المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > شؤون عامه > الســقيفه العـامه
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


تقنية التعليم

الســقيفه العـامه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-22-2009, 05:58 PM   #1
خليل باكرشوم
حال نشيط
 
الصورة الرمزية خليل باكرشوم


الدولة :  المملكة العربية السعودية
خليل باكرشوم is on a distinguished road
خليل باكرشوم غير متواجد حالياً
افتراضي تقنية التعليم

هذه الدراسة الرائعة للدكتور بدر الصالح نشرت في مجلة المعرفة وتم نشرها هنا للفائدة ـ لاسيما ونحن مقبلون على دمج التقنية مع المناهج من خلال المشروع الوطني الطموح " مشروع عبدالله بن عبدالعزيز وأبنائه الطلبة للحاسب الآلي ـ وطني ـ " بالمملكة العربية السعودية..

أما قبل ....

هذه ورقة موجهة إلى التربويين وصناع القرار:

المعلمين في مدارسهم وأساتذة كليات التربية والمعلمين خصوصاً والجامعات عموما، وصناع القرارات التربوية سواء من هم في قمة الهرم الإداري أو في القيادة الوسطى: إلى هؤلاء جميعاً نوجه هذه الورقة،وفيها مقارنة بين الوجه الشائع لتقنية التعليم ووجهها الآخر ، مقارنة تتناول المحاور التالية:

تقنية التعليم والهوية المفقودة، تقنية الآلات وتقنية المنظومات، تقنية التعليم والإصلاح التربوي، تقنية التعليم وتطوير برامجها، تقنية التعليم وبرامج التعليم عن بعد، تقنية التعليم وبرامج التدريب، تقنية التعليم والبحث العلمي، تقنية التعليم والنشر العلمي، خدمات تقنية التعليم، تقنية التعليم بين الدمج والإضافة.

المحور الأول : تقنية التعليم والهوية المفقودة
تقنية التعليم في وجهها الشائع هي مجال بلا هوية، فلا أطر نظرية توجه ممارساته النظرية والتطبيقية، ولا حدود أكاديمية واضحة تحكم مناهجه وبرامجه لتؤدي دورها في بناء نظرية المعرفة (Epistomology) وتوليد النماذج التطبيقية. على المستوى المحلي، مثلاً، تقنية التعليم هي فرع من أقسام المناهج أو التربية تارة، أو قسم خدمات أو إدارة الأجهزة تارة أخرى، أو مركز للوسائل يقدم بعض القرارات الدراسية. باختصار (( بعضهم يعرف تقنية التعليم السلوكية، وبعضهم الآخر يؤكد على المنتجات التقنية، فيما يركز آخرون على مفهوم العملية. إن تقنية التعليم ليست معروفة في الأوساط التربوية، أو على الأقل ليست مفهومة بوضوح)) .

الوجه الآخر لنظرية التعليم هو أنها نظرية ومجال ومهنة: نظرية حول كيفية التعرف على مشكلات التعلم الإنساني وحلها، ومجال يعمل على تطبيق المبادئ النظرية في حل تلك المشكلات، ومهنة يعمل ممارسوها ضمن معايير خاصة ويؤدون واجبا معينة، ويشتركون في بناء مكونات المجال.

الأساس المهني لتقنية التعليم، إذا يعتمد على النظرية والتطبيق، حيث يتوافر لهذه المهنة حاليا قاعدة معرفية لدعم التطبيق. وبعبارة أخرى ، يشتمل كل واحد من مكونات المجال (التصميم والتطوير والاستخدام والإدارة والتقويم) على وعاء معرفة يقوم على البحث والخبرة، ويساهم في بناء النظرية وتوليد النماذج التطبيقية. وتستخدم النظرية والتطبيق في مجال تقنية التعليم النماذج الإجرائية (Procedural Models) استخداما مكثفا، وتعمل هذه النماذج التي تصف عملية تصميم التعليم على ربط النظرية بالتطبيق.

المحور الثاني : تقنية الآلات وتقنية المنظومات:

الوجه الأكثر شيوعا لتقنية التعليم هو تقنية الآلات (Tool Technology) ، قديمها الأجهزة السمعية البصرية مثل الأفلام المتحركة والثابتة.. إلخ وحديثها التقنيات المعتمدة على الحاسوب مثل اسطوانات الفيديو التفاعلية والوسائط المتعددة.. إلخ. هذه النظرية تعكس المفهوم المادي أو مفهوم الوسائل لتقنية التعليم (Physical or Media Concept) وهو مفهوم يرتكز على البعد الخاص بمنتجات التقنية من مواد وأجهزة، وهي نظرية شائعة ليس على مستوى العامة، ولكن في الجامعات والمدارس، بل وحتى لدى الغالبية من أساتذة كليات التربية والمعلمين (من غير المتخصصين في المجال). هذا المفهوم لتقنية التعليم لا يمكن فصله عن المفهوم الشائع للتقنية عموماً، فالتقنية بالنسبة للكثيرين هي الآلات والأدوات الإلكترونية(Hardware) التي تمثل ((الجوانب الملموسة)) من التقنية، وتستخدم في مناحي الحياة اليومية. ولكن يغيب عن أذهاننا أحيانا في حمى الانبهار التقني أن هناك جوانب عديدة (( غير ملموسة )) في التقنية هي العمليات والنظم والمهام المعقدة التي ينبغي تخطيطها وتنفيذها وإدارتها وتقويمها للحصول على المنتجات المطلوبة. من هنا يأتي تعريف التقنية بأنها (( التطبيق المنظم للمعرفة العلمية)). ليؤكد على أن الآلة تعتمد على الأسلوب ( النظام أو العملية أو الطريقة ) وهي جزء بسيط منه. في ضوء المفهوم المادي إذا، تقنية التعليم هي الوسائل التعليمية أو الوسائل السمعية البصرية (أو وسائل الإيضاح كما يحلو للبعض أن يسميها)، وبعبارة أخرى هي تقنية المنتجات (Product Technology) أو المصادر التعليمية التي يستخدمها المعلم في التعليم. من هذا المنظور يبدو أن الأمر لا يعدو أن يكون استبدال مسميات تقليدية ( الوسائل السمعية البصرية ) بأخرى معاصرة (تقنية التعليم)، أما المضمون فلم يتغير. وفي الوقت الذي تولد عن هذه الرؤية لتقنية التعليم نتائج سلبية عديدة يمكن إجمالها في تهميش المساهمات التي يمكن لهذا الميدان الحيوي تقديمها للتربية والتعليم، فإن مما يؤسف له أن هذه الرؤية ازدادت تكريسا بتأثير من المتغيرات التقنية المعاصرة خصوصاً تقنية الحاسوب.

الوجه الآخر لتقنية التعليم هو تقنية النظم (Systems Technology) ، وهي تقنية ترتكز على مفهوم العلوم السلوكية (Behavioral Science Concept) الذي يعطي لمفهوم العملية (Process Concept) الأولوية في الدراسة والبحث والتخطيط، وهو ما يقع ضمنا في تصميم علم الجودة، كما سنوضح لاحقا. من هذا المنظور، فإن تقنية التعليم هي عملية منظمة (Systematic) وشاملة (Systemic) وموجهة بالأهداف تأخذ في الاعتبار جميع المتغيرات ذات العلاقة مبدعة ومتزامنة.

في هذا الإطار يتسع الوجه الآخر لتقنية التعليم ليشمل ليس فقط تقنية المصادر أو الوسائل التعليمية (الجوانب الملموسة من التقنية) مثل أدوات التعليم الإلكترونية والمواد أو البرامج المستخدمة معها (Software)، وإنما أيضا المنتجات الملموسة بدرجة أقل، وهي برامج التعليم (أو التدريب) التي تصمم لتوظيف المنتجات الملموسة في نقل الرسالة التعليمية للمستفيدين، وكذلك الجوانب غير الملموسة المتمثلة بتقنية العملية (Process Technology) هذا المفهوم لتقنية التعليم الذي جاء نتيجة تمازج جذور معرفية من مجالات ونظريات علمية مختلفة مثل الاتصال والتعليم والتعلم والنظم وإدارة التغيير وغيرها، يعني باختصار شديد توظيف المبادئ المشتقة من هذه النظريات والمجالات في تحليل المشكلات التعليمية تحليلاً منظما وشاملا بهدف إيجاد الحلول المناسبة لها. إن منهج تقنية التعلم في ذلك هو ((تصميم النظم العلمية)) ( Instructional Systems Designs ) الذي يمثل أكثر مجالات تقنية التعليم نضجاً في قاعدته المعرفية والتطبيقية.

ويوظف هذا المجال نماذج إجرائية تعرف بنماذج التصميم (أو التطوير) التعليمي (Instructional Design Models).

وبرغم اختلاف هذه النماذج وتنوعها، إلا أنها غالباً ما تتبع النموذج العام الذي يتكون من مراحل التحليل (تحديد ما ينبغي تعلمه)

والتصميم ( تحديد مواصفات النظام التعليمي ) والتطور (إنتاج النظام التعليمي ) والتنفيذ ( استخدام النظام التعليمي ) والتقويم ( تقرير كفاية النظام التعليمي ).

ونظراً للتشابه بين مصطلحات عملية تصميم النظم التعليمية وإجراءاتها وبين المصطلحات والإجراءات المستخدمة في العلوم التطبيقية، يشير بعضهم إلى مجال تصميم النظم التعليمية بهندسة التعليم ( Instructional Engineering ). وهو ما يؤدي أحياناً الى ردود فعل غير إيجابية لدى بعض التربويين الذين يرون في هذا المنهج تبسيطاً واختزالاً لعملية بالغة التعقيد مثل العملية التربوية، ومحاولة لميكنة هذه العملية وتفريغها من الطابع الإنساني المميز لها والحد من ابتكارية المتعلمين، سيما وإن تصميم التعليم هو عملية موجهة بأهداف إجرائية يقاس مدى تحقيقها من خلال اختبارات محكية المرجع. وحيث لا يتسع المجال لمناقشة هذة القضية، إلا أنه يكفي الإشارة الى أن التصميم التعليمي هو علم يرتكز على عملية تحليل الحاجات وتقديرها ( Needs Assessment ) بغرض تصميم تعليم ( أو تدريب ) يلبي حاجات الفرد والمؤسسة، وهو بهذا لا يحتاج الى دفاع قوي في مقابل التعليم التقليدي الذي سلب التعلم طابعه الإنساني من خلال ( عسكرة ) العملية التعليمية وهيمنة المعلم المطلقة عليها. باختصار شديد يمثل نفهوم التصميم التعليمي (أو تقنية النظم التعليمية ( Instructional Systems Technology)) – كما يسمى أحياناً – الوجه الآخر ( الحقيقي ) لتقنية التعليم وقلبها النابض ووجهها المشرق الذي حافظ على حيوية المجال ونموة على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن تقريباً.

إن أحدث نظرية في المجال ، عرفت تقنية التعليم بأنها " النظرية والتطبيق في تصميم العمليات والمصادر وتطويرها واستخدامها وإدراتها من أجل التعليم " . هذه النظرية التي جاءت بعد سبعة عشر عاماً من آخر تعريف للمجال، وعلى مدى ثلاث سنوات من العمل الدؤوب للجان عديدة، حافظت على التوجه العام لتقنية التعليم كأسلوب نظم في تصميم التعليم، ولكنها فتحت الباب واسعاً للتيارات النظرية الحديثة خصوصاً التطورات في ميدان النظرية الإدراكية البنيوية .

في هذا الإطار إذ ، يتجاوز الوجه الآخر لتقنية التعليم " الرقع المحدودة من الوسائل السمعية البصرية التي ندخلها على نظام تربوي تقليدي" ويتجاوز " البعثرة والهدر" في المصادر التعليمية ، يتجاوز ذلك كله إلى " التطبيق المنهجي المنظم لكل حصاد المعرفة العلمية والتقنية على عملية اكتساب المعارف واستخدامها.

لقد حاول رواد المجال منذ حوالي أربعة عقود من الزمن أن يبرزوا هذا الوجه المشرق لتقنية التعليم. فهذا روبرت جلاسر (Robert Glaser) يؤكد على أن مفهوم تقنية التعليم يعد مرادفاً لتصميم التعليم وهذا جيمس فن ( James Fann) يشير – وكأنه يتوقع معضلة الوسائل السمعية البصرية وتقنية التعليم – إلى " أن التربوي وهو يحلل أثر التقنية على العملية التعليمية يجب أن يتذكر أن التقنية لا تشمل الآلات فقط بل العمليات والنظم والإدارة والإشراف".

بناءً على ما تقدم نقول : إن المختص في تقنية (أو تصميم ) التعليم ليس فنانً في الرسم أو التصوير الفوتوغرافي أو هندسة الفيديو، كما أنة ليس اختصاصياً في تركيب الأجهزة أو صيانتها وتشغيلها، فهذه مهن لها متخصصوها ضمن الوظائف المساندة في مجال تقنية التعليم مثل فني الوسائل ( Media Technician)الذي يقوم بتركيب الأجهزة وتشغيلها وصيانتها ، واختصاصي الوسائل (Media Specialist) الذي يرشد المعلمين لاستخدام الأجهزة والبرامج . المختص في تقنية التعليم هو مصمم للتعليم وبيئات التعلم بكل ما تتطلبه هذه المهمة من مهارات في تقدير الحاجات وتحديد للأهداف و الأولويات وتحليل للمهمة أو المهارة ( Task or Oskill Analysis ) وصياغة للأهداف الإجرائية ( Operational Objectives ) وبناء لهرميات التعلم ( Learning Hierarchies ) ( وقياس للسلوك المدخلي ( Entry Behavior) وتسلسل للتعليم واختيار لاستراتيجياته و أساليبه وتقنياته، ثم تطوير (إنتاج) مواصفات التصميم هذه على هيئة نظام ( أو منتج) تعليمي ( مقررات أو مناهج ، حقائب تعليمية ، برمجيات تعليمية .. إلخ) وتقويم هذا النظام تكويناً ( أثناء مرحلة إنتاجه) من خلال تجربته مع عينة من أفراد الجمهور المستهدف في سلسلة من حلقات التجريب – الاختبار – التنقيح حتى يصل الى المستوى المقبول من الفاعلية والكفاءة تحقيق أهدافه ( التحصيل الدراسي في حالة التعليم ومهارات المتدربين في برامج التدريب) .

ثم استخدام النظام وتوفير الدعم التعليمي والفني ( تدريب مثلاً) وتوظيف استراتيجيات التغيير ( أو التجديد) المرتبطة بنشر الابتكار

( النظام) بغرض قبوله بوساطة أكبر عدد من أفراد الجمهور المستهدف وتبنيه ، ثم تنفيذه من خلال ( دمجه) وليس ( إضافته) في البنية التربوية المقصودة، وإدارة النظام ويشمل ذلك إدارة عمليات التصميم والمصادر و المعلومات ونظم نقل الرسالة التعليمية والجودة، وأخيراً تقويم كفاءة النظام الداخلية والخارجية . في هذا الإطار (فقط) يمكن لتقنية التعليم أن تحقق غايتها من توظيف التقنيات ( مواد و أجهزة ) في حل المشكلات التعليمية بأقصى قدر من الفاعلية والكفاءة، وأن تضع بصمتها المؤثرة على مخرجات التربية و التعليم .

ولعل من حسن حظ هذا العلم الشاب أن تدعم النظريات والتجارب الحديثة منطلقاته ومرتكزا ته، فأحد أدوات تقنية التعليم هو التقويم التكويني ( Formative Evaluation) ووظيفته المحددة هي رصد نقاط الضعف والقوة في المنتج ( أو النظام ) بغرض تحسينه باستمرار أثناء مراحل إنتاجه وتنفيذه وإدارته.

فقط النظام أو العملية أو المنتج الذي تثبت صلاحيته يبقى والإ فإنه يستبعد .

إن الثقة في المنتج تعتمد على العملية التي وظفت للحصول عليه. إن هذا يذكرنا بأول مبادئ علم الجودة الذي يقول " لا يمكن التفتيش عن الجودة في المنتج" في إشارة واضحة الى أهمية العملية و ضرورة التحقق من الجودة في كل عملية وعدم الانتظار إلى النهاية للتفتيش عن الجودة، حتى نضمن رضى المستهلك من أول
مرة وكل مرة ومن المعروف أن المؤسسات غالباً ما توجه جهودها في عملية قياس أدائها ومخرجاتها نحو الأفراد العاملين فيها بدلاً من النظم والعمليات التى تعملون من خلالها . فإذا حدث تدن أو تراجع في مستوى الأداء أو الإنتاجية فإن من الشائع أن نسمع عبارة أن النظام جيد، ولكن التقصير سببه الأفراد أنفسهم مما قد يترتب عليه تغيير مواقع العاملين في المؤسسة أو استبدالهم وإحلال آخرين مكانهم أو تقديم برامج تدريبية في مهارات العمل أو ضخ أموال أو تقنيات.. الخ .

ولكن منذ الستينيات الميلادية، أشار أحد رواد علم الجودة (Deming W. Edward) إلى أن أهم ما توصل إليه هو أن 85% من مشكلات الأداء التى تشكو منها المؤسسات هي نتيجة العمليات أو الإجراءات الخاطئة وليس الأفراد العاملين فيها. ولذا، فالمؤسسات التى تركز على 15% من المشكلات، وهى المشكلات المرتبطة بالعاملين أنفسهم لا تستطيع أن تحقق التحسينات المطلوبة في أداء النظام حتى لو حلت كل هذه المشكلات.

وبعبارة أخرى يؤكد علم الجودة على أن أغلب نتائج الأداء سببها العمليات التي توظف في تنفيذ ذلك الأداء، أي أن المخرجات الجيدة هي نتائج عمليات رديئة .

إن التطبيق في تقنية التعليم يتصف بالسعي لتحقيق مخرجات اقتصادية تتسم بالكفاءة. وبعبارة أخرى، تسعى تقنية التعليم إلى تحقيق اقتصادية التعليم من خلال تحقيق أهداف قابلة للقياس بمستوى فعـال من حيث التكلفة في الوقت والجهد والمصادر (Cist-Effective).

وقد بينت التجارب أن البرنامج والمواد التى تنتج بوساطة عملية تقنية التعليم (التصميم التعليمي) تتمتع بفاعلية عالية .

ويمكن تبرير الاستثمار الواسع في برامج تعليمية تتصف بالجودة العالية وتقليل كلفتها من خلال الاستخدام الجماهيري لهذه البرامج. "إن استخدام برامج ثبت صلاحيتها من خلال التجريب والاختبار لن تكون مكلفة أكثر من البرامج التى تستخدم دون توافر معايير الاختبار والصلاحية".

المحور الثالث: تقنية التعليم والإصلاح التربوي :

الوجه الشائع لتقنية التعليم لا يخولها أن تلعب دوراً أو أن يكون لها صوت من مشاريع الإصلاح أو التجديد التربوي مثل تطوير المناهج، ذلك أنه في ضوء المفهوم المادي أو مفهوم الأجهزة لتقنية التعليم (Hardware Approach) لا يبقى لمختصيها مكان بين خبراء المناهج أو أساتذة التربية. وإذا حدثت وسمحت الظروف أن يشارك مختصو تقنية التعليم في تلك المشاريع، فإن مشاركتهم بالتأكيد لن تكون في قائمة التخطيط أو التحضير، وإنما في آخر سلم المهام التنفيذية. ولهذا، لا غرابة في أن توجه دعوة وكالة وزارة المعارف للتطوير التربوي إلى أعضاء هيئات التدريس الراغبين في المساهمة في مشاريع تطوير المناهج في المملكة، وهي الدعوة التى شملت كليات وأقسام عديدة في الجامعات السعودية، ليس من بينها أقسام تقنية التعليم .

الوجه الآخر لتقنية التعليم وفي ضوء ما لخصناه آنفاً من مبادئ تصميم النظم التعليمية، يمكن أن يساهم مساهمة فاعلة في دعم جهود الإصلاح التربوي. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ازداد تأييد تقنية التعليم ودعمها من قبل صانعي السياسة التربوية، وأصبحت تقنية التعليم واحدة من بين أهم ستة قضايا في أولويات المدارس الأمريكية، كما أعد مكتب تقنية التعليم في وزارة التربية الأمريكية خطة طويلة المدى لدمج التقنية في التعليم. بالإضافة إلى ذلك، اعتبرت تقنية التعليم أداة رئيسية في حركة الإصلاح التربوي، فقد تضمنت كل خطة للإصلاح التربوي تقريباً تقنية التعليم كواحدة من الأدوات الرئيسية للتغيير التربوي، وطلب من إدارة التربية في الولايات المتحدة إعداد خطط لتطبيقات تقنية التعليم في المدارس.

وفى سبيل إحداث التغيير التربوي المنشود، يأخذ المصمم التعليمي في الحسبان ثلاثة متغيرات رئيسية : أولها هو العملية المنظمة أو تطوير التعليم التى أشرنا إليها سابقاً (Instructional Development)، والثاني هو التطوير المهني لأعضاء هيئة التدريس (في المدارس، الجامعات … إلخ) (Faculty Development) والثالث هو تطوير المنظمة (Organizational Development) .

فإذا كانت مهارات الجمهور المستهدف (المعرفية أو النفسحركية أو الاتجاهات) ليست على المستوى المطلوب لقبول التغيير وتبنيه وتنفيذه، مما يعنى وجود قوى مقاومة للتغيير المطلوب، فإن هؤلاء يصبحون هدفاً لبرامج تدريب تنقلهم من معسكر الرفض والمقاومة إلى معسكر القبول والدعم. ومن الناحية الثانية إذا كانت المنظمة (المدرسة مثلاً) تفتقد المعايير والشروط المطلوبة لانجاح التغيير، وتصبح المنظمة هدفاً لخطة تنقل نظمها وسياساتها إلى مستوى الدعم المطلوب. المصمم التعليمي قد يواجه إحدى أو كلتا الحالتين، وهو في هذه المهمة يضطلع بدور القائم بالتغيير موظفاً في ذلك استراتيجياته ونماذجه.

ومن هنا إذاً، تتضح علاقة نظرية التغيير وإدارته بمجال تقنية التعليم، أخيراً، إذا طبقنا هذا النموذج على خطط تطوير المناهج في المملكة، هل سنكون في موقع المتفائل المطمئن؟ نرجو ذلك.

المحور الرابع: تقنية التعليم وتطوير برامجها:

الوجه الشائع لتقنية التعليم أنها على هامش البرامج التى تستحق التطوير والتجديد، ولذا، ليس غريباً أن تبقى مناهجها ومقرارتها وبرامجها سنين طويلة دون أن تتأثر بما يحدث على الساحة العلمية والفكرية. وإذا أجزنا لأنفسنا أن نحسب الفجوة بين التطبيق الحالي لتقنية التعليم على المستوى الأكاديمي المحلي والإقليمي العربي، وبين نظيراتها على الساحة الدولية بالسنوات لأمكن أن تصل إلى حوالي أربعة عقود من الزمن. بل حتى نمو الطاقة البشرية المختصة بطئ جداً، فأعداد المختصين في المجال محدودة إلى درجة كبيرة مقارنة – بأغلب التخصصات التربوية. وفى – الوقت الذي تمتع فيه مجال تقنية التعليم على المستوى العربي بدعم ملحوظة ولسنوات عدة من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من خلال مركز – التقنيات التربوية الذي كان يتبعها ومقره – الكويت والذي بدأ قوياً في مجالات النشر العلمي والتأليف والترجمة والتدريب، لم يقدر للمركز أن يستمر فطويت أوراقه وجفت أقلامه.

وفي غمرة المد التقني، تذكرت المنظمة المذكورة أهمية تقنية التعليم وضرورة تطويرها؛ فكلفت في العام 1418هـ بعض (الخبراء) في المجال لاقتراح برامج أكاديمية في تقنية التعليم على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. وبرغم الجهد الذي بذل في توصيف محتوى هذا البرامج، إلا أن الملاحظ أن هذه

البرامج خصوصا الدراسات العليا، خلت تماماً من الإشارة إلى الأطر النظرية التي توجه المجال. فالنظريات الإدراكية البنيوية وأساليب التعليم الحديثة التي تدعو إليها، غابت تماماً عن هذه البرامج، كما أن أحدث نظرية في المجال (تعريف 1994) الذي يستخدم في الجامعات الأمريكية ضمن معايير عديدة لتطوير برامجها في تقنية التعليم لم يرد له ذكر على الإطلاق. بل حتى جهود استشراف مستقبل التعليم على المستوى الإقليمي يمكن أن يتسع لمحاور عدة ولكل منها دراسات مستقلة، إلا تقنية التعليم التي يمكن أن تنضوي تحت أحد المحاور وأن يتحدث باسمها أفراد من غير المختصين في المجال.

الوجه الآخر لتقنية التعليم هو علم متجدد يرفض الجمود والتقوقع وينأى على التمترس خلف مفاهيم أصبحت من تاريخ النمو المعرفي للمجال ولذلك تؤثر التغيرات النظرية في توجه المجال وتطبيقاته. ولهذا كان التطور في مجال تقنية التعليم موازياً للتطورات في النظريات ذات العلاقة. فالمتتبع للتغيرات التي طرأت على تعريفات المجال منذ العشرينيات الميلادية من القرن العشرين وحتى الآن يمكن أن يلحظ وبوضوح كيف تأثر المجال بالتحولات النظرية من مدرسة علم النفس السلوكية إلى المدرسة الإدراكية إلى المدرسة البنيوية.

لقد ساعدت الطبيعة الانتقائية للمجال على بناء قاعدته المعرفية في ميادين التصميم والتطوير والاستخدام والإدارة والتقويم التي تمثل أركان المجال. هذه الطبيعة الانتقائية جعلت المتخصص في تقنية التعليم ينظر إلى ميادين المعرفة والخبرة الإنسانية على أنها مصادر لا غنى عنها في بناء المشروع التربوي، ولذا فإذا كان الإطار النظري لتقنية التعليم قد تأثر بدرجة كبيرة بنظريات التعلم السلوكية والاتصال والنظم إلا أن التيارات الفكرية الأخرى أثرت هذا المجال الناشئ ودعمت أساسه وافتراضاته. فجاء التأثير البارز من نظرية التعليم المعرفية خصوصاً نظريات معالجة المعلومات مثل نظرية جانييه و أوزبل.

وفي الوقت الذي نما فيه المجال متأثراً بنظريات التعلم السلوكية والمعرفية ونظريات النظم والاتصال، شهد المجال ولا يزال تحولاً في إطاره النظري بتأثير من النظريات الإدراكية البنيوية خصوصاً الاجتماعية مناه. وبدون الخوض في الافتراضات النظرية والفلسفية التي تقوم عليها هذه التحولات، وهي افتراضات لا يتفق الكاتب مع بعضها خصوصاً المتشددة منها إلا أن هذه التحولات أنتجت مفاهيم جديدة أثارت ولا تزال جدلاً واسعاً في كثير من الجامعات العالمية ، وحفزت كثيرا منها على مراجعة برامجها في ضوء المعرفة الجديدة حول طبيعة التعلم والأساليب التعليمية التي رافقت هذه التحولات.

لقد وجد الناشطون من خبراء المجال في دمج إمكانيات التقنية المعاصرة من جهة والنماذج التعليمية المعتمدة على المفاهيم والمبادئ المشتقة من نظريات التعليم الحديثة من جهة أخرى، فرصاً حقيقية لتغيير الوجه التقليدي للتعلم من بنية جامدة تعتمد أركانها على المعلم والكتاب وتتعامل مع المعرفة على المستوى التجريدي وهي معرفة تسكن عقل المتعلم ولا تجد طريقها إلى التطبيق بتلقائية وفاعلية بسبب سطحيتها وتبسيطها وتجزئتها وانفصالها عن الواقع. إلى بيئات تعلم بنيوية، بيئات تتعامل مع المشكلات التعليمية في سياقات واقعية غنية بتعقيدات المواقف الحقيقية، وتقدم أمثلة متعددة للعالم الواقعي، وتشجع المتعلم على بناء المعرفة وليس إعادة إنتاجها وهي بيئات أيضاً تشجع بناء المعرفة المعتمد على السياق الواقعي للأشياء والأحداث وتتجنب الإفراط في تبسيط التعلم وتجريده، وتعزز ممارسة التأمل والتفكير. وتدعم البناء التعاوني للمعرفة من خلال الحوار الاجتماعي بين المتعلمين. هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها في ظل الأساليب التقليدية. وإنما تتطلب أساليب أخرى جديدة. من بينها التعلم التعاوني لدعم فكرة المشاركة في الذكاء أو الإدراك والتعلم بأسلوب حل المشكلات بغرض تنمية مهارات أكثر عمومية مثل مهارات حل المشكلات ذات المستوى العالي ومهارات البحث والعمل الجماعي، والتعلم من خلال مواقف، والتمهين الإدراكي وغيرها.

المحور الخامس: تقنية التعليم وبرامج التعليم عن بعد:

تقنية التعليم في وجهها الشائع لا ينبغي أن تكون على خارطة تصميم برامج التعليم عن بعد أو التعليم المفتوح، إنما هم فقط خبراء المناهج والتربية من يمكنهم إقامة هذه الصروح العلمية الحديثة. ولذا فحتى دعوات الحضور والمشاركة في ندوات التعليم عن بعد ومؤتمراته ينبغي أن توجه إلى المختصين في فلسفة التربية وأصولها والمناهج ومجالاتها، لأن طروحات هؤلاء المتكررة حول فلسفة هذا النوع من التعليم. ومبرراته ومجالاته العلمية هي حجر الزاوية في تصميم برامجه وتنفيذها. بل إنه ما دام المختص في تقنية التعليم ليس خبيراً في المناهج أو أصول التربية، كما أنه بالتأكيد ليس خبيراً في تركيب الأجهزة أو تشغيلها فمن الأفضل تنحيته جانباً أو عدم التفكير به أصلاً.

الوجه الآخر لتقنية التعليم في البرامج التعليمية عن بعد، يؤكد من واقع التجارب العالمية والدراسات، أن هذه البرامج (لا يمكن) أن تحقق أهدافها في غياب تقنية (أو تصميم) التعليم في الجامعة البريطانية المفتوحة على سبيل المثال، وهي أكثر نماذج التعليم المفتوح نجاحاً في العالم، يضطلع معهد تقنية التربية بالدور الأساسي في تصميم برامج الجامعة من مقررات ومناهج، حيث يشارك مصممو التعليم في تحديد مواصفات تلك المقررات والمناهج جنباً إلى جنب مع خبراء المواد الدراسية من خلال أسلوب فريق المقرر. وعندما أرادت الجامعة إلغاء الأسلوب بسبب استقالة20% من أعضاء هيئة التدريس فيها بسبب عدم تأقلمهم معه ناضل مصممو التعليم للحفاظ عليه، حتى ربحوا الرهان، واستمر الأسلوب المذكور ليصبح مثالاً رائداً لتصميم التعليم.

ومن بين الاتجاهات المعاصرة في مجال تقنية التعليم، اتضح أنه لا يوجد أي اتجاه آخر يتضمن النظرية والتطبيق في تقنية التعليم كما يتضمنه التعليم عن بعد.

المحور السادس : تقنية التعليم وبرامج التدريب:

تقنية التعليم في وجهها الشائع لا تتعدى (إن سمع لها صدى) حدود المؤسسات التعليمية عموماً والأقسام الأكاديمية خصوصاً. وبعبارة أخرى، هي تخصص أكاديمي يتقوقع في أروقة الكليات والجامعات، ولا يمتد تأثيره (إن كان له تأثير) خارج أسوار المؤسسة التربوية.

الوجه الأخر لتقنية التعليم يشير إلى أنها بدأت ونمت داخل المؤسسة التربوية التقليدية وخارجها. داخل هذه المؤسسات، كان لنظرية التعليم السلوكية عموماً والتعليم المبرمج (أول تقنية للتعليم) خصوصاً دور مهم في تطوير المجال، وهو تطوير مستمر بتأثير من التغيرات الحالية التي تشهدها نظريات التعلم والتعليم. ولكن نمو تقنية التعليم كأسلوب نظم في تصميم التعليم حدث خارج هذه المؤسسات، وتحديداً من خلال تطبيقات أساليب النظم في تصميم برامج ومواد التعليم والتدريب في الجيش الأمريكي ، وفي الوقت الذي يشكو مهنيو تقنية التعليم في الولايات المتحدة عدم الترحيب بطروحاتهم في مدارس التعليم العام وندرة النماذج التطبيقية لمجال تصميم النظم التعليمية في تلك المدارس، إلا أنهم على النقيض من ذلك يجدون الترحيب والدعم في مؤسسات القطاع الخاص، وتحديداً في المؤسسات التي ترعى برامج التدريب (Training Corporates) وهو ما ساعد على نمو المجال واتساع آفاقه .

لذلك يجد خريجو برامج التصميم التعليمي فرصاً وظيفية أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً أن صناعة برمجيات الحاسوب توظف هؤلاء للقيا بنقل المعرفة من خبراء الموضوعات الدراسية وتحويلها إلى تقنيات سهلة الاستخدام . وفي هذا السياق يذكر سالزبري (Salisbury) أن الشركات الأمريكية التي تنظم برامج تعليم وتدريب لعامليها وجدت في تقنية التعليم طريقة فعالة اجعل التعليم اقتصادياً ويتسم بالكفاءة والمتعة مقارنة بالطرائق التقليدية. وفي عام 1994م صرفت الشركات في الولايات المتحدة أكثر من (50) بليون دولار على تعليم وتدريب موظفي القطاع الخاص، وأن كثيراً من هذه الشركات تعتمد على عملية تقنية التعليم لتوفير برامج أكثر فاعلية.

المحور السابع: تقنية التعليم والبحث العلمي:

الوجه الشائع للأبحاث في تقنية التعليم هو الدراسات المقارنة، وهو نوع من الدراسات سيطر على المجال لفترة تربو على الخمسة عقود من الزمن. هدف هذه الدراسات هو محاولة إثبات فاعلية تقنية (أو وسيلة) وعينة على التحصيل الدراسي مقارنة بالتعليم التقليدي أو بوسيلة أخرى. وبرغم أن أغلب هذه الدراسات لم تستطع أن توفر دليلاً كافياً على أثر التقنيات بالتحصيل الدراسي، حيث ينتهي أغلبها بفروق غير دالة إحصائياً، إلا أن الملاحظ كثرة هذا النوع من الدراسات على المستوى المحلي، مكررة أبحاثاً أصبحت جزءاً من تاريخ البحث العلمي للمجال.

الوجه الآخر للأبحاث في تقنية التعليم ينطلق من أطر نظرية حديثة تركز على المتغيرات المرتبطة بقدرات المتعلمين وأساليب التعليم. لقد قدم ريتشارد كلارك (Clark) في العام 1983 أفضل ملخص لنتائج دراسات الوسائل في السبعة عقود الماضية. في دراسته، ذكر كلارك بعبارة مدوية أحدثت صدى واسعاً في الدوائر التربوية ما نصه:" إن أفضل دليل متوافر حالياً هو أن الوسائل مجرد قنوات لنقل التعليم، ولكنها لا تؤثر بتحصيل الطلاب، كما هو الحال بالنسبة للعربات التي تستخدم في نقل البقوليات لا تؤثر في نظامنا الغذائي. فقط محتوى الوسيلة هو الذي يمكن أن يؤثر بالتحصيل. لقد كان لهذه الدراسة أثر في إعادة توجيه الدراسات في المجال والتركيز على متغيرات محددة بدلاً من الوسيلة فقط. من بين التوجيه البحث الحديث، الدراسات التي تقارن طرائق متنوعة لاستخدام وسيلة معينة (Intra-medium Studies) ودراسات التفاعل بين قدرات المتعلم وطريقة معالجة المحتوى (Aptitude Treatment Interaction Studies) ودراسات الفاعلية – التكلفة وغيرها .

المحور الثامن: تقنية التعليم والنشر العلمي:

الوجه الشائع لإصدارات تقنية التعليم من الكتب ( على المستوى المحلي والإقليمي والعربي ) – مع بعض الإستثناءات المحدودة – تبدأ بعناوين براقة تأسر القارئ خصوصاً بمصاحبة الإخراج الفني الجذاب ولكن القارئ (الواعي) لا يلبث أن يجد نفسه وسط مجموعة من المعلومات التي تعالج المجال معالجة سطحية لا تصل إلى جوهره وغاياته، كما أنها غالباً ما تكون معالجة تقليدية حول أنواع الوسائل وتصنيفها مروراً بفوائدها وخصائصها وانتهاء بجرد مجموعة من الأجهزة والأدوات. وإذا اختلفت هذه الإصدارات في تصاميم أغلفتها وأسماء معديها ( ولا أقول مؤلفيها)، إلا أنها في الغالب الأعم نسخ مكررة عن بعضها، باختصار هي كتب مليئة بالحروف ولكنها حروف بلا نقاط.

الوجه الأخر لإصدارات تقنية التعليم من الكتب يؤكد جذور المجال النظرية وإسهاماته التاريخية، ولكنه ينطبق منها إلى التيارات النظرية الحديثة مبيناً انعكاساتها على تطبيقات تقنية التعليم وأساليبها، ويربط بينها بأسلوب علمي حاذق ومشوق يخاطب الفئة المقصودة من القراء والمهتمين. هذه الإصدارات تحاول دمج المفاهيم النظرية الحديثة والتقنيات المعاصرة من خلال نماذج عملية قابلة للتطبيق. باختصار هي إصدارات تضع النقاط فوق الحروف في سياقاتها النظرية والمعرفية والتطبيقية.

المحور التاسع: خدمات تقنية التعليم:

الوجه الشائع لخدمات تقنية التعليم هي حيازة بعض الأجهزة والمواد وحفظها في غرفة أو غرف وتفرقة من المنى المدرسي، وتفتقد أبسط شروط التصنيف ونظام الإعارة أو الصيانة الدورية. ولذا، كثيراً ما تكون هذه الأجهزة غير صالحة للعمل، أو لا تتوافر المواد المستخدمة معها، إضافة الى افتقاد المعلمين مهارات استخدامها. أما على مستوى التعليم الجامعي المحلي، فالملاحظ أن إدارة هذه الخدمات تتسم باللامركزية، حيث تحفظ الكليات المصادر الخاصة بها على انفراد، وجود مركز مصادر يقدم خدماته لأعضاء هيئة التدريس.
الوجه الآخر لخدمات تقنية التعليم هو أنها تعنى ليس فقط بالخدمات التقليدية الخاصة بحفظ الأجهزة والمواد وترتبط بالقيادات الإدارية الوسطى في المؤسسة، وإنما هي مراكز مصادر تعليمية ترتبط بقمة الهرم الإداري، (في الجامعة مثلاً، ترتبط بوكيل الجامعة للمصادر التعليمية عادة) وتقدم خدمات عديدة لأعضاء هيئة التدريس، خصوصاً من خلال وحدات أو أقسام التطوير التعليمي، وهي خدمات تشمل استشارة في مجال تصميم وإنتاج وحدات تعليمية وتطوير أساليب جديدة في التعليم والتعلم وتجريب الابتكارات التعليمية ودعم برامج التعليم عن بعد.

أما في مدارس التعليم العام، فإن هذه المراكز يقوم عليها اختصاصي التقنيات أو ما يعرف حالياً بمعلم المصادر التقنية (Technology Resources Teacher) الذي يدرب المعلمين على مهارات دمج التقنية في المنهج الدراسي.

باختصار، خدمات تقنية التعليم في وجهها الآخر، هي آلية للتجديد الذاتي في أساليب التعليم وتقنياته.

المحور العاشر: تقنية التعليم بين الدمج والإضافة:

الوجه الشائع لتوظيف تقنية التعليم في النظام التربوي،هوتقنيةالإضافة(Add on Strategy) التي تنظر إلى التقنيات على أنها الإجابة والحل للمشكلات التعليمية، ولكن قبل أن تحدد السؤال وطبيعة تلك المشكلات. وحيث يتوقع الكثيرون أن تلعب التقنية المعاصرة دوراً بارزاً في تغيير النظم التربوية الحالية، إلا أن طبيعة هذا الدور تعتمد على الخطة التي توظف من خلالها التقنية المعاصرة دوراً بارزاً في تغيير النظم التربوية الحالية، إلا أن طبيعة هذا الدور تعتمد على الخطة التي توظف من خلالها التقنية في التعليم، لأن خصائص الإمكانات التقنية ليست وحدها التي تحدث التأثير على بيئة الإنسان وتشكلها، وإنما الطرائق والأساليب التي تستخدم فيها هذه الخصائص والإمكانات.

وقد واجهت استراتيجيات إضافة التقنية للبنية المدرسية التقليدية فشلاً ذريعاً في استثمار الإمكانات الهائلة في التقنية في دعم فاعلية أو كفاءتها نظمها التعليمية، وما ذكره رونتري (Rontree) قبل حوالي ثلاثة عقود (1974م) حول "فشل تكديس أجهزة وآلات يعلوها الغبار ولا تستخدم إلا نادراً ولا يجد المعلمون مبرراً لاستخدامها..إلخ" ، يمكن أن يتكرر من الموجة الجديدة من التقنيات المعاصرة إذا استمرت استراتيجيات الإضافة.

الوجه الآخر لتوظيف تقنية التعليم في النظام التربوي،هوتقنيةالدمج(Technology Integration) التي تقوم على رؤية مستقبلية واضحة حول توظيف التقنية في التعليم، رؤية تنطلق من منظور نظمي (System View) لمشكلات التعليم، فالتغيير في جزء من النظام -كما يعرف التربويون- يتطلب في أكثر الأحيان تغييراً أو تعديلاً في جزء أو أجزاء أخرى من النظام. ولذا يتطلب دمج تقنية الحاسوب في التعليم، على سبيل المثال، تغيراً في أساليب التعليم ودور المعلم وأساليب التقويم واللوائح والسياسات التي تحكم العملية التعليمية.. إلخ.

