قصيدة وعرس ... وسبعة قتلى !!!

[جمال العطاس]

قصيدة وعرس ... وسبعة قتلى !!!
تقريبا في منتصف القرن الهجري المنصرم وتحديداً في قرية ( عنيبدِه ) شرقي قعوضة . وقع حدثُ هز منطقة الكسر والوديان !! وأضحى ذلك الحدث المسمّى ( قتلة الكبيش ) حديث الأسمار بل أصبح جزء من تاريخ تلك المنطقة . وسبب هذه القتلة كما تقول الروايات :
ان شاباً ينتمي لقبيلة نهد يلقب ( الكبيش ) تعرّف على إحدى بنات قبيلته . وأراد أن يتزوجها فتقدّم لخطبتها من أهلها فوافقوا على تزويجه !!إلاّ انه تقدّم شاباً آخر لتلك البنت . أوجه وأحسن حالاً من الكبيش . فردّوا خطبة الكبيش فذهب الكبيش إلى شيخ نهد ( الحكَم عِلِي بن صالح بن ثابت ) شاكياً إلاّ ان الحكم أقنع الكبيش وبحضور أهل البنت !! بأن الزواج قسمة ونصيب وقال للكبيش :
إذا كانت هذه زوجتك فلن تضوي لغيرك !! فردّ الكبيش بتهديد شديد اللهجة وقال : من ضوّى هذه البنت عروساً له سوف أضوّيه لحده !! إلاّ ان أهل العروس أخذوا تهديد الكبيش بالكثير من الإستخفاف . فحاول الحكم علي بن صالح بن ثابت تهدئة الموضوع وإنتهى المجلس على هذه النهاية !!
وعندما حان موعد العرس أقاموا أهل الشأن عرسهم وكان من عادتهم أن يقيموا ( الشرح ) في أوصار واسعة كعادة أهل تلك المنطقة .فحضر الحكَم علي بن صالح الشرح . وفجأة دخل الشاب الكبيش على الجمع وجلس في زاوية يترقّب الفرصة . عندها نهض الحكم علي بن صالح بن ثابت مغادراً المكان فطلب منه أهل المناسبة الجلوس فإعتذر منهم وغادر . وكان نهوض الحكم ينم عن فراسة متناهية فهو كما قال الرواة قد شاهد الشر في عيون الشاب الكبيش ففضّل المغادرة لئلا يحدث أمر بحضوره وتكون منقصة في مقامه وهو شيخ نهد وبعد مغادرة الحكم بلحظات نهض الكبيش شاهراً جنبيّته وذهب للعريس ووالده وأجهز عليهما وسط ذهول الجميع . فحصل هرج ومرج وإختلط الحابل بالنابل وأجهز على خمسة آخرين والكثير من الجرحى . حتّى تصدّى له شاب يدعى ( بن نهيد ) وأوقف الكبيش ولكن الشاب بن نهيد أصيب بجنبية الكبيش . عندها سطّر الشاعر عبدالشيخ بايعشوت قصيدة المطوّلة التي يشرح فيها تلك الواقعة حيث قال :

أبدي بمن يطّلع بأعلام ماتظهَر=علاّم لسرار ظاهرها وخافيها
هو مرزِق آدم وهو عدّل وهو صوّر=وخلقته مايشاء الرحمن يلقيها
عساك تغفر لعبدك ساعة المحشر=وكل سيّة عليّ يارب تمحيها
تخلق مخاليق جم في بحرها والبر= ورحمتك للخلائق ايش يحصيها
من قدّم الخير يتلقّط ويتخيّر=في جنة الخلد يشرب حلو صافيها
وأهل النميمة ولي عالناس تتكبّر=في وسط نيران تلهب أيش يطفيها
وألفي صلاتي على أحمد عدّ ماذكّر=وعد ماالبرق يلمع في مناشيها
ثُمْ قال من له ليالي واجده يسهر=ياريت ذي القاع باتحكي بمافيها
لو بحكي الصدق قالوا شوفوا المعثر= يفتّح أبواب ما لُمُّه سنع فيها
لكنني عاضيوم الوقت بتصبّر=ماقده بالنفس يالحدّاد يكفيها
كلما صبرنا على ذي .. جات ذيك اكبر=والتالية وين عاد الناس تلقيها
أطْمَتْ على باقي الكتبات في الدفتر=وتعظّمت عند كاتبها وقاريها
و ( عنيبدِه ) ساس قدها .. للبلاء والشر=مثل الجبال الطويلة وش يوطّيها
من سابق الوقت وإن ماتعرف إتخبّر=يعلم بها الخلق قاصيها ودانيها
والقبْوَلة عندهم .. كل يوم ( تتمشقر) = ربّت ولد ياعمر دوبه يصاليها
عازينها مايبالي دائماً يخسر= ماهو مهوّن بها .. في ( غُلب ) ملقيها
ولعاد عذروا ولاهي منهم تعذر= وعنيبدِه ( سِنْحها ) تسرح وتضويها
بارحة لوّل .. في المحرى وقِع مكسر=والمضلعة ياحمد رقلت مبانيها
( غنّين ) له ذي نوى الجودات ماقصّر=وركّب الشرح بدوية يهاويها
تحت العجل راشنة باتت في المحور= واللي رشنها ولد .. والنفس شانيها
وخلّط الذّري والحِرثان تتفكر=وأدخل عوامله والقصبة وذاريها
وأهل ( المداريف ) كلاً منّه إتوخّر=وحوّلوه المدارة هي ومافيها
ولعاد حد منّهم سوكن ولا تعتّر= ( حزروه ) من صِدق غاوي له ( جَنَش ) فيها
كل من دلا عاعصاته منّهم دبّر= ( ولنْصتوا ) لوّل الورقة وتاليها
خلّوه يقرأ ويستخْرِج قران أعور=وإتمنّت النفس وأعطاها تمانيها
القبْوَلة حول ذاك الشعب ( تتبغتر )=مسوّسة بالحجر وأعلوا مبانيها
وأهل المدارة سروا والجيد من بكّر= حتى ( الذُلل ) يالفهيم !! تغالطوا فيها
و( بن نهيد ) القبيلي ثار وتعوّر= تذكّر القبْوَلة ماقال ناسيها
عارضه ماذلّ كما الخوّار..يتهدر=وقال شارة حياء .. عوّد لياليها
وأعطاه جبره وكلاً منّه إستجبر=هذا جزاء القبْوَلة من بايجازيها
والمسكنة حق بامطرف وبن سنكر=مالومهم لو تواروا من بلاويها
وراك ماثُرتْ يالديّان عابخْضر =وقلت له حيث سرّحها يضوّيها
كل من سَرت تشترِح ماعذر ماتقمر= وتضوّي إلاّ اللوايم دار صاليها
وتعذّروا كلهم ياشيخ بالتختر= هو لي مرضها وهو ذي بايداويها
ماقالوا ان لايمتها عمّت المحضر=ذولا وذولاك مرّة وكّزوا فيها
وبعد يامعتني في ظهر مهر أحمر=يسابق الصيد والأبعاد يطويها
من دار فيها المباني تشبه المرمر=حاز الشرف والعبادة من سكن فيها
بُنْيَت على طُهرْ عاذا السّاس حيد أزور=من سابِق الوقت ماتزلِف براميها
بلّغُه خطّي وسلّم عالحضيرة كر=قل له يبيح القضية لايساويها
( ديك آل عامر) صرخ عالوقت ماأستقمر=و( المروحة ) قفقفن لي قد ضوَن فيها
بيّت كما الصقر ذي ع ( العول ) يتصقّر=وتفنّدن ساعة العكّة حباريها
ولقلا سلب لافتِر حدّه ولا تفدّر= يهيأ بها قال ( بولثنين ) مرويها
و( بارمادة ) فرِح بالفوز و ( الصعمر ) = شافول وعول الخلَب تشعَل مضابيها
على ( مزاحم ) وحِل خاطري وإتكدّر=و ( المبقرة ) بإسم هو من بايخليها
ماخايف إلاّ على عرشان تتجدّر= و ( العشرقِة ) خافها تُكْثُر سوافيها
ذا لي حصل وأعذرونا يومنا مااشْوَر=عساك ياعيظة الحدّاد تكنيها
ومساهن أخبار باتندُر من البندر=في ( وصل ) من عند ضابطها وواليها
وآلة وشِدّة وعدّة وأمر للعسكر= حلّ الدرك من بغى كلمته يوفيها
والختم صلوا على أحمد طاهر مطهّر=ولأمّته أدعي الرحمن يهديها
صلاة تغشى محمد عد صُبحْ أسفر=وعد بارق وماهبّت علاويها

ملاحظة : التاء المربوطة في النص الشعري أعلاه تنطق ( هاء ) .
* عنيبدِه : قرية شرق قعوضة .
* تتمشقر : تتزيّن بالشقُر .
* غُلب : مكان عالي .
* سنحها : مكانها الدافئ .
* غنّين له : إمتدحته النساء .
* المداريف : جمعها مدروف وهي آلة الناي .
* حزروه : عرفوه .
* جَنَش : قصد أو غرض .
* ولنْصَتوا : أي لم ينصتوا ويستمعوا له .
* تتبغتر : مفردة عامية تعني الغليان .
* الذُلل : المراكيب من الإبل والحمير .
* بن نهيد : إسم القبيلي الشاب الذي قبض ( القاتل ) .
* ديك آل عامر : إشارة إلى الحكم عِلِي بن صالح .
* المروحة : مكان تأوي إليه الدجاج .
* العول : نوع من الحمام الوحشي .
* بو لثنين : الشاعر يقصد نفسه .
* بارمادة والصعمر : أسماء أشخاص حضروا الواقعة .
* مزاحم : رجل فلاح يعمل على البقر وهو أحد الضحايا .
* المبقرة : العمل على البقر .
*العشرقة : مكان زراعي في المنطقة . سُمّي نسبة لنبات العِشْرِق .
* وصل : أمر مكتوب من السلطان لحل المشكلة بحضور عسكره من البندر .
للجميع التحية !!

[عبدالله الجعيدي]

ومن العشق ماقتل نعم سمعت عن تلك الحادئة الا اني لم اعرف تفاصيلها جيدا الا عند مشاهدتي لما خطته انامل الحبيب جمال . الذي دائما مايتحفنا بكل ماهو جديد ومفيد فلاتبخل علينا بما لديك اخي العزيز جمال فكم نحن في شوق لمثل هذة القصص المعبرة . تحياتي