المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الدين والحياه > سقيفة الحوار الإسلامي
سقيفة الحوار الإسلامي حيث الحوار الهادئ والهادف ، لا للخلاف نعم للإختلاف في وجهات النظر المثري للحوار !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


ظاهرة من يدعو لمذهب أهل البيت بين العوام والمثقفين ؟

سقيفة الحوار الإسلامي


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-17-2010, 12:33 PM   #101
اولئك ابائي
حال نشيط
 
الصورة الرمزية اولئك ابائي

افتراضي


رغم كيد الليل والنهار ..

ورغم الخبث بكل مكان لتشوية صورة الشيخ الدكتور محمد العريفي

يرفع رأسه عاليا ويدوس بقدمة كل قبوري حاقد

بعدما داس على مشايخهم في حلقته التي كانت بعنوان التوحيد وزلزل اركان الشرك ومروجيه ..!!

وأقول لصوفية حضرموت عظم الله اجركم فالحق يعلو ولا يعلو عليه ..

ولاكرامة لكم امام اسود التوحيد ..!!

رغم شتمكم وتكفيركم للشيخ أعلى الله شأنه بين الناس وكشف حقيقتكم النتنة امام العالم فلله الحمد ..!!

قال تعالى :

( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ )
..!!

والله ياصوفية حضرموت لن نكف عنكم حتى تكفوا عن نشر الشرك بين المسلمين وتعودوا للكتاب والسنة ..!!

التوقيع :



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



 
قديم 03-17-2010, 12:37 PM   #102
الصاعقه!!
حال نشيط

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اولئك ابائي [ مشاهدة المشاركة ]


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

صحيفة الوطن السعودية

السبت 6 جمادى الآخرة 1430 ـ 30 مايو 2009 العدد 3165 ـ السنة التاسعة

"اقرأ" تنفي إيقاف برنامج الداعية "العريفي"



محمد العريفي

الرياض: سلمان المسدر

نفى محمد أحمد سلام المدير التنفيذي لقناة "اقرأ" الفضائية الشائعات التي سرت نهاية الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الحالي حول إيقاف القناة لبرنامج الشيخ الدكتور محمد العريفي "ضع بصمتك" والذي يبث مساء كل جمعة..!!

وأكد سلام في تصريح لـ"الوطن" مساء أمس عدم نية القناة إيقاف البرنامج أو حتى التفكير في ذلك نظرا لمكانة الشيخ الكبيرة. وكانت الشائعات قد انتشرت على إثر حلقة " التوحيد " التي عرضتها القناة للشيخ العريفي يوم السابع عشر من شهر أبريل الماضي ومما عزز هذه الشائعات إعادة القناة لحلقات سابقة من البرنامج لمدة 3 أسابيع متتالية..!!

وعن الحلقة التي أثارت الجدل قال سلام: "الذي ورد في حلقة التوحيد من برنامج "ضع بصمتك" كان يمثل وجهة نظر الشيخ الشخصية وليس وجهة نظر القناة وعموما الاختلاف في الآراء موجود منذ عهد الصحابة، وكلنا يعرف اختلاف آراء الصحابة رضوان الله عليهم حول أسرى معركة بدر وغيرها, وهناك العديد من القضايا الخلافية مثل الاحتفال بالمولد النبوي الذي أجازه بعض العلماء وهذا أمر معروف للجميع"..!!

وعن اعتذار القناة الرسمي لطائفة الصوفية في حضرموت قال سلام: "نحن اعتذرنا لما رأيناه من تعرض لبعض الرموز في الحلقة ولو كان الحديث في الحلقة بشكل عمومي لما اعتذرنا إطلاقاً". ولفت سلام إلى وسطية واعتدال القناة التي ترفض الطائفية وتحاول إيصال صورة الإسلام السمحة على حد قوله, وأشار إلى تنوع المتحدثين من خلالها مثل الشيخ سلمان العودة وعبدالله فدعق والحبيب الجفري ومحمد علوي المالكي ومحمد العريفي، وهو ما عده سلام ردا على من قال بتصوف القناة أو طائفيتها..!!

وأوضح سلام أن الشيخ العريفي يقوم بجولة دعوية تشمل هولندا والجزائر وجيبوتي ومن المنتظر أن يكون قد وصل في وقت مبكر من صباح اليوم (أمس الأربعاء) ليقدم أولى حلقاته المباشرة بعد حلقة "التوحيد" غدا الجمعة في تمام الساعة العاشرة والنصف..!!


يذكر أن القناة لم تعد بث حلقة "التوحيد" وعرضت اعتذارا رسمياً على الشاشة كان نصه: "تعتذر قناة "اقرأ" لأئمة وعلماء حضرموت الذين تكن لهم الاحترام عن الإساءة التي صدرت بحقهم في حلقة "ضع بصمتك" التي تمثل رأي قائلها ولا تمثل رأي القناة التي تحمل مبدأ الوسطية والاعتدال والله الموفق"..!!



:: المصدر ::

حقوق الطبع © محفوظة لصحيفة الوطن 2007



مالونته باللون الاحمر هو كل مايهمنا................شكـــــرا على النقل.
 
قديم 03-17-2010, 12:41 PM   #103
الصاعقه!!
حال نشيط

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اولئك ابائي [ مشاهدة المشاركة ]

رغم كيد الليل والنهار ..

ورغم الخبث بكل مكان لتشوية صورة الشيخ الدكتور محمد العريفي

يرفع رأسه عاليا ويدوس بقدمة كل قبوري حاقد

بعدما داس على مشايخهم في حلقته التي كانت بعنوان التوحيد وزلزل اركان الشرك ومروجيه ..!!

وأقول لصوفية حضرموت عظم الله اجركم فالحق يعلو ولا يعلو عليه ..

ولاكرامة لكم امام اسود التوحيد ..!!

رغم شتمكم وتكفيركم للشيخ أعلى الله شأنه بين الناس وكشف حقيقتكم النتنة امام العالم فلله الحمد ..!!

قال تعالى :

( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ )
..!!

والله ياصوفية حضرموت لن نكف عنكم حتى تكفوا عن نشر الشرك بين المسلمين وتعودوا للكتاب والسنة ..!!




ارهاب فكـــري مفضــــوح!اركض برجلك وخيلك.............. فالله غالب على امره ولو كره الكافرون
واما علماء الصوفيه فهم لايكفرون مسلما بل مذاهب التكفير والتفجير التي تتبعونها
موتوا بغيظكم سنكون لكم بالمرصاد بالحكمة والموعظة الحسنه وليس بالتكفير والتفجير واللعن والسباب والشتائم التي تجيدونها.

التعديل الأخير تم بواسطة الصاعقه!! ; 03-17-2010 الساعة 12:44 PM
 
قديم 03-17-2010, 12:51 PM   #104
عفاف
حال قيادي
 
الصورة الرمزية عفاف

افتراضي

الفاضل الحضرمي التريمي :
لماذا الدول التي "فتحت" على يد المهاجرين الفقراء الحضارم ,, لماذا تلك الدول لا زال الاسلام فيها قائم حتى يومنا هذا ,,, بينما بعض الأقاليم أو الدول التي فتحت على يد بعض "الصحابة" تركوا أهلها الاسلام بمجرّد ان غادر أو طرد المسلمون منها ؟؟؟؟؟
أخي الفاضل تأمل جيدًا وكنت منصفًا!!!!
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
دق التحيّــــة قــــدّامــــك حضرميّـــــة

 
قديم 03-17-2010, 12:55 PM   #105
سرحةالجامع
حال نشيط

افتراضي

(حقيقة التصوف) للحبيب محمد بن عبد الرحمن السقاف ..

استماع الجزء الأول - استماع الجزء الثاني

[المقدمة]
الحمد لله
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله
الحمد لله على نعمة الإسلام الحمد لله على نعمة الإيمان الحمد لله على نعمة لا إله إلا الله كلمة الحق ومفتاح الجنة وباب الوصول إلى الله سبحانه وتعالى الكلمة التي من قالها فقد عصم دمه وماله وعرضه .. لا إله إلا الله
الحمد لله الذي أوضح لنا السبيل ودلنا على الطريق وبعث فينا ومنا حبيبه الرحيم الشفيق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك والعياذ بالله تعالى
اللهم صلي وسلم وبارك وكرم على حبيبك المصطفى إمام أهل الصدق والوفا وعلى أصحابه الخلفاء وآله الكرام الشرفاء والتابعين لهم بإحسان إلى يوم اللقاء برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم وأرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا على الحق فيما نقول ونفعل ونعتقد بمحض فضلك وجودك يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين أما بعد:

[التعريف بالمحاضرة]
فيا معشر الإخوان ويا أهل الإسلام والإيمان إن في ما يدور وما يكثر فيه الكلام وما يموج الناس فيه في هذا الزمان من اختلاط الحابل بالنابل وتغير الأحوال وانتشار الشبهات حصل في عالم الإسلام كثير من الشبه والإشكالات التي سببت الحيرة عند كثير من أهل الإسلام ، إن موضوع محاضرتنا هذه التي طلب منا بعض الإخوان إلقائها والحديث في موضوعها أمر التصوف ، التصوف هو أمر مشتهر بين أهل الإسلام على مر العصور السابقات ، ولا يكاد يخلو منه بلد ولا قرية ولا مكتبة من مكاتب المسلمين عن أخبار الصوفية وأهل التصوف وما كانوا عليه عليهم رضوان الله تعالى ، فقبل أن أتحدث في هذا الموضوع والذي ربما تكلم فيه بعض الناس بما لا يليق وبما لا يصح ، وللأسف أن البعض قد طال لسانه وتجرأ قلمه في أن يتهم أهل التصوف ليس بالبدعة وليس فقط بشيء من الفسوق بل لقد طالت بعض الألسن على أهل التصوف بتهمة أنهم على الشرك والكفر وأنهم استمدوا عقائدهم وأفكارهم من الفلسفة اليونانية والهندية وغير ذلك ، وهذا الكلام يحتاج منا إلى حسن نظر وتأمل وتروي فنقول لأهل هذه الاتهامات الباطلة : تريثوا وتمهلوا وتروَّوا فيما تقولون فإنكم تتكلمون عن أمر عظيم ربما وقفتم بين يدي الله تعالى يوم القيامة للمسائلة عنه ، فأحب قبل أن أشرع في هذا الميدان لحسن البيان بما بلغنا من كلام أهل العلم عليهم الرضوان ، أحب منكم ومن كل سامع لهذا الكلام أن يتحلى بالإنصاف وأن يحسن تأمل هذا الكلام ، فأحب من كل سامع أن يسمع الكلام كاملاً ، فلا يأخذ بمقدمة هذا الكلام وينسى آخره ، ولا أن يأخذ جزئية منه ويترك الباقي ، بل أريد أن يسمع كل واحد منكم جميع هذا الكلام وهذه المحاضرة ، ثم إن كان هناك إشكالاً أو أمرٌ غير مفهوم فيمكن السؤال ويمكن الاستفسار وإن شاء الله تعالى يكون لهذه الأسئلة الأجوبة التي تشفي الغليل وتحيـي الضمير إن شاء الله تعالى ، فأقول مستعينًا بالله تعالى متوكلاً عليه ، مفوضًا لأمري كله إليه تعالى في علاه .

