المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الأدب والفن > سقيفة عذب القوافي
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


لص في منزل الشاعر عبد الله البردوني

سقيفة عذب القوافي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-12-2003, 01:27 AM   #1
ابن سيؤن
حال قيادي
 
الصورة الرمزية ابن سيؤن

افتراضي لص في منزل الشاعر عبد الله البردوني

مرت الذكرى الثالثة لوفاة شاعر اليمن العملاق عبد الله البردوني والذي عرف شاعرا مطبوعا من أعمدة الشعر العمودي على المستوى العربي في أغلب عقود القرن الماضي إذ لم يكن في عيون قارئيه وسامعيه ومعايشيه شاعرا عاديا بل كان مخزون ثقافة اليمن ووعيه وثوراته وجباله وقبائله وأحزابه وطموحه وآماله وآلامه فلا تكاد توجد مفردة في شعره -وتلك إحدى مزاياه- إلا تعبر بعمق وصدق عن جانب من جوانب الحياة فيها.

لقد كان هذا الشاعر صنَّاجة اليمن التي افتتن بها وجسدها في معظم قصائده هائما بها معبرا عن ذلك بتلميح يفوق التصريح وتصريح يقارب الهجو، ويغرف من عتاب المحبة في غير اكتراث بفلتات التعبير ونشاز الألفاظ التي لا يستوعبها من لم يعايش تجربة الشاعر التي هي اليمن:

أذكرها مرآتها عرق مأرب وأن لها فوق الجيوب جباها
وأن اسمها بنت الملوك وأنها تبيع بأسواق الرقيق أباها
وأن لها طيش الفتاة وأنها عجوز لعنّين تبيع هواها

تلك هي صنعاء اليمن المحبوبة التي تحمل رمز المدينة ومدينة الرمز ولا تفارق الشاعر حتى على مائدة الفطور في فندق:

طلبت فطور اثنين قالوا بأنني وحيد فقلت اثنين إن معي صنعا



هذه الحبيبة التي يرافقها الطيش -فتاة وعجوزا- هي التي عناها بقوله:

أغني لمن للحلوة المرة التي أبرعم من حزن الرماد شذاها
لصنعا التي تردي جميع ملوكها وتهوى وتستجدي ملوك سواها
لصنعا التي تأتي وتغرب فجأة لتأتي ويجتاز الغروب ضحاها



على أن ارتباط الشاعر باليمن الممتد في عروق التاريخ المتجذر في جغرافيا العرب الساكن في خلايا سكانه وموروثات أبنائه لم يشفع للرجل الذي ظل مجهولا في عامة العرب، وإن احتفلت به نوادي الأدباء وملتقيات الشعراء.

فالشاعر القادم من عمق طرف العرب لا يعرفه إلا المتخصصون ولا يردد معه شعره إلا قلة من المتذوقين، مما يطرح إشكالا طالما نغص حياة كثير من المهتمين بأطواد المعرفة والأدب في العالم العربي, إذ يحز في أنفس أولئك أن يشتهر أدعياء لأسباب رخيصة بحيث لا يهتم الناس بمن هم في ميزان البذل والعطاء المعرفي.

واللافت في حياة البردوني أنه عاش من عامة الشعب ومات كذلك لا أحد يهتم به حتى ليكاد يجهل داخل وطنه الذي آمن به وقدسه, ولم يفت البردوني أن يسجل ذلك في رائعته بلاد المنفى:

لأن بلادي الحبيبة وفي مرتباها غريبة
لأنها وهي ملأى بالخصب غير خصيبة
لأنها وهي حبلى بالري عطشى جديبة

ذلك حال الشاعر عندما يجسد الوطن فيجد نفسه غريبا في /////////////////////////ه يحرمه الخصب وهو خصيب ويضنى عليه بالعطش رغم امتلائه بالري, ذلك الحرمان هو ما تجسده بصدق قصيدة "لص في منزل الشاعر" التي منها (ومرارة تشفي المرارة) فبيت الشاعر وهو وطنه الأصغر وإن كان وطنه بكل أبعاده ( البيت, القطر, الأمة) لا يوجد فيه ما يغري اللصوص ولا حتى ما ينبه إلى وجودهم:

شكرا دخلت بلا إثارة وبلا طفور أو غرارة
لما أغرت خنقت في رجليك ضوضاء الإغارة
لم تسلب الطين السكو ن ولم ترع نوم الحجارة
كالطيف جئت بلا خطى وبلا صدى وبلا إشارة
أرأيت هذا البيت قز ما لا يكلفك المهارة؟
فأتيته ترجو الغنا ئم وهو أعرى من مغارة
ماذا وجدت سوى الفرا غ وهرة تشتمّ فارة


كما أن الشاعر لا يفوته أن ينبه اللص إلى وجود شيء آخر يحمل معنى الثورة والرفض ويقود إلى تحريك الطين وتجاوب الحجارة في المستقبل حيث يقول:

ولهاث صعلوك الحرو ف يصوغ من دمه العبارة
يطفي التوقد باللظى ينسي المرارة بالمرارة


إن لهاث هذا الشاعر صاحب البيت القفر, ودمه الفوار الذي يصوغ برامج الحياة حتى يتحرك الحصى وتنفجر الحجارة هو الذي سيجعل رحلة اللص غير موفقة وإن كسب فيها فسيخسر بقدر ما كسب:

يا لص عفوا إن رجعـ ـت بدون ربح أو خسارة
لم تلق إلا خيبة ونسيت صندوق السجارة
شكرا أتنوى أن تشرّ فنا بتكرار الزيارة؟


وهذه صورة لصوص الحضارات والأغراب ممن دخلوا فجأة من كوى الكسل الحضاري وثغرات التخلف التي انساب منها أولئك دون أن يشعر بهم أحد سوى البردوني الذي ترك لنا صورة حية لهم.
التوقيع :
لاإله إلا الله الحليم الكريم, لا اله إلا الله العلي العظيم, سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم , الحمدلله رب العالمين اللهم أذهب عنا الحزن ، وازل عنا الهم ، وأطرد عنا من نفوسنا القلق ، نعوذ بك من الخوف
إلا منك ، ومن الركون إلا إليك ، ومن التوكل إلا عليك ، ومن السؤال إلا منك ، ومن الاستعانة إلا بك ، أنت ولينا نعم المولى ونعم النصير .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جميع حلقات رحلة القبائل الناقلة إلى حضرموت في موضوع واحد الحضرمي التريمي تاريخ وتراث 12 09-07-2017 11:03 AM
نبذة مختصرة عن أنساب السادة العلويين من السادة مكتبة السقيفه 16 12-30-2011 09:16 PM
عدن المحتلة تقريرعن وحشية الاحتلال من 16-25 فيراير2011 حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 03-06-2011 12:45 AM
هل تتلاقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات أم لا الشباميين سقيفة الحوار الإسلامي 2 01-13-2011 05:41 PM
ملف القومية العربية (3) : الثورة العربية - الشعوبية الفارسية الإيرانية نجد الحسيني سقيفة الحوار السياسي 2 01-08-2011 07:31 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas