المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الأخبار السياسيه
سقيفة الأخبار السياسيه جميع الآراء والأفكار المطروحه والأخبار المنقوله هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها ومصادرها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


حضرموت"والجنوب العربي" واليمننة و الهوية 12/26/2011 محمد عوض محروس

سقيفة الأخبار السياسيه


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 12-27-2011, 01:57 AM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

حضرموت"والجنوب العربي" واليمننة و الهوية 12/26/2011 محمد عوض محروس


اليمننة و الهوية 12/26/2011 محمد عوض محروس


تعتبر فترة التسعينيات من القرن الماضي ، وبداية القرن الحالي الواحد والعشرين فترة يمننة الحياة في المناطق الجنوبية بامتياز ،حيث ربطت أمور الناس في المحافظات الجنوبية بالمركز صنعاء عاصمة دولة الوحدة، وعملت مختلف الأجهزة الحكومية المركزية على إحكام سيطرتها على مرافق الدولة ومؤسساتها، وتم تعيين عناصر قيادية شمالية في مفاصل السلطة الرئيسية،وفي المرافق الإيرادية الرئيسية في المحافظات الجنوبية.

وتم ضخ أعداد كبيرة من أبناء المحافظات الشمالية للعمل في الجنوب، وقدمت لهم كافة التسهيلات للعمل والاستقرار، حيث وزعت عليهم أراضي السكن،في الوقت الذي حرم فيه أبناء المحافظات الجنوبية في عدن وحضرموت مثلاً من العمل في دوائر الدولة ومؤسساتها، وفي الشركات النفطية، ومن كل التسهيلات التي قدمت للوافدين إلى مناطقهم ،في محاولة لإغراء أكبر عدد من الشماليين للاستقرار في الجنوب لتسريع يمننته وتغيير تركيبته السكانية.

وقد بلغ الأمر إلى حد استقدام مراسلين للعمل في بعض مؤسسات الدولة،وتم استئجار سكن لهم بالعملة الصعبة في مدينة عدن مثلاً([1])، بينما يعمل أبناؤنا في الجنوب متطوعين في دوائر الدولة ومؤسساتها طمعاً في الفوز بفرصة عمل تثبتهم في الخدمة،ويجاهد كثير منهم للحصول على وظيفة في أي مرفق من مرافق الدولة وفق نظام التعاقد بمرتب متدني لا يصل حتى إلى الحد الأدنى للأجور ( عشرون ألف ريال )، وسنوات عمله الطويلة بالتعاقد لا تحسب ضمن سنوات خدمته هذا فيما إذا تم تثبيته في العمل مستقبلاً ، وذلك يعني أن أبناء المحافظات الشمالية يعملون في الجنوب وفق تسهيلا ومزايا استثنائية بينما يخدم أبناء الجنوب في بلادهم وفق نظام شبيه بنظام السخرة.

والسؤال الأهم الآن :

هل نجحت سياسة يمننة المواطن الجنوبي؟ وأي قدر من النجاح حققت ؟

و اليمننة تعني فرض الهوية اليمنية على الجنوبيين كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات مع الشماليين وفقاً لنصوص دستور وقوانين دولة الوحدة،وتشمل اليمننة كل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وبهذا يعتبر فرض الهوية اليمنية على الجنوبيين هو محور وهدف سياسة يمننة المواطن الجنوبي، فما هي الهوية ؟ و ما هي عناصرها؟
الهوية باختصار هي حقيقة الشيء، الإنسان، الشعب أو الأمة أي الصفات والمميزات الثابتة الرئيسية التي تميز الشيء، الإنسان، الشعب أو الأمة عن بقية الأشياء أو الناس والشعوب و الأمم.

وفي تشكيل الهوية الوطنية في أي بلد تتفق عدد من العناصر منها:-

1. الانتماء للأرض الوطن الواحد أساس الهوية الوطنية ، وهو مكون رئيسي فيها ،فكل من ينتمي إلى مصر مثلاً فهو مصري وكل من ينتمي لليمن فهو يمني وكل من ينتمي إلى حضرموت فهو حضرمي ،و انتماء كل المواطنين للوطن الواحد يعني المواطنة المتساوية لكل مواطني البلاد الواحدة في الدساتير والقوانين النافذة وعلى الصعيد العملي من خلال اعتماد الهوية الشخصية لكل المواطنين في المعاملات اليومية وفي مختلف مرافق الدولة ومؤسساتها وعلى الصعيد الاجتماعي.

2. تواصل الحياة الحضارية للشعب أو الأمة، والحياة الحضارية قد تكون قديمة قدم وجود الأمة أو الشعب، وقد تكون حديثة بسبب التكون الحديث للشعب أو الأمة كالشعب أو الأمة الكندية أو الأمريكية أو الأسترالية. والتواصل الحضاري سواء كان قديماً أو حديثاً يشكل أحد العناصر الرئيسية المكونة للهوية الوطنية ، حيث تفخر الأمم والشعوب القديمة بموروثها وتواصلها الحضاري لبناء حاضرها ومستقبل أجيالها القادمة، وتفخر الأمم والشعوب الحديثة التكوين بانجازاتها في مجالات العلوم والتكنولوجيا والحضارة الحديثة محاولة بسط أسلوبها في الحياة وقيمها وهيمنتها الاقتصادية والثقافية والعسكرية مستفيدة مما تتيحه لها الطفرة العلمية الهائلة في تقنية المعلومات وغيرها من العلوم الحديثة من تقدم على شعوب البلدان المتخلفة.

3. الموروث الثقافي بما فيه من لغة أم يتكلم بها جميع أو أغلب السكان،أو اللغات المتعددة للناس سواء كانوا من عرق واحد أو مختلفي الأعراق والثقافات ،حيث تتعدد وتتنوع ثقافات الأمم والشعوب.

4. المعتقدات المشتركة أو المتعددة للسكان، أو حرية المعتقد، حيث الشعوب التي تعتنق في أغلبها المعتقد الواحد، وحيث تتعدد الديانات عند بعض الأمم والشعوب، وحيث يوجد الوثنيون وغير المتدينين في بعض البلدان.

ويعتبر البعض اللغة عنصراً مكوناً قائماً بذاته في تشكيل الهوية الوطنية، وربما تضاف إلى تلك العناصر المكونة للهوية عناصر أخرى عند بعض الأمم والشعوب وفقاً لخصوصيات كل أمة وكل شعب والنظام السياسي السائد فيها.

و بالنسبة لوضعنا في حضرموت والجنوب العربي فإنه يمكننا القول أن من أهم العناصر المكونة لهويتنا الوطنية التالي:-

1- الانتماء للأرض الوطن الذي عاش عليه أسلافنا الحضارم والجنوبيون الآخرون، حيث عاش أسلافنا الحضارم كما تحدثنا النقوش مع المهرى وغيرهم من الشعوب والقبائل القديمة على أرض حضرموت التي امتدت من مجان (عمان)في الشرق إلى صحراء صيهد (رملة السبعتين) في الشمال الغربي، شاملة أجزاء واسعة من أرض يمنت (الجنوب)في الغرب .حيث لم يذكر اسم (يمنت) مستقبلاً عن حضرموت إلا في القرن الرابع الميلادي عندما احتلت حمير ومعها سبأ وجيش الأعراب الحميري حضرموت وأضافت اسمي حضرموت ويمنت إلى اسمها ليصبح الاسم الجديد لمملكة حمير حينها ( مملكة سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت ) بدلاً عن الاسم القديم ( مملكة سبأ وذي ريدان ).

وقد ورد اسم يمنت لأول مرة في النقش المعيني (RES 3022/2)الذي يعود لما قبل الميلاد أيام الملك المعيني (أب يدع يثع ) في عبارة ( بضر كون ذ يمنت و ذ شامت ) التي تعني (حرب كانت بين أهل يمنه و أهل شامه) أي بين أهل الجنوب أهل الشمال.([2])

وإذا ما تتبعنا اسم اليمن،فإنه ورد لأول مرة في منتصف القرن السادس الميلادي في نقشين لأبرهه (CIH541) و(ريكمانز 506) في لفظ (زبيمن) الذي قصد منه (الذي باليمن) ([3]) . وأصل تسمية اليمن جاءت من تسمية الجنوب(يمنت)،وكذلك الحال مع تسمية الشام التي جاءت من لفظة (شامت)التي كانت تعني الشمال في اللغات العربية الجنوبية.