[ماهية التصوف]
التصوف
التصوف الذي نعنيه نحن هنا هو الطريق الحق الذي انتشرت أخباره في المشارق والمغارب
التصوف المقصود منه كما قال أهل العلم هو بلوغ مرتبة الإحسان ، لأننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى لما بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمة { الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة } [آل عمران/75]
فإذا المهمة التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست مهمة مخاطبة العقول أو التلاوة أو الإرسال إليهم فقط ، إنما كان مبعوثًا بالتعليم والتزكية والتربية ، فإذاً شأن التزكية للنفس الذي يبلغ صاحبها إلى مرتبة المعاملة مع الله تعالى التي سأل عنها رسول الله في الحديث الصحيح لما جاءه جبريل فقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فأخبره ثم قال أخبرني عن الإيمان فأخبره ثم قال أخبرني عن الإحسان وقال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، إذًا نحن علمنا أن الإسلام هو الأركان الخمسة الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج ، وعلمنا أن شرائع الإسلام ألُّفت فيها المؤلفات الكبيرة ، وأن أهل الإسلام أخذوا فيها بالمذاهب التي اشتهرت فهناك المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي ، كل هذه المذاهب جاءت في تفريعات أمور الشريعة الظاهرة وهي الإسلامية في أركان الإسلام وما يتعلق بها من معاملات بعد ذلك ، ثم جاءنا في الإيمان كلام أهل التوحيد والذين تكلموا وسموا بعد ذلك برجال العقيدة وسمي هذا العلم بعلم العقيدة ، وبقي شأن التزكية وشان التربية وتصفية القلوب لتحقيق هذه العبودية لله سبحانه وتعالى فسميت بما تعارف عليه أهل الإسلام من أهل القرون الأولى أنه التصوف.
التصوف عرفه أهله وأصحابه وأئمته ، نحن نعلم أن كل علم يرجع فيه إلى من أسسه وإلى رجاله وإلى أئمته ، فعلم التصوف علم عظيم تعلق بالتربية على وفق الكتاب والسنة ، وأئمته الذين اشتهروا به وهم مراجعٌ فيه ممن استخلص معاني التربية من الكتاب والسنة عرفوا هذا المنهج بتعريفات هي الأصل والمرجع فلا يأتي أحد فيعرف التصوف ثم يهاجم التصوف من حيث تعريفٍ عرفه هو أو غيره ، وينسى التعريفات التي عرفه بها أهله رضوان الله تعالى ، فمثلاً :
[تعريف علماء التصوف للتصوف]
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني -وهو من كبار أهل التصوف ومن أشهرهم على الإطلاق- يقول:
((التصوف ليس ما أخذ عن القيل والقال ولكن أخذ من الجوع وقطع المؤلوفات والمستحسنات))
ويقول الإمام الغزالي - الحجة التي سمي بـحجة الإسلام وهو الذي أحسن البيان في مجال التصوف وكتبه أجرى الله بها النفع في جميع بلاد المسلمين- يقول :
(( التصوف هو تجريد القلب لله تعالى واحتقار ما سواه )) أي تخليص القلب لله تعالى واعتقاد ما سواه اعتقادًا أنه لا يضر ولا ينفع فلا يؤول إلى على الله فالمراد باحتقار ما سواه اعتقاد أنه لا يضر ولا ينفع وليس المراد الازدراء والتنقيص
ويقول الشيخ ابن عطاء السكندري - صاحب الحكم - :
((التصوف هو الإسترسال مع الحق ))
ويقول الشيخ معروف الكرخي :
(( التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق ))
ويقول الإمام أبو الحسن الشاذلي -الذي يتبعه في ميدان التصوف الملايين اليوم من البشر-:
(( التصوف تدريب النفس على العبودية وردها إلى أحكام الربوبية ))
ويقول الإمام الجنيد -والإمام الجنيد يسمى سيد الطائفة الصوفية- يقول الإمام الجنيد:
((التصوف ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع وعمل مع اتباع)) يعني اتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم
ويقول أيضًا :
(( علمنا هذا -أي التصوف- مقيد بالكتاب والسنة ومن لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر والطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ))
ويقول :
(( علمنا هذا -يعني التصوف- مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يسمع الحديث ويجلس ويأخذ أدبه من المتأدبين أفسد من اتبعه ))
ويقول :
(( التصوف أن يختصك الله بالصفاء فمن صفا من كل ما سوى الله فهو الصوفي ))
إلى غير ذلك من التعريفات ويقول أيضًا :
(( التصوف تصفية القلب عن موافقة البرية ومفارقة الأخلاق الطبيعية وإخماد الصفات البشرية ومجانبة الدعاوي النفسانية ومنازلة الصفات الروحانية والتعلق بالعلوم الحقيقية واستعمال من هو أولى على الأبدية والنصح لجميع الأمة والوفاء الله على الحقيقة واتباع الرسول في الشريعة ))
هكذا يعرف هذا الإمام التصوف بأنه كله كتاب وسنة
ويقول الإمام السري -من تلامذة الإمام الجنيد- يقول :
((سمعت الجنيد يقول التصوف أن يميتك الحق عنك ويحييك به ))
ويقول السيد الشريف الجرجاني :
(( التصوف هو وقوف مع الآداب الشرعية ظاهرًا فيسري حكمها من الظاهر إلى الباطن وباطنًا فيسري حكمها من الباطن إلى الظاهر فيحصل للمتأدب بالحكمة كمال ))
ويقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري -مجمع القراءات الإسلامية قراءات القرآن- يقول :
(( التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس وتصفية الأخلاق وتأمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية ))
ويقول مِن مَن عرف التصوف من المتأخرين شيخ محمد سعيد البوطي :
(( التصوف اسم حادث لمسمى قديم إذ إن مسماه لا يعدو كونه سعيًا إلى تزكية النفس مع الأغبار العالقة بها عادةً كالحسد والتكبر وحب الدنيا وحب الجاه وكذلك ابتغاءه توجيهها إلى حب الله عز وجل والرضا عنه والتوكل عليه والإخلاص له سبحانه وتعالى))
ويقول الإمام الحداد -من أكابر رجال التصوف باليمن- يقول :
(( طريقنا هو العلم والعمل به والإخلاص لله والورع والخوف من الله جل جلاله وتعالى في عظمته ))
-ويقول في بعض أبياتًا له:-
وإن الذي لا يتبع الشرع مطلقًا * على كل حال عبد نفس وشهوة
فبـيع هوى يبكـى علـيه لأنـه * هو الميت ليس الميت ميت الطبيعة
وما في طريق القوم -يعني الصوفية- بدأً ولا انتهاء * مخالفة للشرع فاسمع وانصت
وخل مقالات الذين تخبطوا * ولا تك إلا مع كتابٍ وسنة ))
ويقول بعضهم في وصف أهل التصوف:
(( قوم همومهم بالله قد علقت * فمالهم همم تسمو إلى أحد
فمطلب القوم مولاهم وسيدهم * يا حسن مطلبهم للواحد الصمد
ما إن تنازعهم دنيا ولا شرف * من المطاعم واللذات والولد
ولا للباس ثياب فائق أنق * ولا لروح سرور حل في بلدي ))
أحببت أن أنقل هذه التعريفات لأولئك الكرام السادات أوائل أهل التصوف وأكابرهم حتى يعلم السامع أن مراجع أهل التصوف يقولون أن التصوف أنه كله كتاب وسنة وكله تزكية للنفس وكله تربية للأخلاق للوصول إلى مرتبة الصديقية والقرب من الله والإحسان مع الله .

[لفظ التصوف]
ثم نأتي إلى لفظ التصوف نفسه
كثيرٌ يشكل عليه لفظ التصوف ويقول (لماذا تسمون هذا بالتصوف؟) و (لماذا لا نكتفي بذكر التزكية ؟) و (لماذا هذه الطائفة سميت بالصوفية؟) فنقول:
أولاً : التصوف اختلف العلماء في أصله من أين أتى هذا الاسم ، فقال بعضهم (أتى هذا الاسم من الصوف) لأن كثير من أوائل هذا المنهج من الزهّاد والعبّاد اشتهروا بلبس الصوف ; والصوف هو لبس الأنبياء وهو لبس الصالحين وهو كذلك لبس الصحابة عليهم رضوان الله تعالى الكثير منهم لبسوا الصوف لأنه زهيد الثمن ولأنه لبس الفقراء والضعفاء وأهل التصوف كانوا يميلون إلى الفقر وإلى الزهد في هذه الدنيا كما حثّت على ذلك الشريعة وجاءت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها زهد في هذه الفانية المنتهية النافذة الدنيا وما فيها .
وقال بعضهم (إن التصوف أصله جاء من الصفاء)
وبعضهم قال (هو مشتق من الاصطفاء)
فالصوفي هو الذي صوفي من الحق أي صافاه الحق فهو الصوفي
وقال بعضهم (هو من الصِفَّا) لأن أهل الصِفَّا الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة -وكان منهم أبو هريرة وغيره- هم فقراء الصحابة الذين جاؤوا إلى المدينة وليس لهم بيتٌ يأويهم وليس لهم زوج ولا ولد هؤلاء أهل الصِفَّا كانوا يلبسون الصوف ويجلسون في الصُفَّ يعبدون الله تعالى ويذكرون الله فإذا جاء الجهاد خرجوا وإن لم يكن الجهاد بقوا في مسجد رسول الله يعتكفون يأكلون مع رسول الله ويشربون مع رسول الله ولذلك يقول أبو هريرة عليه رضوان الله : (إني حفظت هذا الحديث لأني كنت أمشي مع رسول الله على ملأ بطني) يعني أنه لم يكن هناك شيء يشغلني كمثل بقية الناس فأنا كنت ملازم رسول الله أأكل معه وأشرب معه وليس عندي شيءٌ يشغلني
فقال بعضهم (أن أهل التصوف هم أمثال أهل الصُفَّا الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) .
وعلى العموم .. كثرت الأقوال وليس هناك مشاحة في الاصطلاح كذلك قال أهل العلم :
(( لا مشاحة في الاصطلاح )) قل ما شئت .. وسمي ما شئت .. ما دام أن ذلك ليس بخارج عن الحق وعن طريق الحق فليس هناك إشكال ، فنحن نعلم أن مسميات كثيرة قد حدثت في الإسلام ، مثلاً :
لماذا جاء اسم (أهل السنة والجماعة) ؟ هل كان الصحابة يسمون بأهل السنة والجماعة ؟ هل كان من التابعين من يسمى بهذا الاسم ؟
ثم جاءت بعد ذلك المذاهب : فيقال عن الذين تبعوا في فروع الفقه أباحنيفة يقال لهؤلاء (الأحناف) ، ولأولئك (المالكية) ، ولأولئك (الشافعية) ، ولهؤلاء (الحنبلية) لماذا ؟ واشتهرت هذه الأسماء ولم يعترض عليها أحد في الإسلام !
ثم جاءنا في علم العقيدة مثلاً أن العقيدة لم يأتي هذا اللفظ لا في عهد رسول الله ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا تابع التابعين ولا في القرن الثالث ولا في الرابع بل ولا في الخامس فمتى اشتهر علم العقيدة بهذا الاسم إلا مؤخرًا ، فلماذا لم نقل أن علم العقيدة هذا علم باطل وعلم مبتدع لماذا ؟!
نقول (لا مشاحة في الاصلاح) الألفاظ لا مشاحة فيها ، أمور اشتهرت بين المسلمين واستحسنت بين المسلمين ، فلماذا تنكر هذه الأسماء ونحن نرى إلى هذا اليوم يسمى هؤلاء بالسلفية وهؤلاء يسمون بكذا والذين يتخرجون من جامعة إسلامية معينة يسمون باسم تلك الجامعة فلا بأس من نسبة الناس في فئاتهم إلى شيء من هذه التصنيفات فلا بأس في ذلك ، وهو أمر مشتهر بين أهل الإسلام من قديم وجاء بعد ذلك علم المصطلح وجاءنا بعد ذلك علم الأصول وعلم التخريج والرجال كلها أمور حدثت بعد القرون الأولى فلا بأس بها وأهل الإسلام كلهم متفقون على ذلك فلماذا التصوف بالخصوص يأتي بعضهم فيقول (لماذا هؤلاء جعلوا لأنفسهم لماذا التزكية مهمة المسلمين أجمعين) . نعم نحن نعلم أن أهل التصوف لم يقولوا نحن مثلاً (لا نأخذ الفقه) لكن كما أن هناك أناس اشتهروا مثلاً بالعقيدة فهل يعني أن أولئك يسمون بعلماء العقيدة ، أو الذين اشتهروا بعلم الفقه يسمون بالفقهاء ، والذين اشتهروا بعلم التفسير سموا المفسرين رجال التفسير ، رجال المصطلح ، رجال الأصول ، هل يعني أننا إذا أطلقنا على أحد هذه الأصناف من الناس الذي اشتهروا بنوع من العلم ، أننا نقول أنهم لا يعلمون شيئًا من تلك العلوم أبدًا ؟! لا لا نقول ذلك إنما هذا الشخص قد اشتهر بهذا الصنف من العلم بزيادة وهو يعلم تلك العلوم الأخرى ، كذلك الصوفية هم تخصصوا في أمر التزكية والتربية والمتابعة لدقائق النفوس لتفسيرها بما جاء به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وألفُّوا في ذلك المؤلفات وعملوا لذلك المجالس والمجامع والوعظ والتذكير وهم كذلك أهل تفسير وهم فقهاء وهم أهل حديث -وإذا رجعنا وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى -فيما يأتي- أن الصوفية هم رجال التفسير أن الصوفية هم رجال الحديث أن الصوفية هم رجال المصطلح أن الصوفية هم رجال الفقه فكلها الكتب الموجودة في العالم الإسلامي اليوم طافحة بمؤلفات أهل التصوف الذين ألَّفوا في أنواع العلوم وأصنافها ، هذا المعنى وإن كنت لا أحب الإطالة فيه إلا لأن البعض يشكل عليه أمر اللفظ ولا مشاحة في الاصطلاح أبدًا .

[بروز التصوف]
نعود إلى مسالة بروز التصوف ، متى برز التصوف بهذا الاسم وبهذا المنهج ؟ هل التصوف -الذين يهاجمون التصوف هؤلاء بالجرأة- نقول لهم تريثوا تريثوا هل التصوف هو وليد سنوات يسيرة ؟ هل هو وليد هذا القرن الأخير ؟ هل هو وليد قرنين أو ثلاث أو أربع أو خمس؟
لا ، التصوف ظهر من القرون الأولى قرون الخيرية وأكابر الصوفية هم الذين كانوا في القرون الأولى الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم { خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم }
أولاً .. نعود إلى بعض الكتب التي نقلت شيئًا من ذلك . يقول الكندي سنة مائتين و واحد في كتابه (الولاة والقضاة) في صفحة 162 -مائة واثنين وستين- يقول :
(( وظهرت طائفة بالاسكندرية يسمون بالصوفية يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) سنة مائتين و واحد !
ويقول الإمام الحسن البصري كما نقل عنه السراج الصوفي في اللمع يقول :
(( رأيت صوفيًا في الطواف فأعطيته شيئًا لم يأخذ .وقال معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي ))
ويقول الإمام الكلاباذي-الإمام الكلاباذي توفي سنة 398 هـ ثلاثمئة وثمانٍ وتسعين يعني هو من أهل القرن الرابع !- قد ألف كتابًا كاملاً سماه التعرف لمذهب أهل التصوف وروى كثيرًا من أخبار الصوفية من أهل القرن الثاني ومن أهل القرن الثالث الذين اشتهروا بالصوفية ومن أحب أن يطالع هذا الكتاب فهو كتاب بحمد الله مطبوع وموجود في أسواق المسلمين يمكن أن يرجع إليه وأن ينتفع به والإمام الكلاباذي روى عنه الحاكم وروى عنه الدارقطني وترجم له الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء قال عنه الحاكم -عن الإمام الكلاباذي صاحب كتاب التعرف لمذهب اهل التصوف- قال : ((هو من الحفاظ حسن الفهم والمعرفة عارفًا بصحيح البخاري وهو متقنٌ ولم يخلف بما وراء النهر مثله)) يعني أنه طبقة في هذه العلوم وفي الحديث وجاء ليجمع لنا هذا الكتاب عن التصوف ثم نجد مراجع أهل التصوف من أهل القرون الأولى نذكر بعضهم على سبيل الإجمال لا التفصيل فمثلاً عندنا :
الإمام الحسن البصري الذي تلقى عن جملة من الصحابة وهو مرجع أهل التصوف وأكثر طرق الصوفية اليوم يروون الطريق ويأخذون السند في التزكية إلى الإمام الحسن البصري وهو ولد في سنة 22 هـ اثنين وعشرين وتوفي سنة 110 هـ مائة وعشرة .
عندنا الإمام إبراهيم بن أدهم ، عندنا الإمام عبد الله بن المبارك ، أبو مسلم الخولاني ، -كلهم من أهل القرن الأول- الإمام محمد بن واسع توفي سنة 123هـ مائة وثلاثة وعشرين ، الإمام مالك بن دينار 131 هـ سنة مائة و واحد وثلاثين ، داود الطائي سنة 165 هـ مائة وخمس وستين ، الفضيل بن عياض سنة 186 هـ مئة وست وثمانين ، معروف الكرخي سنة 200 هـ مئتين ، شيخ سليمان الداراني 215 هـ مئتين وخمسة عشر ، الحارث المحاسبي المشهور الذي له جملة من الكتب في التصوف وهي موجودة في مكاتب المسلمين الإمام الحارث المحاسبي توفي سنة 243 هـ مئتين وثلاث وأربعين ، ذا النون المصري 245 هـ مئتين وخمس وأربعين ، أبو حمزة الصوفي -وهو ممن أخذ عنه الإمام أحمد بن حنبل وكان الإمام أحمد يجالسه- في سنة 269 هـ مئتين وتسعة وستين ، الإمام الجنيد -سيد الطائفة الصوفية مرجع أهل التصوف- سنة 297 هـ مائتين وسبع وتسعين ، وبعدهم الإمام الغزالي والجيلاني والشاذلي والفقيه المقدم في القرن الخامس وبعده وقبله أعداد كبيرة جدًا من أهل التصوف هم من أهل تلك القرون الخيرية فما نقول في هؤلاء الأئمة ؟ الذين سردت أسمائهم الآن من أهل التصوف رووا لنا الحديث واشتهرت تراجمهم في كتب التراجم ولا يكاد في كتب الطبقات أن تخلو هذه الكتب عن أسمائهم وعن أخبارهم وعن قصصهم ولا يستطيع واعظٌ أن يرجع إلى المواعظ إلا بذكرهم وذكر أخبارهم وقصصهم عليهم رحمة الله ورضوانه سبحانه وتعالى إذًا نحن نعلم أن التصوف نشأ من تلك القرون الأولى ، لهذا نقول للذين يسارعون في الهجوم على التصوف تريثوا لتعلموا إذا أردتم الكلام عن التصوف أنتم تتكلمون عن من ؟ وتتحدثون عن من ؟ ثم نقول لماذا برز التصوف في تلك القرون الأولى ؟ ما هي الدوافع والدواعي التي جعلت التصوف يبرز كمنهج ، لماذا برز التصوف كمنهج ؟ له قواعده وله ترتيباته وله رجاله وله أئمته . نقول :
نحن نعلم أن سيدنا عثمان بن عفان عليه رضوان الله تعالى قتل في داره شهيدًا ، وفتح على الأمة باب فتنة عظيمة ، ثم بعد ذلك قتل سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وتحولت بعد ذلك الخلافة إلى ملك ، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، تحولت الخلافة إلى ملك ، ولما تحولت الخلافة إلى ملك ، بدأت الأوضاع في العالم الإسلامي تتغير ، ثم اشتدت ، فجاء يزيد بن معاوية الذي شهد علماء الإسلام أنه كان فاسدًا وفاجرًا ، فصارت من الفتن في الحرمين الشريفين وفي بلاد المسلمين أشياء يشيب لها رأس الوليد ، فلقد هدمت الكعبة وقتل الحجاج عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كرام التابعين من أكابرهم ، ثم قتل خيار خيار أهل الأرض في ذلك الوقت ، الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ، قتل وقتل معه أعداد كبيرة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا هو الوضع السياسي الذي كان في المجتمع في ذلك الزمن ، هذا كله مع نهاية القرن الأول أو منتصفه ، بعد منتصفه ، حدثت هذه الفتن ، وقتل عبد الله بن الزبير وحصلت هذه المصائب العظيمة الكبيرة الشديدة و لحق بأهل الملك وبدور الأمارة أعداد من من أخذوا صورة هذا العلم فأخذ كبار علماء الإسلام -كمثل الحسن البصري وأشباهه وأمثاله- ، أخذوا وانحازوا بأنفسهم عن هذه الفتنة ، ولم يجالسوا الحكام والملوك والأمراء وبقوا يطالبون الأمة بالرجوع إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الأموال انتشرت في الأمة وجاءت الأموال والملابس الفاخرة والعطور الفاخرة من كل مكان ، وبقي هؤلاء الطائفة على ما كان عليه رسول الله يربط على بطنه الحجر من شدة الجوع ، ويلبس الصوف ، وداره وحجره معلومة وصغيرة بسيطة حياته كلها صلى الله عليه وسلم فقر وزهد وورع وترك لمستلذات هذه الحياة الفانية ، فلما بقي هؤلاء الجماعة على هذا الوصف ، عرفوا بالصوفية واشتهروا بهذا اللفظ ، فصاروا يتكاثرون وصاروا يدعون إلى هذا الطريق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه بعض الأسباب التي كانت في ذلك الزمن ، داهمت الأمة فسببت إنحياز أهل الصدق والزهد وأهل الإحسان إلى بعضهم البعض وأخذهم عن آل بيت رسول الله وعن الصالحين والبقية الباقية من الصحابة ، فبقوا على ذلك الوصف الحسن الطيب ، ثم هناك أوضاع اجتماعية كذلك أثرت ، كما أن هذا الوضع سياسي ومن الفتن وتغير الخلافة إلى الملك سبب انحياز أهل التصوف واجتماعهم وتسميهم بهذا الاسم ، فهناك ظروف اجتماعية كذلك ، كظهور الطوائف المختلفة وكما حصل الترك والتخلف لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من السنن وكثرة الأموال وظهور الترف الذي ظهر في العالم الإسلامي في ذلك الوقت كل هذه أسبابٌ اجتماعية ، جعلت الصادقين من علماء هذه الأمة المتمسكين بأصل ما جاء عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يبقون يأخذون بهذا الفقر والزهد بمنهج التصوف .
هذه كلها مقدمات وحقائق تاريخية وأوضاع أحببت بيانها من أجل أن تسمع وتعلم ، ومن أجل أن تعرف يا أخي أن التصوف نشأ في هذه الظروف وبهذه الأسباب وبهؤلاء الرجال ، ثم نأتي إلى الأدلة والبراهين التي تدل على أن التصوف حق ، وعلى أن أهل التصوف هم أهل حق فأقول :
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
 
قديم 03-17-2010, 12:59 PM   #106
سرحةالجامع
حال نشيط

افتراضي [الشواهد والبراهين على أن التصوف حق]

[الشواهد والبراهين على أن التصوف حق]
على أن التصوف حق ونور وهدي وصفاء ،
[الدليل الأول]
من الأدلة والبراهين أولاً : مضمون التصوف ومحتواه . فنحن نعلم أن الحكم على الشيء هو فرع تصوره إذا أردنا أن نحكم على شيء قبل أن نحكم عليه لا بد أن نتصور هذا الشيء ونعرفه أما إنسان يحكم على شيء دون أن يعرفه فهذا مجازف فهذا متجرأ فهذا متطاول ، فلا نحكم على شيء إلا إذا تصورناه وعرفناه فنحن بما ذكرنا من التعريفات لأهل التصوف ، نعلم أن هذا هو الحق .

[الدليل الثاني]
لأمر الثاني -أو الدليل أو العلامة الثانية- : قضية السند . السند هو قضية عظيمة في الإسلام وفي الدين وفي الأمة لأننا نعلم أن أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ميزها الله سبحانه وتعالى باتصال السند فيها في تلقي القرآن والسنة ، والحق تعالى أنزل القرآن وحفظ القرآن { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } والنبي صلى الله عليه وسلم قال { من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار } فتناقل رجال هذه الأمة القرآن والحديث بأسانيد لم يرضوا أن ينتقل هذا السند إلا بشروط شديدة وقوية جدًا فلا يروى إلا عن العقل الضابط المحقق المستقيم الصالح ، نحن نعلم أن القرآن في قراءاته السبع -أو قراءاته العشر- ، كلها متلقاة بأسانيد ، الذي يريد أن يتلقى القرآن اليوم لا يكفيه أن يمسك مصحف ويقرأه فيقول (أنا تلقيت القرآن) لا .. إن هذا وحي من السماء ، تلقاه رسول الله عن ربه بواسطة جبريل ، وألقاه إلى الصحابة فسمعوه من لسانه ، ثم جاء التابعون فسمعوه من الصحابة وحققوه ودققوه ، وجاء الذين بعدهم يروون هذه القراءات للقرآن فنعلم أن أسانيد تلقي القرآن في الأمة كلها ممزوجة برجال التصوف ، هل الذي اليوم يتهم التصوف بأنه ضلال أو أنه بدعة أنا أريد منك يامن طال لسانك على الصوفية وكثر اتهامك على أهل التصوف وتجرأت عليهم حتى أنزلتهم أسوأ المنازل من الضلال والبعد والابتداع ومن التغيير في دين الله تعالى .. أريد منك أن تأتيني بسند واحد لك في قراءة إحدى القراءات لكلام الله تعالى ليس في هذا السند أحد من رجال التصوف ؟ ، نحن نتحدى أن يأتي أحد بسند في قراءة القرآن ليس فيه رجال التصوف ، عندنا أمثلة على رجال القراءات الذين كانوا من مشاهير أهل التصوف ، فمثلاً عندنا :
شيخ الإسلام زكريا الأنصاري مرجع القراءات بمصر الذي يروي القراءات السبع وهو مرجع لهذه القراءات ، أغلب أسانيد القراءات تعود إليه ، الشيخ زكريا الأنصاري -شيخ الإسلام- ، هو من كبار رجال التصوف ، وله مؤلفات في التصوف ، وهو الذي شرح الرسالة القشيرية والرسالة القشيرية تسمى (دستور الصوفية) كما سماها بعضهم ، وهذا الشيخ شرحها وهو مسند القراءات ومرجع القراءات في السند ، مثلاً :
إرجع إلى كتاب (معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار) واقرأ أخبار القراء وأسانيدهم تجده يترجم للكثير منهم بأنهم الصوفية .
مثلاً: تجد من أهل الأسانيد العظيمة والمراجع في سند القراءات الإمام أحمد بن علي البغدادي أبو الـخطاب ترجم له في هذا الكتاب فقال : (هو أبو الخطاب الصوفي من شيوخ الإقراء ببغداد توفي سنة ست وسبعين وأربعمئة) .
(الإمام أبو أحمد بن السكينة البغدادي المقريء الصوفي شيخ العراق في عصره)
(الإمام العلامة الواصفي المقريء المفسر أبو العباس الخطيب الصوفي أحد الأعلام) وترجم له في ترجمة طويلة قال:
(عالم بالتفسير كان خطيبًا واعظًا زاهدًا خيرًا صاحب أوراد وتهجد)
(الإمام أبو عبد الله المصري المقريء الصوفي نزيل دمشق)
(الإمام نجم الدين الواسطي الشافعي الصوفي قرأ القراءات بواسطة وأتقنها على الشيخ علي قرين)
(الإمام أبو شجاع الأصبهاني ثم البغدادي المقريء الفقيه الشافعي كان قد أخذ عن الصوفية وعن رجال التصوف وصحب الصوفية ثم جاور وأمَّ بالمقام وروى الكثير عن أهل التصوف) وغيرهم وغيرهم لدي أسماء كثيرة هنا لا أحب الإطالة بذكرها كلها .
عندنا هذا بالنسبة للقرآن ، وبالنسبة للحديث وهو المصدر الثاني من مصادر التشريع واستمداد الأحكام الشرعية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نأتي إلى البخاري أصح الكتب بعد كلام الله سبحانه وتعالى فنجد:
أسانيد تلقي البخاري كلها ، الذين رووا عن البخاري والذين رووا عنهم من أهل الحديث بعد ذلك ، كلهم يروون صحيح البخاري بطرق أهل التصوف ، أشهر من شرح صحيح البخاري ، والذي عرف بين الناس شرحه وهو في كل مكتبات المسلمين ، الإمام ابن حجر العسقلاني ، أمير المؤمنين في الحديث الذي شرح البخاري ، هو الذي ترجم ترجمة للإمام عبد القادر الجيلاني إمام التصوف وأخذ كثيرًا عن رجال التصوف ، وفي سنده في رواية البخاري ترجمةً لرجال التصوف ، الإمام القسطلاني الذي شرح البخاري مثله ، الإمام مسلم (صحيح مسلم) وهو أصح الكتب بعد البخاري ، شرحه لنا الإمام النووي ، والإمام النووي الحجة هو أشهر من أن يشهر وأعرف من أن يعرف ، الإمام النووي لما روى لنا سنده في رواية صحيح مسلم ، في المجلد الأول في شرحه ذكر في سنده
(فلان أخذ مسلمًا عن فلان وكان من الصوفيًة.. فلان وكان من أهل التصوف .. يروي عن فلان وكان صوفيًا رضي الله عنه .. وكان من أئمة التصوف رحمه الله)
فيروي لنا الإمام النووي سنده في صحيح مسلم كله عن رجال التصوف ، فنحن نريد الذي يتطاول على التصوف اليوم نريده أن يأتي لنا بسند له يروي به البخاري أو يروي به صحيح مسلم دون رجال التصوف .
يا معشر أهل الإسلام نحن نخاف إذا كثر الاتهام والأباطيل التي ينشرها بعض الناس عن أهل التصوف ، أن يأتي يوم يرجع الراجع إلى كتب الحديث فيجد أن الأسانيد في رواية هذه الكتب كتب السنة والقرآن فيها رجال التصوف فينبذ هذه الكتب ويقول أن أسانيد الأمة كلها فيها غير العدول وفيها صوفية مخرفين مبتدعين أصحاب خزعبلات أو كما يقول بعضهم هداهم الله تعالى لا بد أن نتنبه إلى هذا ، ننظر مثلاً الإمام الذهبي في كتاب سير أعلام النبلاء لما كان يترجم للرجال ، كان إذا أراد أن يمتدح بعض المحدثين يقول (كان صوفيًا) أو (كان من أهل التصوف) ، وارجع إلى كتاب سير أعلام النبلاء في ذكره وامتداحه لبعض المحدثين بأنهم صوفية ستجد ذلك كثيرًا في كتابه رحمه الله تعالى ، إذا قضية السند قضية عظيمة ينبغي التنبه لها وينبغي الانتباه فهي أمر كبير وشأن عظيم في الأمة الإسلامية ، فالذي يخدش اليوم في التصوف يخدش في سند الحديث وفي سند القرآن وفي أسانيد تلقي العلوم الشرعية كلها .

[الدليل الثالث]
الدليل الثالث -أو الشاهد الثالث على أن التصوف حق- :
أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أهل البيت)
أهل البيت ما قضيتهم في الإسلام ؟
هل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم قضية في الإسلام ؟
أبدًا ! الله سبحانه وتعالى أمر الأمة أن تودهم وقال لنبيه { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } [الشورى/23]
فإذًا مودة أهل البيت مفروضة على الأمة بنص كلام الرب تعالى .
ثم نأتي إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم . هل رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في هذا الأمر؟
نعم ، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يجعل أهل البيت علامة على الحق ، فمثلاً حديث الثقلين -الذي هو حديث صحيح وبلَّغه بعض الحفاظ إلى مرتبة الحديث المتواتر بالتواتر المعنوي- نجد في رواية مسلم قال صلى الله عليه وسلم : ((وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، -فحث على كتاب الله ورغب فيه-، ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ))
فهذا رسول الله يقول لنا أنا تارك فيكم القرآن وأهل البيت ويقول لكم استمسكوا بهم .
وفي رواية الترمذي وأحمد والطبراني وأبي يعلى يقول صلى الله عليه وسلم : (( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي -أي ذريتي- أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ))
يقول ((ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض)).
وفي رواية الطبراني وأحمد -وهي رواية صحيحة- يقول : ((إني تارك فيكم خليفيتيَّ كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )) وفي رواية ((فإن مثلهما كمثل سفينة نوح))
إذًا ..هذه الروايات كلها تدل على أن أهل البيت هم علامة على الحق ، وهم علامة على الصدق ، يقول البعض مثلاً : ((إذا كان هذا قولك فماذا تقول في أن بعض أهل البيت خرجوا عن الحق فبعضهم اتبعوا بعض الفئات التي ابتدعت وإننا نرى اليوم فيهم من هو فاسق ونرى منهم اليوم من هو مرتكب للمعاصي فما تقول في ذلك))

نقول : لا نقول أهل البيت معصومون كما يقول البعض ، أهل السنة والجماعة لا يقولون بعصمة أهل البيت ، إنما نحن نقول أن أهل البيت هم علامة على الحق ، يعني أن إجماع علمائهم الذين تتصل أسانيدهم بأهل البيت إلى جدهم الأكبر صلى الله عليه وسلم هم علامة على هذا الحق ، وهم مع القرآن بشاهد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فاللذي يخالف هذا القول كأنما يخالف نص حديث نبيه ورسوله الواضح البين الذي مثل الشمس في رابعة النهار .
نحن نرى الطرق الصوفية اليوم في العالم الإسلامي فنجد أن كل الطرق الصوفية -أو معظمها- تعود أسانيدها بل وتأسيسها إلى رجال آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمثلاً :
أصحاب الطريقة القادرية -أو الجيلانية- وهم ملائين في العالم منهم بالعراق وفي إفريقيا وفي الهند وفي الحجاز كلهم يعودون في سندهم بالتربية والتزكية وأخذ الأوراد والأذكار إلى الإمام عبد القادر الجيلاني الحسني -يعود نسبه الى الحسن بن علي بن ابي طالب-.
الشاذلية وهم كذلك ملائين منهم في مصر وفي الشام وفي الحجاز وفي تركيا وفي نواحي العالم كله ، وهم يعودون إلى سيدنا أبو الحسن الشاذلي السيد -من آل بيت رسول الله-.
نجد طريقة آل أبي علوي المشتهرة بحضرموت واليمن وكثرة من أهل الحجاز وشرق آسيا قاطبة يتبعهم في طريقتهم أهل اندنوسيا وهم أكثر من مائتي مليون في تلك البلاد كلهم على طريقة صوفية على منهج هؤلاء السادة من آل أبي علوي الحسينيين ، يرجع نسبهم إلى الحسين بن علي بن أبي طالب ، ومؤسس هذا الطريق هو الإمام الفقيه المقدم من أهل القرن الخامس و طريقتهم مشتهرة في اندنوسيا والفلبين وفي سيلان -التي تسمى سيريلانكا- وفي الهند وفي افريقيا كمثل كينيا وجزر القمر وزنجبار وغيرها من بلاد الإسلام ملائين من البشر من أهل الإسلام يتبعون هذا الطريق .
نجد السادة التيجانية إلى السيد محمد التيجاني كذلك في أواسط افريقيا وفي شمالها .
نجد الأدارسة الذين بالمغرب وفي جنوب الحجاز وجهة اليمن ، الأدارسة كلهم يعودون حسنيين إلى الإمام إدريس الأكبر ويعود بعضهم إلى الإمام أحمد بن إدريس المدفون بصبيا بجوار جيزان .
الطريقة السمانية المشتهرة بالسودان وبالمدينة وغيرها من بلاد المسلمين تعود إلى الشيخ محمد السمَّان كذلك من أهل البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الإمام أحمد البدوي ، الدسوقي ، .. أعداد يطول ذكرهم كل الطرق الصوفية الموجودة مؤسسوها هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المتلقون عنه.
إذًا السواد الأعظم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على منهج الحق ، فلو الواحد اليوم ببساطة وسهولة يقول (الصوفية مبتدعة .. الصوفية ضالون) فكأنه يقول السواد الأعظم من أمة النبي والسواد الأعظم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أهل ضلال وكل ضلالة في النار فيدخل أهل الإسلام وغالبية آل بيت رسول الله إلى النار ، ما يقول بذلك عاقل أبدًا أبدًا أبدًا .
الواقع والتاريخ يثبت أن أهل البيت غالبيتهم على طرق الصوفية في العالم كله ، الذي لا يصدق يرجع إلى الواقع أمامه ، يذهب إلى بلاد المسلمين فيجد الطرق الصوفية فيجد كلها آل بيت رسول الله الذين يتصدَّرونها .

[الدليل الرابع]
ثم علامة رابعة على أن التصوف حق : هو الإجماع .
نحن نعلم كما سمعتم أن التصوف برز من القرون الأولى ومرت عليه هذه القرون كلها ، ونعلم أن الأمة لم تهاجم هذا التصوف ولم يتكلم فيه أحد ، سأذكر في ختام هذه الجلسة أقوال أئمة الدين من الكبار كأمثال الأئمة الأربعة ومن بعدهم أقوالهم عن التصوف ومجالستهم لرجال التصوف ليعلم السامع أن التصوف من تلك الأيام مشتهر وأن الأمة قد استحسنته وقد ارتضته على مر عصورها .
الأمة الإسلامية هل كانت كلها غافلة ؟ هل كانت كلها نائمة ؟ هل كانت كلها راقدة ؟ ضلالة تنتشر فيها ولا تهاجم ؟!
نحن نريد أن نعلم متى هوجم التصوف ؟ ومن الذين هاجموا التصوف ؟ ومن الذين تكلموا عن التصوف بالكلام الذي البعض اليوم يتكلم عنه بالتشنيع والتشديد وبالتفسيق أو التضليل ، نجد كلهم أفراد والكثير منهم جاؤوا متأخرين كمثل ابن الجوزي أو ابن تيمية أو غيره ممن جاء من بعد من بعد القرن الثامن ، بل نفس هؤلاء الذين ذكرتهم سأنقل من كلامهم ما يدل على أنهم لم يهاجموا التصوف كمنهج إنما هاجموا بعض أدعياء التصوف وسأثبت ذلك في الكلام المقبل -إن شاء الله تعالى- .
نحن نرى أغلب أهل الأرض اليوم منسوبون إلى التصوف ونرى مرور القرون كلها لم يهاجم التصوف وفي ذلك كفاية لصاحب العقل والفهم أن يدرك أن التصوف حق ، وأن يدرك أن التصوف صدق ، ليس بباطل .
قال صلى الله عليه وسلم -في أحاديثه الكثيرة-: (( لا تجتمع أمتي على ضلالة )) كما جاءنا في مسند الإمام أحمد يقول صلى الله عليه وسلم : ((سألت الله عز وجل ألا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها )) ويقول (( إن الله لا يجمع أمتي -أو قال أمة محمد- على ضلالة )) و ((يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار)) ويقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في حديثه الطويل ((وفي أمتي أجارهم من ثلاث لا يعمهم بسنة ولا يستأصلهم عدو ولا يجمعهم على ضلالة )) وفي سنن ابن ماجه يقول أنس بن مالك (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم ))
وفي مصنف ابن أبي شيبة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ((وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ))
وشواهد هذه الأحاديث كثيرةً جدًا نحن نرى إجماع الأمة على مر القرون بأنها ارتضت هذا التصوف ولم يتكلم فيه أحدٌ إلا أفراد معينون هاجموا التصوف من حيثيات معينة سيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى ونرى غالبية أهل الأرض اليوم من المسلمين كذلك هم على منهج التصوف وعلى اتصال بطرق التصوف الموجودة في العالم الإسلامي .

فإذًا هذه أربعة شواهد ذكرتها تدل على أن التصوف حق مع ما مر من كلام عن بدايته ونشأته وأصله أولاً ذكرنا العلامات والشواهد
أولها : أصل التصوف وتعريفه وما يحتويه هذا المنهج علامة على الحق.
ثانيًا : قضية السند وأحب أن يحسن الواحد منكم النظر إليها والتأمل فيها .
الثالثة : هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتسابهم إلى التصوف واتصال التصوف بهم على مر العصور كلها .
رابعًا : الإجماع ومرور القرون الطويلة من القرون الأولى من نشأة التصوف وأهل العلم من أوائل هذه الأمة كلهم يمتدحون ويثنون التصوف وأهل التصوف ويترجمون لرجال التصوف في كتبهم وفي طبقاتهم وفي رجال الحديث والتفسير وغير ذلك.

ثم من العلامات والبيانات للتصوف التي أحب أن يعرفها السامع منكم

[دور الصوفية في الجهاد في سبيل الله]
دور التصوف في الجهاد في سبيل الله
الجهاد في سبيل الله الذي الأمة الإسلامية اليوم في أمسَّ الحاجة إليه ونحن نرى واقع العالم الإسلامي وما يجري على أراضيَ المسلمين في المقدس وغيرها في الشرق والغرب ننظر إلى الجهاد الذي مر في العالم الإسلامي من القرون الأولى إلى اليوم وماذا كان دور التصوف فيه .
نقول : أولاً : إذا رجعنا إلى ترجمة رجال التصوف الأوائل وجدناهم كلهم كانوا ممن يخرجوا في سبيل الله تعالى .
[الصوفية وحروب الصليبيين]
ثم نأتي إلى المعارك الكبرى في الإسلام وإلى القادات العظماء في الإسلام فننظر : القائد نور الدين زنكي الذي حارب الصليبية الإمام القائد نور الدين زنكي المشهور الورع التقي الصوفي ، كان جليس رجال التصوف وهو الذي قرر كتاب إحياء علوم الدين للجيش كله وهو من أشهر كتب التصوف .
ترجم له وذكر ذلك الإمام ابن كثير في كتاب البداية والنهاية وجاء في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء -الإمام القائد نور الدين زنكي- .
السلطان الأرسلان الذي انتصر على الروم في موقعة ملاذكر سنة (463) أربعمئة وثلاث وستين وكان يتبرك بالشيخ أبي القاسم القشيري وعدد من مشائخ الصوفية وارجع إلى نفس المراجع التي ذكرتها في نور الدين زنكي ، السلطان الأرسلان الذي انتصر على الروم!.
القائد البطل صلاح الدين الأيوبي الذي جاء تباعًا لنور الدين زنكي الإمام صلاح الدين الأيوبي القائد الذي حرَّر بيت المقدس وما أحوجنا لمثله اليوم وهو في سنة (532) خمسمئة واثنين وثلاثين كان يوصف (الصوفي الزاهد الورع النقي التقي) ذكره السبكي في طبقاته قال عنه ابن كثير : ((كان شجاعًا كثير الصلاة وله خانقاه بالديار المصرية أقامه للصوفية )) خانقاه معروف في مصر هي الدور التي يجتمع فيها أهل التصوف للذكر بناها لهم صلاح الدين الأيوبي ، وبنى مدارس الصوفية في جبل قاسيون في الشام وهو الذي بنى قبة الإمام الشافعي القبة المعروفة على قبر الإمام الشافعي وعلى ضريح الإمام الشافعي الذي بناها هو صلاح الدين الأيوبي ، وفتح بيت المقدس في السابع والعشرين من رجب سنة (583) خمسمئة وثلاث وثمانين بإشارة مشائخ الصوفية وكان في جيشه كثير من أهل التصوف ، صلاح الدين الأيوبي ! ، أخاف أن يأتي أحد اليوم فيقول صلاح الدين الأيوبي مبتدع كبير بنى قبة على قبر الإمام الشافعي وأنه كان يجالس الصوفية ، ومن ؟! عسى أن صاحب هذا القول هو الذي سيفتح بيت المقدس اليوم !!.
الإمام القائد محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية الذي جاءت الإشارة إليه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (خير الأمير أميرها وخير الجيوش جيشها) كذلك كان جليس رجال التصوف ، هذه حروب الصليبية والذين قاتلوهم .

[الصوفية وحروب التتار]
نأتي إلى حروب التتار الذين هاجموا الإسلام وانتهكوا بلاد المسلمين وانتهكوا بغداد وما حولها ، حروب التتار ، نجد الإمام أبو الحسن الشاذلي مرجع الصوفية الشاذلية ، كان هو قائد الحملة التي حبست لويس التاسع في المنصورة كان عمره فوق الستين وكف بصره فخرج حاملاً الراية يدعو الجهاد الجهاد.
الإمام العز بن عبد السلام هو شيخ القائد سيف الدين قطس ومعروف القائد سيف الدين قطس ، هو الذي انتصرت على التتار في معركة عين جالوت سنة (656) ستمئة وست وخمسين في السابع والعشرين من رمضان ، سيف الدين قطس كان من تلامذة العز بن عبد السلام من أشهر رجال التصوف من كبارهم .
الإمام أحمد البدوي بمصر كان يهادن وتلامذته معسكرات التتار بالليل لفك الأسرى وكم من كثير من الأخبار التي تذكر عن جهاد الصوفية .
[الصوفية والاستعمار]
نأتي إلى جهاد الصوفية ضد الاستعمار الأخير
نجد الشيخ عبد الكريم المغربي قائد حركة المرابطين في المغرب ضد الاستعمار -الاستعمار الإنجليزي والفرنسي وغيره-.
الشيخ عبد القادر -الأمير عبد القادر- الجزائري ضد فرنسا بالجزائر من كبار علماء التصوف.
الشيخ عمر المختار في ليبيا من الطريقة السنوسية الذي أذاق إيطاليا مُرً ومرارة عظيمة في صحراء ليبيا ، الشيخ عمر المختار وهو سنوسي الطريقة صوفي .
الإمام الزاهر من آل أبي علوي هو الذي أخرج هولندا من منطقة آكي باندنوسيا وهو من كبار الصوفية .
عز الدين القسام في فلسطين الذي أتعب اليهود والصهيونية كان صوفيًا عليه رحمة الله تعالى عز الدين القسام .
في السودان الذي حارب وأقام الحملة ضد الاستعمار الإمام المهدي الصوفي .
الذين قاتلوا الاستعمار بالشام هم أصحاب الطريقة الشاذلية والنقشبندية .
اليوم الذين يجاهدون بالشيشان هم أهل الطريقة النقشبدنية من الصوفية.
فهذا طرف من أخبار جهاد الصوفية قديمًا وحديثًا .
 
قديم 03-17-2010, 01:00 PM   #107
سرحةالجامع
حال نشيط

افتراضي

[دور الصوفية في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى]
ثم نأتي إلى دور الصوفية في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
فنجد أن أكثر الأراضي التي دخلت في الإسلام دون السيف ، إنما دخلت إلى الإسلام بدعوة الصوفية ولا غير ، والتاريخ يشهد بذلك بل وكتب العرب والغرب والشرق وكتب المستشرقين وكتب المؤرخين كلها تثبت هذه الحقيقة .
نجد مثلاً : الإسلام كيف دخل إلى شرق آسيا ؟ كيف وصل إلى الهند ؟
عن طريق السادة آل أبي علوي المنسوبين إلى الطريقة -طريقة آل أبي علوي- إلى الإمام الفقيه المقدم إلى سيدنا الحسين هم الذين أدخلوا الإسلام إلى الهند وإلى الفلبين واندنوسيا كلها وجزر الواق واق وإلى كل نواحي شرق آسيا وإلى جوانب في إفريقيا بعد ذلك وفي شرق افريقيا على وجه الخصوص .
هؤلاء الذين نشروا الإسلام واليوم تعداد المسلمين في تلك البلاد بمئات الملائين ليس بعشرات الملائين بل بمئات الملائين ، فنجد ان غالبية تعداد السكان اليوم من المسلمين دخلوا إلى الإسلام على أيدي رجال التصوف وأهل الذكر وأهل الحضرات .
نأتي إلى جهات روسيا وداغستان والشيشان وإلى منطقة البلقا ، نجد كلها دخلت إلى الإسلام عن طريق رجال التصوف من النقشبدنية والشاذلية وغيرهم وارجع إلى تاريخ هذه المناطق ، تركيا أوروبا اليوم الإسلام الذي ينتشر فيها عن طريق من ؟ نجدهم أصحاب الطرق الصوفية ، الصحراء الكبرى بافريقيا السادة التيجانية وغيرهم ووسط افريقيا وإلى نواحي كثيرة في العالم الإسلامي الذي اليوم هو مرتبط بالإسلام ومواضع الأقليات الإسلامية إذا تفقدناها وجدناها كلها دخلت إلى الإسلام عن طريق رجال التصوف .
إذًا كيف يتجرأ المتجرأ بالحديث والكلام عن التصوف بهذه الجرأة وهذه البذاءة أحيانًا ، قد يتطاول بعضهم -والعياذ بالله تعالى- هؤلاء الذين جاهدوا في سبيل الله هؤلاء الذين نشروا الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى تأتي ببساطة يأتي بعض الناس أو نرى مثلاً في قناة من القنوات الفضائية يأتون ببرنامج يصورون أن التصوف هو دراويش بعض الناس يتخالطون رجال ونساء يختلط بعضهم ببعض ويمتزج بعضهم ببعض ويعملون بعض الحركات ثم يقولون للناس هذا هو التصوف ، اتقوا الله ، أستغفر الله العظيم ، كيف ؟! هذه الحملة اليوم على التصوف وعلى أهل التصوف في تصوير الصوفية بأنهم أهل هذه الأفعال المنكرة كيف يليق بمسلم أن يتصور هذا التصور عن أهل هذه الأسانيد ، يا أخي !! ، إسمع الكلام الذي سمعته في كل هذه المحاضرة وتأمله حتى لا تتطاول لسانك على هؤلاء القوم الكرام الذين خدموا دين الله سبحانه وتعالى .

[مسألة الهجوم على التصوف المنتشر هذه الأيام]
نأتي إلى مسألة الهجوم على التصوف المنتشر اليوم.
متى بدأ هذا الهجوم ؟ متى جاء هذا الكلام عن الاتهامات لهذا التصوف ؟
نجد الذين يهاجمون التصوف كلهم من منطقة معروفة وما مر عليهم أكثر من مائتين سنة أصلاً على طريقتهم ومنهجهم اليوم الذي ينشرونه ، هم الذين يهاجمون التصوف ما في أحد غيرهم في العالم يهاجم التصوف ! وأكثر الشواهد يأتون ببعض كلام لابن تيمية وبعض كلام لابن الجوزي وبعض كلام لابن القيم أو الشاطبي أو غير هؤلاء من علماء العالم الإسلامي ، ويجعلون ذلك طريقًا وسبيلاً لهم ، بأن يتطاولوا على أهل الإسلام ، وعلى علماء الدين عليهم رضوان الله تعالى .
هذا كلام ابن تيمية : الشيخ ابن تيمية وقبله ابن الجوزي وبعده ابن القيم تكلموا عن التصوف ولكنهم هاجموا بعض مظاهر التصوف أو المتمصوفة أو الذين ادعوا التصوف أو هاجموا بعض الأشياء التي لم يفهموها في التصوف ولم تتضح لهم في التصوف وإلا فالشيخ ابن تيمية نفسه يأتي في كتبه وفي فتاواه ليمتدح التصوف وليثني على التصوف مثلاً:
يقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى عن تمسك الصوفية بالكتاب والسنة في الجزء العاشر من مجموع فتاويه ، قال : ((فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض وابراهيم بن أدهم وسليمان الداراني ومعروف الكرخي والسري السقطي -هؤلاء كلهم من أهل القرن الأول والثاني- والجنيد وغيرهم من المتقدمين مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ حمّاد والشيخ أبي البيان وغيرهم من المتأخرين وهم لا يسووغون للسالك ولو طار في الهواء ومشى على الماء أن يخرج عن الامر والنهي الشرعيين بل عليه أن يعمل بالمأمور ويدع المحظور إلى أن يموت وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف وهذا كثير من كلامهم ))
إذَا نحن نرى ابن تيمية نفسه يقول هذا الكلام ويقول في مجموع فتاواه كذلك في المجلد الحادي عشر :
(( وأهل السنة والجماعة يقولون ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع هو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله والثواب على حسناته ويستحق العقاب على سيئاته إن الشخص الواحد يستمع فيه ما يتاب عليه وما يعاقب عليه وما يحمد عليه وما يذم عليه وما يحب منه وما يبغض منه فهذا هذا إذا عرف أن منشأ التصوف كان من البصرة وأنه كان فيها من يسلك طريق العبادة والزهد مما له فيه اجتهاد كما كانت الكوفة من يسلك من طريق الفقه والعلم ما له فيه اجتهاد وهؤلاء نسبوا إلى اللبسة الظاهرة وهي لباس الصوف فقيل في أحدهم صوفي وليس طريقهم مقيد بلباس الصوف ولا هم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به لكن أضيفوا إليه بكونه ظاهر الحال )) ثم يقول (( ثم التصوف عندهم له حقائق وأحوال معروفة قد تكلموا في حدوده وسيرته وأخلاقه كقول بعضهم : الصوفي من صفا من الكدر وامتلأ من الفكر واستوى عنده الذهب والحجر )) إلى غير ذلك من كلام الشيخ ابن تيمية وقد تكلم في فتاواه وألف في ذلك رسالة سماها "الصوفية والفقراء" وتكلم فيها عن أهل التصوف بكلام جميل وحسن قال (( ويقولوا فإذا قيل عن هؤلائك الزهَّاد والعبَّاد من البصريين أنهم صديقون فهو كما يقال عن أئمة الفقهاء من أهل الكوفة أنهم صديقون أيضًا كل بحسب الطريق الذي سلكه من طاعة الله ورسوله وبحسب اجتهاده وقد يكونون من أجلِّ الصديقين بحسب زمانهم )) هذا كلام ابن تيمية وغيره كثير.
ثم نجد مثلاً الإمام ابن القيم. ابن القيم ألف كتابًا كاملاً في التصوف سماه مدارج السالكين في ثلاث مجلدات نقل فيه جميع كلام أهل التصوف فاللذي يريد أن يعود إليه فهو موجود يقول ((الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين وكذلك التصوف قال الكتاني : التصوف هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف)) هذا كلام ابن القيم ، وله كلام غير ذلك كثير قيم ، والذين مثلاً اليوم ينتسبون إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويهاجمون التصوف كذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب كثير ما أثنى على التصوف فمثلاً:
يقول في القسم الثالث من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب جزء فتاوى ومسائل قام بجمعها وتصحيحها ومقابلتها على أصولها الشيخ صالح بن عبد الرحمن وغيره يقول في الصفحة واحدة والثلاثين المسئلة الخامسة : (( سأل رحمه الله عن مسائل مفيدة فأجاب : اعلم أرشدك الله أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو العلم النافع ودين الحق الذي هو العمل الصالح إذا كان من ينتسب إلى الدين منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول به كالفقهاء ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين ))
إذًا هذا كلام الذين يعود إليهم هؤلاء الذين يهاجمون التصوف ويسندون إليهم الأمر نجدهم يثنون على التصوف وإنما الشيخ ابن تيمية وغيره هاجموا بعض الألفاظ التي اشتبهت على البعض يكون فيها شبه الحلول أو الاتحاد أو يكون فيها بعض ما خرج عن ظاهر الكتاب والسنة ، فهم إنما هاجموا الصور السيئة التي هي دخيلة على التصوف وليس التصوف بعينه وكان الشيخ ابن تيمية إذا ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني يقول (قدس الله سره) .
 
قديم 03-17-2010, 01:01 PM   #108
الصاعقه!!
حال نشيط

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سرحةالجامع [ مشاهدة المشاركة ]
(حقيقة التصوف) للحبيب محمد بن عبد الرحمن السقاف ..

استماع الجزء الأول - استماع الجزء الثاني

[المقدمة]
الحمد لله
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله
الحمد لله على نعمة الإسلام الحمد لله على نعمة الإيمان الحمد لله على نعمة لا إله إلا الله كلمة الحق ومفتاح الجنة وباب الوصول إلى الله سبحانه وتعالى الكلمة التي من قالها فقد عصم دمه وماله وعرضه .. لا إله إلا الله
الحمد لله الذي أوضح لنا السبيل ودلنا على الطريق وبعث فينا ومنا حبيبه الرحيم الشفيق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك والعياذ بالله تعالى
اللهم صلي وسلم وبارك وكرم على حبيبك المصطفى إمام أهل الصدق والوفا وعلى أصحابه الخلفاء وآله الكرام الشرفاء والتابعين لهم بإحسان إلى يوم اللقاء برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم وأرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا على الحق فيما نقول ونفعل ونعتقد بمحض فضلك وجودك يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين أما بعد:

[التعريف بالمحاضرة]
فيا معشر الإخوان ويا أهل الإسلام والإيمان إن في ما يدور وما يكثر فيه الكلام وما يموج الناس فيه في هذا الزمان من اختلاط الحابل بالنابل وتغير الأحوال وانتشار الشبهات حصل في عالم الإسلام كثير من الشبه والإشكالات التي سببت الحيرة عند كثير من أهل الإسلام ، إن موضوع محاضرتنا هذه التي طلب منا بعض الإخوان إلقائها والحديث في موضوعها أمر التصوف ، التصوف هو أمر مشتهر بين أهل الإسلام على مر العصور السابقات ، ولا يكاد يخلو منه بلد ولا قرية ولا مكتبة من مكاتب المسلمين عن أخبار الصوفية وأهل التصوف وما كانوا عليه عليهم رضوان الله تعالى ، فقبل أن أتحدث في هذا الموضوع والذي ربما تكلم فيه بعض الناس بما لا يليق وبما لا يصح ، وللأسف أن البعض قد طال لسانه وتجرأ قلمه في أن يتهم أهل التصوف ليس بالبدعة وليس فقط بشيء من الفسوق بل لقد طالت بعض الألسن على أهل التصوف بتهمة أنهم على الشرك والكفر وأنهم استمدوا عقائدهم وأفكارهم من الفلسفة اليونانية والهندية وغير ذلك ، وهذا الكلام يحتاج منا إلى حسن نظر وتأمل وتروي فنقول لأهل هذه الاتهامات الباطلة : تريثوا وتمهلوا وتروَّوا فيما تقولون فإنكم تتكلمون عن أمر عظيم ربما وقفتم بين يدي الله تعالى يوم القيامة للمسائلة عنه ، فأحب قبل أن أشرع في هذا الميدان لحسن البيان بما بلغنا من كلام أهل العلم عليهم الرضوان ، أحب منكم ومن كل سامع لهذا الكلام أن يتحلى بالإنصاف وأن يحسن تأمل هذا الكلام ، فأحب من كل سامع أن يسمع الكلام كاملاً ، فلا يأخذ بمقدمة هذا الكلام وينسى آخره ، ولا أن يأخذ جزئية منه ويترك الباقي ، بل أريد أن يسمع كل واحد منكم جميع هذا الكلام وهذه المحاضرة ، ثم إن كان هناك إشكالاً أو أمرٌ غير مفهوم فيمكن السؤال ويمكن الاستفسار وإن شاء الله تعالى يكون لهذه الأسئلة الأجوبة التي تشفي الغليل وتحيـي الضمير إن شاء الله تعالى ، فأقول مستعينًا بالله تعالى متوكلاً عليه ، مفوضًا لأمري كله إليه تعالى في علاه .

[ماهية التصوف]
التصوف
التصوف الذي نعنيه نحن هنا هو الطريق الحق الذي انتشرت أخباره في المشارق والمغارب
التصوف المقصود منه كما قال أهل العلم هو بلوغ مرتبة الإحسان ، لأننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى لما بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمة { الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة } [آل عمران/75]
فإذا المهمة التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست مهمة مخاطبة العقول أو التلاوة أو الإرسال إليهم فقط ، إنما كان مبعوثًا بالتعليم والتزكية والتربية ، فإذاً شأن التزكية للنفس الذي يبلغ صاحبها إلى مرتبة المعاملة مع الله تعالى التي سأل عنها رسول الله في الحديث الصحيح لما جاءه جبريل فقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فأخبره ثم قال أخبرني عن الإيمان فأخبره ثم قال أخبرني عن الإحسان وقال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، إذًا نحن علمنا أن الإسلام هو الأركان الخمسة الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج ، وعلمنا أن شرائع الإسلام ألُّفت فيها المؤلفات الكبيرة ، وأن أهل الإسلام أخذوا فيها بالمذاهب التي اشتهرت فهناك المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي ، كل هذه المذاهب جاءت في تفريعات أمور الشريعة الظاهرة وهي الإسلامية في أركان الإسلام وما يتعلق بها من معاملات بعد ذلك ، ثم جاءنا في الإيمان كلام أهل التوحيد والذين تكلموا وسموا بعد ذلك برجال العقيدة وسمي هذا العلم بعلم العقيدة ، وبقي شأن التزكية وشان التربية وتصفية القلوب لتحقيق هذه العبودية لله سبحانه وتعالى فسميت بما تعارف عليه أهل الإسلام من أهل القرون الأولى أنه التصوف.
التصوف عرفه أهله وأصحابه وأئمته ، نحن نعلم أن كل علم يرجع فيه إلى من أسسه وإلى رجاله وإلى أئمته ، فعلم التصوف علم عظيم تعلق بالتربية على وفق الكتاب والسنة ، وأئمته الذين اشتهروا به وهم مراجعٌ فيه ممن استخلص معاني التربية من الكتاب والسنة عرفوا هذا المنهج بتعريفات هي الأصل والمرجع فلا يأتي أحد فيعرف التصوف ثم يهاجم التصوف من حيث تعريفٍ عرفه هو أو غيره ، وينسى التعريفات التي عرفه بها أهله رضوان الله تعالى ، فمثلاً :
[تعريف علماء التصوف للتصوف]
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني -وهو من كبار أهل التصوف ومن أشهرهم على الإطلاق- يقول:
((التصوف ليس ما أخذ عن القيل والقال ولكن أخذ من الجوع وقطع المؤلوفات والمستحسنات))
ويقول الإمام الغزالي - الحجة التي سمي بـحجة الإسلام وهو الذي أحسن البيان في مجال التصوف وكتبه أجرى الله بها النفع في جميع بلاد المسلمين- يقول :
(( التصوف هو تجريد القلب لله تعالى واحتقار ما سواه )) أي تخليص القلب لله تعالى واعتقاد ما سواه اعتقادًا أنه لا يضر ولا ينفع فلا يؤول إلى على الله فالمراد باحتقار ما سواه اعتقاد أنه لا يضر ولا ينفع وليس المراد الازدراء والتنقيص
ويقول الشيخ ابن عطاء السكندري - صاحب الحكم - :
((التصوف هو الإسترسال مع الحق ))
ويقول الشيخ معروف الكرخي :
(( التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق ))
ويقول الإمام أبو الحسن الشاذلي -الذي يتبعه في ميدان التصوف الملايين اليوم من البشر-:
(( التصوف تدريب النفس على العبودية وردها إلى أحكام الربوبية ))
ويقول الإمام الجنيد -والإمام الجنيد يسمى سيد الطائفة الصوفية- يقول الإمام الجنيد:
((التصوف ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع وعمل مع اتباع)) يعني اتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم
ويقول أيضًا :
(( علمنا هذا -أي التصوف- مقيد بالكتاب والسنة ومن لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر والطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ))
ويقول :
(( علمنا هذا -يعني التصوف- مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يسمع الحديث ويجلس ويأخذ أدبه من المتأدبين أفسد من اتبعه ))
ويقول :
(( التصوف أن يختصك الله بالصفاء فمن صفا من كل ما سوى الله فهو الصوفي ))
إلى غير ذلك من التعريفات ويقول أيضًا :
(( التصوف تصفية القلب عن موافقة البرية ومفارقة الأخلاق الطبيعية وإخماد الصفات البشرية ومجانبة الدعاوي النفسانية ومنازلة الصفات الروحانية والتعلق بالعلوم الحقيقية واستعمال من هو أولى على الأبدية والنصح لجميع الأمة والوفاء الله على الحقيقة واتباع الرسول في الشريعة ))
هكذا يعرف هذا الإمام التصوف بأنه كله كتاب وسنة
ويقول الإمام السري -من تلامذة الإمام الجنيد- يقول :
((سمعت الجنيد يقول التصوف أن يميتك الحق عنك ويحييك به ))
ويقول السيد الشريف الجرجاني :
(( التصوف هو وقوف مع الآداب الشرعية ظاهرًا فيسري حكمها من الظاهر إلى الباطن وباطنًا فيسري حكمها من الباطن إلى الظاهر فيحصل للمتأدب بالحكمة كمال ))
ويقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري -مجمع القراءات الإسلامية قراءات القرآن- يقول :
(( التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس وتصفية الأخلاق وتأمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية ))
ويقول مِن مَن عرف التصوف من المتأخرين شيخ محمد سعيد البوطي :
(( التصوف اسم حادث لمسمى قديم إذ إن مسماه لا يعدو كونه سعيًا إلى تزكية النفس مع الأغبار العالقة بها عادةً كالحسد والتكبر وحب الدنيا وحب الجاه وكذلك ابتغاءه توجيهها إلى حب الله عز وجل والرضا عنه والتوكل عليه والإخلاص له سبحانه وتعالى))
ويقول الإمام الحداد -من أكابر رجال التصوف باليمن- يقول :
(( طريقنا هو العلم والعمل به والإخلاص لله والورع والخوف من الله جل جلاله وتعالى في عظمته ))
-ويقول في بعض أبياتًا له:-
وإن الذي لا يتبع الشرع مطلقًا * على كل حال عبد نفس وشهوة
فبـيع هوى يبكـى علـيه لأنـه * هو الميت ليس الميت ميت الطبيعة
وما في طريق القوم -يعني الصوفية- بدأً ولا انتهاء * مخالفة للشرع فاسمع وانصت
وخل مقالات الذين تخبطوا * ولا تك إلا مع كتابٍ وسنة ))
ويقول بعضهم في وصف أهل التصوف:
(( قوم همومهم بالله قد علقت * فمالهم همم تسمو إلى أحد
فمطلب القوم مولاهم وسيدهم * يا حسن مطلبهم للواحد الصمد
ما إن تنازعهم دنيا ولا شرف * من المطاعم واللذات والولد
ولا للباس ثياب فائق أنق * ولا لروح سرور حل في بلدي ))
أحببت أن أنقل هذه التعريفات لأولئك الكرام السادات أوائل أهل التصوف وأكابرهم حتى يعلم السامع أن مراجع أهل التصوف يقولون أن التصوف أنه كله كتاب وسنة وكله تزكية للنفس وكله تربية للأخلاق للوصول إلى مرتبة الصديقية والقرب من الله والإحسان مع الله .

[لفظ التصوف]
ثم نأتي إلى لفظ التصوف نفسه
كثيرٌ يشكل عليه لفظ التصوف ويقول (لماذا تسمون هذا بالتصوف؟) و (لماذا لا نكتفي بذكر التزكية ؟) و (لماذا هذه الطائفة سميت بالصوفية؟) فنقول:
أولاً : التصوف اختلف العلماء في أصله من أين أتى هذا الاسم ، فقال بعضهم (أتى هذا الاسم من الصوف) لأن كثير من أوائل هذا المنهج من الزهّاد والعبّاد اشتهروا بلبس الصوف ; والصوف هو لبس الأنبياء وهو لبس الصالحين وهو كذلك لبس الصحابة عليهم رضوان الله تعالى الكثير منهم لبسوا الصوف لأنه زهيد الثمن ولأنه لبس الفقراء والضعفاء وأهل التصوف كانوا يميلون إلى الفقر وإلى الزهد في هذه الدنيا كما حثّت على ذلك الشريعة وجاءت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها زهد في هذه الفانية المنتهية النافذة الدنيا وما فيها .
وقال بعضهم (إن التصوف أصله جاء من الصفاء)
وبعضهم قال (هو مشتق من الاصطفاء)
فالصوفي هو الذي صوفي من الحق أي صافاه الحق فهو الصوفي
وقال بعضهم (هو من الصِفَّا) لأن أهل الصِفَّا الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة -وكان منهم أبو هريرة وغيره- هم فقراء الصحابة الذين جاؤوا إلى المدينة وليس لهم بيتٌ يأويهم وليس لهم زوج ولا ولد هؤلاء أهل الصِفَّا كانوا يلبسون الصوف ويجلسون في الصُفَّ يعبدون الله تعالى ويذكرون الله فإذا جاء الجهاد خرجوا وإن لم يكن الجهاد بقوا في مسجد رسول الله يعتكفون يأكلون مع رسول الله ويشربون مع رسول الله ولذلك يقول أبو هريرة عليه رضوان الله : (إني حفظت هذا الحديث لأني كنت أمشي مع رسول الله على ملأ بطني) يعني أنه لم يكن هناك شيء يشغلني كمثل بقية الناس فأنا كنت ملازم رسول الله أأكل معه وأشرب معه وليس عندي شيءٌ يشغلني
فقال بعضهم (أن أهل التصوف هم أمثال أهل الصُفَّا الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) .
وعلى العموم .. كثرت الأقوال وليس هناك مشاحة في الاصطلاح كذلك قال أهل العلم :
(( لا مشاحة في الاصطلاح )) قل ما شئت .. وسمي ما شئت .. ما دام أن ذلك ليس بخارج عن الحق وعن طريق الحق فليس هناك إشكال ، فنحن نعلم أن مسميات كثيرة قد حدثت في الإسلام ، مثلاً :
لماذا جاء اسم (أهل السنة والجماعة) ؟ هل كان الصحابة يسمون بأهل السنة والجماعة ؟ هل كان من التابعين من يسمى بهذا الاسم ؟
ثم جاءت بعد ذلك المذاهب : فيقال عن الذين تبعوا في فروع الفقه أباحنيفة يقال لهؤلاء (الأحناف) ، ولأولئك (المالكية) ، ولأولئك (الشافعية) ، ولهؤلاء (الحنبلية) لماذا ؟ واشتهرت هذه الأسماء ولم يعترض عليها أحد في الإسلام !
ثم جاءنا في علم العقيدة مثلاً أن العقيدة لم يأتي هذا اللفظ لا في عهد رسول الله ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا تابع التابعين ولا في القرن الثالث ولا في الرابع بل ولا في الخامس فمتى اشتهر علم العقيدة بهذا الاسم إلا مؤخرًا ، فلماذا لم نقل أن علم العقيدة هذا علم باطل وعلم مبتدع لماذا ؟!
نقول (لا مشاحة في الاصلاح) الألفاظ لا مشاحة فيها ، أمور اشتهرت بين المسلمين واستحسنت بين المسلمين ، فلماذا تنكر هذه الأسماء ونحن نرى إلى هذا اليوم يسمى هؤلاء بالسلفية وهؤلاء يسمون بكذا والذين يتخرجون من جامعة إسلامية معينة يسمون باسم تلك الجامعة فلا بأس من نسبة الناس في فئاتهم إلى شيء من هذه التصنيفات فلا بأس في ذلك ، وهو أمر مشتهر بين أهل الإسلام من قديم وجاء بعد ذلك علم المصطلح وجاءنا بعد ذلك علم الأصول وعلم التخريج والرجال كلها أمور حدثت بعد القرون الأولى فلا بأس بها وأهل الإسلام كلهم متفقون على ذلك فلماذا التصوف بالخصوص يأتي بعضهم فيقول (لماذا هؤلاء جعلوا لأنفسهم لماذا التزكية مهمة المسلمين أجمعين) . نعم نحن نعلم أن أهل التصوف لم يقولوا نحن مثلاً (لا نأخذ الفقه) لكن كما أن هناك أناس اشتهروا مثلاً بالعقيدة فهل يعني أن أولئك يسمون بعلماء العقيدة ، أو الذين اشتهروا بعلم الفقه يسمون بالفقهاء ، والذين اشتهروا بعلم التفسير سموا المفسرين رجال التفسير ، رجال المصطلح ، رجال الأصول ، هل يعني أننا إذا أطلقنا على أحد هذه الأصناف من الناس الذي اشتهروا بنوع من العلم ، أننا نقول أنهم لا يعلمون شيئًا من تلك العلوم أبدًا ؟! لا لا نقول ذلك إنما هذا الشخص قد اشتهر بهذا الصنف من العلم بزيادة وهو يعلم تلك العلوم الأخرى ، كذلك الصوفية هم تخصصوا في أمر التزكية والتربية والمتابعة لدقائق النفوس لتفسيرها بما جاء به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وألفُّوا في ذلك المؤلفات وعملوا لذلك المجالس والمجامع والوعظ والتذكير وهم كذلك أهل تفسير وهم فقهاء وهم أهل حديث -وإذا رجعنا وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى -فيما يأتي- أن الصوفية هم رجال التفسير أن الصوفية هم رجال الحديث أن الصوفية هم رجال المصطلح أن الصوفية هم رجال الفقه فكلها الكتب الموجودة في العالم الإسلامي اليوم طافحة بمؤلفات أهل التصوف الذين ألَّفوا في أنواع العلوم وأصنافها ، هذا المعنى وإن كنت لا أحب الإطالة فيه إلا لأن البعض يشكل عليه أمر اللفظ ولا مشاحة في الاصطلاح أبدًا .

[بروز التصوف]
نعود إلى مسالة بروز التصوف ، متى برز التصوف بهذا الاسم وبهذا المنهج ؟ هل التصوف -الذين يهاجمون التصوف هؤلاء بالجرأة- نقول لهم تريثوا تريثوا هل التصوف هو وليد سنوات يسيرة ؟ هل هو وليد هذا القرن الأخير ؟ هل هو وليد قرنين أو ثلاث أو أربع أو خمس؟
لا ، التصوف ظهر من القرون الأولى قرون الخيرية وأكابر الصوفية هم الذين كانوا في القرون الأولى الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم { خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم }
أولاً .. نعود إلى بعض الكتب التي نقلت شيئًا من ذلك . يقول الكندي سنة مائتين و واحد في كتابه (الولاة والقضاة) في صفحة 162 -مائة واثنين وستين- يقول :
(( وظهرت طائفة بالاسكندرية يسمون بالصوفية يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) سنة مائتين و واحد !
ويقول الإمام الحسن البصري كما نقل عنه السراج الصوفي في اللمع يقول :
(( رأيت صوفيًا في الطواف فأعطيته شيئًا لم يأخذ .وقال معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي ))
ويقول الإمام الكلاباذي-الإمام الكلاباذي توفي سنة 398 هـ ثلاثمئة وثمانٍ وتسعين يعني هو من أهل القرن الرابع !- قد ألف كتابًا كاملاً سماه التعرف لمذهب أهل التصوف وروى كثيرًا من أخبار الصوفية من أهل القرن الثاني ومن أهل القرن الثالث الذين اشتهروا بالصوفية ومن أحب أن يطالع هذا الكتاب فهو كتاب بحمد الله مطبوع وموجود في أسواق المسلمين يمكن أن يرجع إليه وأن ينتفع به والإمام الكلاباذي روى عنه الحاكم وروى عنه الدارقطني وترجم له الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء قال عنه الحاكم -عن الإمام الكلاباذي صاحب كتاب التعرف لمذهب اهل التصوف- قال : ((هو من الحفاظ حسن الفهم والمعرفة عارفًا بصحيح البخاري وهو متقنٌ ولم يخلف بما وراء النهر مثله)) يعني أنه طبقة في هذه العلوم وفي الحديث وجاء ليجمع لنا هذا الكتاب عن التصوف ثم نجد مراجع أهل التصوف من أهل القرون الأولى نذكر بعضهم على سبيل الإجمال لا التفصيل فمثلاً عندنا :
الإمام الحسن البصري الذي تلقى عن جملة من الصحابة وهو مرجع أهل التصوف وأكثر طرق الصوفية اليوم يروون الطريق ويأخذون السند في التزكية إلى الإمام الحسن البصري وهو ولد في سنة 22 هـ اثنين وعشرين وتوفي سنة 110 هـ مائة وعشرة .
عندنا الإمام إبراهيم بن أدهم ، عندنا الإمام عبد الله بن المبارك ، أبو مسلم الخولاني ، -كلهم من أهل القرن الأول- الإمام محمد بن واسع توفي سنة 123هـ مائة وثلاثة وعشرين ، الإمام مالك بن دينار 131 هـ سنة مائة و واحد وثلاثين ، داود الطائي سنة 165 هـ مائة وخمس وستين ، الفضيل بن عياض سنة 186 هـ مئة وست وثمانين ، معروف الكرخي سنة 200 هـ مئتين ، شيخ سليمان الداراني 215 هـ مئتين وخمسة عشر ، الحارث المحاسبي المشهور الذي له جملة من الكتب في التصوف وهي موجودة في مكاتب المسلمين الإمام الحارث المحاسبي توفي سنة 243 هـ مئتين وثلاث وأربعين ، ذا النون المصري 245 هـ مئتين وخمس وأربعين ، أبو حمزة الصوفي -وهو ممن أخذ عنه الإمام أحمد بن حنبل وكان الإمام أحمد يجالسه- في سنة 269 هـ مئتين وتسعة وستين ، الإمام الجنيد -سيد الطائفة الصوفية مرجع أهل التصوف- سنة 297 هـ مائتين وسبع وتسعين ، وبعدهم الإمام الغزالي والجيلاني والشاذلي والفقيه المقدم في القرن الخامس وبعده وقبله أعداد كبيرة جدًا من أهل التصوف هم من أهل تلك القرون الخيرية فما نقول في هؤلاء الأئمة ؟ الذين سردت أسمائهم الآن من أهل التصوف رووا لنا الحديث واشتهرت تراجمهم في كتب التراجم ولا يكاد في كتب الطبقات أن تخلو هذه الكتب عن أسمائهم وعن أخبارهم وعن قصصهم ولا يستطيع واعظٌ أن يرجع إلى المواعظ إلا بذكرهم وذكر أخبارهم وقصصهم عليهم رحمة الله ورضوانه سبحانه وتعالى إذًا نحن نعلم أن التصوف نشأ من تلك القرون الأولى ، لهذا نقول للذين يسارعون في الهجوم على التصوف تريثوا لتعلموا إذا أردتم الكلام عن التصوف أنتم تتكلمون عن من ؟ وتتحدثون عن من ؟ ثم نقول لماذا برز التصوف في تلك القرون الأولى ؟ ما هي الدوافع والدواعي التي جعلت التصوف يبرز كمنهج ، لماذا برز التصوف كمنهج ؟ له قواعده وله ترتيباته وله رجاله وله أئمته . نقول :
نحن نعلم أن سيدنا عثمان بن عفان عليه رضوان الله تعالى قتل في داره شهيدًا ، وفتح على الأمة باب فتنة عظيمة ، ثم بعد ذلك قتل سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وتحولت بعد ذلك الخلافة إلى ملك ، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، تحولت الخلافة إلى ملك ، ولما تحولت الخلافة إلى ملك ، بدأت الأوضاع في العالم الإسلامي تتغير ، ثم اشتدت ، فجاء يزيد بن معاوية الذي شهد علماء الإسلام أنه كان فاسدًا وفاجرًا ، فصارت من الفتن في الحرمين الشريفين وفي بلاد المسلمين أشياء يشيب لها رأس الوليد ، فلقد هدمت الكعبة وقتل الحجاج عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كرام التابعين من أكابرهم ، ثم قتل خيار خيار أهل الأرض في ذلك الوقت ، الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ، قتل وقتل معه أعداد كبيرة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا هو الوضع السياسي الذي كان في المجتمع في ذلك الزمن ، هذا كله مع نهاية القرن الأول أو منتصفه ، بعد منتصفه ، حدثت هذه الفتن ، وقتل عبد الله بن الزبير وحصلت هذه المصائب العظيمة الكبيرة الشديدة و لحق بأهل الملك وبدور الأمارة أعداد من من أخذوا صورة هذا العلم فأخذ كبار علماء الإسلام -كمثل الحسن البصري وأشباهه وأمثاله- ، أخذوا وانحازوا بأنفسهم عن هذه الفتنة ، ولم يجالسوا الحكام والملوك والأمراء وبقوا يطالبون الأمة بالرجوع إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الأموال انتشرت في الأمة وجاءت الأموال والملابس الفاخرة والعطور الفاخرة من كل مكان ، وبقي هؤلاء الطائفة على ما كان عليه رسول الله يربط على بطنه الحجر من شدة الجوع ، ويلبس الصوف ، وداره وحجره معلومة وصغيرة بسيطة حياته كلها صلى الله عليه وسلم فقر وزهد وورع وترك لمستلذات هذه الحياة الفانية ، فلما بقي هؤلاء الجماعة على هذا الوصف ، عرفوا بالصوفية واشتهروا بهذا اللفظ ، فصاروا يتكاثرون وصاروا يدعون إلى هذا الطريق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه بعض الأسباب التي كانت في ذلك الزمن ، داهمت الأمة فسببت إنحياز أهل الصدق والزهد وأهل الإحسان إلى بعضهم البعض وأخذهم عن آل بيت رسول الله وعن الصالحين والبقية الباقية من الصحابة ، فبقوا على ذلك الوصف الحسن الطيب ، ثم هناك أوضاع اجتماعية كذلك أثرت ، كما أن هذا الوضع سياسي ومن الفتن وتغير الخلافة إلى الملك سبب انحياز أهل التصوف واجتماعهم وتسميهم بهذا الاسم ، فهناك ظروف اجتماعية كذلك ، كظهور الطوائف المختلفة وكما حصل الترك والتخلف لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من السنن وكثرة الأموال وظهور الترف الذي ظهر في العالم الإسلامي في ذلك الوقت كل هذه أسبابٌ اجتماعية ، جعلت الصادقين من علماء هذه الأمة المتمسكين بأصل ما جاء عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يبقون يأخذون بهذا الفقر والزهد بمنهج التصوف .
هذه كلها مقدمات وحقائق تاريخية وأوضاع أحببت بيانها من أجل أن تسمع وتعلم ، ومن أجل أن تعرف يا أخي أن التصوف نشأ في هذه الظروف وبهذه الأسباب وبهؤلاء الرجال ، ثم نأتي إلى الأدلة والبراهين التي تدل على أن التصوف حق ، وعلى أن أهل التصوف هم أهل حق فأقول :


بــــــــــارك اللـــــــــــــــه فيــــــــــــك ياســــــــرحة الجامــــــــــع زدنا زادك الله من خيره العميم.
 
قديم 03-17-2010, 01:03 PM   #109
سرحةالجامع
حال نشيط

افتراضي [أقوال العلماء في التصوف]

[أقوال العلماء في التصوف]
وأختم هذه الجلسة وهذه المحاضرة بقراءة كلام أئمة الدين حول التصوف ، ليكون ختامًا حسنًا جميلاً لقول الكرام ، وهم الذين يعتدُّ بهم ويأخذ بقولهم ولا قولة مثل قولهم .
[1] منهم الإمام أبو حنيفة الإمام النعمان أبو حنيفة نقل الفقيه الحنفي الحصفكي صاحب الدر أن أباعلي الدقَّاق رحمه الله تعالى -كان من أهل التصوف هذا- قال : ( أنا أخذت الطريقة من أبي القاسم النصرأبادي وقال أبو القاسم أنا أخذتها من الشبلي وهو من السري السقطي وهو من معروف الكرخي وهو من داود الطائي وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله )) انظر إلى حاشية ابن عابدين الدر المختار (ج1/ص43) الجزء الأول صفحة ثلاثة وأربعين. فأبو حنيفة يعطي طريقة صوفية !

[2] الإمام مالك رحمه الله : يقول الإمام مالك رحمه الله ( من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن جمع بينهما فقد تحقق ) انظر حاشية العلامة علي العدوي على شرح الإمام الزرقاني في الفقه المالكي (ج3/ص95) الجزء الثالث صفحة خمسة وتسعون وفي غير ذلك من أخبار الإمام مالك والأئمة الأربعة المشهورين وغيرهم .

[3] الإمام الشافعي : قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : (صحبت الصوفية فاستفدت منهم ثلاث كلمات قولهم الوقت سيف إذا لم تقطعه قطعت وقولهم نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل وقولهم العدم عصمة ) في كتاب تأييد الحقيقة العلية للإمام جلال الدين السيوطي صفحة (15) خمسة عشر ، وقال أيضًا -الإمام الشافعي-: (حبب إليَّ من دنياكم ثلاث ترك التكلف وعشرة الخلق بالتلطف والإقتداء بطريق أهل التصوف ) راجع كتاب كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للإمام العجلوني.

[4] الإمام أحمد بن حنبل : كان يقول قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله (يا ولدي عليك بالحديث وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية فإنهم ربما كان أحدهم جاهل بأحكام دينه) فلما صحب أبا حمزة البغدادي الصوفي عرف أحوال القوم أصبح يقول لولده (يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم فإنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة ) راجع كتاب تنوير القلوب للشيخ أمين الكردي.
وكان الإمام أحمد مع جلالة قدره إذا توقف في مسألة يقول لأبي حمزة البغدادي (ما تقول في هذه المسألة يا صوفي ؟) فمهما قال له اعتمده ، ونقل العلامة محمد السفارييني الحنبلي عن إبراهيم بن عبد الله العلاني رحمه الله (أن الإمام أحمد قال عن الصوفية لا أعلم أقوامًا أفضل منهم قيل أنهم يستحيون ويتواجدون قال دعوهم يفرحون مع الله ساعة) كتاب غذاء الألباب شرح منطومة الآداب.

[5] الإمام الشريف الجرجاني : يقول في التعريفات صفحة (52) اثنين وخمسين -كتابه التعريفات- يقول : (( التصوف مذهب كله جد فلا يخلطونه بشيء من الهزل وهو تصفية القلب عن المواقف البرية مفارقة الأخلاق الطبيعية إخماد الصفات البشرية ومجانبة الدعاوي النفسانية ومنازلة الصفات الروحانية .. -إلى غير ذلك إلى أن قال- .. واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشريعة))

[6] الإمام الغزالي يقول في كتابه المنقذ من الضلال بعد أن فرغ من علوم الشريعة يقول واصفًا التصوف والصوفية : ((ثم إني لما فرغت من هذه العلوم أقبلت بهمتي على طريق الصوفية وعلمت أن طريقهم إنما يتم بعلم وبعمل ..إلى آخر كلامه رضي الله عنه))

[7] الشيخ الإمام الكبير حجة المتكلمين عبد القاهر البغدادي رحمه الله في كتابه الفرق بين الفرق قال :
(( الفصل الأول من فصول هذا الباب في بيان أصناف أهل السنة والجماعة ثمانية أصناف من الناس)) ذكر منها الصنف السادس قائلاً : ((والصنف السادس منهم الزهَّاد الصوفية الذين أبصروا فأقصروا واختبروا فاعتبروا ورضوا بالمقدور وقنعوا بالميسور وعلموا أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك مسؤول عن الخير والشر ومحاسب على مثاقيل الذر .. إلى آخر كلامه )) في كتاب الفرق للإمام عبد القاهر البغدادي المتوفي سنة (429) أربعمئة وتسع وعشرين .

[8] الإمام فخر الدين الرازي -الإمام الكبير المفسر الشهير- رحمه الله في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين يقول :
(( الباب الثامن في أحوال الصوفية
اعلم أن أكثر فرق الأمة لم يذكروا الصوفية وذلك خطأ لأن حاصل قول الصوفية أن الطريقة إلى المعرفة إلى الله هو التصفية والتجرد من العلائق البدنية وهذا طريقٌ حسن )) وقال أيضًا : ((والمتصوفة قوم يشتغلون بالفكر وتجرد النفس من العلائق الجسمانية ويجتهدون ألا يخلو سرهم وبالهم عن ذكر الله تعالى .. الى آخر كلامه)) اعتقادات فرق المسلمين للإمام فخر الدين الرازي المتوفي سنة (606) ستمئة وستة .

[9] الإمام النووي الحجة أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي يقرر في رسالته المعروفة المقاصد -كتيب مطبوع للإمام النووي- يقول :
(( أصول الطريق التصوف خمسة -فيأصل التصوف يقول أصول طريق التصوف خمسة- تقوى الله تعالى في السر والعلانية واتباع السنة في الأقوال والأفعال والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار والرضا عن الله في القليل والكثير والرجوع إلى الله في السرَّاء والضرَّاء)) راجع مقاصد الإمام النووي في التوحيد والعبادة وأصول التصوف صفحة (20) عشرين ، توفي الإمام النووي سنة (676) ستمئة وست وسبعين.

[10] الإمام السيوطي العلامة المشهور يقول في كتابه تأييد الحقيقة العلية -وهو من الصوفية- : (( إن التصوف في نفسه علم شريف وإن مداره على اتباع السنة وترك البدع والتبرِّي من النفس وعوائقها وحظوظها وأغراضها ومراداتها واختياراتها والتسليم لله تعالى ..إلى آخر كلامه وهو كلام طويل )) في كتابه تأييد الحقيقة العلية في الصفحة (57) السابعة والخمسين ، الإمام السيوطي المتوفي سنة (911) تسعمئة وتسعة عشر .

[11] الإمام تاج الدين السبكي قال تاج الدين السبكي المعروف المشهور في كتابه معيد النعم ومبيد النقم تحت عنوان (الصوفية) ((حياهم الله وبياهم وجمعنا في الجنة نحن وإياهم وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعبًا ناشئًا عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المتلبسين بها .. -إلى أن قال-.. وإنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة .. إلى آخر كلامه)) في كتابه معيد النعم في صفحة (119) مئة وتسعة عشر ، الإمام السبكي توفي سنة (771) سبعمئة و واحد وسبعين .

[12] ابن خلدون رحمه الله المؤرخ يقول ابن خلدون في كلامه عن علم التصوف :
(( هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة ، وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين من بعدهم طريقة الحق والهداية ، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخارف الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليها الجمهور ، من لذة ومال وجاهٍ والانفراد عن الخلق .. -إلى آخر كلامه قال-..واختصَّ المقبلون على العبادة باسم الصوفية )) مقدمة ابن خلدون صفحة (328) ثلاثمئة وثمان وعشرين ، وهو المتوفي سنة (808) ثمانمئة وثمان .

[13] الشيخ العز بن عبد السلام : يقول ((قد قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وآخرى وقعد غيرهم على الرسوم ومما يدلك على ذلك ما يقع على يدي القوم من الكرامات وخوارق العادات فإنه فرع عن قربات الحق لهم ورضاه عنهم .. -إلى آخر كلامه-)) الشيخ العز بن عبد السلام.

[14] من المشائخ المشهورين في زمننا هذا الشيخ محمد متولي الشعراوي -المفسر المشهور الذي يسمعه الناس في الشاشات دائمًا وفي الإذاعات رحمه الله تعالى- : يقول الشيخ محمد متولي فيما يرويه لنا في كتاب أصول الأصول للشيخ زكي إبراهيم يقول : (( الصوفي يتقرب إلى الله بفروض الله ، ثم يزيدها بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام من جنس ما فرض الله ، وأن يكون عنده صفاء في استقبال أقضية العبادة فيكون صافيًا لله والصفاء هو كونك تصافي الله فيصافيك الله )) قال : (( والتصوف رياضة روحية لأنها تلهم الإنسان بمنهج تعبديٌ لله فوق ما ترضى ))

[15] الشيخ أبو الحسن الندوي -المشهور كذلك المعروف الذي صليَّ عليه في وفاته صليَّ عليه في الحرمين الشريف قبل سنوات يقول - في بحث (الصوفية في الهند وتأثيرها في المجتمع) من كتابه (المسلمون في الهند) قال : ((إن هؤلاء الصوفية كانوا يبايعون الناس على التوحيد والإخلاص واتباع السنة والتوبة عن المعاصي والظلم والقسوة ويرغبونهم في التحلِّي بالأخلاق الحسنة التخلي عن الرذائل مثل الكبر والحسد والبغضاء))

[16] الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي -حفظه الله تعالى من علمائنا البقية الموجودين بالشام- يقول : (( كان أبي رحمه الله يجزم بأن التصوف النقي هو جوهر الإسلام ولبابه وكان يأكد أن المسلم إذا لم يكن قد تشرَّب حقيقة التصوف فقد حبس نفسه في معاني الإسلام ولم يرقى صعدًا إلى حقيقة الإيمان)) في كلام له كثير من كتابه (السلفية) وفي كتبٌ الأخرى تكلم بكثير من الكلام عن التصوف حفظه الله تعالى .

[17] وهذا الشيخ الإمام الحسن البنا -صاحب الحركة الإسلامية العظيمة- يقول في مذكراته في الصفحة (27) السابعة والعشرين : ((وصحبت الإخوان الحصافية بدمنهور وواظبت على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة )) ويقول الحسن البنا -رحمه الله تعالى كما ذكر ذلك بلاد الرزق في كتابه حسن البناء بأقلام تلامذة حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه- يقول : ((في دمنهور توثقت صلته -يعني حسن البنا- بالإخوان الحصافية -هذا الطريق الحصافية- وواظب على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة مع الإخوان الحصافية ورغب في أخذ الطريقة حتى انتقل من مرتبة المحب إلى مرتبة التابع وكان المؤسس غارقًا في التصوف كما في مذكراته صفحة (32) اثنين وثلاثين حيث يقول (وكانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الاستغراق في عاصفة التصوف والعبادة ) )) وكثير من كلام الحسن البنا وإن كان بعض الذين اليوم ممن يقول أنه من أتباع الحسن البنا ربما يتطاول على التصوف .
وكذلك فئات المسلمين والذين اشتهروا بخدمة الدين في المشارق وفي المغارب وبالهند والسند والشرق والغرب أغلبهم ومعظمهم نراهم من أهل التصوف أو جلساء رجال التصوف هذا ما أحببت أن أبينه في هذه المحاضرة التي حاولت فيها أن آتي بأقوال العلماء وبمظاهر الدلالة على حقيقة التصوف .
[الخاتمة]
وإن كان هذا الكلام لا يعني أنني أؤيد بعض المظاهر التي دخلت دخيلة على التصوف فهناك متمصوفة دخلاء على التصوف ليسوا بصوفية ، نحن إنما نتكلم وهذه الجلسة كلها إنما هي لبيان أن التصوف الحق حق ، أما أنا أعلم أن هناك من دخل على التصوف ومن ادعَّى التصوف من أدعياء يخالطون النساء ويفعلون المنكرات ثم يقولون نحن أولياءٌ لله أو يدعون إلى اختلاط النساء بالرجال أو غير ذلك من هذه التصرفات فنحن ورجال التصوف كلهم لا نؤيد هذا ولا ندعوا إلى هذا وننكره إنكارًا للمنكر ونأمر بالحق أمرًا بالمعروف .
نسأل الله تعالى لنا الهداية والثبات إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ومن كان له سؤال أو استفسار يمكن أن نجود عليه -بفضل الله تعالى وبتوفيقه- إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين .
 
قديم 03-17-2010, 01:07 PM   #110
سرحةالجامع
حال نشيط

افتراضي

الشاعرة السعودية ريمية:مستمرة في انتقاد "فتاوى التكفير"

دبي - أحمد الشريف

قالت الشاعرة السعودية حصة هلال (ريمية) إن "تهديدها بالقتل لن يثنيها عن مواصلة طريقها، في قول ما تراه صواباً"، مؤكدة أنها ستظل تواجه التيار المتشدد، و"تعارض فتاوى التكفير وسفك الدماء والإرهاب، طالما ظلت تلك الفتاوى تؤرق المجتمع، ولن تتبرأ من قصيدتها مهما حدث".

وكانت صحيفة "الوطن" السعودية نشرت الخميس 11-3-2010 مقالاً للكاتب عضوان الأحمري قال فيه إن "موقعاً إلكترونياً ينشر مقاطع مرئية لتنظيم القاعدة وعملياته الإجرامية، طالب بعض أعضائه بقتل الشاعرة حصة هلال، وتساءل أحد الأعضاء: هل قتلها واجب حداً أم تعزيراً؟".

وذكر الكاتب في مقاله الذي حمل عنوان "احتاروا كيف يغتالون ريمية!": "هذه التعليقات والتفاعل ضد القصيدة لم يكن من باب السخرية بل كلها كانت جادة، وتم وصف الشاعرة بأوصاف قذرة جداً لا تخرج من رجل مسلم، فما بالكم بمن يدّعي انتماءه للمدرسة الدينية أو شيء منها".

وقالت ريمية لـ"العربية.نت" إنها "علمت بما ورد في الموقع الذي يحمل اسماً إسلامياً، وقلقت في بادئ الأمر"، لكنها تعتقد أن الأمر مجرد تهديدات لإثارة الخوف داخلها حتى تتبرأ من قصيدتها، وهو ما لن يحدث.

وأضافت "تعرضت لانتقادات شديدة على المواقع الالكترونية بعد إلقاء قصيدتي التي تنتقد فوضى الفتاوى، ووصل الأمر إلى سبّي والإساءة لشخصي، لكنني متمسكة بموقفي".

وألقت ريمية قصيدتها في المهرجان الشعري "شاعر المليون" أمام حشد من الجمهور العربي والخليجي قبل أيام.
واعتبر شعراء في المهرجان أن القصيدة جاءت في وقتها، اذ تتصدى للفتوى التي أطلقها عالم الدين السعودي الشيخ عبدالرحمن البراك بقتل من يجيز الاختلاط في ميادين العمل والتعليم.

وقالت ريمية التي اتصلت بـ"العربية.نت" عقب نشر التهديد على الموقع الإلكتروني، إنها "توقعت تعرضها للتهديد والسبّ، لأنها وقفت في وجه التيار المتشدد"، لكن "ذلك لن يثنيها عن موقفها، فهي لا تخاف الموت".

وأضافت "قصيدتي فيها حرص على الأمة العربية من هؤلاء الظلاميين والمتشددين الذين حولونا الى "أمة تخاف منها الأمم". وتكمل "لقد جعلنا هؤلاء أمة مثل القنفذ لا يُرى منه سوى الشوك، والعالم لا يرى العرب سوى أناس يدعون للحرب ولا يحبون التعايش السلمي، وأعطوهم ذريعة مستمرة للإساءة لنا".

وتابعت بالقول "أدعو من هددوني وأساءوا لي بأن يتحلوا بروح السماحة والفضيلة والتقوى، ويتخلوا عن التشدد وإرهاب الآخرين".

وحول ما اذا كانت ستكتب قصائد أخرى تنتقد فيها الفتاوى، قالت "أنا شاعرة أكتب في كل القضايا التي تهم المجتمع وتؤرق الناس، وما بقي هناك اشخاص يصدرون فتاوى ظلامية تخنق المجتمع فسوف أكتب قصائد تعارضهم".

وتابعت الشاعرة "أنا منذ سنوات عدة أدعو المرأة إلى أن تخرج لتعلن رأيها وتقدم الحجة والدليل ضد من يسعون إلى الانغلاق وتهميش المرأة وحجبها عن المجتمع". وأضافت "غياب المرأة عن المشهد الفكري يضر المجتمع، ولابد لها أن تقف ضد من يدعو إلى خنقها".

تعليق : هل الدين الإسلامي هي الإرهاب والتشدد والتعصب والتكفير والقتل ؟؟؟؟ إن كان هذا الدين فلن يدخله أحد من غير المسلمين .
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas