المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الدين والحياه > سقيفة إسلاميات
سقيفة إسلاميات حيث التسجيلات الصوتيه وسير عظماء التاريخ الإسلامي ومبدعيه
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


إمام الحرم الشيخ علي عبدالله بن علي جابر

سقيفة إسلاميات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-2011, 05:43 PM   #1
سالم اليمان
حال جديد

افتراضي إمام الحرم الشيخ علي عبدالله بن علي جابر

منقول من موقعه
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد بن عبدالله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد :

فإن من سير الأنام وتاريخ الأعلام نماذج فريدة وعبر مفيدة ، أناس مضوا بأبدانهم وخلدوا بذكرهم

دمعت لهم العيون فأغرقت الجفون ، وخشع لصوتهم السمع حتى انسكب الدمع

أحبهم الفؤاد وشهد لهم العباد ، رفعهم القرآن والعلم والإيمان ، فكان منهم علي ، حيي تقي ، أحبه الملك واصطفاه، وقربه وآواه ، حتى ضن به، وأتم به

فذاع صوته في قصره، وصار آية دهره ، ذاك الولد اليتيم ذو الخلق الكريم، لم يلعب في طفولته ليعز في رجولته

حفظ الكتاب وفاق الأصحاب ، ما غاب عن درسه وما أساء لنفسه

عرفه العلماء وأجله القراء وعين في القضاء ، فاعتذر ورعاً وعف صنعاً ، فاصطفاه الإمام، للبيت الحرام ، فصلى خلفه وأخلد نفسه ، لتكون آية الزمن، وذكرى للعلن

علي وعلي ، وإمام وإمام ، حافظ وحافظ ، وكلاهما خالد

والعام واحد ، بعد الأربعمائة والألف من هجرة المصطفى ، عليه وعلى آله وصحبه خير الصلاة والسلام ومن اقتفى.


إمام المسجد الحرام
الشيخ القارئ الحافظ الفقيه د. علي بن عبدالله بن علي جابر

اسمه ونسبه
هو الشيخ القارئ الحافظ الفقيه إمام المسجد الحرام الدكتور

علي بن عبدالله بن صالح بن عبدالله بن ناصر بن جابر بن علي جابر السعيدي الموسطي اليافعي الحميري القحطاني

اشتهر بـ (علي جابر) أو (علي عبدالله جابر) ويخطئ البعض بتسميته (علي باجابر) وهي تسمية غير صحيحة بتاتاً لأنها نسبة إلى قبيلة أخرى ، وقبيلة الشيخ هي (آل علي جابر) الذين ينتمون إلى بطن السُّعَيْدِي من الموسطة اليافعية والتي يرفع نسبها إلى حِمْيَر ثم إلى سبأ ، وعند التعريف بالفرد تستبدل (آل) بـ (بن) في اسم القبيلة المركب ليكون (آل علي جابر) أو (بن علي جابر) فيكون الاسم الرباعي للشيخ : (علي بن عبدالله بن صالح بن علي جابر) ، والاسم الثلاثي له : (علي بن عبدالله بن علي جابر) .

وقد نبه الشيخ إلى ذلك ، حتى تم توضيحه في مقدمة الإصدار الأول لتسجيلات التقوى الإسلامية بالرياض عام 1406هـ لسورتي الفاتحة والبقرة من مسجد المحتسب بالمدينة المنورة مطلع رمضان ذلك العام.

استمع إلى مقطع صوتي للتنبيه على الاسم الصحيح :
مقدمة إصدار تسجيلات التقوى الإسلامية بالرياض عام 1406هـ
http://www.alijaber.net/audio/taqwa1406.mp3


فالشيخ من قبيلة (آل علي جابر) اليافعية السلفية التي تحالفت برئاسة شيخها عبدالحميد بن قاسم بن علي جابر مع أمير الدرعية عبدالعزيز بن محمد عام 1205هـ لنشر دعوة التوحيد ومحاربة البدع والشركيات والخرافات، واستوطنت قبيلة آل علي جابر الموسطية اليافعية بلدة (خشامر) في حضرموت جنوب الجزيرة العربية.




وكان لها جهود بارزة في نشر العقيدة السلفية والدعوة لتحكيم الشريعة الإسلامية ومقاومة النظام الشيوعي

بتاريخ حافل وجهاد مسطر معروف في تلك المنطقة شهد لها به خصومها.

انظر مقال المؤرخ عبدالله الناخبي في مجلة العرب

وكتاب (إدام القوت) لمفتي حضرموت العلامة عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف

وكتابه الآخر : تحقيق الفرق بين العامل بعلمه وغيره

وكتاب (حضرموت الإنسان والبصمة) لسالم علي الجرو

ورسائل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود إلى شيخ قبيلة آل علي جابر

ولادته
ولد الشيخ علي هو وشقيقه (التوأم) سالم في مدينة جدة بالحجاز في شهر ذي الحجة عام 1373هـ

وكان والده إذ ذلك مواطناً سعودياً يعمل في التجارة ولديه مطعم تجاري يديره في حي باب شريف بجدة .




طفولته وانتقاله مع والديه إلى المدينة النبوية 1374-1384

نشأ الشيخ في أسرة صالحة حيث كان أبوه وعمه وجدته أم أبيه من المعروفين بالعبادة والصلاح ، واستجاب الله دعاء جدته حين ودعت أهلها وداعاً أخيراً عند خروجها للحج ودعت ربها أن تقبض روحها في منى أثناء حجتها الأخيرة ، وكان والده محباً للخير ويجل أهل العلم كثيراً ، وكثيراً ما كان يدعو بأن يتوفاه الله في مدينة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى قرر الانتقال إليها لبركتها وليحضر دروس أهل العلم ولينشأ أبناؤه بينهم عسى أن يحقق أحدهم أمنيته حيث كان يتمنى أن يصبح أحد أبنائه من العلماء .



وكان ابنه علي يبلغ الخامسة من عمره عند انتقاله مع والديه من جدة إلى المدينة ، وكان والده يربيه على الفضائل ويصطحبه معه إلى المسجد النبوي ، ويمنعه من اللعب مع أقرانه من الأطفال في الشارع ، فلم يكن يعرف إلا طريق المدرسة والبيت والمسجد النبوي، حتى توفي والده بالمدينة كما تمنى ، والشيخ آنذاك في الحادية عشرة من العمر.

يقول الشيخ علي جابر: ( كان والدي -يرحمه الله- لا يسمح لنا بالخروج للعب في الشارع والاحتكاك بالآخرين, حتى توفاه الله, كنت لا أعرف إلا الاتجاه إلى المسجد النبوي ومن ثم الدراسة وأخيرا العودة إلى البيت, لقد كان لوالدي -رحمه الله- دور كبير في تربيتي وتنشئتي وانتقل إلى جوار ربه في نهاية عام 1384هـ وعمري آنذاك لا يتجاوز الأحد عشر عاما ثم تولى رعايتي, من بعده, خالي -رحمه الله- بالمشاركة مع والدتي ) .

التحاقه بحلقات تحفيظ القرآن الكريم 1385-1389هـ
في منطقة باب المجيدي شمال المسجد النبوي الشريف سكن الشيخ علي جابر مع والدته وخاله بجوار مسجد الأميرة منيرة بنت عبدالرحمن، وكان محفظ الطلاب في ذلك المسجد هو الشيخ رحمة الله بن قولداش بخاري المعروف بـ (الشيخ رحمة الله قاري) .
فأتى خال الشيخ علي جابر إلى الشيخ رحمة الله قاري ومعه ابنا اخته علي وسالم وقال له : نحن جيران المسجد وهذان يتيمان ، ونرغب في تعليمهما في حلقة تحفيظ القرآن بالمسجد.
ووافق الشيخ رحمة الله قاري واجتهد في تعليمهما، ورأى في الشيخ علي تميزاً في الحفظ والتعلم فزاد في الاهتمام به.


الشيخ رحمة الله قاري مع الشيخ علي جابر


تربية الشيخ رحمة الله قاري لطلابه

وكان الشيخ رحمة الله قاري معلماً مميزاً ، درس على مشائخ عدة منهم الشيخ حسن بن إبراهيم الشاعر، وكان الشيخ رحمة الله قاري يعلم الطلاب ويحفظهم ويؤدبهم، ويستخدم العصا في تأديبهم أحياناً بما يسمى (الفلكة) أو (الفلقة) ، فكان الطلاب يهابونه، وكان الشيخ رحمة الله قاري مع تحفيظه القرآن يعلم الطلاب الوضوء الصحيح والصلاة الصحيحة والإمامة والخطابة، فكان يأخذهم بعض الأوقات ليريهم كيفية الوضوء الصحيح ويجعلم يطبقونها وكذلك في بعض الأوقات التي يقل فيها الناس في المسجد كان يجعلهم يصلون ويؤمهم أحدهم بما يحفظ غيباً وهم يصوبونه إذا أخطأ ، والشيخ يلاحظهم وينبههم، وأحياناً يغلق أبواب المسجد ومكبرات الصوت الخارجية ويبقي على مكبرات الصوت الداخلية، ويطلب منهم إلقاء بعض الكلمات والمواعظ أو الخطب من على المنبر، ويشجعهم حتى يكونوا دعاة وأئمة على علم صحيح وعبادة صحيحة وتكون لهم تجربة تسقط عنهم حاجز التخوف والجهل وتنمي فيهم حب الخير ونفع أنفسهم والناس من حولهم.



وكان الشيخ رحمة الله قاري يحب الشيخ علي جابر ويعطف عليه كثيراً لكونه يتيماً ومن جيرانه مع ما تميز به من خلق وأدب رفيع وانضباط وجودة في التلقي، فكان شيخه يحرص عليه ويصطحبه معه كأحد أبنائه.

انتقال الشيخ علي جابر لمعهد الشيخ خليل القاري


الشيخ خليل بن عبدالرحمن القاري

أتم الشيخ علي جابر حفظ أحد عشر جزءاً من القرآن الكريم على يد الشيخ رحمة الله قاري ، وحصل على المركز الأول في مسابقة الحفاظ في فرع عشرة أجزاء، ولما افتتحت الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم معهداً متخصصاً لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة برئاسة الشيخ المقريء خليل بن عبدالرحمن القاري طلبوا من عموم حلقات تحفيظ القرآن بمساجد المدينة أن يرسلوا إليهم أفضل الطلاب المتميزين ، وكان من بينهم الشيخ علي جابر الذي رشحه الشيخ رحمة الله قاري ليتم بقية حفظه للقرآن الكريم في المعهد على يد الشيخ خليل القاري الذي تميز بتعليم إتقان التجويد على أسسه السليمة وتعليم طرق تحسين الصوت بالتلاوة.

قال الشيخ علي جابر : "... رشحت بعد ذلك للالتحاق بالمعهد الذي افتتحته الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة النبوية وكان يديره الشيخ خليل بن عبدالرحمن وهذا الأخير أكملت عليه حفظ باقي كتاب الله عز وجل وكان له دور بارز في تمكيني من الحفظ وإتقان التجويد على أسسه السليمة".

مزاملته للشيخ محمد أيوب عند الشيخ خليل القاري



الشيخ الدكتور محمد أيوب بن محمد يوسف

وكان من زملاء الشيخ علي جابر - في هذه الفترة عند الشيخ خليل - زميله الشيخ محمد أيوب بن محمد يوسف إمام المسجد النبوي سابقاً، وحيث أن الشيخ محمد أيوب يكبر الشيخ علي جابر بسنتين تقريباً فإن الشيخ خليل قاري كان يعهد إليه أحياناً ليستمع تلاوة الشيخ علي جابر وتصويب ما يقع من الخطأ ونحوه، ومع ذلك فقد اجتهد الشيخ علي جابر في الحفظ وسرعة التعلم حتى سبق زميله وشيخه محمد أيوب في مراحل الدراسة النظامية ، وأتم الشيخ علي جابر حفظ القرآن الكريم في الخامسة عشر من عمره عام 1389هـ .

شاهد الشيخ محمد أيوب وهو يتحدث عن تلك الفترة وعلاقته بالشيخ علي جابر



وممن قرأ الشيخ عليهم أيضاً فضيلة الشيخ بشير أحمد صديق المقرئ بالمسجد النبوي الشريف .


الشيخ المقرئ بشير أحمد صديق


انضباطه في نشأته

وقد وصف الشيخ علي جابر النشأة التي عاش فيها بقوله: ( من نعمة الله عليّ وتوفيقه لي أن أحاطني بنخبة من الإخوان الصالحين الذين يكبرونني قليلاً في السن من الذين عاشوا في المدينة المنورة ودرسوا في الجامعة الإسلامية، بحمد الله الظرف الذي عشته في المدينة النبوية والالتقاء بهؤلاء الإخوة الذين وفقهم الله عز وجل لكي يحيطوا بي في تلك السن التي تمر على كل شاب من الشباب - وهي ما تسمى فترة المراهقة - وفقني الله عز وجل في تخطي هذه المرحلة على أحسن ما يكون ) .

اجتهاده في التحصيل العلمي

كما أسلفنا أن والد الشيخ علي جابر يتمنى أن يكون أحد أبنائه من علماء الشريعة ، ومع اعتنائه بأبنائه واصطحابهم معه إلى المسجد النبوي في طفولتهم فإنه حرص على تسجيل ابنه الشيخ علي ليدرس في مدرسة دار الحديث المتخصصة في العلوم الشرعية ، وقد درس فيها الشيخ المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وتخرج فيها عام 1398هـ وكان الخامس على دفعته.




ثم درس الشيخ المرحلة الثانوية بالمعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وتخرج فيه عام 1392هـ وكان الثاني على دفعته.




ثم انتقل إلى كلية الشريعة بالجامعة لينالَ منها الإجازةَ الجامعية في العلوم الشرعيَّة، حيث تَخرَّج فيها في العام الدِّراسي عام 1396ه بامتياز مع مرتبة الشرف الثانية.




وتميز الشيخ بالتفوق العلمي وحصوله على الامتياز في جميع مراحل دراسته العلمية. كما عرف بالانضباط الشديد في حضور الدروس العلمية وعدم التغيب، ويذكر أنه لم يسجل عليه أي تغيب أثناء دراسته الجامعية.

مجالسته العلماء

درس الشيخ على العديد من العلماء في الجامعة الإسلامية وفي المسجد النبوي وفي المعهد العالي للقضاء بالرياض وكان من أبرزهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – عندما كان رئيساً للجامعة الإسلامية بالمدينة ، وكان الشيخ علي جابر يلازمه كثيراً ويتناول معه الغداء والعشاء على سفرته العامرة أغلب الأيام في تلك الفترة بالمدينة المنورة.


الشيخ عبدالعزيز بن باز

ومن أكثر من لازمهم وطلب عليه العلم فضيلة الشيخ محمد المختار بن أحمد الجكني الشنقيطي – رحمه الله – المدرس بالمسجد النبوي سابقاً ، وكان الشيخ علي جابر يدرس عليه في المسجد وفي بيته ، وهو والد الشيخ الفقيه الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي المدرس بالمسجد النبوي الشريف .

كما درس الشيخ علي جابر على العديد من العلماء منهم الأستاذ الدكتور عبد العظيم الشناوي، أستاذ النَّحْو والصَّرْف في كلية الشريعة آنذاك. والدكتور عمر بن عبدالعزيز بن محمد أستاذ أصول الفقه والدكتور محمد نباوي، وغيرهم كثير ممَّن حَرَص الشيخُ على مجالستِهم، والأَخْذ عنهم.

كما ظَفِر في الرياض بمشايخَ أجلاَّء؛ أمثال: فضيلة الشيخ منَّاع القطان، والأستاذ الدكتور عبدالوهاب بحيري، وفضيلة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أحمد عطوة، وفضيلة الأستاذ الدكتور بدران "أبو العينين" بدران، وغيرِهم من العلماء الأفاضل.

قصته مع الإمامة

ومع أن الشيخ علي جابر حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة وأتقن حفظه بصورة ربما قد أذهلت الحفظة فأرادوا خطو نهجه فإنه لم يكن يطمح في الإمامة إلا أن الحكمة الإلهية أوصلته ليكون إماما بالمسجد الحرام .
وقد ذكر شيخه الشيخ رحمة الله قاري أنه لما كان يعمل في إدارة الأوقاف بالمدينة المنورة طرحت مسابقة وظيفية بمسمى (مسابقة أئمة) فاغتنم الشيخ رحمة الله قاري الفرصة وقدم طلباً باسم الشيخ علي جابر حيث كان يرى أنه من أولى الناس بذلك لجودة حفظه وحسن أدبه وتفوقه في دراسته وجمال قراءته، وفعلاً وجد الشيخ علي جابر نفسه أمام الأمر الواقع لطلب شيخه الأول ، فحضر المقابلة واجتاز اختبارها وصدر قرار تعيينه إماماً لمسجد الغمامة بالمدينة المنورة، وذلك في شهر جمادى الآخرة من عام أربعة وتسعين وثلاثمائة وألف من الهجرة 1394هـ ، فأمَّ المصلِّين فيه نحوَ سنتَين، وعمرُه إذ ذاك واحدٌ وعشرون عامًا.


مسجد الغمامة

يتحدث الشيخ عن ذلك بقوله: ( لم تكن لدي رغبة في الإمامة ولكن أقحمت فيها إقحاماً وإلا فان الباعث الأساسي على حفظ كتاب الله إنما حفظه وتعقله وتدبر معانيه, ولم يكن المقصود منه أن يكون الإنسان به إماماً ، ولكن شاءت الإرادة الربانية والحكمة الإلهية أن أتولى الإمامة في مسجد الغمامة بالمدينة النبوية سنتين متتاليتين (1394 -1396) ". أي في آخر أعوام دراسته في كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية .

ثم انقطع الشيخ عن الإمامة لسفره إلى الرياض لدراسة مرحلة الماجستير في المعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولما عاد إلى المدينة المنورة طلب منه إمامة مسجد السبق عام 1400هـ ، ثم طلب منه إمامة المسجد بقصر الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود بالطائف فعين إماماً خاصاً للملك عام 1401هـ ثم طلب منه الملك خالد الإمامة في المسجد الحرام في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان عام 1401هـ وقدمه للصلاة وصلى خلفه، فشارك بالإمامة إلى آخر شهر رمضان ذلك العام ، ثم عينه الملك خالد إماماً رسمياً للمسجد الحرام في شوال من نفس العام 1401هـ واستمر فيها إلى أن طلب الإعفاء من الإمامة بالمسجد الحرام عام 1403هـ ، وعاد إلى المدينة المنورة ولم يلتزم بإمامة مسجد بعد ذلك إلا ما كان من تقديم الناس له أحياناً في بعض المساجد وقدم مرة لإمامة صلاة المغرب في المسجد النبوي الشريف وكذلك في مساجد عدة بالمدينة خاصة في صلاة التراويح في رمضان، إلى أن تم تكليفه للمشاركة بإمامة المصلين لصلاة التراويح والقيام بالمسجد الحرام في رمضان عدة أعوام متتالية 1406 - 1409هـ ثم ابتعد الشيخ عن إمامة المسجد الحرام مجدداً في عام 1410هـ ولم يلتزم بإمامة مسجد آخر سوى أنه كان يقدمه الأئمة والقائمون على المساجد أحياناً للصلاة في مساجد عدة في جدة قرب سكنه وكان أشهرها مسجد بقشان بجدة وهو أقربها إلى بيته، ومسجد الهدى بحي الأندلس كما سيأتي بيان تفصيل شيء من ذلك.

سفره لدراسة مرحلة الماجستير في المعهد العالي للقضاء بالرياض



وبعدَ أنْ نال الشيخ الإجازةَ الجامعية الأولى (درجة الليسانس)، رَغِبَ في مواصلة الدِّراسة العُليا، فيَمَّم وجهَه شَطرَ الرِّياض، وتحديدًا إلى المعهد العالي للقضاء، التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فالْتَحق به طالبًا في مرحلةِ (الماجستير)، في العام الدراسي 1396 - 1397هـ، وبعدَ اجتيازه للمرحلة المنهجيَّة في إعداد رسالة (الماجستير)، تقدَّم إلى رئاسة قِسْم الفِقه المقارن - الذي كان يَرأسُه آنذاك فضيلةُ الدكتور بدران أبو العينين بدران - بالكتابة في موضوع: "فقه عبدالله بن عمر وأثره في مدرسة المدينة"، ونوقِشتِ الرِّسالة في اليوم السادس والعشرين من شهر رجب عام 1400هـ، ومُنِح الشيخُ درجةَ الماجستير بتقدير (امتياز).




ترشيحه وتعيينه في القضاء واعتذاره، ثم عودته إلى المدينة المنورة عام 1400هـ


الشيخ عبدالله بن حميد

بعد تفوق الشيخ وحصوله على درجة الماجستير عام 1400هـ رشح للقضاء من سماحة الشيخ عبدالله بن حميد - رحمه الله - الذي كان رئيساً لمجلس القضاء الأعلى في ذلك الوقت وتم تعيينه قاضياً في بلدة (ميسان) قرب الطائف إلا أن الشيخ علي اعتذر عن تولي هذا المنصب معتذراً بأنَّها مسؤولية لا يَقوَى على حَمْلِها، ووضح الشيخ علي جابر سبب اعتذاره عن تولي منصب القضاء بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : ( القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة ) ، وطلب من الشيخ عبدالله بن حميد إعفاءه من القضاء وبذل شتى المحاولات إلا أن الشيخ عبدالله - رحمه الله - رفض أن يعفيه ، فتقدم بطلبه إلى الملك خالد – رحمه الله – لإعفائه من القضاء ، فتم تعيينه مفتشاً إدارياً في فَرْع وزارة العدل بمكَّة المكرمة، فكان يقول : ( ما كنت أريد الاقتراب من القضاء أو أي أمر يتعلق به ) واعتذر أيضاً عن تولي هذه الوظيفة تورعاً. ومع اعتذاره عن تولي القضاء والتفتيش عليه فلم يتم إخلاء طرفه من وزارة العدل وبقي الشيخ سنة كاملة بدون وظيفة .




إمامة مسجد السبق

كلف الشيخ بعد عودته من الرياض بإمامة مسجد السبق بالمدينة المنورة قرابة السنة بين عامي 1400 و1401هـ، وكان مسجد السبق يزخر بالمصلين خاصة يوم الجمعة إذ كان خطيب الجمعة فيه آنذاك هو خطيب المدينة المفوه الشيخ الأديب الدكتور محمد العمودي وإمام المسجد الراتب وصلاة الجمعة هو الشيخ علي جابر.


مسجد السبق

قصة تعرف الملك خالد عليه


الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود

كان أبناء الأمير محمد بن عبدالعزيز على صلة مع شيخ مسجد عمة والدهم الأميرة منيرة بنت عبدالرحمن بالمدينة المنورة وهو الشيخ رحمة الله قاري ، وكان الشيخ رحمة الله قاري يصطحب معه الشيخ علي جابر ويزور الأمير سعود والأمير سعد أبناء الأمير محمد بن عبدالعزيز في الطائف في المناسبات ، وكانوا يطلبون من الشيخ علي جابر أن يقرأ عيلهم آيات من القرآن ، كما طلبوا منه مرة إمامتهم في مسجد قصر الملك بالطائف، فصلى بهم المغرب في مسجد قصر الخالدية وفرح بذلك الملك خالد ودعاهم إلى القصر بعد الصلاة وأكرمهم.

وبعد عام من هذه الزيارة طلب الديوان الملكي عن طريق الأمير سعد بن محمد حضور الشيخ علي جابر وكان الشيخ يدرس مرحلة الماجستير في الرياض فوصل شيخه الشيخ رحمة الله قاري يوم الخميس ورافق الشيخ علي جابر، وطُلب من الشيخ علي جابر إلقاء خطبة الجمعة وإمامة الملك خالد ومن معه لصلاة الجمعة في الرياض، فخطب خطبة بليغة موجزة وصلى بهم الجمعة ، وأثنى عليه جلساء الملك وأشادوا به وقالوا للملك عن فقه الشيخ وفصاحته وحسن إمامته وقراءته أنه ثمرة مميزة من ثمار تعليم الجامعات السعودية.

تعيينه إماماً خاصاً للملك خالد




مسجد قصر الخالدية بالطائف

وفي عام 1401هـ تم طلب الشيخ علي جابر من المدينة المنورة وتعيينه إماماً خاصاً للملك خالد بن عبدالعزيز في قصره بالطائف، وأعجب الملك به كثيراً وأحبه وقربه إليه، وكان يخصه بجلسات خاصة بدون أي كلفة، حتى كان أشبه بالابن مع أبيه ، وصلى خلفه الصلوات المفروضة وصلاة التراويح في رمضان بمسجد قصره بالطائف، وكان الملك خالد -رحمه الله- حافظاً للقرآن الكريم محباً للخير معروفاً بصلاحه وطيبه .

توجيه الملك خالد له بالإمامة في المسجد الحرام

ولما حلت العشر الأواخر من رمضان نزل الملك خالد من قصره بالطائف إلى قصر الصفا بمكة المكرمة ليجاور البيت الحرام كعادته في العشر الأواخر من رمضان، لكنه افتقد تلك القراءة الشجية التي ملكت فؤاده طيلة أيامه ولياليه السابقة، وما أن مضت ليلتان للملك بمكة حتى طلب قبل ساعة من صلاة مغرب ليلة الثالث والعشرين إحضار الشيخ علي جابر من قصره بالطائف ، وكانت مفاجأة للشيخ حيث لم يعلم سبب استدعائه المفاجئ والعاجل إلى مكة قبيل صلاة المغرب، ووصل الشيخ علي جابر إلى قصر الصفا بمكة المكرمة وأفطر مع الملك خالد في قصره ليلة الثالث والعشرين وكانت هناك وفود لدى الملك في ضيافته وكان من بينهم الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق رئيس باكستان في ذلك الوقت الذي قام وعانق الشيخ علي جابر ، وعندها أمر الملك خالد الشيخ علي أن يتهيأ ليؤم بالمصلين هذه الليلة في المسجد الحرام، فوقعت المفاجأة فعلاً التي لم يكن يعلم بها أحد سوى أنه أمر مفاجئ مباشر من الملك خالد رحمه الله.

أشجيت يا مزمار داود الملك *** وملكت قلباً خالداً فمن الملك

وغدوت بالقرآن تشرح قصره *** حتى إذا ما غاب إلا الشوق لك

يرجو جوار البيت إلا أنه *** يهوى سماع الآي طراً من فمك

فقضى بجمع عم كلاً حسنه *** وغدا المطاف بنجمه مثل الفلك

وبعد أن تناول الجميع طعام الإفطار وقرب وقت صلاة العشاء توجه الملك خالد والوفود التي معه إلى المسجد الحرام وأدوا صلاة العشاء ثم تقدم الشيخ محمد السبيل وصلى العشر ركعات الأولى من التراويح، وبعدها أمر الملك خالد الشيخ علي جابر أن يتم الثلاث عشرة ركعة الباقية ، فتقدم الشيخ علي وبدأ بصوت جهوري ونغمة مميزة فريدة تأخذ بالألباب قرأ بها آخر سورة الصافات إلى منتصف سورة الزمر حتى رفع صوته وصدح في آخرها بقوة وهيبة عند قوله تعالى : ( الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون . إنك ميت وإنهم ميتون) وكأن الناس تسمعها لأول مرة .. نعم .. طلبه الملك ليسمع منه ذلك عند البيت الحرام ولعل في ذلك حكمة إليهة وإشارة تنبؤه أنه لن يلبث إلا قليلاً، وأن الملك لن يدرك رمضان من العام القادم، حيث وافته المنية بعد أحد عشر شهراً ، في آخر شعبان عام 1402هـ.

تلاوة نادرة للشيخ في أول ليلة يؤم فيها في المسجد الحرام 23-9-1401هـ

انتهت صلاة التراويح تلك الليلة .. لكن ابتدأت هناك أحداث كثيرة .. صوت جديد مميز يصدح في أرجاء المسجد الحرام بصورة مفاجئة ..
وبعد التسليمة الأولى لهذا الصوت قام الناس فوراً ووجوههم صوب الإمام يتحرون ويتساءلون .. من هذا المبدع ؟!..

وبعد الصلاة اجتمعوا عليه ليسلموا ويصافحوه ويعانقوه ، حتى أحاط به رجال الأمن وأخرجوه من بينهم ..
وقد أشفق عليه الشيخ عبدالله خياط -رحمه الله- وأخذ يذب الناس الذين تدافعوا على الشيخ علي ويقول لهم : "ما هو إلا آدمي مثلكم"
والناس يتساءلون عنه فقيل لهم إنه (إمام الملك) فصار هذا أول لقب أطلق على الشيخ وتناقله الناس في كل مكان.

ثم انصرف الشيخ مع وفود الملك وأعيان مكة الذين أثنوا على الملك اختياره للشيخ علي وطلبوا منه أن يبقيه إماماً لهم في المسجد الحرام ، فوافق على ذلك، وسرت البشرى والفرحة في أهل مكة المكرمة وزوار بيت الله الحرام.

شاهد الشيخ عبدالله بصفر يتحدث عن أول ليلة للشيخ

شاهد الشيخ رحمة الله قاري يتحدث عن أول ليلة

ومع ذلك فهناك في الجانب الآخر من لم يفرح بتولي هذا القارئ الفريد الإمامة

وهناك من أحبه لاحقاً وذكر أنه خرج من المسجد الحرام تعصباً لشيخه عندما أخذ هذا الإمام الشاب نوبته بتكبيرته الأولى


يقول الشيخ علي جابر : " جاءت سنة 1401هـ في عهد الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله رحمة الأبرار- فكنت إماما له في المسجد الخاص به بقصره في الطائف وعندما نزل مكة المكرمة, وبالضبط في ليلة الثالث والعشرين من رمضان, طلب -رحمه الله- أن انزل إلى مكة المكرمة ، وما كنت قد أعلمت مسبقاً بأني سأكون إماما للحرم المكي الشريف أو سأتولى الإمامة ليلة ثم يأتي بعدها تعيين رسمي بالإمامة, فنزلت تلك الليلة وبعد الإفطار طلب مني التوجه إلى المسجد الحرام للصلاة بالناس في تلك الليلة, وكان المقرر هو تلك الليلة فقط ولكن بعض من الشخصيات والأعيان الموجودين في مكة طلبوا منه -رحمه الله- أن أبقى في الليالي التالية حتى بعد رحيله -يرحمه الله- إلى الطائف مرة أخرى وبقيت إلى ليلة التاسع والعشرين ثم صدر أمره -رحمه الله- بتعييني إماما في المسجد الحرام" .

ورغم أن الشيخ علي جابر فوجئ بإمامة المصلين في صلاة التراويح إلا أن المصلين لم يشعروا ولم يلاحظوا تلك الرهبة المعهودة على الأئمة عندما يقف لأول مرة على المحراب للإمامة فما بالك بمحراب المسجد الحرام الذي يمر أمامه الطائفون ويصلي خلفه الملايين في ليالي العشر الأخيرة من رمضان, فلم ينتب الشيخ علي جابر رهبة الموقف حيث يقول عن ذلك الموقف : " من حيث الرهبة فلم تأتني، وذلك بحكم أنني سبق أن تعودت الإمامة سابقاً, لكن ما من شك أن الشعور عظيم والإنسان يؤم المصلين بذلك العدد الكثيف في بيت الله الحرام في أول بيت وضع للناس الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً, وهذه السعادة لا يمكن أن تعبر عنها كلمات أو عبارات إنما أقول إنه لم يكن تكليفاً بقدر ما هو تشريف " .

صدور الأمر الملكي بتعيين الشيخ علي جابر إماماً للمسجد الحرام

في شوال من عام 1401هـ أصدر الملك خالد أمراً بتعيين الشيخ علي جابر إماماً رسمياً بالمسجد الحرام، كأول شاب يعين إماماً رسمياً للمسجد الحرام في هذا القرن الهجري وهو في السابعة والعشرين من عمره ، متميزاً بقوة حفظه وجمال صوته وروعة قراءته وثباته في الإمامة مع كونه إماماً خاصاً للملك وحاصل على درجة التعليم الجامعي العالي في الفقه بالامتياز ومعين رسمياً في القضاء ، ولرغبة خاصة من الملك أن يسمعه إماماً في المسجد الحرام ، وطلب وجهاء وأعيان مكة من الملك خالد أن يبقيه لهم إماماُ في المسجد الحرام، وكان ذلك كله مفاجأة للناس ولرئاسة شؤون الحرمين التي تلقت الأمر الملكي المباشر بتعيين الشيخ علي إماماً رسمياً في المسجد الحرام.

بأمر الملك .. إخلاء طرفه من وزارة العدل وتعيينه محاضراً بالمدينة

وبطلب من الشيخ علي جابر -رحمه الله- صدَر أمرٌ كريم من جلالة الملك خالد - طيَّب الله ثراه - يقضي بإخلاء طَرَفِ الشيخ علي جابر من وزارة العدل، وتعيينه محاضراً في كلية التربية فرع جامعة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية, وقد باشر العمل فيها في شهر شوال من العام الجامعي 1401هـ .

توجيه الملك خالد بتمكين الشيخ علي جابر من الصلاة الجهرية في فريضة الفجر

وبعد صدور قرار تعيين الشيخ إماماً رسمياً في المسجد الحرام وجهته رئاسة شؤون الحرمين بإمامة المصلين لصلاة العصر في المسجد الحرام، وقد استغرب الناس ذلك وافتقد المصلون صوت قراءة الشيخ الذي هز أفئدتهم في صلاة القيام في رمضان 1401هـ وعرفوا جمال صوته وعذوبة قراءته وجودة حفظه ، ولما طال انتظارهم ألا يسمعوا صوت (إمام الملك) في صلاة جهرية ؛ طلبوا ذلك من الملك خالد الذي عينه إماماً بالحرم وأوصلوا صوتهم إليه، ويذكر أن رئاسة شؤون الحرمين عللت تعيين الشيخ لصلاة العصر دون الصلوات الجهرية بسبب التزام أئمة كبار لفرضي المغرب والعشاء منذ سنوات طويلة ووجود الحرج من تغيير ذلك، فجاء توجيه الملك خالد بتمكين الشيخ علي جابر من إمامة صلاة الفجر بالمسجد الحرام.
كما وجه جلالته الرئاسة بشراء سكن مناسب للشيخ قرب المسجد الحرام، إلا أن ذلك لم يتم حيث طال أمده من قبل الرئاسة إلى تقدم الشيخ لظروفه بطلب إعفائه من الإمامة الرسمية بالمسجد الحرام، وكان الشيخ يستأجر للسكن في مكة طيلة فترة إمامته الرسمية بالمسجد الحرام.

مقطع قديم من البث الإذاعي لأذان وصلاة الفجر من المسجد الحرام بإمامة الشيخ علي جابر رحمه الله

خطبة الخسوف في الحرم المكي

في منتصف شهر ربيع الأول عام 1402هـ صلى الشيخ علي جابر "رحمه الله" بالناس صلاة الخسوف في المسجد الحرام وخطب خطبة الخسوف ارتجالاً في الحرم المكي ، حيث لم يكن يعلم الناس سابقاً بالخسوف أو الكسوف إلا حين يروه، فقرأ الشيخ سورتي الكهف ويس وخطبة خطبة موجزة بين فيها عظمة الله في تصريف هذا الكون وحث فيها الناس على التوبة والعودة إلى الله.
استمع لمقطع من خطبة الخسوف بالحرم المكي للشيخ علي جابر 1402هـ

مرض الشيخ في منتصف عام 1402هـ

وكان الشيخ يصدح بصوته الجهوري في أرجاء المسجد الحرام في صلوات الفجر منذ أواخر عام 1401هـ إلا أنه أصيب بالعين وقيل بالسحر وفقد فجأة صوته والقدرة على التكلم في منتصف عام 1402هـ مدة تقارب الثلاثة أشهر مكث خلالها في المدينة المنورة ثم في مدينة جدة للعلاج والرقية حتى عاد له صوته بفضل الله تعالى، ثم رجع الشيخ مجدداً إلى إمامة صلاة الفجر في المسجد الحرام.

وفاة الملك خالد

وفي آخر شعبان من عام 1402هـ توفي الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - ، فحزن الناس عليه كثيراً ، إذ كان رحمه الله معروفاً بطيب النفس والرفق وحب الخير وحافظاً للقرآن الكريم، وشهدت البلاد في عهده طفرة ورخاء لم يكن له مثيل في تاريخها في سبع سنين سمان، وكانت علاقته بالشيخ علاقة قوية جداً حتى كأنها بين أب وابنه ، وأراد أن يصطفيه لنفسه إماماً إلا أن الناس طلبوه منه وأرادوه عند البيت الحرام ولم يكن يكره الخير لإمامه ولا للناس ، وكان يشفق على الشيخ وقال له ذات مرة بعد تعيينه في الحرم : "أنت محسود يا شيخ" وقد حزن الشيخ عليه كثيراً وبكاه ، وكثيراً ما كان يذكره بخير حتى سمى ابنه الأول باسم ابيه (عبدالله) وابنه الثاني باسم الملك (خالد) وفاءً لذلك الملك الصالح رحمه الله .

رمضان 1402هـ

بدأت صلاة التراويح في المسجد الحرام هذا العام من الليلة الثانية لتأخر إعلان دخول الشهر الكريم، وصلى بالناس ثلاثة أئمة هم : الشيخ عبدالله الخليفي والشيخ محمد السبيل والشيخ علي جابر.

وعرف عن الشيخ علي جابر "رحمه الله" قوة حفظه وثباته في الإمامة ، وفي العشر الأواخر من رمضان عرض على الشيخ علي جابر أن ينفرد بإمامة صلاة التهجد كاملة دون المشاركة في التراويح ،في تلك الليالي العشر فوافق على ذلك ، وكانت صلاة التراويح يؤمها الشيخان الخليفي والسبيل بقراءة حدر سريعة بإتمام جزء كل ليلة ، وفي المقابل كانت صلاة التهجد للشيخ علي جابر وكان يقرأ جزءاً وربع الجزء كل ليلة - عدا ليلة السابع والعشرين قرأ جزءاً كاملاً فقط - بقراءة معتدلة مجودة من أجمل ما سجل له .

وفي الليلة الرابعة والعشرين بعد انتهاء الركعات الأولى التي قرأ فيها الشيخ النصف الأول من سورة النساء بقراءة مجودة مميزة ومؤثرة ، اعترض رئيس شؤون الحرمين على هذه القراءة المتأنية مطالباً الشيخ أن يغير قراءته إلى الحدر ويسرع بها ، فأكمل الشيخ الصلاة وأتم ما بقي له من سورة النساء والجزء الخامس بقراءة سريعة جداً لم يسمع للشيخ مثلها ، ومع ما كان من أثر ذلك عليه وانتقاله للسرعة في القراءة وتغير وتيرتها ونغمتها بغير إرادته وكثرة المتشابهات في السورة فقد أتم رحمه الله تلك القراءة السريعة الحزينة النادرة بثقة عالية وتتابع سريع دون أي خطأ من قوة حفظه رحمه الله.

ثم في الليلة الخامسة والعشرين وما بعدها عاد الشيخ علي جابر إلى تلاوته المعتادة وبقراءة تأخذ بالألباب هي من أجمل قراءاته في تهجد ذلك العام 1402هـ لسور المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة وغيرها.


الشيخ علي جابر أثناء إمامته صلاة التهجد بالمسجد الحرام ليلة 28-9-1402هـ


يقول الشيخ الدكتور سعد بن عبدالله البريك : "وأذكر أنني صليت خلفه في العام 1402هـ وكيف أنه قرأ قول الله تعالى : "وآخرون مرجون لأمر الله .." إلى آخر الآيات فكادت قلوب المصلين تتفطر من خشية الله ، وتساءلنا عن أعمدة المسجد الحرام كيف استطاعت الصمود مع تلك القراءة التي حركت كل ساكن وعلقت القلوب في السماء!!" .




كما حكى الشيخ عادل الكلباني أنه صلى خلف الشيخ علي جابر في تهجد ليلة التاسع والعشرين من ذلك العام 1402هـ وكيف أن الشيخ أبدع فيها بقراءة عجيبة جداً من أجمل القراءات، وقرأ فيها آخر سورة التوبة وسورة يونس والثمن الأول من سورة هود، وأن الشيخ الكلباني كان يحتفظ بتسجيل نادر لها إلا أنه سرق منه ولم يعد موجوداً بالأسواق.

وفي آخر فجر من رمضان ذلك العام أم الشيخ الناس لصلاة الفجر وقرأ فيها النصف الأول من سورة الرحمن بقراءة مجودة هادئة جداً بترتيل ندي مميز قل أن يقرأ مثله - وإن كان التسجيل ضعيف الجودة حرمنا بتشويشه من نقلها بكامل نداوتها وجمالها - ، وكأنما أراد أن يكون ختام آخر فرض لصلاة الفجر وآخر صلاة جهرية في رمضان ذلك العام بأجمل إبداع وأروع نغمة وأجود ضبط وأهدأ نفس ، ليحبرها في نسمات الفجر تحبيراً في أرجاء المسجد الحرام ونفحات رمضان الأخيرة وقرآن الفجر ... إن قرآن الفجر كان مشهوداً.
ثم مرض الشيخ مجدداً بعد رمضان 1402هـ وانقطع عن الإمامة في المسجد الحرام فترة من الزمن.

استقالته من الإمامة الرسمية بالمسجد الحرام وعودته إلى المدينة 1403هـ

في عام 1403هـ تقدم الشيخ بطلب الإعفاء من الإمامة بالمسجد الحرام ووافق عليه مسئولو رئاسة شؤون الحرمين وذلك لظروف عديدة منها كون عمله ومقر ظيفته الرسمية في المدينة المنورة محاضراً في كلية التربية ، وسكن والدته وأهله في المدينة المنورة مع حبه للمدينة المنورة. ومرضه مرات عديدة مما يضطره للسفر إلى أهله ولم يكن للشيخ سكن خاص في مكة المكرمة كغيره من الأئمة الرسميين، وكان متعلقاً ببر والدته في المدينة ، مع رحيل الملك خالد الذي عينه بنفسه ، وتعرضه لابتلاءات عديدة بسبب الإمامة في المسجد الحرام والشهرة الحاصلة له في أرجاء العالم الإسلامي ومحبة الناس له كونه أبرز من شد الناس بتلاوته في الحرم المكي مما أثر كثيراً على صحته وإصابته بالعين وفقدان صوته حتى طلبت والدته منه أن يستقيل من الإمامة حفاظاً على صحته،كما أنه رحمه الله كان يحب البساطة وعدم التكلف والتعايش مع الناس بدون حرج من منصب ونحوه ، وقد تضايق كثيراً من الشهرة التي حصلت له بسبب الإمامة في الحرم المكي وما تبعها من تهافت الناس ومتابعتهم له،وقد جلبت له الشهرة مع كثرة المحبين حساداً على ما من الله به عليه مع أن الشيخ لم تكن لديه رغبة في الإمامة لكنها قدرت له وطلب إليها وكان يقول : "إن الإمامة ولاية ومسؤولية عظيمة خاصة إمامة المسجد الحرام"، وإنما كان همه وحبه الضلوع في العلم الشرعي والاستزادة منه وتدارسه ومواصلة مسيرته في طلب العلم وتدريسه من خلال عمله الوظيفي وهو التدريس الجامعي بالمدينة النبوية التي نشأ وطلب العلم فيها وعاصر فيها نخبة من كبار العلماء.


مقال من صحيفة الأهرام المصرية بتاريخ 3-10-1403هـ

مقطع مرئي : الحاج أشرف السعد يتحدث عن الشيخ علي جابر



رجوعه للمدينة وتدريسه الفقه وتأثر صحته 1403هـ

رجع الشيخ إلى المدينة المنورة التي نشأ فيها وحفظ فيها القرآن وتلقى فيها علومه الشرعية والتي فيها سكن والدته ومقر عمله الوظيفي ، وسجلت له حلقات تلفزيونية لتلاوة القرآن الكريم بطلب من التلفزيون السعودي كانت تعرض في افتتاح البث وختامه، حيث كان الشيخ يرى جواز التصوير المرئي خلافاً للرأي السائد آنذاك ، بل كان يحث في بعض لقاءاته الصحفية على إثراء وسائل الإعلام المختلفة بالأمور الشرعية والدعوية النافعة للمجتمع متغاضياً عن النقد الذي يتعرض له بسبب ذلك، وتأثرت صحته فابتعث في رحلة علمية إلى كندا وعلاجية في نفس الوقت .

سفره إلى كندا وتسجيل المصحف المرتل

سافر الشيخ إلى العاصمة الكندية أوتاوا في رحلة علمية ولبث فيها ثمانية أشهر وقضى فيها شهر رمضان هناك، ومع مرضه فقد سجل القرآن الكريم كاملاً بصوته في أحد المعامل الصوتية في كندا بطلب من الملحق الثقافي السعودي في كندا آنذاك الدكتور عصام عابد شيخ الذي أولى الشيخ رعايته هناك ، وسلمت النسخة الأصلية لذلك التسجيل إلى جامعة الملك سعود بالرياض ، وأهدت الجامعة نسخة منه إلى إذاعة القرآن الكريم بالرياض .

ومع أن هذه التسجيل هو الذي تنشره الإذعات والقنوات للشيخ إلا أنه يختلف كثيراً عن جمال تلاوة الشيخ في المسجد الحرام وغيره من المساجد ، كون هذا التسجيل سجل في مرض الشيخ وتأثر صحته وسفره وعلاجه هناك فاختلفت عن قراءة الصلاة وإمامة المسلمين في المسجد الحرام.

عودته من كندا إلى المدينة المنورة 1404هـ
عاد الشيخ إلى المدينة المنورة في شهر ربيع الأول من عام 1404هـ محاضراً في كلية التربية التابعة لجامعة الملك عبدالعزيز وقد كتب رسالة خطية في الثالث والعشرين من ذي الحجة عام 1404هـ جواباً لأحد محبيه ومما جاء فيها : ”وأما عن الحرم والإمامة فيه فقد طلبت الإعفاء من الإمامة ، ووافق المسئولون على ذلك ، لأنه ليس لدي رغبة في الانتقال من المدينة إلى غيرها".



رسالة الجواب بخط الشيخ علي جابر رحمه الله


التقدم للدكتوراه 1405هـ

في عام 1405هـ تقدم إلى المعهد العالي للقضاء بالرياض لتسجيل موضوع رسالته لنيل درجة الدكتوراه في الفقه المقارن فتمت الموافقة وبدأ الشيخ تحضيره لرسالة الدكتوراه بعنوان : ( فقه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق موازناً بفقه أشهر المجتهدين ).

ويذكر أنه في ليلة غير محددة من هذا العام أو قبله أم الشيخ علي جابر المصلين في المسجد النبوي الشريف مرة واحدة فقط لصلاة المغرب مما أبهج أهل طيبة الطيبة وانتشرت حينها شائعات بتعيينه إماماً للمسجد النبوي الشريف ، وسجل أيضاً عدة حلقات مرئية من تلاوته للتلفزيون السعودي .

تكليفه للمشاركة في إمامة صلاة التراويح والتهجد في الحرم المكي رمضان 1406هـ

منذ أن استقال الشيخ من إمامته الرسمية للمسجد الحرام فإنه لم يلتزم بإمامة أي مسجد آخر ، ولكن الناس وبعض أئمة المساجد كانوا يقدمونه للصلاة بهم أحياناً وخاصة في صلاة التراويح والقيام، وقد أم الشيخ الناس عدة ليال في صلاة القيام بعدة مساجد بالمدينة المنورة منها مسجد المحتسب ومسجد الأمير سلطان، ويذكر أنه أم كذلك في مسجد قباء.
مقطع صوتي من تلاوته بمسجد المحتسب لتراويح أول ليلة من رمضان عام 1406هـ

وبسؤال من بعض أمراء دول خليجية عن الشيخ علي جابر وافتقاده في أجواء رمضان بالمسجد الحرام ، وتوجيه من الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظه الله - عاد على إثره الشيخ لإمامةِ المصلِّين في رحاب بيتِ الله العتيق في ليلةِ السادس من رمضان عام 1406هـ كإمام مشارك مكلف لصلاة القيام ذلك الشهر.

وأم المصلين في رمضان ذلك العام ستة أئمة لصلاة القيام هم : الشيخ عبدالله الخليفي والشيخ محمد السبيل والشيخ علي الحذيفي والشيخ علي جابر والشيخ صالح بن حميد والشيخ عبدالرحمن السديس، كل إمامين في ليلة، وتكون نوبة الإمام مرة كل ثلاث ليال.

فلما صلى الشيخ علي جابر بالناس في المسجد الحرام صلاة التراويح ليلة السادس - وهي أول ليلة له لتأخر وصول أمر تكليفه - وفي انتظار إحدى نوباته القادمة سافر إلى مدينة الطائف لزيارة بعض أحبته ، وكانت أجواؤها المرتفعة باردة فأصيب الشيخ بالزكام، وعاد إلى مكة مزكوماً وصلى عدة ليال بالمسجد الحرام وهو مزكوم وظهر ذلك واضحاً في قراءته حتى تماثل للشفاء وقرأ بصوت جميل جداً أعاد ذكرى أيامه الأولى في المسجد الحرام وأشعل الحنين إلى تلك القراءة الصادحة والصوت الجهوري العذب الأخاذ الذي هيج قلوب المسلمين في كل مكان، ثم رجع الشيخ علي جابر بعد رمضان إلى المدينة المنورة.

يقول الشيخ الدكتور عائض القرني عن تلك القراءة عام 1406هـ وتلك الليالي : "كنت في الحرم أصلي فارتفع صوت الشيخ علي جابر تالياً (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك) فرجّ المسجد بالبكاء كأنه موقف من مواقف الحشر!! " .

شاهد تراويح ليلة 28-9-1406هـ على اليوتيوب بجودة عالية
http://www.youtube.com/view_play_lis...036F3402BFE0B6



رمضان 1407هـ

قبيل شهر رمضان هذا العام وصل خطاب من رئاسة شؤون الحرمين إلى مقر عمل الشيخ في كلية التربية بالمدينة المنورة - حيث كان محاضراً فيها - يفيد برغبة المقام السامي بتكليف الشيخ علي جابر للمشاركة في إمامة صلاة التراويح والقيام مع الشيخ عبدالرحمن السديس في المسجد الحرام، فتوجه الشيخ إلى مكة المكرمة.

وبدأت صلاة التراويح في المسجد الحرام من الليلة الثانية لتأخر إعلان رؤية هلال رمضان في آخر الليلة الأولى ، فبدأت الصلاة ليلة الثلاثاء الثاني من رمضان حسب الرؤية والأول حسب تقويم أم القرى، وكانت الركعات الأولى للشيخ عبدالرحمن السديس والركعات الأخيرة والشفع والوتر للشيخ علي جابر ، واستمر هذا الترتيب إلى منتصف الشهر ثم تم التغيير بالبدأ بالشيخ علي جابر والتكملة للشيخ عبدالرحمن السديس وذلك ليلة الثلاثاء الخامس عشر حيث ابتدأ الشيخ علي جابر بالصلاة بإكمال ما توقف عنده في الليلة السابقة من منتصف سورة مريم إلى أواخر سورة طه.

ولما دخلت العشر الأواخر بقي هذا الترتيب في صلاة التراويح ، ولكن تم عكسه في صلاة التجد آخر الليل، وأرسل للشيخين خطاب في الثامن عشر من رمضان يوضح ترتيب تكليفهم بصلاة التهجد.

ولما جاءت ليلة الثالث والعشرين ابتدأ الشيخ علي جابر صلاة التراويح ثم استأذن للسفر إلى مدينة الرياض حيث كان على موعد لمناقشة أطروحته لدرجة الدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية صبيحة الثالث والعشرين، ولذا فقد أتم الشيخ عبدالرحمن السديس صلاة التهجد كاملة تلك الليلة.

حصول الشيخ علي جابر على درجة الدكتوراه في الفقه

وفي صبيحةِ يوم الأربعاء الثالث والعشرين من رمضان عام 1407هـ حسب رؤية هلال الشهر - الثاني والعشرين حسب تقويم أم القرى ، كان الشيخ علي جابر - رحمه الله - على مَوْعد لمناقشة أطروحتِه لنَيْل درجة الدكتوراه من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وكان موضوعها: "فقه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، موازنًا بفقه أشهر المجتهدين"، وكان المشرِف على الرِّسالة فضيلة الدكتور عمر بن عبدالعزيز بن محمد، الأستاذ المشارِك بقسم الدِّراسات العليا، (شعبة أصول الفقه)، بالجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة، وبذلك حقَّق رغبة طالَمَا تمناها منذُ أن كان طالبًا بالمرحلة الجامعية.



ومن اللطائِف: أنَّ الثالث والعشرين من رمضان وَقَع فيه حَدَثانِ مُهمَّان في حياة الشيخ؛ ففي ليلة الثالث والعشرين من رمضان عام واحد وأربعمائة وألف من الهجرة، كان قد صلَّى بالناس إمامًا للمرَّة الأولى في رِحاب البيت العتيق، وفي اليوم نفسِه من العام السابع بعدَ الأربعمائة والألف من الهجرة، نال درجةَ الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى، فتوَّجَ بها جهودَه في طلب العلم.

وعاد الشيخ من سفره إلى مكة المكرمة ليلة الرابع والعشرين من رمضان إلا أنه لم يدرك صلاة العشاء مع الأئمة في الصف الأول - وكان يتوقع ألا يحضر تلك الليلة بسبب السفر - لكن الشيخ حضر وأدرك صلاة العشاء في أطراف المسجد الحرام ، ثم أخذ يشق الصفوف إلى المحراب بعد الصلاة ، فلما رآه المؤذنون في مكبرية المسجد الحرام يشق طريقه في صحن المسجد الحرام والناس يؤدون راتبة العشاء نودي بصلاة القيام ، ووقف الشيخ في محرابه وكبر للصلاة - وما زال بعض من خلفه يؤدون راتبة العشاء - وقرأ من آخر سورة فصلت إلى آخر سورة الشورى بقراءة عذبة فريدة من هذا الإمام القارئ الذي يقف إماماً للمسلمين في المسجد الحرام وقد أسبغ عليه هذه المرة لقب (الدكتور) .

مقطع مرئي لبداية صلاة التراويح ليلة الرابع والعشرين من رمضان عام 1407هـ

وبعد تلك الليلة وفي العشر الأواخر دعي الأئمة لتناول الإفطار في قصر الصفا ، وعندما سلم الشيخ علي جابر على الملك فهد بن عبدالعزيز رحمهم الله مازحه الملك فهد قائلاً : " الآن نقول لك يا شيخ أم يا دكتور ؟" فأجابه الشيخ مبتسماً : "المشيخة لقب يعطى للجميع دون ضبط، وأما الدكتوراه فتلزم البذل والجهد".

وكانت تلاوة الشيخ الدكتور علي جابر في التراويح آخر ليالي رمضان تلك السنة أكثر سرعة ، وفي صلاة التهجد يسدل يديه أحياناً فلعله بدا عليه أثر الإرهاق والتعب .

لكن تلاوات الشيخ كانت رائعة ومميزة في تلك السنة ، وسجل فيها الكثير من روائع قراءته من سورة التوبة والحج ومريم وطه والنور والفرقان والنمل والأحزاب ويس والصافات والشورى وغيرها.
وكان الشهر تاماً ثلاثين ليلة، وعاد بعده الشيخ إلى المدينة المنورة.

شاهد واستمع لقراءة الشيخ علي جابر من سورة الفرقان عام 1407هـ



عام 1408هـ

في الثاني والعشرين من شعبان 1408هـ وجه خطاب من رئيس شؤون الحرمين إلى نائبه لشؤون المسجد النبوي يفيده برغبة المقام السامي تكليف الشيخ علي عبدالله جابر للمشاركة في الإمامة بالمسجد الحرام لصلاة التراويح والقيام في رمضان ذلك العام ، وعليه أرسل في الخامس والعشرين من شعبان خطاب عاجل من نائب رئيس شؤون الحرمين لشؤون المسجد النبوي إلى الشيخ علي جابر بتكليفه إماماً مشاركاً في رمضان ، وطلب توجهه إلى مكة المكرمة قبيل حلول الشهر الكريم.

وكانت الطريقة المتبعة لإمامة صلاة القيام في هذا العام مختلفة ونادرة جدا،ً وهي مشاركة ثلاثة أئمة في صلاة القيام ، بحيث ينفرد كل إمام في ليلة يؤم فيها صلاة التراويح كاملة ويقرأ فيها جزءاً كاملاً من القرآن الكريم ويزيد أحياناً ، وفي الليلة التالية يؤم الإمام صاحب النوبة التالية تراويح الليلة كاملة، وهكذا.

وكان أئمة التراويح والقيام لهذا العام هم الشيخ علي الحذيفي والشيخ علي جابر والشيخ عبدالرحمن السديس، وكان يشاركهم الشيخ عبدالله الخليفي في الشفع والوتر .

وظهر في هذا العام كثرة محبي قراءة الشيخ علي جابر بصورة واضحة حيث كانت الليالي التي يؤم فيها تشهد ازدحاماً كبيراً لا يحصل في الليالي الأخرى ، بل كانت تغلق محال تجارية كثيرة بجوار الحرم أثناء إمامته وتتصل الصفوف خارج الحرم بصورة أكبر وبشكل ملحوظ أثناء الليالي التي يؤمها الشيخ كاملة.

وقد أبدع الشيخ في تلك السنة بقراءات جميلة منها سور : يونس والنحل والحج والمؤمنون والأحزاب وغيرها.

رمضان 1409هـ

في هذا العام أعفي رئيس شؤون الحرمين من منصبه لمرضه، وقام نائبه بأعمال الرئاسة وأرسل خطاباً إلى عميد كلية التربية بالمدينة المنورة بتاريخ 25-8-1409هـ بشأن رغبة المقام السامي تكليف الشيخ علي جابر للمشاركة مع الإئمة في صلاة التراويح والقيام ، وكلف أربعة أئمة للتراويح والقيام وأعيد ترتيب الإمامة لصلاة التراويح والقيام بأن يشارك الشيخان عبدالرحمن السديس وصالح بن حميد في ليلة ، والشيخان علي الحذيفي وعلي جابر في ليلة، وقد أم الليلة الأولى الشيخ عبدالرحمن السديس بمفرده، ثم شاركه الشيخ صالح بن حميد من الليلة الثالثة.

وسجلت في هذا العام أشهر تلاوات الشيخ علي جابر التي ذاع صيتها ، كتلاوته المؤثرة في سورة النساء عند ذكر المنافقين وتلاوته في آخر سورة يوسف .
وكان الشهر تاماً ثلاثين ليلة، وعاد بعدها الشيخ إلى المدينة المنورة.

انتقال الشيخ علي جابر من المدينة المنورة إلى جدة

أمضى الشيخ ما يزيد على ثلاثين عامًا من عُمره بالمدينة المنورة، ليَلْتقيَ بعدد من العلماء الأجلاَّء، الذين كانتْ تَزخر بهم طَيْبةُ الطَّيِّبة كما سافر إلى الرياض والتقى بنخبة من العلماء الأفاضل ونال درجةَ الدكتوراه عام 1407هـ ، وكان متعلقاً بسكنى المدينة المنورة وحب والدته وبقائه بجوارها وبدأ ببناء مسكن له فيها ، إلا أنه لظروف عمله وبمشورة والدته انتقل من فَرْع جامعة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة إلى مقرِّها الرئيس في جدة عام 1410هـ، عضوًا في هيئة التدريس في قِسْم الدِّراسات الإسلاميَّة، بكلية الآداب والعلوم الإنسانيَّة، على أمل الرجوع إلى المدينة المنورة وسكنى بيته الذي كان في طور البناء بالمدينة النبوية.

ندوة النادي الأدبي بمكة المكرمة 1410هـ

أقيمت ندوة بالنادي الأدبي بمكة المكرمة عام 1410هـ في شهر رجب تقريباً عن الإمامة وشروطها ، وطلب من الشيخ علي جابر المشاركة فيها إلا أنه اعتذر عن المشاركة فيها ، غير أن إدارة النادي الأدبي بمكة ألحت عليه بشدة للمشاركة حتى وافق وقدم إليها من جدة. وكان الضيوف المشاركون فيها هم : الشيخ الدكتور علي عبدالله جابر والشيخ عبدالرحمن السديس ومسؤول الأوقاف بالمملكة ، والندوة كانت مسجلة بالصوت والصورة وكان المفترض أن تعرض بعد تسجيلها في قناة التلفزيون السعودي الأولى، ويذكر أن الشيخ تحدث بكلام صريح وجريء وأبدى ملاحظاته على الندوة وانتقد بعض الأنظمة المتعلقة بموضوعها ، ويذكر أنها لم تعرض في قناة التلفزيون كما كان مقرراً وأنها كانت سبباً في عدم تكليفه بالإمامة في المسجد الحرام منذ ذلك العام.

رمضان 1410هـ

حل شهر رمضان هذا العام 1410هـ ولم توجه دعوة تكليف الشيخ للإمامة في الحرم المكي كما كان في السنوات السابقة، وكان الشيخ يسكن شقة صغيرة متواضعة في جدة ، فكان يقدمه الناس ليؤم صلاة التراويح في أقرب مسجد إلى منزله وهو مسجد بقشان بجدة ، ولم يلتزم إمامة ذلك المسجد ولا غيره ، وإنما يؤم فيه صلاة التراويح غالباً بطلب من محبيه وأهل المسجد ويغيب عنه بعض الليالي ليصلي في أطراف المسجد الحرام مؤموماً، وكان يصلي بعض الصلوات في مسجد الهدى القريب أيضاً إلى بيته ، وفي غير رمضان كان يمكث في مكتبة مسجد الهدى بين المغرب والعشاء، وكان طلابه يعلمون أن هذا الوقت هو المناسب للشيخ فيأتونه فيه للاستفتاء والسؤال أو السلام عليه ، واستمر على ذلك أكثر من سبعة أعوام ثم مرض ، ولم يعد للإمامة إلا ما ندر، حتى زاد مرضه ولزم بيته فترة طويلة.

يقول عبدالله ابن الشيخ علي جابر عن والده : "رفض كل العروض المقدمة له للإمامة خارج المملكة ، وذكر أن عرضاً جاءه من أمير الشارقة والكويت ، ولكنه آثر البقاء في المملكة بجوار بيت الله الحرام ، وقد صلى لفترة في مسجد بقشان بعد إلحاح شديد من محبيه " .

استمع لتسجيل نادر من صلاة العشاء للشيخ علي جابر بمسجد بقشان بجدة في أواخر حياة الشيخ
http://www.alijaber.net/audio/Ali_Ja...eah-Jeddah.mp3

أثر تلاوته على جيل الثمانينات عدها القراء مدرسة في التلاوة
وقالوا عن الشيخ علي جابر :

"كان رائداً من رواد القراء، كوَّن مدرسة سار عليها واقتفى أثرها الكثير من الأئمة على مستوى العالم ... لم أكن أشعر بلذة القرآن كما أسمعه منه رحمه الله .. وقد بدأتُ حياتي مع القرآن مقلِّداً للشيخ علي جابر .. الحقيقة أن الشيخ علي جابر أسس مدرسة ومرحلة .. وتأثر كثير من الشباب من بعده، كانت الإمامة أصلاً يعزف عنها كثير من الشباب، ما كان أحد يقبل عليها، كان الإئمة المتقنين في جدة - فيما أذكر - يعدون على الأصابع ، وأكثر المساجد يصلون بقصار السور، وكان هناك إمام أو إمامين أو ثلاثة الذين يختمون القرآن الكريم، فلما بدأت مرحلة الشيخ علي جابر بدأ كثير من الشباب يحفظون القرآن ويتأثرون بقراءته ، وكنت أنا أحد هؤلاء الذين حقيقة حفظت وكنت أراجع القرآن على قراءة الشيخ علي جابر".


الشيخ الدكتور عبدالله بن علي بصفر أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز، وإمام وخطيب مسجد الشعيبي بجدة

* * *

"كان صاحب صوت جميل وتغنى به في أرجاء الحرم وتأثر به جمع غفير من المصلين، وله رونق خاص وأداء متميز ، وإتقان جيد، وهو من الأشخاص الذين فقدهم يؤثر في نفوس المسلمين قاطبة"


الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي إمام وخطيب المسجد النبوي

* * *

"كان له الدور الأكبر في حبي لترتيل للقرآن الكريم"

الشيخ القارئ مشاري بن راشد العفاسي

* * *

"ترك بصمة واضحة في نفوس كثير ممن صلى خلفه فكان بحق مدرسة متميزة لها معالمها وجاذبيتها وتأثيرها في القلوب بل في الأسماع فقد أتعب الشيخ من جاء بعده، وخصوصاً أنه رحمه الله صاحب تمكن في الحفظ قوي وثابت في الإمامة قلما يوجد له نظير وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وتأثر به كثير من المشايخ والقراء المعروفين سواءً كان في هذه البلاد أو في غيرها " .


القارئ الشيخ شيخ أبوبكر الشاطري

* * *

" الشيخ علي عبدالله جابر هو مدرسة قائمة بذاته "

".. ثم حفظت جزءاً من القرآن على الشيخ من حُسن تلاوته ، ولا تزال بعض الآيات ترن في أذني منه ، وأذكر أني حفظت بداية سورة هود منه .. كانت ليلة من أعجب التلاوات وكانت قراءة أكثر من رائعة "


القارئ الشيخ عادل بن سالم الكلباني

* * *

"هو مدرسة تجديدية في التلاوة ، حيث نجد أن كثيراً من القراء يكونون قد تأثروا بمن سبقهم ، إلا أن شيخنا كان له أسلوبه المتفرد في طريقة التلاوة ... لقراءته ميزة عظيمة حيث تعتبر قراءة تفسيرية توضيحية"


الشيخ الدكتور سعد بن عبدالله البريك

* * *

" ارتبط اسمه بسماع القرآن وحق له أن يشرف بذلك، الشيخ علي جابر كان مدرسة مستقلة ، لا يمكن أن تقول أن أحداً سبقه في هذا الأداء ، كان يتميز بقوة الحفظ ، ومتانة القراءة ، وجمال الصوت ، وحسن الأداء ، وتمام الثقة في القراءة ، وكان يتميز أيضاً بالقراءة التصويرية"


الشيخ القارئ ناصر القطامي

* * *

" أحدث الشيخ – رحمه الله – نقلة نوعية في الإمامة بالمسجد الحرام حيث بدأت الأصوات الشابة تغزو أرجاء الحرم – إن صح التعبير – في اللحظات الأولى لإمامة الشيخ "


الشيخ حميد بن محمد الحميد إمام مسجد العمري ببريدة

* * *


" تميز رحمه الله بجهورة الصوت ، والأداء ، وله قبول في أوساط المجتمع ومحبة في النفوس " .


القارئ الشيخ محمد مكي هداية الله

* * *

" آتاه الله حسن التلاوة وجمال الصوت وقوة الحفظ ... الدور الذي قام به في استقطاب الناس لسماع التلاوة، حتى كنا نسمع الكثير من الناس صغاراً وكباراً يقلدونه في طريقته المتميزة بالترنم بالقرآن الكريم فقد كان – رحمه الله – مدرسة لجيل من الحفاظ" .

م. عبدالعزيز بن عبدالله حنفي رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة


* * *

"امتاز فضيلته بجودة حفظه ، وقوة أدائه ، وجمال صوته , مما كان له أبلغ الأثر في نفوس مستمعيه " .

الشيخ القارئ سجاد بن مصطفى الحسن الأمين العام لجمعية القرآن الكريم بمكة المكرمة

* * *

" الشيخ علي جابر من القراء الذين يشدون الانتباه ويجذبك بجمال صوته"


د. محمود حسن زيني أستاذ الأدب بجامعة أم القرى

* * *

"في سني أعمارنا تلك، كنا نحرص، ونحن بعيدون نوعاً ما عن أجواء القرآن وحلقات العلم والعلماء، على اقتناء أشرطة الشيخ علي جابر والاستماع إلى تلاوته العذبة للقرآن ... هذه التلاوة التي كانت خاصة بالشيخ بلغت درجة أثرت فيها على جيل القرّاء الشباب الذين تسابقوا ذياك الزمن إلى تقليد صوته وطريقته في التلاوة، كان عندما يحين دوره في الإمامة يرحمه الله، ترانا وقد هببنا جماعات ونشطنا وسرت في أوصالنا كهرباء نفسية عجيبة، ولكأننا نترقب مجيئه، فتتهيأ أنفسنا لصوت ملائكي أخاذ" .


الكاتب والإعلامي عبدالعزيز محمد قاسم


الشيخ علي جابر .. والقرآن الكريم

لمس الشيخ علي جابر أثر حفظه القرآن الكريم في حياته, وكان فضيلته مدركاً أن الإنسان إذا ركز على تعقل القرآن ومعانيه وتفهمه فإن ذلك يزيده حفظاً وقوة على ما هو عليه, يقول عن ذلك الأثر في نفسه: ( القرآن ليس المقصود منه التغني وتزيين الصوت به وإنما يجب أن يكون واقعاً عملياً سلوكياً يقوم الإنسان بتطبيقه في واقع حياته كلها).

ويزداد هذا التأثر بكتاب الله الكريم عندما تحدث بقوله: القرآن الكريم أنزله الله تعالى هداية للعالمين, وأحد مصادر هذه الشريعة الإسلامية, وهو أيضاً شفاء ورحمة للمؤمنين, والذي يقرأ القرآن بتعقل وتدبر وتفهم لمعانيه فلا شك أن ذلك يوصله إلى طريق السعادة والنجاة في الدارين, وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (القرآن حجة لك أو عليك), فهذا الكتاب الكريم إما أن يكون حجة للإنسان من حيث التطبيق العملي لما فيه من أوامر ونواه وإما أن يكون حجة عليه عندما يخالف ما ذكر فيه, ولهذا لا يمكن أن نكتفي بحفظه بل لابد من تدبره فقد أنزله الله عز وجل للتدبر كما قال سبحانه: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}.

ورغم ذلك التواضع من الشيخ علي جابر الذي لمسه منه جميع المقربين منه وتأكيده على أن ليس للتغني وتزيين الصوت به إلا أن حلاوة صوته بالقرآن جعلت العديد من الشباب يتأثرون به ويعودون ويتوبون إلى الله بعد سماعهم له سواء من خلال إمامته في المسجد الحرام أو من الأشرطة السمعية لكن الشيخ لا يدعي ذلك لنفسه بقوله: (لا أدعي لنفسي التأثير ولكني أقول إن الصوت الحسن وقراءة القرآن محبرّة له أثر عظيم في نفس الإنسان المسلم, وهذا يتضح من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع ابن مسعود رضي الله عنه عندما قال له: (اقرأ عليّ) قال: كيف اقرأ وعليك أنزل, قال: (إني أحب أن اسمعه من غيري) فقرأ عليه صدراً من سورة النساء حتى وصل إلى قول الله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}, بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في ابن مسعود: من أراد أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد, فلا شك أن الصوت الحسن والقراءة المحبّرة لها أثر عظيم على السامعين).

التسجيلات الصوتية والمرئية للشيخ

أنشأ بعض المهتمين بعد وفاة الشيخ موقعاً له على الإنترنت حاولوا جمع ما يمكن من تلاواته وقد واجهتهم صعوبة كبيرة جداً في تحصيل الأصول النقية لتلاوات الشيخ الصوتية والمرئية من أراشيف إذاعة القرآن الكريم ومن أرشيف القناة السعودية الأولى حتى أن ورثة الشيخ تقدموا بخطاب رسمي إلى وزارة الثقافة والإعلام للحصول على نسخة نقية من تلاوات الشيخ الصوتية والمرئية التي كانت تبث عبر الإذاعة وفي التلفاز ولكن دون فائدة ، وأشيع أن تلاواته المسجلة من المسجد الحرام فقدت أصولها النقية من أراشيف الإذاعة والتلفاز ، والتي تعد من النفائس النادرة المفقودة حتى الآن.

واعتمد موقع الشيخ كما هو مبين فيه على جهود المتطوعين واستجداء محبي الشيخ لجمع ما يمكن من التلاوات المتفرقة بجودات متوسطة وضعيفة من التسجيلات والأشرطة القديمة ضعيفة الجودة في الغالب والتي أثرت فيها أجهزة النسخ القديمة بالتسريع وإضعاف جودتها ورونقها إلا قليلاً من التسجيلات النقية الرائعة علها تسهم في تخفيف شيء من الحزن على فقدان الشيخ رحمه الله وأن تكون وقفاً للشيخ ونفعاً للناس في أنحاء العالم الإسلامي.

وكان يؤمل من قناة القرآن الكريم السعودية أن تبث شيئاً من تلاوات الشيخ المسجلة في صلاة القيام بالمسجد الحرام والتي تعلقت بها قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حيث من المفترض أن أصولها النقية الصافية تقبع في أراشيف التلفزيون السعودي والإذاعة.

وإذاعة القرآن الكريم بالرياض تبث نسخة نقية من تسجيل المصحف المرتل المسجل في كندا عام 1403هـ وقد أهدتها إليها جامعة الملك سعود بالرياض ، وهو وإن تميز بنقاء التسجيل ووضوحه العالي فإنه يختلف بطبيعته عن تلاوة الشيخ المميزة في جنبات المسجد الحرام ذات الأداء المميز والتي تبث الإذاعة بضعة تلاوات منها بجودة طيبة من تسجيلات عام 1408هـ فقط دون غيرها من تلاواته المشهودة في فترة إمامته للمسجد الحرام بين الأعوام 1401 -1409هـ.

يقول الشيخ الدكتور سعد بن عبدالله البريك عن تلاوات الشيخ المميزة في المسجد الحرام : "أقترح أن نحفظ هذه القراءات ونوثقها عبر الأشرطة والاسطوانات ونشرها وتوزيعها على المسلمين بالمجان ، وأتمنى أن تتبنى شؤون الحرمين الشريفين ذلك أو إحدى المؤسسات القرآنية " .

وكان يؤمل من رئاسة شؤون الحرمين أن تعير هذا الكلام - الذي هو أمنية لكثير من العلماء والدعاة وجماهير المسلمين - اعتباره ، وحتى أن موقعها على الإنترنت -حتى كتابة هذه الأسطر- لم يعرض أياً من تلاوات الشيخ علي جابر في المسجد الحرام مع انتشار العديد منها في كثير من مواقع الإنترنت واليوتوب وفي موقع الشيخ على الإنترنت.

ومع صعوبة الحصول على نسخ من الأصول النقية للتلاوات الصوتية والمرئية للشيخ علي جابر من المسجد الحرام - التي كانت تبث تلك الأعوام - من أراشيف التلفزيون السعودي والإذاعة؛ إلا أن الناس والعلماء والدعاة والقراء لا يزالون يذكرون أثر هذه التلاوات المميزة في تاريخ المسجد الحرام ويروحون الأنفس بذكرها ويجدون في الإنترنت ما ينفس عنهم شيئاً من فقدها !!

ومما سطر عن أثر تلاواته رحمه الله :

يقول الحاج أشرف السعد في لقاء على قناة المستقلة الفضائية : " الناس مقصرون في حق هذا الرجل وأناشدهم أن يدعوا له خاصة في المسجد الحرام ، هذا الرجل ذو صوت ملائكي ومن أطهر القلوب التي قابلتها في حياتي، وله فضل على جيل الثمانينات - الميلادية - حيث أثر في هذا الجيل تأثيراً شديداً، وقد حُسِد رحمه الله".

وقال الشيخ الدكتور عبدالله الصبيح الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: " كنا نتسابق للصلاة خلفه والتأثر بقراءته التي كانت تزيد خشوعنا وتقرِّبنا من الله لفرط عذوبتها وتميُّزها " .

وكتب الشيخ خالد آل ثاني في جريدة الشرق القطرية مقالاً عن الشيخ قال فيه : " طالما اشتقنا لسماع القرآن بصوته الذي طالما أبكانا عندما نستمع لنبرات صوته وهي تتعالى عند ذكر آيات العذاب وآيات الوعيد تأثراً وخوفاً وخشية ، فقد كان للشيخ رحمه الله أسلوب بديع في التلاوة ، يجعل المستمع ينصت إليه في هدوء وسكينة " .

ووصفه الكاتب بجريدة الأهرام المصرية أحمد بهجت بقوله : " كان صوته وأسلوبه في القراءة يبرزان معاني الآيات ويصلان إلى كل قلب ويشعلان الروح بخشوع حقيقي . إن الصلاة التي كان يقيمها كانت عظيمة حقاً ، وهو يهز أوتار القلوب هزّاً ، بل إن المصلين يحسون وهم يسمعون القرآن منه في الصلاة أنهم يخشعون ويتصدعون هيبة وخشية"

ويقول الدكتور عائض الردادي عضو مجلس الشورى ومدير عام إذاعة الرياض سابقاً : "كان لصوته الحسن وقراءته المحبرة وأدائه المؤثر وضبطه لأحكام القراءة أثر في استماع الناس لقراءته وتقليدهم لأدائه الذي صار نهجاً مميزاً عرف باسمه " .

ويصفه الأستاذ عبدالعزيز محمد قاسم الكاتب والإعلامي المعروف بقوله : " أوتي الصوت الندي والطريقة البديعة في تلاوة القرآن التي لم نألفها أبداً قبله . وقد بلغ درجةً أثّر فيها يرحمه الله على جيل القرّاء الشباب الذين تسابقوا إلى تقليد صوته وطريقته في التلاوة ... ينطلق في تلاوته سرداً وقد أحكم التجويد ومخارج الحروف .. وإذا ما سرح بك الخيال أو تشتت ذهنك إذ بك تُؤخذ على حين غِرة وتفيق على صوت الشيخ وقد انتقل إلى تلاوة عالية النبرة، وقد شد النفوس معه ، وحبس الأرواح التي استوفزت ، ويكاد قلبك أن ينخلع وأنت تتابعه في تلك التلاوة الآسرة " .

أما الأستاذ الدكتور سالم بن أحمد سحاب الأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة ، والكاتب الصحفي المعروف فقد سطر مشاعر فياضة كان منها قوله : "رحمك الله يا شيخنا العزيز ، فلقد كنت أول الكاسرين لحاجز القراءة الرتيبة ، والتلاوة التقليدية التي كنا نحسب أن لا غيرها طريقة يمكن أن يتلى بها القرآن . لقد علمتنا – رحمك الله – أن جزءاً من حلاوة هذا القرآن العظيم كامن في طريقة تلاوته وفي فن إخراجه من الحناجر ليبلغ القلوب " ويضيف قائلاً : " أتمنى أن ينشأ كرسي علمي لدعم باحثين يدرسون تلاوة الشيخ من كل جوانبها على أسس علمية حديثة ويشارك فيها خبراء مختصون في أنواع المعرفة ذات العلاقة ، ومنهم خبراء في الصوتيات وفي علم النفس والاجتماع واللغة والقرآن ... للتأصيل لعلم راسخ يسهم في بناء أجيال ناشئة تحسن تلاوة القرآن على طريقة الشيخ علي جابر رحمه الله . ما أحوجنا إلى مدرسة من هذا الطراز !! " .

وفي صحيفة البلاد وصفه الكاتب خالد الحسيني بقوله : "صوته ندي ، أداؤه من مقام لم يعرف من قبل ذلك في المسجد الحرام حتى ذهب طريقة قلدها كثير من الأئمة ، جمع بين التواضع وسهولة الحياة والبعد عن الغرور .. نظيف اللسان ونظيف اليدين ، بسيطً بمعنى الكلمة " .

وزاد الكاتب بجريدة عكاظ محمد أحمد الحساني بقوله: " كان الشيخ علي جابر صاحب صوت رخيم ، عذب مؤثر ، يصافح القلوب قبل الآذان بلا تكلف ، وكان ذا طبقة صوتية قوية وعالية ، ولكنه يستطيع السيطرة على طبقته الصوتية بما يضمن عدم تحويل القراءة إلى صياح ، وكان بكاءً بلا تكلف ، ولذلك لم ينسه الناس ، وظلوا على الرغم من بعده يتغنون باسمه كلما جاء ذكره ، وهم الآن يترحمون عليه بلسان واحد " .

وقال الدكتور حسن بن محمد سفر الأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز : "ملَك ناصية الحفظ تجويداً وتلاوة .. منّ الله - عز وجل - عليه بعذب التلاوة ، وجمال الصوت ، وجهورية الأداء بنغمات وآداءات متعددة منسجمة تشنف الأسماع وتفتح الأذهان" .

ووافقه الشيخ الدكتور محمد بشير حداد بقوله : "بصوته العذب أخذ معه عموم المصلين في المسجد الحرام يتذوقون المعاني الجليلة في آيات القرآن الكريم مما أحدث نقلة مشهودة فتوجه كثير من المتساهلين في سنة التراويح إلى المسابقة إليها بأفواج كبيرة من كل حدب وصوب بجموع لم تعهد من قبل ... وكذلك حفز الكثيرين من الصغار والكبار على الإقبال على حفظ القرآن وتجويده بأصوات ندية لم تعهد من قبل " .

ويقول معالي الدكتور محمد عبده يماني : " الشيخ علي جابر قارئ حافظ ورع .. كنت أشعر بسعادة كبيرة وأنا أرى الشباب يتسابقون إلى الصلاة خلفه ويستمتعون بجمال تلاوته للقرآن " .

وقال الدكتور عبدالله نصيف : "كان من الأصوات الجميلة التي يترقبها ملايين الناس ، واستمعوا إليها من خلال قراءته في الحرم " .

ويقول الإعلامي الدكتور فهد بن عبدالعزيز السنيدي : "ذلك العام الذي دخلت فيه الحرم وأنا في أواخر الطفولة وأوائل الشباب لأستمع إلى صوت أسطوري يجلجل في جنبات الحرم ويشعر كل سامع أنه يعيش في ملكوت آخر وأنه يهدهد القلب ليملأه إيمانا ًينسكب مع عظمة كل آية يقرؤها...
لم أصدق أنه سيأتي اليوم الذي أتذكره وأنا أخصص له حلقة إعلامية لأبكي .... هل هو نفس البكاء الذي انتابني عندما دخلت الحرم في صباي ليحمل صاحب الصوت مشاعري معه عند كل آية ؟؟ أم هو بكاء الشوق لذلك الصوت الذي انقطع عن الحرم ؟؟ فانهالت الاتصالات من كل أطياف العالم الاسلامي!! ذهلت جداً !!!
أيعقل أن الرجل مازالت له هذه الحظوة عند الأمة؟؟ إن الصدى العجيب لهذا الرجل قلب عندي موازين الرؤية لبعض الشخصيات ..
أيها الأحباب أمتنا بخير لكنها مختطفة في إعلامها وسياستها ومناهجها التربوية وإلا فإن السبيل الأعظم ( خلوا بيني وبين الناس) كما قال صلى الله عليه وسلم
اللهم اغفر للشيخ العالم الفقيه علي جابر وارفع ذكره واخلفه في عقبه آمين" .

أما الكاتب في جريدة الحياة مصطفى الأنصاري فقد سطر مشاعر الأمم التي صلت خلف الشيخ رحمه الله بقوله : " إمام الحرم الذي لم يشهد القرن الماضي له مثيلاً بإجماع كل الذين كتب لهم أن يقفوا خلفه خاشعين لله في البيت الحرام ... إن أئمة في بقاع شتى من الأرض كان الناس أحرص على الفراغ من الصلاة خلفهم منه على الاستمرار .. لكن علي جابر كان الاستثناء بلا جدل " .

وسطر الكاتب منصور النقيدان درة رائعة عن الشيخ منها قوله : "هكذا كانت قصة ذلك الصوت الأسطوري الذي اكتمل رونقه في طيبة على خطوات من مثوى الرسول عليه السلام، وتنسمت الطائف شذاه ووادي الأراك هواه، حتى حطت به أشواقه وآماله ومنتهى أحلامه دانياً من البيت العتيق، صادحاً في أروقة المسجد الحرام ... كانت نفحة من رحمة السماء، ومودة الرحمن، ونعي سورة يس للبشر الخاطئين، وجلال آية المشكاة في سورة النور. كان الجمال ليلتها حناناً من لدن الخالق وهبة منه حين أم المصلين فيها علي عبدالله جابر، فتضوعت الألطاف ولانت القلوب وهام العاشقون بملكوت السماء، وهمهمت الشفاه بتسبيح الودود وبديع صنعه.

كانت إمامته ليالي رمضان سنواتٍ ثمانيَ متقطعة نبعاً لا ينضب من الطمأنينة والجلال وألق السماء، والصبا تهدهد كل من لاذ بالبيت وعانق الملتزم، أو تسمر أمام التلفزيون أو أصاخ بسمعه إلى الراديو، ولأن الصوت الحسن يزيد القرآن حُسْناً، فقد كان علي جابر ليلتها ضرباً من البهاء لا يتكرر. لقد كان جوهرة أتت إلى هذا العالم ثم مضت، فلا مثال على منوالها، ولا حنجرة تدانيها.

كانت تهاويل ذلك الجمال تتجلى في تلك اللحظات التي تسبق الركوع بآية أو آيتين، حين يهيؤ الشيخُ مَنْ وراءه لنقلة هي كالبرزخ بين عالمين، أتذكرونها؟ إنها تلك الأجزاء من الثانية التي تستلُّكَ من عالم المادة في حالة أشبه بالنعاس كالأمَنَة من ألطاف الرحمن، أو كمرتحل على خوافق طير خضر نحو السماء، بعيداً بعيداً عن دنس النفوس ووطأة الأرض، ورياء القلوب وزيفها. في تلك الفجوة بين عالمي المادة والحس كانت تتبدى عبقرية علي جابر .... كان هبة مقصورة عليه، لأنه كان عاشقاً للقرآن، مدنفاً حتى الثمالة بتلك الآي التي يرفل بقراءتها بخيلاء ...

شاهدوا على يوتيوب مقاطع له في المسجد الحرام وهو يقرأ خواتيم سورة الحج، وفاتحة سورة الإنسان، ومواضع من سورة الشورى، وبضع آيات من سورة النور، تقص للعباد نزول الغيث وتراكم السحب وعن جبال فيها من برد، وإن كنتم ممن فقد حبيباً فأصغوا إليه وهو يقرأ خواتيم سورة يوسف فلا أحلى ولا أرق ولا أعذب، ذلك أن من يتأمل كيف يغدو المشهد ليالي رمضان والطائفون يحيطون بالكعبة في حركة دائبة تخلب الألباب، والتائبون يسحون دموعهم بين الحطيم وزمزمِ، ومئات الألوف شخوص في سكينة وإخبات، والنسمات الندية تهفهف بالمصلين وزقزقات العصافير كزجل التسبيح، كل ذلك بأجمعه هو ما ينسج الجمال ويظفره بأريج صوت الشيخ الراحل الأسيف.

كان قرار الملك خالد بن عبدالعزيز بتعيين علي جابر إماماً في ليالي رمضان منعطفاً في تاريخ الإمامة بالمسجد الحرام، فقد كانت مرحلة جديدة انبلجت بها آمال من طمح من الحفاظ اليافعين لذلك المقام الأرفع، فازدهر جيل من القراء يندر أن توافرت أعدادهم في أي مرحلة تاريخية سبقت" .


نظرته الفقهية الدعوية

مع أن الشيخ علي عبدالله جابر - رحمه الله - كان متميزاً في تحصيله العلمي ولقاء العلماء والاستفادة منهم فإنه من أدبه وورعه لم يكن يعد نفسه من العلماء مع أنه كان قوي الحجة وضليعاً في الفقه المقارن ولم يكن يلقي دروساً خارج نطاق الجامعة وعمله الرسمي المكلف به في ظل وجود نخب من العلماء الكبار والمفتين الذين تتلمذ على بعضهم ، إلا ما كان له من بعض المشاركات في المحاضرات والندوات حين يطلب منه ذلك في داخل المملكة أو خارجها عندما يكون مسافراً .

وكان الشيخ مع أدبه وتواضعه قوياً في الحق صريحاً لا يلتفت للمجاملات أو لوم اللائمين ، وعرف ذلك منه في لقاءاته داخل المملكة وخارجها .

وكان يدعو لاستخدام مختلف الوسائل الحديثة للدعوة والتعليم كتصوير اللقاءات والمحاضرات العلمية تلفزيونياً وابتدأ الشيخ تسجيل حلقات تلفزيونية لتلاوة القرآن الكريم كانت تعرض في التلفزيون السعودي منذ عام 1403هـ ، وعندما سافر إلى كندا سجل مصحفه المرتل صوتياً الذي يعرض إلى وقتنا الحاضر في إذاعة القرآن الكريم بالمملكة ، في حين كان يتردد الآخرون في ذلك بل كان كثيرون من أهل العلم يرون عدم جواز التصوير المرئي في ذلك الوقت ، مع أنهم اليوم ممن يظهرون في القنوات الفضائية المرئية ويحرصون على نفع الناس من خلالها .

وفي حين كان يتحدث المصلحون عن خطورة البث المباشر للقنوات الفضائية قبل غزوها العالم الإسلامي والتصدي لدخولها ؛ كان الشيخ يدعو منذ ذلك الوقت في لقاءاته الصحفية للإعداد الدعوي والتحضير لاستخدام هذه التقنية في الخير والبدأ في تجهيز البرامج المرئية لتعليم الإسلام والخير للناس .

وفي حين ظهرت الجماعات الإسلامية والأحزاب المختلفة وفتن التخطئة والتبديع والتكفير ؛ كان الشيخ يدعو إلى عدم الانتساب لأي منها سوى الانتساب للإسلام والإيمان ولزوم منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين من أهل السنة والجماعة واقتفاء آثارهم ، مع عدم التشهير والتجريح بأسماء الأشخاص علانية على المنابر في حال الاختلاف مع آرائهم ، والتأدب في دعوتهم بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة ، ولازال على ذلك إلى أن توفي ومحبته في قلوب أكثر الشعوب الإسلامية ممن عرف الشيخ - رحمه الله - ، ولا شك أنه استفاد في ذلك كثيراً من علم وأدب شيخه عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى - .

نصيحته للشباب .. والعلماء

لم ينس الشيخ علي جابر وصيته للشباب بحفظ القرآن الكريم وتدبر معانيه فكان ينصح ويجتهد في النصيحة سواء لمن حوله أو طلابه في الجامعة فيقول لهم: (ما من شك أن حفظ كتاب الله تعالى هو نعمة من الله عز وجل, وهذه النعمة اختص الله بها عز وجل من شاء من عباده, وان الشاب المسلم متى وجد في نفسه قدرة على حفظ كتاب الله تعالى فإن عليه التوجه إلى أحد المساجد التي تعنى بتدريس القرآن الكريم ونشره لأن ذلك سوف يعينه مستقبلاً في حياته العلمية والعملية).

وكان الشيخ علي جابر يطالب العلماء والمفكرين إلى أن يقوموا باحتضان الشباب والتغلغل في أعماق نفوسهم حتى يعرفوا ما عندهم من مشكلات فيعالجونها على ضوء ما رسمته الشريعة الإسلامية ويقول فضيلته: (الصحوة الإسلامية الآن تمر بمرحلة طيبة لكنها في حاجة من العلماء والمفكرين إلى احتضان هؤلاء الشباب ولا يبتعدون عنهم يحجزون أنفسهم فيما هم موكلون فيه من أعمال فإنهم إن لم يقوموا بهذه المهمة الجليلة فيخشى أن تكون العاقبة وخيمة والعياذ بالله), وفي المقابل فإن الشيخ علي جابر يوجه حديثه للشباب بقوله: (يحسن بالشاب المسلم أن يذهب إلى حلق العلماء في الحرمين الشريفين وفي غيرهما من المساجد وعليه أن يسأل العلماء الذين منحهم الله عز وجل الفقه والبصيرة في هذا الدين حتى يعيش عيشه منضبطة ومتمشية مع ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام).

علاقة خاصة مع الملك خالد - رحمه الله -

ومع العلاقة الحميمة التي كانت تربط الشيخ علي جابر بجلالة الملك خالد -يرحمه الله- حيث كان إماما خاصاً لمسجده في قصره بالطائف ثم عينه بنفسه في المسجد الحرام إماماً وتوجه معه شخصياً إلى المسجد الحرام وصلى خلفه إلا أن فضيلته أراد الاحتفاظ بهذه العلاقة عندما قال: (أما عن علاقتي بالملك الراحل خالد بن عبدالعزيز -يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته- فهي علاقة خاصة احتفظ بها لنفسي سائلاً المولى جل وعلا لخلفه الصالح خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- التوفيق والسداد لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين).

تدريسه للعلم

يقول الشيخ خالد القحطاني إمام مسجد عمر بن الخطاب بجدة ، وأحد طلاب الشيخ علي جابر بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة : " كان يقرر المتن الأصلي ويحثنا على حفظه ويقوم بشرحه وشرح مسائله مع ذكر خلاف أهل العلم فيها دون توسع وكان يعتني كثيراً بالنواحي اللغوية للألفاظ ، وكان يستشهد كثيراً بألفية ابن مالك في النحو ، وكنت أعجب من سرعة استشهاده وقوة حافظته " ، "كان يلقي دروسه الجامعية بمسجد الكلية وكان يقول: لعلنا نحيي بذلك منهج أهل العلم بأخذ الدروس في المسجد . فكنا نجلس متحلقين ونقرأ عليه المتن ويشرحه " ، "وكان ينصحنا دائماً بالحرص على كتب السلف والكتب المعتمدة في المذاهب الفقهية وعدم الاتكال فقط على الكتب المعاصرة وإهمال كتب الأولين " .

وقال الشيخ الدكتور صالح اللحيدان المستشار بوزارة العدل : " لمست فيه التواضع وشدة الورع ، وجودة القراءة ، وكان يحترم علمه كثيراً ، وكان رحمه الله كثير الصمت ، وإذا تحدث أو تداخل وتحاور يدرك ما يقول " .

ويقول القارئ الشيخ نبيل الرفاعي : "تتلمذت على شيخي علي جابر رحمه الله في القرآن والحديث والعقيدة وقد منحني -رحمه الله- الثقة الكبرى عندما كان يصلي خلفي مأموما في صلاة التراويح بجامع الهدى بحي الأندلس وذلك تواضع جم منه رحمه الله" .

ويصفه الدكتور خليفة بن عبدالرحمن المسعود عميد كلية المعلمين بالرس بقوله : " الشيخ الزاهد المتواضع ذو الصوت الشجي النقي ... كنت ارتاد مسجد الكلية فأرى طلابه متحلقين حوله .. أخجلني بكرمه وبساطته .. لم يبخل بمعلومة .. كان يتحمل أسئلتي الكثيرة ويجيب عليها بتواضع جم رغم ما كان فيها من خصوصيات .. تحدثت معه عن فترة إمامته للمصلين بالحرم المكي وكان يذكر جميع من تعامل معهم بالخير ولم يذكر أحداً بسوء مما يدل على حسن نيته وطهارة قلبه“ .


ذكر شيء من الأخلاق والصفات التي تميز بها

* منذ صغره تميز بالتربية على الأدب العالي والخلق وكان باراً جداً بوالدته التي ربته حيث توفي والده وهو في الحادية عشرة من عمره .

* وكان وقته محفوظاً بين البيت والمسجد والجامعة ولم يسجل عليه أي تغيب أثناء دراسته الجامعية.

* وعرف بشدة حيائه وأدبه وكثرة صمته وكان الشيخ إذا تحدث لطيفاً فصيحاً لا يمله من جالسه .

* وامتاز بعفته الشديدة في الأمور المادية الدنيوية ، فقد بلغت شهرته عالمياً مبلغاً لم يبلغه بعض رؤساء الدول ، وكثر محبوه من مختلف الطبقات الاجتماعية ، ومع ذلك عاش الشيخ زاهداً في ما عند الناس وسكن شقة صغيرة لم يملكها ، ثم لما ضاقت به وبأولاده انتقل إلى بيت أكبر من هذه الشقة قليلاً ، وكان قد اجتهد ليبني لأولاده بيتاً متواضعاً في المدينة النبوية قرب مسجد المحتسب الذي صلى فيه مطلع رمضان عام 1406هـ ولكن قصر عليه المال فلم يتمكن من إكماله ولم يطلب من أحد شيئاً وبقي هذا البيت على حاله سنوات طويلة حتى أن الشيخ المحدث حماد الأنصاري – رحمه الله – خرج يوماً مع الشيخ علي جابر – رحمه الله - من مسجد المحتسب بالمدينة فوقف الشيخ حماد أمام بيت الشيخ علي جابر الذي لم يكمل بناءه وقال مداعباً للشيخ علي : " يا شيخ علي .. متى تُكْسَى هذه ؟! " – يعني دار الشيخ– فتبسم الشيخ علي وقال : " عندما يأتي هذا !! " وأشار بحركة يده يقصد توفر المال ، ولو أراد الشيخ لبنيت له قصور لكثرة من يجلونه ويحبونه حباً شديداً خاصة بعد تركه إمامة المسجد الحرام وتألم محبيه وكثرة سؤالهم عنه ، لكنه أبى إلا أن يرجع إلى وضعه السابق ويعيش كفافاً في حياته بين المثلث الذي اعتاده منذ طفولته : بيته والمسجد والجامعة ، ويعتزل الناس أغلب وقته ولا يلتفت لزخارف الدنيا .

* كما عرف بورعه وتقواه وقد حرص على عدم تولي منصب القضاء مع ما فيه من الوجاهة والحصانة ، وطلب إعفاءه من القضاء بعد أن صدر أمر تعيينه لخوفه مما قد يترتب عليه من الحساب يوم القيامة ، وعدم تعلقه بإمامة الناس بل كان كثيراً ما ينبه أن الإمامة هي ( ولاية صغرى ) وأنها أمانة ومسؤولية ، وعندما سأله الكثير من محبيه أن يعود للإمامة في المسجد الحرام قال لهم : "إن الإمامة أمر لم أكن أسعى إليه وإنما فرضت علي فرضاً ، وهي مسؤولية لا أسعى إليها وأحمّلها نفسي إذا لم تفرض علي" ، وكان قد تقدم بطلب الإعفاء منها .

* وتميز الشيخ بمثابرته وحرصه على التقيد بالمواعيد ، فقد كان ينظم وقته والذي يزور الشيخ يعرف أن الشيخ غالباً لا يستقبل إلا بموعد إلا لخواصه.

* وكان أول شاب يتولى الإمامة في المسجد الحرام حيث تولى إمامته وهو في السابعة والعشرين من عمره، وكانت إمامته فتحاً لباب إمامة الشباب بعده في المسجد الحرام في هذا القرن الهجري .

* وقد أحدث الشيخ بقراءته في الحرم تغييراً جذرياً في نمط كثير من القراء بل وعامة الناس ،ولما جاء الشيخ بصوته العذب أحدث طريقة مغايرة على مسامع الناس بقراءة مجودة متقنة وصوت عذب منفرد في نمطه ، وأخذ الشيخ يصدح به ويرفعه في بعض المواضع في أرجاء المسجد الحرام بطريقة تميز بها يهز بها القلوب هزاً ، وقد أثر ذلك في جموع المصلين في المسجد الحرام والمعتمرين وذاع صيت الشيخ وأصبح المسجد الحرام يفيض بالمصلين ويزدحم عند صلاة الشيخ ومن هم خارج المسجد الحرام ينصتون عندما يبدأ الشيخ بالقراءة ، بل حتى الشباب الغافلين عن الصلاة كانوا ينصتون لسماع هذا الصوت من خارج المسجد الحرام ويشدهم ترتيله لكتاب الله ، وأهل مكة لا ينسون أيام الشيخ علي جابر وصلاته بالمسجد الحرام فقد نقشت في قلوبهم وفي قلوب جمهور المسلمين الذين صلوا خلف الشيخ في تلك الأيام ومن لم يدركوا تلك الفترة واستمعوا لتسجيلات تلاوته عبر الأشرطة أو الإذاعة والتلفاز أو بلغتهم أخباره وثناء الناس عليه ولازالوا يترحمون عليه وينعونه ويدعون له ويبحثون عن تسجيلات تلاوته ويحرصون على جمعها لما لها من تأثير على قلوبهم بكلام الله جل وعلا بهذا الصوت العذب.

آخر حياة الشيخ

استمر الشيخ الدكتور في عمله أستاذا للفقه المقارن بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة وكان يدرس الطلاب في مسجد الكلية وهم يتحلقون حوله ، ولم يلتزم إمامة أي مسجد بعد المسجد الحرام ، وكان دائماً يقتطع ليالي من رمضان ليصلي مع الناس مأموماً في أطراف المسجد الحرام ، وقد مرض الشيخ في السنوات الأخيرة من حياته وانقطع عن الإمامة في التراويح وعن التدريس في الجامعة لزيادة مرضه.

وقد عاش حياة بسيطة وسكن في شقة صغيرة في جدة ، وكان الشيخ يرغب الانتقال من جدة والرجوع إلى المدينة المنورة واجتهد في بناء منزل متواضع له قرب مسجد المحتسب بحي الفيصلية القريب من الجامعة الإسلامية بالمدينة ، لكن لم يتمكن من إكمال بنائه لقلة ذات اليد ، وبقي البناء على هذا الحال قرابة العشر سنوات حتى اضطر إلى بيعه ليشتري منزلاً صغيراً لأهله بالأقساط في مجمع سكني بمدينة جدة شرق الخط السريع قبيل وفاته بفترة قصيرة .

وكان فقيهاً قارئاً ، ترك القضاء واشتغل بالعلم ، وكان يسعى للمحتاجين بنفسه ، ويقترح على العاطلين أن يلتحقوا بعمل أو وظيفة يسعى لهم فيها هو بنفسه، وضحى بأمور كثيرة في مقابل البقاء بجوار والدته في المدينة المنورة ، كما كانت له محبة لتواضعه وقربه من الناس والسعي في حاجاتهم ، وكان حيياً وكثير الصمت ، وفصيحاً إذا تحدث بوقار وصريحاً جداً وجريئاً لا يخشى في قول الحق لومة لائم، معروفاً بصدقه وشفافيته، وكان لا يرضى أن يغتاب أحد بحضرته ، كما كان ذا تمكن فقهي وقوة حافظة مميزة ، ويوصي طلابه بحفظ المتون والرجوع إلى كتب فقهاء السلف الأولين ، وكان شغوفاً بالعلم والترقي فيه وأعرب في لقاء صحفي أنه يتمنى أن يكتب كتابات تنفع الأمة الإسلامية، وإن حال المرض بينه وبين ذلك، وكان الشيخ من أوائل المشايخ بالمملكة الذين ظهروا على شاشات التلفاز قبل أكثر من ربع قرن ، حيث كان يرى بجواز التصوير التلفزيوني مخالفاً أغلب معاصريه في ذلك الوقت ممن هم اليوم أصبحوا يرون بالجواز مع علمهم وفضلهم .

وكانت لجرأة الشيخ في الحق وصراحته الشديدة في حديثه أثراً لتعرضه للوشايات من بعض الحساد ، أدت إلى إقلاله من المشاركة في المحاضرات والندوات داخل وخارج البلاد والابتعاد عن الأضواء ، والاكتفاء ببعض الدروس لخواص طلابه في بيته ، وكان وصولاً لأصدقائه وأقاربه ووفياً جداً لمشايخه ، ومع مرضه الشديد وانقطاعه عن الناس في بيته شوهد الشيخ في طرف ساحة الحرم متكئاً على سارية من سواري المسجد الحرام أثناء الصلاة على شيخه ابن باز وفاءً منه لشيخه رحمهما الله .

وقد تورع عن القضاء وآثر بر والدته على إمامته للحرم ورفع الله ذكره إماماً للملك خالد ثم إماماً للمسجد الحرام وأستاذاً للفقه وقارئاً فريداً.

وتميز بجمال القراءة ووضوح المخارج وجهورية الصوت وضبط التجويد وطريقته الفريدة في الأداء والتغني بالقرآن والصدح به وحسن الوقف والتي وصفها القراء بمدرسة تجديدية في قراءة القرآن ، كما اشتهر بكونه من أقوى الأئمة المشهورين حفظاً للقرآن الكريم وتميزاً في القراءة بشهادة المشايخ والقراء ، وقد انشر صيته في آفاق العالم الإسلامي وكثر مقلدوه في أطراف البلاد وزادت محبة وإعجاب الناس به وانجذابهم لقراءته وتسليط الأضواء عليه بصورة غير مسبوقة لإمام من أئمة الحرم المكي الشريف .


وفـاتـه

توفي رحمه الله ليلة الخميس الثالث عشر من شهر ذي القعدة 1426هـ في مدينة جدة تمام الساعة التاسعة ليلاً بعدما عانى كثيراً من المرض وأجرى عدة عمليات جراحية .
يقول ابنه عبدالله : كانت وصيته الأخيرة الاستمساك بحبل الله المتين والمحافظة على الصلوات وقراءة القرآن ، وبعد وفاته حُفظ في ثلاجة المستشفى 12 ساعة ، ولما أخرجوه وجدوا أن بشرته ومفاصل جسمه طرية ويسهل تحريكها وليست متجمدة وكأنها لم تكن في الثلاجة !! مع أن الأطباء ذكروا أن 6 ساعات كافية لتجميد أي جثمان" .

ثم نقل إلى مكة المكرمة وصلي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة العصر يوم الخميس الثالث عشر من شهر ذي القعدة عام 1426هـ ودفن في مقبرة ( الشرائع ) بمكة المكرمة .
وقد أم المصلين في صلاة الجنازة عليه بالمسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب ثم مشى مع الجنازة وركب معها إلى مقبرة الشرائع بمكة المكرمة وشارك بدفن الشيخ ولحده ، كما صلى عليه في مقبرة الشرائع قبل الدفن جموع من المصلين الذين فاتتهم صلاة الجنازة بالمسجد الحرام وقد أمهم فضيلة الشيخ الدكتور محمد أيوب إمام المسجد النبوي سابقاً وزميل الشيخ علي جابر – رحمه الله - وشيعه جمع غفير من المسلمين قدموا من مختلف الأنحاء.

وقد رثاه الدكتور أحمد الأهدل في مرثيته فقيد القرآن (1 - 2) ، ورثاه أيضاً المشرف على موقعه في قصيدة (وخير الأرض تهوى الصالحينا) .

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ورفع درجاته في عليين.












رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .



برامج مرئية من الفضائيات عن الشيخ علي جابر


*********
قناة الشيخ علي جابر
على اليوتوب

http://www.youtube.com/ALIJABERCHANNEL


*********

عرض باوربوينت مميز عن حياة القارئ الشيخ الدكتور علي بن عبدالله بن علي جابر - رحمه الله ، بالنص والصوت والصورة والفيديو والوثائق

ملف العرض كاملاً 132ميجا للتحميل :

http://www.alijaber.net/ppt/AliJaber_PPT_CD_full.rar

**************

موقع الشيخ علي بن عبدالله بن علي جابر

رحمه الله

AliJaber.net
  رد مع اقتباس
قديم 08-11-2011, 01:02 AM   #2
حضرمي كامل الدسم
حال نشيط

افتراضي

الف شكر لك اخي نعم هذا الشيخ لن يعوض بغيره رحمه الله وادخله الجنه وغفر له ورحمه رحمة واسعه وجميع موتي المسلمين
  رد مع اقتباس
قديم 08-12-2011, 07:11 AM   #3
الفارس الهاشمي
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الفارس الهاشمي

افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
التوقيع :

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الفارس الهاشمي الزائر رقــم:-
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لمواضيع الفـارس الهاشمي وردوده
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 08-13-2011, 10:52 PM   #4
سالم اليمان
حال جديد

افتراضي

ولايهمك يااليمان شلنا مسبحه باحنان لغير هالمكاننقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إيش دخّل السبحة ياباحنان في موضوع إمام الحرم بن علي جابر
ياأخي ضعها في موضعها الصحيح

التعديل الأخير تم بواسطة ابونورا ; 08-13-2011 الساعة 11:27 PM
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas