المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الدين والحياه > سقيفة إسلاميات
سقيفة إسلاميات حيث التسجيلات الصوتيه وسير عظماء التاريخ الإسلامي ومبدعيه


الأضرحة في المفهوم الإسلامي

سقيفة إسلاميات


إضافة رد
قديم 11-21-2009, 05:19 PM   #1
المجد القادم
حال نشيط
 
الصورة الرمزية المجد القادم

Thumbs up الأضرحة في المفهوم الإسلامي

قال الإمام ابن القيم : " ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تعلية القبور ولا بناؤها بآجر ، ولا بحجر ولبن ، ولا تشييدها ، ولا تطيينها ، ولا بناء القباب عليها ، فكل هذا بدعة مكروهة ، مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم. وقد بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن ، ألا يدع تمثالاً إلا طمسه ، ولا قبراً مشرفاً إلا سواه" رواه مسلم.

فسنته صلى الله عليه وسلم تسوية هذه القبور المشرفة كلها ، " ونهى أن أن يجصص القبر ، وأن يبنى عليه ، وأن يكتب عليه " وكانت قبور أصحابه لا مشرفة ولا لاطئة ، وهكذا كان قبره الكريم وقبر صاحبيه، فقبره صلى الله عليه وسلم مسنم مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء لا مبني ولا مطين، وهكذا كان قبر صاحبيه ، وكان يعلم قبر من يريد تعريف قبره بصخرة ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد ، وإيقاد السرج عليها ، واشتد نهيه في ذلك حتى لعن فاعليه ، ونهى عن الصلاة إلى القبور ، ونهى أمته أن يتخذوا قبره عيداً ، ولعن زوارات القبور . وكان هديه أن لا تهان القبور وتوطأ ، وأن لا يجلس عليها ، ويتكأ عليها، ولا تعظم بحيث تتخذ مساجد فيصلى عندها وإليها ، وتتخذ أعيادا وأوثانا ) اهـ. زاد المعاد لـ: ابن القيم (1/524)

ثانياً: حكم المساجد القائمة أو المشتملة على قبور

بين الإمام ابن القيم الحكم في المساجد التي تبنى على القبور فقال : ( وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بني على قبر ، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد. نص على ذلك الإمام أحمد وغيره ، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر ، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه ، وكان الحكم للسابق ، فلو وضعا معاً لم يجز ، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز ، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، ولعنه من اتخذ القبر مسجداً ، أو أوقد عليه سراجاً. فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه ، وغربته بين الناس كما ترى) (زاد المعاد 3/572) فهذا الذي قال الإمام ابن القيم رحمه الله ملخص مفيد في الموضوع لمن تدبره وتأمله نكتفي به.
ثالثاً: زيارة القبور

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور أكمل الهدي وأحسنه ، ويحسن أن نذكره باختصار. قال الإمام ابن القيم ( كان -صلى الله عليه وسلم -إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم ، والترحم عليهم ، والاستغفار لهم ، وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته ، وشرعها لهم ، وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها : " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية. " (رواه مسلم) ثم أنكر الإمام أبن القيم رحمه الله على الذين يزورون القبور ويسألون الأموات الحوائج ، أو يتوسلون بهم في قضائها ، أو يدعون الله عند قبورهم ، فقال : ( وكان هديه صلى الله عليه وسلم أن يقول ويفعل عند زيارتها ، من جنس ما يقوله عند الصلاة على الميت ، من الدعاء والترحم ، والاستغفار.
فأبى المشركون إلا دعاء الميت والإشراك به ، والإقسام على الله به ، وسؤاله الحوائج والاستعانة به ، والتوجه إليه ، بعكس هديه صلى الله عليه وسلم ، فإنه هدي توحيد وإحسان إلى الميت ، وهدي هؤلاء شرك وإساءة إلى نفوسهم ، وإلى الميت ، وهم ثلاثة أقسام : إما أن يدعو الميت ، أو يدعو به ، أو عنده ، ويرون الدعاء عنده أوجب وأولى من الدعاء في المساجد ، ومن تأمل هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، تبين له الفرق بين الأمرين وبالله التوفيق
.) [زاد المعاد: 1/526].
رابعاً: التواجد في المساجد المشتملة على قبور مع تجنب المشاركة في الممارسات الوثنية التي تجري فيه ؟
إن كان الغرض من الزيارة مجرد السلام علي أهل القبور ، والدعاء لهم ، كما ورد في السنة فينظر في الأمر لأن الزائر لهذه الأماكن لا يسلم غالباً من الأذى ، فربما رأى بعض الناس يتوسلون بهذه القبور ، أو يدعون أصحابها من دون الله … إلخ ، فالواجب عليه حينئذ الإنكار عليهم ، ولو أنكر عليهم ربما ضربوه ، وربما أهانوه ومن هنا فلا يجوز زيارة هذه الأماكن لما يترتب على ذلك من المفسدة ، ولو سكت الزائر وقع في الإثم ، وتعرض لعقوبة الله سبحانه وتعالى حيث قال : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)(النساء:140)
فإن عجز المرء عن إنكار المنكر بيده ، أنكر بلسانه ، فإن لم ينكر بلسانه فلينكر بقلبه ، مع مفارقة المكان بدليل هذه الآية ، وقد رفع إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله قوم يشربون الخمر ، فأمر بضربهم ، فقيل له : إن فيهم فلاناً صائماً ، فقال : ابدؤوا به ، ثم قال : أما سمعت قوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)(النساء:140)

