أم علي تروي مأساة لاتصدق مما فعلته فرق الموت الصفوية في العراق

[فراس]

أم علي تروي مأساة لاتصدق مما فعلته فرق الموت الصفوية في العراق



مذبحة جديدة. وليلة رعب أخرى عاشها أهالي حي صغير جنوب بغداد. مسلحون «مجهولون» قضوا على عائلة من النساء والأطفال. اقتحموا منزل مرزا الشمري الذي قتل قبل شهر، وسط عجز الأجهزة الأمنية عن الوصول الى الحي. وامتناع سيارات الإسعاف عن التوجه اليه. ورفض القوات الأميركية نقل المصابين الذين نزفوا حتى الموت.
قتل «المجهولون» علي مرزا (16 سنة) وأختيه رواء (16 سنة) ورونق (12 سنة) وعمتهم سعدية (50 سنة). لم ينج من المجزرة سوى أم علي. بقيت الشاهد الوحيد لتروي هول المجزرة.
ولم تمض ساعات على المجزرة الأولى حتى وقعت أخرى في حي الشعب عندما استهدفت سيارة مفخخة مسجداً شيعياً اسفر عن قتل أكثر من 10 مصلين وإصابة 30 غيرهم.
سكان الحي الذين شهدوا المجزرة الأولى سمعوا أصوات رصاص كثيف. لم يجرؤ أحدٌ على الخروج لاستطلاع الأمر. الجيران كلهم لزموا بيوتهم. والذين فتحوا جزءاً من شبابيكهم وأبوابهم، أغلقوها بسرعة. أم علي وحدها شاهدت ما حدث. تقول: «كنت خلف الدار. سمعت صوت رصاص كثيف. كان الصوت قريباً جداً. خفت. لكن لم أتصور، بادئ الأمر، ان يكون أولادي وعمتهم غارقين في دمائهم (...) لكن هذا ما حدث (...) وجدت ابنتي وابني وعمتهم قتلى في بهو البيت. ولم أر المسلحين».
تلقت أم علي، بعد قتل زوجها تهديدات. أنذرها «المجهولون» بالرحيل الى العائلات الشيعية الساكنة في الحي. لم تعر الأمر انتباهاً، فالمنزل لا يضم سوى النساء والأطفال. أكبرهم علي الذي ترك دراسته في الصف الثالث المتوسط ليعمل صبي حداد. كان الصبي معيل العائلة مع عمته.
... خرجت أم علي الى الشارع طلباً للنجدة، لم يستجب أحد لندائها. راحت تراقب بصمت نزيف الأبناء حتى فارقوا الحياة. تباعاً. كانت إصابة رونق أقل خطورة. قاومت حتى وصلت دورية أميركية الى مكان الحادث، بعد ثلاث ساعات، حاول جندي إنقاذها، لكن قائده رفض نقل المصابين الى المستشفى. استدعى الشرطة التي نقلت الجثث والمصابة وأم علي في سيارة «بيك آب» مكشوفة الى مستشفى اليرموك، حيث فارقت رونق الحياة.
لم يجرؤ أحد من سكان حي المهدية دخول منزل أم علي أو الاقتراب من الجرحى خوفاً من انتقام «المجهولين» وسط حملات التصفية التي حصدت أكثر من 50 شخصاً في الحي ذاته في غضون خمسة أشهر. بعضهم قتلته «فرق الموت» التي ترتدي زي رجال الشرطة. وأخرى نفذها «مجهولون».
الجيران الذين خافوا نجدة العائلة المنكوبة أجروا اتصالات هاتفية بالشرطة ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع والإسعاف. لم يستجب أحد. سكان الحي لم يكونوا طائفيين في اي يوم من الأيام. لكنهم الآن يفكرون بالنزوح كل الى مذهبه (...) إنه الفرز الطائفي يسعى اليه «المجهولون»، متمتعين بحرية الحركة، حتى في ساعات منع التجول.
الذين سبق واشتكوا من قمع أجهزة الأمن واغتيالات «فرق الموت» المنظمة التي حصدت أكثر من 50 رجلاً في حيهم الصغير، فضلوا ان يكون جنود الاحتلال واشترطوا ان لا يدخل الحي سوى الاميركيين.
عدا أم علي لم يجرؤ أحد من شهود الواقعة على ذكر اسمه خوفاً من عودة القتلة للانتقام، وأكثرهم تهوراً اكتفى بالقول ان القيم الاجتماعية غابت.