الوراثة ومدلوها المفكر والداعية الإسلامي العلامة أبي بكر المشهور

**من السادة** · 07-15-2011, 10:09 AM

الوراثة ومدلوها المفكر والداعية الإسلامي العلامة أبي بكر المشهور

أساس المعرفة لهذ الموضوع المشار اليه بالوراثة ومدلولها الاقتناع بأهمية (طريقة السلف الصالح) في تكوين الشخصية الاجتماعية.

فالحبيب عبدالقادر السقاف باعتباره مثالنا في هذه الوريقات المتلاحقة وهدف تناولنا فيما عاصرناه معه من الزمن والوقت المحدود كان مصدر معرفتنا لهذا المفهوم الابوي..
ومثله كذلك سيدي الوالد وجملة من شيوخنا الاكابر حملة الوراثة الابوية النبوية
والوراثة النبوية (علمٌ وسرُ علمٍ وعملٍ) ولكنه يمتاز بالتلقي والممارسة القائمة عن الانطواء والاحتواء ..خلافا لاي علم آخر في الحياة الانسانية.
فالمدرسون والدكاترة وحملة الشهادات في المدارس والجامعات والاكاديميات ينحصر حرصهم عند بذل المعرفة على (المادة وحدها) ومدى ارضاء الإدارة طوعاً أو إدراكاً للمسئولية بإتمام مقررات المنهج، وانجاح المتلقي للمعلومات واستيعاب تفاصيلها المعرفية.
أما عند أهل الوراثة (فانشغالهم بالمُريد والتلميذ) يبدأ بإصلاح الفطرة والفكرة والقدرة (الإرادة) باعتبارها وعاء التلقي عند مرحلة الطلب وإناء العطاء عند التخرج وجهاز المراقبة في العلاقة الاخلاقية فيكون حرصهم الشديد على بناء حالة التزكية بعد التخلية، والتخلية تصفية المريد عن الرعونات والأمراض المعنوية والتسويلات النفسية ثم يحلونه ويزكونه بالفضائل الشرعية والآداب المرعية علماً وعملاً.
ويشعرونه باهمية العلاقة بين الشيخ والمريد وحسن المراقبة والملاحظة وبناء العاطفة القائمة على سلامة الولاء وشرف الانتماء فيصبح المريد بذلك منطوياً في حال وصفات وآداب وعلوم أستاذه وشيخه.. وتكون مادة المعرفة احدى وسائل الطلب.. أما الغايات فاكبر واكثر.
وكان شيخنا الحبيب عبدالقادر يحرصُ على غرس سر هذه الوراثة في المريدين بحاله ومقاله.. بحيث يتجسد لدى السامع والمصاحب له عظمة الارتباط بمن تلقى عنهم العلم والتسليك ، ويُعرف ذلك بوصفه لطاعاتهم وعباداتهم واخلاقهم وصبرهم على الناس بل وتستشعر أهمية ذلك بوصفه بما يطرأ عليه حال الحديث من التعبيرات والتأثيرات التي قد تبلغ أحيانا الى البكاء او الشعور بالعبرة الناتجة عن الامتلاء بذكرهم واخبارهم واحوالهم...
وهذا الشعور النفسي له أثر عظيم في مجالس الشيوخ يملأ قلب المتلقي بعظمة مرتبة الرجال وسمو الحال فحين قد يذكر والده الامام احمد بن عبدالرحمن السقاف فما نسمع منه إلا وصف المعاني العالية في الابوة... وحيثما يذكر بعض مشايخه فما ترى الا الدمعه النازلة من العين تعظيما لحال اولئك والانطواء فيهم.
وبهذا عرفنا مفهوم (الوراثة ومدلولها) وربما استشكل القارئ قولنا (عرفنا مفهوم الوراثة ومدلولها) لأنه لم يجد فيما عرضناه شيء يدل على ذلك.
ولكن الحقيقة ان العرض الكتابي لايبرز حقيقة المعنى وانما يحفظ صورته واما حقيقته فتعرف بالانطواء الذاتي.. والانطواء حالة الاستسلام المعنوية والحسية وحسن الظن في الشيخ ومقامه الروحي والعلمي وهذا هو الذي يصنع اوعية الوراثة في تاريخنا الابوي الشرعي.
لقد كان شيخنا الحبيب عبدالقادر من اولئك العمالقة الأفذاذ اذا صحّت العبارة في بناء أوعية الوراثة الأبوية النبوية.. يربط المريد وربه وبين المريد ونبيه وبين المريد وسلسلة تاريخ أبوته وبين المريد وأمته وبين المريد ومسئولياته.. وأنها لمسئولية عظيمة كان يؤديها في واقع مدرستنا وواقع أمتنا المعاصرة.
لقد صارت قضية الوراثة المسندة عندنا بالذات هاجس العقل والقلب منذ أن ارتسمت نبرات صوته وتعابير وجهه وحرارة روحه في أعماق فؤادي وهي كانت القاسم المشترك في هذه المسئولية (حمل امانة السلف)..
وامانتهم هي وراثة الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وهي عين الخلافة النبوية من بعد الالتزام الذاتي حسب الاستطاعة للطاعات والاعمال الصالحات.
فالدعوة الى الله (أساس حفظ الوراثة النبوية) وما الأبوية هنا إلا سلامة (السند والعدالة) ولا توجد هذه الشروط إلا في تلقي المشيخات ولا غير ذلك..
وبمقدار فقدنا لهذه الوراثة أو استبدالها بالجديد الوافد اضعنا الكثير والكثير في تاريخنا وهويتنا وتميز تلقينا الاسلامي.. في الواقع الاسلامي المفتون.
إن إعادة شرف (السند والعدالة) في أجيال الأمة وخاصة أولئك الذين يؤمنون بشرف الرجولة في الرجال.. هدف سام وغاية عظمى.. وسيكون لها - لو خدمت - دور جديد وهام في صناعة التوازن بين الروح والمادة.. والدراسة الاكاديمية الى جانب الدراسة الابوية التقليدية.
ونحن قد غرسناها بعد الإدراك لأهميتها في سيرنا التعليمي والتربوي في أربطة التربية الإسلامية ومراكزها التعليمية والمهنية راجين لها النجاح ولحملتها من الرجال والنساء التوفيق والثبات وخاصة مع هبوب الرياح وكثرة الصياح وقلق النفوس والارواح وهذا ماعهدناه من وصية شيوخنا وما الزمناه به انفسنا بقية حياتنا، والله المعين والموفق.