المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الدين والحياه > سقيفة الحوار الإسلامي
سقيفة الحوار الإسلامي حيث الحوار الهادئ والهادف ، لا للخلاف نعم للإختلاف في وجهات النظر المثري للحوار !!


موسوعة صوفية حضرموت

سقيفة الحوار الإسلامي


إضافة رد
قديم 04-27-2009, 01:56 PM   #1
الواثق بالله
شاعر السقيفه

افتراضي موسوعة صوفية حضرموت

[
هذه هي الصوفية
في حضرموت

جمعها
الشيخ : علي بابـكــــر

قـدَّمَ له
الشيخ : علوي بن عبـد القـادر السقاف
الشيخ : أبو بكــر بن هـدار الهــدار
الشيخ : صالح بن بـخيـت مولى الدويلة


مقدمة الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد بن عبد الله القائل : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " والقائل : " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عَـضُّّـوا عليها بالنواجذ " وعلى آله الطاهرين وأصحابه أجمعين. وبعـد
فقد أطلعني الأخ الشيخ علي بابكـر – وفقه الله على رسالة مختصرة عن صوفية حضرموت وهالني ما نقله عن كتبهم بالجزء والصفحة من قصص وروايات يأباها الله ورسوله والمؤمنون الموحدون ، وما فيها من نسبة خصائص الربوبية للمخلوق ، ومن ذلك :
1- نفخ الروح في الجمادات ! والله عز وجل يقول : { قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } سورة الإسراء آية 85 .
2- إحياء الموتى ! والله عز وجل يقول : { ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي ويميت الموتى وأنه على كل شيء قدير } سورة الحج آية 6 .
3- القول للشيء كن فيكون ! والله عز وجل يقول عن نفسه : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } سورة يس آية 82 .
4- ادعاء علم الغيب ! والله عز وجل يقول : { عالم الغيب فلا يُـظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول } سورة الجن آية 26 – 27 . قال : { من رسول } ولم يقل من ولي أو صالح.
5- شفاء المرضى ! والله عز وجل يقول عن لسان إبراهيم الخليل عليه السلام : { وإذا مرضت فهو يشفين } سورة الشعراء آية 80 .
6- ضمان الجنة للمريد ! ومحو سيئاته من اللوح المحفوظ ! ونحو ذلك.

كل هذا وغيره من قصص وروايات أخرى – لا يسندها نقل ولا يقبلها عقل – نقلها الشيخ في رسالته هذه ، وهي كفر بواح لا يشك في ذلك مسلم موحد ، لا يجوز اعتقادها ولا روايتها إلا على سبيل التهكم أو الرد عليها . وما هذا الأمر الذي وصل إليه الناس هناك إلا بسبب الهوى والجهل والبعد عن الكتاب والسنة . وإن كنت أختلف مع المؤلف فيما كرر مراراً من أن كل هذا دافعه المادة البحتة أو أنها دعايات للتسويق ولتنشيط السياحة الدينية لجذب أكبر عدد ممكن من الزوار – على حد تعبيره – ولعل أصحابها بريئون من نسبتها إليهم ، فقد كُـذب على الرسل والأنبياء من قبل. وعلى أحفادهم وأتباعهم التبرؤ منها ونفي نسبتها إليهم وعدم روايتها على سبيل التصديق ، وأقل حقوق الآباء على الأبناء أن ينفوا عنهم الكفر ويبرئوهم منه وهذا من برِّهم ، فليس من الفخر بشيء أن يكون جد المرء يدَّعي إحياء الموتى أو علم الغيب أو أنه يقول للشيء كن فيكون ، والعياذ بالله.
وإني أدعو أبناء السادة في حضرموت وغير حضرموت إلى الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه جدهم محمد بن عبد الله ، على نهج سلفهم الصالح أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه
علوي بن عبد القادر السقاف
غرة صفر من عام 1424 هـ

البريد الإلكتروني : [email protected]



مقدمة الشيخ أبي بكر بن هـدار الهـدار
الحمد لله رب العالمين ونصلي ونسلم على المبعوث رحمةً للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على نهجهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين ، أما بعد
فقد اطلعت على رسالة الشيخ علي بابكر الموسومة ( هذه هي الصوفية في حضرموت ) فـألـفـيـتها جيدةً في بابها ، نافعة في محتواها ، فقد عَـرَّت هؤلاء المتصوفة مما يدَّعون به من كرامة ، وكشفت عوارهم وبينت ضلالاتهم ، ونبـرأ إلى الله من ذلك.
وإن كنت أتفق مع الشيخ علي بابكر فيما حكاه عن أحوال هؤلاء الضُّـلال فإني أختلف معه في السبب الذي أدى بهم إلى هذه الحال.
فلعل الجهل المتراكم أعواماً مديدة وسنين متطاولة أدى بهم إلى هذه الحال ، أضِفْ إلى ذلك قِلّـة العلماء الربانيين أصحاب العقيدة الصحيحة.
ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُـلى أن يردنا وإياهم إلى الحق وأن يلهمنا رشدنا ، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتبه
أبو بكر بن هـدار الهـدار بن أحمد الهـدار
حضرموت – عينات
جمادى الأولى 1424 هـ

مقدمة الشيخ صالح بن بخيت بن سالم مولى الدويلة
الحمد لله الذي هدانا للإسلام { وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } وعلمنا الحكمة والقرآن ، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس ، وألبسنا لباس التقوى خير لباس. أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من مخلوقاته ، خير الناس للناس ، سراج وهاج ونور ونبراس ، ورحمة وإيناس. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ، وبـعـــد :
فإن بلاء التصوف قد عـمَّ وطـمَ ، وشرّق وغرّب في الأمم حتى لا يكاد يخلو منه سهل ولا أكم ، وهذا وإن كان نذير شؤم ومؤشر انحراف ، فإنه عند أهل الجهل والغفلة معيار تصحيح واعتراف ، وليس المقامُ مقام بيان فساد هذا الميزان. وحسبي ما جـاء في القرآن : { وأن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } النساء : 116 ، وقوله سبحانه : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } يوسف 103.

كما أنني لا أعني بهذا البلاء تصوف الموالد والحضرات ، فهو أحقر وأظهر من التصدي لكشف زيفه وبيان بطلانه وانقطاعه عن دين الله وهَـدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا تصوف السلوك والرياضة والأخلاق [ قال أبو بكر الكتاني : " التصوف خُـلـق فمن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في التصوف ". مدارج السالكين 1/ 499 ] ، فهو مشترك بين أمم الأرض ، مطلوب عند عقلاء العالم ، والناس فيه بين مقصر ومشمَّـر ، سار فيه الموفقون المهتدون على درب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، الذي أدَّبه ربُّـه فأحسن تأديبه ، وزكّـاه وحلاه : { وإنك لعلى خلقٌ عظيم } القلم :4 ، وامتطى غيرهم سبلاً ومذاهب فأساءوا وأحسنوا ، وأصابوا وأخطئوا { قل كلٌ يعمل على شاكلته } الإسراء : 84 .

ولا أعني صوفية الزهد ، فأهل الزهد أكرم وأتقى وأنقى ، جاعوا واحتفوا ، وتخلوا واختفوا " إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يُـؤذن له ، وإن شفع لم يُـشَفَّـع " [ رواه البخاري في صحيحه في عدة مواضع رقم 6453 ، 2886 ، 2887 ] ، يعدون الكرامة إنذارً وتخويفاً ، والحفاوة استدراجاً ، والثناء بلاءً وفتنة ، فإن أُوتوا فمن سوء الفهم تارة ، ومن غلبة الطبع أو الحال الأخرى ، فكل من أحبهم فإن الحق أحب إليه منهم ، يؤخذ من قولهم ويُـترك ، ولا يدّعون لأنفسهم العصمة ولا تُدعى لهم إلا من مُخرِّف أو مُحرِّف.
إنما أعني صوفية البــلاء والعــنـاء ، الذين يتـسـتـرون بـما سـبـق من مظاهـر ، ويضمـرون خـلاف الظاهــر { ولتعرفنهم في لحن القول } محمد : 30 ، { لِمَ تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون } آل عمران : 71.
صوفية الوثنية وركام الديانات الشـركية ..
صوفية الحلول والاتحـاد ، والجـرأة والإلحـاد ..
صوفية الدجـل والخـرافة والخلل ..
عمدوا إلى أديان الناس وعقولهم فطلبوا إلغائها واجتهدوا في طمس معالمها ، ثم تنافسوا بعد ذلك إدارة الكون ، وإعادة التشريع وبناء المشاهد وصرف الناس إليها. منافسة تبلغ حد الجنون أو تجاوزه ، لدرجة ادعاء بعضهم القدرة على تغيير ما في اللوح المحفوظ ، وآخر القدرة على إطفاء النار وإغلاق الجحيم ، والثالث منادمة رب العالمين ومزاحمته على عرشه العظيم ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، في أقوال وأفعال لا يمكن صدورها عن رجل عاقل فضلاً عن مسلم عالم أو فاضل.
وعن داود بن صبيح قال : قلت لعبد الرحمن بن مهدي : يا أبا سعيد إن ببلدنا قوماً من هؤلاء الصوفية ؟ فقال : لا تقرب من هؤلاء ، فإنا قد رأينا من هؤلاء قوماً أخرجهم الأمر إلى الجنون ، وبعضهم إلى الزندقة. [ المنتقى من تلبيس إبليس للإمام ابن الجوزي – علي حسن بن عبد الحميد ص 280 ]
وما يزيد الطين بله والمرض علة ، نسبة أقوالهم الباطلة وأفعالهم العاطلة إلى من لهم سَـبْـق إلى الدين أو فضيلة اختصهم بها الله رب العالمين ، كنسبة هذا العبث والتخليط للأئمة من أهل البيت. وكل ذلك لترويج الباطل وزخرفته ، وأهل الحق من أهل البيت كغيرهم من طالبيه وقاصديه على منهج خير القرون متبعين مقتدين لا مبتدعين ولا مخترعين ، أحرص الناس على السنة ، وأكثرهم عناية بها ، وهم أولى بها وأهلها ، فمن دارهم خرجت ، وعلى أيديهم برزت ، ثم هم بعد ذلك كغيرهم في غير ما اختصهم الله به ، فيهم العالم والجاهل ، والراشد والضال ، والمهتدي والمنحرف ، بل المسلم والكافر ( ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ) ونسبهم أدنى للتكليف من التشريف ، وتقصيرهم ي نشر السنة والذبِّ عنها يجلب لهم الذم والتأفيف.
أما الكرامات وهي مدار هذه الرسالة اللطيفة فهي كغيرها من أبواب العقائد التي انقسم فيها الخلق إلى غالً ومُجحف ، ومُشَّـرَّق ومُغَرَّب ، ومُُـثْبت ومُـنكَر( وكلا طرفي قصدِ الأمور ذميمُ ) والحق دائماً بين الغالي فيه والجافي عنه ، إلا أن النقص دخل على أهل التصوف في هذا الباب من جهات منها :
أولها : مباهاتهم بها وادعاءاتهم فيها ، والأصل في أهل العلم والدين الخوف واحتقار النفس ، كما هو غالب على حال السلف الصالح رحمهم الله كما قال عمر رضي الله عنه : " والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه " [ رواه البخاري في صحيحه رقم 3692 ]
أما هؤلاء فلا تكاد تصدق أن المتكلم بها من أهل الإسلام والاستسلام ، والإجلال والاحترام لله رب العالمين ، وتأمل : عن أبي يزيد البسطامي قال : وددت أن قد قامت القيامة حتى أنصب خيمتي على جهنم . فسأله رجل ولم ذاك يا أبا يزيد ؟ قال : إني أعلم أن جهنم إذا رأتني تخمد فأكون رحمة للخلق. [ ذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس ، انظر المنتقى النفيس ص 457 ]

ثانيها : لعبهم وعبثهم فيها ، حتى عادت في كثير من الأحيان خاضعة للتشهي والتذوق ، وكأن أحدهم في مطعم أو نُـزُل يطلب ما يشاء مستخدماً لا مستجدياً ، قال النوري : كنت بالرقة فجاءني المريدون الذين كانوا بها وقالوا : نخرج نصطاد السمك ، فقالوا : يا أبا الحسين هات من عبادتك واجتهادك وما أنت عليه من الاجتهاد سمكة يكون فيها ثلاثة أرطال لا تزيد ولا تنقص. فقلت لمولاي : إن لم تخرج إليَّ الساعة سمكة فيها ما قد ذكروا لأرمِـيَـنَّ بنـفـسي في الفرات ، فخـرجت سمكة فوزنتها فإذا فيها ثلاثـة أرطال لا زيادة ولا نقصان. [ المصدر السابق ص 466 ]
وإنما دخل عليهم هذا من جهة جهلهم بالحكمة من الكرامات [ أو نفيهم لها كما هي عقيدة الأشاعرة ] ، وأن المقصود بها إنما هو نصرة الدين وإقامة السنة وتأييد ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، لا العبث والتشهي وفرد العضلات وتخويف العامة وكسب الجاه وترويج السياحة الدينية ....

ثالثها : سرقة الكرامات ، ولك أن تطالع التراث الصوفي في عصور وأماكن مختلفة لترى كيف تدور كراماتهم حول قضايا متشابهة تختلف فيها الأسماء والأماكن وتتفق فيها الأحداث والوقائع ، فالحادثتان المتقدمتان تراهما عند صوفية حضرموت أو السودان أو مصر أو المغرب ... أو عند الجميع . [ انظر أمثلة على ذلك في كتاب أولياء الله بين المفهوم الصوفي والمنهج السلفي – للشيخ عبد الرحمن دمشقية ص 157 ]

رابعها: انتحال الكرامات وتوهمها ، ( فمن العباد من يرى ضوءاً أو نوراً في السماء ، فإذا كان في رمضان قال : رأيت ليلة القدر ، وإن كان في غيره قال : قد فُتحت لي أبواب السماء.
وقد يتفق له الشيء الذي يطلبه فيظن ذلك كرامة وربما كان اختباراً ، وربما كان من خِدَع إبليس ، والعاقل لا يساكن شيئاً من هذا ولو كان كرامة ) [ المنتقى النفيس ص 517 ] ، وكل هذا نِتاج العناية الزائدة التي أولاها هؤلاء الصوفية بالكرامات فجعلوا غاية المريد منهم طلب الكرامة ، وكانت وما زالت عناية الصالحين بطلب الاستقامة لا بطلب الكرامة.
وقال ابن الجوزي رحمه الله : " وقد لـبّـس إبليس على قوم من المتأخرين فوضعوا حكايات في كرامات الأولياء ليشيدوا بزعمهم أمر القوم ، والحق لا يحتاج إلى تشييد بباطل فكشف الله تعالى أمرهم بعلماء النقل. اهـ [ المنتقى النفيس ص 517 ] ، بل تمادوا في ذلك فادّعوا ما لا يصلح إلا لله تعالى ، من معرفة الغيب والاطلاع على اللوح المحفوظ وقراءته سطراً سطراً ، وتسيير الكون والتصرف في أفلاكه ، أو ارتكبوا المحرمات وجعلوها كرامات .
وقال ابن الجوزي رحمه الله أيضاً : وعن عبد العزيز البغدادي قال : كنت انظر في حكايات الصوفية فصعدت يوماً إلى السطح فسمعت قائلاً يقول : { وهو يتولى الصالحين } فالتفت فلم أرى شيئاً ، فطرحت نفسي من السطح فوقفت في الهواء . قلت : هذا كذب محال ، لا يشك فيه عاقل ، فلو قدّرنا صحته فإن طرح نفسِـه من السطح حرام ، وظنه أن الله يتولى من فعَلَ المنهي عنه باطل ، فقد قال تعالى : { ولا تُـلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فكيف يكون صالحاً وهو يخالف ربه ؟ وعلى تقدير ذلك من أخـبره أنه منهم ؟؟ وقد اندس في الصوفية أقـوام تـشبّـهوا بهم وشطحـوا في الكـرامات وادعائها واظهروا للعـوام مخـاريـق صادوا بها قـلوبـهم. [ المصدر السابق ص 527 ]

خامسها: جعلها شرطاً أو دليلاً على الولاية ، والتوصل بذلك إلى تعظيم أصحابها في القلوب وتمرير أو تبرير أو تقرير ما يقولونه ويفعلونه. قال ابن تيمية رحمه الله : وكثير من الناس من يخلط في هذا الموضع فيظن شخصاً أنه ولي لله ، ويظن أن ولي الله يقبل منه كل ما يقوله ويسلم إليه كل ما يفعله ، وإن خالف الكتاب والسنة ، فيوافق ذلك الشخص ويخالف ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، والذي فرض الله على جميع الخلق تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر وجعله الفاروق بين أوليائه وأعدائه ، وبين أهل الجنة وأهل النار ، وبين السعداء والأشقياء ، فمن تبعه كان من أولياء الله المتقين وجنده المفلحين وعباده الصالحين ، ومن لم يتبعه كان من أعداء الله الخاسرين المجرمين ، فتجره مخالفة الرسول وموافقة ذلك الشخص ، أولاً : إلى البدعة والضلال ، وآخراً : إلى الكفر والنفاق ، ويكون له نصيب من قول الله تعالى : { ويوم يعض الظالم على يديه ويقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً * يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلاناً خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعـد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا } .....
وقال رحمه الله : وكل من خالف شيئاً مما جاء به الرسول مقلداً في ذلك لمن يظن أنه ولي لله ، بنى أمره على أنه ولي لله ، وأن ولي الله لا يخالف في شيء ، ولو كان هذا الرجل من أكبر أولياء الله ، كأكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يقبل الله منه ما خالف الكتاب والسنة فكيف إذا لم يكن كذلك ؟
وتجد كثيراً من هؤلاء عمدتهم في اعتقاد كونه ولياً أن قد صدر عنه مكاشفة في بعض الأمور أو بعض التصرفات الخارقة للعادة مثل : أن يشير إلى شخص فيموت أو يطير في الهواء إلى مكة أو غيرها ، أو يمشي على الماء أحياناً ، أو يملأ إبريقاً من الهواء ، أو ينطق بعض الأوقات من الغيب ، أو يختفي أحياناً عن أعين الناس ، أو أن بعض الناس استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاء فقضى حاجته ، أو يخبـر الناس بما سُـرِقَ لهم أو بحال غائب لهم أو مريض ، أو نحو ذلك من الأمور ، ما يدل على أن صاحبها وليٌ لله ، بل لقد اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء أو مشى على الماء لم يُـغتر به حتى يُنظر متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقته لأمره ونَـهْـيهِ.
وكرامات أولياء الله تعالى أعظم من هذه الأمور ، وهذه الأمور الخارقة للعادة وإن كان صاحبها ولياً لله فـقـد يكون عدواً لله ، فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين وتكون لأهل البدع وتكون من الشياطين ، فلا يجوز أن يُـظَن أن كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي لله ، بل يُـعتبر أولياء الله بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة ، ويُـعرفون بنور الإيمان والقرآن وبحقائق الإيمان الباطنة وشرائع الإسلام الظاهرة ... اهـ [ الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( ويا له من كنز ) ص 163 – 169 باختصار ]
وقد نقلته بطوله لنفاسته وكفايته ، فإن المحظور في كثير من الأحيان ليس فيما يُحكى من الكرامات ، وإن كانت مليئة بالمنكرات ، لكن المحظور هو فيما يُبنى عليها من التشريعات والاستغاثات والزيارات والمقامات والتجمعات والمنامات والحكايات .. وهم يهولون بها ويشغلون الناس بعجائبها للتوصل إلى ترويج شركياتهم وبدعهم ( فاحذروهم )
وقد عمد الشيخ علي بابكر وفقه الله في هذه الرسالة إلى مجموعة من المخاريق والخرافات والدعاوى والمنكرات المنسوبة أو المسروقة – كما مر معنا – أو المذكورة بأسانيد مجهـولة ، فأبرزها ولسان حاله فيما اعتقد قول ابن الجوزي رحمه الله ( فإن كان ذلك صحيحاً عنهم توجب الرد عليهم ، إذ لا محاباة في الحق ، وإن لم يصح عنهم حذرنا من مثل هذا القول ، وذلك المذهب من أي شخص صدر ... والله يعلم أننا لم نقصد ببيان الغلط إلا تـنـزيه الشريعة والغيرة عليها من الدخل ، وما علينا من القائل والفاعل ، وإنما نؤدي بذلك أمانة العلم ، وما زال العلماء يبين كل واحد منهم غلط صاحبه قصداً لبيان الحق لا لإظهار عيب الغالط ، ولا اعتبار بقول جاهل يقول : كيف يرد على فلان الزاهد ... لأن الانقياد إنما يكون إلى ما جاءت به الشريعة لا إلى الأشخاص ، وقد يكون الرجل من الأولياء وأهل الجنة وله غلطات فلا تمنع منزلته بيان زللــه ... اهـ ) [ المنتقى النفيس ] .

وليس إقناع كثير ممن تشربت قلوبهم هذه الضلالة ضروري عند المؤلف – في ظني – وإنما قصد كشف زيفهم وتعرية باطلهم لأهل الفطر السليمة والعقول المستقيمة ممن غره كلام بعضهم وزخارف قولهم. أما هم فكما حكى ابن الجوزي أيضاً عن شيخهم القشيري قوله : " وحجج الصوفية أظهر من حجج كل أحد ، وقواعد مذهبهم أقوى من قواعد كل مذهب ، لأن الناس إما أصحاب نقل وأثر ، وإما أرباب عقل وفكر ، وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة .. " [ المصدر السابق ] فهم بلا عقل ولا نقل ، فكيف يُرجى رشاد من كشف عن حاله بسيئ مقاله ، كفى الله الشريعة شر هذه الطائفة.
" فمن أحب النجاة غداً ، والمصاحبة لأئمة الهدى ، والسلامة من طريق الردى ، فعليه بكتاب الله ، فليعمل بما فيه ، وليتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته ، فلينظر ما كانوا عليه ، فلا يعدوه بقول ولا فعل ، وليجعل عبادته واجتهاده على سننهم ، وسلوكه في طريقهم ، وهمته في اللحاق بهم ، فإن طريقهم هو الصراط المستقيم الذي علمنا الله سبحانه سؤاله ، وجعل صلاتنا موقوفة على الدعاء به فقال سبحانه : { اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم * ولا الضالين } آمين.
فمن شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على الصراط المستقيم فقد مرق من الدين ، وخرج من جملة المسلمين ، ومن عَلِمَ ذلك وصدق به ورضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ، وعلم أن الله تعالى قد أمرنا باتباع نبيه بقوله سبحانه : { واتبعوه لعلكم تهتدون } الأعراف : 158 وغير ذلك من الآيات ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " وقوله صلى الله عليه وسلم : " خير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها " فما باله يلتفت عن طريقه يميناً وشمالاً ، وينصرف عنها حالاً فحالآ ، ويطلب الوصول إلى الله سبحانه من سواها ، ويبتغي رضاه فيما عداها ؟ أتراه يجد أهدى منها سبيلاً ويتبع خيراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم دليلاً ؟ كلا لن يجد سوى سبيل الله سبحانه إلا سبيل الشيطان ، ولن يصل من غيرها إلا إلى سخط الرحمن ، قال الله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } الأنعام : 153، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خط خطاً مستقيماً فقال : " هذا سبيل الله " وخط خطوطاً فقال : " هذه سُبل الشيطان وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه من أجابهم إليها قذفوه في النار " [ رواه أحمد والنسائي ] ، أو كما جاء في الخبر ، فأخبر أن ما سوى سبيل الله هي سُـبُـل الشيطان ، ومن سلكها قُـذِفَ به في النار ، وسبيل الله التي مضى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولياؤه والسابقون الأولون ، واتبعهم فيها التابعون بإحسان إلى يوم الدين ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم ، فمن سلكها سَعُـد ، ومن تركها بَِـعُـد.
وطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وأخلاقه وسيرته وما كان عليه في عبادته ، وأحواله مشهور بين أهل العلم ، ظاهر لمن أحب الاقتداء به واتباعه وسلوك منهجه ، والحـق واضح لمن أراد الله هدايته وسلامته و{ من يهد الله فهو المهتد ومن يُضلل فلن تجد له ولياً مرشدا } الأعراف : 178 [ رسالة في ذم ما عليه أهل التصوف للإمام عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ص 18 – 20 ] وقد استكتب المؤلف – وفقه الله – الفقير هذه المقدمة على قلة البضاعة حباً لأهل البيت ، وغيرة عليهم أن يروج الباطل والبدع والخرافة باسمهم ، وفصلاً بين الأديان والأقوال والأنساب والأحساب.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعله ملتبساً علينا فنَضِل ، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على الرحمة المهداة ، المنة المسجاة محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

صالح بن بخيت بن سالم مولى الدويـلة
.[/ALIGN][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
26 / / 1424 هـ

التعديل الأخير تم بواسطة الواثق بالله ; 04-27-2009 الساعة 01:59 PM
  رد مع اقتباس
قديم 04-27-2009, 02:02 PM   #2
الواثق بالله
شاعر السقيفه

افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل : { وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبل المجرمين } [ الأنعام : 55 ] والقائل : { يا أيها الذين آمنـوا إن كـثـيراً من الأحـبار والرهبــان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصـدون عن سبـيـل الله } [ التوبة : 34 ]
والصلاة والسلام على رسول الله القائل : " إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين " رواه أبو داود في سننه ، وهو حديث صحيح والقائل : " دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها " فقال حذيفة وهو رواي هذا الحديث : من هم يا رسول الله ، صفهم لنا ؟ قال : " قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا " رواه مسلم .
وبعد : فهذه رسالة مختصرة فيها بيان شيء من عقائد الصوفية في حضرموت أخذناها من كتبهم ومصادرهم.
وفي هذه المقدمة أذكر لك أخي القارئ بعض الأمثلة على ما عند الصوفية من عقائد وأفكار.
المثال الأول : جاء في كتاب تذكير الناس بكلام أحمد بن حسن العطاس الذي جمعه : أبو بكر العطاس بن عبد الله بن علوي الحبشي سنة 1393هـ ، ما نصه : وحكى سيدي رضي الله عنه ( ) عن الحبيب عبد الله بن عمر بن يحي أنه لما وصل إلى مليبار دخل على الحبيب علوي بن سهل ، فرأى في بيته تصاوير طيور وديكة وغيرها .
فقال : يا مولانا إن حدكم صلى الله عليه وسلم يقول : " يكلف الله صاحب التصاوير يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح "
فقال له الحبيب علوي : عاد شيء غير هذا ؟ ( )
فقال : لا
قال : فنفخ الحبيب علوي تلك التصاوير ، فإذا الديكة تصرخ والطيور تغرد.
فسلم له الحبيب عبد الله بن عمر له حاله. اهـ. [ تذكير الناس بكلام أحمد العطاس ص 155 ]
سبحان الله العظيم !! ذكرتني هذه القصة بالنمرود الذي حاج نبي الله إبراهيم عليه السلام وادعى أنه يحي ويميت { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القـوم الظالمين أو كالذي مـر على قـرية وهي خـاوية على عـروشها قال أنّى يحي هـذه الله بـعـد
موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم } [ البقرة 258 – 260 ]

تأمل معي أخي القارئ هذه القصة ، عندما دخل الرجل على الولي المزعوم ورأى عنده المنكر معلقاً في بيته ، فأنكر عليه وذكره بالحديث : " من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ " ولاحظ قوله : " وليس بنافخ " .
وقد ورد أحاديث كثيرة في ذم التصاوير مثل حديث " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون " وحـديـث " لعن الله المصورين " وفي الحديث القدسي " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا حبة ، فليخلقوا ذرة ، فليخلقوا شعيرة " أو كما قال.
وذات مرة دخل النبي صلى الله عليه وسلم على حجرة عائشة فرأى عندها تصاوير في نمرقة ، فوقف على الباب ولم يدخل ، قالت عائشة : فرأيت الغضب والكراهية في وجهه ، فقلت : أتوب إلى الله يا رسول الله ماذا أذنبت ؟ قال : " ما بال هذه النمرقة ؟ " قلت وسادة أتيت بها لك لتوسدها وترقد عليها ، فقال يا عائشة : " إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، يقال لهم أحيوا ما خلقتم " ثم قال : " إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلباً أو صورة " قالت عائشة : فمزقت التصاوير. [ رواه البخاري ]
فكان الواجب على هذا الحبيب لما نُصح وذُكر بالحديث أن يستجيب لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ويزيل هذه الصور إن كان من الصالحين { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون } [ الأنفال : 24]
ولكنه رد بسوء أدب على حديث النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : عاد شيء غير هذا ؟
هل هذه من أخلاق الصحابة ؟
هل هذا من أخلاق المؤمنين ؟
إنهم لا يتأدبون مع أحاديث نبيهم.
ثم بعد ذلك نفخ في تلك التصاوير ، فإذا الديكة تصرخ الطيور تغرد.
فأقول أولاً : ألا لعنة الله على الكاذبين.
ولاشك عندي أن هذه القصة مكذوبة ، لأن القوم معروفون بالكذب ولا يتورعون ، وإن صحت هذه القصة فهذا الولي المزعوم ساحر ، وسحر عين الناصح وخيل له أن الديكة تصرخ والطيور تغرد.
ولا يغرنك أقوال أتباعهم إن هذا من باب كرامات الصالحين.
وكيف يكون صالحاً وهو الآن عاص مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم وتعليقه للتصاوير.
فإذا كان عاصياً ومخالفاً لأمر محمد صلى الله عليه وسلم ، ومرتكباً لنهي شرعي كيف يكرمه الله بإحياء الموتى !!!
لاشك أن هذه القصة من أقوال الكاذبين أو من أفعال الساحرين.
ثم قال في نهاية القصة : " فسلم الحبيب عبد الله له حاله "


هذا الذي يريدونه ، هم فساق وأصحاب معاصِ ويتظاهرون بالولاية ، ويريدون من الناس ألا ينكروا عليهم وأن يسلموا لهم الأحوال الشيطانية ، ويتذرعون بأن أفعالهم من باب كرامات الصالحين.
والمعروف من سيرتهم أن الصلاح في واد وهم في واد ، والصلاح ليس مجرد دعوى يدعيها الإنسان ، يدعي أنه من الصالحين وأعماله وسيرته تخالف ذلك.
ثم أن الكرامات ليست كالسحر بيد الساحر كلما أراد إظهاره أظهره ، وإنما هي شيء من عند الله يكرم بها أولياء لا قصد لهم فيه ، ولا تحدي ولا قدرة ولا علم.

المثال الثاني : في كتاب الجواهـر في مناقـب الشيخ أبي بكر( ) تاج الأكابـر ، طبعة دار الفكر الحديث بالقاهـرة ص 28 الذي جمعه عبد الله بن أحمد الهدار سنة 1391هـ ، وهو الحفيد الرابع للمترجم له .

تكلم المؤلف المذكور عن صاحب الترجمة الشيخ أبي بكر بن سالم وذكر اسمه وتاريخ ميلاده ، وذكـر مشايخه ، ثم ذكـر ثـنـاء العلماء المعاصرين له ثم ذكـر فصلاَ بعنوان : ثناء العلماء عليه قبل ميلاده كـشـفـاً
حيث يقول تحت هذا العنوان

ثناء العلماء عليه قبل ميلاده كشفاً
إن ممن أثنى عليه قبل وجوده السيد الولي المكاشف العارف بالله أحمد بن علوي المجذوب بن عبد الرحمن السقاف القاطن بمريمة والمقبور بتريم ، وقد كان يأتي حافة عينات قبل عمارتها بالجهة الغربية وهي أشجار سلم شائكة وأحجار كثيرة ظاهرة ومطمورة ويقف فيها ويقول يولد لنا مولود ، ويكون كبير القدر ويسكنها ويعين
مساجدها ومحل صلاته كما في فيض الأسرار. وفي الزهر الباسم في ربا الجنات لمؤلفه العلامة المحقق الشيخ عبد الله بن أبي بكر قدري باشعيب ، قال فيه : إن السيد أحمد بن علوي المذكور يقول : هذا مسجده ويصلي فيه ويسكن هذا المكان ويشير إلى مواضع منه وهذه بيوته ومساكنه ، فبنى المسجد والبيوت في المواضع المشار إليها ، وفي مجموعة السيد العلامة الكبير الإمام علي بن محمد الحبشي جاء ملخصاً قال : أن مقدمة تربة المصف بقسم الإمام العارف بالله صاحب الكشف الجلي الخارق الحبيب محمد بن أحمد جمل الليل يشيـر إلى عينات ، وصاحب الترجمة قائلاً سيكون هاهنا ويشير إلى عينات أولادنا ومزارات وقباب وهذا كله قبل ميلاد المترجم له رضي الله عنهم أجمعين.
وقال شيخ الحقيقة وإمام الطريقة سلطان كل الأولياء في وقته الحبيب أبو بكـر بن عبد الله العيدروس صاحب عدن:
بدر السعادة قد قرب طلوعه وسوف يظهر
إذا بدا كل الشـهب تطيـعــــه ولو تـأخـــــــر
غصن زكا أصله مع فروعه وزهره أثمـــر
وأراد به صاحب الترجمة ، وقال بعضهم غيره من جهة الكشف الرباني . وقال الشيخ أبو بكر تحدثاً بالنعمة وتأييداً لكشف هؤلاء الأئمة قصيدة له نفع الله به إقراراً واعترافاً:
قد نـار في الكونيـن نـور بدري وقد ذكر فضلي قبيـل ذكري
[ الجواهر في مناقب الشيخ أبي بكر بن سالم تاج الأكابر ص 27 ]

الله أكبر يا عباد الله ، أبو بكر بن سالم المولود سنة 919 هـ بتريم أثنى عليه العلماء قبل ولادته ، وما هي أعمال أبي بكر بن سالم الخالدة ؟ هل جاهد الروم والفرس وكسر شوكتهم ؟ هل أقام الخلافة الإسلامية ؟ هل انشق له البحر كما انشق لموسى عليه الصلاة والسلام وبني إسرائيل ؟
وهل حصل هذا الكلام لمن هو أفضل منه من أمثال الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله وغيره من أئمة الهدى أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وصلاح الدين الأيوبي ؟
ثم هؤلاء الذين أثنوا عليه قبل ولادته ، هل أوحي إليهم من السماء بهذا ؟
الجواب : لا وألف لا ، لأن الوحي انقطع بموت الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو خاتم الأنبياء والرسل فلا نبي بعده.
إذاً كيف علموا بهذا ؟
هل هم يعلمون الغيب ؟
قال تعالى : { قـل لا يعلم مـن في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون } [ النمل : 65 ] وقال عز وجل :{ وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ، ويعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } [ الأنعام : 59 ] وقال سبحانه : { قـل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك ، أن أتبع ما يوحى إلى ، قـل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون } [ الأنعام : 50 ] وقال سبحانه : { قـل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شـاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء } [ الأعراف : 18 ]
وروى الإمام البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : " مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله ، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله "

تأمل قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " ولا يعلم ما في غد إلا الله " ، وإذا كان رسول البشرية الصادق الأمين يقول لا يعلم ما في غـد إلا الله فكيف يدعي عبد الله الهدار أن هناك من أثنى على أبي بكر بن سالم قبل ولادته وقبل خروجه من بطن أمه. ( )

والله الذي لا إله إلا هو لولا أن هذا الدجل مكتوب أمام عيني لما صدقت أن عاقلاً يتفوه به فضلاً عن أن يكتبه في كتاب ويوزعه على الناس.
قال أبو حيان الأندلسي صاحب التـفـسيـر المحيط عند تـفـسيـر قوله تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هـو } : حصر أنه لا يعلم تلك المفاتح ولا يطلع عليها غيره تعالى ، ولقد يظهر من هؤلاء المنتسبة إلى الصوف أشياء من ادعاء المغيبات والاطلاع على علم عواقب أتباعهم وأنهم في الجنـة مقطوع لهم ولأتباعهم بها ، ويخبرون بذلك على رؤوس المنابر ، ولا ينكر ذلك أحد ، هذا مع خلوهم عن العلوم ، ويوهمون أنهم يعلمون الغيب ، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها : " ومن زعم أن محمداً يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله تعالى يقول : { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } ".
وقد كثرت هذه الدعاوى والخرافات في ديـار مصر وقام بها ناس صبيان العقول يسمون بالشيوخ ، عجزوا عن مدارك العقول والنقل وأعياهم طلاب العلم:

فارتموا يدعـون أمـراً عظيـماً لـم يكـن للخـليـــل ولا للكليـــم
بينـما المرء منهم في انسـفـال أبصر اللوح وما به من رقــوم
فجنـى العلـم منـه غضاً طريـاً ودرى ما يكــون قـبل الهـجـوم
إن عـقـلي لـفي عـقـال إذا مـــــا أنـا صدقت بافـتــراء عظيــم اهـ
[تفسير البحر المحيط 4 / 534 ]
المثال الثالث : ذكر صاحب المشرع الروي( ) [ 2/21] أن الشيخ عبد الله باعباد سأل علوي بن الفقيه المقدم عما ظهر له من المكاشفات بعد موت والده فقال : " ظهر لي ثلاث : أحيي وأميت بإذن الله ، وأقول للشيء كن فيكون ، وأعرف ما سيكون " فقال عبد الله باعباد : نرجو فيك أكثر من هذا " ( )
يا للهول يا أمة الإسلام !! اسمعـوا ماذا يقول علوي بن الفقيه يحي ؟!! يحي ويميت بإذن الله ، ويقول للشيء كن فيكون ويعرف ما سيكون !!!
أما الأولى : فيكون نمروداً آخر ( ) وما أكثر النماريد في حضرموت ، ويلحق بالنمرود الأول الذي نفخ في الديكة والطيور ، وقد تقدم الكلام عليه.

وأما الثانية : فهذا قد نازع رب العالمين في خصائصه ، قال تعالى : { أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكـون فسبحان من بيده ملكـوت كل شيء وإليه ترجعون} [ يس : 81 – 83 ]
فلا شك ولا ريب أن هذا قول ساقط وبطلانه واضح ، بل هو فضيحة كبيرة للقوم تبين ضلالهم ، فلا يحتاج إلى رد ولا مناقشة ، ولكن حكم قائل هذا الكلام أنه يستـتـاب فإن تاب وإلا قتـل.
وأما الثالثة : وهي قوله ( ويعرف ما سيكون ) فهذه تقدم الكلام عليها عند الكلام على زعمهم أن العلماء اثنوا على أبي بكر بن سالم قبل ولادته.
وبعد أخي القارئ هذه الأمثلة الثلاثة تكفيك لبيان ضلال القوم وأنهم على طريقة خلاف طريقة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
وللتوسع في معرفة ما عند القوم اقرأ هذه الرسالة المختصرة التي تكشف القوم على حقيقتهم وتبين حيلهم الشيطانية وأساليبهم الماكرة ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

كتـبــه
علـي بـابـكــــر

الرياض - ت : 055291959
فاكس : 4140434
ص ب 4612
الرمز البريدي 1141



M
مرت بحضرموت فترات تشتد فيها حاجة الناس ، حيث أن الناس يعتمدون على الأمطار – بعد الله عـز وجل – اعتماداً كلياً ولا يوجد أنهار كثيرة ، ويجدون صعوبة في استخراج المياه من الأرض.
وكان الناس يكـدح الواحد منهم من بعد صلاة الفجـر حتى غروب الشمس لكي يؤمّن قوت يومه له ولأولاده ، وفي مثل هذا الحال نجد أن الصوفية يسلكون طرقاً لكي يؤمنوا لأنفسهم رزقاً حسناً ، واستمع إلى هذه القصة التي ذكرها صاحب كتاب الجواهر في مناقب أبي بكر بن سالم:
" جاءت عجوز إلى صاحب الترجمة ( أي الشيخ أبي بكر بن سالم ) بشيء يسير من الطعام نحو حفنتين أو ثلاث ، ولم يكن من الطعام الجيد كالبر ، بل من الكتب ، فتلقاها تحت بيته أحد المتصلين به ، فأخبرته بما معها مسرورة به ، فانتهرها وقال لها : تأتي له القوافل من الجمال الموقرة بالطعام ، أو ما هذه القطة ، فسمع صاحب الترجمة ، فخرج إليها واستقبلها ببشاشة وكرم أخلاق وترحيب وشكرها على ما تحمله من الطعام ، واستلمه في كمّـه مسرورا فخوراً ودعا لها ، وسارت العجوز من عنده مجبـورة الخاطر" اهـ [ الجواهر في مناقب الشيخ أب بكر بن سالم تاج الأكابر - ص 67 ]
ومثل هذه الحكايات كثيرة في كتبهم ، ومنها أن فلاناً أهدى للشيخ قطيعاً من الغنم ونحو هذه الحكايات.
ما المقصود منها ؟
المقصود تعويد العامة والنساء والأعراب على دفع القرابين لهم ، إما على المشائخ الأحياء أو الأموات ، ويوجد لجان متخصصة من السدنة لاستلام هذه القرابين عن الشيخ والشيخ يتقبلها.
فالمسألة إذا مادية بحتة وأكل أموال الناس بالباطل. ( )

فصل
نبدأ الكلام عن صوفية مدينة عينات.
معلوم أن مدينة تريم هي المدينة المقدسة الأولى عند صوفية حضرموت وهي تعتبر عندهم رابع الحرمين الشريفين ، والسياحة الدينية نشيطة في تريم ، وصوفية تريم يجدون دخلاً جيداً بسبب كثرة الزار ونشاط السياحة الدينية ، فأراد صوفية عينات أن ينشطوا السياحة الدينية في بلدتهم فعملوا مقبرة كبيرة بها سبع قباب ، قبة للشيخ أبي بكر بن سالم الذي لقبوه بتاج الأكابر ، وبقية الـقـبـب لأولاده.

ومن المعلوم أن الناس لا يزورون بلدة ويكررون الزيارة له إلا إذا كانت هذه البلدة مقدسة ، ومن يزورها يكون له ثواب . فمثلاً مكـة شرفها الله ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها أحب البقاع إلى الله ، وفيها بيت الله ، والصلاة فيها بمائة ألف صلاة ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم : " أن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " لأجل هذا صار الناس يزورونها ويترددون عليها.
وكذلك المدينة النبوية ، الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة ، وكذلك فيها مسجد قباء ، وصلاة ركعتين فيه ورد أن فيها فضلاً.
وكذلك المسجد الأقصى مسرى الرسول النبي صلى الله عليه وسلم ، الصلاة فيه بخمسمائة صلاة.
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه المساجد الثلاثة هي التي يجوز شد الرحال إليها ، أما غيرها فلا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى "
وكما أن زائر المسجد النبوي بعد صلاته ركعتين يقصد القبر النبوي للسلام عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، أراد صوفية عينات أن الناس يقصدون مسجد أبي بكر بن سالم وقبره فألفوا كتاباً بعنوان:

الجـواهــر
في
مناقب الشيخ أبي بكر بن سالم تاج الأكابر
ولاحظ أن المؤلف هـو حفيد للشيخ أبي بكر بن سالم ، لأن الأحفاد هم أولى الناس بالقرابين والصدقات التي تقرب للشيخ ، فماذا قالوا في هذا الكتاب ؟
قال صاحب الجواهـر [ ص 206 ] : وعن بعض آل علوي الناسكين ، قال : " رأيت كأني قصدت مكـة المشرفة للحج ، فلما دخلت الحرم الشريف لم أجد البيت الشريف زاده الله شرفاً في محله ، فنمت لذلك ، فرأيت رجلاً من آل باعلوي رضي الله عنهم ، فسألته ؟ فقال : سـر معي وأنا أدلك عليه ، فسرت خلفه حتى دخلنا عينات ، وإذا خيمة عظيمة عند بيوت الشيخ أبي بكر نفع الله به وأسمع صوته داخلها ، فقال هذا البيت المعظم تحول إلى هنا ، ثم انتبهت " اهـ
تأمل هذه القصة ، عن بعض الناسكين من آل باعلوي ( يعني مجهول ) ، قال ( رأيت كأني قصدت مكـة ) يعني أنها رؤية منامية ، فهل هو صادق في رؤياه أو كاذب ؟
لابد أن نتأكد ، لأن هناك من يكذب في الرؤيا ويدعي أنه رأى وهو لم يـرَ ، لذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من تحلم بحلم لم يـره كُـلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل " [ رواه البخاري ] ، قال النووي رحمه الله : ( تحلم ) أي قال أنه حلم في نومه ورأى كذا وكذا وهو كاذب . اهـ [ رياض الصالحين – كتاب الأمور المنهي عنها – باب تحريم الكذب ] ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أفرى الفري أن يُـريَ الرجل عينيه ما لم تريا " [ رواه البخاري ] .
قال النووي رحمه الله : معناه يقول رأيت فيما لم يره . [ المصدر السابق ]

فهذا الرجل رأى أنه قصد مكـة فلم يجد البيت الشريف في مكانه ( فنام لذلك ) وهو في المنام ، ورأى أنه نام في المنام ، ثم في النومة الثانية رأى رجلاً من آل باعلوي فسأله ؟ فقال سـر معي وأخذه من مكة وذهب به إلى عينات ، قال : ( حتى دخلنا عينات وإذا بخيمة عظيمة عند بيوت الشيخ أبي بكر نفع الله له وأسمع صوته داخلها ، فقال : هذا البيت المعظم تحول إلى هنا ) .
إذا المقصود من هذه الحكاية تعظيم عينات وتقديسها في قلوب العامة حتى يحرصوا على زيارتها والتردد إليها ، وهو ما يسمى اليوم تنشيط السياحة الدينية ، التي هي سبب من أسباب زيادة الدخل.

قال صاحب الجواهـر [ص 108 ] : ويحدثنا باشعيب قدري نقلاً عن خـط السـيد محمد بن عبد الله فدعق بن عبد الرحمن بن حسين بن سالم بن عبد الله ما مثاله سمعت سيدنا وبركتنا الشيخ الحامد وسمعت السيد العارف بالله عبد الرحمن بن حـسيـن يقولان : إن سيدنا وشيخنا فخـر الدين القـطب الرباني والغوث وبحـر العلوم والمعارف الشيخ أبا بكـر بن سالم نفعنا الله به يقول : " إن مسـجـدي هذا من الجـنة " اهـ.

المقصود من هذا الكلام تقديس البقاع العيناتية وجـذب الزوار ، فأسندوا إلى الشيخ أبي بكر أنه قال : " إن مسجدي هذا من الجـنة " ، والعجيب أن أكرم الخلق على الله وخاتم الأنبياء والمرسبين ، والذي مسجده أفضل المساجد بعد المسجد الحرام لم يقل إن مسجدي كله من الجنة ، بل قال : " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة " [ رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن زيد المازني ] ، وكان بيته عليه الصلاة والسلام لاصقاً بجدار المسجد من الجهة الغربية ، فهو جزء محدد بين بيته وبين منبره ، وليس المسجد كله.
فأين عقولكم يا صوفية عينات ؟ هل تريدون أن تجعلوا مسجدكم أفضل من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟
ويذكرني فعلهم هذا بأفعال الشركات والتجار الذين يبالغون في مدح سلعهم ومنتجاتهم ويكذبون في أوصافها حتى يبيعوا أكثـر ويربحوا أكثـر.
وصدق الله حيث يقول : { يا أيها الذين آمنوا إن كثيـراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله } [ التوبة : 34 ]
قال صاحب الجواهـر [ ص 225 ] : " ومنها كرامته الشهيرة لابنه الجامع للعِـلمين سيدنا الإمام الحسين ، وذلك أنه شاوره في بناء مسجد وطلب منه أن يختار له المحل ليبني فيه ، وقال له : اخرج وما تجد فيه نوراً ممتداً من الأرض للسماء فابـن فيه.
فخرج ووجد نوراً في الأرض بالغاً عنان السماء في نخـر( ) عينات في الجهة القبلية ، فبناه وسمي من ذلك الحين مسجد النور ، وهو مسجد الجبانة يصلى فيه على أموات آل عينات من ذكر وأنثى ، قال الإمام الكاشف الحبيب علي بن سالم الأدعج رضي الله عنه ، إنه مسجد القوم وكثيراً ما يجتمع فيه أهل البرزخ ، وقد اجتمع بهم في اليقظـة ( ) وأمامهم رسول الله والشيخ أبو بكر بن سالم في عدة وقايع جرت له ، كما يحدثنا بها موضحاً في كتابه فيـض الله العلي المخطوط ، وقد قام بترميمه وإصلاح المندثر منه الحبيـب الإمام العارف بالله المكاشف شيخنا أحمد بن محسن الهدار". اهـ
ولا يغرنك أخي القارئ هذا الكلام ، والمقصود منه هو تقديس البقاع العيناتية لجذب أكبر عدد من الزوار ، وبهذا تنشط السياحة الدينية.
وعقد صاحب الجواهر فصلاً بعنوان:
كثيب ( ) الشيخ أبي بكـر بعينات
وقال فيه : اسم الكثيب عرف من عهد صاحب الترجمة ، أطلق عليه الاسم ونوَّه به الشعراء ... وقد أشاد به الشعراء وهو ترياق مجرب ودواء ناجع للأمراض المستحكمة المعدية وجرب وشوهـد ، وتجربته أكبر برهان:
إذا استطال الشيء قام بنفسه وصفات ضـوء الشمس تذهب باطلاً
تضرب له أكباد الإبل في وقاية الأمراض رزقنا الله حسن الاعتقاد والظن الجميل والنيـة الصادقة . ( )

قال الشيخ عمر بن علي بن إسماعيل باقشير:
تـرابـها طـب الجـــراح منـها المسـك فـاح
من شمّ هاتيـك الـريــاح غـنــم واسـتــراح
مرّغ بها الخـد يا صاح إن رُمـت النجـاح
وزر قـبـبـهـا بـتـرتيـب يـا مولى الكـثـيب
وقد فاضت الأمـة إليه والموامي والطوامي من كل مصاب بعلة الجُذام ، وحُبست تلك العلة حبساً عاجلاً. وهذا واضح من الصبح لذي عينين ، لا يكابـر فيه مكابـر ، وشهد له الأوائل والأواخر. وهو سهم صائب في دفع الأعداء ، وقضية الإمام الحسين شهيرة فقد ضرب الكثيب بعصاه ، وثارت ريح بإذن الله ، وذرّتها في عين إمام صنعاء المسمى سيل الميل ، حين برز العسكر إلى حضرموت وبلغ الحسين ذلك ، وتعذر خروج ما بعينه من الرمل فعدل عن الرحلة. ذكر هذا الإمام الحبيب أحمد بن الحسن العطاس.
وفي تثبيت الفؤاد عن الحبيب عبد الله بن علوي الحداد ، قال تلميذه : اشتكى أهل شبام من السلطان عيسى بن عمر الكثيري ، فقال لهم : ما معنا له إلا كثيب عينات الأحمر ، وبعد أيام قلائل ورد عينات وبات عند المنصب في ذلك الوقت الحبيب علي بن أحمد ، وحين تناول العشاء غص غصة ، أي شرق ومات في الحين ، ونعوذ بالله من الجنايات.
وإلى الآن وهذا الكثيب يُقصد من كل صوب وحدب ، معروف يحتوي على دقيق الرمل ، يوضع منه على العلة للاستشفاء " اهـ.

أخي القارئ ، كل هذا الكلام عن الكثيب وهذه الأبيات وهذه الحكايات ، المقصود منها تشويق قلوب العامة وجذبهم لزيارة عينات ، كي تنشط السياحة الدينية في هذه المدينة الصغيرة وتتحسن الحركة التجارية ويرتفع دخل أهلها ، وبخاصة السدنة ، سدنة البيت المعظم ، أعني فخر الوجود أبي بكر بن سالم.
وأنت تعلم أخي القارئ كم تنفق الحكومات على الدعايات والإعلانات التجارية لتنشط السياحة الدينية والسياحة الترفيهية ، فمثلاً مصر تستفيد كثيراً من الذين يزورون آثار الفراعنة والأهرامات وغيرها.

ومن الآثار التي اخترعها القوم لجذب الناس إلى زيارة عينات ، هو أول مسجد عرفته عينات ، ذكر صاحب الجواهر فصلاً [ ص 26 ] بعنوان :



أول مسجد عرفته عينات

" إن أقدم مسجد عرفته عينات الجديدة مسجد جـد الشيخ أبي بكر بن سالم ، ومن عمود نسبه الإمام الأكبر الأظهر الأشهر سيدنا محمد بن علي مولى الدويلة .
وهو أول مسجد أسـس فيها على التقوى ، وما بناه إلا لكثـرة ترداده وتعريجه إليه ، وهناك أخواله آل بالليث وللدعوة إلى الله ونفع العباد، والمسجد فوق سوق عينات ، ووسعه الشيخ الموفق عوض بن أحمد باحنان ، ولم يزل معموراً ، ولم تهدم قبلته الأصلية ، وقد اشتعلت ناراً لما هموا بهدمها ، وتعرف اليوم باستجابة الدعاء ، والتبرك والصلاة فيها " اهـ
الله أكبـر لم تهدم قبلته الأصلية أي الجدار الأمامي الذي في المسجد ، واشتعل الجدار ناراً لما هموا بهدمه.
وهنا سؤال ، هل مسجدكم هذا وجداره الأمامي أفضل من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجداره الأمامي ؟
المسجد النبوي هُدم جداره الأمامي وأزيل ووسِّع ، ولم يعترض الجدار ولم يشتعل ناراً ولم ينفجر في وجوه العمال.
ولكن كما ذكرت إنما هي قصص وأكاذيب يختلقونها لجذب أكبر عدد من الزوار إلى مدينتهم المقدسة.
ثم قال : ( وتعرف اليوم باستجابة الدعاء ) ، تعالوا أيها الزوار وشاهدوا هذه الأماكن المقدسة والآثار العجيبة على ذلك التي تحترق في وجه من أراد إزالتها ، وزيادة على ذلك دعاؤكم مستجاب ، فتعالوا واغتنموا الثواب ، وشرفونا تجدون ما يسركم.


فصل

ما تقدم من النقول من كتاب الجواهر هي قصص التقديس البقعة العيناتية، وهناك قصص وأخبار وحكايات فيها تقديس وتشويق لصاحب البقعة العيناتية فخر الوجود الشيخ أبي بكر بن سالم ، وهذا أبلغ في جذب الزوار.
من هذه الحكايات ما ذكر في المقدمة أن العلماء أثـنـوا على الشيخ أبي بكر بن سالم قبل ولادته.
ومنها ما قاله صاحب الجواهر [ ص 31 ] :
وفي مجموعة العلامة الكبيـر المحقق الحبيب الشيخ علي بن محمد الحبشي ، جمع السيد الفاضل محمد بن عمر مولى خيـلة ( ) قال : إن الشيخ أبا بكر وأخاه عقيلاً تكـلمـا في بطن أمهما الشريفة طلحة بنت عقيل بن أحمد ابن أبي السكران ، فقال الشيخ لأخيه ما معناه : إن أردت الخـروج قبلي فاخـرج والظهور في المستقبل سيكون لي ، وإلا فاخـرج قبلك ولك ذلك ، فاختار أخـوه الخـروج وارتضى به ، وكان الظهور لصاحب التـرجـمة نفع الله بهم. اهـ
المعروف عند المسلمين أن المسيح عيسى ابن مريم أحد أولي العزم من الرسل كانت آيته أنه تكلم وهو في المهد بعد خروجه من بطن أمه، قال تعالى :{ فأتـت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئـت شيئاً فرياً يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً فأشارت إليه قالوا كيـف نكلم من كان في المهد صبيـاً قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبـراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً } [ مريم 27 – 31 ]
فالمسيح عليه السلام لم يتكلم إلا بعد ظهوره إلى الدنيا وبعد خروجه من بطن أمه ، وهؤلاء بلغوا بمشائخهم مرتبة أعلى من مراتب الرسل وزعموا أن شيخهم تكلم مع أخيه وخيّـره – قبل خروجهما إلى الدنيا – وقال له : إن شـئت أن تخرج قبلي فاخرج ولي الظهور في المستقبل ، وإلا فأخرج أنا قبلك ولك الظهور ، فكان أخوه مغفلاً ومستعجلاً ، وطلب الخروج قبل أخيه ففاته الظهور.
فأقول كل هذه الحكايات والخيالات ما هي إلا مجرد دعايات للتسويق ، لجذب أكبر عدد من الزوار ، لتنشيط السياحة الدينية ، فالله المستعان على ما يصفون.


ومنها ما قاله صاحب الجواهر [ ص 34 ] :
وكان هذا الإمام في أيام طفولته وعهد دراسته وقبل شهرته العلمية والعالمية مقيماً في قرية اللسـك ، ويصلي في مسجد الشيخ الإمام أحمد بن محمد باعيسى المقبور بتريم ، وفي كفالة أبيه ، وقضيته مع إمام المسجد آية من آيات الله الباهرة ، وفراسة بنور الله والكشف الغيبي والجلي ، نرويها بنصها وفصها حرفياً من مجموعة كلام
الإمام المكاشف الحبيب علي بن عبد الرحمن المشهور ، قال نفع الله به :
" إن الشيخ أبا بكر بن سالم كان في صغره جالساً بمكانه بالرقية عند مسجد باعيسى ، وكان في ذلك المسجد معلم ومعه طرف من العلم أو الفقـه ( ) ، وغالب صلاة الشيخ أبي بكر بن سالم في ذلك المسجد ، فتقدم ذات يوم من الأيام فصلى بالناس ، فشق الأمر على المعلم ، وكان من تلامذة الشيخ شهاب الدين ، فسار إلى تريم ، إلى عند شيخه المذكور، وسأله عن صفة من صفات الإمامة ، فقال الشيخ شهاب الدين يقدم في الصلاة الأفقـه ثم الأقرأ إلى آخر ما ذكروه ، فرجع المعلم ، فلما دخل وقت الصلاة وتقدم الشيخ أبو بكر ، فقال له المعلم : لست أحق بالصلاة ، بل الأحق بالصلاة الأفقـه ، فقال الشيخ أبو بكر : من الذي قال لك بذلك ؟ فقال : الشيخ شهاب الدين ، فغضب الشيخ أبو بكر فقال : شف أمك في النار خله يندرها ( ) ، فبهت المعلم وتحير وسار إلى تريم إلى عند الشيخ شهاب الدين وأخبره بما جرى بينه وبين الشيخ أبي بكـر بن سالم وقوله : شـف أمك في النار ، فقال له : أنت ما قلت لي إنه الشيخ أبو بكر بن سالم وإلا باقولك خله ( ) يصلي بكم ، وهل قال لك الشيخ أبو بكر : شف أمك في النار خله يندرها ؟ قال له : نعم. فأطرق شهاب الدين ساعة ، ثم قال : شفها خرجت من النار، ففرح المعلم وقال أعظم فائدة خروج والدتي من النار ، فرجع إلى القرية وإلى مسجده ، فكاشفه الشيخ أبو بكر في ذلك الوقت ، وقال : شفته خرّجها من النار، وكان الشيخ أبو بكر في ذلك الوقت لا يسمى بالشيخ أبا بكر ، بل أبا بكر فقط ، أو كما قال " اهـ
يا أخواني أنا لست أدري كيف يؤلفون هذه القصص ويخترعونها ، والظاهر والله أعلم أن الشياطين توحي بها إليهم ، قال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون } [ الأنعام : 121 ]
انظر إلى حكاية : وليد صغير يجترئ المعلم ويتقدم للصلاة بالناس في حضرة المعلم ، ثم يذهب المعلم ويسـتفتي الشيخ شهاب الدين ، ثم يعود ويغضب الوليد على المعلم ويقول له : شف أمك في النار خله يندرها ، ومتى كان الأطفال يتعرفون على أهل النار؟ وما هو الذنب الذي ارتكبته أمه حتى تكون من أهل النار ؟ فيرجع المعلم إلى شهاب الدين في تريم فيخبره بكلام الوليد فيصدقه شهاب الدين ويخرجها من النار.

هذه ليست نار رب العالمين ، هذه تشبه نار الدجال ، لأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال معه جنة ومعه نار فمن أطاعه أدخله جنته ومن عصاه أدخله النار ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن جنة الدجال نار، وناره جنة . فهذه النار التي أخرج منها دجال تريم ( ) أم المعلم ، هذه ناره إما نار رب العالمين ، فقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { أفمن حق عليه كلمة العذاب أفـأنت تنقـذ من في النار } [ الزمر : 19 ] ، ولكن كما ذكرت لك أخي القارئ كل هذه القصص لتقديس صاحب البقعة العيناتية وتشويق الناس لزيارة عينات.
ومنها ما قاله صاحب الجواهـر [ ص 76 ] :
" كان رضي الله عنه مضيافاً كريماً اتفق أهل عصره على أنه أنداهم وأوسعهم بـراً ، قد فتح بابه بمصراعيه للإكرام وإطعام الطعام بذبح الجمل والجملين لزائريه ، ويتصدق في اليوم والليلة بألف قرص " اهـ
انظر أخي القارئ يتصدق في اليوم والليلة بألف قرص ، وهذا الكلام متى ؟ قبل خمسمائة سنة تقريباً ، وفي قرية صغيرة مثل عينات ، قد يكون سلطانها لا يتجاوزون خمسمائة شخص ، ومن أين لأبي بكر بن سالم قيمة ألف قرص كل يوم وليلة وأنتم تقولون أنه رجل زاهد عابد ترك الدنيا وتفرغ للعبادة ، وأين هذا المخبز الذي سيخبز كل يوم وليلة ألف قرص ، والغالب أنه لا يوجد خبازون في قرية مثل عينات وإنما كل أسرة يعجنون ويخبزون في بيتهم.
ولكن المراد من هذا الكلام تحـبيب صاحب البقعة العيناتية للناس حتى يزوروا قبره وأطلاله.
ومنها ما قاله صاحب الجواهـر [ ص 131 ] :
روى جماعة أنه لما زار ضريح نبي الله هـود في سنة إحدى وتسعين في القرن العاشر اجتمع معه خلق لا يحصون ولا يعدون من جميع النواحي والأقطار ( ) كل ذلك رغبة في الحضور معه والنظـر إليه ( ) فلما ركع على حصاة المحضار وطلع إلى بئـر التسليم ازدحم عليه الخلق وأكبـوا على قدميه يقبلونها ويتمسحون بها ، وكلما دحق دحقة شلوها ( ) إلى أن عظم اللغط وكادوا يقتتلون على ذلك ، فلما رأى ذلك منهم بكى بكاء شديداً وجعل يتلـو { إن هو إلا عبد أنعمنا عليه } وجعل يكررها " اهـ
الله أكبر !! ازدحم الخلق على أبي بكر بن سالم وأكبوا على قدميه يقبلونها ويتمسحون بها ، وكلما خطا خطوة حملوها ...... الخ
رسـول الله أشـرف الخلـق ، سـيد ولـد آدم عنـدما حج وقبّـل الحجـر الأسـود لم يكـب الخلـق على قدميـه يقبلونها ويتمسحـون بها.
فالقوم معروفون بالكذب ، ومرادهم من هذه الأخبار تقديـس صاحب البقعة العيناتية في قلوب الناس وتشويقهم لزيارة عينات ، وإذا ارتسمت هذه القصة في أذهانهم سيكبون ويتمرغون على ضريح أبي بكر بن سالم ويتمسحون به ، وسيتصدقون بالغالي والرخيص لهذا الولي المعظم ، والمستفيد الأول والأخير من هذه الصدقات هم السدنة المروجون لهذه القصص.
ومنها ما قال صاحب الجواهـر [ ص 202 ] :
قال – أي أبو بكـر بن سالم : إن من زارنا ( ) ، أو سمع بذكرنا في مجلس ، أو نظرنا أو نظر ناظرنا فأنا ضمينـه غداً بالجنـة ، وأن يتخلص من ذنوبه كالمولود من بطن أمه ، ولو كانت ذنوبه تملأ السموات والأرض ، فلا عاد يبقى من ذنوبه مثقال ذرة ، يدل لذلك حديث جدي رسول الله وقوفك بين يدي ولي الله كحلب شاة أو كشيح بيضة إلى آخره ( ) ، ثم قال رضي الله عنه : وإن من زارنا ينال ذلك من الصالحين الطالبيـن. وقلت في ذلك شعراً :
فيا زائري أبشـر بسولك والمنى وترقى مراقي العـز في كل حضرة
بـزورتــنا تعـلو على كل فـائــق وتحظى بجـنـات المعـارف ونفحـة
ومما يؤيد صحة هذه الرواية ما نقله السيـد العارف بالله أحمد بن زين الحبشي في شرح العينية عن شيخه العارف بالله عبد الله بن علوي الحداد عن ترجمة السيد الولي العارف بالله الإمام عبد الرحمن بن أحمد بن عيديد علوي قال : أدركت سيدنا الشيخ أبا بكـر بن سالم صاحب عينات وكان يقول لمن حضره : انظروا إليّ فإني قد نظرت الشيخ أبا بكر بن سالم ، وناظري وناظر ناظره في الجنـة ، وكذلك نقل السيد العارف بالله محمد بن زين بن سميط عن السيد المذكور بلفظه والشيخ أبو بكـر يقول ناظري وناظر ناظري في الجنـة ، قال الشيخ عبد الله قدري باشعيب : رأيت السيد العلامة محمد بن عنقاء اليمني نفع الله به ، قال ذلك وزاد عليه فقال في مدح الشيخ نفع الله به آمين والمسلمين أجمعين شعراً :
وشفعه الرحمن في أهل عصره شفـاعة مسـموع مطاع مفـضل
وفـيـمــن رآه أو رأى من رآه أو رأى من رآه فهـو أفضل مؤمل
وقـد قالــه لـي فـي منـام رأيـتــه حبــاني فيـه كل خـيــر مسهــل " اهـ
انظروا يا عباد الله إلى هذا الكلام ، وكيف وصل بهم الحرص على الدنيا والطمع في المال إلى أن يقولوا مثل هذا الكلام ، وإذا كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا الكلام ، أن من رآه في الجنة بل ومن رأى من رآه في الجنة ، وكيف يكون كل من رآه صلى الله عليه وسلم في الجنة وقد رآه أبـو جهل وأبـو لهب ، ورأس المنافقيـن عبد الله بن أبي وغيرهم ، فهل يكون هؤلاء في الجنة ؟!!!
ثم أن هذا الشـاعر الغوي يـزعم أن الرحمن شفعه في أهل عصره ، وما أدراهم أن الرحمن شفعه في أهـل عصره ؟ هل نزل عليهم الوحي بذلك ؟ ولكن صدق القائل صلى الله عليه وسلم : " إذا لم تستح فاصنع ما شئت " ، ولكن كما ذكرت لك ، المسألة مسألة دعاية وإعلان وترويج وترغيب لزيارة صاحب البقعة العيناتيه.

ومنها ما قاله صاحب الجواهر [ ص 227 ] :
كراماته التي كاشف بها بعض المتصلين
وظهر لهم منه كشفاً
فمنها ما في الزهر الباسم عن الشريف عمر بن محمد بن علي باهارون علوي قال عن الثقات ( ) : " كانت امرأة بالقبلة تسمع بكـراماته فقالت وهي في جربة لها : أود أن انظر الشيخ أبا بكـر بن سالم ، فما تمت كلامها إلا وهي به يقول لها : أنت تريدين تنظرين الشيخ ، أنا أبو بكـر بن سالم فغاب عنها ، ثم أنها خرجت لزيارته ( ) ، فما وصلت إليه قالت : هو ذلك الرجل جاءني في جربتي ، فقال لها : أنا ذلك ، وكان بين بلدها وعينات مسيرة نصف شهـر، ولم يدخل الشيخ تلك الجهة " اهـ
لماذا تمنت هذه المرأة أن تنظر للشيخ أبي بكر بن سالم ؟
هل تريد أن تخطبه لنفسها ، وما تم كلامها إلا والشيخ عندها ، قطع مسيرة نصف شهـر قبل أن تـتـم كلامها ( ألا لعنة الله على الكاذبين ).
وهل يجوز لأبي بكـر بن سالم أن ينظر إليها وهي امرأة أجنبية ؟
الجواب لا يجوز ، قال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبيـر بما يصنعون } [ النور : 30 ].


ومنها ما قال صاحب الجواهـر [ ص 326 ] :
" ومن كراماته المتعلقة بزوجاته أن بعض زوجاته أظنها من آل أحمد القبيلة المعروفة ، وكان له منها طفل ، فحصل منه ليلة من التلويث ما يحصل للصبيان ولم يكن عندهم سراج ، فسألته أن يأتي منابر لتبصر بها ما تصنع ، وكررت عليه ، فأخرج لها إصبعه وأضاء لها ضوء السراج حتى فرغت عن الغرض " اهـ.

وهذه القصة كغيرها ، المراد منها تقديس صاحب البقعة العيناتية أبي بكـر بن سالم لجـذب الزوار إلى ضريحه ومرقده بعينات. قال الشوكاني رحمـه الله : وقد يجعـل الشيطان طائفة من إخوانه من بني آدم يقفون على ذلك القبـر ، ويخادعون من يأتي إليه من الزائرين ، يهولون عليهم الأمر ، ويصنعون أموراً من أنفسهم ، وينسبونها إلى الميت على وجهٍ لا يفطن له من كان من المغفلين ، وقد يصنعون أكاذيب مشتملة على أشياء يسمونها كرامات ، لذلك الميت ويبثـونها في الناس ، ويكون ذكرها في مجالسهم وعند اجتماعهم بالناس فتشيع وتستفيض ، ويتلقاها من يحسن الظن بالأموات ، ويقبل عقله ما يروى عنهم من الأكاذيب ، فيرويها كما سمعها ، ويتحدث بها في مجالسه ، فيقع إليها في بلية عظيمة من الاعتقاد الشركي ، وينذرون على ذلك الميت بكرائم أموالهم ، ويحبسون على قبره من أملاكهم ما هو أحبها إلى قلوبهم ، لاعتقادهم أنهم ينالون بجاه ذلك الميت خيراً عظيماً وأجـراً كبيراً ، ويعتقدون أن ذلك قربة عظيمة ، وطاعة نافعة ، وحسنة متقبلة ، فيحصل بذلك مقصود أولئك الذين جعلهم الشيطان من إخوانه من بني آدم على ذلك القبـر.
فإنهم إنما فعلوا تلك الأفاعيل وهولوا بتلك التهاويل ، وكذبوا تلك الأكاذيب ، لينالوا من الحطام من أموال الطغام الأغتام ( ) .
وبهذه الذريعة الملعونة ، والوسيلة الإبليسية ، تكاثرت الأوقاف على القبور ، وبلغت مبلغـاً عظيماً ، حتى بلغت غلات ما يوقف على المشهورين منهم ما لو اجتمعت أوقافه لبلغ ما يقتات أهل قرية كبيرة من قرى المسلمين ، ولو بيعت تلك الحبائس الباطلة لأغنى الله بها طائفة عظيمة من الفقـراء ، وكلها من النذر في معصية " اهـ [ شرح الصدور بتحريم رفع القبور ص 16 – 18 ].
  رد مع اقتباس
قديم 04-27-2009, 02:06 PM   #3
الواثق بالله
شاعر السقيفه

افتراضي

فصل
وبعد هذه الأخبار والحكايات والأساطير في فضل عينات وفي فضل صاحب عينات ، لم يكتف أصحاب عينات بذلك ، لأن من الناس لا يأتي إلى عينات إلا إذا كان له مصلحة دنيوية مثل شفاء المرضى ونحو ذلك. فألف أصحاب عينات مجموعة من القصص تبين أن الشيخ كان يشفي المرضى ، وأن عينات فيها ما يشفي المرض.
قال صاحب الجواهـر [ ص 109 ] :
ومنها ما أخبر به بعض الصالحين ، قال : " مرض صاحب لي وأشرف على الموت ، فقصدت سيدي الشيخ واستغثت به ، فقال أبشر فإنه يعافى من ذلك المرض ، وإني رأيت ورقة خضراء ووجدته صحيحاً نفعنا الله به " اهـ
قال صاحب الجواهـر [ ص 109 ] :
قال سمعت سيدنا العارف بالله الشيخ الحسن يقول : " أنه في وقت البـرد أدفـأ ما يكون في المسجد ، وسمعت أحداً من السادة يقول إنه وقع به رمـد واشتـد بـه فخـرج إلى المسجد المحـدد وجلس فسكـن ما به وأصبح معافى "اهـ.
كل هذا الكلام لجذب الناس وترغيبهـم في زيارة عينات تلك المدينة المقدسـة التي مسجـدها من الجنة ويكون دافئـاً وقت البـرد وبـه يشفى من بـه رمـد.
وقال صاحب الجواهـر عن كثيب عينات [ ص 117 ] :
وهو ترياق مجرب ودواء ناجع للأمراض المستحكمة المعدية ، وجرب وشوهـد ، وتجربته أكبر برهان ، تضرب له أكباد الإبل في وقاية الأمراض رزقنا الله حسن الاعتقاد والظن الحسن الجميل والنية الصادقة ، قال الشيخ عمـر بن إسماعيل باقشير:
تـرابـــها طـب الجـــراح منـها المسـك فـاح
من شمّ هاتـيــك الـريــاح غـنــم واسـتــراح
مرّغ بهــا الخـد يا صــاح إن رُمـت النجـاح
وزر( ) قـبـبـهـا بـتـرتيـب يـا مولى الكـثـيب
والكثيب هو الكومة من الرمـل ، وهذا الكثيب موجود بعينات ، وتأمل كيف يبالغون في وصـف هذا الكثيب " أنه

ترياق مجرب ، ودواء ناجع للأمراض المستحكمة والمعدية ، وجرب وشوهد .... ثم قال : تضرب له أكباد الإبل " هذا هو غرضهم ومقصودهم ، حث الناس على السفر إلى عينات والتبرك بآثارها التي من الجنة على زعمهم.

قال صاحب الجواهـر [ ص 213 ] :
حوالة الشيخ أبي بكـر على تلميذه الإمام عبد الرحمن الجفري بـتـريس
جاء في كـنـوز السعادة الأبديـة من أنفاس الإمام الأكبـر والكبريت الأحمر الحبيب علي بن محمد الحبشي ، جمع الإمام الكامل محسن بن عبد الله بن محسن السقاف بتصحيح الحبيب القدوة التقي أبي بكـر العطاس بن عبد الله الحبشي قال نقلاً عن مناقب الحبيب العارف بالله عبد الرحمن بن محمد الجفري صاحب تريـس تلميذ الشيخ أبي بكـر ، وخلاصتها : " أن رجلاً غريباً مرض مرضاً أعيا الأطباء ، وقال بعض الصالحين مرضك هذا لا يشفى إلا بأكل الحلال الصرف ( ) ، وقال له لا يوجد إلا بحضرموت ، فخرج وسأل عن المشهور فيها ، فقيل له الشيخ أبو بكر بن سالم صاحب عينات ، فسار إليه وشكى له ، فحوّله على تلميذه الحبيب العارف بالله عبد الرحمن بن محمد الجفري ، فسار إليه لتـريس ، وصادفه يسني ( ) في زرع له ، وظنه خادم الحبيب ، ولما دخل وقت الصلاة قام الغريب يصلي والحبيب في سناوته وخرج وقت الصلاة ( ) ، ثم قال الحبيب له : وما تريد من عبد الرحمن الجفري ، فأخبره بمقصوده وحوالة الشيخ أبي بكـر عليه ، فقال له الحبيب عبد الرحمن الجفري : حوالة الشيخ أبي بكـر مقبولة ، أدخل إلى هذا القضب ( ) واملأ بطنك منـه ، فـفيه دواءك وشفاؤك إن شاء الله . فأكل الغريب منه حتى شبع ، فأمره الحبيب أن يتمشى ساعة بعـد الأكل ، فامتثل لأمره وتحركت بطنه ، فخرج منها كل داء ومرض ، وجاء إلى الحبيب يحمد الله يشكره على العافية. فأمره بالطلوع إلى بيتـه وأضافه وأكرمه ، ولما همّ بالخروج أهدى إلى الحبيب شيئاً من الدنانير ( )

فقال له الحبيب أنت أحوج منا إليها ، ولم يقبلها ، فكلّف عليه الرجل في أخذها ، فمسح الحبيب عيني الرجل فرأى الجبل الذي تجاهه قد صار ذهباً أحمر ، فقال له الحبيب ماذا ترى ؟ فأخبره بما شاهده ، فقال له الحبيب : نحن بحمد الله في غنى ولا نسني إلا لستر الحال وطلب الحلال ، قال الغريب : إنه وقع ببالي شيء من مـرور وقت الفريضة عليك وأنت تسني ، فدخل به الحبيب إلى خلوات ، فوجد في كل واحدة منها صورة الحبيب عبد الرحمن يصلي فاعتذر إليه الغريب ( ) وشكره على حسن صنيعه وتوجه إلى أرضه في عافية " اهـ
المراد من هذه القصة جـذب أكبر عدد ممكن من الزوار ، لأنه إذا كان تلميذ أبي بكر بن سالم يستطيع أن يشفي المريض الذي أعيا الأطباء مرضه ، فإن تلاميذ تلاميذ الشيخ أبي بكر بن سالم موجودون بعينات ، وسدنة ضريح أبي بكر بن سالم موجودون ، وضريح أبي بكر بن سالم موجود في أرض عينات المقدسة ، وما على المريض إلا أن يتوجه إلى عينات ويحضر معه ما تيسر من الدنانير – كما فعل الغريب – ويعطيه للسدنة ويتوسل بالشيخ أبي بكر بن سالم ( ) أو يستشـفي بـرمل كثيب عينات وسيجد الشفـاء العاجل.
قال صاحب الجواهـر [ ص 26 ] :
وخـرار المذكورة تدعى مقبرة بـالـيث في الجهـة النجدية من ساحة النخـر وفيها قبر والدة الإمام العظيم سيدنا محمد بن علي مولى الدويـلة واسمها سعيدة بنت سعيد باليـث وقبرها اليوم غير معروف ، والمقبرة لا تـزال في وقتنا هذا معروفة وفيها قبر حِـسْـن بكسر الحاء المهملة وسكون السين وبعدها نون. ويتحدث الناس قديماً وحديثاً أن من له مولودٌ لم يظهر نموه كأمثاله يوضع عند قبرها وحده ويترك ثم يعاد لأخذه من عند ذلك القبر ، فإما أن ينمو نمواً مطرداً معهوداً أو يموت قريباً. وهذا معروف مجرب لا يختلف في ذلك اثنان. اهـ
عجيب أمر هذه العجوز ، فإنها لا تعرف أنصاف الحلول ، إما أن يُشفى المولود وإما أن يُقضى عليه ويُـؤخذ عمره !!!
والله المستعان على ما يصفون.


فصل
لم يكتف أصحاب عينات بما تقدم من الخيالات والخزعبلات ، والظاهر أن التنافس كان قوياً بينهم وبين أصحاب تريم ، كل منهم يحاول أن يجذب أكبر عدد ممكن من الزوار.
وهناك من الناس من ليس عنده مريض ، ولكن لم يرزقه الله ولداً ولا تحمل امرأته أو عنده أناث وهو يريد الذكور ، فألف أصحاب عينات بعض القصص التي تفيد أن الفخـر أبا بكـر بن سالم كان سبباً في حصول الأولاد لبعض الناس ، وكل من لم يـُرزق بأولاد فما عليه إلا أن يقـدم إلى عينـات وعليه أن يجـلب معه قـربانـاً للشيـخ ( كخروف سمين أو دنانير ) ويقف عند قبـر الشيخ ويتوسل به ( ) ويعطي القربان للسدنة وسيجد مطلوبه.
قال صاحب الجواهـر [ ص 223 ] :
ومنها ما أخبر به بعض مشائخ المهرة ( ) قال جئت أنا وجماعة لزيارة سيدي الشيخ أبي بكر ، فوجدناه بقرية قسم ، فلما انقض المجلس خرجنا ثم دعاني الخادم للغداء وقد غاب واحد من أصحابنا ، فطلعوا على سيدي الشيخ ، وبعد أن أكلنا طلع صاحبنا ، فقال : يا سيدي إني جئت والباب مقلود ( ) فقال الغدا والخير يحصل ، فقال ما عاد أريد غداء إلا حاجة أخرى ، قال قل ما شئت ، قال معي زوجة لها عشرين سنة لم تحبل عقيم أريدها تحمل لي بولد ذكر ، فقال الشيخ : كان كذلك تحمل وستأتي بذكر ، فلما وصلنا ظََهَرَ حملها ذلك الشهر ، وأتت له بولد ذكر " اهـ
يوجد من نساء البادية من لا يحملن ، وكذلك بعض نساء القرى والمدن لا يحملن ، إذا سمعن بمثل هذه القصة يتوافدن إلى عينات ويزرن الشيخ لطلب الولد ، والشيخ لا يعطي الولد مجاناً ، لابـد من قرابين تقدم للشيخ ، والذي يستلم القرابين هم السدنة ، فهم المستفيدون من هذا الكلام ، لذلك يروجون مثل هذه القصص والكرامات.
قال صاحب الجواهـر [ ص 114 ] :
وواقعة الفنجان تكررت ثلاث مرات في هذه الدار ، الأولى : لما دخل عليه الشيخ عبد الرحيم البصري المكي وعند الفنجان من القهوة ، كاشفه بما في خاطره ، ومد الفنجان من يده من النافذة إلى مكة المكرمة من داره وناوله زوجته ، وقال يا عبد الرحيم أصلحنا بينك وبين زوجتك المكية ، وستجيء لك بولد إن شاء الله ويكون عالم مكة ومفتيها ، وسماه عمر ، قال الشيخ عبد الرحيم فعدت فوجدت كلامه حقاً وصدقاً وألقى الله المحبة بيني
وبين زوجتي وأخبرتني بدخول الشيخ عليها ومناولته لها فنجان القهوة وشغفها به بعد ذلك ، ثم قـدر الله له الولد الذكر ، وكان عالم مكة ومفتيها وهو صاحب الحاشية على تحفة المحتاج ، وتم ما قاله الشيخ أبي بكر رضي الله عنه ونفعنا به ، آمين.
الثانية : أن السيد عبد الرحمن بن أحمد البيض تلميذ الشيخ أبي بكر دخل عليه في داره ومعه رجل اسمه عثمان خطيب ومعه فنجان قهوة ، فقال يا سيد عبد الرحمن همك كثرة البنات بلا ذكر ، يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ، فقال : نعم سيدي خرجنا لنظرك ولذلك ، فقال : البنات مسعدات دين ودنيا ، وبشراك بولد يختم القرآن ، ثم غيره ، اشرب القهوة بنيتها وناوله الفنجان ، وأنت يا عثمان همك كثرة العولة ، أصلحناك وذريتك وتتسع دنياهم وأنت مجمل جبا بالقهوة ، وناوله الفنجان الثاني وقال : اشرب بنيتها.
فوالله ما نقص حرف من لفظ الشيخ وطلعت الشحـر وحضرت أعراس بناته على سادة ذوي تجارة واسعة ، ثم بعد أيام حضرت ختم ولده الموعود بختمة ، وبسكوت الشيخ أنه يموت.
والثالثة: أنه دخل عليه في داره ، فقام له الفخـر وعظمه وأقبل عليه ، وقال له أنت الشيخ المكي صاحب مكة ، مدرس الحرم الشريف ، فقال هل عندك أحد من الأولاد فقال : لا ، إلا أن زوجتي هذا شهر وضعها ، فأحضرت القهوة وكان فنجان سيدنا الشيخ أبي بكر فنجاناً أحمر فأخذه بيده إلى النافذة ، فقال يا شيخ بكري أشرفنا على زوجتك بمكة وهي متعسرة الولادة لها ثلاثة أيام أعطيناهم الفنجان وقلنا لهم اسقوها ، فأخذت لشفة منه ، وقد ولدت غلاماً مباركاً وقلنا لهم سموه فلاناً ، وبقي الفنجان عندهم وأنت تجده عند أهلك إن شاء الله ويخبرونك بالقصة وسيكون الابن عالم مكة إن شاء الله ، فكان كما قال وحققه الله ذو الجلال ولله الحمد. اهـ
من الذي يرزق الأولاد أهو رب العالمين أم أنه الشيخ أبو بكر بن سالم ؟ قال تعالى : { يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير } [ الشورى : 45 – 50 ] ، ولكن كما ذكرت لك المقصود من هذا الدجل كله ومن هذه القصص جذب الزوار وتنشيط السياحة الدينية في مدينة عينات.

تجارة القبور والكرامات
إنه مشروع ناجح ( ) ويدر رزقاً كثيراً على أصحابه ، ولا يكلف كثيراً ، إنما هـو بناء قبة على قبر الشيخ وتزيينها وزخرفتها وكتابة أوراق في كراماته ، لكي يعتقد الناس فيه ويكثر الزوار وأصحاب الحوائج.
وهذا ما فعله أصحاب عينات مع فخـر الوجـود أبي بكر بن سالم ، وقد حثـوا الناس على زيارته ورتبـوا عليها الثواب الجزيل.
قال صاحب الجواهـر [ ص 201 ] :
يحدثنا أهل المناقب أن زيارته تكون نقداً أي يداً بيد ، ويروى أن زيارته دهليز الزيارة لنبي الله هـود عليه السلام جمعاً وانفراداً ، ويقال إنه يقول : خذه لي ما تستاهل هكذا يقول الحبيب الإمام أحمد بن محمد المحضار ، وقد بشر زائريه وقال :
فيا زائري أبشـر بسولك والمنى وترقى مراقي العـز في كل حضرة
بـزورتــنا تعـلو على كل فـائــق وتحظى بجـنـات المعـارف ونفحـة. اهـ

وتقدم أنهم نقلوا عن الفخـر أنه قال : " من زارنا فأنا ضمينه غداً بالجنة "
قال صاحب الجواهـر في وصف الفخر [ ص 148 ] :
السيد الأكبر طراز النور الأخضر الكبريت الأحمر الكعبة المطهرة الغراء ، فهو بالحج إليه من غيره أحرى ، الذي ما شرب شارب من صبابة كأسه ولا ظهر إلا بإظهاره بعد إندراسه ، وظفرت بالمطلب الذي كنت أحاوله فغنمت الكنـز الأعجب فطالما كنت أزاوله فهو شمس الوجود وعين الشهود الشريف الشيخ أبو بكر بن سالم . اهـ
وإسلاماه يا عباد الله ، انظروا إلى أي حد وصل بهم حب المال ، وكيف يقول عنه : " الكعبة المطهرة فهو بالحج ( ) إليه أحـرى من غيـره " ، هل الحج إلى أبي بكر بن سالم أحـرى من الحج إلى مكة ومن منى وعرفات ؟
سبحانك هذا بهتان عظيم .. هل زيارة أبي بكر بن سالم أحـرى من زيارة المسجد النبوي ؟
سبحانك هذا بهتان عظيم ...

قال صاحب الجواهـر [ ص 177 ] :
وهل كـعبـــة الحــــج إلا إذا بـدا محيـاه في دار يُـــزان بها الربـع
وهل محــرمٌ إلا إذا حـج بيـتــــه ملـب إلى عينات يزعجـه النجـع
وهل عرفات غير عرفان قـدره وهل مشعـر إلا ذراه لمن يدعـــو
وهل حجـرُ إلا أنــامـلُ كـفـــــــه حقيـق أن يجـري بموقـفه الدمـع .اهـ
انظروا يا عباد الله كيف يزهدون في زيارة المشاعر المقدسة التي قدسها رب العالمين وأجمعت الأمة كلها على قداستها ، ويُـرَغِبـون الناس في زيارة البقعة العيناتية وصاحب البقعة العيناتية ، إنه حب الدرهم والدينار ، طغى على عقولهم وقلوبهم ، ولا يبعد القول أن صنيعهم هذا يشبه صنيع أبـرهة عندما أراد أن يصرف الناس عن الكـعبة المشرفة إلى كـعبته التي بناها في صنعاء.
قال صاحب الجواهـر [ ص 12] :
وفيه يقول الأميـر محمد بن جعفـر الكثيـري :
إن جئـت عينـات فحي ثـراهــا واستنشـق العرفـان من ربـاهـا
والصق جبينك بالتراب مقبــلاً شـكـراً لمن أولاك لثـم ثـــراهـا
بلـد أقـام بــها الكمـال وحبـــذا بلـد غـدا الغـوث العظيم حماهـا
واستقبل الشيخ المعظم خاشعاً في ذل نفـس كـي تنـال منـــاهـا


فصل
ولما كان كثير من الناس يتأثر كثيراً بالشعر نظم أصحاب عينات عشرات القصائد في مدح أبي بكر بن سالم ، ليجذبوا الزوار إليهم وتنتعش الحركة الاقتصادية ، والمستفيد الأول هم سدنة الضريح ، ضريح فخر الوجود وعين الشهود أبي بكر بن سالم ، وأذكر منها بعض الأبيات.
قال صاحب الجواهـر [ ص 199 ] :
هـنـيـئـاً لمن أضحى يقبــل نعـله ويجـعـلـه تـاجـاً يصون عن الدوس
وقال صاحب الجواهـر [ ص 149 ] :
يا طالب الحاجات دونـــك بابـه والزمـه تظفـر بالذي تســـعى لـه
ما راع أمـر هـائــل إلا غـــــدا في كل حيـن رافـعـــاً أهــوى لـه
كم من بـلاء أوهـنـت أثـقـالــــه فأمـاط فيهـا بالـرجــــــا أثـقــالـه
كم ألبـس المسلـوب ثوباً معلماً فـغـدا أميـنـاً لـــم يخـف ما هــاله
وقال صاحب الجواهـر [ ص 176 ] :
هـو العـروة الـوثـقى إذا كـنـت واثـقــــاً هــو الـدافـع الضـراء هـو الخـيــر والنـفـع
هـو المجـتـبى لولاه ما كان في الــورى مــن الخـلـق لا وتــــر يـكــون ولا شـفـــع
هـو الـذروة العـليــــا هــو الـــدرة التـي بهـا تــم للرســـــل النـظـــام ولا نـــــــزع ( )
هـو الآيـة الكـبــرى هـو النـقـطــة التـي يــدور بـهـــا الإعـطـاء للخـلــق والـنـفـــع
هـو المظهـر الأعلى هـو الفيصـل الذي أتــى بالهـدى والـديـن لمـا أتــى يـدعــــــو
هـو المـركـز الأعلى هـو المرجـع الذي لأفـلاك كــل الـرســــل حـقـاً لـه الـرجـــع
أقـام لهــذا الـســــــر فـي كــل مـــــــدة إمــــــــام لـه قـلـب وغـــــوث لـه سمــــع
خـليـفــة ســــــــر لا زال مـؤيــــــــــداً مـمــداً لهـذا الكـون كـيـمــا تـرى السـبــع
وهـذا زمـان غـوثـنــا فـيــه سـيـــــــــد إمـــــــــام وقـطـب للفـقـيــــــــر لــه ودع
هـو الوارث الأسـرار ذلـك ابـن ســـالم أبـو بـكــر العـالي لـه الخــفـض والرفــــع
حباه إلــه العــرش أســنى وظيـفــــــــة هـو العرش والكرسي هـو الفرق والجـمـع
هـو اللوح للأسـرار فـي كـل عـــــالــم هـو الـقــلم الجـاري يـقـيـنـــاً فــلا بـــــدع
هـو المانح السـراء هـو الكاشف الردى هـو الـدافــع الضـراء حـقــاً لـه الـرفـــــع
وقال صاحب الجواهـر [ ص 178 ] :
ولولاه ما كـان لحجـيــج معـرفـــــاً ولا مـشعــر يـسـعـى إلـيـــه ولا سـلــع
ولولاه ما غيـث ولا مـزن وابــــل ولا نبت في الوادي ولم يخصب الزرع
ولولاه ما كان المحصب مــن منـى بــه الأمـن لـمــا بالحجـيـــج لـه دفـــــع
ولولاه مـا كـانـت مساجـدنـــا التي بجــمعـتـنـا فــيـها يـقــوم بـهـا الجـمــــع
ولولاه ما كانـت بقـلـب مـراحـــــم على بعـضنا والـزجـر حيـناً كذا الردع
ولولاه مـا كـانت قـضـاة وشــرعـة وحـكـــام عــدل للبـغــاة لـهـم صـقـــــع
ولو شـئت أن أثـبت عـنايات فضله لأعـيا جميع الخلـق من شـرحها التـسـع
أيـا غـوث هـذا الوقـت إن عـبيـدكم يـروم إجـازات يـكـون بـها النــفــــــــع
على بابـك العــالي عـليّ فكـن لـــه بدنيــا وأخـرى حصنـه لـك إذ يـدعـــــو
إلى أن قال :
ومـن لا أسـميـهـا لأنـــك عــــالــم بمـا في ضميـر العـبـد لمـا بـكم يـدعـــو
وألبـســهم ثـوب شـفـــاء وعـــــزة فإنـك حـرز أيـهـا الحـصـن والـــــدرع
وزيّـن لنا الأوطان يا حامي الحمى بنـاصر ديـن الله واحـمـيــــه يـا سـبـــع
وقال صاحب الجواهـر [ ص 182 ] :
لـقـد فـاز مـن أمسـى مريـداً بـبابــه وفـــاز بــه بــــرٌ كـمـا فـــاز طـالـــــح
فـما هـو إلا رحـمـة مـن إلـهـنـــــــا ومـا هـو إلا الفـضــل للذنـب صـافــــــح
أنـارت بـه الأفـاق شـرقـاً ومغـربـاً أنـارت بـه الأبـصــــــار ثـم الجـوانــــح
ومـا هـو إلا البـحـر عـذب فـراتــه وكـوثــــره حـلــو ومـا هــــو مــالــــــح

وقال صاحب الجواهـر [ ص 188 ] :
هـم ( ) عـمـــــدتـــي ووسيــلـتي عـنـد الأصائـــــل والبـواكــــر
هـم عــــدتــي هــم نـجـــــدتـــي وهمـوا عيـاذي في المحـاضر
فـبـهــــم إلـيــــك تـشـــــفـــعــي أن تـقـض حـاجـات الضمـائـر
وبـقـطــب حـضـرتـــــــك التـي هـو حـاكــم فـيـهـــا وآمــــــــر
هــو فـــردهــا هـو غـوثــــــهـا هـو سـر هـاتـيـك الســــرائـــر
الـوارث الـحـبــــــــــــر الــذي ظـهـرت بــه مـنـك المظـاهـــر
أعـنــي ابـن ســـالـم مـن سـمـا ابـن الجـهـــابــــــذة الأزاهــــر
ابـن الشـمـــــوس الأوليـــــــــا ابــن الـــدراري الـزواهــــــــر
بـحـــر الشـريـعــــــة والهـدى كـنــــــز الهــدايــة والـذخـــائـر
لا غـــــــرو أن حـــاز العـــلا فــلأنــــــــه نـجــل لبــاقــــــــر
ابـن الحـسـيـــن وجـعـفـــــــــر ابـن الغـطـاريـــف الأطـاهــــر
ابـن النـبــــي المـصـطـــــــفى مجـلي الـصـدا عن كل خاطــر
ابـن الوصــي الـمــــرتـــضى مـفـنـي العـداة لهـم وكـاســـــر
آبـــــــــــاؤه أهــل الكســـــا أبــــداً بـهـم بـالله فـاخـــــــر
ابـن الشــيـوخ ذوي النـــهى مـن كل حـبـر ثـم مـاهـــــــر
شـيــخ تـقـمـص بالهــــــدى قـطـب بــه العــرفـان دائــــر
منجـي الفـقـيـر مـن الــردى مـن كـل فـاقــرة وفـاقــــــــر
أســـق الـفــــــؤاد بـقــطـرة مـن سحب حضرتك المواطر
أبـــذرت بــــذراً مــثــمـراً يـا خـير ســاق خـيـر بـــــاذر
شـمـس المـعــارف والـسنا نــــور النـواظـر والبـصايــر
وسِــعَ الخـلائــق بالرضــا مـن كـل بـــدوي وحـاضــــر
ذا رحــمــة بـــرزت لـنـــا من فيض فضل منـك باهــــر
أحـيــا المــنــازل والـربـى فسحـابـه بالـفـضـل مــاطــــر
ولســان كـلٍّ بالـثـــنـــــــــــا ولـفـضــلـــه بـلســـان شـاكــــر
هــذا الإمـــــام بــلا مــــــرا ولـشــــرع ديـــــن الله ناصـــر
روض المـعـــارف والـنـدى زهــر الـســنا بـربــاه نـاضـــر
عـيـنــات قالـــت مــرحــبــا عـيــن أتــــى بـــالله نــاظــــــر
فـيـهـا الـمسـاجـــــــد كـلهــا وكـــذا الـمـشــاعــر والـمـآثــر
فـيــهـا الـنـبـــــي مـحـمـــــد فـيـهـا الـصـحـابــة والأكـابـــر
وكــذاك بـغــــــــــداد بـهـــا وكــذلك لبـنــان والـمـفـاخــــــر( )
فـيـهـا جـمـيــع الأولـيــــــاء فـيـهـا الأوائـــــل والأواخـــــر
فـيها جـميع العلوم وما تشاء فـاذهــب إلـيـهـا ثـم سـافـــــــر( )
فـيـهـا الـمثـانـي والـثــنــــــا وكــذاك غـيـب الله ظـاهـــــــر
فـيـهـا الـمحـصـب مـن منى فـيـهـا التـقـا من سـفح حاجـــر
فـيـهـا مـمــــد الكـائـنـــــات بـهــا الـتـجـلـي والـبــشــائـــــر
يــا سـيـــــدي يـــا عـــدتـي أرمــق عــبـيــدك بـالـمحـاجــر
ابـن السـحــــاب الـمـلـتـجى بــذوى الجـنـاب والـســرائــــر
عـجــل لــه كــــل الـمــنــى والأمــــن مــن كــيــد وغـــادر
ادفـــع عـــــداه فــإنــهـــــم آذوه بـغـيـــــــاً وأنــت نـاصـــر
حـاشـــا يـضــام عـبـيــدكــم ابـن الأكـابـــــر والكــواســــــر
احـم الـحـمـى فـفـقـيــركــــم طـلـب الـحـمى إذ أنـت قــــادر
كـم ذا أذود بـغــاتــهــــــــــم عـن كــل ســــوء كــم أصابـــر
كــم ذا أدافـــــــــــع بـالـتــي كـم ذا لـهـم عـــاف وغـافــــــر
لكـن غــــرة ســـــــــوحـكـم كـونــــي عُـبـيـدك في العـشائـر
ولـقـــد تـكـــــرر مـنــــهـــم إذ أنـت أعـلـم بـالـســرائــــــــر( )

وقال صاحب الجواهـر [ ص 195 ] :
يا بـن ســــالم هــمة عــلويــــة يـبـلغ بـها كل الأنــــام مناهــا
يا بن الرسول غناك يا أبا حامد عـبــد ببـابـك لا يــريد سواهـا
أنت الحليم وليس حاجة عبدكم تخفى عليكم فاعجلوا بقضاهـا
أنت المراد بل العماد بل المنى بـل أنـت كل الكل يا مولاهـــا
قل يا عُـبـيـدي لا تخاف وإنمـا أنـت الأخص بسـرها وحباهـا
وذكـر صاحب الجواهـر [ ص 198 ] :
أنت ابن ســالم مـن سـمـت أوصافه وعـليـه من حـلـل الجمال بهــاء
أنت الإمـام الـفـخــر أكـرم سـيـــــد سـاد الورى وعنت له الفصحاء
صـــدر الشـريعـة كنــز كل عنايـة بحـر الحـقـيـقـة سـيــد العـطـاء
منهـاج إرشـاد العـلوم وروضهـــا بــدر له بـســما الكـمال سـنـــاء
حـاوي المعـانـي والبـيـان بـمنـطق فـيـه لكـلِّ العـارفـيـــن شـفــــاء
قطب تسلطن بالجمال على الورى مـلك عـليـه مهـابـة وصـفــــــاء
نـســل الـنـبـوة مـن سـلالة هـاشــم مـولى لـه بـيـن الأنــام عـــــلاء
مـاذا عـسى أثـنـي عـلـيك فـضيلـة عجـز الـقـريظ وفاتني الإحصاء
يـا سـيـد أرضي وجـيـــد زمـانـــه وعـليــه مـن نــور الإلـه قضـاء
إني عـبـيـدك لم أزل طـول المدى فـاكـشـف فـإني مسـني الضـراء
ويـرد لي في الدهــر نظم صفائكم ويطيب لي الإنـشـاد والإنـشــاء
قـلـدت جـيـدي طـول كـل نـوالـكم فـلـذا شـدوت كـأنـني الورقــــاء
فـامـنـن عـليّ بـنـظـرة يا سـيــدي ليكون منـكـم للـســــــــقـام دواء
وأمـــدنـي بـعـنـاية وسـعـــــــــادة مـا بـعـدها أبـــــداً يكون شقـــاء
قل يا علي ( ) الشـر بما قـد رمتـه قـد زالـت الضـراء والبـأســـــاء
وكذلك أصحابي الجميع فـقـم بهــم ومـن الـمقاصـد نـلهم مـا شـــــاء

وذكر صاحب الجواهـر [ ص 199 ] :
إذا كـنـت بالتـحـقـيـق مـعـكـــم فـإنـنــي ظـفـرت بـكـل السـؤل يومي مع أمسي
وكـنـت صحـيحـاً بعـدما كـنـت اعـرجا وأصبحـت في خيـر وأمـن وفي أنــسي
لعـــل إلـهـي أن يـطـهـــر بــيــتــــــــه قلـيـبي من الـشيـطان والغي والرجـس
ويلـبـسـنـي ثــوب الـسـلامـة والـشـــفـا ويـشـفـي فـؤادي والـقـليـب مع النـفـس
وذلـك بـشـيـخي واحـد الـدهـر قـطـبـــه غـيـاث جميع الخلق والمنصب القدسي
أبـو بـكـر الحـامــي بـــــنـور جـبـيـنــه ظـلام ضـلال قــد أتـى ناشـر النـفــس
عـليـك بــبـــــاب لابـن ســـــــالـم إنــه لمنـجي من الأمـراض والصد والنكس
وجــــــز تـربــــة كحـلاً لـعـيـنـك إنـــه شــفـاء من الأسـقـام والضـر والعكـس
محـيـاه أضحـى فـي الـوجـود كـأنــــــه ســراج كـبــدر للأنـــام وكالـشـمــــس
هـنـيـــئـاً لـمـــن أضحى يـَُقـبـِـل نـعـلـه ويـجــعـلـه تاجـاً يصـون عـن الـــدوس
ويـلـثــــــم أعـتــــابـاً يـحــج لـبـابـــهـا سُـــراة رجـال الـغيـب كـل بـها يـرسي
لـقـد أصبحـت عـيـنـات عـيـنـيـن للدنـا مخـلـقـة بالطيـب والـمســك والـــورس
ولم لا وقد أضـحـت عـروســـا بسـيــد تـجـلى بـها فـالـبـدر من نـورها مكـسـي
أيا مـركــز الأقـطاب يا قـبــلـةالـورى أقـلـني عـثـاري يا عـمادي ويـا تـــرسي
ولم لا وأنـت الســـــر ســــر نـبـيـنــــا خـليـفـتـه فـي الـوحـش والجـن والأنــس
تجـمـعـت الأقــطـاب فـيـك جـميـعهـــم فــأولـهم معـروف وآخـــــرهم مـرســي ( )
ورثــت عـلــوماً مــن عـلـوم محـمــــد تـجُــل عـن الإفـشــاء والظـن والحــدس
وقـمـت مقـامـاً يعـجــــز الخـلـق كلهــم وخـضـت بحـــاراً لـم تــرم بـلـة ......
كرعت كؤوس الحـــب من قـبل خلـقـنا وألـبـسـت تـــاج المـلك حــقـاً بـلا لــبس
أيا شـيـخ أشـيـاخ الـوجــود بـأســــــره لـعــرب وروم والأعـاجــــــم والفــرس
أغـث عـبـد رقٍ لـم يحـل عـن ولائـكـم وحـكـم بـنـــاء بـالصـــلاح عـلــــــى أس
وعـامـله بالألـطـاف والحـلم والـنـــدى مـع الأهـل يا مـولاي والـفــرع والجـلـس
ومـن كــان مـنـا بالـقـرابـــة دانـيـــــــا وأصحابنا الأحـياء ومن حـل في الرمـس .اهـ

هذا كله من الغلـو الذي حذَّر الله منه ورسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { قـل يا أهل الكتاب لا تغـلوا في دينكم } [ المائدة : 77 ] ، قال العلماء : الغلـو هو مجـاوزة الحـد في مـدح الشيء أو ذمه ، وضابطه تعدي ما أمر الله به ، والغلو كثير في النصارى ، فإنهم غلوا في عيسى عليه السلام فنقلوه من حيـز النبوة إلى أن اتخـذوه إلهـاً مع الله ، يعبدونه كما يعبدون الله ، بل غلوا فيمن زعم أنه على دينه من أتباعه ، فادعوا فيهم العصمة ، فاتبعوهم في كل ما قالوه ، سواء كان حقاً أو باطلاً ، قال تعالى : { اتخـذوا أحبارهم ورهبانهم أربـابـاً من دون الله والمسيح ابن مـريـم وما أمـروا إلا ليعـبدوا إلهاً واحـداً لا إله إلا هـو سبحـانه عـمـا يشركـون } [ التوبة : 31 ]. فالغـلـو في الإنسان سبب لعبادته ، ولهذا حـذَّر الرسول صلى الله عليه وسلم من مجاوزة الحـد في مدحـه والغـلـو فيه فقال صلى الله عليه وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد الله فقـولـوا : عبد الله ورسوله " [ رواه البخاري عن عمر ] . والإطراء هـو مجاوزة الحـد في المدح والكذب فيه.
وقبل النصارى قوم نوح عليه السلام فإنهم كـفـروا لما غلوا في الصالحين قال تعالى : { وقالوا لا تـذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً } [ نوح : 24 ] ، قال ابن عباس هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ، فـفـعـلوا ولم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عُبِـِدتْ .
وقال ابن جـريـر : حدثنا ابن حميد حدثنا مهران عن سفيان ع موسى عن محمد بن قيس : أن يغوث ويعوق ونسرا كانوا قوماً صالحين من بني آدم ، وكان لهم أتباع يقـتـدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الـذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كانوا أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم . فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس ، فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم.

فصل
وبعد هذا الكلام سأذكر لك أخي القارئ بعض الكرامات التي مؤلف كتاب الجواهـر في مناقب الشيخ أبي بكر تاج الأكابر ، ثم أختم بعدها بذكـر وجه التشابه بين غلاة الصوفية وبين الهندوس عبدة الأصنام.
ذكر صاحب الجواهر فصلاً في تعريف الشيخ عند الصوفية بعنوان ( بيان الشيخ لغة واصطلاحاً ) [ ص 36 ] ومما جاء فيه :
وسئل الشيخ أحمد بن الجـعـد متى يكون الشيخ شيخاً ؟
قال : لا يـكـون الشيخ شيخاً حتى يمـحـو سـيـئـات مريـده ( ) من اللوح المحفوظ. قال الشيخ سعيد بن عيسى العمودي : وكيف غـفـل حتى كتـبـت. اهـ
من كتاب ظهور الحقائق لمـؤلـفـه السيد عبد الله بن علوي العطاس ملخصاً. اهـ
الله أكبر يا صوفية حضرموت !! حتى اللوح المحفوظ لم يسلم من خرافاتكم ودجلكم حتى صرتم تعبثـون به كما تشاءون وتمسحون منه سيئات من تشاءون ؟؟ إذا لا يسمى اللوح المحفوظ ، وكيف يكون محفوظاً وأنتم تعبثون به ؟؟ فقد صار لوحاً مكشوفاً ، الأول يدعي أن الشيخ هـو الذي يمحو سيئات مريده منه ، والآخر يزعم أن الشيخ يمنع أن تكتب سيئات مريده أصلاُ ، فهو يقظ مراقب للوح المحفوظ وليس غافلاً عنـه.
وذكر صاحب الجواهـر فصلاً بعنوان ( طلبه للعـلم الشريف ) [ ص 43 ] ، ومما قال فيه : وأخذ عن علامة الإسلام الفقيه عمر بن عبد الله بامخرمة بسـيـئـون ، ولم يشتهر أن أحداً قرأ عليه كتاباً إلا سيدنا الفخر أبا بكر بن سالم ، فقد قرأ رسالة الإمام القشيري عليه ، لأنه لا يمكّـن أحداً يقرا عليه إلا من علم منه النجاح والفلاح وتفرس فيه ، وفي مسجد عبد الملك بسـيئون جرت لهما هذه الطريقة الغريبة والكرامة الخارقة ، فقد جرى ذكر كرامات الأولياء فطلب الشيخ أبو بكر تصويرها في المجلس ، فصورها له هذا الإمام في جمع حاشد من الناس وضع نواة في المسجد قبل تجصيصه ، وأمر بماء يغمره ، فظهرت نخلة بكر بها وليفـها وسعفها ، وبدأ الطلع في النخلة وأبر في المجلس ، وبان الثمر ، وكان رطبا ًجنياً ، فقال الشيخ عمر : قم وهات ما يناسب مع الرطب ، فقام الفـخـر إلى البركة الشرقية النجدية وأتى بسمكة وأكل كل الحاضرين من ذلك الرطب والسمك. قال العلامة الحبيب أحمد بن الحبيب الحسن العطاس ، إن البركة تعرف اليوم ببـركة الشيخ أبي بكر يستـشـفى بها من الرمد ، وأثر النخلة تعرف ، هكذا سمعنا من السلف والخلف. اهـ
وقال صاحب الجواهر [ ص 77 ] : ومـرة طلع إليه أولاده الكبار الشيخ أحمد والشيخ الحامد والشيخ عمر المحضار ، وكان ذلك مع وصول ركاب نـذور جاءته من القـبـلة هـن وحمولهن عددهن سبعون جملاً ، وكان الشيخ يـذبح منهن لغداء الزوار كل يوم واحداً أو إثـنـيـن ، فلما استقر بهم المجلس أرادوا أن يطلبوا منه شيئاً من الركاب يحرثون عليها ، فاطلع نفـع الله به على السرائـر وأقبل عليهم بوجهه الكريم وناطقهم ابـتـداء قبل أن يتكلموا وقال لهم طلعتم لأجل هذه الركاب ، خذوا إلي تبغون ( ) منهن ، وعزة ربي وجلاله ، إني عقرت الكون لكم خليت دمه يقـرقـر ، ولكن اذهنوا لغيرها ( ) أنا قـد سلبت جميع الأولياء ما عاد بقيت شريفة بنت صاحب خيلة عاد معها حال كبير ، وأنا دخلنا عليها بزواج وأخذنا الحال الذي كانت متصعبة عليه والآن قد مهدناها لكم وخليناها دنان بإذن الله. اهـ

وقال صاحب الجواهـر [ ص 78 ] : وفي الزهر الباسم قال أخبـر السيد السالك الولي الناسك شيخ بن علي بن هارون ، قال جئت لزيارة سيدي الشيخ فلما طلعت الدار رأيت كثـرة الزوار والأخدام يدخلون على من يخدم لنفقة الضيفان في المطبخ من النساء ويحيوا ( ) هذا الحال وغالبهم عوام وشبان ، ثم أذن لي فدخلت على سيدي الشيخ فحيث وقع نظري عليه قال ابتداء يا شيخ إنّـا ننظر على قـلوب أصحابنا ونحفظها فلا عاد يقع في شيء مما وقع في الخاطر ، فتعجبت من اطلاعه على ذلك الخاطر. اهـ
إذا كان رب العالمين أرشـد نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يرشد الصحابة وهم أفضل القرون وصفوة الخلق بعد الأنبياء : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } [ النور :30 ]
وقال صلى الله عليه وسلم : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " [ رواه البخاري ومسلم ]
وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تركـت بعدي فـتـنـة أضـر على الـرجال من النساء " [ رواه البخاري ] ، ولكن هؤلاء القوم فساق وفي نفس الوقت يتظاهـرون ويتفاخـرون بالديـن فاضطـروا إلى أن يصبـغـوا فسـقهم بالصبـغـة الشرعية فأتوا بالطامات. و
ذكر صاحب الجواهـر [ ص 91 ] : فصلاً بعنوان ( قصيدته الـفـخـرية ) ثم ذكر هذه القصيدة ونسبها لأبي بـكـر بن سالم وهي :
صـفـت لــي حـميا خـلـي واسـقـيـت مـن صـافـيــها
اقـبــــل وثــنــــي يــمـلي عـلى الــــذي يـعـلـيـــــها
مـن ذا شــربـها مـثـــلي أنـا قـبـل لا يـصـفـيـــــــها
أنا قــبـل قــبــل القـبــلــي وبـديــت عـلـى هـاليـــها
أنا أعـطـيـت كل الـفـضل تــكّـرم عـلــي والــيــــها
أنا المـجـتـبـى بـيـن أهلي وشـفـعـت فـي عـاصيـها
أنا أعـــزل أنـــادي ولـي أنا شـيخـهـا وقـاضـيـــها
أنا حـتــف أهـل الـوصل تـكّـرم عـليّ بـاريــــــها
أنا حـتـف أهـل الـعــــدل ونــار الجـحـيـم أطفـيها
مــن كان يـنــكـر فـعـلي يجـرب وأنا حامـيــــها
أنا بــــازهــا والـشـهـب أنــا لـلمثــاني أقـريـــها
وعين الحـقـيـقـة عـيـني وأشــرب مـن كاسيــها
وفخـر الوجود الفخـري أبو بـكــر لي يـحـمـيـها
وراقـت حـمـيــا قـربـي وإنـي لـهــا سـاقــيــــها
وأفـلـت شـمـوس الكـــل وهـا شـمـسـنا ضاحـيها
أنـا عـرشـها والكـرسـي وأنـا لـلسـمــاء بـانـيــها
شف أهل الكسا بالـفضل وجبـريـل لي راويـــــها
فهــذه رســـــالـة تـبـنـي بـنـص الـقـرآن واتـليــها. اهـ
الله أعلم هـل قال أبو بكـر بن سالم هذه القصيدة أم نسبوها إليه ؟
على كل حال فهي قصيدة تدل على ضلال قائلها وكـفـره ، وكيف يـزعم أنه هو الذي بنى السماء ؟!!!
هـل ترضى أخي القارئ أن تقوم بعمل تعمله وتـتـقـنـه ، ثم بعد الفراغ منه يأتي شخص آخر ويزعم أنه هـو الذي عمله وأتـقـنـه ، ألا يغضبك هذا ويؤذيك ؟
فكيف بهذا الكذاب المفتري الذي بلغ القمة في الكذب ، كيف يزعم أنه هـو الذي بني السماء ، والله عـز وجـل يقول : { والسماء بنـيـنـاها بأيـد وإنا لموسعـون } [ لنازعات : 27] . وقال عز وجـل : { أفـلم يـنظروا إلى السماء فوقهم كيف بـنيـنـاها } [ ق : 6 ] . وقال سبحانه : { والسماء وما بناها } [ الشمس : 5 ] . وقال سبحانه : { الله الذي جعـل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء } [ البقرة : 22 ] .
ولا أدري ماذا يريد بقولها ( وأنا عـرشـها ) ، هـل يريد عـرش الرحمن ؟ وهل يرجع الضمير على عز وجل بلفظ التـأنيـث ؟ لا أسـتـبـعـد هذا وقد خطب بعض غلاة الصوفية رب العالمين بلفظ التـأنـيـث – والعياذ بالله -.
وكيف يزعم أنه هـو العرش والله سبحانه أخبـر في مواضع من كتابه أنه استوى على العرش كقوله تعـالى : { الرحمن على العرش استوى } [ طه : 5 ] فهل استوى الرحمن على أبي بكـر بن سـالم ؟؟؟
سبحانك هذا بهتان عظيم.
وكيف يزعم أنه الكرسي والله عـز وجل يقول : { وسع كرسيه السموات والأرض } [ البقرة : 55 ] .
ألا لعنة الله على الكاذبين.

قال صاحب الجـواهـر [ ص 107 ] :
منشآتـه الكـبــرى
للشيخ أبي بكـر بن سالم منشآت كبرى في عينات وأجلها نفعاً ووقعاً وأجـراً وأثراً وذكـراً مسجده الشريف الجامع روح البلاد الذي تعقد فيه الجماعات والمجتمعات والدروس العلمية وتقرأ الأحزاب القرآنية والدعوات والأوراد والأذكار على الدوام ، وقد أشار على موقعه الأئمة العارفون قبل أن يظهر ويكون كما جاء في أوائل الترجمة. وقام الفخـر بتجديـده وأمـر المعلم ببنـائه وتـشـيـيده ، فشرع فيه وأشاده صرح مبانيـه وقام بتصميمه وتنظيمه وحصل ذهول مع المعلم ( ) وبني على غير المراد ( ) فوجد ما لا يريد وكانت بيده عصا فضرب الجـدار وارتعد وزال عن موضعه ، وسار حتى بلغ المحل المقصود الذي يحبـه صاحب الترجمة ( ) وأشار على الجدار بالاستقرار بقدرة العزيز القهار. قال الشيخ عبد الله بن أبي بكـر قدري باشعيب :
فأنت قـــد أومـيـت يا ســـيــدي إلى جـدار كـي يـــزول فـزال
أعطاكـم التـصريف فيما يشـاء حـيـاً وميـتـاً ربـنـا ذو الجــلال. اهـ
نحن نعلم أن اله على كل شيء قدير ، ولكن القوم ليسوا ثقات ومعروفون بالكذب ، فكيف نصدقهم بهذه الخيالات التي يزعمون أنها كرامات وهم مخالفون لشريعة الله في الأصول فضلاً عن الفروع ، ورحم الله الشاعر حيث قال:
لي حيـلـة فـيـمـن يـنـم وليس في الكـذاب حيـلة
من كان يخلق ما يقول فحـيـلـتـي فـيــه قـلـيـلـة
وهـل صوفية حضرموت أفضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في فضائل عائشة رضي الله عنها : ومن خصائصها أن الله سبحانه برأها مما رماها به أهـل الإفك ، وأنزل الله في عذرها وبراءتها وحياً يُـتـلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة ، وشهد لها بأنها من الطيبات ، ووعدها المغفرة والرزق الكريم ، وأخبر سبحانه أن ما قيل فيها شراً لها لا عائباً لها ، ولا خافضاً من شأنها ، بل رفعها الله بذلك ، وأعلى قدرها وأعظم شأنها ، وصار لها ذكراً بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء ، فيالها من منقبة ما أجلّها.
وتأمل هذا التشريف والإكرام الناشئ عن فرط تواضعها واستصغارها لنفسها حيث قالت : " ولشأني في نفسي أحقـر من أن يتكلم الله فيّ بوحي يُـتـلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيـا يبرئني الله بها".فهذه صديقة الأمة وأم المؤمنين وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي تعلم أنها بريئة مظلومة ، وأن قاذفيها ظالمون لها ، مفترون عليها ، قد بلغ أذاهم إلى أبويها وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا كان احتقارها لنفسها وتصغيرها لشأنها ، فما ظنك بمن صام يوم أو يومين ، أو شهراً أو شهرين ، وقام ليلة أو ليليتين ، فظهر عليه شيء من الأحوال ، ولاحظوا بعين استحقاق الكرامات والمكاشفات والمخاطبات والمنازلات وإجابة الدعوات ، وأنهم ممن يتبرك بلقائهم ، ويُـغتـنم صالح دعائهم ، وأنهم يجب على الناس احترامهم ، وتعظيمهم ، وتعزيرهم ، وتوقيرهم ، فيُتَمَسح بأثوابهم ، ويُـقَـبـّـل ثرى أعتابهم ، وأنهم بالمكانة التي يُـنـتـقـم لهم لأجلها ممن تنقصهم في الحال ، وأن يُـؤخذ ممن أساء الأدب عليهم من غير إمهال ، وأن إساءة الأدب عليهم ذنب لا يكفره شيء إلا رضاهم.
ولو كان هذا من وراء كفاية لهان ، ولكن من وراء تخلف ، وهذه الحماقات والرعونات نتائج الجهل الصميم والعقل غير المستقيم. فأن ذلك إنما يصدر من جاهل معجب بنفسه ، غافل عن جرمه وذنوبه مغتـر بإمهال الله تعالى له عن أخذه بما هـو فيه من الكِبَـر والإزراء على من لعله عند الله عز وجل خير منه.
نسأل الله العافية في الدنيـا والآخرة ، وينبغي للعبد أن يستعيذ بالله أن يكون عند نفسه عظيماً وهـو عند الله حقير. [ إجلاء الأفهام في الصلاة على سيد الأنام – ص 181 ]

قال صاحب الجواهـر [ ص 231 ] :
كراماته نفع الله بها في وقائع شتى
منها وساطته في التـزوج بالجـنـيـــة
فمنها ما وقع لعوض بامزروع وذلك أنه كان يلـقم بقـرة له تحت بيـتـه بالجانب القبـلي من بلدة الواسطة ، فذكـر لسيدنا الشيخ أن بنتاً صغيرة من الجـن تأتي إليه تسامره ، فعرض عليه التـزوج بها فأجاب فتـزوجها بتـوسط الشيخ أبي بكـر ، وهو صحيح عند كثير من علماء الشافعية وغيرهم منهم البارزي والجمال والرملي وأفتى به ابـن عبسين وغيرهم ومنعه آخرون ، فحين بلغت الجـنيـة أمره الشيخ أن يطلقها خشية الحبل ففعل رضي الله عنه.اهـ
وذكـر صاحب الجواهـر [ ص 229 ] : فصلاً بعنـوان ( ومن كشفه الخارق الذي أكـرمه الله به ) :
وذكـر فيه أن أبا بكـر بن سالم قال ليوسف بن عابد الحسني ( صاحب فاس ) يا يوسف أنا أبو الأرواح وقد نظرتك في صلب أبيك وحضرت ولادتك. اهـ
وقال صاحب الجواهـر [ ص 228 ] : ومنها ما في نبـذة الشيخ أحمد باوزير : قيل أن جماعة أتوا لزيارة الشيخ ، فقال بعضهم لبعض في الطريق نختبـر الشيخ ، نريد غدانا من صيد البحـر والـرطب وذلك في غير أوان الخريف ، فدخلوا عليه وباسطهم ثم قال لخادمه : اذهب بالجماعة للمنـزل الفلاني في بيته فإن غداهم فيه ، فقاموا إلى المنزل فوجدوا طلبهم من صيد البحـر المقلي والرطب ، فحاروا وعجبوا وأكلوا حتى صدروا ، فأخذ الخادم المفتاح لحفظ ما بقي فرجع ولم يجد شيئاً. انتهى ملخصاً.


القهوة لما نويت لـه
جاءت الروايات عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ماء زمزم لما شُرب لـه " ، ولازال العلماء يعلمون أتباعهم بهذا عند شرب زمزم ويحثونهم على النية الحسنة عند شربها ، وكان أحد العلماء إذا شرب ماء زمزم يشربه بنية ألا يعطش يوم القيامة.
وأما صوفية حضرموت فاخترعوا للأمة شيئاً جديداً وزعموا أ، القهوة لما شُربت له.
قال في الجواهـر [ ص 220 – 221 ] : وكان سيدنا الشيخ ممن أثـنى على القهوة وشربها ، وكان يشرب منها لوحده رطلاً بعد صلاة الصبح إلى الشروق .......... وكان يقول : ( القهوة لما نـُويَـت له ) ويأمر زائريه بشربها على نية نجاح مقاصدهم. اهـ
وقال صاحب تذكير الناس [ ص 118 ] : وكان سيدي ( ) رضي الله عنه يقول : إن قهوة البـن بدون سكر تـرفع وخم البطن وتُعـين على السهر ، وكان له منها كل يوم وقت انتباهه من نوم القيلولة نحو خمسة عشـر فنجاناً ، ومثلها وقت استيقاظه من النوم آخر الليل ، وإذا نزل ضيفاً عند أحد فلا يرقد حتى تقرب له أدوات القهوة.
وذكر رضي الله عنه عن شيـخه الحبيب أبي بكـر بن عبد الله العطاس أنه قال : كان السيد أحمد علي بحـر القديمي يجتمع مع رسول الله يقظـة ، فقال ك يا رسول الله أريـد أن أسمع منك حـديثاً بلا واسطة . فقال ك صلى الله عليه وسلم أحـدثك بثـلاثـة أحـاديث : الأول ، ما زال ريح قهوة البن في فـم الإنسان تـسـتـغـفـر له الملائكة ، الثاني ، من اتخـذ سبحـة ليذكـر الله بها كتب من الذاكـرين الله كثـيـراً ، إن ذكـر بها أو لم يذكـر ، الثالث، من وقـف بين يدي ولي لله حي أو ميـت فكأنما عبد الله في زوايا الأرض حتى يتقطع إربـاً أربـاً. ( )
قال سيدي رضي الله عنه : وكان الحبيب أبو بكر بن عبد الله العطاس يقول : إن المكان الذي يُـترك خالياً يسكنون فيه الجن ، والمكان الذي تفعل به القهوة لا يسكنونه الجن ولا يقربونه.
وكان سيدي رضي الله عنه إذا أكمل ورد الليل وأحضرت القهوة بين يديه يقول ( الفاتحة ) لمشائخ القهوة البنية ومن شربها بـِنـِـيَّـة من صالحي الصوفية أن يتغشاهم الله بالرحمة والمغفرة ، وأن الله بجاههم عليه يبلغـنا كل أُمنِـية ويحفظنا من كل أذية ، ويسهل أرزاقنا الحسية والمعنوية وجيع البلدان الإسلامية ويصلح العمل والنيـة والعافية والذرية بجاه نبـيـنـا محمد خيـر البرية صلى الله عليه وسلم. ( )

وقال صاحب تذكير الناس [ ص 52 ] :
وذكر الشيخ خليل في فتاويه أن نبي الله سليمان عليه السلام لما مـر بعد أبـيـن شكوا إليه وخم الجهة ، فأمر بطبخ البـن وشرب القهوة. اهـ
ما صحة هذه الرواية عن سليمان عليه السلام ومن رواها ؟ ثم أن المعروف أن القهوة لم تُـعرف إلا في العصور المتأخرة.

ولا أدري لماذا هذا التقديس كله للقهوة ، مع أن الأطباء ذكـروا أن لها أضراراً كثيـرة ويحذرون من الإكثار من شربها ، والقوم يدندنون حول القهوة بل ذكـر صاحب الجـواهـر [ ص 128 ] فصلاُ بعنـوان:

الكرامات المختصـة بالقـهـوة

له بخصوص قهـوة البن خـمس كرامات خارقة ، الأولى : قد ذكرت في موضوع رحلاته وملخصها أن ولي عبد الوهاب بن ولي الله الهندي قال جاء الشيخ أبـو بكـر إلى مكة يعني بالباطن واجتمع به وأخرج له كوزاً ملآن قهـوة حارة . انتهى ملخصاً من الزهر الباسم ، ثانيهما : أنه دخل السيد عبد الرحيم على الشيخ الكبيـر أبي بكتر بن سالم نفع الله به مستـشـفـعـاً بسره في التأليف بينه وبـين زوجته المكية بالغة الجمال والكمال والمال ، نافوا ( ) الجميع هي وأهلها عن عبد الرحيم لـفـقره وقامـوا عليه ولازموه في الطلاق فهرب فلما رآه سيدنا الشيخ أبـو بكـر بن سالم قال أتحب المكية يا عبد الرحيم ، فقال : نعم ومتيم صب بها وقصدي نظركم ودعوة بإصلاح أمري معها عل صبري ، وبيد الشيخ فنجان قهوة كبير أخضر وعنده روشن مفتوح فقال جبا بالقـهوة وهبابها وأخرج يده ورجعت خلية ( ) بمحضر الجم الغفيـر ، فقال أصلحنا شأنك يا عبد الرحيم بالشفاعة هي لما نويت له ، فزوده الشيخ ورجع إلى مكة فلما علم أصهاره بدخوله مع القافلة خرجوا وتـلقوه بغاية الفرح والسرور وقصدوا به دارهم وأدخلوا زوجته عليه فوجدها بأعظم مما عنده لها من الحب والمودة ، وقالت عجبت مع غيبتك وقت كذا بيوم كذا لم أشعر إلا برجل صفته كذا ناولني هذا الفنجان ملآن قهوة وغاب عني ، لم أدر من أين مدخله ومخرجه ، فبهت وشربتـه فأملأ الله قلبي وأهلي حبك من ذلك الوقت ، فإذا هـو ذلك الفنجان بـنـفسه ووصف الوقت والشيخ بكمال وصفه.اهـ من نبذة متعلقة بمناقب صاحب التـرجمة للشيخ أحمد بن عبد الرحمن باوزير وأبقيناها بنصها. ثالثهما: ما في النـبـذة المذكورة للشيخ المذكور نقلاً مما وجد بخط والده الشيخ عبد الرحمن بن محمد با وزير قال : بينما سيدنا الشيخ نفع الله به جالساً بحضرته الشريفة وهي جامعة زوار من كل جهة إذ دخل عليهم رجل في صورة درويش فقام له الشيخ وعظمه وأقبل عليه بكليته وقال له الشيخ : أأنت الشيخ البكـري صاحب مكة مدرس الحرمين الشريفين فقال نعم هل عندك أحد من الأولاد ، فقال لا إلا أن زوجتي هذا شهر وضعها فجاءت القهوة وكان لسيدنا الشيخ فنجان قهوة أحمـر فأخذ بيده الكريمة الفنجان وأخرجه من الخـلفة( ) وردها ولا بها فنجان ثم قال يا شيخ بكـري أشرفنا على زوجتـك بمكــة فوجدناها بالولادة متعـسرة لـها ثلاثة أيام أعطيناهم الفجان القهوة وقلنا لهم اسقوها فحين أخذت نـشفـة ( ) ولدت غلاماً مباركاً وقلنا لهم سموه فلاناً وبقي الفنجان عندهم وأنت تجده عند أمك إن شاء الله يخبرونك بالقصة وابنك هذا يكون عالم مكة فكان كما كان نفعنا الله به قال الراوي وقد رأيت الفنجان بعينه اهـ ( من النبذة بلا تصحيح العبارة أمانة للنقل ).
رابعـها : قال في الزهـر الباسم ما أخبر به بعض من زاره من جهـة الشام قال لما جلست عند سيدي الشيخ خطر لي أن أطلبه الدعاء في رضا زوجة لي هنا ولي مدة طويلة مفارق لها ومعي منها هوى شديد فبدأني الشيخ في الحال قبل أن أسأله وقال ما عاد يقع لك من أهلك إلا الرضا ولو أردناهم أحضرناهم لك في هذا المجلس ولكنا نعطيهم هذا الفنجان يشربونه وبيـده فنجان قهـوة ثم سـرت إلى بلدي فلما وصلت لم أر منهم إلا الرضا فسـألتهم هـل دخل عليكم أحد في يوم كذا فقالوا رجل صفته كذا وكذا وبيـده فنجان قهوة فـناولنـيـه فشربتـه وذكرت صفة الشيخ أبي بكـر رضي الله عنه والساعة التي كنت فيـها قال العبد الفقيـر إلى الله عبد الله بن أبي بكـر باشعيب قلت وقد اشـتمـلت هذه الحكاية خمسة كرامات الأولى اطلاعه على خاطر الرجل الثانية صرف حالة الزوجة من حالة الغيظ إلى حالة الرضا والثالثة تصرفه المـؤذن به قوله رضي الله عنه لو أردناهم أحضرناهم الرابعة طي بعد المسافة البعيدة في ذلك ومناولته لها الفنجان الخامسة التجـري.
وخامسها: ما نقل من كتاب الإفـتاء بحلية الأبـرار عن السيد الفـاضل الولي الإمام عبد الرحمن بن أحمد البيض علوي أحد تلاميذ سيدي الشيخ الخواص أنه خرج لزيارة شيخه الشيخ أبي بكـر بن سالم ومعه رجل اسمه عثمان خطيب فدخلا عليه ومعه فنجان قهـوة فقال في نفع الله به يا سيدي عبد الرحمن همّـك كثرة البنات بلا ذكـر يهب لمن يشاء إناثـاً ويهب لمن يشاء الذكور ، فقال نعم سيدي خرجنا لنظرك ولذلك فقال البنات مسعـدات ديـن ودنيـا وبشراك بولد يختم القرآن ثم غيـره اشرب القهوة بنيـتـها وناوله الفنجان الثاني وأنت عثمان همّـك كثـرة العـولة أصلحناك وذريتـك وتـتـسع دنياهم وأنت جبـا بالقهـوة وناوله الفنجان الثاني وقال اشرب بنـيـتها فوالله ما نـقص حـرف من لفظ الشيخ وطلعت الشحـر وحضـرت أعراس بنـاتـه على سادة ذوي تجارة واسعة ثم بعـد أيـام حضرت ختـم ولـده الموعـود وسكـوت الشيخ عنـه فعـرفت أنـه يـموت.

فصل
قال بعض أهـل العـلم : والمقصود من هذا معـرفة أن من يـدّعي علم شيءٍ من المغيبات فهو إما داخل في اسم الكاهن ، وإما مشارك له في المعنى فـيـلحق به ، وذلك أن إصابة المُـخـبر ببعض الأمور الغائبـة في بعض الأحيان يكون بالكشف ، ومنه ما هو من الشياطين ، ويكون بالفـأل الحسن والزجـر والطيـر والضـرب بالحصى والخـط في الأرض والتـنجـيم والكهانة ونحـو هذا من علـوم الجاهلية.
ونعني بالجاهلية : كل مَن ليس مِـن أتباع الرسل كالفـلاسـفـة والكهان والمنـجمين وجاهلية العرب الذين كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. فإن هذه علوم قوم ليس بهم علم بما جاءت به الرسل عليهم السلام. وكل هذه الأمور يسمى صاحبها كاهناً وعرافاً أو معناهما ، فمن أتاهم فصدقهم بما يقولون لحقه الوعيد.
وقد ورث هذه العلوم عنهم أقوام فادعوا بها علم الغيب الذي اسـتأثـر الله تعالى بعلمه ، وادعوا أنهم أولياء وأن ذلك كـرامة. ولا ريب أن من ادعى الولاية واستدل عليها بإخباره ببعض المغيبات ، فهو من أولياء الشيطان لا من أولياء الرحمـن ، إذ الكـرامة أمـرٌ يجـريـه الله على يد عـبده المؤمن المتقي ، إما بدعاء أو أعمال صالحة لا صنع للولي فيها ، ولا قدرة له عليها بخلاف من يدّعي أنه ولي لله ويقول للناس : اعلموا إني أعلم المغيبات ، فإن مثل هذه الأمـور قد تحصل بما ذكرنا من الأسباب وإن كانت أسباباً محرمة كاذبة في الغالب. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في وصف الكهان " فيكذبون معها مائة كذبة " فبين أنهم يصدقون مرة ويكذبون مائة. وهكذا حال من سلك سبيل الكهان ممن يّدعي الولاية والعلم بما في ضمائر الناس مع أن نفس دعواه دليل على كـذبه ، لأن في دعواه الولاية تـزكـية للنـفـس المنهي عنها بقوله تعالى : { فلا تـزكوا أنـفــسكم } [ النجم : 33 ] .
فكيف يـأتون للناس يقولون : اعـرفوا إنـّا أوليـاء ، وإنـّا نعلم الغيب.
وفي ضمن ذلك طلب المنزلة في قلوب الخلق ، واقتناص الدنيا بهذه الأمور ، وحسبك بحال الصحابة والتابعين وهم سادات الأولياء. أفكـان من عندهم هذه الدعاوى والشطحات شيء ؟ لا والله. بل كان أحدهم لا يملك نفسه من البكاء إذا قرأ القـرآن كالصديق ، وكان عمر يُـسمَـع نشيجه من وراء الصفوف يبكي في صلاته ، وكان يمر بالآية في وِرْدِهِ بالليل فيمرض منها ليالي يعوده الناس ، وكان تميم الداري يتقلب في فراشه لا يستطيع النوم إلا قليلاً خوفاً من النار، ثم يقوم إلى صلاته.
ويكفيك في صفات الأولياء ما ذكر الله تعالى من صفاتهم في سورة الرعـد والمؤمنين والذاريات والطور ، فالمتصفون بتلك الصفات هم الأولياء والأصفياء لا أهل الدعوى والكذب ، ومنازعة رب العالمين فيما اختص من الكبرياء والعظمة وعلم الغيب ، بل مجرد دعواه علم الغيب كـفـر ، فكيف يكون المدّعي ولياً ؟
ولقـد عظم الضـرر واشتد الخطب بهؤلاء المـفـتـرين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين ، ولبّـسوا بها على خـفـافيش البصر. نسأل الله السـلامة والعـافـية في الدنيا والآخـرة.


وجـه التـشـابـه بين الهـنـدوس عـبـدة الأصنام
وبين غلاة الصوفيـة في حضرموت

أجرت مجـلة الأسـرة ( العدد 122 – رجـب 1423 هـ ) لقاء مع شخص اسمه محمد شان ، وكان هندوسياً ومن أسرة مقدسة في تلك الديانة ثم انـتـقـل إلى البـوذية ومنها إلى الـنصرانية التي أصبح فيها قسيساً ، ولأنه يبحث عن الحق كان لابد أن يصل إلى لإسلام ، وكان معه هذا الحوار:
ماذا كانت ديانتك قبل الإسلام ، وكيف كانت حياتك ؟
أنتمي إلى عائلة مقدسة في الديانة الهندوسية بسيريلانكا ، يتمتع أفراد أسرتي بثـراء فاحش ، كما أنهم يتعالون على بقية الناس ، وأتذكر وأنا صغير لم أتجاوز العاشرة من العمر أني لعبت مع أحد الصبية الصغار ، عندما رآه والدي ضربه ضرباً مبـرحاً لأنه تجاوز الفروقات الطبقية التي لا تسمح لمثله أن يقتـرب فضلاً أن يلعب مع من هو في طبقتي.
كيف كانت ممارستكم الدينية الهندوسية ؟
كان لي معلم يتولى الإشراف على دراستي الدينية ، وهذا المعلم الرئيسي رجل يمارس ما يسمى بـ ( السحـر الأسود ) مثل المشي على الجمـر أو على كسر الزجاج حافياً دون ألم ، وكذلك إدخال المسامير في اللسان والخد دون خروج دم أو إحساس بالألم.
هل تعلمت هذه الحركات ومارستها بنفسك ؟
نعم كنت أمارسها أمام الناس من الطبقات الدنيا ، وكانوا يعتقدون أني أتقن هذه الحركات لأني أنحدر من تلك العائلة المقدسة.
ما هو تفسير قدرتكم على أداء هذه الحركات العجيبة ؟
كنـا نستـعـين بشياطين الجـن الذين كانوا يقدمون لنا أشياء تكرس في نفوس أبناء الطبقات الدنيا قداستنا ، إضافة إلى ذلك فقد كان الناس يسألونني عن أمور غـيـبـيـة ، وكان الجـن يحـضرون المعلومات بل ويتحـدثون على لساني ، لأنهم يتلبسون بي أحياناً استغلالاً للجهلة لصرفهم عن الحق.
هل كنت تحـس بدخول الجـن إلى جسدك ، وماذا كانت مشاعرك نحو هذا الأمـر ؟
بدأت الشكوك تساورني عندما كان عمري قريباً من الخامسة عشرة ، وكان من دوافع تلك الشكوك كثرة الآلهة عندنا ، حيث يوجد في منزلنا قرابة مائة وخمسين إلهاً ، كل واحد منهم يختص بجزء من شؤون الحياة ، فأحدهم إلى المطـر ، وثنٍ للقوة ، وثالث للحكمة ، ورابع للحـب وخامس للرزق .... ألخ ، وكان أحدهم في العقيدة الهندوسية لا يغني عن الآخر ، لذلك تـساءلت : هل هذه آلهة حـقـيـقــة ؟ إضافة إلى ذلك كان معلمونا ينهروننا عندما نسألهم بعض الأسئلة حـول بعض الأمور التي لا تنسجم مع العقـل والمنطـق السليم.
ولكن نقطة التحول كانت عندما كان معلمي الـرئيسي في إحدى المرات يقوم بسحر أسود ، وأبلغـه الجـن أن يغادر ذلك المكان قبل الساعة الرابعة عصراً ، ولكنه كان سكـيراً فشرب الخمر ونسي مغادرة ونام ، وبعدما أفاق فقد القدرة على الكلام ، قمت بزيارته بعدها ، فأبلغني أن شياطين الجـن هم من فعل به ذلك وحذرني منهم.
كم كان عمرك حيـنها ؟
كنت أبلغ من العمـر 24 عاماً تقريباً.
ماذا حدث بعدها ؟
علمت أن الهندوسية ديانة باطلة ، تقوم على استغلال الـفـقـراء لدفع أموال ضخمة للأسر المقدسة ، كما تقوم على الخداع الشيطاني والسحـر لإقناع هؤلاء الناس بأنـنـا نستحق التـقـديس ودفع الأموال. اهـ.

بهذه المقابـلة يظهـر وجه التـشـابه بين غلاة الصوفية والهندوس وهي كالتالي:

1- تقديس بعض الأسـر للتعالي على الآخرين ، وهو ما يسمى بالتمييـز العنصري.
2- استـغـلال العـامة والـفـقـراء وأكل أموالهم بالبـاطل.
3- ادّعـاء عـلم الغـيـب.
4- استخـدام السـحـر والحـيل الشيطانية ولاستـعـانة بالجـن ، وهذا واقع من بعض صوفية حضرموت ، إذ كانوا يفعلون بعض الأمـور السحـرية ويزعمون أنها كرامات.



الخـاتـمـــة

عرفت أخي القارئ أن الـدافع الأكـبـر لصوفية حضرموت – فيما سبق – هـو أكل أموال الناس بالباطل ، وأما في هذا العصر وبعـد أن تحسنت أحوال الناس المالية خاصة بعد تقدم الصناعات واستغنى الناس ، فإن الدافع الكبر لهم هـو الكِـبـر والعناد يظن أنه إذا اعترف بالحق وتـرك الباطل أن هذا فيه تحقيراً لآبـائه ومكانتهم.
ولكن ولله الحـمد ترى اليوم كثيراً من أبناء الصوفية من عرف الطريق المسـتـقـيم ومشى عليه وبنـبـذ تلك الخرافات والدجل والشـعـوذة .
فنحن ندعـو العقلاء من أبـنـاء الصوفية أن يـرجعوا إلى رشـدهم وألا تأخـذهم حميـة الجـاهـلية ، فإن الآباء والأجـداد لن ينفعوكم يوم القيـامة : يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [ عبس : 34 – 37 ]
وقـد يقول قائـل إني جالست دعاة الصوفيـة ولم أسمع منهم هذه الخرافات ؟؟ فأقول إنهم لا يصرحون بذكر هذه الخرافات ( التي يزعمون أنها كـرامات ) في بعض الأوقات إذا عـرـفوا أن الناس لا يـقـبـلون منهم هذه الخـرافات ، ولكن اسألوهم عنها واقـرءوا عليهم بعض ما في كتـابي هذا فسيظهـرون لكم على حقـيقتهم ، وسينكشف لكم الغطاء.

وفـق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحـبـه أجـمعـيـن.







ملاحظة للقارئ الكريم :
ما اقتبسه الشيخ علي بابكر من كتب الصوفية تم نقله بأخطائهم الإملائية واللغوية كما هي. ( الناشر )
  رد مع اقتباس
قديم 05-01-2009, 03:48 PM   #4
الواثق بالله
شاعر السقيفه

افتراضي

نجو من جميع الاخوان من عنده اي معلومه نرجو المشاركه
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عضو جديد يريد المشاركة باستفسار عن تاريخ حضرموت mdahmed تاريخ وتراث 7 01-26-2011 11:37 PM
الحلقة السادسة من رحلة القبائل الناقلة إلى حضرموت :يافع في حضرموت الحضرمي التريمي تاريخ وتراث 20 06-17-2010 11:26 PM
اليمن إلى أين -3- التأريخ والجغرافيا والإنسان (2): حضرموت 1 نجد الحسيني سقيفة الحوار السياسي 2 02-15-2010 10:40 PM
حضرموت" ومؤتمر الخذلان لقبائل حضرموت" بقلم أبوعمر حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 6 11-23-2009 08:01 PM
حضرموت" العاصمة" الداخلية تنحي الحامدي من منصبه بعد مواقفه الايجابية حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 05-02-2009 08:09 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas