إبن مكه المكرمه الإمام العلامة السيد مـحـمـد أمــين كـتــبي (رحمه الله)

[عاشق القبه الخضراء]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا و إمامنا محمد صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم .....
وبعد : فهذه سلسلة ٌ متواضعة المجهود، عظيمة المقصود، لأهل فضلٍ وجود، اتصلوا بسيد الوجود، صاحب المقام المحمود، فنالوا بسندٍ معهود، شرف العلم المنشود، و ركن الولاية المشهود، طلبا ً في رضى الربِّ المعبود ، و عملا ً بأمر الغفورِ الودود، إذ قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} سورة التوبة آية 122.

وقال تعالى {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَاب}سورة الأحقاف آية31.
وقال صلى الله عليه وسلم ( العلماء ورثة الأنبياء).
و لكثرة من سأل عن علماء مكة و كثرة من خَفيت عنه أخبار هؤلاء الرجال، و لعدم وجود من َتكفل بهذا الأمر من أهل هذا المنتدى ، وجد الفقير في نفسه رغبة ً في وجود مشاركة تتناول سِــيرُ الأخيارِ مِنْ علماءِ مكة الأبرار (وكلهم أفاضل) وسوف ننقل لكم أخبار بعض المتقدمين منهم و المتأخرين و هم ما شاء الله كثير جدا ً.
وسوف نبدأ ان شاء الله في هذه السلسلة المتواضعة مع ملاحظة أن الفقير سوف ينقل لكم ما يستطيع عن من سمع و قرأ عنهم ، فعلماء و أولياء مكة أكثر مما تتخيلون.
مع رجاء ان يشاركنا كل من يقدر ان يخدم هذا الموضوع بما يستطيع حتى نـُظهر هذا المبحث المتواضع في أبهج صورة و أحلى ُحلة
ترجمة موجزة لحياة
أمين المدح النبوي العلامة
السيد مـحـمـد أمــين كـتــبي الحـسني الـهـاشمي المــكي


نسبة رحمه الله و مولده :
فضيلة العالم الرباني الشيخ السيد محمد أمين بن محمد أمين بن محمد بن محمد حسين كتبي ينتهي نسبه إلى مولاي إدريس الأكبر بن عبد الله بن الحسين المثنى بن السيد الشهيد السعيد الحسن حِبُ رسول الله صلى الله عليه و سلم و ريحانته من الدنيا بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
ولد رحمه الله تعالى في أواخر شهر ذي الحجة عام 1327هـ للهجرة المباركة في منزل والده السيد محمد أمين كتبي بمكة المكرمة بحارة الباب .
وجده لأبيه السيد محمد وُلد عام 1240هـ من الهجرة كان إماما ً و خطيبا ً و مدرسا ً و مفتيا ً بالمسجد الحرام تولى ذلك بعد وفاة والده رحمهما الله و توفى بالطائف عام 1295هـ من الهجرة له حاشية على شرح بن الشحنة في الفرائض .
و أما والد جد السيد محمد حسين فقد ولد عام 1202م من الهجرة أخذ عن الإمام الطحطاوي و العلامة الأمير الكبير و غيرهما ، درس بالمسجد الحرام و تولى الإفتاء بمكة بعد السيد عبد الله المرغني و قد جمع فتاويه ابنه السيد محمد الذي تقدم الكلام عنه رحمهم الله جميعا ً و للسيد محمد الذي تقدم الكلام عنه رحمهم الله جميعا ً و للسيد محمد حسين شرح على نظم الكنز و خاتمة على كتاب شرح الدرر ، و غير ذلك كثير ، توفي عام 1281هـ من الهجرة بمكة المكرمة و دفن بالمعلاة .
و بالكلام عن عمه السيد محمد مكي فقد كان خطيبا ً و مدرسا ً بالمسجد الحرام أخذ عن السيد أحمد زيني دحلان والشيخ محمد القاوقجي و غيرهما توفي عام 1339هـ من الهجرة تقريبا ً وله ابن اسمه السيد حسين خلفه في الخطابة و الإمامة بعد وفاته .


- دخل السيد محمد أمين في السابعة من عمره كـُـــتاب الشيخ أحمد حمام بمسجد سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه بحارة الباب و هو من كتاتيب مكة المكرمة المعروفة و التي كان يتعلم فيها الطالب حفظ القرآن الكريم و مبادئ القراءة و الكتابة كما هي عادة القوم في تلك الفترة .

وقد ظل السيد رحمه الله في الكـُـتاب حتى أتم حفظ القرآن الكريم كاملا ً وهو في العاشرة من عمره , أدخله والده بعد ذلك مدرسة الفلاح بمكة المكرمة والتي تخرج منها كثير من علماء و أدباء و وجهاء الحجاز و التحق عند دخوله بهذه المدرسة بقسم حفاظ القرآن الكريم فجوده على يد الحافظ العالم المجود الشيخ حسن السناري البكري ، و بعد أن أتم حفظ كتاب الله مجودا و نال الشهادة و الإجازة بتفوق بدأ دراسته المتنوعة في علوم القرآن و التفسير و الحديث و السيرة النبوية و الفقه و أصوله و الفرائض و التاريخ الإسلامي و علوم اللغة العربية من نحو و بلاغة و أدب و عروض و شعر على يد علماء كبار تميزوا بالعمل و الإخلاص ، هذا إلى جانب مواظبته على حلقات العلم في الحرم المكي الشريف .

مشايخه و أساتذته :

-الشيخ عبد الله حموده الأستاذ و المدير بمدرسة الفلاح.

-الشيخ المُسند الحجة المفسر و المحدث و المدرس في المسجد الحرام عمر حمدان المحرسي رحمه الله ، والذي لازمه السيد بعد تخرجه عدة سنوات حتى تبحر في علوم التفسير و الحديث و المصطلح والإثبات و المتسلسلات وعلوم اللغة العربية و تحصل منه على إجازات في مختلف الكتب و العلوم التي درسها على يديه رحمهما الله .

-الشيخ العالم العابد الولي عيسى بن محمد رواس رحمه الله .

-الشيخ العلامة والمحدث المؤرخ الإخباري الولي محمد العربي التباني الجزائري رحمه الله .

-الشيخ الفقيه الكبير يحي أمان الملقب بأبي حنيفة الصغير رحمه الله.

-الشيخ محمد الطيب المراكشي رحمه الله.

-الشيخ أمين فوده رحمه الله.

-الشيخ أحمد ناضرين رحمه الله.

-الشيخ سالم شفي رحمه الله.

-الشيخ الخطاط سليمان غزاوي رحمه الله.

-الشيخ السيد أحمد حامد التيجاني رحمه الله ، وقد لازمه السيد أمين كتبي وقرأ عليه بالقراءات السبعة ، و نال منه الإجازة فيها.

- وغيرهم من الشيوخ الذين أخذ عنهم السيد محمد أمين كتبي و بالذات في مواسم الحج والعمرة والذين يزدهر بهم الحرم المكي حيث تمتلئ أروقة الحرم الشريف بحلقات العلم ومجالس الذكر.
- وبعد سنوات من الجد و الاجتهاد في التعلم حصل السيد محمد أمين كتبي على الشهادة العالية من مدرسة الفلاح وهو في التاسعة عشرة من عمره رحمه الله ، و لتفوقه في الدراسة و نبوغه العلمي المبكر عين مدرسا ً في المدرسة التي تخرج منها ، ثم عمل مدرسا ً في مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة و هي مدرسة أنشأتها المملكة العربية ال****ية عام 1356هـ من الهجرة لتهيئة الطلاب للإبتعاث إلى الأزهر الشريف و غيره من الجامعات المعروفة ، ثم عمل مدرسا ً و أستاذا ً في كلية إعداد المعلمين و التي أنشئت بمكة المكرمة عام 1372هـ من الهجرة لتدريس اللغة العربية.


- ولما كان التدريس في الحرم الكي الشريف هو محك العلماء في ذلك الزمان إذ لا يستطيعه إلا كل من نال من العلم أعلى الرتب و لازم من العلماء أجلهم و أتقاهم فكان تحت أعينهم و توجيههم ونال شيخنا الإجازة بالتدريس في الحرم المكي الشريف من شيوخ الحرم و الأئمة وأسندت له مهمة التدريس فقد كان عالما ً مبرزا ً مجودا ً لكتاب الله خبيرا ً بقراءاته مفسرا ً مبدعا ً و محدثا ً كثير الحفظ و الإتقان فقيها ً متمكنا ً غزير المعلومات يجيد فهم القواعد والعلوم الصعبة بل و يجيد تفهيمها وكان في العلوم العربية المختلفة واسع الإطلاع كثير الحفظ لا تكاد تغيب عنه قاعدة نحوية أو بلاغية أو قصيدة من قصائد الشعر العربي قديمة أو حديثة حتى لـُـــقب (بـسيـبويه الحجاز) ، صاحب أسلوب سهل و جذاب و استحضار عجيب للنادرة المناسبة في الوقت المناسب ، شغله طلبه للعلم عن الزواج ، وكان له رحمه الله شغفٌ عظيم بالسيرة النبوية و الخصائص الشريفة والتاريخ الإسلامي ، وقد مكنه ذلك من أن يكون كآبائه و أجداده مدرسا ً مبدعا ً في المسجد الحرام في حلقته المعروفة بباب الباســـطية ثم بباب سيدنا إبراهيم عليه السلام ثم بباب الباسطية مرة أخرى

- أخلاقـــه رحمه الله :

كان السيد دمث الأخلاق ، سمح النفس ، لطيف المعـشر سهلا ً هينا ً لينا ً ، يكره التكلف و التصنع و التزمت والتنطع ، حاضر البديهة متوقد القريحة له حافظة مواتية ، هاشا ً باشا ً لايُرى إلا مبتسما ً ، هادئ الطبع حليما ً ، يحب الرفق في كل أموره ، على درجة عظيمة من الورع ، يكره الظـهـــور و الشهرة والتصدر في المجالس و الخروج في جماعة لها ، يعطف على مريديه ويحبهم و يكرمهم ويتفقد أحوالهم و خصوصــا ً الغريب منهم ، يخدم ضيوفه و زواره بنفســــه ، وكان ممن يضرب بهم المثــل في التواضع للكبير و الصغير كما هي عادة العلماء ، وكان رحمه الله يحسن الظن بالناس لا يذكر أحدا ً بسوء ويــكره الجــدال و ينفر من الغيبة نفورا ً شديدا ً، بارا ً واصلا ً لأقربائه و أرحامه.

وكان بيته بباب الباسطية ثم ببئر بليلة بريع بخش مفتوحاً لطلاب العلم و المريدين و زوار بيت الله الحرام في موسم الحج خاصة حيث يتوافد الكثير من العلماء و طلاب العلم لزيارته و الاجتماع إليه و الحديث معه رحمه الله ، وكان موعد الزيارة في موسم الحج بعد صلاة عصر كل يوم و تستمر إلى العاشرة مساءً و كلما قرب وقت الصعود إلى منى و عرفات ازداد زمن الزيارة اتساعا ً حتى يشمل اليوم كله مع تقديم الفطور و الغذاء و العشاء و تلبية جميع متطلبات و حاجيات قاصديه برحابة صدره و طيب خاطره رحمه الله .

حبه للمصطفى صلى الله عليه وسلم ملك فؤاده و استولى على أحاسيسه و مشاعره و سيطر على وجدانه ، مما انع** على شعره و علمه و كتبه و مراسلاته وزياراته وحلقات العلم التي كان يعقدها في الحرم .
- كتبه رحمه الله :

للسيد محمد أمين كتبي مؤلفات كثيرة لعل من أروعها و أعظمها كتب :

إنارة الدجى في مغازي خير الورى (صلى الله عليه و سلم) وهو كتاب السيرة الذي كان يقوم بتدريسة تلميذه السيد محمد بن علوي المالكي (رحمه الله) لتلاميذه في درسة بمكة المكرمة .

وللسيد محمد أمين جوهرة نفيسة وهو كتاب( شرح رياض الصالحين) و الذي قام بتأليفه هو والسيد علوي بن عباس المالكي رحمهما الله ، و هذا الكتاب هو أعظم و أبدع الشروح التي كتبت في رياض الصالحين .
وللسيد كتب أخرى سوف نوريدها لاحقا ً إن شاء الله . . . .
انتقاله إلى الرفيق الأعلى :
- في السنوات الأخيرة من حياته المباركة اعتزل السيد رحمه الله التدريس و الاجتماع بالناس زهدا ً و تفرغا ً للعبادة و الخلوة مع المولى عز و جل .
- انتقل إلى جوار ربه سبحانه و تعالى ظهر يوم الاثنين4/1/1404هـ من الهجرة و هو في السابعة و السبعين من عمره و استقر في مثواه الأخير بجنة المعلاة على يمين المواجهة لأم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها .
- رحم الله سيدي الأمين القائل :
يا حبــيــبــي أمــدنــــــي بـبـيـــــان_***_فعسى أن أقول في الحــب شيا
و اكتب اسمي في المادحين أميـنـا ً _***_و ارو قلبي من المحبة ريا
وقال رحمه الله :
وقد نزلنا بباب العنبرية في_***_دار لها فوق متن الشمس تشــييد
والعنبرية باب المصطفى وأنا_***_أرجو و آمل أن تأتي المقاليد
حتى أكون أمينا ً عند حضرته_***_و لــي بــذلك توظيف و تــقلـيد
رحمة الله على شيخنا الأمين السيد محمد أمين الكتبي و نفعنا الله به و بعلومه و بأسراره في الدارين . . .أجمعين . . . آمــــــــــين
وصلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه وسلم والحمد لله رب العالمين . . . .

[ابوالبتول(م)]

هذه قصيده من روائع السيد محمد امين كتبي

يَا رَسُولَ اللهِ جـِئـْنـَا زَائِرِيْن

[size=7]

	يَــا رَسُــولَ اللهِ جِـئْـنَـا زَائِـرِيْــن يَــا رَسُــولَ اللهِ جِئْـنَـا قَـاصِـديْـن شَرَفُ الدَّهْـرِ وَ ذكْـرَى الخَالِديـن = وَقْفَـة ٌ فِـى بَـابِ خَيْـرِ المُرْسَلِـيـنْ سَـيْــدُ الـخَـلْــقِ نَــبِــيُّ الأنْـبِـيَــاءْ = خَـاتَــمُ الـرُّسْــلِ إمَـــامُ المُـتَّـقِـيـنْ وَقْفَـة ٌ فِــى بَـابِـهِ تُــرْوِى الـصَّّـدَا = وَ تُزِيلُ الهَمَّ عَـنْ قَلْـبِ الحَائِرِيـنْ يَـا رَسُــولَ اللهِ أنْــتَ المُصْطَـفـى = مِــنْ بَـنِـى آدَمَ بَـيْـنَ المُخْلَـصِـيـنْ أنْــتَ سِـــرُّ اللهِ وَ الـنُّــورُ الَّـــذي = سَارَ مُوسى نَحْوَهُ فِى طُـورِ سِيـنْ فَــهْــو نُــــورٌ لا يُـسَـامــى إنَّــــهُ = قَـبَـسٌ مِــنْ نُــورِ رَبِّ العَالَـمِـيـنْ لَـــمْ نَـجِــدْ أكْــــرَمَ أمًّــــا وَ أبَــــاً = مِنْكَ فِى صُحْـفِ الكِـرَامِ الكَاتِبِيـنْ لَـيْـلَـة ُ الـمِـيـلادِ كَـانَــتْ نِـعْـمَــة = أصْـلَــحَ اللهُ بِـهَــا دُنْـيَــا وَ دِيــــنْ أشْــرَقَــتْ أنْــوَارُهَــا حَــتَّـــى إذا = أقْبَـلَ الصُّـبْـحُ بَــدَا نُــورُ الأمِـيـنْ فَــازَتِ الـدُّنْـيَـا بِـــهِ وَ اسْتَقْـبَـلَـتْ = أكْــرَمَ الخَـلْـقِ إمَــامَ المُصْلِحِـيـنْ أيُّ عِـيــدٍ مِـثْــلَ هــــذا لِــلْــورَى = إنَّـــــهُ وَاللهِ مَـقْــطُــوعُ الـقَــرِيــنْ كَـيْـفَ لا وَ الـسَّـيِّـدُ الـهَــادِى بِـــه = يَـغْـمُـرُ الـدُّنْـيَـا بِـنُــورٍ مُسْـتَـبِـيـنْ هَـتَــفَ الـكَــوْنُ لَــــهُ لَــمَّــا رَأى = حُسْـنَـهُ مِــلْءَ عُـيُـونِ النَّاظِـرِيـنْ هَـــــــذِهِ الـــــــدُّرَّةُ يَــاقُــوتِــيُّــة = زِينَـة ُ التَّـاجِ الـذِى فَـوْقَ الجَبِـيـنْ نَــشَـــرَ اللهُ سَـــنَـــا أضْــوَائِــهَــا = فَهْوَ فِى الشَّرْقِ وَ فِى الغَرْبِ مُبِينْ صَاغَهَـا حُسْـنـاً وَ أعْـلـى شَأنَـهَـا = وَ رَعَاهَـا فَهْـيَ فِـى حِـرْزٍ مَكِـيـنْ

[/size]

[عاشق القبه الخضراء]

شكرآ سيدي الحبيب أبو البتول لتفاعلك معي على الموضوع
ورحم الله شيخنا السيد محمد أمين كتيبي

[عاشق القبه الخضراء]

للإطلاع

[ابوبروج]