المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الأدب والفن > سقيفة عذب الكلام
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


" بيني و بينـَـك .. " قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

سقيفة عذب الكلام


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-27-2008, 08:05 PM   #1
فيصل الزوايدي
حال جديد

افتراضي " بيني و بينـَـك .. " قصة لفيصل الزوايدي (تونس)

بيني و بينكَ ..

هذا الذي بيني و بينكَ فـي العمرِ لـحظَة..
هذا الذي بيني و بينكَ أغنيةٌ حزينةٌ بصمتٍ حزين..
و أنا بيني و بيني .. أجلسُ وحيدًا فـي زاويةِ غرفةٍ باردةٍ، أجلــسُ على مقعدٍ قاسية أطرافُه، و تفوحُ رائحةُ الـخَدَرِ ،و أنينٌ حادٌّ بينَ أُذنَـيَّ.. صريرُ خفَقَانِ القلبِ يــطغى على أصواتٍ باهتةٍ تنبعثُ من حيثُ لا أدري.. يسكنُ في النَّفسِ صوتٌ ســألَني يومًا : إلى أين ؟ و هَذي المرافئُ تتجاذَبُني .. و أنا وحيدٌ في زاويةِ الغرفةِ .. يقتربُ رجلٌ في أناقةٍ مبتَذَلَةٍ، ينظرُ إلَـيَّ بعينَينِ ثَقيلَتَيْ الأجفَانِ، و يسألُني بصوتِ حَجَرٍ مُتنَاثِرٍ : أنتَ السَّيد ..؟
أجبتُ مضطَرِبًـا: أنا هُوَ، لعلِّي أنا ..
لم يأبَه لاضطِرابي فأَشَارَ إلى مَمَرٍّ مُظلمٍ بعضَ الشَّيء : إنّهم يريدونَ رُؤيتَكَ .. أَزَّ في الرأسِ صوتٌ مُوجِعٌ و اضطربَت دقاتُ القـلبِ بتسارُعِها نحوَ ..آخرِ الـمَمَرِّ.. و تَزاحَـمت الهواجسُ ثقيلةً كالهزيمةِ .. هل وُلَدَ الصبيُّ المنتَظَرُ منذ السِّنين أم ماتَت الأمُّ ؟ كيف اقـترنا تلك اللحظةَ بداخِلي ؟ كيف اقتربَ الموتُ مِنَ الحياةِ ذلك الاقترابَ ؟ هربتُ بـهَواجِسي إلى الوجهِ الباهتِ أمامي ، هَمَمتُ بسُؤالِهِ : ولادةٌ أم موتٌ ؟ لكنَّ الـوجهَ الـباردَ الجاف الذي لا ينبئُ بشيءٍ رَدَّني عنِ السُّؤالِ .. مــلَّ الرجلُ صمتي فأردفَ بصـوتٍ يكـتمُ ثورةً : إنهم بانتظاركَ ، تَفضل من هُنا .. قَرعُ حِذائي على الأرضِ ينهالُ على رأسي و أنا أتبعُ الرجلَ .. تـحركَت أشباحٌ حَولـي و أحسستُ ببعضِ الصدماتِ و كلماتٌ تُقالُ ، لعلّها اعتذارٌ أو سخطٌ .. مَن يهتم ؟ أيُّ معنى لأيِّ قولٍ أمامَ الولادةِ أو الـموتِ ؟؟ باحتدادٍ حدَّثَــــنا الطبيبُ قبلَ أشــهرٍ و هـو يـحذِّرُنا مِن خَطَرِ الحَملِ .. تُرَى هل أرســلَ القدرُ يومَــها ذاكَ الطبيبَ ينذِرُنا بِـما نَخشاه الآن ؟ هل يـمكِنُ أن يغتالَ ذاك الصـــبيُّ أمَّهُ ؟ هل تنطلقُ حياتُه بـمَوتِها ؟ أم يـموتُ لتَحيا...؟ أحسـستُ أنَّ آخرَ المـمرِّ هو آخر الكَونِ .. و أنا لم أَعُد أعلمُ أَيْـني .. لا أدري كيفَ التــقطت عينَاي الكليلتانِ لافتةً تشيرُ إلى غرفَةِ الوِفَياتِ .. حائطٌ بـناه عاملٌ لا يُدرِكُ مــا يفعلُ .. يفصلُ به بينَ الحياةِ و الموتِ .. و أنا لا أزال أسيرُ ، كأنَّ الطريقَ لا تنتَهي و لكن فجأةً وصلنَا أمام بابٍ مُوارَبٍ قليلا .. أشارَ الرجلُ بلامُبالاةٍ إلى الغرفـةِ و قَالَ : إنهم هُنا .. و لكن هل يمكنُ ذلكَ حقًّا : أن يُوجِّـهَكَ رجلٌ لا تعرفُ حتّى اســــمَهُ و لا يهتم بـمعرِفَتِكَ .. أن يُوَجِّهَــك إلى .. حيثُ الـحياة أو الموت .. وقفتُ برهةً أخـشى الدخولَ .. أصَــختُ السمعَ .. ما الذي أصابَ حواسي لــحظَتَها ؟ يرتَفِعُ الوجــيبُ و أخشى من سُؤالٍ جَديدٍ .. سُرعانَ ما زَعزَعَني : هل تُقدِّمُ الممرضةُ إلـيَّ لـفافةً بيضاءَ و تقولُ بحُنُوٍّ مُصطَنَعٍ : أَبشِر إنَّه الصـبي الذي انتظَرتَه .. ها قد جَاءَ .. أم يُوجِّهُني الطبيبُ بنظراتٍ نحوَ لُفافَةٍ بيضاءَ أيضًا و يقولُ بتعاطفٍ لا أُدركُ صِدقَه مِن زَيفه : لقد حذَّرتُكم قبلَ أشهرٍ ، و لـم نستَطِع فِعلَ شيءٍ لها .. خشيتُ أن أدفعَ البابَ .. بابٌ صَنَعَهُ نَـجَّارٌ و هو يتابعُ بِبَصَرِهِ النَّهِمِ فتياتِ الحَيِّ .. صنَعَهُ يومـًا و لم يُدرِك أبدًا ما الذي يُـمكِنُ أن يُخفي وراءَهُ .. أسـمعُ هَمهَماتٍ مِن داخِلِ الغُرفَةِ .. تداخَلت مَعَ صَرخَاتٍ مِن داخِلي .. هل أقتحمُ الغرفةَ ؟ هل أهربُ ؟ إلـى أين ..؟
أنينُ النَّفسِ الـمُوجِعُ يُطبِقُ على أنفاسي فـأُحِسُّ ضيقًا هائلا .. الـخوفُ أحيانًا يدفَعُنا إلى نَفسِ الفِعلِ الذي نَقومُ به بدافعِ الشَّجاعةِ .. تَمتدُّ يدي نحوَ قبضةِ البابِ فِضيةِ اللَّونِ، يـخترقُ مَسمَـعي صريرٌ حادٌّ لن أنسَاه .. تتخلّى اليدُ عن تلكَ القبضةِ الـمبتعِدَةِ إلـى داخل الغرفةِ .. ينفَتِحُ البابُ كأنَّ غيري قامَ بِفتحِهِ .. لـم تَقَع عينَاي على أحدٍ .. فقـط ظهرت زاويةُ السَّريرِ الـحديديِّ و الـجزءُ السُّفلي مِن سُترةٍ طِبيةٍ بيضاءَ ..أحسـستُ حركاتٍ فـي الأجسادِ تلتفتُ تستطلع مَنِ القادمُ .. بِبَقيـةٍ مِن قُدرَةٍ و عزمٍ تقــدَّمتُ خُطوتَينِ داخلَ الغرفَةِ و تضخُّمٌ مـخيفٌ بصَدري كأنّـي سأنفجرُ .. توسطتُ الـمكانَ و نظرتُ أمامي : أذهَلَني كلُّ ذلكَ البياضُ .. بياضٌ شديدٌ ناصعٌ ، تـمامًا مثلَ السَّوادِ .

فيصل الزوايدي
  رد مع اقتباس
قديم 03-28-2008, 01:49 AM   #2
عبدالقادر صالح فدعق
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية عبدالقادر صالح فدعق

افتراضي

الأستاذ الجميل فيصل ...

لك كل الشكر والتقدير ..... مواضيعك تحوي الكثير من الرقّي والأدب وتحتاج منّا الى القراءة والتمعن فيها ... نرجو منك العذر على عدم تفاعلنا أحيانآ لزحمة المواضيع في المنتدى ..

أحييك على هذه القصة الأدبية الرائعة ..

تقبل كل التقدير ..


.
  رد مع اقتباس
قديم 04-02-2008, 08:01 PM   #3
عبدالله مبارك باتيس
غير مُفعّل

افتراضي

فيصل الزوايدي

كاتب رائع


بيني و بينكَ ..

عنوان جميل لقصة أجمل


اقتباس :
هذا الذي بيني و بينكَ فـي العمرِ لـحظَة..

الله عليك يا فيصل أدخلتنا في القصة من غير أن نشعر


اقتباس :
أجلسُ وحيدًا فـي زاويةِ غرفةٍ باردةٍ،

ربما لأخذ قسط وافر من الهدوء استعداداً لصراعٍ ساخن مع النفس ومع الواقع ولكن هيهات


اقتباس :
أجلــسُ على مقعدٍ قاسية أطرافُه

تعبير عن الضغط النفسي


اقتباس :
صريرُ خفَقَانِ القلبِ

حالة نفسية صعبة حولت دقات القلب الخافتة الى صرير . . . روعة

اقتباس :
يقتربُ رجلٌ في أناقةٍ مبتَذَلَةٍ، ينظرُ إلَـيَّ بعينَينِ ثَقيلَتَيْ الأجفَانِ، و يسألُني بصوتِ حَجَرٍ مُتنَاثِر

تفريغ للشحن النفسي


اقتباس :
فأَشَارَ إلى مَمَرٍّ مُظلمٍ بعضَ الشَّيء

أيضا تفريغ للشحن النفسي فالضوء كان خافتا ولكن النفس رأته مظلماً

اقتباس :
إنّهم يريدونَ رُؤيتَكَ ..

هو يعرف أنهم يريدونه . . . ولكن الهروب الداخلي يصور له أنه مجبور على الذهاب


أخي فيصل

القصة مليئة بالابداعات الأدبية واللغوية التي نطمع أن نراها في سقيفتنا . . . خذ مثلا:

اقتباس :
أيُّ معنى لأيِّ قولٍ أمامَ الولادةِ أو الـموتِ ؟؟

اقتباس :
هل يـمكِنُ أن يغتالَ ذاك الصـــبيُّ أمَّهُ ؟

اقتباس :
أحسـستُ أنَّ آخرَ المـمرِّ هو آخر الكَونِ ..

اقتباس :
بابٌ صَنَعَهُ نَـجَّارٌ . . صنَعَهُ يومـًا و لم يُدرِك أبدًا ما الذي يُـمكِنُ أن يُخفي وراءَهُ

أبدعت يا فيصل


اقتباس :
..أحسـستُ حركاتٍ فـي الأجسادِ تلتفتُ تستطلع مَنِ القادمُ .. بِبَقيـةٍ مِن قُدرَةٍ و عزمٍ تقــدَّمتُ خُطوتَينِ و توسطتُ الـمكانَ و نظرتُ أمامي : أذهَلَني كلُّ ذلكَ البياضُ .. بياضٌ شديدٌ ناصعٌ ، تـمامًا مثلَ السَّوادِ .

ختام رائع يا فيصل تركت القارئ حيران بين
(حركات الأجساد)تعبير عن الحياة . . ولسـواد) تعبير عن الموت.

أشكرك كثيرا على هذا الابداع الذي تنثره لنا مع اعتذاري اذا أخطأت فهم قصد معين فما أنا الا قارئ مع أجمل تحياتي لك أخي العزيز.
  رد مع اقتباس
قديم 04-06-2008, 04:29 PM   #4
فيصل الزوايدي
حال جديد

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالقادر صالح فدعق
الأستاذ الجميل فيصل ...

لك كل الشكر والتقدير ..... مواضيعك تحوي الكثير من الرقّي والأدب وتحتاج منّا الى القراءة والتمعن فيها ... نرجو منك العذر على عدم تفاعلنا أحيانآ لزحمة المواضيع في المنتدى ..

أحييك على هذه القصة الأدبية الرائعة ..

تقبل كل التقدير ..


.

أخي عبد القادر أسعدتني بهذا التفاعل الراقي و المشاعر الطيبة و اعتز برأيك كثيرا .. شكرا للتواصل
دمت في كل الخير
مودتي
  رد مع اقتباس
قديم 04-06-2008, 04:37 PM   #5
فيصل الزوايدي
حال جديد

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله مبارك باتيس
فيصل الزوايدي

كاتب رائع


بيني و بينكَ ..

عنوان جميل لقصة أجمل



الله عليك يا فيصل أدخلتنا في القصة من غير أن نشعر


ربما لأخذ قسط وافر من الهدوء استعداداً لصراعٍ ساخن مع النفس ومع الواقع ولكن هيهات


تعبير عن الضغط النفسي



حالة نفسية صعبة حولت دقات القلب الخافتة الى صرير . . . روعة

تفريغ للشحن النفسي


أيضا تفريغ للشحن النفسي فالضوء كان خافتا ولكن النفس رأته مظلماً


هو يعرف أنهم يريدونه . . . ولكن الهروب الداخلي يصور له أنه مجبور على الذهاب


أخي فيصل

القصة مليئة بالابداعات الأدبية واللغوية التي نطمع أن نراها في سقيفتنا . . . خذ مثلا:






أبدعت يا فيصل



ختام رائع يا فيصل تركت القارئ حيران بين
(حركات الأجساد)تعبير عن الحياة . . ولسـواد) تعبير عن الموت.

أشكرك كثيرا على هذا الابداع الذي تنثره لنا مع اعتذاري اذا أخطأت فهم قصد معين فما أنا الا قارئ مع أجمل تحياتي لك أخي العزيز.

أخي عبد الله أعتز كثيرا بهذه الآراء في تحليل تلك الاقتباسات فشكرا للتفاعل الراقي المتمكن و انا ممتن للثناء الباذخ .. قراءتك إضافة مهما تكن درجة اتفاقنا فيها
دمت في كل الخير
مع الود
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسرار بعض الأزرار ... وفوائد اخرى شيخ القبايل. مكتبة السقيفه 6 08-17-2009 12:26 PM
أسرار بعض الرموز اللي ما نعرف كيف تكتب من على الكيبورد احمد شهاب سقيفة البرامج وصيانة الحاسب 2 06-29-2009 09:28 PM
البنات في تونس خليل باكرشوم الســقيفه العـامه 0 04-18-2009 09:11 AM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas