المفردة والعبارة في شعر فارس المدارة

[أبوعوض الشبامي]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأميـــ الدلّوعة ـــــرة [ مشاهدة المشاركة ]

يسلمو على الطرح الراقي.

شكرا على المرور الراقي ..!!



.

[أبوعوض الشبامي]

الدلالة في شعر باحريز
============

في كتاب التعريفات للجرجاني جاء تعريف الدلالة على النحو التالي :
(( الدلالة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر و الأول هو الدال، و الثاني هو المدلول )).
هناك مستوى في البنية اللغوية يسمى المستوى البلاغي ، وهو متداخل مع المستوى الابلاغي الذي يعتمد التراكيب أو الإسناد أساسا ، و هناك أنواع من التصرف في الكلام تجعله بليغا ، و يتفاوت في ذلك المتكلمون ، و مما يشير إلى أن الدلالة البلاغية في سياقاتها تختلف عن الدلالات الأخرى مع ارتباطها بها أننا لو أخذنا المثال المشهور من التراث اللغوي العربي (كثير الرماد). فالدلالة النحوية هنا لو وققنا عندها كانت أن شخصا ما عنده الكثير من الرماد (بقايا النار) و قد يكون ذلك للاتجار به أو أن يكون للقذارة و عدم التخلص منه، و لكن في السياق البلاغي تكون دلالة (كثير الرماد) الكرم . ويأتي مثال لنا أخر من شعر باحريز مستوى بلاغي يتداخل لنا مع المستوى الابلاغي وفيه دلالة بلاغية حين نقف عند قول الشاعر سعيد باحريز:

ومن غراك لا تغتر ومن طمعك لاتطمع=لا شفت السماء سوده تعوذ من مناشيها

فالدلالة النحوية هنا ان (( السماء سوداء )) ولو وقفنا عند (( السماء سوده )) ربما أن شدة الغيث وتلبد الغيوم منع ضوء الشمس من الوصول الينا ، وربما دلالة ان عذابا ربانيا نذره تبدو بعاصفة ، أو أن الآتي من ظلمة وظلمات متراكمة تنذر بالعواقب الوخيمة ، ولكن في السياق البلاغي دلالة (( السماء سوده )) احالتنا الى مدلول العواقب الوخيمة والتي تنذر بقرب الخراب .

ومثال آخر من شعر باحريز يقول :

بغيت الصدق والواقع سبوله خير من مقلع= ونخله ما تعشي الضيف قعرها لا تخليها

فالدلالة النحوية هنا (( سبولة خير من مقلع )) والسبولة هي سنبلة محصول الذرة ، والمقلع هو فسيل النخيل ، ولو وقفنا عند (( سبوله خير من مقلع )) ربما قائل يقول أن قيمة السبول الغدائية عند البعض خير من التمر، وربما أن المثل الذي يقول (( عصفور باليد خير من عشرة في الغد )) يترجم لنا عبارة (( سبوله خير من مقلع )) ويتوافق معه خاصة إذا عرفنا ان السبولة قد قاربت للحصاد وان (( المقلع )) لازال فسيلا صغيرا على صاحبه الانتظار عدة سنوات حتى يأتي بالتمر هذا إذا سلم من العطش والامراض وغيرها من الآفات الزراعية . ولكن في السياق البلاغي للبيت (( سبوله خير من مقلع )) يحيلنا إلى مدلول أن الصغير والذي يتمتع بجاهزية المنفعة ، خير من الكبير الذي سيطول انتظاره ، بما معنى أنه يترجم قول الشاعر المتنبي في قوله:

خذ ما رأيت ودع شيئا سمعت به = في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل

لهذا جاء الشعر الشعبي الحضرمي في تراكيبه الفنية والغنية معتمدا على بيئة الشاعر ومحيطه الاجتماعي ، لأن المحيط الدلالي يعكس بيئة الشاعر وهو في مفرداته وعباراته يصور ما يحيط به من نبات وحيوان وجبال ووديان وظواهر طبيعية محيطة به ، واحداث يومية تمر عليه ، و قصائد شعراءنا لا تصور لنا احاسيس الشعراء فقط ، او تصويرهم للأحداث التي تحيط بهم او المعاناة التي يمرون بها ولكنها ايضا تصور المحيط والبيئة الحضرمية التي هي من حول الشاعر أو كما يسمى ب (( المحيط الدلالي )).




.

[أبوعوض الشبامي]

خليلي وما بعده خليل=لكن اليوم حصلت الدليل
من دخل زين يخرج عاجميل= نا الحريزي وهو من بايكون

القارئ للأبيات السابقة لعله يلاحظ مفردات تتراء لنا كثيرا عند قراءة الشعر الشعبي ، او نستمع اليه في مساجلات شعراء الشبواني او غيره ، ويلاحظ كيف ان شعراء العامية من شعراء الشبواني يحذفون همزة (( أنا )) فنقرأ في قول باحريز (( نا الحريزي )) أي أنا الحريزي وهو من بايكون . وهذه من خصائص اللهجة الحضرمية في نظم الشعر...!!

ومن المفردات والعبارات التي نستقرأها في شعر الشاعر باحريز هو حذف ألف المضارعة على سبيل المثال في قوله:

ذا فصل والثاني ( عور) لي مايشوف الشارقه= و( صقع ) لي مايسمع الطاسه وحنات الطبول

فالشاعر شأنه شأن كثيرا من شعراء العامية في حضرموت حذف ألف (( أعور )) و (( أصقع )) ...!!


.

.

[العائد1]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعوض الشبامي [ مشاهدة المشاركة ]

الدلالة في شعر باحريز ============ [/ ""] بغيت الصدق والواقع سبوله خير من مقلع= ونخله ما تعشي الضيف قعرها لا تخليها[/poem] فالدلالة النحوية هنا (( سبولة خير من مقلع )) والسبولة هي سنبلة محصول الذرة ، والمقلع هو فسيل النخيل ، ولو وقفنا عند (( سبوله خير من مقلع )) ربما قائل يقول أن قيمة السبول الغدائية عند البعض خير من التمر، وربما أن المثل الذي يقول (( عصفور باليد خير من عشرة في الغد )) يترجم لنا عبارة (( سبوله خير من مقلع )) ويتوافق معه خاصة إذا عرفنا ان السبولة قد قاربت للحصاد وان (( المقلع )) لازال فسيلا صغيرا على صاحبه الانتظار عدة سنوات حتى يأتي بالتمر هذا إذا سلم من العطش والامراض وغيرها من الآفات الزراعية . ولكن في السياق البلاغي للبيت (( سبوله خير من مقلع )) يحيلنا إلى مدلول أن الصغير والذي يتمتع بجاهزية المنفعة ، خير من الكبير الذي سيطول انتظاره ، بما معنى أنه يترجم قول الشاعر المتنبي في قوله: [ )). .

اخي ابو عوض الشبامي شعرنا الحضرمي يعتمد الرمزيه دائما وفي هذه الحاله ـــ السبوله كنايه للمونث (مرأة) والمقلع كنايه للمذكر (رجل) وهنا قول الشاعر ان بعض النساء خير
من بعض الرجال
فلربما انه يصف حادثه حدثت له او رواها له صديق بانهما نزلا عند رجل فلم يحسن ضيافتهم وان امرأته قد تحججت بمرض او ليس له نفوذ عليها وقد قارن الشاعر هذا الرجل
بامراه كريمه
ففضلها عليه بقوله سبوله خير من مقلع وفي الشطر الثاني تبدو حكمة الشاعر بان النخله التي هي كنايه للمونث (المرأه) التي لا تعشي ضيف اي ما منها ثمر
(بمعتى لا تقوم بواجبها ) قلعها
(طلقها) وقد يقصد غير ذلك وقد يكون ما ذهبت انت اليه صحيحا .
ومهما كا ن الامر فبن حريز علم من اعلام الشعر الشعبي الحضرمي ومتابعة ما قاله من شعر ودراسته وتوثيقه يعتبر رافدا للتراث الثقافي الحضرمي.
شكرا على مجهودك الا محدود ودمت بخير
تحياتي

[أبوعوض الشبامي]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العائد1 [ مشاهدة المشاركة ]

اخي ابو عوض الشبامي شعرنا الحضرمي يعتمد الرمزيه دائما وفي هذه الحاله ـــ السبوله كنايه للمونث (مرأة) والمقلع كنايه للمذكر (رجل) وهنا قول الشاعر ان بعض النساء خير من بعض الرجال فلربما انه يصف حادثه حدثت له او رواها له صديق بانهما نزلا عند رجل فلم يحسن ضيافتهم وان امرأته قد تحججت بمرض او ليس له نفوذ عليها وقد قارن الشاعر هذا الرجل بامراه كريمه ففضلها عليه بقوله سبوله خير من مقلع وفي الشطر الثاني تبدو حكمة الشاعر بان النخله التي هي كنايه للمونث (المرأه) التي لا تعشي ضيف اي ما منها ثمر (بمعتى لا تقوم بواجبها ) قلعها (طلقها) وقد يقصد غير ذلك وقد يكون ما ذهبت انت اليه صحيحا . ومهما كا ن الامر فبن حريز علم من اعلام الشعر الشعبي الحضرمي ومتابعة ما قاله من شعر ودراسته وتوثيقه يعتبر رافدا للتراث الثقافي الحضرمي. شكرا على مجهودك الا محدود ودمت بخير تحياتي

شكرا على المرور وعلى الاضافات مع احترامي لوجهة نظرك ... !!
بخصوص هذا الموضوع كما جاء تحت عنوانه عن (( المفردة والعبارة في شعر باحريز )) وما يهمنا هو الابحار في رحلة الشعر الحريزي فارس المدارة ، لنستشف من شعره صورا ودلالات عميقة ، وبغض النظر عن الولوج في الادعاء بفك الرموز التي جاءت في حينها فذلك شأن يدعيه من تربى صغيرا على التعامل مع الرمز في حديثهم الاسري كما يدعي ذلك .

كما يجب الاشارة ان من المتنطعين على التراث الشعبي والادعاء بالالمام به سيظلون عاجزون في ان يفهموا شيئا اسمه التحقيق والتحقق من مصادر الرواة المتعددة في روايات الشعر الشعبي وصحة المرويات . وعدم الأخذ بما جاء ضمن مرجع واحد على أنه نهاية المبتغى ، ولربما جامع شعر باحريز في دفتي كتاب نقل ما سمعه من راو واحد لم يكن دقيقا فيما رواه لا سيما أن الشاعر باحريز كان أميا ويقول معظم شعره ارتجالا وعلى السجية، ولربما جامع شعر باحريز لم يكلف نفسه تقصي الروايات والتحقق من صحتها . فمثلا هناك راوية اسمه (( محمد عبدالرحمن باحارث )) وهو من المولعين بالشعر الشعبي وحفظه . وقد أعتنى ابنه (( خالد )) واصدر ما كان يحفظه والده في كتاب بعنوان (( من الشعر الشعبي الحضرمي )) ضم بين دفتيه كثيرا من المساجلات لشعراء ربما بعضهم سبق الشاعر باحريز ومن هذا الكتاب جاء في (( ص 135 و136 )) بأن طارق العطاس قال هذا البيت في مساجلة شبواني حضرها باحريز قال العطاس :

دلوك لي سقط في البير سقط ولعاد بايطلع= ونحن زهرة الدنيا اولها وتاليها

فقاطعه باحريز وقال:

وداك الدلو لي قلته سقط في البير بايطلع= ولا طلع باتشل وحده وحده باتخليها
ووحده قال بوسالم خير من عشر ما تنفع=وزنها يابن الصوري وفكر في معانيها
ونا ما باخرج الزامل بلا سكين نتبرع= وكل رقبه طويلة راس لها آفه توطيها
ويا طارق طرق واسرع وشل السيف والمخلع= وصبح راسها خله وخل عين تبكيها
إذا سرحك بانافع بشر ياهادي وقطع= طبينك فاتح الخزنه ملانه ويش يخليها
ومن غراك لاتغتر ومن طمعك لاتطمع=لاشفت السماء سوده تعود من مناشيها
ولا عزمت السفر خاير إذا ما بان لك مطلع=وإذا طرحت سفينة نوح حمل ما معك فيها
وللأيام سكرتها تبت وتقول لك برجع=كما لي يخرج الكلمة ويرجع ما يوفيها
فرشنا الطاقة الحمره وخل كل من درع يقطع= ودار السعد ما ترقل وتسقط فوق كاريها
بغيت الصدق والواقع سبوله خير من مقلع= ونخله ما تعشي الضيف قعرها لا تخليها

هذه رواية كما اسلفت نقلا عن الرواي (( محمد عبدالرحمن باحارث )) ، إلا أنني أكاد أجزم أن هذه الأبيات تعرضت للتحريف والاضافات خاصة ما روي عن طارق العطاس لأن هناك قصيدة قديمة قالها شاعر إثناء عقد اتفاقيات الحماية بين السلطان القعيطي وبين بريطانيا يقول فيها الشاعر المجهول :

بنيت البدو ما رضيت بولد العم= لكن عسى الله يصلحها ويهديها
جبنا المداوي يداويها من البلغم= قام المداوي يشب النار ويكويها
أنا الا حسبته بايفرج عنها الهم= حتى البكاء ما حسبته بايبكيها

الى آخر القصيدة ....!!

ونستدرك بأن هناك قصيدة لشاعر اسمه (( احمد عبدالله باحميد )) وكما سماها صديقنا القديم الكاتب (( عمر خريص )) بقصيدة الفتنة وفيها وصف النزاع الذي نشب بين الاخوان من القعطة (( حسين ومنصر )) يقول فيها:

سوق الكحيله عليها النور يتلمع= لي يبست فتنة القعطه مراعيها
وقع لها يارفيقي حال ما ينفع= وين المربّي الذي هو بايربيها
من كثر جور المشقه عينها تدمع=ولعاد لحقت مداوي يداويها

ولك بعد هذا ايها القارئ أن تستخلص من هذه الروايات ما يمكنك استخلاصه وتشغل نفسك في التحقيق أكثر من أن تشغلها في فك الرموز والتأويل والذي ربما لايكون صحيحا....


.

[الدموني]

ما شاء الله متعمق ومتقصي وطرح مفيد ورائع وفقك الله ومنكم نستفيد

[أبوعوض الشبامي]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدموني [ مشاهدة المشاركة ]

ما شاء الله متعمق ومتقصي وطرح مفيد ورائع وفقك الله ومنكم نستفيد

شكرا على المرور في رحلة المفردة والعبارة في شعر فارس المدارة الشاعر سعيد فرج باحريز..........!!



.

[شيخ القبايل.]

شكرا للعم ابو عوض على موضوعه الشيق

ورحم الله شاعر المدارة باحريز

[محمد التميمي]

الشاعر سعيد فرج باحريز



وهذي هدية لك وللجميع الفية باحريز بصوت الراحل الفنان باعيسى

شكراً لبوعوض على مثل هكذا مواضيع والتي من خلالها تعم الفائدة للجميع وخصوصاً الشعراء , فشعر باحريز غني ومشبع بالمفردات الشعبية الحضرمية والتي اندثر منها الكثير وحلت محلها مفردات أخرى ودخلية على الشعر الشعبي الحضرمي !!!

[أبوعوض الشبامي]

.


سبق وأن كتبت أنه في كتاب التعريفات للجرجاني جاء تعريف الدلالة على النحو التالي :

(( الدلالة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر و الأول هو الدال، و الثاني هو المدلول )).

هناك مستوى في البنية اللغوية يسمى المستوى البلاغي ، وهو متداخل مع المستوى الابلاغي الذي يعتمد التراكيب أو الإسناد أساسا ، و هناك أنواع من التصرف في الكلام تجعله بليغا ، و يتفاوت في ذلك المتكلمون ، و مما يشير إلى أن الدلالة البلاغية في سياقاتها تختلف عن الدلالات الأخرى مع ارتباطها بها أننا لو أخذنا المثال المشهور من التراث اللغوي العربي (كثير الرماد). فالدلالة النحوية هنا لو وققنا عندها كانت أن شخصا ما عنده الكثير من الرماد (بقايا النار) و قد يكون ذلك للاتجار به أو أن يكون للقذارة و عدم التخلص منه، و لكن في السياق البلاغي تكون دلالة (كثير الرماد) الكرم .

وقد قالت الشاعرة الخنساء بنت تماضر ترثي اخاها صخرا:

طويل النجاد رفيع العماد=كثير الرماد إذا ما شتا

و (( كثرة رماد )) صخرا يدل على كرمه اما في فقه اللغة الحضرمية يقال فلان (( مردمه احمر )) فالمردم هو عتبة داره واحمر كناية عن كثرة الدم المراق ويقال فلان (( شفرته تخر )) الشفرة هي السكين الحادة وتخر اي تسيل منها الدماء ويقول شاعرنا باحريز

ذا فصل والثاني فرح بالعيد لا قالوا ضوت= ننحر جمل ونشل منه شرك والباقي سبيل
ونقول ياعواد لاشفت البواب تفتحت= ونخلي الشفره تخر ونخلي المصره تكيل

وفي السياق البلاغي من (( نخلي الشفره تخر )) دلالة على همته وكرمه .



.



ويأتي مثال لنا أخر من شعر باحريز مستوى بلاغي يتداخل لنا مع المستوى الابلاغي وفيه دلالة بلاغية حين نقف عند قول الشاعر سعيد باحريز: