المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الأخبار السياسيه
سقيفة الأخبار السياسيه جميع الآراء والأفكار المطروحه والأخبار المنقوله هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها ومصادرها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


غريب كان هاهنا ! 9/8/2011 منصور باوادي

سقيفة الأخبار السياسيه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-2011, 02:10 AM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

غريب كان هاهنا ! 9/8/2011 منصور باوادي


غريب كان هاهنا ! 9/8/2011 منصور باوادي


قال أبو الوليد حسان بن محمد: سمعت أبا العباس السراج يقول: وا أسفي على بغداد ! فقيل له: ما حملك على فراقها ؟ قال: أقام بها أخي إسماعيل خمسين سنة، فلما توفي ورفعت جنازته سمعت رجلا على باب الدرب يقول لآخر: من هذا الميت ؟ قال: غريب كان هاهنا. فقلت: إنا لله، بعد طول مقام أخي بها واشتهاره بالعلم والتجارة يقال له: غريب كان هنا. فحملتني هذه الكلمة على الانصراف إلى الوطن.

قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة وما أشد غرابة الزمان والأيام, فهي تسير في فلك منتظم لا تجد فروقا كبيرة بين ماضيها وحاضرها إلا في جزئيات صغيرة, والله جل في علاه يقول " وتلك الأيام نداولها بين الناس " ويذكر أيضا في كتابه الكريم عن التشابه بين الأمم السابقة واللاحقة فقال عن أهل الكتاب لما ادعوا بنوة عيسى وعزير لله تعالى وتقدس وأنهم شابهوا من قبلهم, قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضهئون قول الذين كفروا من قبل ).

إن ما أشتكى منه أبو العباس السراج وجعله يغادر بغداد عائدا لوطنه هو عين ما يشتكي منه الحضرمي اليوم في غربته وتحديدا في دول الخليج من بعض الممارسات التي تطارده هنا وهناك مذكرة إياه بغربته, وقد تكرر مثل هذا المشهد لي عندما كنت أقوم ببعض الإجراءات التي تختص بمن أعمل عنده, وهو حضرمي متجنس, فلما سمع الموظف بالاسم الذي يحمل الطابع الحضرمي, قال وعلى وجهه شيء من التذمر والتبرم " متجنس متجنس", ويقينا أن هذه اللهجة ليست ثقافة وأخلاق عامة الخليجيين,فقد رأيت بالمقابل صورا مغايرة تماما تدل على الاحترام والتقدير, وإظهار الود والإكرام والبشاشة. ولكن كما تقول العرب في المثل " في كل وادٍ بنو سعد ".

وللعلم فإن هذه الخصلة ليست وليدة الخليج أو حبيسته دون أمم الأرض قاطبة, بل هي سمة تجد في أكثر البقاع والبلاد وهي قديمة قدم الإنسان, في قصة أبي العباس السراج, بل حتى أولئك الذين يتنطعون ويتشدقون بحفظ حقوق الإنسان وكرامته ويحترمونه لإنسانيته وهم الغرب وتحديدا أمريكا وأوروبا, تجد أن مجتمعاتهم تطفح بالعنصرية ونبذ الآخر ولو عمّر في ديارهم عمر نوح واقتنى جنسيتهم, فإن شبح الـ"غريب" يلاحقه بل ويلاحق أولاده من بعده .

غير أن حجم هذه العنصرية يختلف من بلد لبلد, فربما يشتد في بعض البلدان ويخبو في أخرى, ويقوى في وقت وزمن, ويضعف في آخر, ولكن لا أستطيع أن أقول أو أثبت أن هناك طائفة ما, من جنسية ما, لم تتعرض لهذا التمييز, وأقل ما فيه أنه تلاحقك صفة الغربة ليل نهار, لأنك لست من جذور هذه البلد الأصلية, وحتى نكون منصفين وعادلين في توصيفنا واستجابة لأمر الله تعالى في كتابه إذ أمر بالعدل حتى مع العدو, فإن ما نشكوا منه نحن الحضارم في الخليج أو غيره, رغم طول مدة تواجدنا وبقائنا فيه نمارسه مع غيرنا في داخل حضرموت ممن عاشوا عشرات السنين وأصبحوا جزاء من المجتمع الحضرمي, فهؤلاء مع أنهم يعلنون انتسابهم لحضرموت إلا أنك تجد أنه لازالت تلاحقهم منا بعض العبارات التي تذكرهم بتلك الجذور التي جاء أجدادهم الأوائل منها واستقروا بحضرموت وساهموا في بنائها ونهضتها حتى أصبحوا جزاء منها, صحيح أننا لم نصل في العنصرية والتطرف مع الغريب كما هو الحال في بعض البلاد الأخرى, ولكن تظل النعرة الضيقة المقيتة "الأنا" حاضرة بكل تفاصيلها في أعماقنا كوننا بشرا ممن خلقهم الله.

وهذه طبيعة مفطورة عليها النفس البشرية؛ أنها تميل لجنسها وقومها, وتقف موقف المغاير نفسيا وشعوريا واجتماعيا مع غيرها, ولا يعني بالضرورة أن تصل لدرجة التحارب والتصارع, ولكن لكل قوم خصوصيتهم وثقافتهم التي تجعلهم يحرصون على إحاطتها بسياج كي لا تتأثر بالدخيل الأجنبي, ولن تستطيع أمة من الأمم أن تتخلص منها مهما أوتيت من قيم ومعان جميلة, ولكن ما يهم في الأمر هو كيف نجعل هذا الدخيل أو الأجنبي (1) يساهم في بناء حضارة وثقافة تكاملية مع أهل البلد الأصليين مع بقاء كل طرف على خصوصيته وثقافته, وهذا ما لم نجده أبدا في أي مجتمع إلا ذلك المجتمع المدني المركب من طائفتين اثنتين وهما المهاجرون من مكة وأهل المدينة بكافة طوائفهم, حيث تجلت صورة التكامل الحضاري مع الـ " غير " في أرقى صورها مع المحافظة على الخصوصية, ولم تكن هذه الخصوصية تشكل عائقا حقيقيا أمام الوافدين من مكة لا في الجانب الشعوري والنفسي ولا الخارجي, رغم وجود المحاولات المتكررة لإحياء النعرات الجاهلية وإذكاء التعصب القومي لدى كل طرف, كتلك الحادثة التي تنادى فيها القوم وصرخ كل صارخ بقومه : ياللمهاجرين ويا للأنصار, ولكنها وجدت من يعيد المسار إلى سابق عهده ووضعه الصحيح السليم.

وفي السيرة النبوية نلمس التأكيد على اعتبار الخصوصية ومراعاتها وذلك من خلال قوله – صلى الله عليه وسلم – لعائشة في أحد أعراس الأنصار : أهديتم الفتاة ؟ قالوا نعم قال أرسلتم معها من تغني ؟

قالت لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأنصار قوم فيهم غزل فلو بعثتم معها من يقول أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم" رواه ابن ماجة, نلاحظ هنا التركيز على الخصوصية التي تميز بها الأنصار أنهم قوم يحبون الغزل, وهي خصوصية بناءة تبني ولا تهدم, وفي مقابل ذلك نلمس حتمية التأثير والتأثر المتبادل بين المجتمعات المتداخلة وذلك من خلال قول عمر – رضي الله عنه :كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذون من أدب نساء الأنصار ... الحديث, ومن هذين النصين يتبين لنا أن المجتمعات لابد لها من عملية تكامل وتلاقح وتزاوج, وربما يصاحب هذا التكامل شيء من السلبيات والمساوئ من كلا الطرفين, وهذه طبيعة المجتمعات المتداخلة والمختلطة .

من المستحيل أن تصل مجتمعاتنا في تناغمها وتجانسها وتكاملها مع من هم من خارجها لما وصل إليه مجتمع المدينة, لأن ذلك الجيل الفريد غير قالب للتكرار, ولكن نستطيع أن نحارب الآثار السيئة المترتبة, وأن نقلل من الدواعي الباعثة لها, إذا نحن جعلنا مجتمع المدينة قدوتنا في ذلك.

1- لفظة (أجنبي – دخيل - غير) إنما نذكرها توصيفا للواقع وحكاية له وليس إقرارا بها وتأكيدا عليها فالمسلمون لحمة واحدة وإن فرقتهم حدود ومسميات وأوطان. فالأجنبي والدخيل والـ"غير" هو من كان خارج هذا الإطار العام وهو "الإسلام".
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas