المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > تاريخ وتراث > تاريخ وتراث
تاريخ وتراث جميع مايتعلق بتاريخنا وموروثنا وتراثنا الأصيل !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


حضرموت

تاريخ وتراث


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-11-2006, 08:16 AM   #1
بوبيان
حال نشيط

افتراضي حضرموت

- وادي دوعـــن

وادي دوعـــن :

يعتبر وادي دوعن واحداً من أكبر الأودية الجنوبية التي تصب شمالاً إلى وادي حضرموت الرئيسي، وينقسم إلى قسمين وادي دوعن الأيسر والذي ينطق باللهجة الحضرمية يقول ـ ليسر ـ ووادي دوعن الأيمن واللذان يلتقيان ليصبا في وادي دوعن ، الذي يصب في الوادي الرئيسي ، وفي هذا الوادي تنتشر الكثير من المواقع الآثرية الهامة أهمها مدينة ريبون الآثرية والقزة بالإضافة إلى القرى السياحية الجميلة المتناثرة على ضفتيي الوادي .

1- معبد الإله (سين) في حريضة :

يقع على بعد ( 5 كيلو مترات ) غربي مدينة حريضة ـ المركز الإداري لمديرية دوعن ـ في مدخل وادي عمد ، إلى الجنوب الشرقي من مدينة سيئون ويبعد عنها نحو (95 كيلو متراً ) .

اكتشف معبد الإله (سين) في سنة (1937م) ، بواسطة البعثة الأثرية الأمريكية برئاسة (DR.Gertrude Caton - Thompson ) ومن خلال النقوش التي عثر عليها أثناء الحفريات في بقايا المعبد ، عرف اسمه القديم وهو معبد ( مثيم ) الخاص بالإله (سين) ، وعثر فيه على أجزاء من مذابح حجرية كانت تستخدم للطقوس الدينية وعلى أجزاء من مباخر ، ومباخر متكاملة بالإضافة إلى كميات كبيرة من النقوش المكتملة والمجزأة .

وإلى جانب احتواء أطلال المدينة على معبد (سين) ، توجد بقايا آثار لثلاثة معابد أخرى الأول للإلهة ( ذات حميم ) ، والثاني للإله الحضرمي القديم ( حول ) ، والثالث للإله السبئي ( المقة ) ، ويبدو أن سبب وجود معبد للإله ( المقة ) ، في هذا الموقع ، هو استيطان بعض أسر أو عائلات سبئية فيه على آثر الحروب التي قام بها المكرب السبئي كرب ايل وتر بن ذمار علي في القرن السابع قبل الميلاد ، كما جاء في نقشه المشهور بنقش النصر الموسوم بـ ( RES . 3945)

وإلى جانب المعابد اكتشفت البعثة الأمريكية Dr.G.Caton thompson – مقابر فريدة من نوعها ، تحتوي بداخلها على الكثير

من الأثاث الجنائزي ، التي كانت تدفن مع المتوفي اعتقاداً بأنه سوف يبعث في يوماً ما .

2 - مدينة ريبون الآثرية :

تـقـع أطـلال وخـرائـب مدينة ريبون إلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون ، على بعد نحو (94 كيلو متر) اسفل وادي دوعن ، وتعتبر من أقدم المدن التاريخية في وادي حضرموت وتشكل أطلالها وخرائبها عدة تلال آثرية وأعداد كثيرة من شبكات الري المتفرقة في عدة أماكن .

تزيد مساحتها على ( 10 هكتار ) ، يعود تاريخ هذه المدينة إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد وأستمر فيها الاستيطان حتى القرون الميلادية الأولى ، جرت في خرائب هذه المدينة حفريات وأبحاث ودراسات أثرية من قبل البعثة الآثرية اليمنية السوفيتية في الفترة من ( 83-1988م ) ، وتوصلت إلى أن سكان المدينة كانوا قد زاولوا الزراعة ، وتربية الحيوانات ، وبنوا مجمعات سكنية جميلة خاصة للسكن ، وأبنية أخرى خاصة لأنشطتهم الدينية كالمعابد ، وقد كانت كل الأراضي المحيطة بالمدينة مغطاة بشبكات الري والقنوات والسدود وأحواض المياه ، وتدل كلها على ازدهار بلغ أوجه ، ومن أهم المعالم الخاصة بالمدينة والتي تمت فيها الحفريات الآثرية هي كالأتي :

- معبد الإلهة ( ذات حميم ) .

- معبد الإله ( سين ) .

- شبكات وقنوات الري .

1-معبد الإلهة (ذات حميم ) :

يتكون هذا المعبد من مجمع تعبدي يضم أربعة مباني ، بنيت أساساتها من الأحجار وجدرانها من الهياكل الخشبية التي ملئت فراغاتها باللبن لتصبح الجدران قوية ، ويعتبر اللبن ـ الطين ـ المادة الرئيسية للبناء في حضرموت منذ ما قبل القرن السابع قبل الميلاد ، وجدران هذا المعبد أقيمت بهذه المادة ، ويتميز بخفته وقوة تماسكه ، ولم يكن اللبن فقط المادة الوحيدة ، بل كان للأخشاب مكانة هامة في بناء الجدران والسقوف .

وفي هذا المجمع التعبدي عُثر أثناء التنقيب على بقايا هياكل خشبية وساعدت النيران التي التهمت المعبد على حـفـظ تصاميم هياكل الأخشاب واستعملت أعمـدة خشبية ذات مقاطع دائرية ومستطيلة ومربعة ، وكان المعماريون يضعون على أسس البناء الحجرية أعمدة قصيرة متوازية تفصل بينها فواصل غير كبيرة ، وعليها توضع عوارض خشبية طويلة ومع هذه العوارض توضع أعمدة خشبية مقاطعها دائرية وأقطارها حوالي (12 سم) ، وتربطها في أسفل وفي أعلى عوارض خشبية والتي بدورها مثبتة بأعمدة طويلة وبهذا يشكل الهيكل الخشبي التي تستند عليه جدران اللبن الني .

وقد تم عمل نموذج تخيلي للكيفية التي كان بها هذا المجمع التعبدي الذي يكاد أن تكون معالمه اليوم مطموسة .

وقد عثرت البعثة الآثرية أثناء التنقيب في هذا المعبد على الكثير من النقوش وجدت متناثرة داخل مباني المعبد ، في واجهة الجدران التي غطيت بقطع حجرية مصقولة منحوتة بشكل جميل ومتقن ، وملصقة واحدة جنب الأخرى ، بطريقة متناسقة ، وعليها حفرت النقوش المكرسة للإلهة التي يتحدث فيها أصحابها عن تقديم القرابين للمعبد ، ويضعون أنفسهم وأولادهم وما يملكون تحت حمايتها .

فما هي يا ترى نوع القرابين التى يقدمها هؤلاء للإلهة ؟

يحتمل أن الأحجار ـ المنحوتة والمصقولة ـ التي تغطي الجدران ، وقد عملت على حساب المتعبدين لهذه الإلهة في هذه المدينة وخصوصاً العائلات الغنية وبعض الأسر ذات الوجاهة ، ومن بين كتّاب هذه النقوش يبدن بصورة خاصة نساء كثيرات ، ولهذا فأن تقديم الأحجار المصقولة للزينة الجدارية للمعبد كانت تعد تضحية للإلهة وتـقديم قربـانـاً لها ، لـذا فالنقوش التـي كـتـب عـلـيـهـا ( فلان الفلاني قـدم ـ ضحى ـ للإلهة ذات حميم ) ، ولم يوضح ذلك الشخص ماذا قدم بالضبط ، فهي لا تدعوا للدهشة لأنه في الواقع قدم مبلغاً من المال لتجهيز جزء من الحجارة للزينة الجدارية للمعبد ، وهو الجزء الذي كتب عليه إهداؤه ، وهكذا كان ما يقدمه المتعبدون عبارة عن تجهيزات معمارية ومواد بناء وغيره ، أما المتعبدين الأغنياء والوجهاء ، فقد قدموا مبالغ مالية سخية لتغطية أجزاء كبيرة من الجدار بالأحجار المصقولة للزينة الجدارية .

ومن خلال معطيات النقوش ، فقد وقف معبد الإلهة ( ذات حميم ) ، متحدياً للزمن لفترة تزيد عن ستة قرون قبل أن يتعرض للهدم والتخريب وعلى امتداد هذه الحقبة الزمنية أعيد بناؤه وترميمه وتغيير قطاع الحجارة التي تزين جدرانية مراراً وتكراراً ، والنقوش التي تعود إلى الفترة المتأخرة والتي قدمت معطيات أكثر تفصيلاً في محتواها، كالنقش الذي قدمه شخص يدعى(ث م أ ك هـ م و) وهو نقش وجد في جدران المعبد الداخلية ، وفي مثل هذه النقوش المتأخرة ، تتحدث عن تقديم قرابين لتحقيق ما وعد به الشخص الإلهة ، أو لأجل تقديم اعتذار لما أرتكبه الشخص من أخطاء أو ذنوب .

وقد تعرض هذا المعبد للخراب بنيران الحروب ، وكثيراً من النقوش حملت معها آثار الحريق ، واحترقت أعداد كثيرة منها .

ب - معبد الإله (سين) ذو ميفعن :

يقع المعبد في غربي المدينة على بعد ( 2 كيلو متر) عن مركزها ، وهو معبد المدينة الرئيسي ، ويتكون مجمع المعبد من معبدين على سفح أحد جوانب الوادي ، أكبرهم بني على مصطبة حجرية تبلغ مساحتها (28×48 متراً ) ، وارتفاعاتها (9 أمتار) ، أما الأخر فقد بني إلى الشمال من الأول وفي اسفل الجبل توجد أطلال بنايات حجرية وطينية من المحتمل أنها كانت ملحقة بالمعبد .

ـ مكونات المعبد :

ـ السور : بني سور المعبد من الحجر ، وهو ذو تخطيط غير منتظم ، طول جدار السور الشرقي ( 28 متراً ) وارتفاعه ( 9 أمتار) ، ويمكن تتبع (20 متراً) من طول الجدار الجنوبي ، ثم ينقطع بسبب تهدمه ، ويظهر عند سفح الجبل في الركن الجنوبي الغربي ، أما الجدار الشمالي فأنه يصعد موازياً مع درج صغير بطول (13 متراً) تقريباً ، ثم ينتهي عند صالة المدخل حيث يتصل بالسلم الرئيسي ، أما الجهة الغربية فيشكل الجبل جزءاً من السور وقد بني جدار من اللبن والخشب ملاصق لـه ويحمل السقف الذي يغطي جزاءً من البهو ، أن المساحة التي يشملها السور (28×48 متراً تقريباً ) شديدة الانحدار في الجنوب والشرق ، لهذا فقد ردمت هذه المنطقة لبناء مساحة البهو المقدس وعند التنظيف اسفل الجدار الشرقي وجدت كمية من الأحجار المشغولة جيداً ، وكذلك كسر النقوش والمساند المزينة أعلاها بالزخارف الهندسية والحيوانية ، ولا زالت ماثلة عند أساس هذا الجدار بعض هذه الألواح الحجرية ، وخاصة في الجانب الشمالي وكذا بجانب الدرج مما يدل على أن جدران السور الخارجي كانت مزينة بالألواح الحجرية الزخرفية والنقوش ، كما أن بعضها مطلي باللون الأحمر القاني .

ـ السلم ( الطريق الصاعد ) : يستند السلم الذي طوله (40 متراً ) وعرضه ( 1,45 متراً ) على منحدر الجبل ويمتد من اسفل الوادي في خط مستقيم نحو الأعلى ، وينتهي عند المدخل الرئيسي أي عند قواعد الأعمدة التي لا زالت ثلاثة منها في مكانها .

أن درج ومصاطب السلم أصبحت غير واضحة المعالم ( بعضها تم قلعه ) ، ولكن في الأسفل نجد أن الدرج بنيت بالأحجار المكتوبة وأن تقنيتها غير جيدة ، ويوجد في اسفل السور الشمالي سَلم آخر مبني بالحجارة المنحوتة ومزين بالنقوش ، يتكون من درجتين بعد كل مصطبة ، ويستند على السلم جدار صغير مبني من الحجر ، وأن نهاية هذا السلم الذي يتصل بالسلم الرئيسي لم يتم إظهار الجزء الأعلى منها بعد .

ـ البهو المقدس ( قٌدس الأقداس ) : عبارة عن ساحة مبلطة بألواح حجرية وتوجد بها حفر لغرض تثبيت الأعمدة الخشبية وذلك من الجهة الغربية ، أما في الجانب الشمالي والجنوبي فنجد أن الأعمدة وضعت على قواعد حجرية مقاساتها في المتوسط ( 22× 22 × 11 سم ) ، وقد عُثر في سطح هذه القواعد على آثار الأعمدة الخشبية المحروقة بمقاس ( 18 × 18 سم ، و17×17 سم)، وهذه الحفر ( التجويفات ) والقواعد كانت تحمل الأعمدة الخشبية التي تحمل السقف الذي يغطي جوانب البهو وخلال التنقيبات تم رفع بعض النقوش والمساند والقطع الحجرية الديكورية والمذابح والمباخر والفخار ، وفي الجانب الغربي يوجد مقعد بطول ( 17.70 متراً ) وارتفاع ( 47 سم) مبني من الحجر ، وتوجد في مقدمته بعدة أماكن منه كتابة تحمل اسم ( ق ث م ) والذي يعتقد بأنه الشخص باني هذا الجدار أو الممول لذلك ، ويعلو المقعد جدار من الخشب واللبن ولا زالت البقايا الخشبية المحروقة في أماكنها ، وفي الجانب الجنوبي عند نهاية المقعد توجد قاعدة تحمل مسنداً مكسوراً من الأعلى ، وعند الجانب الشمالي للمقعد تم العثور على بناء بشكل حوض صغير مقاس (2.25×1.90 متراً ) ، وارتفاع ( 47 سم) ، عليه كتابات في المقدمة ومن الأعلى ، عند التنظيف لم يتم العثور فيه على دلائل استخدامه كحوض ، ويعتقد بأنه أستخدم مكاناً لحرق البخور ، وقد بني على الأرضية في وقت متأخر للبناء الأساسي .

ـ المعثورات الطقوسية : من المواد الطقوسية التي وجدت في المعبد ، المذابح ، ومنها تلك التي ينتمي ميزابها برأس ثور ، وكذلك المباخر ، أما بالنسبة للنقوش التي تم العثور عليها فتقدر بستمائة نقش هي في الغالب نقوش نذورية موجهة إلى الإله ( سين ) ، الإلــه الرئيسي لحضرموت ، وهي مختصرة جداً كالأتي : ( فلان بن فلان من الأسرة الفلانية وهب لسين نفسه وأولاده وممتلكاته ) ، أما المساند التي كانت تزخرف بالوعول ورؤوس الثيران والرموز المقدسة والديكور الهندسي فإن محتواها أكثر تفصيلاً ، فبالإضافة إلى نذر الكاتب نفسه وأولاده وما يملك فهي تعبر ـ أيضاً ـ عن الشكر للإله في التوفيق والخلاص من مصيبة ، وشكر للرحمة الإلهية ، ويعود تاريخ هذه المساند إلى القرنين الأول والثاني الميلادي .

وأهم نقوش المعبد هو النقش الموسوم بـ ( ريبون 14/87/1) ، الذي يتحدث عن بناء المعبد ويعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد ، وبذلك فأن المعبد ظل قائماً في الفترة الممتدة من القرن الخامس قبل الميلاد وحتى القرون الميلادية الثلاثة الأولى .

ج – شبكات وقنوات الري :- كانت مدينة ريبون في الماضي مركزاً لمنطقة زراعية كبيرة ممتدة في وسط مدخل وادي دوعن ومحاطة بمساحات واسعة من الأراضي الزراعية ، وتقدر المساحة العامة للأراضي التي كانت تزرع في فترة ازدهار المدينة بحوالي (1500 هكتار) ، وكانت المساحة الواقعة إلى جنوب المدينة تبلغ (750 هكتار ) وكانت تروى بواسطة شبكة ري معقدة تبدأ بقناة من مجرى وادي دوعن وهى القناة الرئيسية ويصل طولها إلى قرابة (5,5 كيلو متر) ، حيث تجتمع إليها مياه السيول فتوجهها هذه القناة إلى الشبكات الموزعة للمياه ، والقنوات الصغيرة ، ثم إلى الأراضي المزروعة .

أما الأراضي التي كانت إلى شمال المدينة فكانت تروى بواسطة مياه السدود وبقايا هذه السدود اكتشفت على بعد (1.5 كيلو متر) إلى الجنوب من قرية المشهد ، وهى مبنية من جدران حجرية قوية ، يصل عرضها في الأساس إلى ( 5 أمتار ) وارتفاعها أكثر من ( 4 متر ) تحجز مياه الوادي، وكانت لها فتحات في جزئها الأعلى لإخراج المياه الفائضة ، وعلى امتداد الضفة الشرقية للوادي امتدت القناة الرئيسية الموصلة للمياه إلى الأراضي الواقعة إلى شمال قرية المشهد ، وهناك بعض الأراضي غير الكبيرة المحيطة بضفتي الوادي التي كانت تروى بواسطة أحواض المياه ، التي شيدت لحفظ وتجميع مياه الأمطار من صخور الوادي.

3- قرية الـقــزة :-

في الجزء الأسفل من وادي الغبرة ، أحد روافد وادي دوعن ، إلى الجنوب الغربي مـن مدينة سيئون ، على بعد نحو (102 كيلو متر) ، تكاد أن تكون هذه القرية غير معروفة حتى عام (1984م) ، عندما وجدت البعثة الآثرية اليمنية السوفيتية ، بالقرب منها ، وبالقرب من نبع الماء المسمى بشرحبيل ، على مغارة وجدت فيها آثار من العصر الحجري ، التي تعطينا صورة عن الماضي السحيق لحضرموت ، إذ تعطينا هذه المغارة برهاناً مادياً على استيطان الإنسان لحضرموت في المرحلة المبكرة من العصر الحجري القديم ( الباليوليت ) ، فقد احتفظت هذه المغارة بطبقاتها الحضارية المتعددة ، والأدوات الحجرية بنفس الشكل والحالة ذاتها بمثل ما خلفها الإنسان الأول ، وكذلك اكتشفت بقايا مواقده ، وهذا يدل على أن المغارة استعملت لفترة زمنية طويلة كمسكن ، والمهم جداً أنه بالقرب من هذه المغارة تم اكتشاف طبقات مترسبة محتوية على بقايا نباتات قديمة وكذلك عظام مختلفة من بينها عظام حيوانات ضخمة ، جميعها تظهر للعيان مطبوعة ومتحجرة على الصخور المترسبة ، ودراسة هذه المغارة سوف تقدم لنا معلومات هامة عن الحياة البيئية القديمة ، واكتشاف هذه المغارة يعد بصورة خاصة اكتشافاً ثميناً ، فهي بحسب المعلومات المتوفرة تعتبر الأولى والوحيدة من المعالم الآثرية من نوعها في شبة الجزيرة العربية.

4 – مدينة الـهـجـريـن :

تقع مدينة الهجرين إلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون على بعد نحو ( 100 كيلو متر) ، في وادي دوعن يرجع تاريخها إلى ما قبل الإسلام ، وتعتبر من أجمل مدن وادي دوعن ، أقيمت على مرتقع صخري يشرف على مدخلي الوادي الأيمن والأيسر ، مبانيها قوامها الطين يتداخل لونها مع لون صخور المرتفعات دُورها عالية متراصة ومتقاربة من بعضها ، كونت بينها أزقة ضيقة للمشاة، وتشتهر هذه المدينة بكثرة مساجدها إذ تحتوى على عشرة مسجداً هي :" الجامع ، مسجد الخربة ، مسجد مكارم ، مسجد الشيخ طه بن عفيف ، مسجد با نواظير ، مسجد با يحيى ، مسجد با حسين ، مسجد المسمر ، مسجد القرن ، مسجد فاطمة الزهراء ، مسجد عمر " ، تحيطها المناظر الطبيعية الخلابة لغابات النخيل .

5 ـ المشـهـد :-

تقع قرية المشهد إلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون ، على بعد نحو (90 كيلو متر) ، وهي قرية صغيرة على الطريق المؤدي إلى دوعن ، وتبعد حوالي (5 كيلو مترات) عن خط الإسفلت ، أول من حل وأستقر بها الأديب على بن حسن العطاس وارتبطت باسمه (1160هـ ) ، بعد ما كانت تستخدم كمأوى لقطاع الطرق ، والمشهد تعنى أو تقابل الضريح نسبة إلى قبر العطاس ، وتقام زيارة دينية له سنوياً في الفترة الممتدة من 8 ربيع أول وحتى 16 منه وتصل أوجها يوم 12 ربيع أول ، الذي يصادف مولد الرسول الأعظم محمد (ص) وهذه القرية تتكون ما بين (15-20 منزلاً) ، يسكن فيها عدد قليل من السكان ، وابرز معالم القرية قباب العطاس الثلاث كل واحدة منها عبارة عن ضريح مربع تقريباً تقوم عليه قبة غير مرتفعة ، وفي داخل هذا الضريح القبر الذي نصبت عليه التركيبة الخشبية ( التابوت ) المزخرفة ، بزخارف نباتية متداخلة ومتكررة وإلى جانب هذه القباب هناك مسجداً صغيراً إلى جوارها وسقاية ماء ـ صهريج مغلق لخزن المياه ـ .

6- صــيـــف :

هي قرية صغيرة تقع إلى جنوب غرب سيئون على بعد نحو (123 كيلو متر) ، تقع في خاصرة وادي دوعن ، وبعد تجاوزها بثلاثة كيلو متر يتفرع الوادي إلى شقين الأيمن والأيسر ، ولذا تسمى مفتاح دوعن وقد كانت المركز الإداري لمديرية دوعن ، وأهم معالمها مسجدها الجامع وقلعة " آل العمودي " .

7- قـيـدون :

هي قرية قديمة في وادي دوعن إلى الجنوب الغربي عن سيئون على بعد نحو( 321 كيلوا متر) ، وكانت مركز دويلة آل " العمودي " ، ويوجد فيها صهريج ماء كبير يعود إلى القرن العاشر الهجري ، بناه السـلـطـان عـامــر بن عبد الوهاب .

8- قرية قرن ماجد :

هي قرية صغيرة فـي الوادي ، تبعـد عن سيئون في الجهـة الجنوبيـة الغربيـة حـوالـي (143 كيلوا متراً ) ، تقع بجانب المرتفعات الشرقية لمدخل وادي دوعن الأيمن وترجع تسميتها بقرن ماجد إلى وجود القلعة الآثرية الجميلة على حافة الجبل المطل عليها .

9- بضعة

هـي قرية صغيرة في الوادي ، وتبعـد عـن سيئون في الجهة الجنوبية الغربية على بعد نحو(140 كيلوا متراً ) ، كانت المركز السياسي " لآل العمودي " في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادي تقام فيها زيارة حولية مرتبطة بذكرى الشيخ الجليل معروف باجمال خلال الفترة (18-22) من شهر ذي الحجة من كل عام هجري .

10-هــــدون :

هي قريـة صغيرة في الـوادي ، وتبـعـد عـن سيئـون فـي الجهـة الجنوبيـة الغربية نحـو ( 147 كيلوا متراً ) ، وأهـم مـعـالـمـهـا ضريح هادون عليه السلام بن النبي هود عليه السلام ، تقام له زيارة حولية ، يومي (15-16 )من شهر شعبان من كل عام.

4- مدينة القطن

تقع إلى الغرب من سيئون بمسافة (42 كم) هي المركز الإداري لمديرية القطن تشتهر بزراعة القمح وأنواع الحبوب الأخرى ويقام في مدينة القطن سوق تجاري سنوي يبدأ منتصف شهر جمادي الثاني ويستمر أسبوعاً وأرتبط هذا السوق منذ القدم بالزيارة الحولية لقبر العلامة عمر بن عبدالله الهدار .

وأهم المعالم التاريخية في هذه المديرية العجلانية وحورة وهينين وقبر النبي صالح .

1- العجلانية

تقع قرية العجلانية إلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون وتبعد عنها نحو(64 كيلو متر) ، وإلى الغرب من مدينة القطن على بعد نحو (20 كيلو متر) تقريباً في وسط وادي حضرموت الرئيسي ويطلق عليه في هذا الموضع ( الكسر ) وسمي الكسر لأنه يكسر ماء السيول القادمة إليه .

بالقرب من ملتقى ( المخينيق ) الذي تلتقي عنده الطرق المتجهة إلى غرب وادى حضرموت ، أقيمت على مرتفع جبلي يشرف على مسيال الفارحة ، الذي يسير فيه سيل وادي العين في طريقه إلى الباطنة .

وقرية العجلانية قرية قديمة الذكر في التاريخ ذكرها الهمداني في القرن الثالث الهجري بأنها إحدى قرى الكسر ، ونتيجة للمعارك العنيفة التي حدثت على مر العصور في منطقة الكسر شيدت في قرية العجلانية قلعة دفاعية في عهد السلطنة الكثيرية الأولى في القرن العاشر الهجري ، يعتقد أن القعيطيين هم الذين دمروها عقب استيلائهم على القرية في القرن الماضي .

مباني هذه القرية تقليدية اتخذت الأسلوب المعماري السائد في وادي حضرموت .

2-حــورة :

مدينة تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة القطن على بعد نحو (27 كيلو متر) وإلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون وتعبد عنها نحو (72 كيلو متر) .

ورد ذكر هذه المدينة عند الهمداني في كتابه الإكليل بأنها من حصون حمير، بمعنى أن تاريخ ظهورها كان في فترة ما قبل الإسلام ثم استمر فيها الاستيطان إلى يومنا هذا .

شهدت هذه المدينة كبقية مدن وقرى الكسر، الكثير من الأحداث التاريخية المتمثلة بالمعارك الحربية أتخذها السلطان الكثيري الشهير بدر بوطويرق (922-977هـ ) مركزاً سياسياً وعسكرياً في القرن العاشر الهجري ، إثناء فترة إخضاعه لدوعن وضمها لأراضي سلطنته التي كانت تتخذ من سيئون حاضرة لها .

وأشهر ما خلف فيها السلطان الكثيري حصن مازالت أثاره قائمة إلى اليوم ، ولا يعرف متى تم تهديم هذا الحصن ، وفي القرن العاشر الهجري أقام الشيخ عمر عبدالله باوزير سداً في الوادي المجاور، ليسقي أشجار النخيل الكثيفة المزروعة في أراضي مدينة حورة .

3-قبر نبي الله صالح :

يقع قبر النبي صالح في شعب ( عسنب ) الذي يقع في وسط وادي سر ، يبـعـد عـن سيئون نحو( 63 كيلو متر ) في الجهة الشمالية الغربية منها .

وعن نبي الله صالح نقل بعض الإخباريين أنه بعد أن أهلك الله ثمود جاء إلى أرض حضرموت ، ولما قدم إليها حضره المـوت فسميت حضرموت وهو النبي الذي بعثه الله إلـى قومـه ثـمـود ـ ثمود كانت من عاد ـ ولكن قومه لم يؤمنون ، فأهلكهم الله ، فما كان من النبي صالح إلا أن رحل مع مؤمني قومه الذين أمنوا به ، عن الحجر إلى حضرموت بجوار ديار عاد ( في حضرموت) والبقية الباقية منهم ، فربما أن نفوسهم قد نزعت لمجاورة إخوانهم وأن بعدوا ، توخياً لجوار من تصلهم بهم أواصر القرابة النسبية وتجمعهم رابطة الدم

والذين كانوا مع النبي صالح من المؤمنيين أربعة آلاف ، وعندما خرج بهم إلى حضرموت بنى الأربعة الآلاف مدينة يقال لها( حضورا ) في حضرموت ، ويذكر الإخباريين أن القبر الذي قبر فيه النبي صالح في حضرموت يقع في تلة جبل ، والبئر بسفحه .

وقبر النبي صالح قبر مشهور ومعروف في حضرموت يقصده الزوار ، وهو عبارة عن بناء مستطيل طوله (30 قدماً) كقبر النبي هود عليه السلام تقريباً ، ويقع على سفح جبل في شعب عسنب ، وعليه حائط وحوله خدود ومنازل مبنية من الحجر مطلية بالكلس زاهية منيرة يشعر الزائر حوله بالأنس والروحنة وحوله بئر يستقي منها الزوار والسكان القريبون من هذا الموضع .

4- قرية هينين :

تقع قرية هينين في واد يحمل اسمها ( وادي هينين ) ، وهو وادي كبير يصب في وادي حضرموت الرئيسي من جهة الشمال ، وتبعد هذه القرية عن سيئون نحو (62 كيلومتراً ) في الجهة الشمالية الغربية منها ، وتعتبر واحدة من أشهر قرى ( الكسر ) ، ـ والكسر هي المنطقة الوسطى التي تقع منتصف وادي حضرموت الرئيسي وسميت بهذا الاسم لأنها منطقة انكسار مياه السيول ويشمل المنطقة الممتدة بين قرية الهجرين والقطن .

وقد شهدت منطقة الكسر منذ العصور الغابرة معارك عسكرية ضارية كانت في طليعتها الحرب التي شنها الملك السبئي " شعرم اوتر ملك سبأ وذي ريدان " في نهاية القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الميلادي كما جاء في النقش الموسوم بـ Ir. .32 ) ) ، وذلك لأن منطقة الكسر تمثل المدخل الذي يتجه إليه الغزاة من الطريق الغربية للوصول إلى وادي حضرموت .

وقد ذكر النقش السابق أن قائد جيش الملك " شعرم اوتر ملك سبأ وذي ريدان " قد دمر مدينة أطلق عليها النقش اسم ( ص و أ ر ن ) وهذه المدينة قد اندثرت ولكن الاسم ( صوأرن ) يطلق اليوم على مسيال ( سائلـة ماء ) تتفرع مـن مسيال وادي دوعن ، وهـناك أطـلال قريـة العـاديـة - والعادية غالباً يطلق كاسم على المواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام نسبة إلى قوم عاد - ، التي تقع إلى الجنوب من هينين يعتقد أنها المدينة التي كان يطلق عليها(صوأرن) في فترة ما قبل الإسلام ، ثم أنـتـقـل الاسـم ليطلق على مسيال ( صوأرن ) ويؤكد ذلك استمرار وجود الاسم منذ القرن الثالث الميلادي إلى اليوم .

وكانت أخر معركة عسكرية ضخمة حدثت في منطقة الكسر في فترة توسع نفوذ الإمام المتوكل إسماعيل في وادي حضرموت سنة (1070 هجرية) ، حيث استخدم السلطان الكثيري في حينها قرية هينين كقاعدة له وهي القرية التي دخلتها جيوش الأمام المتوكل إسماعيل بن القاسم ، في بادئ هجومها على مدن وقرى وادي حضرموت ويعتقد أن القلعة القائمة بمدخل القرية ، هي إحدى المنشآت الدفاعية التي أقامها الكثيريون في القرن العاشر الهجري إثناء المعارك الحربية التي كانت دائرة بين السلـطـان بـدر بوطويرق ( 922-977هـ) الكثيري وقبائل نهد ، وهى القلعة أيضاً التي دافعت عن المدينة فيما بعد إثناء اقتحام قوات الإمام المتوكل لقرية هينين ، تلك القرية التي كانت تعتبر عاصمة الكسر في كثير من العصور التاريخية .

وهناك من المؤرخين من يربط بين قرية هينين ، وبقاع ( حنين ) في فلسطين ، فقد ذكر الدباغ في كتابه( تاريخ فلسطين ) : أن المهاجرين الحضارمة الذين قدموا إلى فلسطين في فترة الفتوح الإسلامية قد استقروا في فلسطين وأطلقوا اسم ( هينين ) على البقاع التي استقروا فيها ، ثم حُرف الاسم فيما بعد ليصبح ( حنين ) .

وادي رخية:

يقع وادي رخية في أقصى الغرب لوادي حضرموت ، موازياً لوادي ( عمد) جنوباً ووادي ( العبر ) شمالاً ، ويعتبر من أكبر الوديان وأطولها ، حيث يصل طوله إلى حوالي (90 كيلو متر) وهو وادٍ منعزل نسبياً عن المراكز الرئيسية لحضرموت ، وساكنيه يميلون إلى الحياة البدوية لقرب الوادي من رملة السبعتين ، ويعود الاستيطان في هذا الوادي إلى فترات مبكرة من تاريخ البشرية ، إذ أسفرت المسوحات الأثرية التي قامت بها البعثة الأثرية اليمنية السوفيتية في هذا الوادي فيما بين عامي (83 -1984م) ، عن مقابر فريدة من نوعها يعود تاريخها إلى الفترة بين الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد وكشفت ـ أيضاً ـ عن مدينة قديمة يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام ، أما الفترة الإسلامية فهناك في سفوح الجبال وفي المرتفعات الصخرية لضفتي الوادي تنشر قلاع وحصون إسلامية .

1- مقابر وادي رخية :-اكتشفت البعثة الأثرية اليمنية السوفيتية في عام (1984م) ، أثناء المسح الأثري لوادي رخية في سفوح الجبال ، والمرتفعات الصخرية لضفتي الوادي على مقابر قديمة يعود تاريخها إلى الفترة بين الألفيين الثالث والثاني قبل الميلاد ، وهي مقابر فريدة من نوعها والوحيدة على مستوى الجزيرة العربية ، بل وأقدم مقابر كشف عنها في الجزيرة العربية ، وهى عبارة عن مدافن مكونة من عشرات المباني القبورية الحجرية ، حيث يبنى القبر بهيئة بناء إسطواني غير مرتفع ومغطى من أعلى بشكل قبة والجثة تدفن فيه بشكل منحنى والرؤوس موجهة إلى جهة الشمال الشرقي ولم تدفن معها مواد جنائزية ، والغريب في هذه القبور أن البناء الإسطواني للقبر يكون متبوعاً عـادة بشكل يشبه الذيل وهو من الأحجار الكبيرة المستـديـرة أو البيضـاويـــة ولا يعرف السبب في وجود هذا الذيل الحجري ، وقد أقيمت هذه المقابر في مناطق بعيدة عن المستوطنات القديمة وعن الأراضي الزراعية القديمة ـ أيضاً ـ .

2- موقع بير حمد : اكتشفت أيضاً البعثة الأثرية اليمنية السوفيتية في عام (1984م) ، مدينة قديمة يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام ، وتقع في المكان الذي يتصل فيه وادي حضرموت برملة السبعتين ، وتعتبر أضخم مدينة قديمة في المشارف الغربية لوادي حضرموت ، ومن خلال المسح الطبوغرافي للمدينة اتضح أن المدينة تتخذ مخططاً عمرانياً بشكل مثلث ممتد يتجه برأسه إلى جهة الشمال الغربي ، وتشمل المدينة على بقايا مباني شيدت باللبن ـ غير المحروق ـ ، وإلى جانب هذه المباني تبرز أنقاض ثمانية مباني كبيرة ، وأظهرت الحفريات الأولية للبعثة الأثرية اليمنية السوفيتية أنقاض معبد الإله الحضرمي ( سين ) ، الذي يقع على مساحة (8×10 متراً) ، وإلى جانبه أنقاض معبد للإله ( ذات حميم ) ، كما وجـدت بعض النقوش التي سـجل فيها أصحابها تقربهـم للإله (ذات حميم) ، وعثر على تمثال برونزي صغير ومبخرة حجرية .

وهذه المدينة تحيط بها أراضي زراعية قديمة تقدر مساحتها بـ (600 هكتار) ، والشئ الملفت للنظر منظومة الري التي كانت تروي هذه الأراضي الزراعية ، إذ أنها جمعت بين عدة أنماط من قنوات الري المعروفة في اليمن القديم .

3- القلاع والحصون الإسلامية : تمتد هذه الحصون على الصخور المرتفعة قريبة من شعاب الجيلان وهى محاطة ( كلاً على حده ) بعدد من الجدران المتقاربة مع الأبراج وتؤدي إلى أبواب الحصون والقلاع طرق صغيرة متعرجة ترى بوضوح ويمكن التخلص منها أثناء حدوث هجوم على الحصن أو القلعة ومداخل القلاع محصنة بأبراج مربعة بها فتحات لتصويب الأسلحة تجاه أي قوات مهاجمة ، وسط القلعة عبارة عن أبراج ذات أربعة أو خمسة طوابق يمكن منها مراقبة المناطق الشاسعة المحيطة بالقلعة ، وداخل القلعة نفسها ، ومن أهم قلاع وادي رخية قلعة ( قرن موشح ) ، وتقع في موضع غير بعيد عن مدخل وادي رخية ومنها يمكن مراقبة الطريق القادمة من عقبة خشمان ، وشيدت على منحدر صخري يرتفع عن سطح الوادي بنحو (40 متراً) ، ولم يبق منها سوى بقايا أساسات المباني والسور ، كانت محاطة بثلاثة أسوار متتالية في الجهات الثلاث التي يسهل الوصول منها إلى القلعة ، أما الجهة الرابعة فطبيعة الصخور شديدة الانحدار وفرت لها حماية طبيعية ، وفي وسط القلعة البرج الذي أقيم في أعلى مكان مرتفع في الصخور .

يعمل معظم سكان وادي رخية حالياً في تربية المواشي ، خاصة الأغنام والماعز ويتخذ نمط حياتهم الطابع البدوي يتنقلون للرعي خاصة عند اخضرار المناطق بعد مواسم الأمطار في الجيلان المحيطة والصحراء المجاورة للوادي .

مـشـغـة :

تقع مستوطنة مشغة على الضفة الغربية لوادي عدم ، وإلى جنوبها تقع مستوطنة سونة ، يبعد موقع مشغة عن سيئون بحوالي (40 كيلو متر) ، ويقع على الطريق إلى ( ساه ) ، وإلى جواره تقع قرية الردود .

تحتل مستوطنة مشغة مساحة كبيرة بالمقارنة مع مستوطنة سونة ، التي تعاصرها في تاريخ ظهورها حوالي القرن الخامس قبل الميلاد .

وتتميز مستوطنة مشغة باحتفاظها بثلاثة مباني من مبانيها القديمة نستطيع من خلال دراسة طريقة البناء ، أن نتعرف إلى نوع مميز من المباني ، حيث أقيم المبنى على قاعدة حجرية مرتفعة ، والجدران مبنية باللبن ( غير المحروق ) المرتكز على دعامات خشبية تم أقامتها بطريقة هندسية فريدة ، حيث تقام أولاً المباني بالدعامات الخشبية ثم تقام الجدران باللبن والدعامات الطولية والأفقية تختفي داخل الجدران .

إلى الجنوب والغرب من الثلاثة المباني السابقة الإشارة لها ، توجد بقايا أساسات لمباني متفرقة ، ويوجد مبنى في الشمال الغربي من الثلاثة المباني ، يقع على تلة منفصلة عن الجبل الذي تقع على سفحه تلك المباني ، وقد استنتجت البعثة الآثرية اليمنية الفرنسية التي أجرت حفريات أثرية في هذه المستوطنة في عامي( 78-1979م) ، أن تلك المباني الثلاثة قد أقيمت ربما لأغراض دفاعية ، وللمراقبة ، لأن موقعها الذي أقيمت عليه يعتبر موقعاً استراتيجياً بالنسبة لوادي عدم .

ســـونة :

تقع مستوطنة سونة على الضفة الشرقية لوادي عدم ، بجوار قرية الردود وجنوب مستوطنة مشغة تبعد عن سيئون بحوالي (44 كيلو متر) تقريباً ، ويتم الوصول إليها عبر وادي عدم على الطريق المؤديـة إلى ( ساه ) ، وسونة مستوطنة يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام ، فقد أجريت فيها حفريات آثرية من قبل البعثة الآثرية اليمنية الفرنسية في عامي (78-1979م) ، كشفت الحفريات عن معبد هام من معابد الإله الحضرمي القديم ( سين ) ، أطلقت عليه اسم ( مشوار ) ، وعثر في إثناء الحفرية على عدد من النقوش ، إضافة إلى مذبح حجري كان يستخدم للأغراض الطقوسية في هذا المعبد ، كما عٌثر على رسوم لوعول على بعض أحجار المعبد ، يقع هذا المعبد على سفح الجبل ، كما وجدت أيضاً أساسات يعتقد أنها كانت لمباني سكنية بلغ عددها تسع مباني ، تقع تلك المباني إلى غرب المعبد ، وتشرف على وادي عدم من سطح الجبل .

قـريـة عـنـدل :

تقع قرية عندل في مخرج وادي عمد ، إلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون وتبعد عنها نحو (90 كيلو متر) ، أقيمت هذه القرية الجميلة على سفح جبل في ضفة وادي عمد الشمالية ، وهى ذات منازل تقليدية مبنية باللبن وفيها عدد من المساجد الموزعة في أزقة وشوارع القرية ، ويشير المؤرخون إلى أن أمروء القيس قد قصدها في إحدى قصائده ، حيث قال :

كأني لم ألهو بدمون ليلة ولم أشهد الغارات يوماً بعندل

وهي قرية المشايخ " آل باجابر" ، الذين كانوا ينعمون بجاههم ونفوذهم في وادي عمد ، لذلك كانت تقع على عاتقهم حل الخلافات التي كانت تنشب بين الحين والآخر بين القبائل ، إلى جانب اشتغالهم في تنظيم أمور الري والسقاية في الوادي.

وادي العين :-

يقع إلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون ، ويبعد عنها نحو (100 كيلو متر) ، ويخترق هذا الوادي الطريق الإسفلتي الذي يربط المكلا بوادي حضرموت ، وأجريت دراسة آثرية ومسوحات من قبل البعثة الآثرية اليمنية السوفيتية في سنة (1984م) ، وتم التوصل من خلالها ، إلى أن هناك مواقع آثرية وتجمعات سكانية قديمة ومعابد ومنشآت ري كبيرة ، ظهرت تقريباً في أن واحد مع مدينة ريبون في الفترة التي سبقت القرن السابع قبل الميلاد تقريباً ، وقامت البعثة بالبحث الواسع والشامل للمواقع الآثرية ، ويبدو أن المواقع الآثرية كثيفة في هذا الوادي ، ولا تقل عن الواديين المجاورين له " وادي دوعن ، ووادي عمد ".

وقد اكتشف معبداً للإله الحضرمي القديم ( سين ) ، إلى الجنوب من قرية عندل ، وخرائب لمدينة كبيرة قرب ( مرواح ) أبعادها (70×500 متر) ، ممتدة على سفح جبل الوادي ، وهناك خرائب تقع إلى الجنوب من قرية ( نفلات ) ، والتي يحتمل أنها تحتوي بين أنقاضها على معبد للإله ( سين ) ، وإلى الجنوب والغرب منها لا زالت هناك بقايا منشآت الري شاخصة إلى وقتنا الحاضر .

وهناك خرائب تقع في الطرف الجنوبي لقرية السفيل ، وهي خرائب لمدينة غير كبيرة أبعادها (200× 140 متراً) ، يقع في وسطها مبنى ضخم يعتقد أنه خاص بالإله ( سين ) ، وقد وجدت في أنقاضه قرابين حجرية ومذابح كانت تستخدم للأغراض الطقوسية التعبدية

وإلى الشرق من هذا الوقع الذي اصبح يرمز إليه علمياً بـ ( السفيل I) ، اكتشفت مقابر كهفية في صخور الضفة اليمني لوادي العين ، ربما أنها خاصة بالمدينة التي كانت قائمة في الطرف الجنوبي لقرية السفيل التي يرمز إليها بـ ( السفيل I) ، وإلى جنوب ( السفيل 1) عـلى بـعـد نـحـو (2 كيلو متر) ، هناك أيضاً خرائب لمستوطنة أخرى ، ويبدو أن إحدى بقايا بناياتها كانت معبداً للإلهة ( عثترم ) ، حيث عثر فيه على نقش بخط المسند يذكر تقديمه للإلهة ( عثترم ) .

وقد وجدت في خرائب هذه المستوطنة على أنواع جيدة من كسر الفخار التي لوٌنت بعضها باللون الأحمر ، وبعضها باللون الأسود ، وبعضها عليها رسوم لأشكال حيوانية ، خاصة هناك رسم لنعامة على واحدة منها .

واخيراً هناك في أقصى جنوب وادي العين خرائب لمستوطنة قديمة وهى مستوطنة ( القف ) ، عٌثر بين بقايا بناياتها على معبداً للإله (سين) ، وفي أنقاض هذا المعبد عٌثر على مبخرة حجرية ، وعلى مذبح حجري ونقشاً يذكر فيه مسجله تقديم نذراً للإله (سين) بناءاً على ما أمره به الإله .

وإلى جانب الدراسة الآثرية للوادي قامت أيضاً البعثة بدراسة اثنوغرافية لسكان الوادي حديثاً، وخرجت بنتائج أهمها :

- يقع وادي العين في منطقة متحضرة وساكنيه في الغالب تميل حياتهم إلى التحضر أكثر منها إلى

البــداوة كما هو الحال في وادي رخية ، وتشابه حياة ساكنيه حياة ساكني وادي دوعن والكسر وعـمـد ، وكذلك في المراكز الأساسية ( القطن ، شبام ، سيئون ) ، والمجموعة الكبيرة لسكان الوادي على ما قيل لأعضاء البعثة الأثـرية اليمنية السوفيتية ، تنتمي أصولهم التاريخيــة إلى - بـدو رحـل - يضمها اتحاد قبلي معروف تحت اسم ( العواثبة ) ، وقد نزلوا مــن الجبلان واحتفظوا بروابطهم الوثيقية مع أهاليهم ، أما سكان الجزء السفلي من الوادي فغالبيتهم نزحـوا إلى هنا من وادي حضرموت الرئيسي ، وكان وادي العين في الماضي القريب يقدم لنا مثالاً جيداً لشرائح المجتمع المختلفة فقـد كان " آل باوزير " ، هم الشريحة الأعلى مقاماً ولذلك فقد كانوا هم الوحيدون الذين يقومون بحـل النزاعات التي كانت تحدث ، بينما مجموعـة العواثبة هـم الشريحة الأقـل مقاماً ، إلى جانب النازحين من وادي حضرموت الرئيسي .

يعتمد سكان وادي العين على الزراعة بالدرجة الأولى ، ومن ثم تربية الماشية بالدرجة الثانية ، ومعظم ثرواتهم الحيوانية من الأبقار ، أما الحيوانات الصغيرة فهي قليلة بعكس الحال في وادي رخية ، وتتوفر بالوادي مصادر المياه التي هيأت لزراعة أراضي الوادي التي تكثر فيه زراعة النخيل .

وقد لعب افتتاح الطريق الإسفلتي الذي يربط وادي حضرموت بالساحل دوراً اقتصادياً هاماً في حياة ساكني الوادي ، وسهل لهم التواصل التجاري مع مدن الساحل ، ومـدن وقـرى الـوادي الرئيسي ـ وادي حضرموت ـ في الداخل .

5- مدينة الشحر:

- مدينة الشحر :-

- الموقع: تقع مدينة الشحر على ساحل البحر العربي إلى الشرق من مدينة المكلا ، وتبعد عنها بنحو (62 كم) .

- التسمية: الشحر كان اسم يطلق على ساحل حضرموت ويطلق عموماً على جهة الساحل بالنسبة لسكان وادي حضرموت أو (حضرموت الداخل) ، وعلى جهة الساحل أقيمت فيها بلدان كثيرة تمتد إلى أقصى الحدود الشرقية في الجوف ، ومن أشهر مدن الساحل مدينة الأسماء التي عرفت بـعـد ذلك وحتى الآن باسم مدينة الشحر ، كما عرفت بعدة أسماء أخرى منها ـ مثلاً ـ : ( سمعون ) نسبة إلى وادٍ يسمى سمعون كان أهلها يشربون من آباره ، وهي نسبة إلى واسم (الأشجار) ، وسميت الأشجار نسبة إلى القبائل التي كانت تسكنها من المهرة والذين كانوا يسمون (الشحرا) وكما سميت باسم (الأحقاف) ، والأحقاف هي الرمال ومفردها حقف ، إلا أن اسم الشحر طغى مؤخراً على تلك الأسماء كلها .

ويقول محمد بن عبد القادر بامطرف في كتابه " الرفيق النافع على دروب منظومتي باطايع " : أن الشحر قـد عـرفت باسم (السوق) المقام فيها قبل أن تعرف بالشحر ، كان الملاحون اليونانيون الذين وفـدوا إلـيـهـا فـي القـرن الثاني الميلادي يسمونها فـي خرائطهم باسم السوق أو المركز ( Alasa Emporium ) ، وكلمة الأسعا حرفت فيما بعد إلى كلمة ( سعاد ) ، وهو اسم للسوق تعرف به الشحر حتى اليوم .

ـ الشحر في التاريخ : مدينة الشحر قديمة ، شأنها شأن مدن اليمن القديمة ، ويحتمل أن يكون أقـــــدم ذكر لها جاء عند الهمداني ( 334 هجرية ) ، بينما الذين ذكروا اسم ( الشحر ) من المؤرخين فهم يقصدون الساحل وليس المدينة ، ولذلك فمدينة الشحر كانت قائمة قبل ظهور الهمداني هذا ما جاء عند المؤرخين ، أما تاريخها من خلال الدراسات الأثرية التي أجرتها البعثة الأثرية الفرنسية في المدينة في جوار دار البياني فالمخلفات الأثرية تؤكد أن المدينة كانت قائمة في العصر العباسي وبدء الدولة العباسية في سنة (132 هجرية) بمعنى أن تأسيس المدينة ربما كان في مطلع القرن الثالث الهجري كأقرب تاريخ ممكن ، وربما أن موقعها قد استغل في عصور ما قبل الإسلام لأنها تقع فيما بين ميناء سمهرم إلى شرقها وميناء قنا في غربها ، وهذا الخط التجاري الهام الذي كان ينقل بواسطته سلع اللبان والبخور والتوابل من ميناء سمهرم إلى ميناء قنا في تلك الفترة ، وقد سبق أن أشار محمد عبد القادر بامطرف إلى أن هذه المدينة قد عُرفت في القرن الثاني الميلادي عند الملاحين اليونان مما يؤكد أن موقع هذه المدينة قد استغل تقريباً في النشاط التجاري الذي كان قائماً في فترة ما قبل الإسلام ، وبالتالي فقد اختط موقعها ليصبح فيما بعد مدينة بكل معانيها في فترة ما قبل الإسلام وتجددت بعد ذلك كمدينة وحاضرة لساحل حضرموت منـذ القرن الثالث الهجري ، ومدينة الشحر كانت تمثل سوقاً تجارياً هاماً ، لأن السفن التي كانت تتجه من الهند إلى البحر الأحمر وعدن والعكس كان لابد لها من التوقف في الشحر سواءً للمتاجرة ، أو " كمحطة ترانزيت " ، وكانت السلع التجارية الرائجة فيها : البز واللبان والـُمـر والصـبر والدخن ـ العنبر الدخني ـ ، إلاَّ أنها اشتهرت كثيراً باللبان الذي ينسب إليها ( اللبان الشحري ) ، وقد قال أحد الشعراء :

أذهب إلى الشحر ودع عُماناً إن لم تجد تمراً تجد لبُاناً

وقد كانت مدينة الشحر مسورة حيث يحيط بها سور من الجهات البرية منها تحاشياً لأي هجوم يقع عليها من القبائل المجاورة لها ولكن تم تدميرها من قبل البرتغاليين الذين سيطروا على الطرق التجارية البرية بين الهند والبحر الأحمر للفترة الممتدة من مطلع القرن السادس عشر إلى النصف الأول من القرن السابع عشر الميلادي وظلوا خلال فترة سيطرتهم على الطرق التجارية البحرية وكذلك على الإقليم الجنوبي الغربي من الهند والخليج العربي يوجهون جهودهم للسيطرة على تجارة الهند والخطوط التجارية البحرية المرتبطة بها ، وتمثلت جهودهم تلك بالقرصنة على السفن التي كانت تعبر على الخطوط التجارية المارة من الهند إلى عدن إلى جانب تنظيم حملات عسكرية على الموانئ التي تقع على الخطوط التجارية البحرية المرتبطة بالموانئ ، وكانت الشحر واحدة من تلك الموانئ البحرية , ويكفي أن نذكر حادثة من الحملات العسكرية على مدينة الشحر تعتبر نموذجاً من تلك الحملات التي توالت على المدينة حتى انتهاء سيطرة البرتغاليين على الخطوط التجارية البحرية.

ففي عام (929 هجرية ـ 1522 ميلادية) قدم البرتغاليون إلى ميناء الشحر في حوالي تسع سفن ونزلوا إلى المدينة من فجر يوم الجمعة فنشب قتال شديد بينهم وبين الأهالي إلا أن البرتغاليين تغلبوا في النهاية عليهم وقتل عدد كبير من أهل الشحر ونهبت المدينة نهباً فظيعاً ، وغادروها بعد أربعة أيام ، وقد توالت حملاتهم على المدينة وعلى السفن والمراكب التي كانت ترسوا على مينائها، حيث كان البرتغاليون يعتمدون على نهب السفن ومن ثم إحراقها ، وبعد نهاية سيطرة البرتغاليين وصل إلى الشحر الهولندي " فان دون بروكة " في عام (1613م) ، ليطلب من سلطان الشحر إذناً للهولنديين بالمتاجرة في المدينة فأذن لهم بذلك ، وقد وصف بروكة ميناء الشحر بأنها ميناء حضرموت الرئيسية ، وأنه شاهد نحو (14 مركباً) راسية على الميناء ، وهناك أيضاً سفن كثيرة قد وصلت أثناء إقامته بالمدينة قادمة من الهند ومن شرق أفريقيا ومن الخليج العربي .

ـ الدول التي تعاقبت على الشحر من القرن السادس الهجري كانت :-

أولاً - دولة آل إقبال : التي بدأت من النصف الأول من القرن السادس الهجري وانتهت في سنة (611هـ) ، عندما سيطر الأيوبيين على المدينة ، وجعلوا ابن فارس عاملاً لهم عليها ولكن حدثت ثوره من قبل عمر بن مهدي في سنة ( 615هـ) الذي حاول توحيد حضرموت تحت قيادته وطرد آل فارس من الشحر وفي سنة (621هـ) استطاع سلاطين آل إقبال استعادة الشحر عاصمة أجدادهم وآبائهم بقيادة السلطان عبد الرحمن بن راشد إقبال ، وفي سنة (670هـ) استطاع الرسوليون أثناء حكم المظفر الرسولي أن يستولوا على الشحر ، وظلت تحت سلطتهم حتى سنة (836 هجرية) وبعدهم سيطرت على الشحر آل أبي دجانة إلى سنة (861 هـ) ، عندما كان يسيطر عليها الطاهريون ، وقد استمرت سلطتهم عليها إلى سنة (883 هـ) ، فقد حدث خلال هذه الفترة في سنة (866هـ) أن استطاع واحد من آل أبي دجانة السيطرة على المدينة وطرد عامل الطاهريين منها الأمر الذي دعى السلطان الطاهري إلى تجهيز حملة لمهاجمة آل أبي دجانة ، وبالفعل طرد آل أبي دجانة عن المدينة وألزم الكثيريين بمساعدة نائب الطاهريين بالمدينة ومن هنا بدأ تدخل الكثيريين في أمور الشحر ، ففي سنة (883هـ) تمكن آل أبي دجانة بقيادة أسعد بن مبارك با دجانة الاستيلاء على المدينة ومكثت تحت سلطته إلى سنة (901هـ) إلى أن استطاع آل الكثيري استعادة المدينة في عهد سلطانهم جعفر بن عبد الله الكثيري ، واستطاع السلطان الكثيري بدر أبو طويرق (922-977هـ) أن يدحر البرتغاليين في سنة (929هـ) بعد أن أعلن الجهاد بتعبئة أبناء وطنه في معركة فاصلة ، واستطاع أن يأسر الكثير منهم وأرسلهم إلى السلطنة العثمانية التي كان الكثيري يعلن ولاءه لها وهو الولاء الذي دعى السلطان العثماني أن يرسل في عام (936هـ) خلعه الولاية إلى السلطان بدر أبو طويرق الكثيري وحلل الشرف لأمرائه بواسطة القائد مصطفى بيرم الذي كان يقود حملة تركية كان هدفها القضاء على سلطة البرتغاليين في الهند، وقد ظلت المدينة تحت سلطة الكثيريين حتى مطلع القرن الثاني عشر الهجري إلى أن سيطرت عليها قبيلة من يافع هم آل بريك وكونت دويلة مستقلة فيها ، ثم استعادها الكثيريون على يد غالب بن محسن الكثيري ، في ذي الحجة سنة (1283هـ) ، واستطاع الاستيلاء عليها ، وظلت بعدها تابعة للسلطنة القعيطية حتى الاستقلال الوطني من الاستعمار الإنجليزي عام (1967م) .

ـ معالم مدينة الشحر :سبق أن ذكرنا أن سور المدينة القديم قد دمره البرتغاليون في سنة 929هـ ، كما تعرضت المدينة للتدمير والنهب عدة مرات متتالية ، لذلك لم يبق من معالمها القديمة إلا بقايا معالم قليلة من أهمها :-

1- سور المدينة :

يعود تاريخ بناء آخر سور للمدينة إلى عهد السلطنة القعيطية واستمر بناؤه عشرين عاما خلال الفترة (1868-1888 ميلادية) ، وكان يحيط بالمدينة من جهاتها الثلاث ، ومفتوح من الجهة المطلة على البحر ، يبلغ طوله حوالي ( 3,3 كم ) ومحيطه يصل إلى (10.297 قدماً) ، ويبلغ ارتفاعه (5.7 متر) ويصل سمكه إلى (1.20 متر) شيدت بأطرافه وزواياه ست قلاع دفاعية ضخمة ترتبط بالسور ، ومن تلك القلاع اثنتان أقيمتا على الأطراف الجنوبية للسور الممتدة إلى مياه البحر بمسافة ( 400 ياردة ) من الشاطئ واثنتان أقيمتا على الشاطئ داخل السور تقع إحداهما إلى شرق المدينة والأخرى إلى غربها ، أما الاثنتان الباقيتان فقد أقيمت واحدة على الزاوية الشمالية الغربية والأخرى في شمال المدينة إلى الشرق من البوابة الشمالية بمسافة (200 متر ) تقريباً .

وشيدت على السور أربعة وثلاثون برجـاً دفاعياً تسمى باللهجة الحضرمية ـ كـوت وجمعها أكوات ـ ، وأضيفت إلى تحصينات السور قلعة دفاعية في الثلاثينات من هذا القرن ، أقيمت على السور في الجهة الشرقية .

وللسور بوابتان رئيسيتان ، الأولى في الجهة الغربية منه ويطلق عليها سدة الخور ـ سدة باللهجة الحضرمية تعني البوابة ـ والأخرى في الجهة الشمالية يطلق عليها سدة العيدروس ، كما فتحت في السور إضافة إلى البوابتين الرئيستين ست بوابات فرعية صغيرة وزعت على محيط السور ترتبط بالقلاع الست الدفاعية الضخمة التي سبق ذكرها من خلال ممر سعته قدمان ونصف يحمي السائر فيه جدار بارتفاع ( 1.7 متر) ، كما شيدت أجزاء السور المقامة على مجرى وادي سمعون الذي يخترق المدينة من الأحجار والجص بهيئة بوابات تعلوها مغلقة بأعمدة حديدية .

وقد تهدمت القلاع الست الخارجية ولم يبق لها أي أثر ماعدا قلعة واحدة هي قلعة الزاوية الشمالية الغربية فالجزء المتبقي منها هو قاعدتها ( أساساتها ) مع الممر والبرج المقابل لها بالسور ، وهذه الأجزاء مطمورة اليوم بالرمال ، كما تهدمت معظم أجزاء السور ولم يبق منه سوى جزء صغير إلى الشرق من البوابة الشمالية وهو الآن آيل للسقوط ، وهناك أيضاً بعض الأبراج الدفاعية مازالت قائمة وبعضها قد اندثرت ، أما الجزء المبني بالحجارة على مجرى وادي سمعون فمازال قائماً .

2- البوابة الغربية + بوابة العيدروس :

البوابة الغربية ( سدة الخور ) : هدمت أجزاء منها ومازالت فتحة البوابة والمدخل قائمين إضافة إلى غرفتين عن يمين الداخل و يساره ورواقيين إلى جانبها .

البوابة الشمالية ( سدة العيدروس ) : وتمثل هذه البوابة نموذجاً فريداً لبوابات المدن اليمنية الإسلامية ، وقد سميت سدة العيدروس نسبة إلى مسجد العيدروس القريب منها ، يتكون مبنى هذه البوابة من ثلاث أدوار .

فالدور الأرضي : يشتمل على المدخل الذي يصل اتساعـه إلى حوالي (2.50 متر) وارتفاعه (4.50 متر) ، يغلق هذا المدخل باب خشبي سميك ذو مصراعين متساويين ، أبعاد كل واحد منهما (1.5×3 مترات) ، غطيت واجهتيها بصفائح حديدية مثبتة بمسامير ضخمة ، وفي أحد المصراعين مدخل صغير يغلق عليه باب كان مخصصاً للمشاة ويوجد جناحان مبنيان إلى يمين ويسار المدخل ، يتكون كل واحد منهما من غرف وأروقة إضافة إلى السلالم التي تصعد إلى الدور الثاني والثالث .

الدور الثاني : يحتوي على غرفة واسعة تقع على سقف البوابة في وسط المبنى ، وفي الجناحين المحيطين بها أربع غرف وحمامان ، في كل جناح غرفتين وحمام ، وكان جناحا هذا الدور مرتبطين بمدخل يصل إلى سطح السور الذي انفصل فيما بعد عن البوابة بسبب اندثاره .

الدور الثالث : أقيمت فيه غرفتان للمراقبة في زاويتيه الغربية والشرقية إضافة إلى جدار يدور حـول سـقف المبنى بارتفاع (1,50 متر) ، ومبنى البوابة عموماً قوامه اللبن والحجارة والنورة ـ الجص ـ ، ولازال حتى اليوم مجصصاً بالنورة ، ويبدو بذلك تحفة معمارية رائعة ، ويستغل مبنى البوابة اليوم كإدارة للإعلام ، ومكتب لهيئة الآثار والمتاحف والمخطوطات .

3-دار البياني :

هو أطلال أحد القصور القديمة بالمدينة ، ويقع في أقدم أحيائها في حي القرية على حافتها ، ويقع على شاطئ البحر على بعد مسافة (100 متر) تقريباً ، ولا يعرف بالتحديد متى تم إنشاء هذه الدار، فالبعثة الأثرية الفرنسية التي قامت بحفريات في موقع القصر أشارت إلى أن تاريخ هذا الموقع تعود إلى الفترة العباسية التي تبدأ في سنة (132هـ) ، ولكن – كما عرفنا من خلال الأحداث التاريخية أن المدينة قد تعرضت كثيراً للتدمير والنهب – ربما أنه أحرق في أحد تلك الأحداث ـ والموقع اليوم هو عبارة عن تل ترابي كبير ، ويلاحظ من خلال طبقاته .. وجود طبقات مرتفعة من الرماد والفحم تؤكد بالفعل أن المبنى قد تعرض للحريق ، وقد استغل سطح هذا التل الترابي في الدولة القعيطية بإقامة موقع دفاعي عليه ، فنصب في وسطه مدفعان ، وبني إلى جوارهما مبني صغير ، وقد ظل المدفعان منصوبين إلى عقد الخمسينات من هذا القرن .

4- حصن بن عياش

حصن بن عياش يقع في الجهة الجنوبية من سوق المدينة ويطل عليه ، يرجع تاريخه إلى (1868-1888 ميلادية) ، شيده عبد الله بن عمر القعيطي ، وتوفي قبل أن يتم بناؤه في (1306هـ ـ 1888م) ، ويطلق عليه (حصن ابن عياش) نسبة إلى أسرة ابن عياش التي كان يقع أحد بقايا قصورها في موضع الحصن ، وقد بني هذا الحصن من الحجارة واستخدمت مادة النورة لربطها ، ويذكر بعض من عاصروا البناء من الأهالي أن عجين النورة مزج بالسكر الأحمر المذاب في الماء حتى يعطي للنورة قوتها وصلابتها ، ولعملية المزج هذه أقيمت ثلاثة عشرة دائرة تعمل فيها الخيول والجمال لعجن النورة بالسكر المذاب في الماء ، ومازالت آثار تلك الدوائر واضحة المعالم في ساحة السوق اليوم أمام الحصن .

وقد أقيم الحصن على مصطبة مرتفعة عن سطح ساحة السوق يصل ارتفاعها إلى (3.50 متر) ، يتم الصعود إليها عبر طريق في الجهة الشمالية على هيئة درج متسعة ، وفي هذه الجهة يوجد المدخلان الرئيسيان للحصن المكون من دورين .

- الدور الأول : ويتكون من غرف صغيرة ودهاليز وأروقة .

- الدور الثاني : لم يكتمل بناؤه حيث رفعت جدرانه إلى ارتفاع بلغ مترين في جهتيه الجنوبية والغربية ، أما الجهتان الأخريتان فقد بنيت فيهما غرف حديثة مختلفة في نمط بنائها واستخدمت كفصول دراسية حيث استغل الدور الأول كمدرسة ، ولهذا الغرض فقد استحدثت في الجدران لتقسيم غرف المبنى إلى غرف دراسية .

5 - قصر عبود

يشرف هذا القصر على ساحة السوق الرئيسية للمدينة ، وقد أقيم بناؤه في عام (1182هـ-1768م) أقامه أحد أمراء آل بريك حكام الشحر الذين جاءوا إليها محتلين من أراضيهم في يافع شمال شرق لحج ، ثم أضاف إليها السلطان عبد الله بن القعيطي طابقين ـ دورين ـ أخريين على واجهتيه الشمالية والشرقية في عام (1296هـ ـ 1878م) ثم بنى هذا السلطان الواجهة الجنوبية للقصر في عام (1309هـ ـ 1891م) وأضاف إليه السلاطين القعيطيون في عقد العشرينات والثلاثينات من هذا القرن عدة غرف في الدور الثالث منها غرفتان هامتان واحدة منها استخدمت كغرفة نوم للسلطان والأخرى مع مرافقها خاصة بالمستشار البريطاني ـ إبان الاحتلال البريطاني للشطر الجنوبي من اليمن ـ ، وقد استغلت الأجزاء الأخرى من القصر في عهد السلطنة القعيطية كمقرات لإدارة حاكم الشحر ، منها المحكمة الشرعية ، والدوائر المالية والبريد والأمن ، والمبنى اليوم قد اندثرت معظم أجزائه والبقية آيلة للسقوط خاصة جزء ه الشرقي الذي يستغل الآن كمقر لبعض الدوائر الحكومية .

6- حصن المصبح

يقع هذا الحصن على الجهة الجنوبية من سوق المدينة وسط ساحة تحيط بها مبانٍ لاتحاد نساء اليمن وإدارة الثقافة والسياحة ودور السينما وقصر ابن عياش ، أما بالنسبة لتاريخ بنائه فهو غير معروف تماماً ، وكذلك فترة اندثاره ، ويحتمل أنه بنى في العهد الرسولي حيث يذكر المؤخرون أن الملك المظفر الرسولي أقام بالشحر القلاع والحصون في سنة (670هـ) بعدما استولى عليها وضمها إلى سلطته ، ويحتمل أنه ظل قائماً بعد ذلك حتى القرن العاشر الهجري عندما كانت المدينة تحت سلطة الكثيريين ، وفي هذه الفترة أطلق عليه اسم حصن البلاد وحصن المصبح ، والمصبح من اللفظة أصبح ويصبح وهو كناية عن قدوم القوافل والأقوام الزائرة لحاكم المدينة آنذاك ، ويحتمل أنه دمر من قبل البرتغاليين في سنة (929هـ) عندما هجموا على المدينة وتعرضت للنهب والتدمير ، وفي عهد السلطنة القعيطية في مطلع القرن العشرين الميلادي أقيم على أنقاض القصر ثكنة عسكرية للجنود ومسجد لتأدية الصلاة فيه ، وعلى قمته الجنوبية بنيت منصة ليرفع عليها العلم الوطني للسلطنة القعيطية ، وهي مازالت قائمة حتى الوقت الحالي ، وتبدو أنقاض القصر اليوم عبارة عن هيكل نصف دائري يرتفع عن مستوى سطح الأرض حوالي ستة أمتار تقريباً مبنياً بالحجارة والجص ، وعلى بعض الجدران القائمة على يمين ذلك الهيكل أحدها يرتفع خمسة أمتار وسمكه متران وهو جزء من المبنى القديم .

تقع ميناء المدينة في الجهة الجنوبية على الساحل بجانب مسيال سمعون ، وفيها الفرضة التي تتحكم في الجمارك والمكوس وتحديد أنواع البضائع الداخلة والخارجة من المدينة .

7- جبل ضبضب :

يقع إلى الشمال الشرقي من الشحر ، على بعد نحو(4 كم) وعلى قمة هذا الجبل توجد آثار لبقايا مباني الحصن ، يعود تاريخها إلى الفترة الإسلامية ولم يتبق من هذا الحصن سوى بعض الأساسات لمبانيه وصهريج كبير كان يحتفظ بمياه الأمطار ، وفي أسفل الجبل توجد مغارة وقبر إسلامي ، ووجود تلك المغارة في هذا الجبل والقبر إلى جانبها جعلت الأهالي ينسجون الكثير من الأساطير حولها ـ وبأنها كانت مقبرة لقوم عاد ـ ، ويحتمل أن وجود مثل هذا الحصن على هذا الجبل كان الغرض منه المراقبة البحرية إضافة إلى استخدامه كفنار ليرشد السفن والمراكب في البحر .

8- وادي عسد :

يقع وادي عسد إلى الشمال الشرقي من مدينة المكلا ، ويبعد عنها نحو(202 كم) ، كما يقع إلى الشمال من مدينة الشحر ، وعبر هذا الوادي كانت تمر القوافل التجارية للوصول إلى وادي حضرموت من سواحل الشحر ، وعلى ضفاف سواحل الشحر تنتشر القرى الصغيرة وأشجار النخيل ، وعلى جباله –أيضاً- وجدت عدداً من الحصون التي كانت على الأرجح تقوم على حماية الطريق التجارية من أهمها حصن شقبون الذي بُني على قمة جبل (العَلَكَ) المطل على قرى الوادي والمرتفعات وسهوله الشمالية ، يتم الصعود إلى هذا الحصن عبر طريق من الجانب الغربي من القرية ( ضبق الهزاول) ، وهي طريق ممهدة تمتد من أسفل الجبل إلى أعلاه حيث تصل إلى أسوار الحصن ، وفي سور الحصن بنيت بوابة ضخمة يكتنفها برجان دفاعيان أما في ساحة الحصن الداخلية فهناك بقايا أساسات و جدران وبعض أجزاء من سقف لمبنى في صخر الجبل كان يستخدم لحفظ مياه الأمطار ، وفي الجهة التي تشرف على ممر ( تعَوِّص ) ـ وهو الممر التي تجتازه القوافل للوصول إلى وادي حضرموت ـ أقيم برج مرتفع لمراقبة وحماية سير القوافل التجارية قديماً .

9- قرية تبالة :

تقع تبالة شمال مدينة الشحر ، وتبعد عنها نحو ستة كيلومترات ، وفي هذه القرية استقرت إحدى الفصائل اليافعية التي استقدمها من يافع السلطان بدر بن محمد الكثيري لمساعدته وتعزيز سلطته ضد المناهضين من أبناء عمومته في سنه (1705 ميلادية) ، وهذه الفصيلة يطلق عليها آل الشيخ علي بـن هر هرة ، وقد استقروا في شرق الجبل الذي تقع عليه قلعـة ابن الشيخ في قريـة صغيرة .

ـ من أهم معالم قرية تبالة :

أ) قلعة ابن الشيخ علي :أقيمت هذه القلعة على قمة جبل عالي الارتفاع يشرف على وادي عرف ، وعلى طريق القوافل السائرة من الشحر إلى وادي حضرموت وبأسفل الجبل من جهة الشرق توجد قرية آل الشيخ علي بن هر هرة ، وتتكون هذه القلعة من مبنى مكون من دورين مبني بالحجارة واللبن والجص، تهدمت معظم أجزائها اليوم ولم يبـق منها سـوى بعض الجدران والأساسات ، وإلى جانب هذه القلعة توجد آثار مسجد القلعة وبقايا أساسات لمباني قرية صغيرة .

ب- حصن تبالة (حصن القعيطي ): أقيم الحصن على مرتفع بسيط في قرية تبالة ، وأسفل هذا المرتفع وبجانبه تنبع خمسة عيون مياه كبريتية ساخنة ، واحدة منها يسيل ماؤها إلى مدينة الشحر ، أما البقية فتسقى مزارع المدينة ، وقـد بـنـي حصن القعـيـطـي في سنـة (1292هـ ـ 1875م) ، وينسب إلى القعيطي لأن السلاطين القعطيين هم الذين قاموا ببنائه ، وجعلوه سكناً لحاكم قرية تبالة ونائب السلطان القعيطي فيها ، والحصن مازال قائماً وبحالة جيدة ، فهو يتكون من دورين مبنيان بالحجارة واللبن وتعود شهرته إلى أبوابه ونوافذه التي أخذت من حصن الحزم ـ حصن العوالق بالصداع في غيل باوزير ـ ، وركبت فيه ، وأجمل ما فيه بوابته الرئيسية ، يشرف هذا الحصن على الطريق القادم من الشحر إلى وادي حضرموت وعلى غيل با وزير ، كما يشرف على مساحات واسعة من الأراضي والطرق شمال الشحر وعلى الشاطئ ومدينة الشحر نفسها .

جـ- كوت الحذاف : يقع كوت الحذاف على قمة جبل يطل على مجرى وادي عرف على الطريق التي تربط بين الشحر وتبالة ولفظة " كوت " بالهجة الحضرمية تعني ـ حصن أو برج حراسة ويكاد يكون مصطلح برج هو الأقرب ـ ، أما الحذاف فهي مأخوذة من اسم قلعة قديمة كانت قائمة على هذا الجبل كانت تسمى " قلعة الحذاف " ، والتي لم يبق منها سوى بعض الأساسات لمبانيها التي اندثرت ، وكوت الحذاف ـ برج الحذاف ـ لازال قائماً كغيره من الأبراج التي كانت تنتشر على طول الطريق المؤدي إلى تبالة من الشحر والممتد فيما وراء تبالة إلى وادي حضرموت ، وكانت مهمة هذه الأبراج هي حراسة الطريق ، وكانت تتبع نظاماً خاصاً في إيصال معلوماتها حيث كانت تُعلم بحدوث خطر على الطريق بأن يطلق حارس البرج الذي يشعر بالخطر أو يعلم به ، ثلاث طلقات نارية ، فيطلق بعده حارس البرج الذي يليه ثلاث طلقات أيضاً وهكذا دواليك إلى أن يصل الخبر عن حدوث خطر إلى حراس بوابة الشحر الشمالية فتبلغ بدورها حاكم المدينة الذي يقوم بتجهيز نجدة سريعة إلى موضع الخطر على طول الطريق .

10) مواقع الحمامات العلاجية الطبيعية :

يوجد في مديرية الشحر من مواقع المياه العلاجية الحارة طبيعياً في مراكز الديس والحامي وقصيعر مثل : -حمام صويبر - معيان با حميد - عين محدث - الصيق - حمام ثوبان - معيان الروضة - حمام تبالة - معيان حسن - معيان القميع ، وجميع هذه المواقع العلاجية الطبيعةً يؤمها الناس يومياً على مدار العام للاستشفاء من الأمراض ، ولكنها تستغل بطرق تقليدية عشوائية مع عدم توفر أي وسائل خدمية طبية حديثة ؛ ولذلك فهي بحاجة إلى دراسات علمية لمكوناتها وعناصرها و ـ أيضاً ـ إلى دراسات جدوى اقتصادية لاستثمار ما يمكن منها بطرق حديثة طبياً وتجهيز مرافق خدمات سياحية ملائمة .

11) موقع شاطئ شرمة :

يقع شاطئ شرمة بمديرية الشحر في مركز الديس الشرقية ، ويبعد عـن مدينة المكلا بمسافة (130 كم) ، ويعد من أجمل وأنقى الشواطئ السياحية في محافظة حضرموت .

ويتكون الموقع من الآتي :-

أ- الشاطئ الغزي : وهو عبارة عن حوض بحري عميق ، والمرتفعات الصخرية من الشرق والشمال والجنوب تشكل له حماية طبيعية ، ويعتبر المكان المثالي لهواة الغوص وممارسة الصيد .

ب- الشريط الرملي الأبيض : الـذي يفصل بين أطـراف الحوض والمنحـدر الشـرقي بعرض ( 70 متراً ) تقريباً وطول (500 متر) تقريباً ، وهو المكان الملائم لتكاثر السلاحف .

ج- الجزيرة : وتقع أمام الشاطئ الغربي على مسافة (2 كم) تقريباً من الحوض المائي ، وكل مكونات شاطئ شرمة الساحرة بحاجة إلى دراسات وتهيئة بالمرافق الخدمية السياحية ، وتشكل فرصاً حقيقية أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية .

ب - الـحـامـي :

تقع الحامي على ساحل البحر العربي إلى الشرق من مدينة الشحر وتبعد عنها بـ( 22 كلم ) ويسكنها حوالي عشرة آلاف نسمة .

يمتد العمران بها قبالة الساحل من الغرب إلى الشرق حيث تتوزع مبانيه على عدة أحياء تحميها سلسلة من الهضاب من الشمال بني عليها عدة أكوات ـ نوب ـ للحراسة كان اثنان منها عند مدخل المدينة من الشرق والغرب يتوسط المدينة مركز السلطة المحلية ـ الحصن والفرضة القديمة والسوق ـ ويحيط بها من الشمال مجموعة من بساتين النخيل وحقول الحبوب والخضار التي ترويها قنوات محفورة في الأرض تستمد ماؤها من عشرين عيناً اغلبها ذات مياه معدنية ساخنة .

يعمل سكانها في صيد الأسماك والزارعة والخدمات العامة ( كموظفين ) والقليل في التجارة ، هذا إلى جانب الاغتراب إلى دول الجزيرة العربية وشرق أفريقيا وكانت المهنة الرئيسية إلى قبل نصف قرن هي العمل كبحارة على السفن الشراعية التجارية .

تعتبر الحامي بموقعها الساحلي اليوم هي أخر مستوطن أنتقل إليه السكان وذلك في بداية القرن الثامن عشر الميلادي بعد تأسيس المسجد الجامع في حدود عام ( 1706م ) تقريباً بواسطة الأمير سالم بن أحمد الكسادي ، وكان هذا الموقع قبل ذلك مرسي لمراكب الصيادين وأحراش لتجفيف الأسماك كما عرف أيضاً ( كمزار) تتزود فيه السفن الشراعية العابرة بمياه الشرب وعرف كذلك باسم الظهار .

وكان الموقع السابق له في الحامي ـ المحمية ـ على شمال شرق الظهار والحامي الحالية تقع على بـعـد (3 كم) وسميت بالمحمية نظراً لأنها لا تشاهد من عرض البحر لاختفاء موقعها بالتلال (جحي المقد) الشمالي الغربي و( القارة ) من الشمال الشرقي وتسمى اليوم بالبلاد ـ الفوقية ـ وهي المنطقة التي شهدت المناوشات البرتغالية في القرن السادس عشر الميلادي ، وتنتشر حولها المزارع وأحراش النخيل ولازالت إلى اليوم تسقى مزارعها من معيان ( باحامي ) و مـعــيـان ( باشحري) بعض مبانيها قائمة تستخدم كأحراش والباقي أنقاض أثرية تنشر على سطحها كسر الفخار المحلـى و البـورسـلـيـن الصـيـنـي بأنـواعـه وكذلك كسر الزجاج والذي يـعـود ـ حسب المختصين ـ إلى القرون (13-16م) وهذه المنطقة مذكورة في كثير من السجلات الغربية البحرية والمخطوطات اليمنية التي تحدثت عن الغزو البرتغالي كما وصفها المـلاح بالطابع ( عام 1805) في إحدى منظوميته الإرشادية بالحامي المحتمية و بـ ( بلاد الكسادي ) :

اطلع ونـادي سمك بلاد الكسـادي

الأشم جـادي الحامي المحتـميـة

خذ من خبارة هلب طرح في ظهارة

تعرف سعاره ولا تـقصد الساقيـة

ويشير المرحوم ( محمد عبد القادر با مطرف ) المتوفى في سنة (1985م) ، في كتابه الشهداء السبعة بأن أهل الحامي انتقلوا إلى الحامي القديمة ـ البلاد الفوقية ـ من موقع ( عطار ) وهو اليوم أنقاض تقع شمال غرب الحامي الحالية .

أما الموقع الاستيطاني الأول والأقدم لأجـداد أهـل الحامي فيقع شمال البلاد الفوقية ويبعد عنها (2 كم) تقريباً في الموقع المسمى بـ( شعب الليه ) وهضابها وكهوفها الجبلية حيث يعتبر هذا المأوى من مستوطنات العصر البرونزي في اليمن ويؤرخ تقريباً بين الألف (الثالثة – الثانية قبل الميلاد ) ، وكل المواقع الثلاثة الأخيرة بحاجة إلى دراسة ومسح متعمق ليتسنى التعرف على تواريخها وحياة سكانها في التاريخ القديم .

تشتهر الحامي بفرضتها ـ الميناء ـ القديمة وبأبنائها الذين مارسوا النشاط البحري وكانت في القرون الثلاث الماضية تمتاز بإنجاب مشاهير الملاحين ـ الربانية ـ كما عرف سكانها عبر تاريخهم الطويل بروح المغامرة البحرية ، وكانت هذه البلدة مثار اهتمام رجال البحر من العرب كما يذكر بامطرف – الشهداء السبعة ـ حيث كان سكانها يملكون أسطولاً بحرياً تجارياً من السفن الشراعية يقدر في القرن الماضي بأكثر من خمسين سفينة عابرة للمحيطات .

كما يعتبر بحارتها وملاحوها في طليعة الملاحين اليمنيين ممارسة وانضباطاً وتمتعاً باللياقة البحرية وقد برز منهم مشاهير البحارة الربانية أمثال الشيخ سعيد سالم باطابع (ولد عام 1766م) والملاح عوض أحمد بن عروة (1846-1914م) والملاح عمر عبيد با صالح (1864-1942م) والملاح محمد عوض عبيد (1852-1938م) والملاح محمد عبدالله باعباد ( توفي عام 1981م) .

ويشير بامطرف أيضاً بان ربانية الحامي كانوا يسيرون الخط التجاري القديم بين الشحر والهند والخليج العربي وشرق وجنوب أفريقيا كما كان لهم دوراً لا ينكر أيام اشتداد القرصنة البحرية البرتغالية وهم الذين شاركوا في نقل النجدة العسكرية التي بعث بها السلطان محمد عبدالله الكثيري إلى الأمير مرجان الظافري للمشاركة في الدفاع عن عدن ضد البرتغاليين عام (1516م) وقد دمرت السفن البرتغالية (ظهار) الحامي عام (1522م) واحرقوا بعض سفنهم الراسية واضروا المحاصيل الزراعية وذلك تمهيداً لغزو الشحر في (25/3/1523م) .

وتشتهر الحامي أيضاً بصيد السمك بأنواعه وتجفيفه في مواسم معينة واستخراج زيـــت السمك ( الصيفة ) الذي يصدر إلى عدن والكويت وشرق أفريقيا ويقدر ( صلاح البكري ، عام 1947) ما كان يصدر كل عام (75 - 100 ألف صفيحة) .

ويعمل أغلب السكان بالطبع بصيد الأسماك والزراعة ويعرف أبناء الحامي في السابق بأنهم ذوي الحرف الأربع أي أن أبن الحامي ملاح يحري وصياد ماهر وفلاح وتاجر صغير .

وتعرف الحامي أيضاً بعيونها المعدنية العلاجية الساخنة وهي كثيرة ومتعددة الاستخدام يستشفي بها المصابون بأمراض الجلد وآلام الروماتيزم وأمراض أخرى كثيرة .

وحفاظاً على التراث البحري المتراكم منذ مئات السنين وعرفاناً بأدوار أولئك الأوائل ولأبرار شهرة الحامي في هذا المضمار تداعى بعض الشباب لإنشاء لجنة لإحصاء التراث البحري والشعبي في عام (1991م) ، كانت تحمل فكرة إنشاء متحفاً يضم نماذج ومواد من ذلك التراث وجمع المواد والأجهزة والمقتنيات الأخـرى الـخـاصـة بالسـفـن الشراعية وقد وضع حجر الأساس لمشروع المتحف ( 28-9-92م ) ومن المهام الأخرى لهذه اللجنة حفظ وتوثيق وتسجيل هذا التراث وإظهاره بصورة تعكس مظاهر التنوع الثقافي ونشر الوعي بالتراث لدى فئات المجتمع ولا براز ما سبق قامت اللجنة باقتناء سفينة لتكون جزاءً من المتحف بعد ترميمها كما تصدر هذه اللجنة أيضاً نشرة ثقافية دورية تعنى بشئون التراث البحري والشعبي تعرف باسم ( الساعية ) .

وتوجد في الحامي فرقة شعبية فنية تختص بأداء الألعاب (الرقصات) الشعبية المشهورة وأغاني وأراجيز السفر البحري والرقصات الأخرى .

والحامي معروفة بتعاون وتكاثف أبنائها منذ القدم ويظهر ذلك في إقامة وإنشاء المدارس ومشاريع الكهرباء والماء والمجاري ، وقد توسعت أحياء المدينة وتم تحديث مساكنها مواكبة لتطور أنماط الحياة الحديثة .



6- جزيرة سقطرى:

الموقــع : شرق خليج عدن بين خطي عرض ( 12.18ْ – 12.24ْ ) شمال خط الاستواء وخطي طول ( 53.19ْ – 54.33ْ ) شرق جر ينتش وتبعد ( 380 كم ) من رأس فرتك بمحافظة المهرة كأقرب نقطة في الساحل اليمني (300 ميلاً) كما تبـعـد عـن محافـظـة عدن بحـوالـي ( 553 ميلاً) .

التضاريس: تتوزع تضاريس الجزيرة بين جبال وسهول وهضاب وأودية وخلجان وذلك كما يلي :

الهضبة الوسطى : تشغل هذه الهضبة معظم مساحة الجزيرة وتطل على السهول الساحلية بشكل متدرج في الانخفاض ويقسمها وادي ( دي عزرو ) إلى قسمين رئيسين هما الهضبة الشرقية والهضبة الغربية .-

السهول الساحلية الشمالية : ( سهل حديبو ) وتتوزع في مناطق متفرقة مثل :

- سهول رأس مذهن – وسهول وادي درباعه ووادي طوعن .

- سهول حديبو .

- السهول الساحلية الجنوبية : ( سهل نوجد ) وتتوزع إلى الآتي :-

- سهول وادي ديفعرهو – سهل وادي ديعزرهو .

- السهل الساحلي الجنوبي لجبال قطرية وهو ما يسمى بسهل نوجد وسهل قعرة، وتمتد هذه السهول من جنوب رأس مومي في شرق الجزيرة حتى رأس شوعب غرباً ، وتغطي هذه السهول التربة الغنية الصالحة للزراعة بينما تنتشر الكثبان الرملية الناعمة قرب الساحل .

- الجبــال :-تتوزع الجبال في جهات متفرقة من سطح الهضبة الوسطى ، وأهمها سلسلة جبال حجهر ، وأعلى قمة فيها يبلغ ارتفاعها (1505 مترات) ، وتمتد هذه السلسلة من الجبال من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي لمسافة (24 كم) تقريباً ، ويزداد ارتفاعها في الوسط والشرق وتضيق وتنخفض في الغرب ، كما توجد عــدد من الجبال الأخرى أهمها جبال فالج إلى الشرق ، أعلى قمة فيها (640 متراً) ، وجبال قولهل إلى الجنوب الغربي أعلى قمة فيها (978 متراً) ، وجبال كدح في الجنوب حيـث يـبـلغ ارتفاعها (699 متراً) ، وجبال قطرية في الجنوب أيضـاً يبلـغ ارتفاعهـــا

(560 متراً ) ، وهناك أيضاً جبل طيد بعة الذي يرتفع (550 متراً) ، وجبل زوله وجبل عيفة وجبل خيرها الذي يرتفع (1394 متراً) ، بالإضافة إلى جبل قاطن الذي يرتفــع (800 متر) ، وجـبـل فـادهن يعلو بارتفاع (778 متراً) ، وجبل قيرخ بارتـفــاع (660 متراً) .

الأوديـة :يوجد في جزيرة سقطرى عدد كبير من الأودية ، وتتخذ مسارات واتجاهات عدة بحسب تأثيرات السطح وهي كما يلي :

أ- الوديان التي تصب شمال الجزيرة في البحر الواقعة إلى الشرق من مدينة حديبو ، وتتميز بأحواضها الصغيرة وقصر مجاريها حيث لا تتعدى مسافة ( 7 كم) تقريباً ، وهي ذات تصريف كبير نظراً لاستمرار جريان المياه فيها على مدار العام مثل :-

وادي دانجهن – وادي حشرة – وادي دنية – وادي درابعة – وادي طوعق.

ب- الوديان التي تصب في الشمال الغربي الواقعة إلى الشمال من جبل فادهن مطلو مثل : - وادي دوعهر – وادي عامدهن – وادي جعلعل – وادي ديمجت – وادي فرحة

ج- الوديان التي تصب جنوب الجزيرة والواقعة إلى الشرق من جبل قرية وهي وديان ذات مجاري طويلة وأحواض متسعة وذات تصريف أكبر من الأودية الشمالية نظراً لغزارة الأمطار الصيفية التي تسقط على السفوح الجنوبية وخاصة في سهل نوجد مما أدى إلى توفر المياه فيها بالإضافة إلى عدم تعرض هذا السهل للرياح الشديدة حيث خلق ظروفاً مواتية لظهور نشاط زراعي محدودة .

د- وديان الجنوب : مثل :- وادي ستريو – وادي تريفرز – وادي ريشي – وادي عسرة ـ شبهون – وادي فاقه – وادي آيرة – وادي زنقاته – وادي ديعزرهو – وادي ديفعرهو – وادي ديشتان – وادي مطيف .

وتنتهي هذه الوديان عند حافة الهضبة ، وتصب في السهل الساحلي الجنوبي ، أما الوديان التي تصل مصباتها إلى البحر فهي – وادي سهوب – وادي عسهم ، هذا بالإضافة إلى الأودية الفرعية الواقعة بين مجموعة الجبال وتصب وسط الجزيرة .

6- الرؤوس والخلجان :

أ - يوجد في الجزيرة عدد من الروؤس الصخرية حيث يمتد بعضها إلى مياه البحر مثل الروؤس الواقعة في الشمال والشرق أهمها – رأس مومي – رأس ديدم – رأس مذهن - رأس بوركاتن – رأس عدهو – رأس دي حمري – رأس حولاف – رأس قرقمة – رأس عند – رأس بشارة – رأس سماري – رأس حموهر ، بالإضافة إلى الروؤس الواقعة غرب الجزيرة مثل : رأس بادوه - رأس حمرهو – رأس شوعب ، أما الروؤس الواقعة جنوب الجزيرة فهي رأس شحن – رأس مطيف – رأس زاحق – رأس قاش – رأس ينن.

ب- توجد مجموعة قليلة من الخلجان في الجزيرة وأهميتها تكمن باستغلالها كموانئ طبيعية وبالذات أثناء تعرض أجزاء من الجزيرة للرياح القوية التي تضرب سهل حديبو والأجزاء الشرقية والغربية ابتدأ من مطلع شهر يونيو حتى أواخر سبتمبر ؛ ولذلك تجد السفن ملاذاً آمناً لها في خلجان الجزيرة وهي :

- خليج بتدرفقه في الشرق بين رأس مومي ورأس ديدم .

- خليج عنبه تماريدا في الشمال بين رأس قرقمه ورأس عند .

- خليج بندر قلنسيه في الغرب بينرأس حمرهو ورأس بادوه .

- خليج شربرب في الغرب بين رأس بادوه ورأس شوعب .

- خليج أرسل في الجنوب بين رأس مومي ورأس شحن .

المنـــاخ : يسـود الجـزيـرة مـنـاخ بحري حار حيث درجة الحرارة العظمى تتراوح بين (26ْ-28ْ) مئوية ودرجات الحرارة الصغرى بين (19ْ - 23ْ) مئوية والمتوسط الحراري السنوي ما بين (29ْ – 27ْ) مئوية حيث يكون معدل درجات الحرارة لشهر يناير (24ْم) ولشهر يوليو (30مْ) ويعتبر شهري يونيو ويوليو أكثر ارتفاعاً لدرجة الحرارة وأقل الشهور حرارة هما شهري ديسمبر ، يناير ، كما تقل معدلات درجة الحرارة كثيراُ في المناطق الجبلية .

- معدل الرطوبة النسبية تتراوح بين 55% في شهر أغسطس و 70% في شهر يناير .

- تتعرض الجزيرة لرياح شديدة جنوبية غربية تصل ذروتها في مطلع شهر يونيو حتى أواخر شهر أغسطس ثم تبدأ بالانخفاض التدريجي لتصل في بداية أكتوبر إلى سرعة عادية عندما تتحول إلى رياح شمالية شرقية عندما تقل سرعتها إلى (10 عقد ) ، أمَّا الرياح الجنوبية الغربية في شهري يونيو ، يوليو ، أغسطس فتكون سرعتها قوية تصل إلى ( 40 – 50 عقدة ) ، وقد تصل في بعض الأجزاء من الجزيرة إلى أكثر من (55 عقدة) ، ويرافقها حالة اضطراب شديد للبحر .

كانت جزيرة سقطرى منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد أحد المراكز الهامة لإنتاج السلع المقدسة ؛ ولذلك اكتسبت شهرتها وأهميتها كمصدر لإنتاج تلك السلع التي كانت تستخدم في الطقوس التعبدية لديانات العالم القديم حيث ساد الاعتقاد بأن الأرض التي تنتج السلع المقدسة آنذاك أرض مباركـة من الآلهة .

وارتبطت الجزيرة في التاريخ القديم بمملكة حضرموت أمَّا في العصر الحديث فكان ارتباطها بسلطان المهرة حتى قيام الثورة اليمنية

ونظراً لأهمية الدور الذي لعبته الجزيرة في إنتاج السلع المقدسة والنفائس من مختلف الطيوب واللؤلؤ فقد كان لها حضور في كتب الرحالة والجغرافيين القدماء ، واستمرت أخبارها تتواتر عبر مختلف العصور التاريخية .

وفي مرحلة الاستكشافات الجغرافية كانت الجزيرة مطمعاً للغزاة حيث احتلها البرتغاليون في مطلع القرن السادس عشر عام (1507م) ، ثم احتلها البريطانيون حيث شكلت الجزيرة قاعدة خلفية لاحتلالهم لمدينة عدن عام (1839م) .

وتعرضت جزيرة سقطرى لسنوات طويلة من العزلة والإهمال ولكن بعد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة استعادت مجدها التاريخي وتواصلها الحضاري لما تمثله من أهمية لليمن سواءً من ناحية موقعها الاستراتيجي في نهاية خليج عدن وإشرافها على الطريق الملاحي باتجاه القرن الأفريقي وغرب المحيط الهندي أو لما تكتنزه من ثروات طبيعية كبيرة بالإضافة إلى اعتبارها من أهم مناطق التنوع البيولوجي .

ـ مديرية حديبــو :

تعتبر المركز الإداري لجزيرة سقطرى وتقع في السهل الشمالي للجزيرة تطل عليها سلسلة جبال حجهر من الناحية الشمالية .

كما يحيط بها غابات كثيفة من أشجار النخيل على امتداد الوديان التي تجري فيها المياه على مدار العام ، وتتوفر في مدينة حديبو بعض الخدمات المتواضعة .

ويتبع مديرية حديبو عدد من القرى أهمها قرية قاضب الواقعة على الطريق من مطار موري الذي تم تجهيزه حديثاً بخدمات متطورة وتهيئته لاستقبال الطائرات الكبيرة بمختلف أنواعها .

ـ مديرية قلنسية وعبد الكوري :

مركزها مدينة قلنسية الواقعة في الشريط الساحلي الغربي لجزيرة سقطرىوتعتبر التجمع الحضري الثاني بعد حديبو .

ويرجع تسمية قلنسية إلى فترة الاحتلال البرتغالي للجزيرة عام( 1507م) ، ومنازل المدينة مكونة من دور واحد فقط ، ويغلب عليها اللون الأبيض مما يضفي على المدينة طابعاً جميلاً .

ويحيط بمدينة قلنسية عدد من الشواطئ الجميلة والتجمعات القروية التي تعتمد في نشاطها على الصيد والرعي، كما تعتبر هذه المديرية نقطة استقبال سفن الصيد القادمة من محافظة حضرموت .

أرخبيـل سقطرى :

يتبع جزيرة سقطرى عدد من الجزر الصغيرة تقع في الجانب الغربي منها وهي (عبد الكوري – سمحة – درسة – كراعيل – فرعون – صيال ) ، وتعتبر جزيرة عبد الكوري أكبرها مساحة وأكثرها كثافة بالسكان ، وتقع على بعد (200 ميل ) شمال غرب جزيرة سقطرى ، وتكوينات السطح فيها تشبه جزيرة سقطرى ، ويوجد في الشاطئ الجنوبي لجزيرة عبد الكوري مرسى صغير يسمى بندر صالح، وأعلى قمة فيها يبلغ ارتفاعها (1750 قدماً) من الصخور البركانية وسكان الجزيرة يعملون بصيد الأسماك والغوص حيث أن الجزيرة غنية بمصائد اللؤلؤ ، وجميع جزر الأرخبيل تشكل أهم مناطق التنوع البيولوجي .

ـ مقومات الجذب السياحي في جزيرة سقطرى

تحظى جزيرة سقطرى باهتمام كبير من قبل حكومة للاستفادة من مخزونها المتنوع ومن خصائصها الطبيعية المتنوعة ومزاياها الاقتصادية ، وتشكل مقومات الجذب السياحي في الجزيرة جزءاً من هذا الإطار العام والتي تتحدد بصفة عامة باعتبار الجزيرة متحفاً للتاريخ الطبيعي بما تحتويه من تنوع بيولوجي نادر مع الاستفادة من جهود واهتمام عالميين بالحفاظ على جزيرة سقطرى كجوهرة طبيعية ، ومن ذلك ما تحظى به من قبل منظمة اليونسكو والهيئات الدولية لحماية البيئة .

- الاهتمام الأول ينحصر في برامج تنموية للحفاظ على الجزيرة كمحمية طبيعية في إطار برنامج

الإنسان ومحيطه الحيوي وترشيح سقطرى كمحمية طبيعية تحظى باهتمام إقليمي وعالمي لخدمة البشرية .

- الاهتمام الثاني ينحصر في مشروع ( حماية التنوع البيولوجي ) في الجزيرة والأرخبيل التابع لها

ولهذا كان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (96) في إبريل من عام (1996م ) تجنباً لأحداث أي

تدهور في البيئة الطبيعية للجزيرة في ظل زيادة وتيرة النمو الاقتصادي والسكاني في الجزيرة

خلال الفترة الحالية والمستقبلية حيث يستدعي على المدى الزمني المتوسط تنفيذ مشروعات

حماية الأنواع والمواقع الحساسة بيئياً بما يكفل استدامة التنمية بشكل متوازن في ظل معادلة

صعبة للحفاظ على مناطق المحميات الطبيعية .

وبهذه المعادلة يشكل الإنسان المقيم في الجزيرة أو الوافد إليها أهم عنصر حيث يعطي بعــداً

خاصاً لأهمية التكامل بين عناصر الحياة المختلفة ، وبذلك يمكن أن يعيش في مستوى حضاري

جيد إذا ما أجاد التعامل المتوازن بين مطالبه الحياتية وصيانة طبيعة وبيئة الجزيرة من الدمار، ؤ

لأنه من خلال معادلة التوازن يمكن تحقيق منافع كثيرة للسياحة في بلادنا وللعلوم الإنسانية في

إبقاء مظاهر التنوع البيولوجي كعامل أساسي لاستمرار حياة مزدهرة في الجزيرة .

ومن هذا المدخل يمكن إيجاز مقومات الجذب السياحي بما يلي :-

أولاً :- الغطاء النباتي :تتميز جزيرة سقطرى بغطاءٍ نباتي وفير حيث تصل الأنواع النباتية فيها إلى حوالي (750 نوعاً ) نباتياً بينها مجموعة من النباتات يستفاد منها في الطب الشعبي وعلاج الكثير من الأمراض ، ومن هذه النباتات أشجار الصبر السوقطري وأشجار اللبان والمر ودم الأخوين بالإضافة إلى نباتات طبية أخرى شائعة الاستعمال في الجزيرة مثل الجراز والأيفوربيا وغيرها ، كما يوجد في الجزيرة نباتات نادرة أخرى ومما يلفت نظر الزائر انتشار شجرة " الأمته " بالإضافة إلى غابات أشجار النخيل الكثيفة المنتشرة في أماكن كثيرة أهمها ضفاف الوديان الجارية فيها المياه على مدار العام حيث تشكل بساطاً سندسياً أخضر مع زرقة البحر المحيط بالجزيرة لوحة فنية رائعة.

ثانياً : الطيـــور : طيور سقطرى متعددة الأنواع بحيث تشكل أحد معالم بيئة التنوع في الطبيعة ومشاهدة أنواع الطيور ليس بالأمر الصعب فهي تطير بالقرب من الزائر وفوق الأشجار وفي مياه البحر المحيطة بالجزيرة وفي الوديان ويسمع الزائر أصواتها الجميلة والمتنوعة أينما تحرك .

وهناك نوع الطيور يحل بجانب الزائر إذا قرر الاستراحة في مكان ما وتناول الطعام ورمى بمخلفاته فإنه سرعان ما يلتهم تلك المخلفات ولذلك يطـلـق الأهـالـي عـلـى هـذا النـوع مـن الطـيور " بالمنظف " أو " البلدية " .

ويعتقد أنه يوجد في الجزيرة ( 105 نوعاً ) من أنواع الطيور و( 30 نوعاً) منها تتكاثر في الجزيرة كما تحتوي الجزيرة على نسبة عالية من الطيور المستوطنة .

وتعمل جمعية حماية الطيور باليمن إلى الإسراع بأجراء الدراسات والتغطية المسحية للجزيرة لتسهيل وضع الخرائط عن توزيع الطيور ومواقع تكاثرها بالعلاقة مع بيئاتها الطبيعية كما تعمل على تحديد المزيد من المواقع الهامة للطيور في الجزيرة من أجل حمايتها .

ثالثاً : الكهوف والمغارات :تنتشر الكثير من الكهوف والمغارات الجبلية في مواقع عديدة من جزيرة سقطرى والجزر التابعة لها وتعتبر أحد إنماط السكن للإنسان السقطري .

وتشكلت تلك المغارات بفعل عوامل التعرية الطبيعية وفي بعض منها تفاعلت عوامل " جيومائية " حيث عملت المياه على إذابة الكلس وشكلت أعمدة كلسية معلقة من أعلى سطوح الكهوف بالإضافة إلى أعمدة كلسية صاعدة من قاع الكهوف إلى الأعلى ، ومعظم تلك الكهوف والمغارات مأهولة بالسكان ، ومنها يمارسون حياتهم الطبيعية المعتادة ، وأهمها عموماً مغارة " دي جب " في سهل نوجد حيث تعتبر أكبرها حجماً ، ويتسع لعدد من الأسر ، كما يمكن للسيارة التي تقل الزوار الوصول إلى جوف المغارة والتحرك بداخله دخولاً وخروجاً دون عناء ، وتبعد مغارة دي جب عن مركز حديبو بمسافة ( 75 كيلو متراً ) .

رابعاً : الشـــواطئ : تمتد شواطئ الجزيرة مسافة (300 ميل) ولها خصائص فريدة من حيث كثبان رمالها البيضاء النقية حيث تبدو للزائر كأنها أكوام من محصول القطن ومعظمها مظللة بأشجار النخيل .

تطل على مياه البحر الخالي من عوامل التلوث حيث تشاهد أنواع الأسماك تسبح فيها ، وجميعها مواقع مثلى للاستجمام والغوص بعد توفر خدمات البنية الأساسية في الجزيرة وتهيئة تلك الشواطئ بالخدمات السياحية ، كما تحتوي مياه الشواطئ على أحياء مائية عديدة ونادرة منها السلاحف المتنوعة الأشكال مثل السلاحف الخضراء الكبيرة الحجم .

بالإضافة إلى الشعب المرجانية واللؤلؤ الذي اشتهرت به جزيرة سقطرى منذ العصور التاريخية القديمة .

خامساً : الشلالات : يوجد في جزيرة سقطرى عدد من شلالات المياه الغزيرة تنتشر في مواقع مختلفة أهمها شلالات " دنجهن " في حديبو حيث يبعد عن المركز بمسافة (6 كم ) فقط ، وكذلك شلالات حالة ، ومومي ، وقعرة وعيهفت ومعظم تلك الشلالات تنبع من أعالي الجبال على مدار العام .

وبصورة عامة : إن تنشيط الحركة السياحية إلى جزيرة سقطرى بحاجة إلى توفير خدمات البنية الأساسية في عموم مناطق الجذب السياحي وبالتالي توفير الخدمات السياحية المساعدة في إطار الخطة المتكاملة لحماية مناطق المحميات الطبيعية .

الصفحة السابقة


المصدر :

المركز الوطني للمعلومات - اليمن
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 06-11-2006, 10:24 AM   #2
قمران
حال قيادي
 
الصورة الرمزية قمران

افتراضي

اقتباس :
- قرية هينين :

تقع قرية هينين في واد يحمل اسمها ( وادي هينين ) ، وهو وادي كبير يصب في وادي حضرموت الرئيسي من جهة الشمال ، وتبعد هذه القرية عن سيئون نحو (62 كيلومتراً ) في الجهة الشمالية الغربية منها ، وتعتبر واحدة من أشهر قرى ( الكسر ) ، ـ والكسر هي المنطقة الوسطى التي تقع منتصف وادي حضرموت الرئيسي وسميت بهذا الاسم لأنها منطقة انكسار مياه السيول ويشمل المنطقة الممتدة بين قرية الهجرين والقطن .

شــــــــــكـــــــــــــرا
التوقيع :
  رد مع اقتباس
قديم 06-13-2006, 07:43 PM   #3
ابوبدر
حال نشيط
 
الصورة الرمزية ابوبدر

افتراضي

شكرا للاخ القاضل ابو بيان على هذا الموضوع الشامل ومزيدا من هذة المواضيع القيمة
لك كل تقدير ودمت بود
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas