البحر والمحضار 00 ومساجلات الدان .

[عمر خريص]

ـــــــــــــــــــــــــ


البحر وما أدراك ما البحر..؟ ليس في هيجانه ولا في تلاطم أمواجه .. وإنما في سعته وعمقه وما يكنه في مكنون أعماقه من قيم نبيلة وأخلاق حميدة .. قال الدكتور (البار) (هو الكريم ابن الكريم) وأقول صدقت ..! انه البحر ..الأديب الأستاذ (عبدالرحمن عمر البحر) والبحر صفته ..وآخر ما اخرج لنا واكرمنا به إصداران جديدان هما (المحضار في مساجلات الدان ) الكتاب الأول والكتاب الثاني وهما ماتم توزيعهما مجانا ولا زلنا موعودين بالإصدار الثالث ، وفي الاثنين جهد لا يستهان به ،إذ بلغت جلسات الدان فيهما 55 جلسة فيها من جيد الشعر الشي الكثير ، وحفظ به البحر تراثا لولا عزيمته لضاعا فيما ضاع من شعر كثير ، وقدم للإصدارين الدكتور (عبدالله حسين البار) وكان بارا بتراث قومه ووفيا له ،إذ جعل من مقدماته دراسة وافية عن فن الدان الحضرمي أصوله وفنونه وأبان خير إبانة ، قال الدكتور في الدان (أما القول بأنه من (الدانة) بمعنى اللؤلؤة فليس بصحيح قط ، وان القائلين بذلك يهرفون بما لا يعرفون ،وخيرا لهم أن يصمتوا على أن يرددوا هذه الفرية ) قلت .. لله درك يا دكتور ..نكل بهم انهم قوم لا يفقهون .
قال ابوعبدالله البرقي (كان الدان فنا حضرميا صرفا فقيل سيئوني ؟ واخاف أن يقال تريمي ومكلاوي وشحري وصنعاني !!) قلت سامحك الله .. قال لي المحضار في ساعة صفاء (رحمه الله) (الحان الدان كان يحملها الجمالة معهم من الساحل الى الداخل ثم تعود هذه الألحان والأشعار بالشكل المعروف ونطلق عليها اسم (الريض) ) قلت مهما كان ذلك فقد تأصل هذا الفن الأصيل في حضرموت وتخصب على أيدي شعراء كبار في سيئون وتريم كحداد ومستور وبلوعل وغيرهم
ولعل إصرار أبي عبدالله البرقي على أن يعرف البدايات الأولى لمساجلات المحضار في حلبات الدان يعرضني لكثير من المعاناة والجهد خصوصا أن اكثر الحفظة والرواة ماتوا ولم يدونوا ذلك إلا ماتم تدوينه من قبل وزارة الثقافة بالمحافظة سابقا أو ماهو مدون مع بعض الباحثين وهو عزيز المنال في هذه اللحظات ،ولكن نوجز مانعرفه ووصل الينا ، فالمحضار دخل حلبات الشرح صغيرا كما دخل حلبات الدان صغيرا أيضا أي لم يتخطى العشرين من عمره ،وقد سمع الشاعر الشحري سعيد سالم زحفان (وكان يعمل بمدينة المكلا ويقيم فيها مؤقتا) بخبر الشاعر المحضار ودخوله مساجلات الدان فتشوق للقائه وكانت سمرة دان رأى فيها زحفان المحضار فتى في مستهل الشباب وكان زحفان من كبار شعراء الساحل فقال مخاطبا المحضار : ـ
نبي رطلين مابقول من القصد باحلي لساني
ولعاد باوصي الى جردان وانك تحب الستر شفنا ما نحب الناس يدرون
فرد المحضار ردا مفحما قائلا : ـ
شرط أول تحل بالوطن بانقدم لك صياني
ماعندنا شي كيل بالفنجان والخير عاده الا جاي من عندنا ومسهون .
أقول .. عاصر المحضار في بداية حياته كبار الشعراء الموجودين بالشحر من أمثال زحفان وبأسباع وبامسلم وباوزير وباصالح وصقلت مواهبه في هذه البيئة الشاعرية ومنها قول بامسلم للمحضار في تلك السن : ـ خط يالمداد الزين والا كسرت القلم
ورميت لك بالقائمة والدفاتر لي من السيت .
وفي احدى جلسات الدان صرح المحضار في أبياته بوجود تباشير ثورة قادمة سوف تقتلع جذور الفساد ،وكان بجنبه في الجلسة حاكم الشحر وقتها ،فرد عليه زحفان منبها له قائلا :ـ
عقربه ياحبيب حسين ماهي ذبابه لي بجنبك دبت
في الحده ينظرون الناس فكوا الغرابه في السماء اذا اعتلت
والبقر اذا سنت الدباديب عاشت لي تربت في الطين
قال المحضار مجاوبا :ـ
عادت من طغى ياسعيد داره خرابه مزقله للفيت
من عبرعندها تدخله رهبه ورابه والمنازل خوت
وأهلها الا شتت والمفاتيح حلت ع أبواب الدكاكين .
وتوجد نتف من أبيات للمحضار قصر عن تذكارها الرواة مع تقادم الزمن وكل ذلك يؤكد وجود المحضار منذ سنواته الأولى في حلبات الدان ،أرجو من الأستاذ عبدالرحمن البحر أن يبحث على هذه المساجلات فهي البدايات القوية للمحضار مع شعراء كبار وأوصيه أن يتوجه الى الأستاذ عبدالله فرج بازرقان من أهل الشحر والأستاذ الباحث حسين الجيلاني فلديهم مخزون هائل من مساجلات الشعر وقصائد المحضار خاصة ،ولي أمل في أن يتعاون الأستاذان معه .
قال ابو عبدالله البرقي :ـ مامعنى قول المحضار (والشعر شيب في بلدنا قد ملت وجه التجاعيد) ؟
قلت له حانقا :ـ فضحك الله يابرقي .. معنى ذلك زمان ياشعر زمان يادان .وبالمناسبة من أراد أن يطلع على هذه المساجلات عبر الانترنت فعليه بموقع مؤيدالعرب
تحية من القلب وشكرا جزيلا على ما أتحفتنا به يااستاذ عبدالرحمن وشكرا للدكتور عبدالله البار على عطائه الدائم والمستمر وانا لا مثالكم لمحتاجون

[عمر خريص]

تعقيب 00 من القاري (طالب حسين أبو بكرالمقدي )
بعنوان ( خريص ومساجلات الدان )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت صحيفة (ألأيام) الغراء في عددها (805) الصادر يوم الاربعاء الموافق 1نوفمبر 2000، مقالا بعنوان (البحر والمحضار ومساجلات الدان) للأستاذ عمر عوض خريص . ومن خلال قرأءتي للموضوع وخاصة الفقرة التي يقول فيها : (حيث عاصر المحضار في بداية حياته كبار الشعراء الموجودين بالشحر من أمثال زحفان وباسباع وبامسلم وصقلت مواهبه في هذه البيئة الشاعرية ، ومنها قول بامسلم للمحضار في تلك السن :
خط يالمداد الزين والا كسرت القلم
ورميت لك بالقائمة والدفاتر لي من السيت ) .
انتهى كلام خريص .
وهنا لي ملاحظتان على كلام الاخ خريص :
الملاحظة الاولى : يقول خريص أن المحضار عاصر الشاعر سالم سعيد باسباع (قريشن) وهذا الكلام غير صحيح فالشاعر (قريشن) رحمه الله توفي في مطلع الأربعينات بمعنى أدق توفي قبل أن يدخل المحضار مدائر الهبيش أو حتى يقول الشعر .
ولقريشن كثير من المساجلات يحفظها الرواة مع كثير من الشعراء مثل المرحوم (علوي عبدالله المقدي) والمرحوم (محفوظ العطيشي ) والمرحوم (عوض عبدالله بن سبيتي ) والمرحوم (عبدالله عمر سواد) ونذكر هنا بيتا للشاعر سالم قريشن مخاطبا زميله الشاعر المرحوم أحمد عبدالله معلاق ، قائلا :ـ

( من صحابي مامعي قلب سالي
عاد ماجبرت صوابي الغبيــــــــــــه
والحقيقة قال سالم قريشن
عادنا سايرك ياالفسل ياالعيــــــــاب )
أما الملاحظة الثانية فقد نسب البيت الذي يقول :ـ
خط يالمداد الزين .... ، نسبه للشاعر أبو مسلم الحباني وهذا غير صحيح فالبيت المذكور للشاعر المرحوم عبدالله سعيد باعمرو ، وقد قيل هذا البيت في مساجلة شعرية في زيارة المقد في منتصف الخمسينات، حضر هذه المساجلة مجموعة من الشعراء لم يكن بينهم بامسلم أو المحضار وقد قيلت على لحن من الحان رقصة الهبيش للملحن الفذ عبدالله عمر سواد .
وقد جمع هذه الأبيات الملحن المتميز المرحوم سالم سعيد جبران ووضع لها تخميسة تتناسب مع هذه الأبيات (في البرج عليت) وقد سجلها شيخ الفنانين المخضرم (سعيد عبدالمعين ) في استودهات رومكو بالكويت عام 1982م ضمن شريط (صبوحه خطبها نصيب ) ونسبت جميع الأبيات للشاعر علوي عبدالله المقدي لأن أغلب الأبيات للشاعر نفسه ، حيث يقول المقدي رحمه الله :ـ
ياطير من صغرك تولعت بك جم جم
ريتك فرشت الجنح وطرحتنا فوقه وعليت
يازين خاف الله قلبي تموس وتم
طيرت بي في القاع شفنا مطير ماالتفيــت
انتم بغيتونا تكلم بأربع كلـــــــــم
الاولى نا في بحور الهوى أسست وابنيت
فأجابه ابن سبيتي رحمه الله :
يا صادق الرؤيات تصبح تفسر حلم
أنت بنفسك تكره الفاكهة وتحلل الفيــــــت
وهذا البيت لم يتغن به الفنان سعيد عبدالمعين :ـ
ثم يقول باعمرو رحمه الله :
خط يالمداد الزين والا كسرت القلــــم
والا رميت القائمة والدفاتر لي من السيت.

