السلطان بدر بوطويرق ....... سادية مفرطة وتدمير للــذات !!!!!

[مسرور]

استوقفتني بعض الملاحظات في كتاب الشهداء السبعة لمحمد عبد القادر بامطرف عن شخصية السلطان بدر بوطويرق الكثيري وقررت وضعها على بساط البحث كاضافة إلى ما سبق بقصد التعريف أكثر بهذه الشخصية المثيرة للجدل .

يقول بامطرف أن السلطان بدر بوطويرق المولود سنة 902 هجرية أظهر في سن مبكّرة تطلعا إلى الحكم وشغفا بالرئاسة ومظاهرها وأصبح ينافس أخاه السلطان محمد في شؤون الدولة وعلاقاتها العامة بشكل لم يكن محل رضا السلطان محمد ، ولكي لا تتفاقم الأمور بينه وبين أخيه قرر السلطان محمد التنازل للسلطان بدر عن حكم حضرموت الداخل والساحل واحتفظ لنفسه بحكم اقليم ظفار الذي كان وقتها جزء من الدولة الكثيرية .


وينقل بامطرف ما أورده المؤرخ صلاح البكري في كتابه تاريخ حضرموت السياسي عن شدة وقسوة السلطان بدر في في حكمه ويناقض قول البكري من أن تلك الشدة والقسوة كانت في مصلحة الأمة ومن أجل منفعتها معتبرا القساوة والشدة أمرا مفروغا منه ولكن أن تكون في صالح الأمة ولمنفعتها فتلك مسألة تاريخية ستكون موقع جدل إلى ما شاء الله ، ويتطرق بامطرف إلى الإجراءات الفورية التي اتخذها السلطان بدر في التمهيد لحكمه بعزله لحاكم الشحر الأمير مطران بن منصور ( لم تذكر المراجع القبيلة التي ينتمي إليها هذا الأمير ) ومصادرة ممتلكاته والقبض على حاكم غيل باوزير علي أحمد بن النقيب بتهمة التواطؤ مع أخيه السلطان محمد ضده والزج به في السجن ، ولم يكتف بذلك بل أنه شمل عينيه وعزله عن الخدمة ... ولعل السلطان بدر ( والقول هنا لبامطرف ) اراد بهذه التصرفات الطائشة العنيفة افهام المواطنين الذين يكنون الولاء للسلطان محمد بأنه هو السيد المطاع ذو القوة والجبروت دون أخيه محمد ، وقد رافقت ضجة البطش هذه تصرفات السلطان بدر مدة توليه الحكم وأدارت الدوائر عليه لكنه بطيشه وانفعاله الذي لم يكن يعرف الضوابط والحدود أوجد لنفسه الخصومات بين الحضارم الذين استبشعوا قسوته التي لم يكن لها ما يبررها والتي لم تكن صادرة عن تعقل أو روية .


إلى جانب ما عرف عن أبي طويرق من نزق وقسوة يحدثنا التاريخ عن جانب مشرق من حياته متمثلا في منجزات ثقافية وادارية قام بها السلطان بدر خلال حكمه ومنها تنظيم النقد المتداول في أسواق حضرموت وضرب مسكوكة جديدة للتعامل بها منها الريال وفئاته وتحسين علاقته بالأتراك وقبول ثلة من جنودهم المسلحين بالبنادق للعمل في وحداته العسكرية .


كان السلطان بدر كثير الغزوات في أرجاء حضرموت وكأنه كان يستمرىء اخضاع القبائل المحليين واذلالهم وقد انفضوا من حوله بسبب ممارسات الإذلال تلك الأمر الذي اضطره لأن يجند في جيشه أعدادا من يافع والزيود والغز .. ولم يفد من غزواته شيئا يذكر لحفظ الأمن أو لحفظ الكيان السياسي لدولته فكان يغزو المنطقة ويستولي عليها ثم لا يلبث أن يسحب جنوده منها ، وعلى أي حال لم يكن المنتصر في كل الفتن التي كان يثيرها وأن هزيمته أمام آل العمودي بوادي دوعن مشهورة إلى يومنا هذا لذلك وصفه معاصروه بأنه ( يضم ويضيّع ) كالإناء المخروق وقد هاجمه شاعر شعبي هو عبود بن عبد الله مذحج ذات مرة بقصيدة سجنه بدر بسببها ومات بسجن الشحر نذكر منها التالي :

قدها عليه هتفه يضم ويضيّع = ويوقظ الفتنه وهي نعسانه
حلاّن كم من دار صبّحهم طير = بشوره العاثر غدت حزنانه
مافادت الحملات قل له هون = الجند فشلت والعرب تلفانه
ضيّعت رزق الخلق في كثر السفه = الوف ذي ضيعتها حنّانه

يخلص بامطرف إلى استنتاج من تصرفات السلطان بدر بوطويرق غاية في الأهمية تشخص حالته وساديته المفرطة فيقول :

ان النظائر التاريخية تبرز في أعمال الشخصيات التاريخية على درجات متفاوتة في الشبه الشكلي ولكنها متماثلة في جوهرها من حيث أنها تقود إلى الحاق الآلام الجسيمة بالبشرية ، فهناك مثلا وجه شبه بين السلطان بدر والإسكندر المقدوني والقياس مع الفارق من حيث الشكل في أن الاثنين توليا الملك وهما في بداية العقد الثالث من العمر وكانا مريضين بحب السيطرة والغزو ، وهذه السن المبكرة تعطي للحاكم المطلق لونا قزحيا للتسلط ومذاقا سكريا للبطش فوق كونها تعطي مشاكل الأمة الشائكة ملمسا مخمليا ناعما ( نفس منظور بن لادن والقول هنا لي ) وهناك وجه شبه ثالث بين بدر والإسكندر وهو أن الاثنين كانا محاطين بنصحاء ممتازين في رجاحة العقل والإستقامة ولكن رجاحة العقل لا تتفق مع خفة الجنون ( جنون العظمة ) لقد كان ارسطو أشهر فلاسفة اليونان ناصحا للإسكندر بيد أن ذلك العقل النير لم يستطع كبح جماح الإسكندر في الغزوات المدمرة له ولاعدائه كذلك كان السلطان بدر بوطويرق محاطا بالعديد من فقهاء حضرموت وذوي المشورة الثاقبة والناصحة ولكن أولئك الأماجد لم يستطيعوا أن يحدوا من نزوات أبي طويرق أو أن يوجهوه في سياسته العامة الوجهة الصحيحة التي تجنبه الأخطاء في حق البلاد والرعايا .. لقد كان السلطان بدر واقعا تحت مؤثرات هواجس لدنية هي إلى مرض السادية أقرب من روح التدمير الذاتي ، ومع كل ذلك فان شخصية أبي طويرق ستظل جدلية اليوم كما كانت من قبل عدة قرون .

سبق لي وأن تناولت في موضوع ضمنته أحد المنتديات بعض الجوانب النفسية في شخصية كل من بن لادن / الظواهري / الزرقاوي الذين يميلون إلى العنف المماثل لعنف بدر بوطويرق وربطت بين ظاهرة العنف التدميرية المتأصلة فيهم وبين النشأة الأولى في سنين العمر المبكرة وإستشعار مركبات النقص إما لحادث عرضي في الطفولة كـــــ الإعتداء الجنسي ( الإغتصاب مثلا ) أو الإحباط النفسي بوجود متاعب أسرية تنعكس سلبا على أفراد معينين وتفرض عليهم الطابع الإجرامي

السؤآل الذي يطرح نفسه هو :

هل تعرّض بوطويرق المتهم ( كما تشير المصادر والمراجع التاريخية ) بالسادية المفرطة وتدمير الذات والآخرين والغزو غير المجدي ( كغزوات بن لادن التدميرية ) إلى مأزق نفسي أو اعتداء في مرحلة الطفولة انعكس سلبا على حياته اللاحقة وفرض عليه استعراض قدراته القتالية للتخلص من المعاناة النفسية والإحباط الداخلي ؟

يجــــــوز


سلام .

[صالح العمودي]

متابع بصمت

;priv

[abu iman]

طال انتظارنا عسى المانع خيرا