المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > تاريخ وتراث > تاريخ وتراث
تاريخ وتراث جميع مايتعلق بتاريخنا وموروثنا وتراثنا الأصيل !!


شبام عروس الاحلام

تاريخ وتراث


إضافة رد
قديم 02-10-2010, 07:00 PM   #1
ابوسعدالنشوندلي
شاعر السقيفه

افتراضي شبام عروس الاحلام

بسم الله الرحمن الرحيم
شبام عروس الاحلام
هنا شبام ، هنا الجمال ، هنا الإبداع ، هنا التاريخ ، هنا الإنسان والأدب .
هنا شبام عروس الوادي ، وربيع النادي ونشيد الشادي ، وترنيم الحادي ،
هنا شبام تراث الأجداد ، ومسكن الأحفاد ، وأجمل البلاد .
هنا شبام العالية ، أرض الحضارة الراقية، ومحطُّ أنظار الحضر والبادية ،
هنا شبام أرض المآثر ، وقبة المفاخر ، وقصور الكرام الأكابر .
هنا شبام الصفراء قديمة كالبتراء ،عفيفة كالعذراء ، فاتنة كالشقراء ، أزجي لها ألف تحيّة ، وأهبُّ لها أغلى هدية ، وألثمُّ خدها ألف قبلة وردية.


**********
شبام يا نغمة الماضي ، وأنشودة الحاضرة ، وأرجوزة المستقبل ، يا لؤلؤة الوادي ، وحداء الحادي ، ونعمة البارئ ، جئتُ إليكِ مشتاقاً ، ولحسنكِ توّاقاً ، أتأمل ..! أتفكر .. ! أتعجب .. ! قرأت في صفحاتكِ أبياتاً من السحر والجمال ، جمعت في ديوان الماضي والحاضر يقرؤها كل قريب وبعيد .
فرأيت الماضي والحاضر يتعانقان في لوحة فنية واحدة ، وقفت ذرات نفسي أمامها تتراقص ، إنها شبام تراث الأجداد للأحفاد ، وتراث الزمان للإنسان ، إنها شبام عروس الأحلام ودرة الأيام، هنا سكن أبي وسكنتُ هنا ، وستبقى لنا بإذن الله شبام




**********
هذه شبام قصة الزمان وحكاية الأيام ورواية الإنسان ، ألف سنة وتزيد وشبام ما زالت شامخة ،وديارها للسماء معانقة ، مضت أجيال وجاءت أجيال ، مضت قرون تبعتها قرون ، وشبام هي شبام لم تزدها الأيام إلا حسناً وجمالاً ، وعلواً وبهاءً.
هذا التاريخ يزّفها عروساً قد عشقها ، فكم من مدنٍ سقطت من يد الزمن ، وأصبحت في خبر كان ، غير أن شبام لا تزالُ كآزال تاريخاً يشهد ، وحاضراً يتجدد .
************
ها هي شبام في الصباح الباكر تتململ ضاحكة على فراشها ، هاهي الشمس تدغدغها برقيق أشعتها ، فتهتز منها المشاعر ، وترقص الخواطر، ها هي مواكب العصافير تأتيها كل صباح إلى بلاطها لتغني أعذب الألحان ، وتعزف بين يديها كما تعزف القيان ، وشبام متربعة على كرسيها تهتز طرباً وشوقاً .
آهٍ يا شبام ، كيف لو رآكِ أبو تمام ، إذاً لأهداكِ القصيد وحلو الكلام ، آهٍ يا شبام ، كيف لو رآكِ أبو الطيب المتنبي إذاً لغرف من بحر جمالكِ ينشد ويغني ، آهٍ يا شبام ، كيف لو رآكِ أبو فراس إذاً لأهداكِ الورود والآس ، وأسكنكِ القلب والراس .

**********
شبام يا أجمل زهرة عشقتُ شذاها يا وردة ضاحكة لم تذبل أوراقها مع مرور الزمن .
شبام يا حديقة خضراء تزّينت بكل قديم وحديث هذا التاريخ يصنع لكِ مأدبة الشرف ويقلدُ عنقكِ وسام الفخر والمجد .
شبام يا أجمل بلد غنّت لي ديارها ، وزقزقت لي حاراتها ، شبام يا جنة الأصحاب ومسكن الأحباب ، كلما بعدتُ عنكِ أسرعت إليكِ مشتاقاً ، وكلما اقتربتُ منكِ ذبتُ فيك صبابة وعناقاً .
أنتِ يا شبام يا بحراً من جمال ، وشهداً كالزلال ، يا مربية الأجيال ، وحاضنة الأيتام ، أسكب لكِ مداد روحي وفاءً وشكراً وأحبوكِ رقيق كلماتي شعراً ونثراً .
************
إنها شبام شمس لا تغرب ، ونجم لا يأفل، وقديم لا يبلى ، وماضٍ لا يُنسى ، وكنزٌ لا يفنى ، ونبعٌ لا ينضب .
عاشت فعاشت معها الأحلام ، وبقيت فبقيت معها الآمال ، إنها شبام حاضرٌ في ماضٍ وماضٍ في حاضر وقديم في حديث وحديث في قديم ، وجنة في أرض ، وأرض هي جنة ، ويقظة لا أحلام ، إنها شبام عروس الأحلام وملكة الحسن والجمال .
أحيّها وأزفُّ لها ألف تحية وسلام .
*****************
إنها شبام مدينة يفوح منها عبق الماضي ، ويتضوع من أرجائها أريج الحاضر ، إنها مدينة ملأت شغاف الدهر إعجاباً بتاريخها ، وملأت حواسه شغفاً بتراثها ، حتى وقف الدهر لها عاشقاً ومغازلاً .
إنها شبام عروس تجملت وتكحلت وارتدت حلل الجمال ، إنها لؤلؤة برّاقة ودرة لماعة ، وقلعة من طين سقفها السحاب ، هذه ديارها هيفاء رشيقة تلاصقت صفوفها ، واتحدت جدرانها ، إنها مدينة تعلّمنا وتعلّم الأجيال أنّ الاتحاد قوة وأن الفرقة مصيرها إلى زوال .

*****************
هذه شبام العالية ، أرمقها من بعيد ، فترتفع عني حياءً ، فأقترب منهافتزيد ارتفاعاً كلما اقتربتُ منها خطوة زادت ارتفاعاً في ارتفاع ، حتى وقفتُ أمامها تشرق شمس جمالها في أرجاء قلبي فمددتُ يدي إليها ، فارتفعت عني وتطاولت حتى تعانقت مع السماء ، إنها شبام سماءٌ في سماء ، رأيت بيوتها الضاحكة الشامخة ، قد توّجت رأسها عمامةً بيضاء من النورة كأنها تيجان العرب ، وقفتُ فرأيت بيوتها تتطاول أمامي كلما ارتفع واحد ارتفع الآخر أكثر منه !! فلا أدري أيها أطول ؟ ولا أيهما أرفع ؟ هذه ديارها تلاصقت وتشابكت كأصابع اليد كأنها مدينة في بيتٍ واحد ، إنها شبام جمال باهر وتراث ساحر ، وماضٍ جذاب ،ومنظر خلاب .
*********************
ها هي أمم كثيرة مرّت على بساط شبام ذهبوا فبقيت ، ها هي قبائل وسلطنات عاشت يوماً هنا ثم رحلت ، ها هي أجيال كثيرة تذهب وتموت وشبام حية باقية ، إنها حياة متجددة ، وأصالة متعددة ، هذا التاريخ وقف يرسمها بريشته الفاتنة ليخزنها في ذاكرته ويهديها للأجيال ، هذا الزمان أقبل بتاج الفخر يتوجها به ،
ها أنا ذا أبني لها قصراً من حب وسط قلبي، وأشيّد لها قلعة من وفاءٍ في سويداء قلبي ،وأشعل لها ألف شمعة كالشمس لتضيء في نفسي، لتبقى في قلبي حية خالدة شبام عروس الحب والأحلام .
*******************
إنها مدن كثيرة في حضرموت تتسابق على وسام المجد والشرف ، كل مدينة تتمنى أن تتقلد وسام المجد والشرف ، وأن ترتقي سلّم المجد والأبهة ، فوقفت كل مدينة تستعرض ما لديها ، فمدينة تستعرض جمالها ، ومدينة تستعرض تاريخها ، ومدينة تستعرض حاضرها ، أما شبام فجمعت من المحاسن أحلاها ، ومن الرتب أعلاها ، فماضيها بالأصالة يشهد ، وحاضرها بالجمال يتفرد ، فكللت شبام وسام الفخر والمجد واعترفت بفوزها مدن الوادي ، واعترف لها الجميع ، بإنهانغمة الربيع و سيدة مدن الوادي البهيج.
*****************
شبام يا درّة بديعة البناء وجوهرة فاتنة حسناء ، زادني فخراً أنّ بناتكِ هم عباقرة لم تتشرّف بهم كليات الهندسة والمعمار .
إلا أنهم سادة في الهندسة والبناء ، إنهم أقوام بسطاء غير أنّ لهم حسّاً مرهفاً في التصميم والبناء .
إنّ هؤلاء العظماء بنوا تحفةً عملاقة بأيديهم وعلى أكتافهم في زمنٍ خالٍ من وسائل البناء المتطور ، وعندما جاء مهندسوا العالم اليوم من كل مكان ، وقفت قلوبهم حائرة أمام عظمة البناء والتخطيط ، حتى فازت شبام بجدارة بأول ناطحات سحاب في العالم من الطين .
فلا أدري ممَ أعجب ؟ من عجيب البناء أم من عبقرية أولئك العظماء ، ماتوا فخلّفوا لنا تراثاً فريداً يفخر به الإنسان مع الزمان، فلله درُّ أولئك الأقوام العظماء.!!


***************
إنها شبام شينها أشواقٌ معطرة أسبح فيها وأنهل من معانيها ، وباؤها بهاءٌ يغمر أحلامي ويعطرّ أيامي ، وألفها أُلفةٌ تطفئ في خاطري لهيب الفراق، وتبعث فيه أمل التلاقِ ، وميمها ماءُ عيني به أُبصر وبه اطير واغرّد.
إنها شبام ملكة حسناء مترّبعة على عرشها كتربع ملكة سبأ بلقيس .
ها هي شبام تبسطُ يداها لاستقبال الزائرين والقادمين إلى بلاطها من كل مكان ، إنها مواكب ووفود وجموع وحشود لا تنقطع ، وقفت مرة هنيهة أنتظر الإذن بالدخول عليها وطائرة الشوق تطير بي شوقاً إليها ، فدلفتُ إليها ، أحيها بابتساماتي وإعجابي ، وقفتُ في لهفة ألتقط لها الصور التذكارية لأطبعها في قلبي ، وأنحتها في جدران حلمي حتى لا أنساها ... فمثلها لا يُنسى .
*****************
لقد قيل في الحكمة ( خير الأمور أوساطها ) ، فهذه شبام مدينة فذّةٌ عِصامية ، توسطت العقد الثمين لمدن حضرموت .
عندما تعتلي قمة من قممِ بيوتها تخال نفسك تنظر من قلعة علياء ،وقمة شماء ،تتراءى لك مدن الوادي شرقاً وغرباً وكأنها تسير أمام عينيك ، وكلما حرّكتَ عدسة عينيك تحرّكت الصور في ناظريك .
إنها شبام مدينة في قلعة ، تفتحُ لك صفحة الوادي لتقرأ سطوره من جميع جوانبه إنها شبام جميل هو تاريخها وجميلٌ موقعها ، إذا أقبلتَ إليها من بعيد ، رأيت بيوتها تستقبلك وهي واقفة شامخة ، لم يتعبها القيام على مرور الزمن في استقبال ضيوفها.
إنها مدينة صمدت لقرون طويلة، والعجيب أنها ما زالت إلى الآن صامدة وستصمد بإذن الله شبام . فحقيق أن تسمى هذه المدينة مدينة الصمود .


