السلطان بدر ابوطويرق والشيخ معروف باجمال !!!!

[جمال العطاس]

السلطان بدر ابوطويرق والشيخ معروف باجمال !!!!

نظراً لماطرحه أبو عوض الشبامي في تعقيبٍ مخالف للحقائق على الموضوع : ( التعقيبات ذات الدلالة التاريخية . . وحذفها ) , ومازعم من مزاعم لاتقوم على الصحة والتأكيد , وإنما هي إتّباعاً للأهواء وإنصياعاً للميول والرغبات , ولكي يتأكد القارئ الكريم فعليه الرجوع إلى المصادر التي سنذكرها للوقوف بنفسه على الحقائق وبذلك أقول مايلي :

نقلاًً مختصراً عن ( أدوار التاريخ الحضرمي ) . فإن السلطان ( بدر أبو طويرق ) هو أبرز سلاطين آل كثير وهو يمثل طرازاً فريداً من سلاطين آل كثير,وبدر أبو طويرق هو تاسع سلطان كثيري بالضبط وإن أخطأ بعض المؤرخين فعدّه السلطان الحادي عشر . لأن من تقدّمه من السلاطين الرسميين ثمانية . والبعض أدرج بينهم بدر بن علي ومحمد بن علي وإنما هما أميران وليسا سلطانَين .
هذا السلطان هو مثل للطراز الأول للحاكم الحضرمي في السياسة والجندية والتقاليد الحضرمية , والتمسّك بآداب الدين وحسن الظن بالأولياء والصالحين , وهكذا هذه الصفات لايخلو عنها حكام حضرموت
في هذا الدور , وإن تفاوتوا في وفرتها وقلتها .
فتاريخه شهد له بالتفوّق في السياسة داخليا وخارجيا فهو يكاتب الدولة العثمانية والحكومة الزيدية في عصره مكاتبة الدبلوماسي الكبير , وقد منحته الدولة العلية مرسوما بتوليته على حضرموت , من باب عدن إلى نهاية ظفار , ولكن مفعول ذلك لم يدم لإتساع أقاليم الدولة العلية ولصعوبة المواصلات بينها وبين حضرموت , فلم تهتم به كما يجب .
وفي القيادة العسكرية يعد السلطان بدر أبو طويرق أكبر قائد حضرمي سواء من حيث وضع الخطط أم مباشرة الجِلاد والفروسية , وقد جلب له ضباطاً من الأتراك وجيشاً صغيراً خاصاً منهم مجهّزاً ( بالبندقيات )* التي لاعهد للحضارمة بها وكان للجيش والسلاح الجديدين أكبر الأثر في انتصارات أبو طويرق وإضعاف خصومه .
كما ان السلطان قد دخل مع البرتغال في الكثير من المعارك وظفر بها منها معركة الخامس من رمضان سنة 942 هجرية في الشحر , ومعركة
سنة 929 هجرية في الشحر أيضا . وانتصر فيها ابو طويرق واستشهد فيها الكثير من أبناء حضرموت .
كوّن وشيّد ابو طويرق اسطولاً بحرياً حضرمياً حربياً وتجارياً , من سفنه القديمة ومن السفن التي غنمها من البرتغاليين , واصبحت تجوب السواحل من حضرموت إلى سواحل عدن والهند وشرق افريقيا , وقد سبقه إلى إتخاذ جملة من المراكب التجارية الأمير محمد بن سعيد بادجانه الكندي المتوفي في نهاية القرن التاسع الهجري .
كان عصر السلطان بدر أبو طويرق من أزهى عصور السلطنات الحضرمية , ويعد العصر الذهبي لها فقد أخصب بأكابر العلماء والفقهاء والأدباء والمؤرخين , وبأعاظم الصوفية كالإمام أحمد باجحدب والفقيه عمر بامخرمة وابنه العلامة الكبير عبدالله بن عمر بامخرمة والمؤرخ الطيّب بن عبدالله بامخرمة والشيخ معروف باجمّال والشيخ أبوبكر بن سالم ( صاحب عينات ) والشيخ علي بايزيد , ومن هؤلاء من يعارض بدر ابو طويرق في سياساته كالشيخين ( عمر بامخرمة والشيخ معروف باجمّال ) * وقد عاقب الشيخ عمر بامخرمة بالنفي إلى الشحر ومن ثم الإقامة الجبرية في سيؤون , وعاقب الشيخ معروف باجمال بربط حبل في عنقه والطواف به في أزقّة شبام . ( وذلك لأن كلاً منهما يبذل مجهوداً سياسياً عظيماً في الدفاع عن بلده , وإستقلالها عن سلطة بدر أبو طويرق , ببقائها في إدارة أهلها وبلدة بامخرمة هي الهجرين وبلد باجمّال هي شبام ) . وقد يجتمع في بلاط بدر أبو طويرق عدد من أمثال هؤلاء فتنشد فيه الأشعار وتعرض المسائل العلمية للمناقشة , وتبحث المسائل السياسية , وكان المخصص لها من بين هؤلاء العلماء الشيخ عبدالله بن عمر بامخرمة فهو وزيره المقرّب ومستشاره المحبب وقاضيه المدرب .
كما ان لبدر ابو طويرق مدرسة كبرى في الشحر , حبس عليها اموالا كثيرة وعيّن لها مدرسين أكفاء كان من بينهم الشيخ علي بن علي بايزيد
وكانت تقصد للإستفتاء والتعليم . وقيل ان الشيخ علي بايزيد تولّى إدارة هذه المدرسة .
ولسوء الحظ كانت للسلطان أبو طويرق تصرفات في آخر عهده كانت محل إنتقاد من أسرته , ومن المقرّبين إليه ولعل المجهود العقلي والجسدي الذي بذله في عنفوان شبابه إلى نهاية شيخوخته , هو السبب فيما يذكره المؤرخون إجمالاً عنه من تلك التصرفات , ولم يجسر سوى ابنه عبدالله في إلقاء القبض عليه بسيؤون يتقدم جماعة أعدّهم لذلك , وبقي في الإعتقال نحوا من عشرين شهرا وتوفي سنة 977 هجرية و كانت مدة سلطنته نحوا من نصف قرن ومدة عمره نحوا من خمسة وسبعين عاما ( رحمه الله ) . . إنتهى النقل

هذه نبذة منتقاة ومختصرة من ( أدوار التاريخ الحضرمي ) عن السلطان بدر بن عبدالله الكثيري ( أبو طويرق ) وانما سُمي أبو طويرق . لأنه
( طَرَقَ ) معظم أراضي حضرموت ( فاتحاً ) . .

* ذكر ابي عوض الشبامي ان تاريخ دخول ( البندقيات ) إلى حضرموت كان في القرن الثاني عشر الهجري , بينما يذكر المؤلف ان البندقيات قد دخلت في عهد ( أبو طويرق ) وهو المتوفي في اواخر القرن العاشر فأنظروا إلى هذا النقل الغريب !!!!


* من ذلك تبين لنا ان إستهداف السلطان بدر أبو طويرق للشيخ
( معروف باجمال ) لم يكن بدوافع ( دينية – عقدية – صوفية ) أو محاربة للفكر الصوفي _ كما ذكر أبو عوض الشبامي في تعقيب سابق _ولكن ابو عوض الشبامي لن يدع الطرح المغرض والذي يعتقد انه لن ينكشف ويعلم حقيقته الآخرين , لقد كان السلطان ابو طويرق نفسه يقرّب هؤلاء العلماء والصالحين في عصره من أمثال باجحدب والشيخ أبي بكر بن سالم والشيخ عبدالله بن عمر بامخرمة رغم الخلاف مع والده الشيخ عمر ولكن الخلاف ( سياسياً ) والشيخ علي بايزيد وحتى الشيخ معروف باجمّال ولكن إستهدافه ( للشيخ عمر بامخرمة والشيخ معروف ) بدوافع سياسية كما سبق ذكره وخشية السلطان بدر ابو طويرق من هاذين الشيخين في إحداث تمزّق وانفصال أو إستقلالية ( لشبام والهجرين ) .
والعلامة الشيخ عبدالله بن عمر بامخرمة رحمه الله نفسه ( صوفياً ) وقد كان المستشار السياسي والشرعي للسلطان بدر ابو طويرق وكاتب وامين سر له , وكان يمحضّه النصح ولايخرج به عن دائرة الشريعة الغراء , ولأبي طويرق ثقة كبيرة فيه لما يعرفه هو وغيره عن الشيخ عبدالله بالنزاهة والإتساع في العلم وحصافة الرأي , ومع هذا كله فإن الشيخ عبدالله لم يستطع التوفيق بين السلطان بدر أبو طويرق وبين والده الشيخ الصوفي عمر بامخرمه لأن الخلاف سياسي _ لاحظوا كلمة سياسي وليست كلمة ديني أو عقدي _ ومستعصي بين الطرفين , بخصوص بلد الهجرين بلد الشيخ عمر بامخرمة والتي كانت من وجهة نظر الشيخ عمر بامخرمة يجب ان يكون امرها لأهلها وليس لأبي طويرق فلذلك وضع السلطان أبو طويرق الشيخ عمر بامخرمة في ( الإقامة الجبرية ) في مدينة سيؤون حتى توفي بها . ( وكذلك كان موقف السلطان بدر ابو طويرق من الشيخ معروف باجمّال بدوافع سياسية بحته حيث ان الشيخ معروف باجمال يريد ان تكون إدارة بلده شبام لأهلها وليس لأبي طويرق ) . فلذلك كان الشيخين بامخرمة وباجمّال ( بالذات ) محل تركيز إهانة السلطان ابو طويرق لهما دون سواهما من الصوفية الآخرين !!
هذا ماذكرته كل المراجع ولكن كان نقل ابوعوض الشبامي نقلاً مغرضاً
ولقد حرّف ولم يكن صادقاً , حيث زعم ان إخراج الشيخ معروف باجمال من شبام إنما ذلك بسبب ( تصوّفه ) وإفتتان النساء والجهال به وبسبب خزعبلاته _ هذا ماذكره ابو عوض الشبامي عن أسباب إستهداف السلطان للشيخ معروف ومن ثم إخراجه من شبام بالضبط _ والحقيقة الواضحة لم تكن كذلك فلو كان السلطان بدر أبو طويرق يستهدف الفكر الصوفي في ذلك الوقت ويريد محاربة هذا الفكر , لماذا يتقرّب للكثير من العلماء ومشاهير ( التصوّف ) كباجحدب وأبي بكر بن سالم وبايزيد وبامخرمة والعيدروس والكثير من ( الصوفية ) الذين يحبهم ويعظمّهم ؟؟
ولماذا أظهر الخصومة للشيخين عمر بامخرمة ومعروف باجمال فقط ؟؟
علماً ان حفيده السلطان عبدالله بن عمر الذي تولّى سنة 1021 هجرية بعد أبيه , خلع نفسه وسلك مسلكاً ( صوفياً ) بعد ان إلتجأ للحسين بن أبي بكر بن سالم , كما ان السلطان علي بن عمر بن جعفر هو أكبر منافس ( كثيري ) لأبن عمه السلطان بدر أبو طويرق , فقد أقام دولة في شبام وكان ينفق على دولته من ماله الخاص , بعد ان هجم عليها واستولاها هو وأتباعه وكان لايقبل فرض الضرائب على أهالي شبام وقد غلبت عليه روح ( التصوّف ) وكان له أصدقاء ومستشارون كان أكبرهم الشيخ معروف باجمال وكأنهم يحاولون تطبيق نظام دولة عادله تشتمل على شعب متصوف قنوع على رأسه هذا السلطان الخيّر المحبوب , وذلك كان سبباً كبيرا من أسباب إستهداف أبو طويرق للشيخ معروف باجمال في شبام ( بالذات ) ولكن بدر ابو طويرق انتصر عليهم وأخضعهم أخيراً . ولم يستطع السلطان علي بن عمر بن جعفر حماية نفسه ناهيك عن حماية الشيخ معروف باجمال .
ان ماذهب إليه أبي عوض الشبامي يتنافى مع الواقع تماماً . ولكن متى ماكانت النفوس تنصاع للأهواء فإنها تورد صاحبها موارد ( الكذب والتحريف ) فالدوافع السياسية وحدها ولا غيرها كانت هي الأسباب الحقيقية في إخراج الشيخ عمر بامخرمة إلى الشحر ومن ثم فرض الإقامة الجبرية عليه في سيؤون حتى توفي بها وكذلك إخراج الشيخ معروف باجمّال إلى دوعن في ضيافة المشايخ آل عمودي والذين هم من ألد الأعداء للسلطان بدر ابو طويرق والذين أذاقوه الكثير من الهزائم في الكثير من المصادمات , إذن فحتى ضيافة آل عمودي للشيخ معروف باجمال لم تكن لإعتبارات ( صوفية ) فحسب _ كما يزعم أبو عوض الشبامي _ وإنما كانت أيضاً لإعتبارات سياسية حيث انهم منحوا الشيخ معروف ( حق اللجو السياسي ) نكاية بخصمهم اللدود السلطان بدر أبو طويرق , ولعلمهم ان يد ابو طويرق لن تصل للشيخ معروف طالما هو في ضيافتهم وبين ظهرانيهم !!!! ولانريد الإطالة في سرد المواقف والأحداث التي دارت بين آل عمودي والسلطان بدر ابو طويرق ولانريد أيضاً التحدث عن الفكر الصوفي فإننا لسنا بصددهما الآن وربما نتعرض لهما لاحقاً إذا مابدت ضرورة لذلك , بقدر مانريد أن نكشف للقارئ الكريم كيف يذهب البعض لمحاولات تحريف وتفسير الأحداث المسطرة في كتب السيّر والتراجم وفق الأهواء والرغبات !!!!

بعضاً من المراجع التي نقل عنها الشاطري :

قلادة النحر : للطيّب بامخرمة.
تاريخ شنبل : احمد بن عبدالله شنبل العلوي.
تاريخ حوداث السنين : الطيب بافقيه.
النور السافر : عبدالقادر العيدروس.
السناء الباهر : وهو ذيل النور السافر ( للشلّي ) .
خلاصة الخبر : منتحب من السناء الباهر وعقد الجواهر والدرر للكاف

[أبومحمد]

أحسنت وشكرا ياأباهاني على هذا التوضيح والسرد التاريخي
هكذا يكون الحوار "الهادف والبناء"وهذا من طيبك يالحبيب.

مرة أخرى شكرا على المعلومات والأضافات القيمة لهذا الموضوع وخصوصا لفتك الأنظار وتطرقك الى الأعتبارات السياسية (حق اللجؤ السياسي) لمغادرة الشيخ معروف باجمال من شبام الى دوعن ، والظروف السياسية السائدة في تلك الحقبة.

[من السادة]

بسم الله الرحمن الرحيم

	بارك الله في جهودك سيدي الحبيب ومتتظرين عودتك قريباً قريباً الله المستعان إن الفضلا *** يمنحه المنان منا لاهل التقوى

[الهواوي]

غبار على الموضوع نبشته يامن الساده من بين الانقاض