القرن 19 للمبادرة والقرن 20 للإدارة .. ماذا عن القرن 21؟

[ولدصالح]

القرن 19 للمبادرة والقرن 20 للإدارة .. ماذا عن القرن 21؟

عامر الحسيني

أكد تريكر في مطلع هذا القرن أن القرن التاسع عشر امتاز بالمبادرة في تطوير الأعمال، بينما تميز القرن الماضي بتطوير الإدارة ووسائلها، ورأى أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن حوكمة الشركات. فماذا يقصد من ذلك؟ في هذا المقال، سنتابع سلسلة المقالات الماضية التي تحدثت عن تطور حوكمة الشركات منذ سبعينيات القرن الماضي، في دول غرب أوروبا وأمريكا. لنتعرف على الاهتمام الكبير الذي تجده حوكمة الشركات على الأصعدة كافة، ولنخلص إلى معرفة المكانة التي وصل إليها العالم في هذا الشأن، حتى يسهل علينا تحديد موقعنا من خريطة العالم، ونعمل على تطوير أنظمتنا وتحديث معارفنا لمواكبة هذا العلم وتطوره، فنحن نعيش في عصر إما أن نواكب ونسابق في إيجاد الفرص والمحافظة على استدامتها، وإما أن نتنحى عن المنافسة ونبقى خلف الركب بعقود.

في مطلع عام 2000 ونتيجة للقوانين التي يعاب عليها عدم الشفافية في ألمانيا، والتي تعرضت لانتقاد لاذع من قبل المستثمرين الدوليين، فقد شرعت لجنة فرانكفورت لحوكمة الشركات وبالتعاون مع مجموعة برلين للمبادرات في إعداد وصياغة نظام حوكمة الشركات الألماني, الذي تم إنجازه مع منتتصف ذلك العام. واهتم هذا النظام بمسؤوليات مجلس الإدارة Vorstand الذي يمثل الجزء التنفيذي من مجلس الإدارة في النظام الألماني Two-tier board الذي يعمل بتقسيم مجلس الإدارة إلى مجموعة التنفيذيين ومجموعة المستشارين. وركز النظام المستحدث على ربط مكافآت مجلس الإدارة بالأداء، واستخدام التقنيات الحديثة ووسائل الإنترنت في الإفصاح عن نتائج وتقارير الشركة الدورية، وتفعيل استخدام الإنترنت في عقد الاجتماعات السنوية للشركات، والتأكيد على استخدام المعايير الدولية للمحاسبة، واستحداث لجان المراجعة الداخلية، وتفعيل تشغيل نسبة مقبولة من المديرين المستقلين. وفي عام 2002 تم تحديث هذا النظام، وإلزام الشركات العاملة بالامتثال أو الإفصاح comply or explain في تقاريرها الدورية عن أسباب عدم تطبيق بنود هذا النظام.

في عام 2001، أصدرت الجهات التشريعية في فرنسا تشريع the Economic Regulation Act، الذي يمنح المساهمين الحق في مقاضاة أعضاء مجلس الإدارة في الشركات المنهارة بسبب أخطاء إداراتها أو وجود تعارض في المصالح بين الإدارة والملاك.

وفي العام التالي، أعلن في الولايات المتحدة إصدار قانون الشركات المعروف بـساربينز أوكسلي Sarbanes-Oxley Act الذي يعد أكبر تطوير تشهده الأنظمة الاقتصادية في الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس روزفلت Franklin Roosevelt الذي قاد أمريكا خلال الفترة 1933 -1945. وتضمن هذا النظام عديدا من البنود التي تؤثر في نظام حوكمة الشركات، للشركات العاملة في الولايات المتحدة, ومنها:

1- إلزام مدير الشركة CEO والمدير المالي CFO لتأكيد مدى الدقة في القوائم المالية للشركة.

2- إلزام الشركات بالإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالتغيرات الجوهرية في مركز الشركة المالي حال حدوثها.

3- إلزام الشركات بإعداد تقارير تبين وتدعم دور وتأثير نظام الرقابة الداخلي وخطوات الإفصاح المالي.

كثير من الأحداث المأساوية التي شهدتها الولايات المتحدة، كانت خلف إصدار هذا النظام, ومنها إفلاس عديد من الشركات بسبب مشكلات التحايل المحاسبي. ما دعا المنضمون الأمريكان إلى استصدار هذا القانون لتطوير مسؤولية الشركات، والافصاح المحاسبي، لاستعادة ثقة المتعاملين ولمحاربة الاحتيال المالي والمحاسبي الذي وقع ضحيته عديد من الشركات هناك.

أما في دول الاتحاد الأوربي، فقد حرصت الدول الأعضاء على تفعيل سياسة توحيد الأسواق الأوروبية من خلال إصدار عديد من التوصيات والتوجيهات عام 2005. هذه التوجيهات أعطت قدرا إضافيا من الاهتمام لقضايا الإفصاح عن مكافآت مجلس الإدارة، والمسؤولية الشخصية لأعضاء مجلس الإدارة بالنسبة للأمور الداخلية في الشركة، وهذا خلاف المسؤولية الخارجية التي تخضع لأنظمة وقوانين كل بلد، والإفصاح السنوي ونصف السنوي للتقارير المالية واستخدام وسائل التقنية الحديثة في التواصل مع المستفيدين ''الإفصاح من خلال الإنترنت''. استخدام وتفعيل العمل بمعايير المحاسبة الدولية، وتفعيل دور اللجان الفرعية في الشركات مثل لجنة التعيينات، ولجنة المكافآت، ولجنة المراجعة الداخلية. وأعطت توصيات الاتحاد الأوروبي الحرية للشركات في الاختيار بين نظام المجلس الموحد أو المجلس الثنائي للشركات. وبينت التقارير الصادرة عن الاتحاد الأوروبي أنهم يدعمون العمل بنظام موحد لحوكمة الشركات في العالم، وهذا ما حدا بهم لإصدار التوجيهات المحلية بالاستفادة من الأنظمة الأخرى كالنظام الأمريكي، بدلا من إصدار قانون خاص بدول الاتحاد الأوروبي.

إصدار هذه التوجيهات والتوصيات أسهم في حماية حقوق صغار المساهمين، وتفعيل قواعد وأساسيات حماية حقوق الأطراف المختلفة في الاستثمار في هذه الشركات.

ختاما، أؤكد ما سار إليه تريكر في أول المقال من أن هذا القرن سيكون قرن حوكمة الشركات. وهذا واضح من الاهتمام الدولي بقضايا حوكمة الشركات، ما جعلها الهم الأول للمستثمرين ومنظمي الأسواق. وأصبحت علامة فارقة في تميز الدول وتفعيلها لاقتصادات السوق الحرة في ظل التجارة العالمية، وسهولة تنقل الأموال بين الدول لاقتناص الفرص المناسبة للاستثمار. وهذا يخلق عبئا كبيرا على المنظمين والمشرعين في بلادنا لمواكبة التطورات العالمية في هذا الشأن، ليس فقط لفتح السوق المحلية أمام الاستثمار الأجنبي، لكن للمحافظة على ديمومة المشاريع القادمة إلينا، ولإيجاد أوعية استثمارية موثوقة للمستثمرين المحلي والأجنبي على حد سواء.

[العـدني]

تقبّل مروري ولدصالح !!!

[ولدصالح]

مقبول يالعدني حياك الله نحاول لفت النظر لما وصل إليه العالم ونحن عاد نحن في التفكير بين الارجل وزواج الصغيرات