العلاج باسلوب الكيجونج الصيني

[أبو صلاح]

العلاج باسلوب الكيجونج الصيني

قد يبدو غريبا في أسماع الشعوب الغربية أن نعتبر التنفس بمثابة تمرين رياضي، أو أن نعتبره من المهارات أو الفنون. فهم يعتقدون أن التنفس مجرد وظيفة بيولوجية تأتي بشكل طبيعي تلقائي، فلماذا إذن نتجشم عناء تعلم فن التنفس؟ فنحن نتنفس طوال الوقت على أية حال. ولكن الواقع يقول إن التنفس فن للحياة الصحية، وهو فن رفيع المنزلة في هذا الصدد. وإن طريقة تنفسنا يمكن أن يكون لها أثر جوهري على صحتنا وعلى العملية العلاجية . فإننا على الأقل، نجد أن طريقة تنفسنا تحدد كمية الأكسجين التي نأخذها ومقدار كفاءة استخدامنا له ، فلا شيء أكثر حيوية للحياة من الأكسجين. ولقد تعمدت أن أضع الكيجونج، أي التمرين التنفسي الصيني، قبل كل تمارين اللياقة الصينية الأخرى لأنني أعتقد أن هذه هي نقطة البداية المنطقية. فحقاً، إن التنفس للصحة الطبيعية وللعملية العلاجية مثل الهواء للحياة. وفي الواقع، إن كل تمارين اللياقة الصينية تدخل في ضمنها فن الكيجونج بشكل متجانس، وتتطلب أن يجعل ممارسوها أفعالهم وحركاتهن متناسقة مع إيقاع التنفس. وليس من المبالغة في شي أن نقول إن الكيجونج هو بمثابة "خيط أحمر" أي رابطة تمر خلال جميع صور تمارين اللياقة الصينية الأخرى. بل، في واقع الأمر إنه يقع في موقع القلب بالنسبة للطرق الصينية للصحة الطبيعية والعلاج الطبيعي، ويمثل حجر الزاوية بالنسبة لجميع تمارين اللياقة التي وجدت في الصين على مدى أكثر من 5000 عام. ومن ثم، يعد الفهم الواضح لمبادئ الكيجونج وبناء أساس قوي لمهارات هذا الفن الصيني من الشروط الضرورية للحصول على أعظم فائدة من صور التمارين الصينية الأخرى. ولقد ذكر ما يلي في كتاب الإمبراطور الأصفر الذي ألفه في مجال الطب الباطني بعنوان (THE YELLOW :Emperor’s Classics of Internal Medicine) "استنشق الهواء الضروري عند الشهيق وأطلقه عند الزفير، فيكفي أنه يحفظ روح الإنسان... وإذا كنت تعاني مرضاً كلوياً، فقم من نومك في حوالي الساعة الثالثة صباحاً ومارس الكيجونج وأنت تواجه الجنوب الجغرافي". ومن الواضح أن الإمبراطور الأصفر ومستشاريه الطبيين اعتبروا التنفس مهارة يجب تعلمها وطريقة لعلاج الأمراض. واليوم يتزايد الاهتمام بالكيجونج وانتشاره بين الناس في أنحاء العالم. وفي الصين وحدها، يقدر عدد من يمارسون الكيجونج بصفة يومية بما يتراوح من 200 إلى 250 مليون نسمة! إن لفظ "كيجونج"qigong في اللغة الصينية يتكون من مقطعين أو كلمتين منفصلتين هما "كي"qi و"جونج"gong. وبالمعنى الحرفي: تعني كلمة كي"الهواء" أو"النفس الذي يأخذه المرء في الشهيق ويطرده في الزفير" في حين أن كلمة"جونج" معناها "تمرين، أو مهارة أو نبوغ" . ويهدف الكيجونج إلى تقوية الـ"كي" الذي لدى البشر و تنظيمه والسيطرة عليه، بغرض الحفظ على توازن الين واليانج في الجسم واستعادته إذا اختل، وتقوية المناعة، وعلاج الأمراض، وتحسين الوظيفة الجنسية(أو النشاط الجنسي) ، والتمتع بالعمر المديد، وفي النهاية الاندماج في الكون حتى يتوحد المرء مع الطبيعة، ويصير الكل واحد. ومن ثم، فإن الكيجونج هو أكثر من مجرد تمرين أو رياضة، إنه فلسفة: فلسفة صينية قديمة تقع في قلب منظومة الراعية الصحية الطبيعية الصينية. وحيث إن الكيجونج يجمع بين التأمل والتنفس المنظم لتعزيز دوران الطاقة الحيوية في الجسم، فإنه يعتبر وقائياً وعلاجياً في آن واحد، ومن ثم يمكن أن يستخدمه السليم فضلاً عن المريض. إن الكيجونج تمرين خاص يهدف إلى تعزيز تدفق طاقة الـ"كي" الحيوية في الجسم البشري لزيادة درجة المناعة وقوة العلاج الذاتي. وتعتمد جميع الوسائل الصحية والعلاجية الطبيعية الصينية فضلاً عن فنون الدفاع عن النفس، إلى حد كبير على البراعة في ممارسة تقنيات الكيجونج لتحقيق آثارها العلاجية. إن تمرين الكيجونج له أبعاد متعددة وهي الحركة الرقيقة، والأوضاع السليمة، والتنفس المنظم، والتأمل المركز، بالإضافة إلى طاقة متدفقة توجه إلى داخل الجسم. وحقاً، إنه يتعلق بجوهر الحياة ذاتها. ويتطلب الأمر أن تعمل كل هذه الأوجه في تناغم حتى تحقق أفضل النتائج العلاجية. منقول من كتاب (أسرار الرعاية الصحية الصينية) والعنوان من اختياري

[الصمصومة]

منك نستفيد
ابو صلاح