'الوهم المتبدد' يهز المؤسسة العسكرية الصهيونية

[الشيخ باجابر]

'الوهم المتبدد' يهز المؤسسة العسكرية الصهيونية

الأربعاء 2 جمادى الآخرة 1427هـ – 28يونيو 2006م




مفكرة الإسلام: أحدثت العملية النوعية المعروفة باسم 'الوهم المُتبدد' - التي نفذتها فصائل من المقاومة الفلسطينية عند معبر 'كرم أبو سالم' جنوبي قطاع غزة، ونجحت من خلالها في أسر جندي صهيوني وقتل اثنين آخرين - هزة داخل الأوساط العسكرية الصهيونية، دعت إلى استنفار الصحافة والإعلام العبري بشكل عام، لمحاولة التغطية على نجاح العملية الفلسطينية في مواجهة واحد من أكثر الجيوش في العالم تسلُّحًا.

في التقرير القادم الذي كتبه المعلق العسكري لصحيفة هآأرتس العبرية 'عاموس هرائيل' دليل على ذلك.
يقول هرائيل: 'لم يكن جيش الدفاع الإسرائيلي مُستعدًا، على الرغم من التحذيرات المُسبقة من قبل هيئة الأركان بقيادة الجنرال 'دان حالوتس'.
الفحص الأولي للهجوم الفلسطيني على أحد مواقع جيش الدفاع 'الإسرائيلي' قرب معبر 'كرم أبو سالم' على حدود غزة الجنوبية، والذي قُتل فيه جنديان وتم اختطاف الجندي الثالث 'جلعاد شاليت' [20 عامًا]، يؤكد أن جيش الدفاع لم يكن على أتم استعداداته الواجب عليه اتخاذها في مثل هذه الأجواء من الصراع مع الفلسطينيين، وفي ظل وجود حكومة مثل حكومة حماس 'الإرهابية'.
وإذا أخذنا في عين الاعتبار، التحذيرات الأمنية الشفوية والرسمية التي تم نقلها لكبار قادة الجيش عبر المسئولين في هيئة الأركان قبل العملية بعدة أيام، والتي حذرت من وجود مخططات فلسطينية عديدة لشن هجمات على قواعد عسكرية لخطف جنود 'إسرائيليين' للضغط على الحكومة 'الإسرائيلية' للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بالسجون 'الإسرائيلية'.. كل هذا يدعونا إلى القول: إن الجيش اهتزت صورته أمام الجمهور 'الإسرائيلي' بأكمله.

سؤال مهم:
لكن السؤال المطروح الآن في الساحة 'الإسرائيلية': هل نجحت العملية الفلسطينية بسبب كفاءة وتطور الأداء الفلسطيني، أم بسبب ضعف حلّ بالمؤسسة العسكرية 'الإسرائيلية'؟!
ليس من قبيل التعتيم، القول: إن نجاح الفلسطينيين في حفر أنفاق بهذا الطول، وفي هذه المنطقة بالغة الحساسية، هو تحول نوعي للفصائل الفلسطينية في تنفيذ عملياتها.
أضف إلى ذلك، نجاح القوة المهاجمة في قتل جنديين والعودة لمكانهم وفي حوزتهم جندي آخر، هذه بالفعل عملية ناجحة على المستوى العسكري والخططي لا يجب غض الطرف عنها؛ لأن ذلك يعني التحول عن خلل موجود بالجيش 'الإسرائيلي' أو قصور في عمل الأجهزة الأمنية المُدعمة للجيش بالمعلومات الاستخبارية حول نية الجهات المُعادية تنفيذ عمليات.
وسواء كان الخطأ من الجيش أو من هيئة الأركان، فإن المؤسسة العسكرية بكامل فروعها هي التي تتحمل الخطأ في النهاية، ولم يكن مقبولاً مشاهدة مسئولي كلا الجهازين وهما يلقيان بالمسئولية عن العملية على الطرف الآخر.
في الجانب الآخر، يجب على 'المواطنين' 'الإسرائيليين' أن يفهموا أن جيش الدفاع لا يزال بكامل قوته، وأن تلك الأخطاء، ووجود تقصير في أي توقيت أمر يحدث في كافة جيوش العالم، فعلينا أن نتعلم من تلك العملية كيف نعالج الخطأ والقصور الذي حدث.
الفلسطينيون قالوا في بياناتهم على الإنترنت: إن العملية هي الأولى نحو مزيد من العمليات الانتقامية لمقتل المدنيين في شاطئ غزة، وقبلها مقتل أحد قادتهم العسكريين 'جمال أبو سمهدانة'، ولو تكررت مثل هذه العملية كما يهدد الفلسطينيون في الأيام القادمة، فوقتها نطالب 'المواطنين' 'الإسرائيليين' بالحديث عن ضعف الجيش.. وحسب رؤيتي لا أرى أن هذا سيحدث، فالجيش اتخذ كافة استعدادته بعد عملية خطف الجندي، ويسعى لاسترجاعه سالمًا؛ ما يعني أن الجيش سيقوم بعمليات عسكرية هجومية ضد البنية التحتية 'للإرهابيين' الفلسطينيين في غزة، ستعيقهم بالتأكيد عن تنفيذ أية عمليات هجومية في نفس التوقيت.

حقائق وبديهيات:
ثمة حقائق ومسلمات يجب إلقاء الضوء عليها من خلال هذه العملية، على رأسها أن الجيش تلقّى بالفعل تحذيرات من الأجهزة الأمنية، لكنه فشل في معرفة المكان المحدد للنفق، وهو أمر له أسبابه، فلربما اعتقد قادة الجيش أن الفلسطينيين منشغلون في هذا التوقيت بالنزاع الداخلي بين حركتيْ حماس وفتح، والتناحر الحاصل بسبب الاستفتاء الشعبي الذي ترفضه حماس وتطالب به فتح.
الحقيقة الثانية، أن الجيش 'الإسرائيلي' لا يملك حتى الآن التقنية اللازمة لمعرفة مكان الأنفاق، رغم ما يُشاع عن وجود قدرات تكنولوجية فائقة لمعرفة مكان الأنفاق، لكن هذا غير حقيقي, وإلا لما استمر الفلسطينيون في استخدام هذا الأسلوب في تنفيذ عملياتهم.
الحقيقة الثالثة، أن معلومات هيئة الأركان لم تكن مكتملة، فهي لم تحدد بدقة مكان النفق المزمع استخدامه لتنفيذ العملية القادمة 'التي وقعت'.

نوعية العملية:
أحد الأسئلة المهمة المطروحة عقب العملية هو عن قدرات القوة العسكرية التي تعرضت للهجوم، وكيف لم تنجح في إحباط اختطاف الجندي؟!
نؤكد – وفقاً لمصادرنا - أن العملية الفلسطينية كانت مفاجأة في طريقة تنفيذها؛ إذ اعتمدت على الهجوم من جهة الغرب وليس الشرق كما اعتقد الجنود وقادتهم خلال التدريبات في هذه المنطقة.
هذا يعني أن القوة الفلسطينية كانت تملك المبادرة الهجومية بالطلقات الحية، فتمكنت من قتل جنديين وفر الآخرون، وتم أسر أحد الجنود. والمصادر أكدت لي أن طلقات النار الفلسطينية كانت تُصوب بدقة متناهية.
ما يعنينا الآن هو العمل بمنتهى السرعة على تحرير الجندي 'جلعاد شاليت', فهذا وحده سيؤكد أن جيش الدفاع لا يزال يتمتع بسمعته العسكرية الكبيرة.