وقد ورد اسم حضرموت في النقوش الحضرمية والنقوش العربية الجنوبية الأخرى ،فقد ذكر اسم حضرموت في نقش النصر السبئي (جلا سر ( A 1000 ،في القرن السابع قبل الميلاد ، وفي التوراة ، وقد أظهرت البحوث الأثرية والثقافية في تونس أن الفينيقيين أطلقوا اسم حضرموت في القرن التاسع قبل الميلاد على إحدى مستوطناتهم القديمة التي تعرف اليوم باسم سوسة([4]). وذكر فيلبي أن مملكة حضرموت ظهرت إلى الوجود في العام 1020 قبل الميلاد. ويبدو من ذلك أن حضرموت كمنطقة جيوسياسية هي الأقدم في البلاد العربية الجنوبية، وهذا يعني أن الحديث عن حضرموت والجنوب كفرع مقابل اليمن كأصل في البلاد العربية الجنوبية كلام مغلوط من أساسة.

والأرض عند أبناء الجنوب كافة هي الوطن والملاذ،وهي ملك الدولة ممثلة للشعب ونيابة عنه،وهي كما كانت للأجيال السابقة فهي اليوم للعائشين على ظهرها،وهي ملك الأجيال اللاحقة أيضاً،ولهذا فإنه لا يحق لأي جيل أو سلطة مهما كانت مبرراتها التصرف فيها بشكل عشوائي أو غير عقلاني،الأمر الذي تم التعدي عليه بشكل محدود من قبل بعض أبناء الجنوب بعد الوحدة،أما بعد انتصار الشمال على الجنوب في حرب صيف 1994م فقد تم استباحة أرض الجنوب خاصة في عدن و حضرموت،حيث القيمة المادية الكبيرة للعقار،لقد استولى كبار السياسيين و القادة العسكريون و مشائخ القبائل من أبناء الشمال على أراضي الناس في الجنوب و على الأراضي التابعة لمرافق الدولة ومؤسساتها وعلى الأراضي البيضاء،ولم تسلم منهم المباني التابعة للدولة والمباني المملوكة للأفراد التي أخذوها كفيد وغنيمة حرب.

وانتماء المواطنين إلى الوطن الواحد يعني المواطنة المتساوية لكل مواطني الجمهورية اليمنية وفقاً لدستور وقوانين دولة الوحدة،الأمر الذي تم تنفيذه على مستوى صرف بطاقة الهوية الشخصية اليمنية الموحدة،وتم إلغاء العمل بالبطاقات الشطرية على مستوى الجنوب فقط،أما في الشمال فقد استمر العمل بالبطاقة الجديدة إلى جانب البطاقة الشطرية الشمالية القديمة.

وفي الجنوب يتم تنفيذ قوانين دولة الوحدة منذ البداية بكل سهولة ويسر ،ويخضع المواطن الجنوبي للقانون تلقائياً.أما في الشمال فالأمر مختلف وذلك بسبب سيطرة الأعراف القبلية،وسلطة شيوخ القبائل وعقال الحارات السائدة في مجتمع الشمال،وحيث تنتشر السجون عند كل شيخ قبيلة وكل عاقل حارة وفي مرافق الدولة ومؤسساتها خلافاً للدستور والقانون،وحيث الوجود الفعلي لمنظمات المجتمع المدني لازال ضعيفاً،كما تم تهميش تلك المنظمات على مستوى الجنوب.

2- تفخر الأمم والشعوب القديمة بماضيها الحضاري وتواصلها معه لبناء حاضرها ومستقبل أجيالها المقبلة،وفي حضرموت والجنوب عامة لازال الناس يتواصلون مع طرق وأساليب الحياة التي مارسها أسلافهم القدماء ،إن كان على مستوى أساليب وتقنيات العمل التقليدية في بناء المباني من الطين وخشب العلوب في وادي حضرموت مثلاً، أو في الزراعة أو في مجال الإنتاج السمكي، أو في المصنوعات الحرفية التقليدية التي لازال كثير من الناس يقبلون على شرائها ويحبذون استعمالها.

ولقد تمثل النشاط الحضاري البارز للحضارم في اشتغالهم بالتجارة كما اشتغلوا بالملاحة لنقل تجارتهم إلى شرق أفريقيا و الهند و بلدان الشرق الأقصى، و نقلوا تجارتهم عبر البر على الجمال إلى العراق و بلاد الشام و مصر.

وكانت موانئ قنا(بير علي) وسمهرم و الشحر من أهم الموانئ في سواحل حضرموت القديمة،و استمرت الشحر كميناء حضرموت الرئيسي إلى أن حلت المكلا محلها في القرن التاسع عشر وفيما بعد فقدت دورها كميناء و خاصة بعد إنشاء ميناء المكلا الجديد في ثمانينات القرن العشرين.

و منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي وجه البرتغاليون ضربات قوية للملاحة و التجارة البحرية للحضارم و المهرة و العمانيين في حوض المحيط الهندي، وسيطروا على المناطق التجارية التقليدية للحضارم و المهره في الهند و في شرق إفريقيا.

وقد تمتعت عدن بموقع فريد في الملاحة و التجارة البحرية،فموقعها الاستراتيجي في خليج عدن و على مداخل البحر الأحمر و البحر العربي و المحيط الهندي أهلها للقيام بدور مهم في التجارة الدولية عبر العصور.و بعد الاحتلال البريطاني في القرن التاسع عشر تحولت عدن إلى أحد أهم الموانئ الدولية شهرة في التجارة و الملاحة البحرية،و غدت مركزاً لكل تجار الجنوب وحركة الملاحة البحرية المحلية. وقد تقلص النشاط التجاري في عدن بعد الاستقلال بسبب تأميم البنوك وشركات التجارة و النقل، وهروب الرأسمال المحلي إلى الخارج.

وفي يونيو 1972م تمت السيطرة على سفن القطاع الخاص (آل بازرعه وآل باشنفر وإنتوني بس وغيرهم) العاملة في النقل التجاري البحري بين عدن وساحل حضرموت وموانئ شرق إفريقيا وساحل الهند الغربي والخليج العربي والبحر الأحمر، وكان نواخيدها وبحارتها في أغلبهم حضارم من المكلا وبروم والشحر والحامي والديس الشرقية وقصيعر ، وبعد عشر سنوات من قيام تعاونية النقل البحري في عدن شهد العام 1982م نهاية الملاحة البحرية للحضارم حيث تم ضم ما تبقى من أسطول التعاونية المتهالك إلى شركة الملاحة البحرية المملوكة للدولة. وهذا يعني أن النظام السابق في الجنوب عمل على ضرب واحد من أهم النشاطات الاقتصادية والحضارية القديمة في الجنوب.

وبعد انتصار الشمال على الجنوب في حرب صيف عام 1994م سيطر الشماليون على اقتصاد الجنوب كاملاً و أوقفوا العمل في ميناء عدن وفي كافة موانئ الجنوب الأخرى.

وبعد الوحدة مباشرة حاول الشماليون فرض قيمهم وأسلوبهم في الحياة وعاداتهم وتقاليدهم على الناس في الجنوب حيث تم تعميم تسويق وتعاطي القات في مختلف مدن وأرياف الجنوب،بما فيها مدن وأرياف محافظتي حضرموت والمهرة التي كانت مغلقة أمام القات بمقتضى قانون رسمي صدر في الجنوب قبل الوحدة بسنوات طويلة أثناء حكم الرئيس سالم ربيع علي دون مراعاة لمشاعر الناس و عدم رغبتهم في انتشار القات في مناطقهم و بين أبنائهم.

وبعد القات جاء الدور على استباحة مياه وشواطئ الجنوب وحضرموت بالذات من قبل مهربي المخدرات(البصل كما يطلق عليها في بعض مناطق حضرموت)،هذه الآفة الخطيرة التي يحاول البعض نشرها بين الشباب والمراهقين في الجنوب.

وقد فشلت محاولات زرع ظاهرة الثأر بين قبائل الجنوب بعد أن لاقت بعض النجاح لفترة محدودة من الزمن في محافظة شبوة ،ثم انتهت إلى غير رجعة بعد أن تصدى لها أبناء المحافظة أنفسهم وبذلوا ولازالوا يبذلون جهوداً غير عادية لمحاربة هذه الظاهرة الجاهلية المقيتة.

3- التراث الثقافي الغني و المتنوع للحضارم و للجنوبيين كافة، حيث تتعدد و تتنوع أشكال التعبير من منطقة إلى أخرى و حيث يتداخل الموروث الثقافي مع الموروث و النشاط الحضاري للناس.

ففي محافظة المهرة و جزيرة سقطرى هناك تنوع ثقافي باللغتين المهرية و العربية في المهرة و باللغتين السقطرية والعربية في سقطرى،وهناك تنوع ثقافي في حضرموت و في محافظة شبوة يستمد جذوره من التاريخ المشترك منذ ما قبل ثلاثة ألف عام حيث تتشابه بعض الفنون،وهناك التراث العدني و اللحجي واليافعي،كما أن أهل محافظة أبين لهم تراثهم الذي لايختلف كثيراً عن تراث البيئة المحيطة بهم في عدن و لحج و يافع.

و للفلاحين و ساكني الأرياف تراثهم الفني المتنوع ، ففي حضرموت مثلاً نجد فنون متنوعة للفلاحين في الوادي و للفلاحين و الصيادين في الساحل،فمن رقصة بني مغراه و الرزيح و الزربادي و الشبواني إلى رقصات الدحيفة والمعيس و الغياضي و الغيه و الدريه و الشرح القطني و البدوي و الساحلي المتنوع و العدة و الشبواني والكنبورة والمشعال.

وهناك أغاني و رقصات المرأة المتنوعة ، و منها أنواع من الفنون التي انقرضت كأغاني الضعينة في الساحل،السروه في الوادي، و كذلك أغاني الرضيح و الرهي التي لم يعد أحد يسمعها في البيوت بسبب توقف الاستعمال اليومي للمرضحة و المرهاة، وكذلك الحال مع أغاني التجلوب ودان جيبوتي و أغاني السناوه،و كلما تطورت حياة الناس قل ارتباطهم بموروثهم الثقافي، و قد انتهت أغاني التجلوب ودان جيبوتي بانتهاء الملاحة البحرية وبقيت رقصات و أغاني الكنبورة و المشعال تتكرر في موسمهما المحدد في بداية شهر ذي الحجة من كل عام.

ولم تنتهِ رقصات الشرح المتعددة بانتهاء شراحة النخيل كمهنة موسمية لأبناء القبائل البدوية في حضرموت،حيث لازال الشرح من ضمن الفنون التي يمارسها الناس في القرى وبعض المدن الريفية مع بعض الفوارق مثال اختفاء المرأة كعنصر مشارك في تلك الرقصات في كثير من المناطق.

و من التراث الثقافي الحضرمي و الجنوبي الأمثال الشعبية المتشابهة والمختلفة في كل مناطق الجنوب،و الشعر بما فيه الشعر الشعبي و الحميني المليء بالحكم و أشعار الزوامل و مساجلات الدان الحضرمي في وادي حضرموت.

و في جانب الغناء و الطرب هناك الشعر الغنائي وفنون الغناء الحضرمي و اللحجي و العدني و اليافعي كفنون تراثية أصيلة انتشرت في كل مناطق الخليج و الجزيرة العربية، وغناها فنانوا الخليج وعشقها العرب في كافة أقطارهم و أعتبروها أجمل ما قدمه لهم أبناء الخليج العربي،و هي و إن تقاربت في شيء منها مع فنون أهل اليمن إلا أنها تختلف عنها كما يقول الشاعر الغنائي اللحجي أحمد فضل القمندان:

غن ياهادي نشيد أهل الوط
............................. غن صوت الدان
............................................. ما علينا من غناء صنعاء اليمن
4- عرف أبناء الجنوب والحضارم منهم على وجه الخصوص بالتدين عن قناعة وصدق بعيداً عن التظاهر والرياء وتسخير الدين لمصلحة نفعية دنيوية أو سياسية أو تقرباً لحاكم،حيث كان الحضارم في طليعة من نشروا الإسلام خارج جزيرة العرب،وكان لهم دور بارز في إدارة شئون الدولة الإسلامية في مصر وشمال أفريقيا مثلاً،حيث وجه معاوية بن أبي سفيان مؤسس دولة الخلافة الأموية واليه في مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري بقوله:"لا تولي عملك إلا إزدي أو حضرمي فإنهم أهل الأمانة"([5])
وكان الملاحون والتجار الحضارم هم السباقون في نشر رسالة الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة في شرق و جنوب أفريقيا وفي جنوب وجنوب شرق آسيا في صدر الإسلام ،فقد كتب بودليR.C.V Bodly في كتابه (الرسول) (The Messenger) يقول:"كان أهل حضرموت رحالة وتجاراً عظاماً.

وإن اعتناقهم الإسلام سيكون من نتيجته-كما قدر محمد- انتشاره خارج جزيرة العرب.لقد نشر هؤلاء النازلون في الدور الشامخة الإسلام في جاوا والفلبين". ([6])
وقد أكدت الندوة التي عقدت بمدينة ميدان بسومطرا الشمالية في الفترة من 17-20 مارس 1963 حول دخول الإسلام إلى إندونيسيا لأوامره و انتشاره فيها على([7]):

• أن دخول الإسلام إلى اندونيسيا لأول مرة كان في القرن الهجري الأول (فيما بين القرنين الثامن والتاسع الميلاديين) ومن بلاد العرب مباشرة.

• إن الدعاة الأولين كانوا من التجار وغيرهم.
• أن الدعوة إلى الإسلام كانت سلمية.
• أن الإسلام أتى إلى إندونيسيا بثقافة وحضارة راقية.

وقد أكد إنجرامس "أن عرب جزر الهند الشرقية ينحدرون دون استثناء من حضرموت،وكان كسب معيشتهم الأساسية هي التجارة بمختلف أنواعها ...وقد كانت التجارة الساحلية على السفن في أيدي العرب".([8])

واستمرت الأجيال اللاحقة من الحضارم في نشر رسالة الإسلام في كل بلد تواجدوا فيه في سواحل وجزر المحيط الهندي الآسيوية والأفريقية.ولذلك اعتبرتهم السلطات الاستعمارية الغربية خطراً يهدد وجودها في بعض البلدان التي استعمرتها منذ القرن السادس عشر الميلادي ،حيث تحدث المستعمرون الهولنديون في اندونيسيا مثلاً عما أسموه (مسألة الحضارمة)،نظراً لأنهم لم يتوقفوا عن نشر الإسلام،وبسبب دعمهم للقضايا الوطنية في تلك البلدان والحفاظ على هويتها الإسلامية ،وبسبب إعاقة نشاطاتهم الدينية للنشاطات التبشيرية في تلك البلدان.

وفي داخل بلادهم حضرموت شكل الدين الإسلامي ولازال العنصر المكون الرئيسي في هويتهم الوطنية، وكذلك الحال كان ولازال في مناطق الجنوب الأخرى، حيث يعتبر الدين الإسلامي بمثابة البوصلة التي تضبط سير حياة الناس، فأداء فروضهم وسلوكهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم مع بعضهم البعض ومع غيرهم، وتربية أبنائهم على ما رباهم بها أباؤهم و أجدادهم كانت ولازالت تتم عند البعض بصرامة وفق تعاليم الإسلام وعلى مذهب الإمام الشافعي،وقد علمتهم الحياة أن (من ما سار على سيرة أهلة تهيم وضاع)،وخلافاً لذلك جرى العمل خلال الوحدة على خلخلة ذلك النظام، ولكن ليس لمصلحة المذهب الزيدي السائد بين الطبقة الحاكمة في الشمال، و إنما للتأكيد على طاعة الحاكم ولي الأمر وعدم الخروج عليه.

إذن فهوية الحضارم و أبناء الجنوب العربي كافة هي هوية عربية جنوبية إسلامية تستمد وجودها من تمسك الحضارم والجنوبيين بأرضهم واعتزازهم بها ومن قيم الإسلام وموروثهم الحضاري والثقافي.

لقد تمت الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية اللتين كان يسود في كل منهما نظام سياسي يختلف عن الآخر،وظل كل نظام قائماً بذاته خلال الفترة الانتقالية . وبغض النظر عن خصوصيات الهوية الوطنية للجنوبيين فقد كان قادة الشمال يطمحون في ضرب ما تبقى من نظام الجنوب والسيطرة عليه وفرض الهوية اليمنية على سكانه.

وقد خططت القيادة اليمنية وحشدت كل إمكانياتها ،واستعانت بالأصدقاء والحلفاء وبكل من له ثارات قديمة على نظام الجنوب لتضمن انتصارها العسكري عليه،وفرض اليمننة على مواطنيه،وفق سياسة معدة سلفاً تم تسريع إجراءاتها خلال حرب صيف عام 1994م وما بعدها لتطال كل نواحي الحياة في الجنوب،ومن أهم إجراءات تلك السياسة كان التالي:-

1- التمهيد لعملية استباحة الجنوب ويمننته بإصدار الفتاوي الدينية من علماء السلطة عبدالوهاب الديلمي وعبد المجيد الزنداني التي قضت بتكفير الجنوبيين و استباحة دمائهم و أموالهم و ممتلكاتهم، وقد تمت التعبئة السياسية والدينية بإلقاء المحاضرات والخطب في وسائل الإعلام والمساجد ومعسكرات الجيش و الأمن ،واستمرت التعبئة الإعلامية والسياسية والدينية لهؤلاء العلماء أمثال الديلمي و الزنداني وعبدالله صعتر بل وتصاعدت بعد حرب عام 1994م لتشمل كل مناطق الجنوب في المساجد والمعسكرات وأماكن التجمعات الأخرى.

2- استهداف المؤسسات العسكرية والأمنية الجنوبية،بتدمير ونهب أسلحتها ومنشآتها واعتبار كثير من معسكراتها من ضمن الغنائم التي توزعت بين القادة العسكريين وكبار المتنفذين،وتسريح أفرادها ضباطاً وجنوداً،ونقل من تبقى منهم إلى المحافظات الشمالية مع عدم إسناد أي مهام عملية أساسية لهم.

3- السيطرة على كافة المؤسسات الاقتصادية في الجنوب وتعطيل نشاطها والاستيلاء على أصولها الثابتة والمنقولة لصالح المؤسسة الاقتصادية العسكرية وبعض المتنفذين،وتعطيل المؤسسات الصناعية الناشئة في الجنوب وخصخصتها.

4- السيطرة على مزارع الدولة وتحويل بعضها إلى مزارع خاصة للمتنفذين،وعرقلة الحلول الصائبة لقضايا الأرض بهدف تعطيل زراعتها وتعويد الناس في الجنوب على المنتج الزراعي الشمالي.

5- إهدار الثروة السمكية بالاصطياد العشوائي وبكميات كبيرة وبوسائل تضر بالحياة البحرية من قبل سفن تابعة لشركات خاصة لمتنفذين شماليين دون مراعاة للحفاظ على هذه الثروة،وحقوق الناس في المناطق الساحلية الجنوبية في الاصطياد العقلاني والمنظم لها باعتبارها جزءاً مهماً من غذائهم ومصدر رزق لكثير منهم ومورد للعملات الصعبة للدولة.

6- نهب الثروات النفطية بعقد الصفقات والاتفاقات غير الشرعية مع شركات النفط المختلفة والتنقيب العشوائي لصالح المتنفذين والسيطرة على كل الأعمال في قطاعات النفط.

7- انتشار الفساد في كل مرافق الدولة ومؤسساتها وعلى الصعيد الاجتماعي إبتداءً من أبسط مستخدم وحتى قمة الهرم سواء على مستوى الدولة أو المجتمع،كما يستشري الفساد في قطاع المقاولات وفي كل محافظات الجنوب ،حيث تم تشكيل شبكة الفساد والمفسدين التي ارتبطت بالشبكة الأم في الشمال.

8- تدهور قطاع الخدمات بشكل كبير بما في ذلك الخدمات الصحية والتعليمية وصحة البيئة في كل محافظات الجنوب عما كان عليه الحال قبل حرب عام 1994م.ففي قطاع التربية والتعليم مثلاً جرى الاهتمام بالتعليم من حيث الكم بالتوسع في عدد المدارس وعدد كليات الجامعات دون أدنى اهتمام بتوعية التعليم ورفع مستوى المعلم في كافة المراحل الدراسية،ودون الاهتمام بالمستوى التعليمي والمهني لخريجي المؤسسات التعليمية.

9- الارتفاع المبرمج والعشوائي لأسعار المواد الاستهلاكية بما فيها المواد الغذائية من حبوب وألبان وخضار وفواكه وأسماك ولحوم وكذلك الأدوية والخدمات الضرورية من ماء وكهرباء واتصالات ومواصلات ومحروقات وغاز منزلي.

10- تدني الأجور والمُرتبات والمعاشات التي يتحصل عليها العاملون في القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمتقاعدون قياساً بالارتفاعات الكبيرة في أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات الضرورية.

11- ازدياد عدد العاطلين عن العمل من الكوادر القيادية المسرحة من مرافق الدولة و مؤسساتها وكذلك الموظفين و العمال الذين تم إعطائهم الإجازات المفتوحة و الإجبارية وفق سياسة (خليك بالبيت)وتحويل عمالة المرافق و المؤسسات التي تمت السيطرة عليها و الاستيلاء على أصولها إلى عمالة فائضة وتراكم أعداد طالبي العمل من خريجي المعاهد والجامعات المسجلين في دوائر الخدمة المدنية لسنوات عديدة في كل محافظات الجنوب.

12- ازدياد وطأة الفقر على الغالبية العظمى من سكان الجنوب،وازدياد عدد الفقراء ،وبروز ظاهرة التسول بين الجنوبيين بالإضافة إلى الأعداد المتزايدة من المتسولين من المهمشين الذين يتم استقدامهم من المحافظات الشمالية.

13- تراكم الخروقات الأمنية وعسكرة الحياة المدنية وازدياد المظاهر المسلحة وانتشار المسلحين في كل المحافظات الجنوبية، و المحاولات المتكررة لقمع الحراك الجنوبي السلمي ومواجهته بالقوة من خلال قتل المتظاهرين السلميين من قبل أفراد الجيش والأمن، والعبث بأمن المواطنين،واحتجازهم و سجن البعض منهم لفترات طويلة دون أي مبررات قانونية و دون محاكمة، وغياب الجهات المختصة عن معالجة كل تلك الخروقات وعن كل ما يستجد من قضايا في حياة المواطنين الجنوبيين.

لقد جاءت حرب عام 1994م وما جرى بعدها من أحداث لتلقين الجنوبيين دروساً في فنون الاستباحة والفيد والنهب ،ولتفتح شهية العسكر والقبائل اليمنية وتجار الحروب في السيطرة على الأراضي الشاسعة وممتلكات الدولة والشعب في الجنوب،ونهب ثرواته وترويع سكانه الذين لا ترتبط الغالبية العظمى منهم بأي صلة مع التركيبة السكانية القبلية في الشمال،والذين جرى تصنيفهم من قبل حكام اليمن وكثير من مثقفيه بأنهم خليط بشري لا ينتمي للمنطقة بأي صله.

لقد عبثوا بكل شيء في الجنوب وصادروا وتملكوا أشياء حولت الكثير منهم إلى ملاك كبار في وقت قياسي و إلى أثرياء بالمقياس العالمي.في الوقت الذي تزداد فيه حياة الناس في الجنوب من سيئ إلى أسوأ،ومواجهتهم لما جرى و يجري في بلادهم من تدمير لم ترتق بعد إلى رد الفعل المناسب،وكثير منهم لا يملكون ما يواجهون به ظروف الحياة اليومية التي تزداد صعوبة يوماً عن يوم.فهل يا ترى نجحت سياسة يمننة المواطن الجنوبي ؟و أي قدر من النجاح حققت؟

لقد عمقت سياسة اليمننة لدى الغالبية العظمى من سكان الجنوب الحنين إلى هوية ما قبل الوحدة.و أوجدت شرخاً في نفسية المواطن الجنوبي مع كل ما هو وحدوي،ونفوراً من أي حديث عن الوحدة التي قرنوها بالاستباحة والنهب والفساد وربطوها بفتاوى الديلمي و الزنداني.

كما تعمق شعور الجنوبيين بالغربة في وطنهم، وازداد قلقهم على مستقبل أولادهم، وفي نفس الوقت فقد عمقت الوحدة و اليمننة اعتزاز الجنوبيين و الحضارم على وجه الخصوص بموروثهم الحضاري والثقافي وبهويتهم الوطنية. وفي المحصلة النهائية لقد فشلت دولة الوحدة وفشل المتنفذين في يمننة المواطن الجنوبي بالقدر الذي نجحوا فيه في استباحة الجنوب وتدميره.و بالنظر إلى ما عاناه الجنوبيون من مدعي الوحدة والديمقراطية فقد خرجت الوحدة من قاموس الجنوبيين وتبدد شغفهم بها.

ولقد تأكد للجنوبيين و الحضارم بصورة خاصة أن هناك اختلافاً في هويتهم عن هوية الناس في الشمال،كما تأكد لهم بأن الوحدة التي تمت في 22 مايو 1990م لم تتجسد عملياً على أرض الواقع،و أثبتت فشلها على مدى واحد وعشرين عاماً هي عمر الوحدة بين الشمال والجنوب،وقد أدى فرض الوحدة و اليمننة بالقوة على سكان الجنوب في عام 1994م و ما بعده إلى مآسي و جروح لا يمكن التكهن بنتائجها على المدى المنظور.

فاستمرار نهب الثروات الطبيعية و البطالة و انخفاض دخل الناس في الجنوب و زيادة الأسعار و تردي الأوضاع...
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas