سبـــاق الجمل القصيرة

[سالم علي الجرو]

[ 4 ]
دراهم في كتب

في ليلة من الليالي بينما كنت أغطّي كتبي في سوق الحراج قبل صلاة المغرب جاء رجل غربي ومعه مترجم سوداني ومعهم ثلاجة 12 قدم ـ اسطوانة غاز ـ سبع شنط سمسونايت من الكبار ، وفي تلك الأيام كان سعر شنطة السمسونايت اليدوية ( 350 ريال ) . فقال له الشريطي450 ريال كلمة واحدة ، واشترى العفش الشريطي بـ 450 ، فقلت له: أريد الشّنط وكانت مليئة بالكتب . قال: بـ [ 450 ريال ] والآن قبل الصلاة ، فأخذت الشّنط بالمبلغ الذي طلب: 450.
وعندما فتحنا الشّنط جاء زبون وأخذ كتاب من الكتب التي في الشّنط ووجد في وسطه بعض الأوراق المالية ، فقال: إيش هذي البطر الذي فيك حتى تضع الفلوس وسط الكتب !! فقلت له: أحيانا ينسى الواحد ويحط الفلوس في الكتب علشان ما تضيع وأخذت الكتاب منه وأغلقت الشنط وقلت لولدي: أحمل الشنط كلّها وفرغ ما فيها من الكتب في البيت ورجّعها لي . بعت الشنط بـ: [ 1700 ريال ] وسهرنا على الكتب نفتّشها ونجمع ما فيها حوالي 2.000 ريال سعودي وقطري ودولارات وعملات من أوروبا وفيتنام .
من الكتب التي في الشنط: ( الموسوعة البريطانية ) كاملة [ 32 ] مجلد ، أعطيتها لرجل أفريقي اسمه محمد كمارا مجانا.

[سالم علي الجرو]

[ 5 ]
كتب للزّينة والتّفاخر

هناك من يشتري الكتب للتباهي والتّفاخر ، فهي عندهم جزء من الديكور ، وأذكر أنه قد جاءني احد هؤلاء في الحراج وقال: " عبّي لي هذه الأربعة كراتين وخذ النقود التي تريد " ، وأخرج النقود وقال: " هذا عربونك وأريد أن آتي وهي جاهزة وأريدها كلّها أن تكون مجلّدة ". قلت له: ما عندي إلا نواقص [ بقايا من أجزاء ]، هل تصلح لك؟ .قال: " المهم تكون مجلّدات أريد أن أضعها في الدّولاب أمام الناس ابغاها زينة " . قلت له: " يا أخي عيب . قال:
" والله إبغاها زينة ، لا أبغى اقرأ فيها ولا شيء ".
جاءني مرّة رجل واشترى واشتترى مني كتاب: ( الأغاني ) [ 25 مجلّد ] ، وبد أربعة أيام جاء ورجّعها فسألته عن السبب ـ فقال: " إنّ لون تجليد الكتاب لا يناسب لون مكتبته ، فقد كان لون مجلدات الكتاب بنّيّا ولون مكتبته زيتي ، وبعد أخذ ورد وإلحاح منه أخذت كتبي وأعدت إليه المبلغ , قال: إذا وجدت شيئا مثلما ما أريد فأخبرني .

[سالم علي الجرو]

حرق الوراق أحمد كلاس عيسى قصائده ، فأنشدت ابنته: هيام:
ما كنت أحسب بالقصائد أُفجعُ = يوماً وشعرك يا أبي سيقطّعُ
فاح الأريجُ من الرّماد به شذىً = فكأنّما عطراً غدا يتضوّعُ
إلى قولها:
أفنيت عمرك للكتاب نذرته = وضياء عينيك في القوافي يسطعُ
عارضها الصديق الصدوق لوالدها: الشيخ: محمد مشعوف الأسلمي ، رحمه الله تعالى بقصيدة طويلة اختصرتها ابنته: عبير أحمد كلاس وهي شاعرة أيضا . مطلع القصيدة:
عجباً سمعت من القصيد المفجعُ = هذا الرّثاء على القصيد يقطّعُ
سكبت عيون الحزن ماء جفونها = وتقطّع القلب العطوف ويفجعُ
فلقد بكيت أسى على ما قد جرى = هذي الفجيعة والخطوب تروّعُ
إلى قوله:
من ذا يقدّر للقريض مكانه = إلا الّذي بفنونه يتمتّــعُ

[سالم علي الجرو]

	الحراك الشعري مشهد يضمّ في تجلّياته نهرا يحفر عكس الاتجاه السائد ، يحفر للعمق بعيدا عن ضجيج المادّة ولغة الاستهلاك والتسطيح والاستلاب الرّوحي والوجداني للإنسان . فالشاعر ليس معنيّا بدغدغة عواطف الجماهير ، ومداعبة الحواس ، وإثارة الشعارات الخاوية . الشاعر ليس نافخ بوق أو ضابط إيقاع . إن للشاعر مهام أخرى أكثر عمقا ونضجا وأصالة في الحياة

ـــــــــــــــــ
حسن المطروشي: شاعر ومترجم وصحفي عماني

[سالم علي الجرو]

الثقـافة
مشروع حياة ـ منتجا ، مشوها ، مسحوق ـ مسّ من سياسة
[ 1 ]

	الأديب عادل الحوشان: " المثقفون يعيدون التفكير بالمنطق نفسه والعبارات نفسها وسياقاتها دون أن يلتفت أحدهم إلى أنهم شاركوا في النوم داخل جملة واحد من النصوص ريثما يأتي حدث ما ليوقظهم من نومهم ".

اتجاه واحد للمثقف نحو الجمال: [ الفن ـ الخير ـ العدل ] ، وإذا لم يكن فإنه خروج عن السياق وبالتالي خروج عن المشروع.
" أن نفعل ما نقوله وأن نقول ما نفكر به " ـ رسالة الماركيز إلى العالم.

	والكلام للأديب عادل الحوشان: " ليس ضروريا أن نكون ممثلين لأية مؤسسة رسمية في محافلها الخارجية ومناسباتها ، فهذه لها شروطها التي قد لا نجيدها ، لكننا لا نعدم وجود عشرات الطرق لنشارك في تغيير المائدة التي شوّهها التاريخ ... ".

[سالم علي الجرو]

[ 2 ]

الكاتب والناقد الفلسطيني: نبيل عودة:
يتساءل: هل واقع مجتمعنا يتماثل مع أحلا منا الإبداعية؟
ما قيمة الثقافة إذا لم تحدث حركة اجتماعية وفكرية ونقدا صريحا ، وتفتح نقاشا وحورا يقودنا إلى تعد الآراء والأذواق والمفاهيم والتجارب والتّحدّيات؟.

	" الأدب والثقافة لهما وظيفة اجتماعية ومهمة إنسانية عامة ، عبر الإبداع الأدبي "

	" الإنسان الذي لا يملك هدفا في الحياة هو في الوقت نفسه لا يملك مشروعا ثقافيا حتى لو كان أستاذا في علم اللغويات ، فلا بدّ أن يكون للأديب أو المثقف مشروع حياة يرتبط بقضايا مجتمعه وعالمه . إن ما نحتاج إليه ليس المثقف الخامل الباحث عن المصفّقين ، إنما هو المثقف النقدي الذي ينتقد ذاته وتجربته ، ويكون ارتباطه الأساسي الثقافة بمفهومها الكوني وليس القبلي العشائري ، أو القومي المتعصّب".

[سالم علي الجرو]

[ 3 ]

غياب المشروع الثّقافي الجاد

أما الناقد: احمد شهاب فقد وصف غياب الفاعلية والعمق في ممارسة الفعل الثقافي بـ: ( الأزمة ) نظرا لإفراغه من قيمته وتأثيره بسبب:
· عدم الإهتمام الكافي بالمرجو والمطلوب من الثقافة ذاتها ومن العمل الثّقافي.
· إن المثقفين الذين اعتنوا عناية لا بأس بها بهذا الجانب ، وإن كانوا قد جدّوا في الدراسة والبحث إلا أن الملاحظ هو عدم تبلور إجابة وافية عملية حتى هذه الساعة.
يقول أحمد شهاب:

	" ربما كان لغياب المشروع الثقافي الشامل ما حوّل المعالجات الثقافية إلى معالجات قشرية [ شكلية ] يطغى عليها الخيال ويغيب عنها الواقع مما لأسهم في نشأة طبقة تتعاطى مع الثقافة كحالة كسبيّة وواجهة اجتماعية ن أحالت الثقافة والعمل الثقافي على نوع من الترف الفكري الذي أسهم إسهاما لا بأس به في تقويض فكر التغيير والإصلاح الاجتماعي ، ونشأ بدلا عنه فكر تكريس الواقع السيئ وتطبيعه ".

[فاجوان عباس]

مرحبا باستاذي الكريم

كنت اقرأ هذا الموضوع من يوم امس

وقد اعجبني جدا ما كتبته انت وعيون مكلا كلمات فيها حكم

وللامانة لم يسعفني الوقت لاقرأ كل الصفحات وساعود

لك مني كل كل كل التقدير والاحترام

[سالم علي الجرو]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاجوان عباس [ مشاهدة المشاركة ]

مرحبا باستاذي الكريم كنت اقرأ هذا الموضوع من يوم امس وقد اعجبني جدا ما كتبته انت وعيون مكلا كلمات فيها حكم وللامانة لم يسعفني الوقت لاقرأ كل الصفحات وساعود لك مني كل كل كل التقدير والاحترام

الأخت فاجوان عباس أهلا بعودتك
أهنئك بالتّخرّج ولو جاء متأخر وأرحّب بعودتك وأشكرك لمرورك وأعاتبك قليلا:
تخرّجت ولم تعلمينا لنهنئك يا فجوان.
قرأت في صحيفة أنّك سافرت إلى مصر لإلقاء محاضرة ، وقبلها علمت أنك ستسافرين إلى كوريا الجنوبية للدراسات العليا ونيل شهادة الماجستير في علوم تنمية الريف. كل هذا يحدث يا أستاذة فجوان ونحن أهلك وإخوانك في منتدى أنت فيه عضو فاعل ، ولا ندري. لم يا فجوان؟.
نتطلّع إلى قلمك المميّز لاسيّما بعد النقلة من جوّ الدّراسة المحدد إلى جوّ الدراسة المفتوح ، وبعد الصّمت الطويل.

مكلا: نكرة ـ ومكلانا: معرفة ، أي: المكلا
وعليه فأنت مطالبة بألف ولام
ردّي لنا الألف واللام يا فجونج جوبا والسلام
شكرا فجوان

[سالم علي الجرو]

يا سادتي ، تأخّرت مشاريعنا وتأخّر سوقنا المشترك ، فهل من سبيل إلى الخروج من مأزقنا أولا؟ . لم نعد نحتمل لغة السياسة ، ذلك أن لغة السياسة هي لغة المصالح وبين الأهل قربى وللقربى لغة الود والمصارحة. يا أيّها الآباء: قرأتم آخر سطور شكوانا بالدّم ، فبماذا نكتب شكوى غد؟ . هل بالدم أيضا؟ نريدكم ، قسم بالله نريد أن تظلّوا بين ظهرانينا ، ولكن: نريد من سنهب لهم نفوسنا فداء ، ولن نهب نفوسنا فداء إلا إلى من نحب.