حضرموت والجنوب العربي والإحتلال" بـ صنعاء.. خالية من الجنوبيين!

[حد من الوادي]

بـ صنعاء.. خالية من الجنوبيين!

الأحد 20 أبريل 2014 01:59 مساءً


عبدالقوي الشامي




القتلُ عبرَ الحدود في الحالةِ اليمنيةِ لا يندرج في إطارِ الإختراقات الأمنية. فأمن الحدود كما أمن المركز غائبان بكون وملفيهما ليسا بيدِ وزير الداخلية ولا مدير الأمن أو قائد الشرطة، فهؤلاء بالكاد يحفظون أمنهم الشخصي وأمن أسرهم. أما أمن البلاد والعباد فبيد عصائب أسرية وجماعاتٌ قبلية وثالثة مغيبة عن الدنيا، وُصِفت زمان بالملكية، ثُمَّ عُرِفَت أمس بالجمهورية، واليوم نطلق عليها إرهابية. جماعات ينطبق عليها حال الإبن الذي قتل أبيه، ثم سَرَحَ في الشوارع يشحت بأسم اليتيم..!

لا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن حادثي إغتيال الجنود السعوديين الثلاثة بمركز (ربوعة- جيزان) الحدودي، الإثنين الماضي والخميس قبل الماضي، إنهما تُعَدان، من جرائم الحرب المكتملة الأركان المادية، المعنوية والشرعية، ومع ذلك فمن الصعب التعامل معها على هذا الأساس. فالجميع يدرك حدوثها في العادة يأتي في إطار تنافسي بين أطراف النفوذ الشمالية للفوز بود الشقيقة الكبرى. وأشهر تلك الحوادث مسرحية (المؤخرة المفخخة) التي أستهدفت الأمير محمد بن نايف في 2008.

فحسب تقرير منسوب للأمم المتحدة صدر في إبريل من العام الماضي أثر توغل سعودي في الأراضي اليمنية بهدف التموضع، ولغرض في نفس يعقوب، تمثل بإزالة الإشارات الحدوية بين"جيزان" و"شرورة"، أسفرعن مقتل 3 من رجال القبائل وإصابة 5 أخرين. أشار التقرير الى أن سبب حوادث الحدود يعود لتناقض مصالح القبائل مع الحكومة السعودية.

لم يَقُل الحكومة اليمنية، فالامر هنا لا يحتاج الى ذكاء لإدراك إن الشقيقة الكبرى تتبادل اللعب مع من يأكلون على كل الموائد، بمعنى، أن الركن المعنوي للجريمة طاقي على القانوني والشرعي، طالما الهدف: الأرض مقابل الدعم وليس الدم كما قد يتبادر الى الذهن. فهؤلاء الذين يستثيرون أجواء إرهابية من قبيل (قاعدة، أنصار شريعة، شباب مؤمن، أنصار الله) هؤلاء بتَدبُرّ، يمضون نحو مصالحهم الخاصة سمها ما شئت: دفاعاً عن الشرعية، الشريعة أو عن شرعية المذهب، لا فرق فكلهم يشترك في سفك الدم لإستدرار الدعم الرسمي إياه والشعبي أيضاً.

"هل تعلمين أننا قتلنا أكثرمن ستين الف جندي خلال الحروب في صعدة" بهكذا منطق خاطب القيادي الحوثي محمد البخيتي، الخميس قبل الماضي، مذيعة قناة (الجزيرة). خطاب القتل هذا، يعكس خلل في الجينات البشرية عند جماعات توحشت بفعل شلالات الدم المسفوكة من جسد هذا الشعب الذي حَلِمَ بوحدة الأمن والأمان فَجَنى وحدة الجوع والإرهاب. وهو ذات المنطق الذي تحدث به الريمي إعتذاراً عن سفك دماء أكثر من 50 قتيل وأكثر من 200 جريح في غزوة مستشفى العرضي.. فمن يتبجح إفتخاراً أو إعتذاراً عن قتل روح الله في الأرض بالجملة والمفرق، أزعم أن لا صلةَ له بالغفور الرحيم، ولا بآدميةِ الإنسان ولا بحياةِ البشر او بدينٍ سماوي، كما وليسَ لهُ أخلاق إجتماعية او أعراف قبلية!

فمع هكذا نَزْعات شوفينية، تقوم بدور المقاول من الباطن، لصالح قوى نفوذ محلية وإقليمية، موعودون بتواصل إزهاق الأرواح البريئة، وبسفك المزيد من الدماء الطاهرة. وأن تبدى للبعض إن حيلهم بينهم: علي محسن يحفر لـ علي عبدالله صالح والحوثي يستهدف الأحمر والعكس بالعكس، فمجريات الأحداث تفيد أن لا أحد من مربع الدم هذا يسعى لتدمير الأخر، وحروب صعدة خير دليل، كما هي حروب الحوثي الأخيرة في دماج وعمران، الى جانب السراب الذي يربو الى السطح عن خلاف صالحي إصلاحي. فهؤلاء يجيدون إعادة إختراع أنفسهم، وفق ولاية العاهل أو الولي الفقيه.. فإذا ما أستثنينا حادث مسجد النهدين، هل تعرض احدهم في موكبه أو سكنة أو ممتلكاته لأي إستهداف مباشر..؟! لا اريد أن أسمع عن عملية إنتحارية في سنحان او في ظليمة ولا في حوث، ولكنني أتساءل لوجه الله فقط: هل توجد مناطق مقدسة ومناطق مستباحة..؟!

كما وأن القاتل الموهوم بالجنة موعود بهدر حياته (فطيس)، وبتناثر جسده في النواصي وفي جنبات الشوارع وبين أكوام الزبالة، حتى يصل حلفاء الخارج في الداخل الى أمرٍ سواء، يحفظ لهم مصالحهم وللمنتحر القاتل موتهً كريمةً وللأبرياء من عباد الله دمائهم..

فهذا المربع بحكم تابيده في السلطة، مُكِنّ من السيطرة الداخلية (اليمن بشطريه)، ولا أدل على ذلك من الأتفاق الشهير بين علي عبدالله صالح وعبدالله الأحمر، عشية نزول الأول الى عدن في 28 نوفمبر1989إتفاقهما على تأسيس التجمع اليمني للإصلاح، ليس كحزب سياسي وإنما (كأداة) سياسية للتنصل من الوحدة إن سارت بغير صالحهم، وتكرر الأمر ذاته مع دستور الجمهورية اليمنية في 1991 والآن مع وحدة أقاليم الفندق.

المحير في الأمر: كيف لهذا المربع الجمع بين السعودية السنية وإيران الشيعية ؟ وكيف لجماعة إستراتيجيتها دولة الخلافة القبول: أن تكون حطب الطبخ والتدفئة لقبيلةٍ مخالفةٍ لها في المذهب..؟ فغيض فيض الدم هذا يحتم تبصر الواقع الجنوبي المؤلم، وواقع الحزب الإشتراكي الأكثر إيلاماً.

ليس في ما يخص دوره في العملية السياسية، وإنما لإصراره على دور ورقة التوت! في تغطية الجرائم المرتكبه بحق الجنوب. فما قام به أمينه المساعد أبوبكر با ذيب من جريمة التوقيع على وثيقة تقسيم الجنوب، على نحو دفع أمينه العام للإبتعاد إما توزيعاً للأدوار أو مؤآثرة وحدة الحزب على وحدةِ الجنوب، وكلاهما دليل نفعية سياسية فاقدة الإنتماء.

وهنا يحضرني المثل:"لقد أسمعت لو ناديت ولكن لا حياة لمن تنادي" فرغم إدراكهم ان الثابت الوحيد في المشهد هو الإستنزاف المتواصل للجنوب وإن الجماعة بعد أن أجهزوا على نصف مليون كادر مدني وعسكري جنوبي بالقتل الجسدي الوجودي أو الوظيفي، يواصلون الإبادة الجسدية والمعنوية بحق ما تبقى من تلك الكوادر، وتحديداً تلك التي عُرِفت في عهد مراهقتهم الطُفيلية اليسارية عُرفو بـ(الزمرة) وفي المقدمة منهم الرئيس هادي والوزير محمد ناصر أحمد. ومع ذلك الأشتراكي لا ينقطع عن لجاجة الوحدوي!

فالتحدي كبير الذي يواجه الرموز الجنوبية في صنعاء، في ظل الحملة التي يقودها الشيخ المليونير، بمعية أخيه وريث المشيخة، وبمؤازة بقية أطراف مربع النفوذ الدم. فاللعب أصبح على المكشوف بدخول خارطة طريقهم مرحلة التتويج. إذ يمثل مقتل اللواء (ديان) معلماً في المنعطف الأخير من الطريق الى: صنعاء خالية من الجنوبيين...



جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}