ولهذا، بدلاً من الانبهار التقني واعتبار التقنية هي الجواب ينبغي تحديد السؤال أولاً. فأسئلة مثل: ما الحاجات التعليمية في النظام التعليمي التي لم نقابلها بعد ويمكن للتقنية أن تقابلها؟ وما الذي يدرّس حالياً ويمكن تدريسه بشكل أفضل بواسطة التقنية؟ تصبح على قدر كبير من الأهمية .

باختصار ينبغي أن نحدد أين وكيف ينبغي أن تستخدم التقنية في التعليم، وهذا يتطلب تحديداً للأهداف والأولويات المطلوب تحقيقها وتحديداً للإمكانات التقنية الملائمة لهذه الأهداف.. إن مفهوم الدمج يعني أن تصبح التقنية جزءاً لا يتجزأ من تعليم المعلم وتعلم الطالب. ولتوضيح أهمية مفهوم الدمج مقابل مفهوم الإضافة نضرب مثلا ساقه أحد التربويون، وهو مثال يجسد هامشية الدور الذي تقوم به التقنية . لو تصورنا أن المصارف التي تعتمد عملياتها، على تقنية الحاسوب اعتماداً كلياً تقريباً أنها تخلت عن هذه التقنية واعتمدت على العمل اليدوي في تنفيذ عملياتها، فما الذي سيحدث؟ لن يختلف أحد على كفاءة العمليات المصرفية ستتدنى إلى حدٍ كبير وقد تصاب بالشلل الكامل، وهذا يعني، أن الفرق في مستوى الأداء بين الحياتين سيكون واضحاً. أما من الناحية الأخرى، عندما تضاف تقنية الحاسوب إلى المدارس ثم تتخلى عنها، فلن تتأثر العملية التعليمية تأثراً كبيراً بل لن يلاحظ الفرق بين كفاءة الأداء في الحالتين. أحد أكثر الأسباب تفسيراً لهذه الحالة، هو أن المصارف عندما أدخلت التقنية في عملياتها أصبحت هذه التقنية جزءاً لا يتجزأ من طبيعة تلك العمليات ذاتها بحيث لا يمكن ببساطة إنجازها في غياب التقنية. أما بالنسبة للمدرسة، فإن التقنية تضاف إلى البنية التقليدية دون أن تتغلغل إلى طبيعة المهام التي يؤديها المعلمون والطلاب في قاعات الدراسة. في الحالة الأولى، (المصارف) حددت المهام التي يمكن أن تؤديها التقنية وأعيدت صياغة العمليات المصرفية لتلائم إمكانيات التقنية؛ أما في الحالة الثانية، فإن دور التقنية وإمكاناتها.. لم تحدد، وعلى العكس من الحالة المصرفية، يتم تكييف التقنية لتلائم أنماط العمليات التعليمية السائدة في المدرسة.

هذه بعض أبرز ملامح الوجه الشائع والوجه الآخر لتقنية التعليم، استعرضناها من خلال التضاد أو التباين (Contrast)، بهدف توضيح الاختلافات الصارخة بينها. الوجه الآخر لتقنية التعليم مجهول في هويته ولكنه فعال وعملي ويحاكي لغة عصره، والآخر شائع ومعروف، ولكنه محدود الفائدة أو عديمها أو متخلف عن لغة عصره.

الوجه الآخر لتقنية التعليم هو تقنية العملية وتصميم التعليم، تقنية توظف الأدوات المتمثلة بنماذج تصميم التعليم وتحليل المهمة والأهداف الدقيقة والتقويم التكويني، كما أنها تقنية توظف أدوات التفكير النظمي (Systems Thinking) وتصميم النظم (Systems Design) وعلم الجودة ( Quietly Science) وإدارة التغيير (Chang Management)؛ وهذه جميعها تقنيات لا غنى عنها للتغيير التربوي.

من هذا المنظور تتضح أحقية تقنية التعليم لتكون إحدى بدائل الحلول لمشكلات التعليم؛ فعلى الرغم من عجز مئات الأبحاث عن إثبات تفوق التقنية في زيادة فاعلية التحصيل الدراسي مقارنة بالتعليم التقليدي، إلا أن دورها في الرفع من كفاءة العملية التعليمية (ترشيد الوقت والجهد) يمكن أن يصبح أحد أبرز المساهمات التي يمكن تقديمها لمهنة كانت ولا تزال تعتمد على الجهد البشري المكثف (Labor Intensive) إضافة إلى دورها في حفز الطالب على التعلم وتفعيل مشاركته وتقديم مواقف شبيه في المواقف الحقيقية من خلال الأساليب النمذجة والمحاكاة. إن مجالاً هذه سماته حريٌ أن يأخذ موقعاً مناسباً في الخطوط الأساسية في حركة الإصلاح التربوي.

أخيراً، نقول للمهني المتخصص في المجال، إن مهنتكم هي علم تصميم النظم التعليمية، هذا العلم هو حلقة الوصل بين النظرية والتطبيق (13:5)، وهو "الضوء المرشد الذي يبقي المصممين في المسار المباشر والضيق تجاه الأهداف المهمة، وهو ساحة مناقشة يسترشد فرسانها بالضوء اللامتناهي للنموذج المثالي في محاولة لإدخال تحسينات صغيرة على العالم الواقعي" .
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نص البيان الختامي لدورة حزب الإصلاح "ويعلن تأييده لمطالب الحراك الجنوبي حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 3 10-24-2009 01:28 AM
سالم صالح:الناس تعبوا من البطالة والفساد والحروب, وبحاجة إلى التعليم والصحة والعيش بك حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 09-11-2009 02:49 AM
القراءة النفسية ضرورية في التعليم والتوجيه قائد المحمدي الســقيفه العـامه 5 08-01-2009 02:43 AM
الأهداف الخفية لحملة أبين العسكرية تقوية الفضلي وإحياء الصراع مع يافع حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 03-30-2009 12:11 AM
أكثر من 7 آلاف طالب يمني مبتعث لأكثر من 40 دولة عربية وأجنبية: حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 03-25-2009 11:54 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas