكون امرا مفاجئا. فاليمن، ذو الطبيعة الوعرة والتركيبة القبلية والانتشار الواسع للسلاح هي المكان الذي يعتبره اسامة بن لادن وطنا لأسلافه. يضاف الى ذلك ان اعضاء تنظيم «القاعدة» لجأوا الى اليمن منذ هجمات 11 سبتمبر وقتلوا ايضا هناك، كما حدث في العملية التي قتل فيها قيادي في شبكة «القاعدة» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بصاروخ اطلق من طائرة اميركية تعمل بدون طيار. وفيما لا يستبعد احد وجود علاقة لشبكة «القاعدة» بالهجومين الاخيرين، يقول المحققون ان ما ظهر حتى الآن هو ان المتشددين المحليين تأثروا بالفكرة الاساسية لتنظيم «القاعدة» القائمة على تبني العنف باسم نموذجهم المتشدد للاسلام لتحقيق اهداف سياسة محلية. ويقول المحققون ان مقتل الاطباء الاميركيين ربما يشير الى تورط «القاعدة»، بيد ان مقتل جار الله عمر، وهو مسلم، لا يشير الى وجود هذه العلاقة. وبصرف النظر عما اذا كانت هناك علاقة لشبكة «القاعدة» بالحادثتين الاخيرتين، يقول مسؤولون وخبراء ان ما حدث خلال الايام الاخيرة قبل بداية العام الجديد يشير مجددا الى صعوبة اساسية في مكافحة مثل هذه الهجمات خصوصا في دولة على مقربة من الجهود الاميركية لمكافحة الارهاب. يقول خبير علم الاجتماع المعروف رشاد العلمي ان الايديولوجيا تعتبر اكثر الاشياء خطورة، فالشخص عندما يصبح اسيرا للايديولوجيا يمكن ان يستخدم اشياء صغيرة في حجم القلم او السكين وينفذ بها هجوما ارهابيا. ما يمكن ان يستخلص من الهجومين الاخيرين من نتائج حول الوضع الحالي لشبكة «القاعدة» لا يزال يشكل سؤالا مفتوحا هنا. فالبعض يعتبر الحادثتين مؤشرا على فعالية فكرة «القاعدة» كشبكة من الناشطين المنتشرين الذين تحثهم القيادات على تنفيذ هجمات دون ان تشارك هذه القيادات في تدبير وتنسيق هذه الهجمات. ويرى البعض ان هذه الهجمات ربما تشير الى علامات ضعف من جانب «القاعدة»، اذا ان غياب أي صلة محددة قد يشير الى تحقيق تقدم في إحداث ربكة في صفوف شبكة «القاعدة» في اليمن منذ هجمات 11 سبتمبر عندما اعلن الرئيس اليمني على عبد الله صالح موافقته على التعاون مع واشنطن في شن حملة على المجموعات المتشددة هنا. ربما تكون الخلايا الارهابية قد اجبرت للعمل في صورة خلايا صغيرة ومجموعات اقل تنظيما مثل تلك التي قالت السلطات ان علي احمد جار الله يتزعمها،اذ يقول العلمي ان مثل هذه الخلايا لا تضم اكثر من عضوين آخرين ملتزمين. تجدر الاشارة الى ان السلطات اليمنية سبق ان اصدرت حكما بالسجن ستة اشهر على علي احمد الجار الله بسبب الحديث الذي ألقاه في المسجد واشار فيه الى مستشفى جبلة المعمداني.
*خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الاوسط