رحيل حسن سعيد علي..الكوكب الذي غاب

[باشراحيل]

رحيل حسن سعيد علي..الكوكب الذي غاب

جـدة : رياض عوض باشراحيل


يادمعة العين جودي ...
دمعة حرى نذرفها على زميل افتقدناه , وفنانا موسيقيا ورياضيا خسرناه , وأستاذا ساهم في صنع اجيال في ميادين الموسيقى والرياضة .. الكابتن حسن سعيد علي الذي اختاره الله الى جواره عصر يوم الجمعة الموافق 5/3/2004م , وكان لرحيله اثر الصدمة في نفوس محبيه حيث غادر دنيانا على اثر ذبحة صدرية مفاجئة ألمت به فصعدت روحه الى بارئها.. ويتميز الفقيد حسن سعيد علي بأخلاقه العالية , ونبله , وصفاته الرضيّة , وهو يحمل بين ضلوعه قلبا كبيرا كان عونا له على التجمّل بالصبر والتأمل والأناة , فسار الفقيد في رحلة حياته متسلحا بالوعي والإرادة الصلبة وتغلب على الكثير من صعاب الحياة وحقق النجاحات .
نشأ حسن سعيد علي في بيت يحفه الفن ويغشاه الإبداع من كل جانب وشكّل مع شقيقيه علي سعيد علي والمرحوم سالم سعيد علي وبقية إخوته " بيت الفن " في الشحر .
وللفقيد الراحل ادوار مهمة في ميادين التراث والموسيقى وقد ساهم في تأسيس فرقة التراث البحري بالشحر وكان عضوا في فرقة باحسن للتراث , وهوموسيقي بارع يعزف على الإيقاع والدف والهاجر ومختلف الآلات الإيقاعية مع معظم فناني حضرموت , و امتدت مشاركاته الفنية الى خارج الوطن حيث شارك في القاهرة ودبي وعمان والكويت والسعودية وغيرها من الدول العربية ضمن فرقة الفنان ابوبكر سالم بلفقيه كما شارك ايضا مع عدد من المطربين الخليجيين .
وعلى الرغم ان الفقيد عاش حياته والظروف الصعبة تلف بجناحيها حوله وتطوق عنقه , والعوز والحاجة تحيط به من كل جانب الا أن التفاؤل لايفارق روحه وإشراقة الابتسامة والمرح لا تغرب عن محياه , فهو طريف الى ابعد مايكون الإنسان طريفا يحب المزاح الصادق والضحك , وعندما يمزح يضحك بصوت عال , لم أجده يوما غاضبا على أحد او متجهما على الرغم من مضايقات الغير له , ومعاناته من ظروفه الأجتماعية الصعبة التي تجعل من الآخرين ممن يعيشون في مثل احواله عابسين منطويين على الدوام .
لم يهتم الفقيد كما يهتم البعض بشئونه وشئون اسرته فحسب بعيدا عن المجتمع والناس , بل عاش في عمق مجتمعه محبا لكل الناس وعاشقا للحركة الرياضية والفنية في بلاده , ففي المجال الرياضي بزغ نجم الكابتن الفقيد منذ نهاية الستينات في زمن كان فيه ابناء الشحر يتقاسمون الانتماء الى ناديي المدينة وهما كوكب الصباح وشباب الجنوب الذي اضحى فيما بعد نادي الشباب الرياضي , وقد انصهر الناديين في بوتقة نادي سمعون بعد توحيدهما عام 1975م . وكان الفقيد من اكثر الأعضاء حبا للرياضة واشدهم وعيا بأهمية وحدة الناديين في ذلك الزمن فساهم جهد طاقته وهمته العالية في التصدي لمحاولات العودة الىالخلف وشارك مع رفاقه في نجاح أجواء الدمج وانعاشها وبزوغ فجر نادي سمعون الرياضي , لقد كان الفقيد من اول اللاعبين الأساسيين المشاركين في تشكيلة الفريق الأول لنادي سمعون في لعبة كرة القدم , وصعد ليصبح قائدا للفريق الأول في المنافسات الكروية التي تنظم على مستوى المحافظة والجمهورية , وقد اختير الراحل لأكثر من مرة ضمن تشكيلة فريق المحافظة لكرة القدم .
لم يقتصر نشاط حسن سعيد علي الرياضي على لعبة كرة القدم فحسب بل امتدت مشاركاته الى العاب الظل مثل كرة السلة والكرة الطائرة والجمباز وغيرها وضرب بسهم وافر في إحراز البطولات لناديه وخاصة في الكرة الطائرة .
لقد تسلم الفقيد مناصب متعددة في نادي سمعون اهمها تحمله مسئولية تدريب الفريق الأول وفريقي الشباب والناشئين لعدة دورات تدريبية متباينه في اوقاتها , ويواصل حسن سعيد علي نجاحاته الرياضية فأنتخب عضوا في ادارة النادي وتسنم مناصب متعدده فيها اهمها موقع مسئول النشاطات في ادارة النادي مما مهد له السبيل لأبراز نشاطه الفعال ونجاحه في إذابة الجليد وحل العديد من المشاكل التي تواجه ادارته , و برحابة صدره وبشخصيته الجذابة والمحبوبه من الجميع استطاع ان يجمع الفرق الرياضيه ويرص الصفوف ويعيد اللاعبين النافرين الى اماكنهم.
وكم جمعتني بالفقيد صلات الود والمحبة وخدمة الحركة الرياضية في الشحر عندما كنت لاعبا ومدربا ومسئولا لفريق كرة الطاولة بالنادي وكان الكابتن الراحل يذهب معنا الى المكلا كمسئول للنشاطات وداعما ومناصرا لفريقه عند منافسات اندية المحافظة وقد احرزنا بجهوده معنا العديد من البطولات في هذه اللعبة يشهد بها تاريخ حضرموت الرياضي .
احب الفقيد وطنه واحب اهله ومدينته وهام بها عشقا فهو لايبتهج الا في احضانها مشاركا اهله افراحهم واحزانهم , وكان من ابرز المشاركين في لعبة العدة ضمن افراد حي القرية في زيارة "سالم بن عمرو" لهذا العام وكانت قبل رحيله بيوم واحد . ويعد هذا المشهد رمزا لحياة الفقيد كلها , فقد عاش الفقيد محبا لأهله ولفنونه المختلفة التراثية والغنائية والرياضية ومات وهو محبا لهم متغنيا بأمجادهم مشاركا في افراحهم فكان رحيله خسارة على وطنه .
وقد ابرز مشهد وداعه والصلاة عليه في مسجد الجامع الكبير بالشحر وتشييعه الى مثواه الأخير مكانة الرجل وعظمة شخصيته الاجتماعية ومقدار محبة الناس له , فقد امتلأت باحات المسجد بجموع المصلين من ابناء الشحر ومن المدن والمناطق المجاوره ممن جاءوا لتشييعه ووداعه .
سلاما ايها الرجل الذي أحبته الناس لأصالته ونبله واخلاقه الرفيعة .
سلاما ايها الرجل الذي قدم الروائع في دنيا الرياضة والفنون بأطيافها المختلفة .
والف تحية لك ايها الحاضر في قلوبنا والماثل امام انظارنا دائما .
والى رحاب المولى الذي وعد الأوفياء والمحبين لأوطانهم مثلك بالجنة لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان يقول : { حب الوطن من الأيمان } .
وكان شعارك ايها الراحل ورايتك الخفاقة طيلة حياتك قول المحضار :
وطني وفيه الساس والآثار *** كم اسعد واتأثر بتأثيره
دائم وانا فوقه محلق فـار *** حاشا تهجر الوادي عصافيره
تزدني الغيرة واتشوق الى شمسه وظل الغار