مشايخ آل الفقية علي مولى الحوطة

[العزيزي]

الإمام العلامة الفقية علي صاحب الحوطة المشهورة المعمورة
سيدي الإمام العلامة الشيخ الفقيه علي بن محُّمد صاحب الحوطه الشهيرة المنسوبة إليه في مديرية ميفعة محافظة شبوة، فقد ترجم له الإمام العلامة عبدالقادر بن أحمد بن أبوبكر الروضي الحباني المولود سنة 893هـ بمدينة الروضة الرضية في كتابة (التوضيح الجلي في وقف سيدنا الفقيه علي)، وكتاب (الياقوته ...) ، فقد ذكر المؤرخ العلامة الحبر البحر الفهامة الحبيب سالم بن أحمد بن علي بن عمر المحضار العلوي المتوفى بمدينة حبان بتاريخ 28 من شهر رجب 1330هـ، في كتابة(الكوكب المنير الأزهر) أن الشيخ الفقيه علي قد ترجم له الطيبّ أبو مخرمه في تاريخه مع والده ونقل عنه ونحن ننقل من الكوكب المنير الأزهر، ومن التوضيح الجلي، ومن الياقوتة الوفادة في مناقب السادة، ومن بعض قصاصات مخطوطة وجدتها محفوظة في دولاب خشبي قديم خاص بجدي الإمام العالم العامل عبدالعزيز بن عمر بن حسين بن عمر بن حسين بن محمد بن حسين باشيبه رحمه الله، ومن ذريه الإمام حسين ابن الفقيه علي، وهو أول الأئمة الذين تلقوا تعليمهم بمدينة تريم على يد مشايخها ومنهم الإمام العالم السيد أحمد بن علي بن أحمد الكاف وغيره من علماء تريم، وننقل من هذه المخطوطات بتصرف.
قال: هو الفقيه علي بن محُّمد بن عمر بن راشد بن خالد بن نعيم بن مالك بن مهدي بن شيبان بن جعفر بن مالك بن الصعق بن ربيع بن مالك بن فهد بن الصعق بن سند بن مرغم بن سليم بن الوضاح بن زيد بن ثعلبه بن خزيم بن سالم بن عمران بن شيبان بن مالك بن مالك بن راشد بن الاصهب، ويجري النسب إلى خولان بن مالك بن الحارث بن مرة بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن عمرو يعرب بن قحطان وعابر بن داؤد إلى أبينا آدم عليه السلام.
ولد سيدنا الفقيه علي في(الخبر) من أم تدعى ميمونة بنت منصور الاشري، ونشأ بها نشأة صالحة في محيط علمي مغمور بمعاني الأخلاق والقدوة الحسنة، تربى في حجر أبيه الإمام العلامة وحيد دهره وفريد عصره الشيخ محُّمد بن عمر بن راشد الخولاني الحباني تربية دينيه أخلاقية ظهر أثرها فيما بعد على شخصيته الفذة العظيمة، كان إماماً فقيهاً بارعاً في العلوم وشيخاً كبيراً تقياً نقياً فاضلاً ذا كرم وسخاء، قرأ القرآن الكريم بحبان بالإضافة إلى عدد من المتون العلمية في فنون مختلفة متنوعة.
رحل إلى عدن لطلب العلم الشريف، وقراءته منهاج النووي والروضه على جملة من الشيوخ لآن والده طلب منه قراءة ذلك، ثم رحل إلى مدينة زبيد لطلب العلم، وهو في عنفوان شبابه حدث السّن فدخل بإحد مدارسها على شيخ يذكر انه لم يقم لأحد مهما كانت مرتبته، فقام للفقيه علي وقوفاً كاملاً عند دخوله عليه، وعندما سئل عن قيامه لشاب، قال كشفاً إن هذا الشاب سيكون له شان عظيم في جهته، وقد بلغ الفقيه علي رتبة عالية في الفقه، وقد ذكر صاحب الكوكب المنير الأزهر، أنه وجد بخط الفقيه علي بن عبدالله باعساف، ما وجده هو بخط الإمام العلامة الفهامة محمد بن عبدالقادر بن أحمد بن أبو بكر الروضي، أنه روى الشيخ يحي بن أسماعيل بن يوسف بن محمد بن يوسف بن عبدالرحمن من ذرية الشيخ اسماعيل بن محمد الحضرمي، أنه وردت أسئلة مهمة من مصر إلى عدن فأجاب عليها الفقيه علي أثناء تواجده فيها، وقد تعجب أخيه اسماعيل من ذلك.
ونظراً لسعة علمه في الفقه أطلق عليه(الفقيه) ولم تثبت هذه الصفة في اليمن إلا على القليل منهم سيدنا الفقيه المقدم الإمام محمد بن علي بن محمد باعلوي الحسيني بتريم، والشيخ الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل اليمني صاحب بيت الفقيه بتهامة، ومنهم المترجم له، ومن جملة مشايخه بعدن الشيخ(العواجي)صاحب(تحفة الناظر في السجلات والمحاظر).
وله رضي الله عنه نفع عظيم ومجاهدات وكرامات باهرة، من كرامته أنه أول من أظهر قبر نبي الله ........ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، بأسفل وادي (هدى) بمديرية حبان م/شبوة، فكان يكثر من زيارته، وكانت تقام لهذا النبي زيارة سنوية في شهر رجب من أيام الفقيه علي، وتحصل فيها اجتماعات وكرامات وتجتمع له فيها كثير من اللحوم والتمر ويشبع منها كل جائع وتوزع على الفقراء والأرامل، والمتولي لذلك الزيارة والجموع قبيلة آل باعوظه لأنهم مستعقدين فيه عقيدة واثقة، الآ أن كثيراً من أهل المنطقة تأثروا بأهل البدع فهدموا القبر.
وأما خروجه من حبان: فقد ذكر الإمام عبدالقادر بن أحمد بن أبوبكر الروضي في كتابه(التوضيح الجلي) يقول: لما أراد النقلة من حبان خرج منها وأتفق هو والسلطان خالد بن سالم المخزمي من المخازمة في قرية رضوم، وأشترى من السلطان المذكور نصف محصن بعشرين ألف ذهب كنب.. فمحصن حالياً تسكنها فخيذة من قبيلة آل بافقير وتقع في أسفل غيل الحوطه بمديرية ميفعة..يذكر المؤرخ أن سيدنا الفقيه علي أحتمل نصف الديون على السلطان خالد، من جهة قتل ودين ورهن، والذي لارهن فيه بينهما نصفين، وما كان مال فيه رهن بينهما نصفين وخلاصه عليهما، وكل منهما يخلص ما يقدر عليه من هذا الدين المذكور.. ثم أن الفقيه علي أسس البناء وأختط الحوطه الشهيرة النويرة في حياة والده سنة 727هـ وعمره لم يتجاوز العقدين، واكتسب من الأموال في غيلها ..... ما قدرة ومبلغه من المطر المعروف أربعه لأك وعشرون ألف 420،000 مطيرة وقفها على أولاده.
توفي الفقيه علي أول يوم من محرم عاشور سنه 832هـ وعمره فوق ألمائه سنة، ودفن بتربة حوطته تاركاً وراءه ثمانية أبناء هم: عقيل، وعمر، والشافعي، وحسين، وعبدالله، ومحُّمد، وشنيف، وأسماء، وسوف يأتي ذكرهم في نهاية حديثنا هذا أنشاءالله.
ومن عادات من قام بمنصبه العالي يفعل له مولداً في الشهر الخامس من كل عام ويسمى مولد الفقيه علي وتحت اشراف المشايخ من أهل الحوطه، ويجتمع فيه كثير من الناس من كل البلاد، وجعلوه وقفه وسوقاً لجميع البضائع، مثل الإبل والأغنام والأبقار والحمير والعبيد والحبوب والتمر والسلاح والبزّوز المصبوغة بالنيلة، وكل ما يحتاجه المتسّوق، وتأتي إليه الخلائق من كل صوب من صنعاء اليمن ومن أحور والشحر والمكلا ودوعن وبادية العوالق باسرها والمرازيق وآل خليفة وهمام وبادية لقموش وآل باعوظه وآل .... والقراميش وبابحر ونعمان ومن نجران...
فكانت حوطة الفقيه علي آمان وضمان لمن سكنها ولمن ورد فيها من الناس قريباً كان أو بعيداً، ومع هذا الحشد الكبير والتجمع الكلي وكثرة الحروبات والقتال بين القبائل لا يستطيع أحداً أن يحرك ساكناً، بل داخل الحوطه كانوا اخوان وأكثر، فهناك مدخلين للحوطه من شمالها ومن الجنوب، ويسمى(المرجم) والثاني(المدعي)، فإذا وصلوا القادمين إلى الحوطه إلى هذين المنفذين أفرغوا أسلحتهم من الذخيرة(الرصاص)، لأنهم دخلوا الأمان ويسمى(الحبط) فمن دخل حبط حوطه الفقيه علي كان أماناَ، ولايهم أحد منهم بخصمه، ولا يكون فيها شر فالحوطه محمية ومحاطة ببركة الفقيه علي ومشايخها الكرام.
أول مسجد عمر في حوطته المسجد الأسفل ولم يذكر تاريخاً لعمارته، ويقال أنه أثناء عمارة المسجد الأسفل تكلم مع الشيخ سليمان بن عبدالرحيم بن حتم صاحب عياد بأسفل جردان فأسمعه الكلام، واما المسجد الجامع ويسمى المسجد الأعلى عمر سنة 871هـ قام بعمارته الشيخ عقيل أبن الفقيه علي رحمه الله، وزاد في عمارته في أوائل شهر ربيع الثاني سنة 1312هـ الشيخ عبدالغافر بن أحمد بن هادي بن محمد بن ياسين المتوفى ليلة الخميس 23 جماد الآخر عام 1315هـ، ومن بعدة ولده الشيخ علي بن عبدالغافر بن أحمد بن هادي بن محمد بن ياسين أقامه بعد وفاة أبيه مباشرة، وهو حديث السّن دون البلوغ، وتوفاه الله سنة 1345هـ..
وبعد وفاته لم يقبل أخوه الشيخ عبدالله بن عبدالغافر بالمشيخة بل تنازل بها لآل عبدالله بن محمد وتم تنصيب الشيخ العادل عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن محمد بن ياسين، فشهدت المشيخة في عهده أحسن صفاتها فكان ذا سخاء وكرم، عادلاً منصفاً بين الناس ولا يفرق بين أحداً من أهل الحوطه فكانوا كلهم عنده سوية لا يميز بين غني أو فقير أو قوي أو ضعيف شيخ أو صبي، لايهم هذا عند الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بل كانوا كأسنان المشط.
توفي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن سنة 1369هـ في مدينة الحوطه.
والحوطه عامره بأهلها وغالب سكانها عقبه ومنهم العدد الكثير، وبها يسكن أخدامه من وقت الفقيه علي إلى وقتنا هذا وعقبهم موجود ويقال لهم آل باسوى وبامدق، أقول إن هذا بامدق قد أنقرض من وقت قديم ولا يوجد له عقب في الحوطه، فأما باسوى عقبه موجود في الحوطه فهم ناس أخيار يحترمون الكبير والصغير من أهل الحوطه فهم إخوان لنا ونحن أخوان لهم.
ونعود إلى أبناء الفقيه علي رحمه الله، ونذكر أبنه الأكبر عقيل بن علي، نشأ في حجر أبيه وطلب العلم الشريف في سعادته، مال إلى الصوفية وكبر حاله حتى رأى أن حوطه أبيه لا تسعه لا حياً ولا ميتاً، فخرج منها وسكن بحصن أحمد، ويسمى الآن(جول عقيل) المعروف بوادي ميفعة، وبها عقبه يسّمون آل باوهاب.. وله من الأبناء عبدالله ومالك وعبدالصمد من ذريته آل باوهاب.
وأما سيدنا الشيخ عبدالله بن علي الملقب بالوضّاف، ويقال أنه أول من قبر بتربة أبيه وله أبناء هم محمد وأبا القاسم.
وأما أبنه عمر بن علي فهو رجل عارف بالله تعالى وأحكامه، وله أولاد هم: أسرائيل وهادي.
وأما سيدنا الشافعي بن علي كان رجل صالح عارف بالله تعالى وأحكامه، ولم يكن له عقب.
وسيدنا الجد حسين بن علي، يقال أنه مقبور في الرحبه، باللجنه(الكهف) أعلى من المكان المسمى المرجم على يسار السائر إلى الحوطه، وقبره ظاهر وكان يزار.
وأما أبنه محمد بن علي رجل صالح وله أبناء ذكر منهم يعقوب فقط.
وأما الاناث فهن شنيف وأسماء.
السيدة الطاهرة شنيف بنت علي تزوجت بابن عمها أسرائيل صاحب الروضه وأنجبت له سبعة.
والسيدة الطاهرة أسماء بنت علي تزوجت بابن عمها عبدالله بن أسماعيل صاحب الحسبانيه وأنجبت له ثلاثة أولاد.
وإلى هنا انتهت ترجمت سيدنا الفقيه علي، فقد قمنا باختصارها ولم نذكر إلا القليل فأرجو أن يعذرني اخواني من آل الفقيه علي على عدم ذكر الكرامات، لأن بعض الاخوان لا يروق لهم ذكرها تحت مسمى خرافات أوما أشبه من ذلك، والله من وراء القصد.
منقول عن مجلة حبان الالكترونية