ربيع الثورات العربية

[الثاقب]

ما يلي مقتبس من كتاب القول الميسور للسيد العلامة محمد بن بصري السقاف عن ما يسمى بربيع الثورات العربية:

لنا في هذه الأحداث الكبرى كلمة موجودة على أكثر من موقع وصفحة من مواقع الإنترنت وصفحات الفيسبوك، تكلمنا بها في مولد مسجد طه السنوي آخر ربيع الأول الماضي ، أي الموافق : 4/3/2011م ، ولاحظ التاريخ . وقد كان شِقَها الأول من حيث ضخامة هذه الأحداث ونوعيتها وتاريخيتها ، وكذا من حيث أخذ العِبر الكُبَر بالنسبة لمن وقعت عليهم الواقعة ودارت عليهم الدائرة من الحكام ، وليس الأنظمة حتى الآن .
ومع قوتها .. فموضوعيا .. لم يكن هناك مدح أو نحوه ، اللهم إلا في موضع أو موضعين ، وبصورة موضعية فقط ، أي : على وزن ومعنى " الجراحة الموضعية " .. وإلا فقد كنتُ متحفظا ولا أزال ، بل صرحت فيها بمطلوبية التحفظ والخشية بعد التجارب والعبر الكثيرة المريرة ، فلا تكن ذاكرتنا قصيرة .
على أني كنت أتكلم للتوّ عقب الثورتين : المصرية وقبلها التونسية .. حيث ما ذكرت في كلمتي من لهاث الغرب وراءنا لم يكن إلا فيهما - حسب متابعتنا - أما بعد ذلك فالأمر مختلف من أكثر من ناحية : حيث تَدَخُلّ الغرب ، ومن معه في الركب .. لا يبشر بالخير . على أنه حتى الثورتان المذكورتان قد تأتي من موطنيهما أخبار غير مريحة ، وبصورة أسرع من المتوقع . هذا من الناحية السياسية .
أما من الناحية الجوهرية : فإن شعار الدولة المدنية.. إن كان فعلاً شعاراً ودثاراً لهؤلاء الثوار ، وبالمعنى المقابل للدين .. فلا جديد إذن ، ولسنا إلا كحمار الساقية ، مهما كان من جَمْع يُخدع بشعار الصدور العارية .
لقد عرفنا الثوريين وهم من أول لحظة يعلنون الحرب على الإمبريالية والرجعية . فإن كان هذا تطرفاً .. فهل نحن أمام تطرف إلى الجانب الآخر ؟!
أما من الناحية الثانية ، وهي التي سميناها بالجوهرية فقد عرفنا الثوريين لا يذكرون اسم الله ولا يتلمسون بالدين بل قد يحاربونه صراحة أو غير صراحة ؛ أما هؤلاء فيتلمسون بالدين في الشهادة والتصبير والصلوات والدعاء والخطب الدينية والجُمَع التي صارت مركز الأحداث.. ثم يتركون هذا الدين عند باب السلطان - أي : الحكم - إذا انتهوا إليه ! فكأنما هم يركبونه فقط . وأيضاً : كأنما يجهلون أو يتجاهلون أن ديننا ليس كالأديان ، وأنه دين ودنيا ، دين ودولة ، وليس هو قط بالمعنى الديني المجرد حتى من الناحية الشخصية .
على أن الأنظمة المثار عليها هي التي نُرجع إليها السبب الأعظم فيما آل إليه الدين من هذه الوضعية .. فهذه ثقافتها وتربيتها . فلئن قامت عليها هذه الثورات .. فإنا نربأ بها عنها . كما من الناحية الثورية : ما معنى أن يثار على جانب ويترك جانب من مخلفات هذه الأنظمة وتركاتها الثقيلة ؟! حيث هذه الأنظمة لم تكن دينية ولا مدنية .. فنحن معها كمن ( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).
ولا يعني كلامنا هذا قط التبشير أو التأشير إلى أو بـِ الحركات والأحزاب الإسلامية الموجودة على الساحة .. فإنها:
(1) لا نرى فيها نموذجاً ولا لها نجاحاً . فإن وجدت الآن مجالاً .. فإنما ذلك ببركة شباب الفيسبوك ؛ بينما هي لم تحقق نصراً ولم تُطلع فجراً .
(2) أنها إما مخترقة ،أو محتواه ، أو مُصَنَّعة ، أو قابلة ، أو جاهلة على حد قول الشاعر :

ما يبلغ الأعداء من جاهل ** ما يبلغ الجاهل من نفسه

ومن الأخير : أن عندها من الفيروسات .. ما يخشى به منها على أهل الدين وطوائف المسلمين قبل أن يخشى على غير المسلمين أو غير المتدينين .
(3) - وهو الأخطر - أنا نخشى أن الغرب بشطارته قد سبق واستبق إلى ما قد يسمى بالبديل الإسلامي .. فأوجد من هذه الحركات والأحزاب أو خَرَق : إما ليشوه هذا البديل، أو - وهو الأهم - ليجعله بديله وعميله ، أو الاثنين معاً !! ليأخذ بكل الأوراق ويسد علينا الآفاق؛ فَلْيُحْذَر.. فالعبر ماثلة أيضاً.

[الخليفي الهلالي]

كلام ينم عن وعي وأدراك بالأحداث والمستجدات بل أن الكاتب عناء ما يجري خلف الكواليس عن ما يحاك ضد الأمه كلها.

الثاقب.............

شكراً لنقلك لنا هذه المقال الدره في زمن تعصف بنا الثوره التي لاتخفى أهدافها على حصيف.


هل يعي قومي الأمر...؟!؛؛؛؛؛