جيش البادية الـ حضرمي " وجيش الجنوب العربي" شمس الإمبراطورية التي غربت من عدن

[حد من الوادي]

2018/11/11

شمس الإمبراطورية التي غربت من عدن "تقرير خاص"



- عند مغادرة المندوب السامي من عدن عزفت الفرقة الموسيقية (الأمور لم تعد كما اعتادت أن تكون)

- الليوتننت كولونيل (دي مورجن) آخر بريطاني يغادر عدن في 29 نوفمبر 1967

- أرادت بريطانيا الاحتفاظ بالقاعدة العسكرية في عدن إلا أن الهجمات أجبرتها على الانسحاب

- تلقى كل العرب هزيمة الأيام الستة بأسى صاعق ما عدا الجنوب

- في 6 نوفمبر اندلعت الحرب الأهلية فقرر الجيش التدخل وأعلن تأييده للجبهة القومية





بينما كان السيد همفري تريفيلان (المندوب السامي البريطاني في مستعمرة عدن) يقف على سلم طائرة النقل التي ستقله إلى لندن، وكانت الفرقة الموسيقية التابعة للبحرية البريطانية على متن السفينة، (إيجل) لا تعزف (أولد لونج سن) بل تعزف (الأمور لم تكن كما اعتادت أن تكون)، ولم يكن ذلك تقليدًا أبدًا، ولكن ربما ليس شذوذا عما هو ملائم ولم يفت ذلك أحد من الحاضرين. هذا ما سجله (جوليان باجيت) سكرتير الأمن في السكرتارية في مستعمرة عدن في يوم الـ 28 من نوفمبر 1967م، عند الانسحاب من عدن، وأضاف قائلا :" لم تكن اللحظة تستدر الدموع من أي عين، أو تجلب الغصة إلى أي حلق، كانت خاتمة ثلاث سنوات من المقايضة التعيسة وسفك الدماء، والهدف السياسي الذي جرى خوض تلك الحرب من أجله كان مشوشا وغير مؤثر وملهم، ولكننا كنا نغادر على الأقل بصورة جيدة التنظيم، ونقوم بتسليم سلطة ما، رغم أن قيادة البلاد الجديدة لا يتوقع وصولها إلى الجنوب العربي عائدة من جنيف، إلا بعد ساعة من استكمال انسحابنا). جاء ذلك في كتاب جوليان (الموقع الأخير 64- 1967) كما ترجمه وعرضه الزميل الأستاذ / حامد جامع، ونشر في مجلة (المنارة) في أكتوبر 1989م. في السطور التالية ملخص لعمل الأستاذ حامد جامع بعنوان (الغروب الأخير للإمبراطورية عدن والرحيل)، قال أنه تقديم للجزء الثاني من كتاب المؤلف الذي سماه (الإرهاب في عدن)، بعد الجزء الأول حول (معركة ردفان)، هي وجهة نظر المؤلف المعادية طبعا، وقطعا نقدمها أيضا – كما قال الأستاذ حامد – بدون تعليق (فهي هكذا أحفل بالمعاني والدلالات).



طوارئ

خلال سريان الطوارئ في الجنوب العربي، كانت القوات البريطانية تخوض معركتين : الأولى حرب عصابات في المناطق الجبلية في الاتحاد، والثانية هي العمليات ضد الإرهاب في عدن، وكان هذا التمرد موعزا به من مصر، ولم يكن موجها ضد البريطانيين وقاعدتهم العسكرية فحسب، بل كذلك ضد حكومة الاتحاد التي كان المصريون يعتبرونها نظاما عميلا يستهدف إطالة أمد السيطرة البريطانية حتى بعد أن نكون قد انسحبنا أعلنت حالة الطوارئ في 10 ديسمبر 1963م، بعد أن اختار الوطنيون يوم 14 أكتوبر بصفته اليوم الذي بدأت فيه الثورة ؛ لأنه كان اليوم الرسمي الذي انتهج فيه الوطنيون أسلوب النضال الثوري الشامل، ووضعت أهداف وخطط ملائمة للقيام بعمليات ضد تلك الأهداف وفي عدن اختير موعد زيارة وزير المستعمرات الجديد في حكومة حزب العمال المستر (إنتوني جرينود) إلى عدن في نوفمبر 1964م، كذريعة لتدشين حملة إرهاب كان لها أن تستمر طوال الثلاث السنوات التالية.



مأزق

أصدرت الحكومة البريطانية في يوليو 1964م، الورقة البيضاء حول السياسة الدفاعية في الشرق الأوسط، معلنة نية الحكومة الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في عدن، ولكن منح الجنوب العربي الاستقلال في موعد لا يتجاوز عام 1968م.

وقد شهدت عام 1965م، تزايدًا مضطردا في حالات الإرهاب في ولاية عدن، وارتفع مجموع الحوادث عمليا إلى 286 حادثة، مقارنة بـ 36 حادثة في عام 1946م وبلغ مجموع الإصابات بين قوات الأمن الأوروبيين والمواطنين المحليين 139 إصابة مقارنة بـ 36 إصابة في 1964م، وكما تزايدت كثافة العنف بصورة مضطردة تنامت كذلك مهارة وتصميم الإرهابيين.

وفي عام 1966م، كشفت بريطانيا عن مخرج من مأزقها فأعلن في يناير عن وضع دستور جديد لحكومة الاتحاد، لم يدخل قط حيز التنفيذ، وأعلنت في 22 فبراير الورقة البيضاء حول الدفاع (سينال الجنوب العربي استقلاله في عام 1968م)، ولا نعتقد أن من الملائم ان نحتفظ بتسهيلات دفاعية هناك بعد أن يحدث ذلك، لذا فإننا نزمع سحب قواتنا من قاعدة عدن، بحلول ذلك الوقت.



شهادات

تطلع حكام الاتحاد إلى الحماية البريطانية وسرعان ما بدأت إذاعات القاهرة، وصنعاء وتعز إصدار تهديدات أعنف ضد من أسمتهم خدمة الإمبرياليين، ولم يجد المندوب السامي من يشغل المقاعد الأربعة والعشرين المخصصة لممثلي ولاية عدن في حكومة الاتحاد.

وتطورت بصورة ملحوظة مهارات المقاتلين وقاذفي القنابل التي ترمى نحو أهداف مقصودة وتسبب الكثير من الإصابات بين قوات الأمن ، وبالرغم من أن الكثير من الهجمات على الأفراد كانت تتم في أماكن مزدحمة وفي وضح النهار ورغم عرض مكافآت شخصية وسخية لقاء أي معلومات فلم يوجد أبدا أي شاهد على تلك الجرائم.

وفي أوائل 1967م، قرر المندوب السامي أن يتولى الجيش المسؤولية عن الأمن الداخلي يساعده البوليس في ذلك بدلا من العكس، ولكن خلال العام ازدادت الهجمات ضد قوات الأمن عددا وكفاءة وفي الوقت نفسه بدأ استخدام أسلحة صغيرة لأول مرة، كما استخدمت لأول مرة الحشود بما في ذلك النساء والأطفال، ثم قتل أربعة أفراد من قوات الحرس الإيرلندي وأصيب فرد في كمين ضد جماعة من المنشقين قرب الحبيلين في 20 أبريل مقابل مصرع أربعة وجرح ستة أو سبعة أشخاص.

كما التهب التمرد كذلك في محمية عدن الشرقية عندما تعرض مقر المقيم البريطاني في المكلا في 15 مايو لهجوم بالبازوكا والمدافع الرشاشة ، وأصدرت الجبهة القومية NLF بعد ذلك بقليل منشورا قالت فيه أنه سيتوسع الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني والرجعية إلى محمية عدن الشرقية.

وخلال عشرة أشهر فقط من عام 1967م، وصل عدد الحوادث إلى 290 حادثا ، وعدد الإصابات إلى 1248 إصابة. وفي أوائل مايو استبدل المندوب السامي بالسير همفري تريفيان وبدأ إجلاء أفراد القوات العاملة في عدن ، وخلال شهرين ونصف الشهر جرى ترحيل 7200 شرطي في مائة رحلة جوية، بعد أن كان حكام الاتحاد رفضوا عرضا تقدمت به بريطانيا في مارس 1967م، لتوفير غطاء جويا لحاملات الطائرات خلال الستة الأشهر الأولى.



الانسحاب

لم يذكر المؤلف (جوليان باجيت) سكرتير الأمن في مستعمرة عدن أسباب تقديم موعد الانسحاب إلى 1967م، واكتفى بالقول ( وصلت الأمور إلى منتهى لها في يونيو 67م، قبل أن يتم إخطار مقر القائد العام بالتخطيط لعشرين نوفمبر كموعد نهائي للانسحاب).

وفي 2 نوفمبر أعلنت وزارة الدفاع أن الانسحاب يجب أن يستكمل في نهاية الشهر وكان الهدف الأصلي هو أن يتم انسحاب الأسلحة الضاربة ، وفي اليوم الأخير على أن تترك وراءها (ذيلا إداريا) يقوم بتغطية مؤخرتها ولكن سرعان ما تمخض الوضع الأمني المتردي في الجنوب العربي عن قرار سياسي بأن تكون جميع عناصر القوات المسلحة خارج البلاد في يوم الاستقلال.



الحرب الأهلية وتدخل الجيش

وأخيرا وفي 6 نوفمبر 1967م، بعد ثلاثة أيام من المعارك الأهلية قرر جيش الجنوب العربي أنه يجب أن يتدخل مرة أخرى قبل أن تمزق الفوضى والحرب الأهلية بلاده، وإعلان تأييده للجبهة القومية بصفتها الهيئة الأكثر تمثيلا للبلاد، وكان ذلك القرار هاما جدا، بالنظر لأنه كان العامل الأكثر حسمًا للوضع ، وصرح الجيش علنًا أن الجبهة القومية يجب أن تتكلم بلسان الشعب في هذه الساعة المصيرية.

ثم أعلن البريطانيون أن الموعد النهائي لانسحابهم من عدن قد تم تقديمه من 30 نوفمبر إلى 29 منه ومثّل ذلك لحظة النصر النهائية للجبهة القومية التي تحظى بتأييد الجيش وأغلبية الشعب، ربما لم تكن الجبهة القومية الحكومة الديمقراطية العريضة ولكنها كانت بدون منافس ، وفي الـ 25 م من نوفمبر كان بقي في عدن حوالي 3500 من أفراد القوات البريطانية ينتظرون إجلاءهم ، وحشدت البحرية الملكية قوة بحرية ضاربة لنقل آخر الجنود البريطانيين مثلما جلبتهم قبل 129 عاما ، وليلة 26 نوفمبر تحركت قوة من الجيش الاتحادي لتتولى السيطرة على الجزء الأكبر من المدينة ، ومع انبلاج فجر يوم 26 نوفمبر أدرك السكان في عدن أن استقلالهم لاح في الأفق وبدؤوا في تنظيم الاحتفالات الشعبية واحتفلت الجبهة القومية بإصدار إعلانها الخاص بالاستقلال وبدلت تسمية الجنوب العربي إلى (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وفي 29 نوفمبر قام المندوب السامي بآخر عمل له وألغى حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين.. وفي الساعة الثالثة عصرًا من يوم 29 نوفمبر كان (الليوتننت كولونيل داي مورجن) آخر بريطاني يغادر عدن.







ط´ظ…ط³ ط§ظ„ط¥ظ…ط¨ط±ط§ط·ظˆط±ظٹط© ط§ظ„طھظٹ ط؛ط±ط¨طھ ظ…ظ† ط¹ط¯ظ† "طھظ‚ط±ظٹط± ط®ط§طµ" | ط§ظ„ط£ظ…ظ†ط§ط، ظ†طھ