المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الدين والحياه > سقيفة الحوار الإسلامي
سقيفة الحوار الإسلامي حيث الحوار الهادئ والهادف ، لا للخلاف نعم للإختلاف في وجهات النظر المثري للحوار !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


من فوأئدالمرض

سقيفة الحوار الإسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-06-2012, 04:27 PM   #1
باحرس1970
مشرف قسم الدين والحياه
 
الصورة الرمزية باحرس1970

افتراضي من فوأئدالمرض

فوائد المرض



1ـ من فوائد المرض :


أنه تهذيب للنفس ، وتصفية لها من الشر الذي فيها { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] ، فإذا أصيب العبد فلا يقل : من أين هذا ، ول من أين أتيت ؟ فما أصيب إلا بذنب ، وفي هذا تبشير وتحذير إذا علمنا أن مصائب الدنيا عقوبات لذنوبنا ، أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما يصيب المؤمن من وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( ولا يزال البلاء بالمؤمن في أهله وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة )) ، فإذا كان للعبد ذنوب ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن أو المرض ، وفي هذا بشارة فإن مرارة ساعة وهي الدنيا أفضل من احتمال مرارة الأبد ، يقول بعض السلف : لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس .


2ـ من فوائد المرض :


أن ما يعقبه من اللذة والمسرة في الآخرة أضعاف ما يحصل له من المرض ، فإن مرارة الدنيا حلاوة الآخرة والعكس بالعكس ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )) وقال أيضاً : (( تحفة المؤمن الموت )) [ رواه ابن أبي الدنيا بسند حسن ] ، وإذا نزل بالعبد مرض أو مصيبة فحمد الله بني له بيت الحمد في جنة الخلد ، فوق ما ينتظره من الثواب ، أخرج الترمذي عن جابر مرفوعاً : (( يود الناس يوم القيامة أن جلود كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء)) .


3ـ من فوائد المرض :


قرب الله من المريض ، وهذا قرب خاص ، يقول الله : (( ابن آدم ، عبدي فلان مرض فلم تعده ، أما لو عدته لوجدتني عنده)) [ رواه مسلم عن أبي هريرة ] ، وأثر : (( أنا عند المنكسرة قلوبهم )) .


4ـ من فوائد المرض :


أنه يعرف به صبر العبد ، فكما قيل : لولا الامتحان لما ظهر فضل الصبر ، فإذا وجد الصبر وجد معه كل خير ، وإذا فات فقد معه كل خير ، فيمتحن الله صبر العبد وإيمانه به ، فإما أن يخرج ذهباً أو خبثاً ، كما قيل : سبكناه ونحسبه لجيناً فأبدى الكير عن خبث الحديد ( ومعنى اللجين الفضة ) ، والمقصود: أن حظه من المرض ما يحدث من الخير والشر ، فعن أنس مرفوعاً : (( إن عظم الجزاء من عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط )) ، وفي رواية : (( ومن جزع فله الجزع ))[ رواه الترمذي ]، فإذا أحب الله عبداً أكثر غمه ، وإذا أبغض عبداً وسع عليه دنياه وخصوصاً إذا ضيع دينه ، فإذا صبر العبد إيماناً وثباتاً كتب في ديوان الصابرين ، وإن أحدث له الرضا كتب في ديوان الراضين ، وإن أحدث له الحمد والشكر كان جميع ما يقضي الله له من القضاء خيراً له، أخرج مسلم من حديث صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابه سراء فشكر الله فله أجر ، وإن أصابته ضاء فصبر فله أجر ، فكل قضاء الله للمسلم خير )) وفي رواية لأحمد (( فالمؤمن يؤجر في كل أمره )) فالمؤمن لابد وأن يرضى بقضاء الله وقدره في المصائب ، اللهم اجعلنا ممن إذا أعطي شكر ، وإذا أذنب استغفر ، وإذا ابتلي صبر ، ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر فهو بشر حال ، وكل واحدة من السراء والضراء في حقه تفضي إلى قبيح المآل ؛ إن أعطاه طغى وإن ابتلاه جزع وسخط .


5ـ من فوائد المرض :


وتمام نعمة الله على عبده ، أن ينزل به من الضر والشدائد ما يلجئه إلى المخاوف حتى يلجئه إلى التوحيد ، ويتعلق قلبه بربه فيدعوه مخلصاً له الدين ، فسبحان مستخرج الدعاء بالبلاء ، ومستخرج الشكر بالعطاء ، يقول وهب بن منبه : ينزل البلاء ليستخرج به الدعاء { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ } [ فصلت : 51 ] ، فيحدث العبد من التضرع والتوكل وإخلاص الدعاء ما يزيد إيمانه ويقينه ، ويحصل له من الإنابة وحلاوة الإيمان وذوق طعمه ما هو أعظم من زوال المرض ، وما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين الذين يصبرون على ما أصابهم فلا يذهبون إلى كاهن ولا ساحر ولا يدعون قبراً ، أو صالحاً فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال ، ولكل مؤمن نصيب ، فإذا نزل بهم مرض أو فقر أنزلوه بالله وحده ، فإذا سألوا سألوا الله وحده ، وإذا استعانوا استعانوا بالله وحده ، كما هو الحاصل مع نبي الله أيوب { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [ الأنبياء : 83 ] .


وتأمل عظيم بلاء أيوب فقد فقد ماله كله وأهله ومرض جسده كله حتى ما بقي إلا لسانه وقلبه ، ومع عظيم هذا البلاء إلا أنه كان يمسي ويصبح وهو يحمد الله ، ويمسي ويصبح وهو راض عن الله ، لأنه يعلم أن الأمور كلها بيد الله ، فلم يشتك ألمه وسقمه لأحد ، ثم نادى ربه بكلمات صادقة { أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } فكشف الله ضره وأثنى عليه ، فقال : { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ سورة ص : 44 ] ، وقد ورد في بعض الآثار : (( يا ابن آدم ، البلاء يجمع بيني وبينك ، والعافية تجمع بينك وبين نفسك )) .


6ـ من فوائد المرض :


ظهور أنواع التعبد ، فإن لله على القلوب أنواعاً من العبودية ، كالخشية وتوابعها ، وهذه العبوديات لها أسباب تهيجها ، فكم من بلية كانت سبباً لاستقامة العبد وفراره إلى الله وبعده عن الغي ، وكم من عبد لم يتوجه إلى الله إلا لما فقد صحته ، فبدأ بعد ذلك يسأل عن دينه وبدأ يصلي ، فكان هذا المرض في حقه نعمة { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ } [ الحج : 11] ، وذلك أن على العبد عبودية في الضراء كما أن عليه عبودية في السراء ، وله عبودية فيما يكره ، كما أن له عليه عبودية فيما يحب ، وأكثر الناس من يعطي العبودية فيما يحب ، والشأن في إعطاء العبودية في المكاره ، وفيها تتفاوت مراتب العباد ، وبحسبها تكون منازلهم عند الله ، ومن كان من أهل الجنة فلا تزال هداياه من المكاره تأتيه حتى يخرج من الدنيا نقياً . يروى أنه لما أصيب عروة بن الزبير بالأكلة في رجله قال : (( اللهم كان لي بنون سبعة فأخذت واحداً وأبقيت ستة ، وكان لي أطراف أربعة فأخذت طرفاً وأبقيت ثلاثة، ولئن ابتليت لقد عافيت ، ولئن أخذت لقد أبقيت )) ، ثم نظر إلى رجله في الطست بعدما قطعت فقال : (( إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم )) .


7ـ من فوائد المرض :


أن الله يخرج به من العبد الكبر والعجب والفخر ، فلو دامت للعبد جميع أحواله لتجاوز وطغى ونسي المبدأ والمنتهى ، ولكن الله سلط عليه الأمراض والأسقام والآفات وخروج الأذى منه والريح والبلغم ، فيجوع كرهاً ويمرض كرهاً ، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، أحياناً يريد أن يعرف الشيء فيجهله ، ويريد أن يتذكر الشيء فينساه ، وأحياناً يريد الشيء وفيه هلاكه ، ويكره الشيء وفيه حياته ، بل لا يأمن في أي لحظة من ليل أو نهار أن يسلبه الله ما أعطاه من سمعه وبصره ، أو يختلس عقله ، أو يسلب منه جميع ما يهواه من دنياه فلا يقدر على شيء من نفسه ، ولا شيء من غيره ،فأي شيء أذل منه لو عرف نفسه ؟ فكيف يليق به الكبر على الله وعلى خلقه وما أتى إلا من جهله؟


ومن هذه أحواله فمن أين له الكبر والبطر ؟ ولكن كما قيل : من أكفر الناس بنعم الله افقير الذي أغناه الله ، وهذه عادة الأخساء إذا رفع شمخ بأنفه ، ومن هنا سلط الله على العبد الأمراض والآفات ، فالمريض يكون مكسور القلب كائناً من كان ، فلا بد أن يكسره المرض ، فإذا كان مؤمناً وانكسر قلبه فالمريض حصل على هذه الفائدة وهي الانكسار والاتضاع في النفس وقرب الله منه ، وهذه هي أعظم فائدة .


يقول الله : (( أنا عند المنكسرة قلوبهم )) وهذا هو السر في استجابة دعوة الثلاثة : المظلوم ، والمسافر ، والصائم ، وذلك للكسرة التي في قلب كل واحد منهم ، فإن غربة المسافر وكسرته مما يجده العبد في نفسه ، وكذلك الصوم فإنه يكسر سورة النفس ويذلها ، وكذا الأمر في المريض والمظلوم ، فإذا أراد الله بعبد خيراً سقاه دواء من الابتلاء يستفرغ به من الأمراض المهلكة للعبد حتى إذا هذبه رد عليه عافيته ، فهذه الأمراض حمية له ، فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه .


8ـ من فوائد المرض :


انتظار المريض لفرج ، وأفضل العبادات انتظار الفرج ، الأمر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا ملموس وملاحظ على أهل المرض أو المصائب ، وخصوصاً إذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقين وحصل له الإياس منهم وتعلق قلبه بالله وحده ، وقال : يا رب ، ما بقي لهذا المرض إلا أنت ، فإنه يحصل له الشفاء بإذن الله ، وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج ، وقد ذكر أن رجلاً أخبره الأطباء بأن علاجه أصبح مستحيلاً ، وأنه لا يوجد له علاج، وكان مريضاً بالسرطان ، فألهمه الله الدعاء في الأسحار ، فشفاه الله بعد حين ، وهذا من لطائف أسرار اقتران الفرج بالشدة إذا تناهت وحصل الإياس من الخلق ، عند ذلك يأتي الفرج ، فإن العبد إذا يئس من الخلق وتعلق بالله جاءه الفرج ، وهذه عبودية لا يمكن أن تحصل إلا بمثل هذه الشدة { حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } [ يوسف : 110] .


9ـ من فوائد المرض :


أنه علامة على إرادة الله بصاحبه الخير ، فعن أبي هريرة مرفوعاً : (( من يرد الله به خيراً يصب منه )) [ رواه البخاري] ، ومفهوم الحديث أن من لم يرد الله به خيراً لا يصيب منه ، حتى يوافي ربه يوم القيامة ، ففي مسند أحمد عن أبي هريرة قال : (( مر برسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي أعجبه صحته وجلده ، قال : فدعاه فقال له : متى أحسست بأم ملدم ؟ قال : وما أم ملدم ؟ قال : الحمى ، قال : وأي شيء الحمى ؟ قال : سخنة تكون بين الجلد والعظام ، قال : ما بذلك لي عهد ، وفي رواية : ما وجدت هذا قط ، قال : فمتى أحسست بالصداع؟ قال : وأي شيء الصداع ؟ قال : ضربات تكون في الصدغين والرأس ، قال : مالي بذلك عهد ، وفي رواية : ما وجدت هذا قط ، قال : فلما قفا ـ أو ولى ـ الأعرابي قال : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه )) [ وإسناده حسن ] فالكافر صحيح البدن مريض القلب ، والمؤمن بالعكس .


10 ـ من فوائد المرض :


أن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة والتعرف على الله في الرخاء ، فإنه يحفظ له عمله الصالح إذا حبسه المرض ، وهذا كرم من الله وتفضل ، هذا فوق تكفير السيئات ، حتى ولو كان مغمى عليه ، أو فاقداً لعقله ، فإنه مادام في وثاق الله يكتب له عمله الصالح ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، وبالتالي تقل معاصيه ، وإن كان فاقداً للعقل لم تكتب عليه معصية ويكتب له عمله الصالح الذي كان يعمله في حال صحته ، ففي مسند أحمد عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من أحد من الناس يصاب بالبلاء في جسده إلا أمر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه ، فقال : اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي )) .


11ـ من فوائد المرض :


أنه إذا كان للعبد منزلة في الجنة ولم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده ، أخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل ، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها )) يقول سلام بن مطيع : اللهم إن كنت بلغت أحداً من عبادك الصالحين درجة ببلاء فبلغنيها بالعافية .


12ـ من فوائد المرض :


أن يعرف العبد مقدار نعمة معافاته وصحته ، فإنه إذا تربى في العافية لا يعلم ما يقاسيه المبتلى فلا يعرف مقدار النعمة ، فإذا ابتلي العبد كان أكثر همه وأمانيه وآماله العودة إلى حالته الأولى ، وأن يمتعه الله بعافيته ، فلولا المرض لما عرف قدر الصحة ، ولولا الليل لما عرف قدر النهار ، ولولا هذه الأضداد لما عرفت كثير من النعم ، فكل مريض يجد من هو أشد مرضاً فيحمد الله ،وكل غني يجد من هو أغنى منه ، وكل فقير يجد من هو أفقر منه ، ثم كم نسبة صحة العبد إلى مرضه فوق ما فيه من الفوائد والمنافع التي يجهلها العبد { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } [ البقرة :216] ، ولهذا روي أن آدم لما نشر الله له ذريته رأى الغني والفقير وحسن الصورة ، ورأى الصحيح على هئيته والمبتلى على هيئته ، ورأى الأنبياء على هيئتهم مثل السرج ، قال : يارب ألا سويت بين عبادك ؟ قال : إني أحب أن أشكر ، فإن العبد إذا رأى صاحب البلاء قال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك ، فيعافيه الله من ذلك البلاء بشرط الحمد ، والمبتلى إذا صبر حصل على أجر عظيم .


والغريب أن العبد إذا نظر في دنياه نظر إلى من هو فوقه ، لكنه إذا نظر في دينه نظر إلى من هو أسفل منه ، فتجده يقول : نحن أفضل من غيرنا ، لكنه لا يقول ذلك في دنياه ، ومن ذاق ألم الأمراض عرف بعد ذلك قيمة الصحة ، وكم نسبة مرضه إلى نسبة صحته ، روي أن الفضيل كانت له بنت صغيرة فمرض كفها فسألها يوماً : يا بنية ، كيف حال كفك ؟ فقالت : يا أبت بخير ، والله لئن كان الله تعالى ابتلى مني قليلاً فلقد عافى الله مني كثيراً ، ابتلى كفي وعافى سائر بدني ، فله الحمد على ذلك .


13ـ من فوائد المرض :


أنه إحسان ورحمة من الرب للعبد ، فما خلقه ربه إلا ليرحمه لا ليعذبه { مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ } [ النساء: 147] ، وكما قيل :
وربما كان مكروه النفس إلى ××× حبوبها سبب ما مثله سبب


ولكن أكثر النفوس جاهلة بالله وحكمته ، ومع هذا فربها يرحمها لجهلها وعجزها ونقصها ، وهذا ورد في بعض الآثار أن العبد إذا أصابته البلوى فيدعو ربه ويستبطئ الإجابة ، ويقول الناس : ألا ترحمه يارب ؟ فيقول الله : (( كيف أرحمه من شيء به أرحمه؟ )) . فمثلاً الوالد عندما يجبر ابنه على شرب الدواء المر وهو يبكي وأمه تقول: ألا ترحمه ؟ مع أن فعل الوالد هو رحمة به ، ولله المثل الأعلى ، فلا يتهم العبد ربه بابتلائه وليعلم أنه إحسان إليه .
لعــــــل عتبك محمود عواقبه ××× وربما صحت الأجساد بالعلل


14ـ من فوائد المرض :


أنه يكون سبباً لصحة كثير من الأمراض ، فلولا تلك الآلام لما حصلت هذه العافية ، وهذا شأن أكبر الأمراض ، ألا وهو الحمى وهي المعروفة الآن بالملاريا ، ففيها منافع للأبدان لا يعلمها إلا الله ، حيث أنها تذيب الفضلات وتتسبب في إنضاج بعض المواد الفاسدة وإخراجها من البدن ، ولا يمكن أن يصل إليه دواء غيرها، يقول بعض الفضلاء من الأطباء: إن كثيراً من الأمراض التي نستبشر فيها الحمى ، كما يستبشر المريض بالعافية ، فتكون الحمى فيه أنفع من شرب الدواء الكثير ، فمـــن الأمراض التي تتسبب الحمى في علاجها مرض الــــرمد والفالج واللقوة ـ وهو داء يكون في الوجه يعوج منه الشدق ـ وزيادة على الصحة فهي من أفضل الأمراض في تكفير الذنوب ، ففي مسلم عن جبران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب ، فقال : (( مالك ؟)) فقالت : الحمى ، لا بارك فيها ، فقال : (( لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد )) وعند أحمد بسند صحيح ))حمى يوم كفارة سنة )) [ عن ابن عمرو ] وفي الأدب للبخاري عن أبي هريرة : (( ما من مرض يصيبني أحب إلى من الحمى )) لأنها تدخل في كل الأعضاء والمفاصل وعددها 360 مفصلاً ، وقيل إنها تؤثر في البدن تأثيراً لا يزول بالكلية إلا بعد سنة .


15ـ من فوائد المرض :


تخويف العبد { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ }[ المؤمنون : 76 ] ، { وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ الزخرف: 48 ] ، فما ابتلاه الله إلا ليخوفه لعله أن يرجع إلى ربه ، أخرج الإمام أبو داود عن عامر مرفوعاً : (( إن المؤمن إذا أصابه سقم ثم أعفاه منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل ، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه)).


16ـ من فوائد المرض :


أن الله يستخرج به الشكر ، فإن العبد إذا ابتلي بعد الصحة بالمرض وبعد القرب بالبعد اشتاقت نفسه إلى العافية ، وبالتالي تتعرض إلى نفحات الله بالدعاء فإنه لا يرد القدر إلا الدعاء بل ينبغي له أن يتوسل إلى الله ولا يتجلد تجلد الجاهل فيقول : يكفي من سؤالي علمه بحالي !! فإن الله أمر العبد أن يسأله تكرماً وهو يغضب إذا لم تسأله ، فإذا منح الله العبد العافية وردها عليه عرف قدر تلك النعمة ؛ فلهج بشكره شكر من عرف المرض وباشر وذاق آلامه لا شكر من عرف وصفه ولم يقاس ألمه ، فكما يقال : أعرف الناس بالآفات أكثرهم آفات ، فإذا نقله ربه من ضيق المرض والفقر والخوف إلى سعة الأمن والعافية والغنى فإنه يزداد سروره وشكره ومحبته لربه بحسب معرفته وبما كان فيه ، وليس كحال من ولد في العافية والغنى فلا يشعر بغيره .


17ـ من فوائد المرض :


معرفة العبد ذله وحاجته وفقره إلى الله ، فأهل السموات والأرض محتاجون إليه سبحانه ، فهم فقراء إليه وهو غني عنهم ولولا أن سلط على العبد هذه الأمراض لنسي نفسه ، فجعله ربه يمرض ويحتاج ليكون تكرار أسباب الحاجة فيه سبب لخمود آثار الدعوى وهو ادعاء الربوبية ، فلو تركه بلا فاقة لتجرأ وادعى ، فإن النفس فيها مضاهاة للربوبية ، ولهذا سلط الله عليه ذل العبودية وهي أربع : ذل الحاجة ، وذل الطاعة ، وذل المحبة ـ فالمحب ذليل لمن أحبه ـ وذل المعصية ، وعلى كل فإذا مرض العبد أحس بفقره وفاقته إلى الله كائناً من كان .


لعلك تقول : هذه الأخبار تدل على أن البلاء خير في الدنيا من النعيم ، فهل نسأل الله البلاء ؟


فٌول لك : لا وجه لذلك ، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال دعائه لما أخرجه أهل الطائف : (( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، ولكن عافيتك أوسع لي )) ، وروى أن العباس لما طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء فقال له : (( سل الله العفو والعافية ، فإنه ما أعطى أحد أفضل من العافية بعد اليقين )) ، وقال الحسن : الخير الذي لا شر فيه العافية مع الشكر ، فكم من منعم عليه غير شاكر ، وهذا أظهر من أن يحتاج إلى دليل ، فينبغي أن نسأل الله تمام النعمة في الدنيا ودفع البلاء عنا ، لكن إذا ابتلي العبد ببلاء فينبغي له الصبر والرضا بقضاء الله عليه .


أخيراً أختم هذه الرسالة بأن المرض نعمة وليس بنقمة ، وأن في المرض لذائذ:


1ـ منها : لذة العطف الذي يحاط به المريض والحب الذي يغمره من أقاربه ومعارفه .


2ـ ومنها : اللذة الكبرى التي يجدها المريض ساعة اللجوء إلى الله ، عندما يدعوه مخلصاً مضطراً .


3ـ ومنها : لذة الرضا عن الله عندما تمر لحظات الضيق على المريض وهو مقيد على السرير ، ويبلغ به المرض أقصاه فيفيء لحظتها إلى الله كما حصل في نداء أيوب ، فلا يحكم على المريض أو البائس بمظهره ، فلعل وراء الجدار الخرب قصراً عامراً ، ولعل وراء الباب الضخم كوخاً خرباً .


4ـ ومنها : لذة المساواة التامة ، فهي سنة الحياة ، فلا يفرق المرض بين غني أو فقير ، فلو كان المرض سببه الفقر أو نقص الغذاء لكان المرض وقفاً على الفقراء ، ولكان الأغنياء في منجى منه ، لكنه لا يعرف حقيراً أو جليلاً ، الناس سواء .
نسأل الله من عظيم لطفه وكرمه وستره الجميل في الدنيا والآخرة ، ونعوذ به من زوال نعمته وتحول عافيته وفجأة نقمته وجميع سخطه .


منقول لتعم الفائدة
  رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 07:25 PM   #2
الخاتم*
حال متالّق
 
الصورة الرمزية الخاتم*


الدولة :  المدينة المنورة
الخاتم* is on a distinguished road
الخاتم* غير متواجد حالياً
افتراضي

نعم اخي باحرس قد يشعر الانسان ان المرض ليس منته سوى الاذى
ان للمرض اشيا كثيره ومفيده
اهمها التقرب للعند الىخالقه عز وجل وكسر نفسه با الدعاء والتذ لل لخالقه وقبال المرض تجده لايذكر الله الا قليل لانشغاله ولهوه
استغفار العبد لله عز وجل . وكثريه لعمل الخير وبذل الصدقات وتجد انه قبل المرض يعيش حاله من البخل
ومنه تطهير للنفس وتهذيب لها وا رجاعها للصواب
باك الله فيك وشكرا
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


الصلاة والسلام عليك يا سيدي يارسول الله

التعديل الأخير تم بواسطة الخاتم* ; 01-08-2012 الساعة 08:21 PM
  رد مع اقتباس
قديم 01-11-2012, 09:51 PM   #3
الصمصومة
مشرفة سقيفة الحوار الإسلامي
 
الصورة الرمزية الصمصومة

افتراضي

بارك الله فيك
اللهم اشفي مرضانا ومرضى المسلمين
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas