أوراق من الذاكرة الحضرميــة ( قوانين حضرميـة ) ..!!

[أبوعوض الشبامي]

.



حقيقة تاريخية جميعنا لا ننكرها ويجب أن ندركها هو أن سلاطين القعطة وآل كثير ، انفقوا من مالهم الخاص لتأسيس سلطنتهما في حضرموت ، حيث كانت مصادر الدخل في حضرموت شحيحة وفي نفس الوقت محدودة.

وحين استثب الأمر في المكلا للقعيطي وللكثيري في سيئون ، تولى الإشراف على الإدارة المالية أمين الخزانة ، والذي علاوة على عمله هذا كان يعمل مفتشا للمدارس الحكومية ، وكانت ايضا مهمته يصرف الرواتب والأعطيات ويقوم بصرف جوازات السفر ، وتسجيل مبيعات وتحويل ملكية العقارات .
وحين استثب الأمر بعد هدنة القبائل ومعاهدة الحماية مع بريطانيا توسعت مصادر الدخل للدولة في حضرموت ففرضت الضرائب ذلك ان المستشار إنجرامز بدأ القيام بإصلاحاته الادارية والمالية وشكل إدارة مالية لكل سلطنة. وقدم مقترحات بسن قوانين للضرائب على العقار والنخيل وذكر مراسل مجلة الرابطة العربية في سيئون، إن إنجرامز زار السلطان جعفر بن منصور وعرض عليه (( تشكيل إدارة في مدينة سيؤن لمالية الدولة تكون تحت إشرافه، ووضع ضرائب جديده على الأموال الثابتة والعقارات والنخيل ورسوم على الدعاوى في المحاكم الشرعية وعلى عقد النكاح والطلاق وغير ذلك ))..

وايضا في تلك الفترة ذكر مراسل جريدة الترجمان الصادرة في ( باتافيا ) بجاوه ، (( أن الدولة الكثيرية فرضت ضريبة على النخيل بعد أن قامت الدولة بعمل إحصاء شامل للنخيل )).

أما العقارات والمساكن فقد كانت مدن ساحل حضرموت خاصة المكلا والشحر والغيل تحت طائلة ضرائب العقار ، وقد نظمت السلطنة القعيطية سجلات البيوت والمحلات التجارية منذ وقت مبكر فقد وضعت في عام 1926م سجلات تحصي جميع العقارات والمحلات عبر البلدية ، وحين شهدت مدينة المكلا توسعا عمرانيا وبدأت تعرض على المحاكم مشاكل المساكن والمحلات ، تم دراسة الأمر في مجلس الدولة القعيطية وتم إعداد قانون ينظم هذه المسألة ، ويعد هذا القانون أول قانون يصدر في الجزيرة العربية ، سمي القانون ( قانون أجور المساكن والمحلات ) .. جاء على النحو التالي :

نوافق :
عوض بن صالح القعيطي
نائب سلطان الدولة القعيطية الحضرمية

بسم الله الرحمن الرحيم
قانون تحديد أجور بيوت السكنى المحلات التجارية رقم ( 1 لعام 1370 هـ ) تاريخ الابتداء 28 محرم 1370هـ الموافق 8 نوفمبر 1950م .
سن هذا القانون نائب صاحب العظمة سلطان الدولة العقيطية الحضرمية.

(1) يسمى هذا القانون بقانون تحديد أجور بيوت السكنى والمحلات التجارية ، يعتبر ساري المفعول من تاريخ مصادقة مجلس الدولة عليه.
(2) ستطبق مواد هذا القانون على جميع البيوت والمحلات التجارية الكائنة بمدينة المكلا بما في ذلك الشرج والديس ، كما يجوز تطبيقه على أي مكان آخر تحت أمر أخر.
(3)تفسير الكلمات التالية كما يلي :

أ - ( المالك والمستأجر ) يقصد به أي شخص يحمل في الأصل لقب مالك أو مستأجر.
ب - ( التأجير ) يتضمن التأجير الفرعي.
ج- ( المساكن ) بيوت السكنى والمحلات التجارية.
د- ( الأجار المحدد ) يقصد به الأكرية المؤجر بها المساكن بتاريخ أول ابريل سنة 1946م طبقا لسجلات البلدية بإضافة نسبة مئوية لا تزيد على 40% ، وذلك حسبما تقرره لجنة البلدية التي عليها تراعي عند تقرير تلك الزيادة ظروف القضية كما يقصد به أيضا أي أجار تحدده لجنة البلدية للبيوت التي لم تكن مؤجرة في التاريخ المشار إليه آنفا مضافا الى ذلك أي زيادة أخرى بها تحت المادة 9 من هذا القانون

(4) يجوز للجنة البلدية أن تنظر في قضايا الأكرية تحت قوة هذا القانون في مدينة المكلا بما في ذلك الشرج والديس أو أي منطقة أخرى يشملها هذا القانون فيما بعد . وتعتبر قرارات لجنة البلدية سارية المفعول كما انها عرضة للاستئناف أمام المجلس العالي بالمكلا.

(5) يجب ألا تزيد أكرية البيوت والمحلات التجارية المحددة في سجلات البلدية لعام 1926م أكثر مماتقرره اللجنة تحت البند ( د ) من المادة (3) من هذا القانون ما عدا الاتفاقيات ستعتبر سارية المفعول حتى انتهاء مدتها وعند ذلك يجب العمل بما جاء في هذا القانون

وهكذا تمضي بقية مواد وصيغة القانون تستمد قوتها من احكام وضعت بعناية وبعد دراسة مستفيد المشرع من الاوضاع الخاصة في المكلا وتبين ان حضرموت كانت دولة مؤسسات وقوانين لم تعرفها بقية دول الجوار الا في وقت متأخر ، وان الحضارمة ليس كما يتوهم البعض من كتاب المواقع والجرائد السيارة انهم شعب موهوب في العمل التجاري وانه رهين دوام عمله واخلاصه في العمل من أجل المال .في المادة رقم ( 10 ) من هذا القانون حدد القانون احكام تلزم اخلاء المستأجر المسكن وجاء نص المادة بما يلي:

(10) لا يجوز لأي محكمة أن تصدر حكما أو أمرا على أي مستأجر لقصد إخلاء مسكن ما حتى في حالة انتهاء مدة الايجار إلا في الأحوال التالية :

أ- في حالة عجز المستأجر عن دفع الكراء في مدة لا تزيد عن شهرين من تاريخ مطالبة المالك له بالدفع
ب- في حالة تعمد المستأجر للبيت لأغراض غير شرعية
د- في حالة تأجير البيت من قبل المستأجر أو في حالة إخلاء البيت لشخص غير المالك أو في حالة إبقاء البيت فارغا لمدة لا تزيد عن ستة أشهر
هـ - في حالة عدم سكنى المالك في المنطقة الواقع فيها البيت أو أنه كان غائبا أو يسكن بيتا آخر بالإيجار أو في بيت يملكه ولكنه لا يكفي لسكنى عائلته وهو لذلك يرغب في سكنى ذلك البيت يجوز للحاكم أن يأمر المستأجر بتفريغ البيت إذا اقتنع بحاجة المالك لسكناه لنفسه أو لبعض من أفراد عائلته التابعين له على شرط أن يعطي المستأجر مدة للتفريغ لا تقل عن ستة أشهر

واختتم القانون بالمادة رقم ( 12 ) حيث جاء فيها:

(12) يجوز لصاحب العظمة في المجلس أن يسن أي انظمة لغرض تطبيق مواد هذا القانون بما في ذلك تحديد الرسوم والمصاريف المطلوب دفعها .

نشير أن سلاطين القعيطي كانوا قد تخلوا عن جميع ممتلكاتهم من عقار واطيان ونخيل وغيرها في الهند وحضرموت ، وحولت من أملاك شخصية إلى ملك عام للدولة القعيطية الحضرمية ، وذلك من أجل تعزيز موارد الدولة اقتصاديا واستمرارية بقاءها ، ولذا فرضت السلطنة القعيطية ضريبة سنوية على العقار كانت تسمى ب ( الحكر ) في المكلا وضواحيها . حيث اعتبرت أن جميع العقار ملك الدولة وعلى المستفيد من العقار دفع الايجار السنوي وهو ايجار رمزي . وصدرت وثائق خاصة تسجل كل عقار وهي عبارة عن عقد تمليك وايجار في نفس الوقت تحدد قيمة الايجار حسب وحدة المساحة ( القدم المربع ) . واستمر العمل بهذا القانون وهذا النظام حتى تم تأميم العقارات والمساكن من قبل حكومة الحزب الاشتراكي في عدن ، وبقيت الوثائق القعيطية التي تحدد الملكية والايجار معمولا بها حتى سنة 1991م .
واستفادت السلطات الجديدة بعد سنة 1991م من روح القانون القعيطي والعمل به واعادة اصدار وثائق جديدة فيما تعرف

.