قصص (( حزايـــــــــــــــــــــــا )) من التراث الحضرمي

[عمر الحبشي]

أعزائي الكرام....

لنا في تراثنا قصص كانت تحكيها لنا الجدات والأمهات عندما كنا صغارا وعندما لم نكن نعرف الكهرباء أو التلفزيون (فما بالك بالجوال والكمبيوتر والإنترنت) وكانت وسائل الإعلام تنحصرفي الكتب وربما الإذاعة فقط حتى الجرائد والمجلات ربما كانت قليله جدا وربما لا تجدها في كثير من الأوقات وهذا ربما له علاقة بالحالة السياسية الخاصة في ذلك الوقت بسبب الإنغلاق والعزلة التي كنا نعيشها عن العالم في ذلك الوقت ، وهذه القصص كانت تسمى آنذاك ((الحزايا)) وهي غالبا من نسج الخيال القديم وتوارثها الناس وبالذات الأجداد والجدات الكبار في السن- حيث حُفظ منها الكثير وربما ضاع منها الأكثر ..لا أدري في الحقيقة مصدرها الحقيقي أو رواتها الحقيقيين..وربما من خلال موضوعي هذا سأفتح المشاركة والحوار لكم جميعا أعزائي..ويستطيع كل منا أن يدلي بدلوه في أي معلومة أو مشاركة بخصوص هذا الموضوع التراثي الجميل.
إلا أنني هنا وبعد رحلتي الأخيرة للبلاد, حاولت أن أجد فرصة للبحث في هذا الموضوع وحاولت أن ألتقي من له خلفيه من المهتمين والذين لازالوا يهتمون بهذا التراث..والحمد لله ربما تكللت جهودي ببعض النجاح ..إذ حصلت وبمساعدة أحد الأقارب وهو الأخ العزيز(حامد الحداد ) وكتبت بعض مما وجدته لديه من هذا التراث المخبأ .وأتيت به معي . وحاولت تنسيقه ولكن في شكله التراثي أي باللهجة العامية الحضرمية مثل"حزبحزيلكم"وهي تعني إنني "سأسرد عليكم قصه".

أعزائي...

التأثير العاطفي والوجداني والمهارة في الحبك يعتبر فناً مميزا من خلال ما كانت تتركه لنا هذه الحزاوي أيام زمان ...من بعيد الأثر في النفس وربما حتى في التركيبة السيكلوجيه العامة للطفل ...فعندما أتذكر الجلسة الهادئة البسيطة مع الجدة في مكان هادئ تحت ضوء القمر أو ربما على بصيص نور خافت وهو الفانوس القديم والذي يسمى "الجرمل" نحتلق نحن الأطفال بنين و بنات ونشنف أسماعنا ونسترعي انتباهنا في تلك اللحظات البهيجة ونركز بكل ما أوتينا من تركيز لسماع قصة أو حكاية أو "حزية" هذه الليلة ....وهناك تقف الدنيا بكل مافيها من صخب الحياة اليومية حين يتوقف السمع إلا عن سماع مايدور في سيناريو حزيتنا ومتابعة ماتقوم به شخصيات تلك الحزايا من ردود أفعال على محيانا أوانفعالاتنا البريئة التي لاتختفي أبدا ...بل يذهب تأثيرها بعيدا ..وقد يصل كثيرا إلى الانفعال أو البكاء ..بل ربما معايشتها خلال الليل واليوم الذي يليه حتى نأتي في اليوم الآخر لقصة أخرى وحزية جديدة ، وتلك الحزاوي ...ومن مميزاتها أنها لا تكاد تعتمد على العنف كثيرا في التراجيديا ..بل السمة الغالبة فيها العاطفة والحب وما تحتويه من تعاليم عامه كالمروءة والشجاعة والكرم .. وربما تذهب إلى الكوميديا المرحة..التي تثري الحلقة المستديرة البسيطة بالضحك والمرح...

شخصياً كل ما تذكرتها ..شاقت نفسي كثيرا لبلوغ تلك الأجواء البسيطة الجميلة التي كانت في تلك الأيام ...وربما وددت كثيرا أن أطبع لكم بمشاعر غاية في الروعة تأثير ذلك التراث المفقود على الأبناء في ذلك الحين


أعزائي...

كيف كانت تروى لنا تلك الحزاوي ؟؟

الوقت غالبا بين المغرب والعشاء

المكان: يتحدد غالبا بين سطوح المنازل "الريوم"أو المطابخ حين تقوم الأمهات بخبز الرغيف في التنورأو "التنار" والراوي غالبا الجدة العجوز.

ما تكاد الشمس تأفل في مغيبها من كل يوم حتى تسكن القرى في صمت وسبات ثقيل ويأوي أهالي كل قرية كل

إلى بيته وتبدأ الأمهات بعجين الخبز وتحضير الحطب للتنور ومن ثم يذهب الصغار والكبار لصلاة

المغرب. ثم يأتون الصغار سريعا إلى مكان حلقتهم اليومية التي يتشوقون لها حيث الجدة هناك تستقبلهم وتنظم

جلوسهم وتراها هي وقد أخذت مكانها بينهم مستعدة لسرد الحكاية.

حكاية الليلة وبعد تنهدات الأطفال واشتداد أعينهم وانتباههم إلى الجدة . تأخذ نفسها الجدة وتبدأ : بسم الله الرحمن الرحيم

"منذا حز بحزيلكم " وهذه العبارة هي البداية التي ينتظرها الصغار ..وبعد ذلك لاتستطيع شد انتباه ا يا منهم إليك


وتبدأ الحكاية ...وليتها لم تكن ذات نهاية.

ليل هادئ..ونور بسيط ..وسكون عميق إلا من صوت الجدة وهي تحكي الحكاية , وربما صوت الخبز أثناء عمله

في التنار ..وأطفال لاترى في الدنيا إلا الجدة والحكاية .

اعزائي...

دعونا نذهب ونعيش تلك اللحظات الجميلة مع بعض مما استطعت الحصول عليه من تلك الحزاوي.

سأحكي لكم حزية "الكذب والصدق" وحزية "فاطمة ولعبتها ورواية "يا إبليس تعال شل ديك"


ورواية"من لاتفقّد حسابه بايقع لأمه خزاه" وروايات أخرى متعددة كثيرة .

كما أخبرتكم ستكون بطبيعتها المحلية باللهجة العامية وسأحاول قدر المستطاع توضيح بعض الكلمات المحلية.
التي ترد وربما لا يستطيع البعض فهم معانيها .
هكذا ستكون البداية ولكنني أريد منكم التواصل والتشجيع إن كان ذلك يهمكم ، وسأبدأ غدا بالحزيه الأولى إنشاء الله تعالى .

[عفاف]

بسم الله الرحمن الرحيم

ببدأ بالدعاء لك وترتيب الفاتحة لجداتنا وأهلنا الاموات رحمهم الله تعالى اّمين , عادني الا باقول ريتك كتبت باللهجة الحضرمية ولكنني قرأت لك بأنك ستكتب باللهجة التي لازلنا نجيدها في المهجر وكأننا نعيش في البلاد
ماني مطولة عليك ولكنني منتظره مثل غيري بلهفة وشغب بالحزايا .
كلامك صدق الحزايا في المطبخ والريم ولكن عندي اضافة احيانا الحزيّة تقولها حباباتنا لكذها قاعدة وفارشة سجادتها ومعها سبحتها تسبح وتستغفر بين المغرب والعشاء يقرؤون الراتب راتب الحداد هي واللي عندها في المحضرة , واحيانا بين المغرب والعشاء معاد تقرأ الراتب اذا كنا نتعبهم تقول يالله تعالوا معي لكم حزيه وتكون الحزيه بدل الراتب هههههه بس هوذا اللي ذكرته ذحين .
يالله هات الحزيه , ربي يحفظك وبصراحة دمعت عيوني ذكرت حبابتي وذيك الايام لي ماتتكرر لان لانزلنا البلاد معاد نحصل الكبار ويكفينا ندخل غرفهم ودموعنا تسيح .

[عبدالقادر صالح فدعق]

يعطيك العافية ياحبيب ...

أرجعنا الى عبق الماضي الجميل وحزايا أجدادنا وبخر أيامنا ببخور التراث البديع ..

منتظرين بلهفة الى قراءة هذا المحازي الجميلة ..

دمت في عافية وود .


.

[غالي الأثمان]

مشكور على الموضوع والفكره الخطيره التراثيه بانتظار ماتتفضل به .
لك مني التحيه والاحترام
ولك مني حزيه ههههههههههه
توكل على بركة الله .

[عمر الحبشي]

قصة اليوم الأول

حزية مسعود والمارد

حز بحزيلكم عن زقر اسمه مسعود فقير و مسكين و في مرة من المرات قرر انه يسافر لمان بلاد بعيده علشان يطلب الرزق الحلال و العمل المربح و لما كان يسير في الصحراء حس بضماء شديد نزل حقه القربه علشان يشرب ماء فحس شئ يتحرك في قربته فتحها و خرج منها مارد كبير يفزع و قاله : شبيك لبيك خادمك المطيع بين يديك اطلب الي بغيته .
قال مسعود في داخله : جان فرضي جاء لا عندي علشان احصل على الي بغيته بلا تعب و لا شدة
قال مسعود للمارد : بغيت باكون غني اغنى واحد في العالم و اعرس من أزين و اجمل حرمة
قاله المارد : بعطيك الي طلبته بس مقابل الي اطلبه شرط .
قاله مسعود : هت لي عندك من الشروط انا موافق .
قاله المارد : هو شرط واحد بس ، بغيتك تعطيني عقلك .
فزع مسعود وقاله : هوه تقول اعطيك عقلي ليه
قاله المارد: بعطيك مدة شهر و بعد الشهر برجع عشان تعطيني عقلك
قال مسعود في نفسه : ذحين بستخدم عقلي علشان اضحك على المارد
قاله المارد : هاه انته موافق و لا ما بعطيك الي طلبته
قاله مسعود : لا انا موافق على شرطك هوذا
عين مسعود على عدّي و ذهبان وايدة و رجع لعند اهلة و بنا له دار كبير و عرس على الحرمه الي بغاها . و عبرت المدة التي عطاه اياها المارد في فرحه و سرور و جاء وقت مجي المارد .
قال مسعود لمرته : ذحين هواه لقي جاء وقت مجي العملاق قولي هواه لقي
قالت له مرته : لا تفزع يا مسعود اني عندي خطه فكرت فيها بقولك بها ذحين
و قالت له بها و قال : اوه والله ماذي خطة ذكية ياسلام ، و فرح مسعود بها .
و جاء المارد على حسب موعده و قال :شفنا ييت علشان اشل عقلك ياالله قلي جهزتة و لا لا
قاله مسعود : هاقفتلك يم و انته ما طعت تيي
قاله المارد : هواه تقول هواه قصدكم
قالت الحرمه و هي على شكل حزينه :امس يا لنا واحد مارد من القربة و شل عقل مسعود و يوم قلنا له ان العقل حق مسعود لك ضحك و قال انه شجاع صدق يتبعني الى القربة و برويه شغله و كان يقول ذا الكلام عليك انته .
و قال العملاق و هو حوشان و دمه يتفاور : وين الزفته هيذي وين القربه هاتوها ذحين يابوي على كلامه الي يفور الدم بوري ابوه شغله ذحين . و دخل وسط القربه و قفلوا عليه بسرعه و زقلو بالقربه في بير
و قال مسعود و هو فرحان : الحمد لله الذي انعم علينا بالنعمه العظيمه نعمه العقل و التفكير .




زقر : ولد
لما : إلى
ظماء: عطش
بغيته: تريده
فرضي: في أرضي
ذحين: ذلحين
هوذا : هذا
عدّي: فلوس
ذهبان: ذهب
واجد: كثير
لعند: إلى عند
هوا: إيش
لقي: أعمل
هاقفتلك: إنتظرتك
ما طعت: تأخرت
تيي: تأتي
برويه: سأريه
حوشان: زعلان
يتفاور: يغلي
هيذي: هذه
زقلو: رموا

[عفاف]

حزيــة تستاهل الانتظار انصفت نساء العالم كله بأنها كاملة العقل ولولا زوجته كان مادرينا حالة الزوج
ايش صارت عساكم تستفيدون منها يالرياييل .
يالله هات الثانيه وتسلم .

[عمر الحبشي]

تسلمي أخت عفاف على هذا التواصل الشيق .. والحق يقال أنتي من القليل الذين بادروا وبكل شغف للموضوع ، وثقي أن عندي الكثير من الحزايا التي ستثري مقام المرأة والتي هي أمنا وأختنا وحبيبتنا وروحنا في كل الأحوال ، أما تذكرين قصة أم سلمه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أنقذته من موقف إحتار كيف يتصرف مع أصحابه رضوان الله عليهم حين أشارت عليه بالمشوره التي أحلوا فيها إحرامهم في ذلك اليوم الكئيب الذي لم يتصوروا أنهم ممكن أن يرجعوا إلى المدينه المنورة من غير عمره ، هذه النماذج الرائعة في المرأة المسلمه .
أنا ممتن جدا لتواصلك الممتع والمشجع للإستمرار . وبه نستطيع إعادة التفاعل في سقيفة التراث.
شكرا لك مرة أخرى وأنا معك ما دمت معي ، غدا سأضع القصة او الحزية بالأصح الثانية
لك خالص تقديري وإمتناني

[عفاف]

الله يسلمك أخوي الفاضل عمر الحبشي على الكلمات الطيبة التي تركت أثر جميل في نفسي , بخصوص الامثلة التي ذكرتها في مدي احترام الاسلام للمرأة فأني بالصراحة ألمس كل هذا في حوارات الاهل واقصد الوالدين بينهم البين ,,, روح الاسلام عندنا في حضرموت
وأهلها . بانتظار الحزية الثانية وأنا متأكده ان الكثير يقرؤون ولكن يستكثرون ان يقولوا شكرا لامثالك الذين
يحيون التراث بمايستطيعون وهذا يعكس الحب للوطن وأهله .
يشرفني ان اقول بأنني متابعة لك بل وسأشارك بما يقدرني ربي عليه ستراه واقع لا كلام باذن الله.
لك التقدير والاحترام,,

[الشبامية]

اول مرة اشوف الموضوع ذا >>>>>>> ياريت مشرف القسم يثبتة

بس صراااااحة اكثر من رائع يكفى انك نشطت لناالذاكرة وجعلتنا نستشعر اجمل ايام الطفولة

الحزايا كانت لها دور ايضا فى نشائة الطفل حيث انة يكون لدية حب استطلاع ومدى واسع فى التفكير والنقاش

ايضا اليوم عيالنا مساكين ظلمناهم بقنوات الاطفال تربيهم على كيفها وتحكى لهم حكايات خرافية

وليست ذات فائدة تزيد من غبائهم وتطلع لنا جيل ركيك

شكرااخى وفى انتظار بقية القصص

[سالم علي الجرو]

اقتباس :

حز بحزيلكم

وقت مضى ليته يعود ليسعد صغارنا بالألفة والمحبّة
لم ترد في محازي زمان:

طخ ... طاخ كما هي في البلاي استيش اليوم
شكرا يا الحبيب