قراءة في شخصية زعيم الثورة الكندي الحضرمي طالب الحق

[أبو صلاح]

قراءة في شخصية زعيم الثورة الكندي الحضرمي طالب الحق

من الصور المعيبة التي ألحقها خصوم الحضارمة بأهل حضرموت ،وأنتشر كذبهم بينهم أنهم خوافون أو قوم ماسيبي ،و لا نكاد أن نجزم بتحديد زمانها ، ومن تولى كبرها وأصبحت من سلبيات التربية الخاطئة في المجتمع الحضرمي على الرغم من كونها دعاية مغرضة هدفها التثبيط في عزيمة الإنسان الحضرمي ،الذي لا التاريخ ولا المكان ولا الزمان ينكر شجاعة رجاله وقوة شكيمتهم الذين خرج منهم شخصيات نابغة ونادرة على المستوى العالمي لا المحلي ولا الإقليمي فقط ،و هم من أهل حضرموت وممن يشار لهم في المهمات والمدلهمات ، سواء كانوا في الأمانة أو الشجاعة أو القيادة والزعامة والشهامة ، وشخصيتنا هذه ،التي سأحاول قراءة نصوص تكونها من الداخل مثال يحتذى به في الكثير من الحركات الثورية في الماضي و العالم المعاصر ،بصرف النظر عن فكرها أكان خطأ أو صح في ميزان الاختلاف في الآراء والتنوع الفكري الذي عرف عند أوائل المسلمين حدث مثل هذا كثيراً عند المسلمين فحين شاخت الدولة الأموية ، وبداء التصدع في جوانبها من عهد الوليد بن يزيد ، حتى بلغ أوجه على عهد مروان بن محمد الملقب – مروان الحمار - الذي جاء بعده بعد خلعه عنوة من الحكم سنة 127 من الهجرة وكانت هذه السنوات من اشد السنوات خروجاً على طاعة بني أمية في أمصار شتى من بلاد المسلمين ، ولم تكن حضرموت البعيدة جداً من مركز الحكم في العاصمة دمشق تحكم إلا بواسطة حاكم ظالم مسلط عليها مركزه في صنعاء هو القاسم بن عمر الثقفي و أغلب الرعية غير راضيين عنه . وكان على حضرموت من قبل الأمويين إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي الذي كانت الظروف اكبر منه في تلك الأيام ، و بصفة عامة فقد أثقلت كواهل الناس في حضرموت المكوس و الضرائب المفروضة عليهم و الأوضاع السيئة من ظلم واضطرابات داخلية كانت حضرموت تعاني منه.فسرعان ماتقبل جمهور الحضارمة فكر الثوار والخروج من هذه المعاناة والإحساس بالظلم الواقع عليهم 0 قام عبد الله بن يحيى الملقب بطالب الحق وهو الإمام القاضي[ أبو يحيي] ، الذي ينتمي إلى قبيلة كندة صاحبة القوة الرفيعة النسب والمكانة ،وأحد دعاة المذهب الإباضي الذين قاموا بنشره بشكل نشط في جنوب الجزيرة العربية مجموعة من العلماء والفقهاء المنتمين لهذا المذهب منذ عهد الإمام جابر بن زيد الأزدي المتوفي سنة 92 هجرية إمام المذهب المشهور واحد تلاميذ أبن عباس رضي الله عنهما في مركز الدعوة بالبصرة 0 كان عبد الله بن يحي الكندي قاضياً ومتوليا القضاء في حضرموت قبل ثورة الإباضية عام 129 هجرية ، وقد أطلق عليه أنصاره لقب طالب الحق 0قال خليفة بن خياط في تاريخه:( وفي هذه السنة وهي سنة تسع وعشرين ومائة خرج عبد الله ابن يحيى الأعور الكندي الذي يسمى طالب الحق بحضرموت وعليها إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي، فأخرج إبراهيم منها من غير قتال، واجتمعت الأباظية إليه فبايعوه وعامة أصحابه أهل البصرة، ثم خرج إلى صنعاء وعليها القاسم بن عمر الثقفي وهو في ألفي رجل من الشراة، وخرج القاسم بن عمر وهو في نحو من ثلاثين ألفا0 ودخل صنعاء وخطب خطبته في جامع صنعاء الكبير , حيث قال : (000 إنّا ندعوكم إلى كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه وإجابة من دعا إليهما. الإسلام ديننا ، ومحمّد نبيّنا ، والكعبة قبلتنا ، والقرآن إمامنا. رضينا بالحلال حلالا لانبغي به بدلا ، ولانشتري به ثمناً قليلا ، وحرّمنا الحرام ونبذناه وراء ظهورنا ، ولاحول ولا قوّة إلاّ بالله وإلى الله المشتكى وعليه المعوّل ، من زنا فهو كافر ، ومن سرق فهو كافر ، ومن شرب الخمر ، فهو كافر ، ومن شكّ في أنّه كافر ، فهو كافر ، ندعوكم إلى فرائض بيّنات ، وآيات محكمات ، وآثار مقتدى بها ، ونشهد أنّ الله صادق فيما وعد ، عدل فيما حكم ، وندعوا إلى توحيد الرب واليقين بالوعيد والوعد ، واداء الفرائض ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والولاية لأهل ولاية الله ، والعداوة لأعداء الله." كان طالب الحق كما يلقبه أصحابه أول خليفة حضرمي بويع له ،غير قرشي ولا هاشمي في عصر صدر الإسلام ،وإن لم تطل مدة خلافته منذ قام بثورته المشهورة في التاريخ على بني أمية عام 129 من الهجرة إلا أن التاريخ العربي الإسلامي لم يغفل أن يذكره بأنه حضرمي شجاع قام لإنهاء الأوضاع المتردية من حكم بني أمية في حضرموت واليمن والحجاز حتى مقتله عام 130 من الهجرة في مكان خارج حضرموت وبعث برأسه إلى دمشق تأكيداً من الولاة الأمويين على أهمية راس هذا الرجل حتى وهو ميتا0 وفي كل الأحوال فهو زعيم حضرمي ثائر وصفه المؤرخون بالاجتهاد والسياسة والشجاعة والنبل، ثار على بني أمية, وتوجه من حضرموت بعد أن بويع له وجمع حوله الكثير من الأنصار الذين يتفقون معه في فكره وتوجهه العقائدي0 وظلت حضرموت تتمرد بين الفينة والأخرى منذ هذا التاريخ وما بعده ، الذي لم يكن في الحقيقة نهاية لثورة الأباضية بل بداية ثورات أخرى تكررت كلما شعر الحضارمة بالظلم واقع عليهم من الولاة خرج من صفوفهم زعماء آخرين كمثل أبو إسحاق إبراهيم بن قيس الحضرمي وغيرهم في التاريخ كثير؛ رغم قساوة وبطش خصومهم الذين تجاوزت أعمالهم الحد؛ فقتل صبيانهم - اي الحضارمة - وبقر بطون نسائهم في شبام والهجرين ودمون وتريم وغيرها من الأماكن ، وأتلفت أموالهم وخربت مصالحهم ، ونهبت مدنهم و قراهم ،وظلوا يثورون كلما أحسوا بالظلم واقع عليهم عبر السنين.