المعلم عبدالحق : شاعر حضرموت الأول

[عمر خريص]

اختلف الرواة في نقل حادث اغتيال السلطان منصور بن عمر صاحب شبام فحينما يروي السيد حامد بن أبي بكر الـمحضار في ترجمة جده بأن السلطان عمر بن عوض القعيطي امر تابعيه سالم علي الدهري وعمر عبدالله الحدادي بالاجهاز على خصمه بعد ان رتب لهم الخلوة به في ماقصه علينا في كتابه وهي مبسوطة للقراء ، ويحدثنا المؤرخ سعيد عوض باوزير في كتابه (صفحات من التاريخ الحضرمي) ص 223 قائلا ( ولم يكن بد من رد فعل لهذه المؤمرات والمكائد المتكرره من منصور بن عمر ، فقرر الجمعدار عوض بن عمر وضع حد لمشكلة شبام بقتله والتخلص منه ، واوعز الى احد اتباعه في شبام ان يدعو الامير منصور الى وليمة غذاء تكون فيها نهايته ، ولبى منصور بن عمر الدعوة وكان في انتظاره كبار مشايخ يافع وعلى رأسهم الشيخ سالم بن علي بن هرهره، ولما وصل الامير منصور تقدم لمصافحته الشيخ سالم بن علي وشد على يده واعطى الاشارة ليافع فهجموا عليه وقتلوه ، وقتل ممن حاول الدفاع عنه من ال عيسى بن بدر ومواليهم نحو ثلاثين نفرا وبذلك تم احتلال الفعيطي لشبام سنة 1275م) واذا كنا هنا لا نقر افعال القعيطي في اغتياله لمنصور بن عمر وسلبه ملكه بالغدر والمكيدة الا انا نقر بأن الحرب خدعة ، ونرجح رواية المؤرخ سعيد عوض باوزير في طريقة اغتيال منصور ، والترجيح غير التأييد الى ان يثبت لنا عكس مارويناه ، ومن اسباب ترجيحنا لرواية باوزير نوجزها فيما يلي :ـ
1ـ باوزير وثق للحادثة بالتاريخ المدون لسقوط شبام في ايدي القعيطيين وهو هنا يكتب تاريخا يتحرى فيه الدقة ، بينما اغفل المحضار ذلك في ترجمته لجده .
2ـ رواية باوزير اقرب الى العقل والمنطق وفيها شىء من الاقناع ، بينما يروي المحضار الحكاية بمايشبه الاسطورة وكأن منصور بن عمر غفل من الاغفال وانطلت عليه كل الحيل القعيطية المكشوفة .
3ـ حيادية باوزير في صفحاته ، بينما كان المحضار مناصرا للقعيطيين وكتابه اقرب مايكون كتاب دعائي منه كتاب تاريخ .
اما باحنان فقد اسقط من تاريخه (جواهر الاحقاف ) حادثة اغتيال منصور حينما ذكر حاثة دار معمر التي أمر بتفجيرها السلطان منصور فقتل من فيها ومن بينهم عقيلتان من حرم الجمعدار عمر بن عوض القعيطي ، اما تاريخ سنة وقوع الحادثة فقد تأرجحت بين الاتفاق والاختلاف وهو تاريخ مهم حيث ترتبت عليه سقوط دولة وميلاد دولة اخرى وهذا مما يوسف له لا سيما وانه تاريخ قريب ، حتى ترى مؤرخا كبيرا مثل بامطرف يورد تاريخين مختلفين لحادثة واحدة في كتابين ثم يأتي اخر السلاطين القعيطيين ويناقض كل المؤرخين في اثبات انشاء دولتهم الذاهبة ، ونتابع هذه الاثبات في مايلي :ـ
1ـ عام 1275هـ باوزير ص 223((صفحات من التاريخ الحضرمي )) وارودناه سابقا.
2ـ عام 1275هـ الناخبي ص 132(( رحلة الى يافع)) حيث يقول ( وفي عام 1275هـ اشتد الحرب على شبام مما جعل السلطان منصور يقبل الصلح على مناصفة شبام وتم ذلك الا ان السلطان منصور بداء يدبر مكيدة لاغتيال رجال القعطة وزعماء يافع ورسم خطوطها وكادت ان تحدث لولا ان القعيطي علم بـهذه المكيدة في اللحظة الاخيرة ففشلت ودبر القعيطي من جهته مكيدة لمنصور راح ضحيتها واستولى القعيطي على شبام ).
3ـ 1275 هـ ـ 1858م بامطرف ص 14((في سبيل الحكم)) حيث قال ( وعلى نقيض حكم اسرة ال جعفر بن علي الكثيري في مدينة شبام قام حكم أسرة ال عيسى بن بدر الكثيري سنة 1239هـ (1823م) وكان اخر حاكم من هذه الاسرة الامير منصور بن عمر الكثيري الذي كانت بعض تصرفاته الهوجاء سببا في دفع يافع الى تكوين نواة الدولة القعيطية في حضرموت الداخل سنة 1275هـ (1858م) .
4ـ 1274هـ بامطرف ص 97(( المعلم عبدالحق)) حيث يقول ( قال المعلم في مقتل السلطان منصور بن عمر الكثيري في شبام على يد ال القعيطي وذلك يوم الخميس الثاني من شعبان عام 1274هـ قصيدة مشهورة مطلعها :ـ
لاحت بروق الظفر في الليل لي جوح *وحن رعد الجميلة فوق روس القور
5ـ 1276هـ ـ 1827م ، اخر السلاطين القعيطيين غالب بن عوض في كتابه (( تأملات عن تاريخ حضرموت)) حيث يقول ص 114ـ 115 استطاع عمر بن جعفر بن عيسى بن بدر الكثيري احتلال شبام كاملة سنة 1234هـ 1819م بمساعدة من قبائل يافع (مكتب الظبي) اضافة الى مجموعة من الفخوذ الشنفرية ، ودامت حكومة اسرته على هذه المدينة وبعض ماجاورها بشكل او اخر ، حتى كتب الله لها الانقراض بمقتل اخر حكامها السلطان منصور بن عمر سنة 1276هـ 1859م واحتلالها من قبل يافع برئاسة عوض بن عمر القعيطي ) .
اما القصيدة التي نحن بصددها والتي سجلت هذا الحدث التاريخي فهي للشاعر الكبير المعلم عبدالحق وهي قصيدة جوابية على قصيدة الشاعر عبدالله بن صالح النقيب ، والمعلم عبدالحق اشهر من نار على علم ، وهو شاعر حضرموت الشعبي السياسي الاول في عصره ، قصائدة شهادات مصدقة يعول عليها في توجيه الرأي العام ، وهي في تاثيرها كتأثير البيانات السياسية الصادرة عن السلطة ، ولد المعلم عبدالحق في تريم في اليوم السادس من شهر رمضان سنة 1213هـ وتربى وتعلم فيها واشتغل بالخطابة وتعليم الصبيان ، توفي ليلة الجمعة لخمس بقين منذي الحجة 1289هـ بعد حياة حافلة بالعطاء الشعري البديع ، ومنها هذه القصيدة الرائعة التي تقول ابياتها:ـ

لاحت بروق الظفر في الليل لي جوح = وحن رعد الجميلة فوق رؤس القــــور (1)
رغاي من فوق بجحم (2)والمزن تطرح = فتكت سيوله وروا ذبره المعمـــــور
وجاء مكتب وقال ان لا انت خصم افرح = يافع طوو لال عيسى بن بدر بالأمصــور
ذي سيرهم كان في ظلمة بليل اكشــح = واليوم من بعد ذيك الظلمة امست نــور
والوعل ذي كان في لصبار (3) يـتبجح= مايعرف الدقم (4) خائف وثره(5) المدثور
في الجو راسه اذا صف القــنص روح = غير الاجل في الصحايف يوم له محــزور
يوم انقضى العمر من شاهق جبل لوح = حاكته نفسه وغره شوره الـمعـــرور
بعد الوثاقة بنفسه في الهوا لــوح = ولعاد عرقه شبا منها ولا ثغـــــرور
من غير ناهل ورد للدقل واتسمح =عسفوا قرونه وشربوا دمه المنثــــور
تقنوا فعايله ذي تاذي وذي تـجرح= والا فو الله ماحد يقتل الـماســــور
الجيد اللي قتل في سوقها تفــرح = ريته قتل يوم لاقى عند فتش الســـور
غير المنية رمت به عصم لبيـــح = ولعاد يعزم بنفسه لو يكون معـــذور
تتعمد (6) الحذفه (7) الاكل راس اقــرح= ومن ذرى بر حصل ذريه الـمبــذور
ومن ذرى شوك مثله قط مايربـــــح= هو من ذرى ذري للحيلة كما منصـور
الفقر ياذي وذكر الفقر لا صـــــبح = وصاحب الفقر يقطب زنده المعســور
ياعازم اعزم من الشعب الورب (9)واسرح= في الحال من دار بحري مسجد المشهور
حليت في وسط غلمة (10) للبلا تنطـح = وفي الضنك (11)كل مترس (12)منهم مخبور

ــــــــــ

وتمضي القصيدة بعد هذا الوصف الرائع لتتم خمسة وخمسين بيتا .
هوامش :ـ
(1) ـ القور : الجبال
(2) ـ بحجم : احد القاب مدينة شبام
(3) ـ لصبار : الجبال
(4) ـ الدقم : طرف الجبل
(5) ـ وثره : هلاكه
(6) ـ تتعمد : بمعنى المصيبة ،ويعني بها هنا حدوث الاصابة البالغة
(7) ـ الحذفة : الرمي بالحجر
(8) ـ المنيحة : الناقة كثيرة اللبن وهو يواري بها هنا مدينة شبام حين باع منصور نصفها للقعيطي .
(9) ـ الورب : الموحش والشعب الورب يقصد به بلدة دمون .
(10) ـ غلمة : غلمان شديدو الباس .
(11) ـ الضنك : العسر والشدة .
(12) المترس : المكان الذي يمكن فيه المقاتلون .

[سالم علي الجرو]

يا سلام عليك يا بو محمد .
صيدك ـ ما شاء الله ـ دائم سمين .

[أبونمر]

ماشاء الله عليك يابومحمد استطعت ان تظفر باللول من قاع البحار
ان للشعر القديم نكهه خاصه ولذه تختلف من مانحن عليه اليوم من شعر
رغم الحداثه قديمك يبقى نديمك 000تسلم يالغالي ولك الف شكر

[عمر خريص]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سالم علي الجرو

يا سلام عليك يا بو محمد . صيدك ـ ما شاء الله ـ دائم سمين .

يعطيك العافية استاذ سالم
بعض مما عندكم يالغالي

[عمر خريص]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبونمر

ماشاء الله عليك يابومحمد استطعت ان تظفر باللول من قاع البحار ان للشعر القديم نكهه خاصه ولذه تختلف من مانحن عليه اليوم من شعر رغم الحداثه قديمك يبقى نديمك 000تسلم يالغالي ولك الف شكر

الله يحفظك اخي الشاعر ابو نمر
تراث حضرموت فيه الكثير الجيد والممتاز
وكنوز مطموره في صدور الرجال وملفاتهم
اوصيك بكتاب الاستاذ سالم
(الرمز والتشبيه في الشعر الحضرمي )
ففيه قصائد واخبار من تراثنا .

[ابوبدر]

بومحمد الشحرى طابت ايامك لو تتكرم الاسم الكامل للمعلم عبد الحق ؟؟

[عمر خريص]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوبدر

بومحمد الشحرى طابت ايامك لو تتكرم الاسم الكامل للمعلم عبد الحق ؟؟

حيا الله ابو بدر حيا بأهل وادي عمر (وادي عمر حبه وانا طفل في الخوذة )
المعلم عبد الحق هو ( سعيد بن عبيد بن مبارك عبدالحق ) قال عنه بامطرف ( يتصل نسبه بالمشائخ آل عبد الحق من حوطة الفقيه علي بالاقليم الواحدي من جنوب اليمن ، وقد هاجر جده مبارك الى تريم المدينة لطلب العلم في نهاية النصف من القرن الثاني عشر الهجري على اوثق الاقوال واشهرها ، وكان مولد المعلم عبدالحق في اليوم السادس من شهر رمضان سنة 1213هـ وفيتريم تللقى تعليمه اللغوي والديني غير انه غادر تريم في شبابه ـ هو وامه ـ الى بلدة دمون الواقعة الى الجانب الشرقي لتريم .)

[ابوبدر]

هل توجد بيوت من اهل حضرموت او شبوة فى يوم الناس هذا مازالت تحتفظ وتحمل هذة التسمية ؟
وشكرا للمشرف المميز ابو محمد الشحرى ودمت بود

[عمر خريص]

الله اعلم
ولكن يحتاج هذا الى بحث !
لا اعرف اذا كنت تستطيع الافادة بالبحث اخي ابو بدر

[abu iman]

من مثل هذه المشاركات نستفيد على قول الأستاذ سالم الجرو صيدك دائم سمين