العلويون في جزر القمر !!!!!

[الطايرالميمون]

قال السيد العلامة المؤرخ علوي بن طاهر الحداد رحمه لله: نشرت جريدة "حضرموت" التي كانت تصدر باللغة العربية في المهجر الآسيوي، في مطلع القرن العشرين الميلادي، مقالات ممتعة عن السادة العلويين بجزائر القمر، ومن تولى السلطنة منهم بها، ولكن الكاتب -أي كاتب تلك المقالات-أغفل ذكر أحد سلاطينها وهو السلطان: السيد عبد الله بن أبي بكر بن حسين بن سليمان ( المتوفى بالمخا، سنة 1009 ترجمه في عقد الجواهر) بن حسين بن عبد الله الأعين النساخ بن عبد الرحمن بافقيه ( المتوفى بتريم سنة 884 )، أبن الفقيه محمد صاحب عيديد، ( المتوفى سنة 862 بتريم) إلى آخر منتهى نسبه، فهو من آل عم الفقيه المقدم. فحسين بن عبد الله الأعين، وهو الرابع من سلسلة نسب السلطان السيد عبد الله بن أبي بكر، لم يذكر له عقب إلا بجزائر القمر، "بمولاي" (مهلي) وذكروا أن عبد الله بن أبي بكر هذا كان سلطانا بها، وله عقب هناك، وبالسبر والموازنة يظهر أنه عاش في القرن الحادي عشر، وقد أعقب بجزائر القمر، فإن له ولدين بها، هما: علي وحسين، وأما آل باحسن الحديلي من آل عم الفقيه بالقمر فهم من ذرية محمد بن زين بن محمد (المتوفى بصنعاء سنة 1042 هـ) بن عبد الله (المترجم في عقد الجواهر المتوفى سنة 1002 هـ بتريم) بن علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الحديلي بن محمد بن حسن الطويل بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن علوي (عم الفقيه المقدم). فهم أبناء عم للسادة آل باصرة والموجودين بالوادي الأيسر بدوعن حضرموت، وقد كانوا موجودين أولا بهينن (أعني السادة آل باصرة) واشتهر بالفضل منهم: السيد احمد بن محمد (المتوفى سنة 913 هـ) بن عبد الرحمن با صرة. والسيد محمد بن سليمان ( ترجمه في عقد الجواهر توفي سنة 1009 ) وحفيده، عبد الله بن محمد بن سليمان (المتوفى بهينن سنة 1012) ترجمه في عقد الجواهر. ولا ندري أي أجدادهم تحول من هينن إلى الوادي الأيسر، ولعل ذلك وقع بعد حملات الزيدية أو المكرمي على حضرموت، والله أعلم.

ومما يلحق بذلك، أن السيد محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن المنفر العلوي، من آل محمد بن عبد الله باعلوي، كان حاكما ب "زيلع" أيام كانت هي فرضة (ميناء) الحبشة، وبلاد الصومال، وكان لها إذ ذاك مركز تجاري عظيم، وكان في أوائل القرن العاشر، وقد توفي عمه علي بن عبد الرحمن ب "دوار" "لعلها دردوة) من بلاد الحبشة سنة 915 هـ.

ومن جملة البيوت العلوية الموجودة بجزائر القمر بيت "آل بريك" من آل عبد الله باعلوي. فإن منهم بها: أحمد بن عبد الله بن علوي، (المتوفى سنة 1061 من الهجرة)، بن علي بن علوي بن سالم بن أحمد بريك. وأول داخل إليها هو والده: علي بن عبد الله. هذا وقد ذكره صاحب المقالات المنوه بها -أي في جريدة حضرموت- ولكنه لم يتفطن إلى أن السلطان السيد المسمى "بانا بريكي" لعله محرف عن "بن بريك" على قاعدة أهل تلك البلاد في كسرهم كل كلمة عربية ينقلونها إلى لغتهم، كما يقولون للسمن "سمني" وللماء " ماجي" وللقهوة "قهاوي"

وقد كان ب "كيلوه" وهي بين "كسمياوه" و "مقدشوه" سلطان من آل قدري، وهو أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الله، (المتوفى سنة 1020 من الهجرة)، بن محمد بن سالم، إلى آخر نسبهم، وقد ولد - السلطان المذكور: ب "كيلوه" ولا نعلم أول داخل من آبائه إليها، وقد قتل بها، ولعل ذلك في إبان غارات البرتقال على أفريقية الشرقية، فليبحث عن ذلك. لقد كنا نود من إخواننا العلويين ب "زنجبار" ونواحيها، اهتماما بتاريخ السادة العلويين النازلين بجزائر القمر ومن تولى الملك بها منهم. ولقد التمست جريدة " حضرموت" الغراء منهم موافاتها بما يعثرون عليها بعد التنقيب، فجاءها من السيد العالم الألمعي: عمر بن أحمد بن سميط العلوي(1) بعض بيان نشرته في بعض أعدادها، ولكنه قال إن السلاطين الذين كانوا بها إنما هم من آل الشيخ أبي بكر(2). مع أن الشيخ محمد الكلالي(3) قال في حديثه: إن فيها سلطان من آل القدري. وقد وجدنا مصداق ما قاله الشيخ الكلالي فيما نشرته مجلة الهلال (المصرية) في ج11 من السنة 12، ص 339-240، بإمضاء الأمير السلطان علي بن السلطان سالم بن السلطان علوي القدري الهنزواني، ولا نعلم بقية نسب هذا الأمير، فإن علماء النسب العلوي قد ذكروا أن لمحمد القدري، المتوفى ب "تريم" سنة 1079 من الهجرة، ثلاثة بنين وبنتين: فالبنتان: اندرجت وهي أم اكبر أولاد علي بن حسين بن محمد الشاطري. وزينة: هي أم أولاد حسين بن عبد الله بن عقيل باحسن. والبنون: حسين وحسن: أمهما وأم البنتين: فاطمة بنت عبد الله بن عمر بن سهل خيلة العلوي. والثالث من البنين: عبد الله، أمه: شيخة بنت عبد الله بن عمر خيلة المذكور. فعبد الله هذا توفي ب "الشحر" سلخ محرم سنة 1099 من الهجرة، وكان يتردد إلى أفريقية الشرقية (السواحل) ويقيم بها، وقد ترك بها أربعة بنين وهم: سالم وعمر وعقيل ومحمد، وأمهم: عربية بنت عثمان فقيه. وترك ب "الشحر" أبا بكر وبهية، وأمهما: لؤلؤ، بنت عمه: أبي بكر بن سالم باحسن العلوي. ثم لم يذكروا عقب أبنائه الذين بالسواحل "أفريقية الشرقية" إلا محمد بن عبد الله، فذكروا له ابنين هما: علي وحسين،وذكروا منهم: حسن، والي "كيلوه" من (أفريقية الشرقية) المقتول بها شهيدا سنة 1025 هـ وهو أبن أحمد بن عبد الله، (المتوفى سنة 1021 هـ) بن محمد بن سالم، إلى آخر النسب المعروف. فحسن هذا ترك أبنا ببلد "بتة" من أفريقية أيضا. وقد استشهد بالجزيرة الخضراء الواقعة بالقرب من جزيرة زنجبار.وترك أبنا يسمى عثمان، ولعثمان أبن يسمى علوي وضعوا عليه علامة الانقراض. ولحسن المتقدم أخ يسمى عثمان ترك خمس بنات وأبنا، فأما البنات فهن: فاطمة: أم بنت لأحمد بن أبي بكر النظير باعلوي، تسمى: علوية زوجة محمد الصالح بن أبي بكر عيديد العلوي، والثانية: عائشة: وهي أم عقيل بن عمر العلوي ثم تزوجها بعد وفاة زوجها عمر، السيد علوي بن إسماعيل العلوي ومات معها، وتزوج بعده محمد بن عبد الله عيديد العلوي، أمهما أم ولد. والثالثة: خديجة، والرابعة: زينة: أم عثمان وعبد الله بن طه الصافي. ببلد "بتة" بأفريقية الشرقية. والخامسة: علوية. أمهن الجميع أم ولد حبشية. فيغلب على الظن، إن الأمير علي هذا يرجع نسبه إلى أحد هذه الغصون المذكورة هنا.

ولعل القارئ يعجب من ذكرنا لأسماء البنات وأزواجهن، ويقول: هذا تطويل محض، ولعمري إنه كذلك، وإنما أردنا أن ننبه إخواننا إلى أن علماء النسب العلوي ضبطوه ضبطا تاما حتى أنهم ليذكرون أزواج البنات كما ذكرنا هذا الأنموذج منه.

وقد نشر الهلال (المصري) في المجلد ال 12 ج5 رسم السيد السلطان محمد بن السلطان عمر بن حسن العلوي، سلطان جزيرة هنزوان من جزائر القمر: وهو رجل مديد القامة، مستدير الوجه، عريض الألواح، كث اللحية، متوقد العينيين مع نتوٍ فيهما، يلبس عمامة قد استدار حفافها فوق جبهته، هرمية الشكل، وقد تدرع بجبة من الخوخ الأسود، ذات أعلام وطراز في أطرافها وأكتافها، وقد وضع أمام منطقته جنبية عربية محلاة الجفن والنصاب، وأمسك بيمينه سيفا عربيا أعقف طويلا محلى. وقد ذكرت جريدة "وادي النيل" المصرية في بعض أعدادها: علي بن عمر سلطان جزائر القمر، فيغلب على الظن إنه أخو هذا السلطان المتقدم ذكره، وذكرت -أي جريدة وادي النيل المصرية- أن فرنسا نفته إلى "رينئون" ثم قالت: وقد خلب هذا السلطان بلطفه وأدبه السكان المحليين، فكان لا يتظاهر بالعنف والكبرياء، كبعض الملوك المزيفين، بل كانت جميع حركاته وسكناته تدل على رفعة نفس، وكان جميلا صبيح الوجه، ذا جبهة عالية، ونظرات لطيفة، وهو يمشي الهوينا، قابضا بأحد يديه على خنجره المحلى بالأحجار الكريمة فوق خاصرته، وعلى طية قميصه الأخضر الطويل. وبالرغم من تمسكه بالتقاليد الإسلامية، فإنه لم يظهر أدنى تعصب، فكان يدخل الكنائس، ويحضر الضيافات التي يقيمها الوجهاء على شرفة، وكان يظهر الرضاء والصبر الجميل على ما حل به من النكبات. وكان يتكلم بألفاظ عذبة إلى من يحيط به. وبعد مدة من اعتقاله، سعت جمعية حقوق الإنسان سعيا حثيثا في قضيته، واستطاعت أن تأتي به إلى فرنسا. هذا بعض ما ذكرته -وادي النيل-. وقد أشارت إلى أن فرنسا قد نفت إلى هذه الجزيرة -أي جزيرة رينئون- ملكة "مداغشكر" (مدغشقر) واسمها "رانا فاجاكا" ولعلها هي التي تزوجها: عبد الله بن محمد باخشوين، ( من قبيلة آل باخشوين المعروفة بوادي دوعن، ببلد هدون) وكان واليا قبل ذلك على "لامو" قريبا من "ممباسه" فلما غُلِب ذهب إلى "مدغشكر" وتزوج بملكتها. ويغلب الطن أن السلطانين محمدا وعليا المذكورين، هما من آل الشيخ أبي بكر - بن سالم بن عبد الله- العلوي، توليا بعد ذهاب دولة آل القدري. ولا غنى لنا قبل الإفاضة في البيان والاستنتاج من نقل المقالتين(4) اللتين ذكرهما صاحب الهلال (المصرية)(5)، قال: في ج5 م 12 تحت عنوان " ملوك الشرق وأمراؤه، جزائر القمر" وبعد ظهور الإسلام واتساع نطاق الحضارة والتجارة في جزر المحيط الهندي، صار تجار العرب يردون بمراكبهم هذه الجزر، على الوجه الذي رواه المسعودي وغيره،و وصوره صاحب قصة السندباد البحري من قصص ألف ليلة وليلة، وهي على ما فيها من الخرافات والمبالغات لها أصل وصحة، فلهذا السبب كثرت أهمية جزر القمر وزادت ثروتها وسكانها.