****************
هذه شبام عروس ترّفل في حلل الماضي التليد ، وتتبختر في وشاح الحاضر البهيج ، هاتان يداها الناعمتان ، قد خضبتها بزخارف الحناء الجميل ، وهذا وجهها الوضاء يجري فيه شريان من تراث أصيل ، وهذا رأسها يشرق فوقه تاج كشمس الأصيل ، إنها شبام عروس تسر الناظرين وتأسرُ ألباب العاشقين .
إنها شبام عروس غرّني حسنها القديم وبهرني معمارها الأنيق ، كلما فارقتها ناشدني قلبي : ألا عد إليها ، وإذا هممتُ بفراقها ثانية صرخ قلبي كالغريق : يا ليتني قبل الفراق أموت ، شبام كلما نأيتُ عنكِ رأيتكِ أمامي تنادين قلبي تنادين روحي ، متى تعود ؟ إنها شبام عروس تحنّ إليّ وأحنّ إليها ، فمن ليَ مثلكِ يا شبام ؟
والله ما لمحتْ عيني منازلكم ** إلا توقّد جمر الشوق في خلــدي
ولا تذكرتُ مغناكم وأرضكم ** إلا كأنّ فؤادي طار من جسدي
************************
إنها شبام جواهر مرصعة على وشاح التاريخ ، وشامة تتألق على خد الدهر ، وألحان يعزفها الماضي للحاضر والحاضر للدنيا ، زادتها الأيام شموخاًفوق شموخ، عشقهاالتاريخ وعشقها الإنسان ، هذه بيوتها الشاهقة كجواهر حسان ، تلاصقت على صدر لوحة حسناء ، تضيء ألوانها وتتراقص خطوطها ، وهذا سورها الطيني كحزام ذهبي تنطّقت به إمراة حسناء .
وهذا سورها الفضي كخلخال فضي يرقص في أقدام غانية ، وهذه أزقتها الضيقة كبساط يطير بزائريه يصول بهم هنا وهناك ، وهذه مداخلها وأبوابها تحتضن الزائرين وتحييّ القادمين ، وهذه مساجدها العتيقة يفوح منها الذكر الحكيم ، فتشفي آياتها العليل وتروي ظمأ الغليل ، وهذه منائرها العالية اشرأبت أعناقها تقبّل الحرم .
إنها شبام شموخ في شموخ ، وماضٍ صاهر الحاضر فولدت منهما شبام مدينة الأحلام والطموح .




*******************
بقيت شبام حية لم تهزها عواصف السنين العاتية ، ولم تزعزعها أمواج الزمن المتوالية ، وبقيت صامدة كالصخرة تتحطم عليهافلول المحن والفتن .
رفضت أن تموت لأنها تعشق الحياة .
إنها شبام في حضرموت وحضرموت في شبام ، وجدتها حية باسمة الثغر ، متلألئة الجبين ، أسيلة الخد ، قد تزينت بأكاليل الفخر وتفوّقت على أترابها في كل عصر . حتى فازت بشهادات الشكر والإعجاب .
إنها شبام المدينة الحضرمية الوحيدة التي تحيط بها السيول من كل ناحية ، وشبام بينها كجزيرة فيحاء ، أو كأنها سفينة يرفرف شراعها والمياة ترقص حولها وتدور .
كلما مرّ سيل انتصب واقفاً يرفع لها التحية في استعراض مهيب ثم يمر بعدها بسلام .
إنها مواكب وراء مواكب وحشود في حشود ، فسبحان من أنعم عليكِ بكلِ هذا يا شبام ، وسبحان من تفضّل علينا وعليكِ بكل هذه المنن .



****************
إنها شبام قمة فوق قمم، ونار فوق علم ،وبيوت من طين كأنها الإبريز ، تسير في أزقتها فيقف قلبك حائراً من عجيب التصميم وبديع التخطيط ، مدينة كأنما بناها عبقري واحد في زمن واحد ، يتشابه فيها كل شيء حتى كأنّ بيوتها وُلدت من أم واحدة ، تقاربت ديارها حتى صبغت سكانها بصبغة التراحم ، وكأنهم أسرة واحدة وأرحام متقاربة .
إنها شبام تحفة تراثية فريدة صيغت ثم أودعت في صندوق يحتفظ به التاريخ في صدره ، رأيت حصنها الأبيض الأنيق ، إنه حصن شبام يصافح الشمس إذا أشرقت ويعانقها إذا غربت ، دخلته يوماً فرأيت فيه خيول الجمال تركض في جنباته وترتع في أروقته .
ورأيت في شبام جامعها الفريد المسمى هارون الرشيد ، قد توسط بيوت شبام وكأنه لؤلؤة براقة فخمة زينّت واسطة العقد، أو كأنه قارورة عطرٍ تعطر بيوت شبام بالذكر الحكيم ، اقتربتُ من هذا الجامع ، فوجدته قريباً من اي النواحي اتيته، ثم نظرتُ فجأة ، فرأيت سدتها الضخمة ( سدة شبام ) إنها بوابة من خشب تحكي أخبار من ذهب ، جمعت المآثر والعجب ، إنها بوابة فخمة جعلت من شبام كقصر منيف أجمل من الخورنق والسدير .


*******************
شبام يا مدينة حسناء وواحة فيحاء وأنشودة حلوة يغنيها البلبل الصداح ، أبثُّ لكِ أشواقي وأرتلّ لكِ أشعاري كلما طرتُ عنكِ بعيداً في السماء ، رجعت إلى حضنكِ في المساء ، ها هو شعب الخِبّه قد أناخ ركابه حولها وأصبح وكأنه مرآة مضيئة لتجلس أمامها شبام لتسرّح شعرها ، وتجمِّل خدها، وعلى رأس قمته قلعة بيضاء كأنها شمعة تضيء ليل شبام أو كأنها لوحة تعريفية لمن جاء جواً مكتوبٌ عليها ( هنا شبام عروس الأحلام ) .



***********************
إنها الفاتنة إنها الساحرة إنها أجمل من العذراء في خدرها ، كل يوم تزداد في عيني رونقاً وجمالاً وسحراً ودلالاً ، طالما سحرتني بجمال عينيها وبريق ناضريها ولمعان خديها .
هنا الحاضر والماضي يلتقيان ، هنا الحديث والقديم ، هنا الأصالة والحضارة ، هنا التاريخ التليد ، هنا بلدي تحدثكَ وتحدثني ، زانها الرحمن برمل ذهبي ، وصانها الرحمن بسورٍ فضي ، كل يوم تكبر في عيني وتعظم في وجداني، فهل عرفتم من هي ؟؟ إنها شبام الغالية أجمل من رأيت، وأحسن من عرفت .
************************
إنها شبام ماضٍ يترقرق وحاضر يتدفق ، إنها شبام مهد الحضارات ، وأرض المكرمات ، إنها شبام قصور من مدر وطين جُمعت في مدينة واحدة ، تنظر إليها فتراها كقلعة شماء تستعد للطيران لمعانقة السماء ، مدينة علت وارتفعت حتى ظللها السحاب ، فكأنها وكأنه جيران !!
إنها شبام الصفراء عروس تضمخت بالورس فتجللت ثياباً صفراء يفوح منها الجمال والصفاء ،وهذه الشمس تهديها صفرة من أشعتها لتلون شبام بخطوط صفراء .
تنظر خلف شبام وعلى جانبيها فترى تلك القطع الزراعية الخضراء ، فتسرّح فيها نظرك، وتحرِّر فيها قلبك ، فيلعبا في رياضها وخضارها كما يلعب الصبيان، ها هي أشجار النخيل تطوف بشبام وكأنهن وصائف لها ، فتهبُّ عليهن الرياح مداعبة لهن فتصفق أغصانهن وتتمايل من طرب رؤوسهن ، فتطرب وتكركر شبام .



******************
هذه أبواب ديار شبام نُحتت بالنقش، وهذه نوافذها صُبغت بالرقش ، وهذه جدرانها زُوقت بالوشم ، ، وهذا تاريخها به نعتزّ ونفخر ، وهذه بيوتها نجوم تتألق في سماء اليمن .
إنها مدينة لا تلين لها قناة ولا تنوشها سهام الوشاة ، إنها مدينة كالترس تتكسر أمام صمودها نبال الغزاة ، إنها شبام مدينة وقفت وكأنها سد منيع يحمي ما خلفه ويدافع عمّن أمامه !! إنها مدينة شجاعة ومن شجاعتها أنها رفضت أن تلجأ إلى حماية جبل أو وصاية شعب ، بل وقفت في العراءعلى طول الزمن تقبّل السيوف ،وتحتضن الحتوف ،وتتبختر بين الصفوف ، إنها مدينة باسلة شجاعة ، إنها شبام مدينة الكرِّ والإقدام .
******************
إنها تحفة عالمية يحفل بها متحف التاريخ منذ مهدها ، إنها المدينة الحضرمية التي دوّى اسمها في العالم دويَّاً ، إنها المدينة التي انتزعت ألقاباً وجوائز عالمية ، إنها المدنية التي عزفت للدهر أجمل مقطوعة فوقف الدهر يشدو بها ويغني ، إنها شبام تراث لم يندثر وقديم لم يندرس ، إنها آثار في القلب محفورة وحضارة في الأعماق غير مطمورة ، إنها مدينة تطاول السحاب ، وتعانق الضباب ، وتقبّل الرباب ، إنها مدينة الكرم والجود ومن عظيم جودها أنّ أهلها وخلق كثير ينعمون بكرمها وينهلون من جودها ، حقاً إنها مدينة الكرم والجود على مر العهود.


*****************
إنها شبام المدينة التي إن يممّت جميع جهاتها الأربعة ، وجدت لها وجهاً واحداً يضاهي القمر ، وينافس البدر ، حتى لكأنها امرأةٌ بدوية غيداء ، مدينة عمّرت كثيراً غير أنها لم تفند ، ولم تهاجمها جيوش المشيب ، مدينة طالت بيوتها غير أنها لم تنحني ، وعزيمتها عزيمة فولاذية لم تنثني ، بل بقيت بيوتها الطينية صامدة كزبر الحديد ، هل تريدون بحراً في شبام ؟ يكفيها بحر الجمال يجري في مآقيها ويسري في مجاريها ، مدينة كلما نظرتُ إليها ازدادت دقات قلبي لها شوقاً وحنيناً ، مدينة كلما مرّت أمام خيالي ركض قلبي خلف ظلها ركضاً .


*******************
مهما شطّت بك الدار، اوتناءت بك الأسفار، أو تقطعت بك حبال الوصال ، ثم جئتَ لها يوماً بعد طول اغتراب ، وجدتها ترّحب بك لم تتنكر لك ولم تنسك !
وهل رأيت يوماً أُماً تنكرت لوليدها ؟ !!
إنها شبام أماً رؤوماً وصدراً حنوناً ، رضعنا منها الحب والحنان ، وشربنا من كفها العطف والتحنان ، مدينة تلاحمت بيوتها كتلاحم زبر الحديد ، حتى لو جئت تزيل واحداً منها خلت نفسك تزيل جبلاً من محله ، إذا سرتَ في أزقتها تظلك بيوتها العالية وكأنها مظلة تحمي زوراها من الشمس .
إنها المدينة التي إن أتيت إليها من أيِّ جهة لابد أن تصعد إليها، وكأنّ أقدامك ترتقي بك للعلياء، أو تصعد بك إلى السماء ، إنها مدينة أبيّة لم ترضَ أن تعيش يوماً واحداً في الحضيض بل سمت إلى الجوزاء .
بلغنـا السمـاء مجدنـا وجدودنـا ** وإنا لنرجو فـوق ذلك مظهـراً
********************
إنها شبام المدينة التي إذا نظرت إليها من بعيد ، رأيت بيوتها متفاوتة في الطول حتى لكأنها درجات سُلَّم ترتقي بك لتلامس السماء وتعانق الفضاء .
إنا شبام منية القلب ، وسلوة الفؤاد وريحانة الخاطر ،وملعب الخلان ، ها أنا ذا أخلع لها رداء حبي ، وأتوجها تاج نثري ، وأنثر لها ورود عشقي .

إنها شبام المدينة الصامتة التي وقف التاريخ يتحدّث نيابة عنها ، ويترجم مشاعرها وجمالها للعالم فهو في نقل مباشر عنها ، مدينة لم تكثر فيها التآليف والتصانيف، لأنها مهما وصفت لن توّفي قدرها ، فوفقت عندها أقلام الكتّاب عاجزة .
وهذا قلمي أراه يتعثر مرات ، ويكبو عشرات ،وينسحب تارة للوراء خطوات ، غير أني أسلّي نفسي فأقول : لستُ واصفاً لها بل عاشق ، نعم أنا عاشق لها .
********************
إنها شبام مدينة لم تـَمُتْ لأن الجمال يبقى ولا يموت ، مدينة لم تُنسَ لان التاريخ يحفظ ولا ينسى ، مهما غطّت شطآنة أمواج التغيير والتزويير، أنا لا أقول عنها مدينة تقليدية فحسب ، بل أقول إنها مدينة جمعت بين الماضي والحاضر في شاشة واحدة ، اندمجت ألوانه واختلطت امواجه ، لتُعرض حلقاته في مسلسل الجمال .
إنها مدينة سمت بيوتها حتى لكأنها منارات منيفة ، إنها مدينة يتحصّن التراث بداخلها فهي مدينة تاريخية حصينة .
إنها شبام معلّقة الحاضر، وقصيدة الماضي، وعنوات كتاب حضرموت فإذا ذكرت حضرموت أشير إلى شبام بالبنان لأنها مدينة الترنم والألحان والجمال والإنسان .


********************
إنها شبام مدينة امتطت صهوة الماضي التليد وأمسكت بزمام الحاضر الجميل ، إنها مدينة تضيء بيوتها في الليل وكأنها شموع تتوقد ، إنها مدينة الشروق والضياء ، مدينة امتلأت جمالاً حتى كاد الجمال فيهاان ينطق ويتكلم ، ها أنا ذا أركض سريعاً كالبرق فأراها أمامي لا تفارق خيالي ،ولا تغيب عن بالي ، إنها مدينة سطرّت تاريخها في وجداني ونحتت جمالها في جناني .
إنها مدينة كلما نظرتُ إليها استلهمتُ منها الجمال غضّاً طرياً ، حقاً إنها شبام مدينة الجمال وتحفة الزمان، وتراث الإنسان ، إنها ماضٍ مزهر، وحاضر مقمر ، وتراث مثمر ، إنها أعذب نشيد وأجمل تغريد .
كأني اراها عروساً على منصة الأفراح، والجميع حولها يشدو وينشد، أو لكأنها خطيب مصقع اعتلى درجات المنبر وبقية المدن حولها جلوس سكوت .
إنها شبام عروس تسافر إليها الأشواق وتطير إليها الأحلام .


**********************
عندما أزفت ساعة الرحيل، ودقَّ جرس التحويل ، بعد أن عشتُ ثلاثين سنة من ريعان عمري في شبام ، أشمُّ عبيرها ، وأطعم رحيقها ، وأشرب سلسبيلها ، وألعب في مرابعها ، وفجأة التفتُ خلفي فإذا شبح الوداع يطاردني، ونار الفراق تلفحني، وأُكرهتُ على فراق شبام وعلى وداعها، وعيني تنزف دمعا ،وقلبي يحترق الماً.
ويمر أمام شاشة أحلامي شريط الذكريات، وأيام الصبا والشباب وهي تبكي بين يدي، فرجعتُ مسرعاً وارتميت على أحضان شبام، وأنا أصرخ كما يصرخ الطفل الصغير : لا طاقة لي بفراقكِ يا شبام .
إن لم تقرِّح أدمعـــي أجفاني ** من بعد هجركمُ فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم ** مــا راقه نــظرٌ إلى إنسان
يا ليتني قد مِتُّ قبل فراقكم ** ولســاعة التوديــع لا أحياني
ما للمنازل أصبحت لا أهلها ** أهلـي ولا جـيرانها جـيراني
وأقفُ اليوم أسيراً خلف قضبان الفراق ،وقلبي قد ضرّجته سهام الوداع ، وجسمي قد تآكل من ألم البعاد ، .
لانتم على قرب الديار وبعدها***احبتنا ان غبتم او حضرتمُ
اعلل نفسي بالتلاقي وقربه******واوهمها لكنها تتوهــمُ
وكم يصبرالمشتاق عمن يحبه*****وفي قلبه نار الاسى تتضرمُ
اسائل عنكم كل غادٍ ورائحٍ****واومي الى اوطانكم واسلمُ
لهفي عليكِ مدينتي ، شوقي إليكِ مُهجتي ، ومن فرطِ حبي أنها تسهر معي في أحلامي، وتسكن في اعماقي ، إنها شبام عروس أحلامي ودرّة أيامي .

اعدُّ الليالي ليلة بعد ليلة*************وقدعشتُ دهراًلااعدُّ اللياليا
واخرج من بين البيوت لعلّني********احدّثُ عنكِ النفس والليل خاليا




وأنااليوم اكفكفُ دمعي،وامزُّق احزاني، و أحمل خيوط الأمل في يدي ،والشوق في قلبي ، وأنتظر نعم أنتظر، متى نعود ونجتمع في شبام عروس الحب والأحلام .


كتبه:
ابوسعد النشوندلي
الصوت المغرد خلف اسوار الغربة
رسب –مديرية ساه
4/12/1429
[email protected]
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas