أوزان الخليل بحث في النظرية و التطبيق ( الحلقــــــــة الثــــالثــــــة )

[باجرش]

[poet font="Simplified Arabic,6,darkred,bold ,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=center use=sp char="" num="0,black"]
-3-
الزحافات والعلل

[/poet]


كما وسبق وأشرنا فإنه نادراً ما يستعمل الوزن النموذجي للبحر كما هو وارد في التصنيف الرئيسي للبحور ولجعل النموذج مسايراً للواقع يلجأ العروضيون إلى تحويلات ويسمونها زحافات وعلل وهي في حقيقتها ليس تغييراً في الإيقاع وإنما هو شكل مقبول من إيقاع التفعيلة يؤيده الواقع ولكنه ليس النموذجي وفي نفس الوقت ليس بشاذ النطق أو من غير ضابط
وتصنف التحويلات إلى صنفين رئيسيين تحويل يدخل على الأسباب وهي زحاف وآخر يدخل على الأوتاد وهو علة .

1- الزحافات :-
وهي تحويلات تدخل على الأسباب دون الأوتاد من وزن القصيدة النموذجي وللتذكير الأسباب هي 11 أو 1- ( حركتين أو حركة وسكون راجع التعاريف)
وهي في طبيعتها تدخل على الحرف الثاني ( بالحذف أو التغيير) من السبب وهي ليست لازمة في كل القصيدة وتقع غالباً في الحشو من البيت وأحياناً في العروض والضرب من بعض البحور.

مثال :
مستفعلن وهي مكونة من مسـ (سبب خفيف ) تفـ (سبب خفيف ) علن( وتد)

فإذا دخل زحاف الحذف على السبب الأول تكون مُتَفعلن
أو زحاف التغيير وتكون متفاعلن
أو على السببين معاً بالحذف فتكون متعلن
وكلها مستخدم جائز
ولكن لو حذف الحرف الخامس من التفعيلة(ع) لتحولت إلى مستفلن لأحدثنا تغييراً في الوتد فهو إذن ليس بزحاف.
وكون الزحاف اختيارياً فإنه لا يلزم حدوثه في جميع الأبيات إن حدث في أحدها

مثال : قصيدة الجواهري
لبنان يا غرف الجنا........ ن الناضـحات بكل طيب
متناثرات في المشا..........رف والأبــاطح والدروب
الفاتنان بماقتبســـــ .........ن من الشروق أو الغروب
الوزن :
مَتْفاعلن متَفَاعلن .......... متْفاعلن مَتَفاعلاتن
مَتَفاعلن مَتْفَاعلن.......... متَفاعلن مَتَفاعلاتن
مَتْفاعلن مَتَفَاعلن.......... متَفاعلن مَتَفاعلاتن

ونلاحظ أن تفعيلة البحر الكامل أتت في الحشو على نحو متْفاعلن ومتَفاعلن بفتح التاء تارةً وتسكينه تارةً أخرى وكل هذا زحاف وهو اختيارياًَ .

وآخر قول المتنبي وأيضا من الكامل ولكن أتت أيضاً في العروض وفي الضرب :

أوحدنني ووجدن حزناً واحداً....... متناهياً فجعلنه لي صاحباً
متْفاعلن متفاعلن متْفاعلن ....... متْفاعلن متفاعلن متْفاعلن

أضمتني الدنيا فلما جئتها .......... مستسقياً مطرت علي مصائباً
متْفاعلن متْفاعلن متْفاعلن ......... متْفاعلن متفاعلن متفاعلن
ويمنع دخول الزحاف في بعض البحور في كل من تفعيلة العروض والضرب إذا أخل بنموذج القصيدة أو يكون ملزم في كل القصيدة ويسمونه زحافاً يجري مجرى العلل

و بتطبيق الزحاف على التفعيلات نخرج بأنواع كثيرة من التفعيلات المزاحفة ومسميات لا داعي لحفظها أو التعمق في تفصيلها كالخبن والعقل والقبض والترفيل والتذييل والقص الخ...
وكل ما يهمنا في هذا جوازها واستخدامها وفق الضوابط والقواعد المذكورة سلفاً

2- العلل :
وهي تحويل يدخل على الأسباب والأوتاد معاً في كل من العروض والضرب فقط ويحدد نموذج القصيدة وهو لازم في كل أبياتها
وهي بطبيعتها لازمة أي يجب أن تأتي في موضعها من البيت في جميع القصيدة ومقتصرة على العروض والضرب أي مبدئياً لا تدخل على الحشو من البيت
وهي نوعين علل حذف وعلل إضافة

أ - علل الحذف وهي التي يتم بها حذف سبب في نهاية التفعيلة
مثل فعولن ---> تحول إلى فعو
أو حذف وتد في نهاية التفعيلة مثل متفاعلن ------> متفا
أو حذف متحرك من الوتد المجموع ويسمى قطع ( 11- ----> 1- )
مثال ذلك فاعلن --------> فاعلْ

ب- علل الإضافة وهي إضافة ساكن في آخر التفعيلة
مثال :
فاعلن -----------> فاعلانْ
متفاعلن ----------- > متفاعلانْ
أو إضافة سبب في آخر التفعيلة
مثال
متفاعلن ---------> متفاعلاتن
والمثال السابق أيضاُ يدلل عل دخول علة الإضافة كما يلي :

لبنان يا غرف الجنا........... ن الناضـحات بكل طيب
مَتَفاعلن مَتْفَاعلن............. متَفاعلن (مَتَفاعلاتن )

فأصل الضرب متفاعلن --------> متفاعلاتن
بإضافة سبب في آخرها وهي علة ملزمة في كل أبيات القصيدة كما رأينا

وملخص القول بأن العلل هي التي تحدد نموذج العروض والضرب في القصيدة وهي ملزمة أن دخلت على جميع أبيات القصيدة وإلا بدت القصيدة مختلة وزناً وسماعاً وإذا دخلت العلة على الأسباب فقط من الضرب والعروض ولم تغير سماع الوزن فلا يشترط أن تكون ملزمة في كل الأبيات و سميت علة تجري مجرى الزحاف وهي مشهورة في كتب العروض بهذا لمن أراد الرجوع اليها وعموماً هي نادرة في الشعر العربي.
وباستيفاء شرح كل من العلل والزحافات الواردة في الشعر العربي نقول أن التفاعيل المزاحفة والتي دخلتها العلل في الواقع الشعري هي اكثر بكثير من التفعيلات السالمة ومن هنا تبرز لنا حقيقة واضحة أن الزحافات والعلل تغيير طبيعي وليس عيباً في الوزن وإنما هي مرونة غير مخلة بالنموذج للقصيدة ومنزلة تقارب بين النظرية و التطبيق في الشعر وهي أمر تقتضيه مخارج الحروف العربية وقوتها ولينها ومدها وطريقة الإنشاد بها الذي عرف به العرب وهي بحق توفيق ذكي بين النظرية والتطبيق دون إخلال بالنظرية أو لوي عنق الواقع الذي هو بحر من الإبداع رحب من المستحيل تحجيمه أو التكهن بأبعاده
ومن هنا نجد أن نماذج البحور المتكونة من التفعيلات السالمة والزحافات والعلل هي نماذج غير محددة ورحبة وهي في غالبها تثري الأوزان وتنوع الإبداع ولكن في إطار النظرية العامة والمعروفة لدى كل أبناء لغة الضاد وهناك نماذج مشهورة في الشعر العربي لبحور الشعر أنتجها الشعراء من شعراء المعلقات إلى يومنا هي نماذج مبدعه وجميلة ولكنها ليست من النماذج السالمة من الزحافات والعلل ولكنها في نفس الوقت ليست أوزان شاذة أو غريبة بل هي في إطار نظرية الخليل في العروض
وفي بحثنا هذا سنكتفي بذكر النماذج المشهورة من البحور والتي كتب عليها الشعراء وذكرتها كتب العروض وهي نماذج مشهورة بعذوبتها وسلامة إنشادها فتراثنا ثري متنوع لم يترك شاردة ولا واردة من جماليات الإيقاع والأوزان إلا طرقها وهذا ما جعل البعض يغلق الباب على التجديد فيها وهو أمر لا أري فيه من جدوى إذ أن الميدان مفتوح للفرسان وهو مغلق بداهةً دون كل مدعي للفروسية فيه ولا يلتفت في النهاية إلا للأبطال والسابقين .






الرجاء من الأخوة المعذرة على التأخير وإذا كان هناك أي غموض الرجاء مراجعة الحلقات السابقة أو مراسلتي أو وضع رد وأنا على اتم الإستعداد لتقبل ردودكم وملاحظاتكم