لذا وجب علينا التعقيب .

طالب حسين أبو بكر المقدي
حفيد الشاعر / الديس الشرقية

[عمر خريص]

الإيضاح الأدبي على تعقيب المقدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
سرني جدا واثلج صدري ما عقب به قاري ( الأيام ) الكريم الأخ طالب حسين المقدي على مقالي (البحر والمحضار ومساجلات الدان) المنوه به في ذلك العدد إذ جاء تعقيبه (خريص ومساجلات الدان) في عدد( الأيام ) (3256) دليلا على تفاعله وحرصه ، وهو بهذا يستحق الإشادة والإفادة ، فأما الإشادة فهي على لغته المهذبة وتناوله الحسن ، وأما الإفادة فهي ما أرجو أن أصل به أليها بعد تجاوز الخطوط الوهمية الفاصلة في قراءة التراث وتفسيره أو الاستنباط الصعب حول المعطيات والتراكمات التراثية التي اختزنتها الصدور ولم تخطها الأقلام .
فأما الملاحظة الأولى فصحيح أن الشاعر سالم باسباع الملقب(قريشن) مات في الأربعينات ، وذلك ماتناولته واثبته عبر سلسلة مقالات كنت انشرها في نشرة (الفكر) لجمعية المؤرخ سعيد عوض باوزير بعنوان (قصائد لها تاريخ) وقد تناولت الشاعر (قريشن) في العدد السادس (1997) عبر قصيدته التي أطلقت عليها (قصيدة المذبحة) وهي من اشهر قصائده ، التي قالها في مقتل سبعة وعشرين رجلا من رجال الحموم على يدي الدولة القعيطية ، وقلت في ذلك المقال (( وقبل أن نخوض لجة الدم المنداحة من أوردة الحموميين علينا أن نعرف بالشاعر الذائع الصيت سالم سعيد باسباع الملقب بقريشن من أهالي الشحر ولد بها وهو من شعراء القصيد وأشعار رقصة البادية المعروفة بالهبيش وشعره يثير ضجة في محيطه لما يتمتع به من سلاسة وأسلوب متين وقوة حجة .. توفي بالشحر في نهاية الأربعينات من هذا القرن )). نعم أن قريشن مات في نهاية الأربعينات ولم يمت في مطلعها إذ قال بامطرف شفاهيا (( كنت في أواخر الأربعينات في مهمة حكومية شرق الشحر فلما عدت الى الشحر قيل لي أن الشاعر قريشن توفي ووقفت على قبره وهو لايزال نديا)) .
هذه كانت الافادة من بامطرف وهو يتحسر إذ لم يثبت تاريخ الوفاة ، أما المحضار فهو من مواليد 1930م وقد قال الشعر حسب أفادته وهو في الحادية عشرة من عمره فاذا عاش خمسة عشر عاما في حياة الشاعر قريشن ألم يشفع له ذلك بأن يكون قد عاصره وكلمه وحادثه وتأثر به ؟
أما الملاحظة الثانية فهي في صحة نسبة البيت الشعري ( خط يالمداد الزين ) لبامسلم وقد يكون صحيحا ذلك فقبله حدثني الشاعر صالح باظفاري بأن هذا البيت للشاعر (سعيد زحفان) وربما يأتي من يثبت لنا غير هذا . وهذه هي المشكلة المعضلة التي يواجهها الباحث في التراث الشعبي ونسبة القصائد الحمينية الى أصحابها إذ إن هذه لم تدون في حينها أو في حياة قائليها وإنما تناقلها الرواة ، ومعروف عن الرواة الزيادة والنقصان وخلط في نسب القصيدة ، ومن الصعب أن نجزم بصحة ما اختلف فيه مائة بالمائة ، وحينما نشر ديوان العلامة حامد بن محمد السري (الغصن الطري من حدائق الفكر الثري) تناوله الأستاذ الباحث عبدالله صالح حداد في مقال ( أغنية بالغواني اصلها وفصلها) بعدد (المسيلة) (176) 19 سبتمبر 2000م وفيها تطرق الى هذه القصيدة بالذات ونسبة بعضها الى الشاعر العطيشي والملحن غداف وهو يعلل ذلك الامتزاج الى شيوع الألحان الجميلة وبناء الشعراء على هذه الألحان والقوافي اكثر من قصيدة وهذا هو التعليل الصحيح لاغلب ترادف قصائد الشعراء الحمينيين في حضرموت وهي نفس الحالة التي نواجهها في قصيدة ( خط يالمداد الزين ) .
أن تعقيب الأخ طالب يثير مشكلة غاية في الأهمية واكثر من ملاحظة عابرة ، هذه المشكلة هي مشكلة تدوين التراث وفحصه وتمحيصه بل وغربلته بأيدي خبراء وباحثين في هذا المجال ، ويلقي بالمسئولية التامة والكاملة على القائمين على أمور الثقافة في هذه البلاد ، وأرجو أن ينفضوا غبار التقاعس والخمول ويحفظوا البقية وماتبقى من تراث هذه الأمة ، وليعلموا إن فترة النصف الأول من القرن العشرين هي العصر الذهبي للشعر الحميني في اليمن عامة وفي حضرموت خاصة إذ عرف في حضرموت فطاحل الشعراء الحمينيين ذهبت جل أشعارهم أدراج الرياح وضاع اغلبه بموت الرواة أو بفقد المخطوط من أشعارهم .
أننا في انتظار لفتة كريمة وهمة عالية تحفظ لنا الزخم العظيم من هذا التراث لمئات من الشعراء ... اللهم آمين .

[أبوعوض الشبامي]

(رحم الله محضارنا الذي خلف لنا كنزا شعريا ومدرسة فنية غنائية نفخر ونعتز بها )
بهذا قدم الاستاذ عبدالرحمن بن عمر بن عبدالرحمن البحر ساكن (ذي اصبح ) في حضرموت كتابه الثاني المحضار ومساجلات الدان وقد اهديت لي من هذه السلسة من الاصدارات ما اتمتع به واجد فيه سلوة ومواساة في غربتي !!! وكيف لا وهذه المساجلات التي تأتي في هذا الكتاب تعد تمثيلا لعصر ذهبي لإنتعاش الفنون الحضرمية
وتربع اساطين الشعراء المتمكنين في هذه الصنعة ليترجمون لنا خوالجنا وهمومنا ومعاناتنا وأمانينا واحلامنا وشجوننا وعواطفنا ..!

وشكرا لكاتبنا خريص الذي جلى غبار النسيان عن الذاكرة الحضرمية وبعث الشوق لمعانقة الكلمة الجميلة وترديد الألحان الخالدة الرائعة


.

[عمر خريص]

واخيرا اصدر الاستاذ عبدالرحمن البحر الاصدار الثالث جمع فيه الاصدارات السابقة عن جامعة عدن .. وكانت هذه المقالة ضمن الكتاب .
تحياتنا للسيد عبدالرحمن البحر .. ورحم الله المحضار

[عبدالكريم باسويد]

تسلم يا لاستاذ الشحري على نقل هذه المساهمه الجيده
ولي اكثر من عوده عليها بتمعن
وياهلا

[سالم علي الجرو]

[ خط بالمداد الزّين ولاّ كسّرت القلم ]

شكرا أخوي عمر خريص . زدنا مما عندك .
شكرا أخوي أبو محمد الشّحري . متعطشين إلى قراءة شعر المحضار ومعاصريه ، فلا تبخل ، وأنت من دار زينة .

[ابو يوسف بن شحبل]

موضوع جميل
وخاص عن التراث الحضرمي وعملاقة المحضار

شاكرين لك

أبويوسف بن شحبل

[أبونمر]

موضوع بحاجه للتوقف والتمعن فيه
كثيرا لغزارة الشعر الجميل وبديهية
البدع والجواب من الشعار رحمهم الله
كان ببديهيهوبعفويه دون تكلف
وهذا مايفتقد لدى الكثير
من شعارنا المعاصرين
تحياتي لك اخي عمر خريص
على هذه المعلومات الوافره

[عمر خريص]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالكريم باسويد

تسلم يا لاستاذ الشحري على نقل هذه المساهمه الجيده ولي اكثر من عوده عليها بتمعن وياهلا

الله يسلمك اخي الشاعر عبدالكريم
والف شكر لك