أحكام زيارة القبور:
1- السلام على أهلها المؤمنين ، والدعاء لهم، فعن بريدة قال كان النبي صلى الله عليه ‏وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: "السلام عليكم أهل الديار ‏من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية" ‏رواه مسلم.‏
2- عدم الجلوس عليها، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتمزق ثيابه حتى تخلص إلى جلده، ‏خير له من أن يجلس على قبر" رواه مسلم.‏
3- أن لا يمشي بينها بنعال سبتية، وهي المدبوغة بالقرظ سميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها، أي حلق وأزيل، فعن بشير بن الخصاصية أن النبي صلى الله عليه وسلم ‏رأى رجلاً يمشي بين القبور في نعليه، فقال: "يا صاحب السبتيتين ألقهما" رواه أبو ‏داود، قال الإمام أحمد: إسناد حديث بشير بن الخصاصيه جيد أذهب إليه إلا من ‏علة. وعلل الخطابي رحمه الله كراهة ذلك لما فيه من الخيلاء، فإن هذه النعال لباس أهل الترفه والتنعيم، وزائر القبور ينبغي أن يكون على زي التواضع ولباس أهل الخشوع.‏
وليس لزيارة القبور وقت محدد تستجب فيه، وتقييد زيارتها بأوقات مخصوصة على الاستحباب من البدع والمحدثات.
فهذه آداب زيارة القبور، فينبغي للمسلم أن يتحلى بها، ويدع الخرافات والبدع التي ‏أحدثت عند زيارتها.
أما هل يشعر الميت بأهله عندما يزورنه؟ فورد في ذلك حديث عن ‏عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يزور قبر ‏أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم" قال الحافظ العراقي في تخريج ‏الإحياء ج4 ص 491 ( أخرجه ابن أبي الدنيا في القبور، وفيه عبد الله بن سمعان، ولم أقف ‏على حاله. ورواه ابن عبد البر في التمهيد من حديث ابن عباس نحوه، وصححه عبد الحق ‏الأشبيلي).‏
وفي الباب روايات وقصص عن الصالحين مذكورة في كتب الوعظ كالإحياء، وكتاب ‏الروح لابن القيم وغيرهما.‏

* - التحدث إلى صاحب القبر:
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر وقال مخاطبا قتلى المشركين الذين ألقوا فيها : "هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟" ثم قال: "إنهم ليسمعون ما أقول" كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمرنا بالسلام على أهل القبور والدعاء لهم، ففي صحيح مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المتقدمين منا والمتأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون" لكن لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة أن يجلسوا عند القبر، ويحدثوا الميت بغير السلام والدعاء المشروع، ولا شك أن تجاوز ما ثبت من ذلك عنه صلى الله عليه وسلم إلى أمور لا تهم الأموات كثيراً، قد يدخل في باب الابتداع في الدين، وقد يكون وسيلة إلى مانهى الله عنه من الغلو أو النياحة ونحوها ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه.

(منقول من مصادر متعددة
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 11-21-2009, 07:25 PM   #2
abu iman
حال متالّق
 
الصورة الرمزية abu iman

افتراضي

طرحك جيد للموضوع سؤالي :
(1) ورد في موضوعك ( أن لا يمشي بينها بنعال سبتية)
كيف نعرف أن في هذا الموضع قبرا لكي لا نتخطاه بنعالنا إذا لم نجد علامات عليه؟
فقد أنكرت وضع العلامات على القبر
(2) ورد في موضوعك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يزور
قبر ‏أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم"
ثم تقول في موضع آخر لكن لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة أن يجلسوا عند القبر
ويحدثوا الميت بغير السلام والدعاء المشروع) ما قيمة ذلك الحديث الشريف؟
لدي أسئلة أخرى و لكن نرجو الإجابة على هذيت السؤالين أولا
و لك الشكر و التقدير
  رد مع اقتباس
قديم 11-22-2009, 02:06 AM   #3
المجد القادم
حال نشيط
 
الصورة الرمزية المجد القادم

افتراضي

مرورك زادني شرف وفقك الله
  رد مع اقتباس
قديم 11-22-2009, 05:31 PM   #4
ابوبروج
حال نشيط
 
الصورة الرمزية ابوبروج

افتراضي

فسطاط الخرافة.. الجذور والواقع

تقديس القبور والأضرحة) مفهوم لم يعرفه الإسلام ولو في إشارة يسيرة، بل جاءت نصوصه الثابتة بالنهي الصريح عن كل ذريعة تفـضي إلى ذلك المفهوم الذي يمثل خطوة أولى على طريق الانحراف نحو الشرك؛ فمن الأقوال القاطعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما لا يدع مجالاً لتوهم نسـخ أو تخصيص أو تقييد ما جاء عنه: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلّوا عليّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)(1)، وعنه: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (2).. هذا في قبره الشريف وفي كل قبر، وعن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال لأبي الهياج: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته)(3)، ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن (يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) وفي زيادة صحيحة لأبي داود: (أو أن يكتب عليه)(4).. ولعن (المتخذين عليها [اي القبور] المساجد والسُرج)(5).

من النور إلى الظلمات:

وعلى ذلك سـار سلفنا الصالح من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان (ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم من ذلك شيء في بلاد الإسلام، لا في الحجاز، ولا اليمن، ولا الشام، ولا العراق، ولا مصر، ولا خراسان، ولا المغرب، ولم يكن قد أحدث مشـهد، لا على قبر نبي، ولا صاحب، ولا أحد من أهل البيت، ولا صالح أصلاً، بل عامة هذه المشاهد محدَثة بعد ذلك، وكان ظهورها وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس، وتفرقت الأمة، وكثر فيهم الزنادقة الملبّسون على المسلمين، وفشت فيهم كلمة أهل البدع، وذلك من دولة المقتدر في أواخر المئة الثالثة؛ فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القدّاحية في أرض المغرب، ثم جاؤوا بعد ذلك إلى أرض مصر)(6).

(ولم يكن في العصور المفضلة (مشاهـد) على القبور، وإنما كثر بعد ذلك في دولة بني بويه لما ظهرت القرامطة بأرض المشرق والمغرب، وكان بها زنادقة كفار مقصودهم تبديل دين الإسلام، وكان في بني بويه من الموافقة لهم على بعض ذلك. ومن بدع الجهمية والمعتزلة والرافضة ما هو معروف لأهل العلم، فبنوا المشاهد المكذوبة كمشهد علي -رضي الله عنه- وأمثاله...)(7).

(... وفي دولتهم أُظهر المشهد المنسوب إلى علي -رضي الله عنه- بناحية النجف، وإلا فقبل ذلك لم يكن أحد يقول: إن قبر علي هناك، وإنما دفن علي -رضي الله عنه- بقصر الإمارة بالكوفة)(8).

فعندما بدأت المحدَثات تدب في حياة المسلمين، كان منها ذلك الأمر الجلل (فظهرت بدعة التشيع التي هـي مفتاح باب الشرك، ثم لما تمكنـت الزنادقـة أمـروا ببناء المشاهد وتعطيل المساجد... ورووا في إنارة المشاهد وتعظيمها والدعاء عندها من الأكاذيب ما لم أجد مثله فيما وقفت عليه من أكاذيب أهل الكتاب، حتى صنف كبيرهم (ابن النعمان) كتاباً في (مناسك حج المشاهد) وكذبوا فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته أكاذيب بدلوا بها دينه، وغيروا ملته، وابتدعوا الشرك المنافي للتوحيد، فصاروا جامعين بين الشرك والكذب)(9).

الرواد الأوائل:


وعلى ذلك يتضح أن الذين بذروا بذورَ شرك القبور كانوا رافضة، وهذا ما تؤكده لنا عالمة الآثـار الدكتورة سعاد ماهر فهمي عندما تسرد أوائل الأضرحة ذات القباب، فتقول: (.. ويليها من حيث التاريخ: ضريح إسماعيل الساماني(10) المبني سنة 296 هـ في مدينة بخارى، ثم ضريح الإمام علي - رضي الله عنه - في النجف الذي بناه الحمدانيون سنة 317 هـ، ثـم ضريح محمد بن موسى في مدينة قم بإيران سنة 366 هـ، ثم ضريح (السبع بنات) في الفسطاط سنة 400 هـ، وقد احتفظت لنا جبّانة أسوان بمجموعة كبيرة من الأضرحة ذات القباب التي يرجع تاريخ معظمها إلى العصر الفاطمي في القرن الخامس الهجري)(11).

فبدايات تعظيم القبور واتخاذها مشاهد وأضرحة ارتبطت تاريخياً بأسماء: القرامطة، وبني بويه، والفاطميين (العبيديين)، والسامانيين، والحمدانيين... وجميعهم روافض وإن تفاوتوا في درجة الغلو(12).

على أن الــدكتورة سعاد ماهر تذكر لنا (أن أقدم ضريح في الإسلام أقيمت عليه قبة يرجع إلى القرن الثالث الهجري، وقد عُرف هذا الضريح باسم (قبة الصليبية)، ويوجد في مدينة سامرّا بالعراق على الضفة الغربية لنهر دجلة إلى الجنوب من قصر العاشق...، ويقول الطبري: إن أم الخليفة العباسي استأذنت في بناء ضريح منفصل لولدها فأذن لها؛ إذ كانت العادة قبل ذلك أن يدفن الخليفة في قصره، فأقامت قبة الصليبية في شهر ربيع الثاني سنة 284هـ، وقد ضم الضريح إلى جانب المنتصر الخليفة المعتز والمهتدي، وتعتبر قبة الصليبية(13) أول قبة في الإسلام)(14).

ولكن الدكتورة سعاد تذكر لنا الأضرحة (ذات القباب) فقط، ولا ندري هل كانت قبل قبة الصليبية أضرحة أخرى ليست ذات قباب أم لا؟

تعانق الجبت مع الطاغوت:

على أن الذي يعنينا في هذا المقام هو أن (تقديس القبور والأضرحة) أمر حادث في الإسلام، وإحداثه لم يرتبط بأهل التقوى والعلم، بل ارتبط بأصحاب الدعوات الهدامة وأهل السلطان، وقد أشار القرآن الكريم إلى مثل ذلك في قوله ـ تعالى ـ عن أصحاب الكهف: ((قَالَ الَذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً)) [الكهف: 21] فالذين أرادوا اتخاذ مسجد على قبور الفتية هم أهل الغلبة.

ولعلنا نلمح أن في ذلك جنساً من اتباع سَنَن من كانوا قبلنا في تعانق الجبت مع الطاغوت عند حدوث الانحراف العقدي، وذلك كما في قوله ـ تعالى ـ: ((أَلَمْ تَرَ إلَى الَذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ..)) [النساء: 51]؛ حيث يتآزر دعاة الأوهام والخرافة مع أصحاب الطاعة والتشريع من دون الله، ويتبادلون الأدوار أحياناً، فتجد الكهان والمنجمين والسحرة يطلبون الطاعة ممن يؤمن بخرافاتهم ويحلون له الحرام، ويُحرمون عليه الحلال، كما أنهم يمدون أصحاب السلطان والطاعة بالشرعية التي هم في حاجة إليها، وتجد أصحاب السلطان ممن يُطاعون في معصية الله يستشيرون الخرافيين ويقربونهم ويفسحون المجال للترويج لبدعهم بين الناس.. ولا شك أن لكل ذلك أثراً في الواقع.

دينهم وديدنهم:

كما أن مكانة القبور والأضرحة (المقدسة)! غير قابلة للمساومة في دين الرافضة؛ فطائفة البهرة الإسماعيلية (من غلاة الرافضة) ذات نشاط واسع في عمارة وتجديد المساجد ذات الأضرحة بحجة الاهتمام بالعمارة الإسلامية، وبخاصة في مصر... والقبر الأول الذي يحظى بحج الجماهير في دمشق ـ وهو القبر المنسوب إلى السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ ما زال مكتوباً عليه إلى الآن: قام بعمارة البناية الضخمة عليه والمسجد حولها والقبة المزخرفة: محمد بن حسين نظام وأولاده من طائفة الشيعة(15).

وأيضاً فإن أصحاب الأضرحة الكبرى ممن ينسب إلى التصوف هم في الحقيقة من غلاة الشيعة الباطنية؛ حيث (من العراق انطلق أحد أتباع الرفاعي إلى مصر، وهو (أبو الفتح الواسطي) (جد إبراهيم الدسوقي) لنشر دعوتهم الباطنية بها، وقد كان ذلك في العهد الأيوبي، وبعد موت الواسطي جاء (البدوي) ليخلفه في دعوته تلك، وقد توزع هؤلاء الدعاة في مصر، فكان (الدسوقي) بدسوق و (أبو الحسن الشاذلي) بالإسكندرية، و (أبو الفتح الواسطي) ما بين القاهرة وطنطا والإسكندرية، ولما مات الواسطي حل محله البدوي بطنطا، وجميعهم من فلول العبيديين الذين طردهم صلاح الدين الأيوبي من مصر، ثم حاولوا العودة تحت ستار التصوف والزهد... كما أن كلاّ من ابن بشيش وابن عربي قد تتلمذا على يد (أبي مدين) بالمغرب)(16).

(وفي أواخر عهدهم أنشأ الفاطميون المشهد الحسيني عام 550هـ عندما شعروا بأن سلطتهم قد ضعفت ليجذبوا إليهم المصريين، وعهدوا إلى ابن مرزوق القرشي (564هـ (تربية مريدي الصوفية، فانتظم أتباعه في طوائف وطرق لنشر الدعوة الشيعية؛ إلا أن هذه التنظيمات انهارت بانهيار الدولة الفاطمية وتحول المشهد الحسيني إلى ضريح صوفي)(17).

والحاصل: أن تقديس القبور وزيارة المشاهد تقليد شيعي في نشأته، فالشيعة هم أول من بنى المشاهد على القبور؛ حيث تتبعوا ـ أو زعموا ـ قبور من مات قديماً ممن يعظمونهم من آل البيت، وراحوا يبنون على قبورهم ويجعلونها مشاهد ومزارات، ثم جاء الصوفية فنسجوا على هذا المنوال، فجعلوا أهم مشاعرهم هو زيارة القبور وبناء الأضرحة والطواف بها والتبرك بأحجارها، والاستغاثة بالأموات(18).

الحاجة أمّ الاختراع:

وأصبح تقديس القبور والأضرحة لازماً من لوازم الطرق الصوفية؛ بحيث لا يتصور أحد وجود طريقة صوفية من غير ضريح ـ أو أكثر ـ تقدسه.. ومع تمكن الداء من جسد الأمة ظهرت (الحاجة) إلى تعدد الأضرحة والمزارات لتلبي رغبات من صرعتهم الأوهام، وضاق بالقبوريين أن يتحروا ثبوت قبور الأولياء المشهورين لدى جمهورهم، ولأن الحاجة أُمّ الاختراع ـ كما يقال ـ فقد وجدوا لهذه الأزمة بعض المخارج والحيل:

- فظهر ما يسمى بأضرحة الرؤيا، تقول الدكتورة سعاد ماهر: (ظهر في العصور الوسطى ـ وخاصة في أوقات المحن والحروب التي لا تجد فيها الشعوب من تلوذ به غير الواحد القهار ـ أن يتلمسوا أضرحة آل البيت والأولياء للزيارة والبركة والدعاء ليكشف الله عنهم السوء ويرفع البلاء، ومن ثم: ظهر ما يعرف بأضرحة الرؤيا، فإذا رأى ولي من أولياء الله الصالحين في منامه رؤيا مؤداها أن يقيم مسجداً أو ضريحاً لأحد من أهل البيت أو الولي المسمى في الرؤيا فكان عليه أن يقيم الضريح أو المسجد باسمه)(19).

وتلك كانت الدعوى نفسها التي أقيمت عليها (مزارات الشهداء) عند النصارى (وكان ذلك إبان القرن الخامس الميلادي؛ حيث أصبح لكل قرية مزار لشهيد يحوي عظاماً لبعض الموتى المجهولين، أخرجت من القبور، ومنحت كل التبجيل والاحترام، دون أدنى دليل يثبت أنها ـ على الأقل ـ بقايا مسيحيين، ويُخلع على هذه الرفات أسماء وألقاب لائقة، وفي حالات كثيرة كان المرجع الوحيد في هذا الشأن (حلم) أو (رؤيا) لكاهن أو راهب)(20).

وعلى ذلك لا يلزم أن يكون الولي المقام الضريح باسمه ثبت وجوده في ذلك المكان، بل لا يلزم أن يكون وطئت قدمه أرض تلك البلاد أصلاً، ومن هنا ظهرت أضرحة مزعومة ومكذوبة في طول البلاد وعرضها، وتعددت الأضرحة للولي الواحد في أكثر من قُطْر، ولتسويغ ذلك الخطل نسجوا خرافة واضحة الزور والبهتان، فقالوا: إن الأرض لأجسام الأولياء كالماء للسمك، فيظهرون بأماكن متعددة ويزار كل مكان قيل عنه إنه فيه نبي كريم أو ولي عظيم(21).

- ومن الحيل الرائجة لإقامة ضريح أو مشهد: نسج الكرامات حول الشخص المزعوم بأنه ولي، أو حول المكان المزعوم بأنه مكان قبر ولي.

فمما ينسج حول الأشخاص: ما حدث مع (الشيخ) صالح أبي حديد الذي كان وبعض صحبه من قطاع الطريق، وحين كشف أمره هرب ولجأ إلى بيت مغنية مشهورة، فأخفته وادعت أنه مجنون ووضعت في رجليه قيداً من حديد، وقد اعتقل لسانه من شدة الخوف، ثم أشاعت هي والمجتمعون من حوله أن له كرامات وإخباراً بالمغيبات، فأقبل عليه الناس بالهدايا والنذور حتى ذاع صيته، وزاره الخديوي إسماعيل واستبشر به وبنى له قبراً بقبة عالية بعد وفاته ووقف عليه الأرض وغيرها(22).

ومن ذلك: مسجد في حلب يعرف بمسجد العريان، يعتقده أهل المحلة الموجود بها، ويقولون: إنه عرف بالعريان؛ لأنه في أكثر أوقاته يتجرد من ثيابه، ويدّعون أن ذلك لغلبة الحال عليه(23).

الواقع الأليم.. شبكة أضرحة:

ولغفلة جموع كثيرة من الأمة عن حقيقة دينها فقد أنبتت هذه الجذور شبكة واسعة من القبور والأضرحة (المقدسة) عمت معظم أنحاء العالم الإسلامي، بل إن بعض الباحثين يقدر عدد الأضرحة في القطر الذي يعيش فيه بما لا يقل عن عدد المدن والقرى في هذا القطر، حيث يقول: (وأضرحة الأولياء التي تنتشر في مدن مصر ونحو ستة آلاف قرية: هي مراكز لإقامة الموالد للمريدين والمحبين، ويمكننا القول: إنه من الصعب أن نجد يوماً ـ على مدار السنة ـ ليس فيه احتفال بمولد ولي في مكان ما بمصر)(24)، بل أصبحت القرى التي تخلو من الأضرحة مثار تندر وتهكم سدنة الأضرحة، فقد ذكر الدكتور زكريا سليمان بيومي أن من القرى التي تخلو من أضرحة الأولياء: (بِيّ العرب) و (أبو سنيطة) و (ميت عفيف) وهي جميعاً مركز الباجور منوفية، وأطلق المشايخ أمثلة شعبية على بخل هذه القرى وخلوها من البركة ما زالت سارية بين الناس حتى الآن!(25).

ولكي ندرك حجم المأساة أكثر سنورد بعض ما تيسر من نماذج توضح حجم انتشار هذه الأضرحة في بعض بقاع العالم الإسلامي، وبالطبع، فليس من بلد به ضريح إلا وله مريدون ممن يعتقدون فيه..

فمن بين ألوف الأضرحة المنسوبة إلى الأنبياء والصحابة والأولياء في العالم الإسلامي يشتهر في مصر من بين أكثر من ستة آلاف ضريح (على تقدير من أشرنا إليهم (أكثر من ألف ضريح(26)، (ويذكر صاحب الخطط التوفيقية علي باشا مبارك أن الموجود في زمنه في القاهرة وحدها مئتان وأربعة وتسعون ضريحاً)(27)، أما خارج القاهرة فيوجد (على سبيل المثال في مركز فوّة.. (81) ضريحاً، وفي مركز طلخا (54)، وفي مركز دسوق (84)، وفي مركز تلا (133)، وهي الأضرحة التابعة للمجلس الصوفي الأعلى، بخلاف الأضرحة التابعة للأوقاف أو غير المقيدة بالمجلس الصوفي)(28) كما يوجد في أسوان أحد المشاهد يسمى مشهد (السبعة وسبعين ولياّ)(29).

وتنقسم الأضرحة إلى كبرى وصغرى، وكلما فخم البناء واتسع وذاع صيت صاحبه زاد اعتباره وكثر زواره.


فمن الأضرحة الكبرى في القاهرة: ضريح الحسين، وضريح السيدة زينب، وضريح السيدة عائشة، وضريح السيدة سكينة، وضريح السيدة نفيسة، وضريح الإمام الشافعي، وضريح الليث ابن سعد... وخارج القاهرة تشتهر أضرحة: البدوي بطنطا، وإبراهيم الدسوقي بدسوق، وأبي العباس المرسي بالإسكندرية، وأبي الدرداء بها أيضاً، وأبي الحسن الشاذلي بقرية حميثرة بمحافظة البحر الأحمر، وأحمد رضوان بقرية البغدادي بالقرب من الأقصر، وأبي الحجاج الأقصري بالأقصر أيضاً، وعبد الرحيم القنائي بقنا...

أما في الشام فقد أحصى عبد الرحمن بك سامي سنة (1890م) في دمشق وحدها 194ضريحاً ومزاراً، بينما عد نعمان قسطالي المشهور منها 44 ضريحاً، وذكر أنه منسوب للصحابة أكثر من سبعة وعشرين قبراً، لكل واحد منها قبة ويزار ويتبرك به.

وفي الآستانة عاصمة السلطنة العثمانية كان يوجد 481 جامعاً يكاد لا يخلو جامع فيها من ضريح، أشهرها الجامع الذي بني على القبر المنسوب إلى أبي أيوب الأنصاري في الآستانة (القسطنطينية).

وفي الهند يوجد أكثر من مئة وخمسين ضريحاً مشهوراً يؤمها الآلاف من الناس.

وفي بغداد كان يوجد أكثر من مئة وخمسين جامعاً في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وقلّ أن يخلو جامع منها من ضريح، وفي الموصل يوجد أكثر من ستة وسبعين ضريحاً مشهوراً كلها داخل جوامع، وهذا كله بخلاف الأضرحة الموجودة في المساجد والأضرحة المفردة(30).

وفي معظم مناطق أوزبكستان كثير من الأضرحة المنسوبة إلى الصحابة والمشائخ ورجال العلم والأولياء، وأصبحت هذه القبور مزارات يفد إليها مريدوها جماعات وأفراداً، يدعون ويبكون، ومن أهم تلك المزارات ضريح قثم بن العباس ابن عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سمرقند، وضريح الإمام البخاري في قرية خرتنك(31).

بين الحقيقة والوهم:

وإذا كان ذكر أسماء الأضرحة المشهورة في العالم الإسلامي قد يشق على المتابع فسنذكر هنا طرفاً من الأضرحة المكذوبة والمشكوك في نسبتها:

فضريح الحسين بالقاهرة (كذب مختلق بلا نزاع بين العلماء المعروفين عند أهل العلم، الذين يرجع إليهم المسلمون في مثل ذلك لعلمهم وصدقهم)(32)، (فإنه معلوم باتفاق الناس: أن هذا المشهد بني عام بضع وأربعين وخمسمئة، وأنه نقل من مشهد بعسقلان، وأن ذلك المشهد بعسقلان كان قد أحدث بعد التسعين والأربعمئة... فمن المعلوم أن قول القائل: إن ذلك الذي بعسقلان هو مبني على رأس الحسين -رضي الله عنه- قول بلا حجة أصلاً..)(33).

وقد ورد عن المشائخ: ابن دقيق العيد وابن خلف الدمياطي وابن القسطلاني والقرطبي صاحب التفسير وعبدالعزيز الديريني إنكارهم أمر هذا المشهد، بل ذكر عن ابن القسطلاني أن هذا المشهد مبني على قبر نصراني(34).

وإضافة إلى مشهدي عسقلان والقاهرة هناك ضريح آخر في سفح جبل الجوشن غربي حلب ينسب إلى رأس الحسين -رضي الله عنه- أيضاً، وهو من أضرحة الرؤيا، وكذلك توجد أربعة مواضع أخرى يقال إن بها رأس الحسين: في دمشق، والحنانة بين النجف والكوفة، وبالمدينة عند قبر أمه فاطمة ـ رضي الله عنها ـ، وفي النجف بجوار القبر المنسوب إلى أبيه -رضي الله عنه-، وفي كربلاء حيث يقال: إنه أعيد إلى جسده(35).

ورغم أن المحققين يقولون إن السيدة زينب بنت علي ـ رضي الله عنهما ـ ماتت بالمدينة ودفنت بالبقيع، إلا أن القبر المنسوب إليها والذي أقامه الشيعة في دمشق هو (القبر الأول الذي يحظى بحج الجماهير إليه...)(36).

ولا يقل عنه جماهيرية ذلك الضريح المنسوب إليها في القاهرة، والذي لم يكن له وجود ولا ذكر في عصور التاريخ الإسلامي إلى ما قبل محمد علي باشا بسنوات معدودة ـ كما يذكر أحمد زكي باشا ـ(37)، ويقول علي مبارك في الخطط التوفيقية: (لم أرَ في كتب التاريخ أن السيدة زينب بنت علي ـ رضي الله عنهما ـ جاءت إلى مصر في الحياة أو بعد الممات)(38).

وأهل الإسكندرية بمصر يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن أبا الدرداء مدفون في الضريح المنسوب إليه في مدينتهم، ومن المقطوع به عند أهل العلم أنه لم يدفن في تلك المدينة(39).

ومن أضرحة الرؤيا: مشهد السيدة رقية بنت الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالقاهرة، أقامته زوجة الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، وذلك بلا خلاف(40)، ومنها كذلك: ضريح السيدة سكينة بنت الحسين ابن علي ـ رضي الله عنهم ـ(41)، ويذكر المقريزي في خططه (2/45) جملة من الأضرحة المزعومـة، منها: (قبـر في زقاق المزار تزعم العامة ومن لا علم عنده أنه قبر يحيى بن عقب، وأنه كان مؤدباً للحسين بن علي بن أبي طالب، وهو كذب مختلق وإفك مفترى، كقولهم في القبر الذي بحارة برجوان إنه قبر جعفر الصادق، وفي القبر الآخر إنه قبر أبي تراب النخشبي... إلى غير ذلك من أكاذيبهم)(42).

ومن أشهر الأضرحة أيضاً: ضريح الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالنجف بالعراق، وقد مرّ بنا سابقاً كلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ من أنه قبر مكذوب، وأن علياً -رضي الله عنه- دفن بقصر الإمارة بالكوفة(43).

وفي البصرة عدد من الأضرحة المنسوبة إلى الصحابة منها: قبر عبد الرحمن بن عوف رغم أنه مات بالمدينة ودفن بالبقيع(44).

وفي بلدة الرها من أعمال حلب ضريح يقال إنه لجابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضي الله عنهما ـ مع أن جابراً توفي في المدينة(45).

وفي مدينة نصيبين بالشام (حالياً بجنوب تركيا) قبة يزعمون أنها لسلمان الفارسي، مع أنه -رضي الله عنه- مدفون في المدائن(46).

ويضيف ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (وكذلك بدمشـق بالجانب الشرقي مشهـد يقال: إنه قبر أُبَيّ بن كعب، وقد اتفق أهل العلم على أن أبيّاً لم يقدم دمشق، وإنمـا مات بالمدينة، فكان بعض الناس يقول: إنه قبر نصراني، وهذا غير مستبعد... فلا يستبعد أنهم [اي: النصارى] ألقوا إلى بعض جهال المسلمـين أن هذا قبر من يعظمـه المسلمون ليوافقوهم على تعظيمه)(47).. وما لم يستبعده ـ رحمه الله ـ حدث مثله في العصر الحاضر (ففي الجزائر كان الشعب هناك يؤم ضريحاً في بعض المناطق الشرقية ويتبـرك بأعتابه، ثم اكتُشف أن هذا القبر كان لراهب مسيحي، ولم يصدق الناس ذلك حتى عثروا على الصليب في القبر)(48).

وفي دمشق أيضاً: قبور منسوبة إلى أمهات المؤمنين: عائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة ـ رضوان الله عليهن ـ مع أنهن مدفونات بالمدينة المنورة، وفيها كذلك قبر لأسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ مع أنها ماتت في مكة بعد مقتل ولدها عبد الله بن الزبير بأيام قليلة(49).

وينسب الناس في الشام قبراً إلى (أم كلثوم) و (رقية) بنتي رسول الله (وقد اتفق الناس على أنهما ماتتا في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة المنورة تحت عثمان، وهذا إنما هو بسبب اشتراك الأسماء؛ لعل شخصاً يسمى باسم من ذكر توفي ودفن في موضع من المواضع المذكورة، فظن الجهال أنه أحد من الصحابة)(50)، (ومنها (قبر خالد) بحمص، يقال: إنه قبر خالد بن يزيد بن معاوية...، ولكن لما اشتهر أنه خالد، والمشهور عند العامة خالد بن الوليد: ظنوا أنه خالد بن الوليد، وقد اختلف في ذلك: هل هو قبره أو قبر خالد بن يزيد)(51).

ولعل لهذا السبب أيضاً وجد ضريح (سيدي خالد بن الوليد) بكفر الحما مركز أشمون منوفية بمصر، وضريح (الشيخ عمار بن ياسر) بناحية بني صالح تبع مركز الفشن(52).

انفراط العقد:


وفي دمشق كذلك ضريح يدعي الناس أنه لرأس يحيى بن زكريا ـ عليهما السلام ـ يقع في قلب المسجد الأموي، وله قبة وشباك، وله نصيبه من التمسح والدعاء، وبجانب المسجد الأموي قبر القائد صلاح الدين الأيوبي، وإلى جانبه في القبة قبر عماد الدين زنكي، وقبور أخرى تزار ويتوسل بها... وفيها قبور أخرى كثيرة كقبر زيد بن ثابت، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، والراجح أنه قبر معاوية بن يزيد بن معاوية، أما قبر معاوية الصحابي فقيل إنه بحائط دمشق الذي يقال إنه قبر هود ـ عليه السلام ـ، وفي دمشق أيضاً قبور كثير من التابعين والقواد العظمـاء، ومعظـم ما يقال عن هذه القبـور تخرصـات و تكهنـات معظمها من وضع الشيعة والصوفية، وإلا فليس هناك دليل مادي يثبت قبر كل فرد بعينه(53).

وإضافة إلى ضريح دمشق المنسوب ليحيى بن زكريا ـ عليهما السلام ـ فإن له مزاراً آخر في صيدا جنوب لبنان في قمة جبل يشرف على البلد والبحر، وله أيضاً مقام ثالث في الجامع الأموي بحلب؛ حيث توجد حجرة تعرف بـ (الحضرة النبوية) يقال إن بها رأس يحيى بن زكريا ـ عليهما السلام ـ في صندوق جرن، وقيل إن بها عضواً من أعضاء نبي الله زكريا ـ عليه السلام ـ في صندوق مرمر(54).

وفي حلب أيضاً: (مسجد يعرف بمسجد النبي، منسوب إلى نبي يدعى كالب بن يوفنا من سبط يهوذا)(55).

ونحو الجنوب إلى معان بشرقي الأردن يوجد مزار النبي هارون، ولا يوجد عند أهل هذه الناحية مقام أشد إكراماً ولا أوفر آياتٍ منه!، كما يوجد في شرقي الأردن أيضاً مقام النبي هوشع (يوشع) على قمة جبل بالقرب من السلط، وهو مبني بحجارة قديمة يرتئي الباحثون أن أكثرها يرتقي إلى عهد الصليبيين!، كما يوجد في غربي الكرك مزار النبي نوح، وفي بادية البلقاء وموآب يوجد مقام (الخضر الأخضر)(56).

كما يوجد ضريح آخر للخضر ـ عليه السلام ـ في مغارة بمعرة النعمان بشمال سورية بالشام، ويوجد بها كذلك ضريح آخر ليوشع ـ عليه السلام ـ، وفي معرة النعمان أيضاً يوجد ضريح شيث ـ عليه السلام ـ، مع أن هناك جامعاً كبيراً في الموصل يسمى بجامع النبي شيث داخله ضريح يعتقد الناس أنه مدفون فيه، ولم يكن هذا القبر معروفاً قبل القرن الحادي عشر للهجرة، حيث رأى أحد ولاة الموصل في ذلك القرن مناماً يدل على موضع القبر، فبنى الضريح(57).

ومن المقابر المكذوبة باتفاق أهل العلم القبر المنسوب إلى هود ـ عليه السلام ـ بجامع دمشق، فإن هوداً لم يجئ إلى الشام(58). وهناك قبر منسوب إليه في حضرموت، وفي حضرموت أيضاً قبر يزعم الناس أنه لصالح ـ عليه السلام ـ، رغم أنه مات بالحجاز، وله أيضاً ـ عليه السلام ـ قبر في يافا بفلسطين، التي بها كذلك مزار لأيوب ـ عليه السلام ـ(59).

ويونس ـ عليه السلام ـ له ضريح في بلدة حلحول بفلسطين، وضريح آخر بقرية نينوى قرب الموصل بالعراق، وثالث في غار بضيعة قرب نابلس بفلسطين، وكلها يُدّعى أن فيها قبره ـ عليه السلام(60)، وفي نابلس أيضاً ضريح الأسباط إخوة يوسف ـ عليه السلام ـ، وله ـ عليه السلام ـ قبر في مسجد الخليل بمدينة الخليل بفلسطين، وفي المسجد نفسه ضريح إبراهيم ـ عليه السلام ـ، وكذا: أضرحة تنسب إلى إسحاق ويعقوب ـ عليهما السلام ـ(61).

ورغم وجود مزار لداود ـ عليه السلام ـ في قضاء كلّز من أعمال حلب بسورية، إلا أن له مزاراً آخر في جنوب غرب صيدا بلبنان، التي في جانبها الشرقي مزار ـ شمعون ـ يزعم الناس أنه من أنبياء بني إسرائيل، وله نفسه مزار آخر في قضاء كلّز أيضاً، وفي صيدا أيضاً مزار (صيدون) يزعم الناس أيضاً أنه من أنبياء بني إسرائيل(62).

وذكر الفيروزآبادي في تعريفه لبلدة قرب نابلس تسمى (عَوْرَتا): (قيل بها قبر سبعين نبياً، منهم: عزير، ويوشع)(63).

وبعد هذا السرد إليك ما قاله شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في نسبة قبور الأنبياء، فقد حكى عن طائفة من العلماء (منهم عبد العزيز الكناني: كل هذه القبور المضافة إلى الأنبياء، لا يصح شيء منها إلا قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثبت غيره أيضاً قبر الخليل ـ عليه السلام ـ(64))، ويقول أيضاً: (وأما قبور الأنبياء: فالذي اتفق عليه العلماء هو قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن قبره منقول بالتواتر، وكذلك قبر صاحبيه، وأما قبر الخليل فأكثر الناس على أن هذا المكان المعروف هو قبره... ولكن ليس في معرفة قبور الأنبياء بأعيانها فائدة شرعية، وليس حفظ ذلك من الدين)(65).

وماذا بعد؟

ولم يقف الأمر عند حد نسبة القبور زوراً إلى شخصيات لها نصيبها من الحب والاحترام لــدى الناس، بل وصل الادعاء إلى اختلاق بعض هذه الشخصيات من الوهم والعدم ونسبة الأضرحة إليها، فمن ذلك: قبر في طريق بلدة (طورخال) بتركيا لصحابي أسموه (كيسك باش! (، وفي معرة النعمان ضريح لرجل يدعى (عطا الله) يزعمون أنه صحابي أيضاً(66).

وذكر المقريزي أن في القاهرة قبراً على يسرة من خرج من باب الحديد ظاهر زويلة،يزعمون أنه لصحابي يدعى: زارع النوى!(67).

وفي مدينة الشهداء بمصر ضريح داخل مسجد منسوب إلى (شبل) بن الفضل بن العباس عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، رغم أن المصادر العلمية تتفق على أن الفضل بن العباس -رضي الله عنه- لم ينجب إلا بنتاً واحدة اسمها (أم كلثوم)(68).

وأخيراً:


فإننا ربما لا ننتهي إذا حاولنا استقصاء حقيقة القبور والأضرحة المنتشرة في أنحاء العالم الإسلامي، والتي على فرض ثبوت صحة نسبتها فإن إقامة المساجد عليها وممارسة الأفعال التي اعتاد الناس على القيام بها حولها.. ليس من دين الله في شيء، بل يقع معظمه في دائرة المحرمات بدرجاته المختلفة، ومنها ما قد يصل إلى حد الشرك المخرج من الملة.

ولكن إذا ثبت أن ديننا ينهى عن تلك الأفعال، وثبت أن سوس الجهل والأوهام يرتع ناخراً في فسطاط الخرافة، فما الذي يدفع مرتادي الأضرحة والمعتقـدين فيها إلى ولـوج هذا الكيان والتمسك به؟!

الهوامش :

(1) أخرجه الإمام أحمد، 2/367، وأبو داود، كتاب المناسك، باب زيارة القبور، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود، ح/1769.

(2) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل 2/246، وصححه الألباني في تحذير الساجد، ص25.

(3) أخرجه مسلم في الجنائز، باب الأمر بتسوية القبور، وأبو داود والترمذي والنسائي.

(4) أخرجه مسلم في الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر، وأبو داود، ح/3226، وانظر: صحيح سنن أبي داود للألباني، ح/ 2763.

(5) أخرجه الترمذي وأبو داود والإمام أحمد، وقال أحمد محمد شاكر في تعليقه على (سنن الترمذي) 2/137: (الشواهد التي ذكرناها ترفعه إلى درجة الصحة لغيره، إن لم يكن صحيحاً بصحة إسناده هذا)، وضعف الألباني لفظ (السرج)، انظر: الضعيفة، ح/225.

(6) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج/ 27، ص466.

(7) السابق، ص 167.

(8) السابق، ص 466.

(9) السابق: ص161 ـ 162.

(10) ينتسب السامانيون إلى رجل فارسي يسمى (سامان)، كان مجوسياً واعتنق الإسلام أواخر عهد الدولة الأموية، وإسماعيل المذكور هو: إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان، آلت زعامة السامانيين إليه عام 279هـ، وتوفي سنة 295هـ. انظر: التاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر، ج/6، ص91، 107،....

(11) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ1، ص46.

(12) انظر: التاريخ الإسلامي، جـ 6، ص149.

(13) نسبة إلى موقع الضريح عند تقاطع طريقين.

(14) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون جـ1، ص46.

(15) انظر: شهر في دمشق، لعبد الله بن محمد بن خميس، ص 67.

(16) بدع الاعتقاد، لمحمد حامد الناصر، ص: 247، نقلاً عن (السيد البدوي ـ دراسة نقدية) للدكتور عبد الله صابر.

(17) عمار علي حسن، الصوفية والسياسة في مصر، ص88.

(18) انظر: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، لعبد الرحمن عبد الخالق، ص: 427.

(19) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ1، ص102 ـ 103.

(20) موالد مصر المحروسة، لعرفة عبده علي، ص71.

(21) الانحرافات العقدية...، ص285.

(22) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، د. زكريا سليمان بيومي ص125، والانحرافات العقدية، ص299 ـ 300، وبدع الاعتقاد ص267.

(23) انظر: الانحرافات العقدية، ص300.

(24) عرفة عبده علي، موالد مصر المحروسة، ص7.

(25) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص126.

(26) د. سعاد ماهر فهمي، مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ1 ص44.

(27) الانحرافات العقدية، ص293.

(28) د. زكريا سليمان بيومي، الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص127، 153.

(29) انظر: الآثار الإسلامية في مصر من الفتح العربي حتى نهاية العصر الأيوبي، مصطفى عبد الله شيحة، ص152.

(30) انظر: الانحرافات العقدية، ص289، 294، 295.

(31) انظر: مجلة (دراسات إسلامية) العدد الأول سنة 1418هـ، مقال (مسلمو أوزبكستان)، لعبد الرحمن محمد العسيري، ص217، 218.

(32) مجموع الفتاوى، جـ27، ص451، وانظر: ص465.

(33) السابق، ص456.

(34) السابق، ص485، ص493.

(35) انظر: الانحرافات العقدية، ص288، ومجلة (لغة العرب)، جـ7 السنة السابعة (1929م)، ص557 ـ 561، ومعالم حلب الأثرية، عبد الله حجار.

(36) عبد الله بن محمد بن خميس، شهر في دمشق، ص 67.

(37) سمير شاهين، الوثنية في ثوبها الجديد، ص81.

(38) السابق.

(39) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ2، ص33.

(40) مصطفى عبد الله شيحة، مرجع سابق، ص143.

(41) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ1، ص102.

(42) عن مقال: تأملات في حقيقة أمر أولياء الله الصالحين، لحسين أحمد أمين، مجلة العربي، ع/226، رمضان 1397هـ، ص135.

(43) انظر أيضاً: مجموع الفتاوى جـ27، ص493.

(44) الانحرافات العقدية، ص291.

(45) السابق، وانظر: مجموع الفتاوى، جـ27، ص494.

(46) السابق، ص290.

(47) مجموع الفتاوى، جـ27، ص460.

(48) الانحرافات العقدية، ص288.

(49) انظر: السابق، ص290، ومجموع الفتاوى، جـ27، ص170.

(50) مجموع الفتاوى، جـ27، ص494.

(51) السابق، ص492.

(52) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص159، هامش 4، ص138.

(53) انظر: عبد الله بن محمد بن خميس، شهر في دمشق، ص 66، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جـ27، ص447، ص491.

(54) الانحرافات العقدية، ص278، 279.

(55) السابق، ص 284.

(56) انظر: المزارات في شرقي الأردن، بقلم الخوري بولس سلمان، مجلة المشرق، 11/11/ 1920م، ص902 ـ 910.

(57) انظر: الانحرافات العقدية، ص282 ـ 283.

(58) انظر: مجموع الفتاوى جـ27، ص491، ص484.

(59) الانحرافات العقدية، ص283، ص281.

(60) انظر: السابق، ص281، ص282.

(61) السابق، ص282، ص281.

(62) نفسه، ص281، ص280.

(63) القاموس المحيط، مادة (ع و ر).

(64) مجموع الفتاوى، جـ27، ص446.

(65) السابق، ص444.

(66) انظر: الانحرافات العقدية، ص290، ص291.

(67) حسين أحمد أمين، مرجع سابق.

(68) انظر: الوثنية في ثوبها الجديد، سمير شاهين، ص82.
التوقيع :
[
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 11-22-2009, 06:12 PM   #5
abu iman
حال متالّق
 
الصورة الرمزية abu iman

افتراضي

ييعني مليار مسلم كلهم على ضلالة ..... سبحان الله
هل تعني أنهم جميعا خرجوا عن الملة إلا قليل منهم ؟
هل علينا أن نجدد اسلام مليار مسلم من الصين و حتى موريتانيا؟
هل الأغلبية على خطأ و كم نفر هم فقط على صواب؟
هل علينا أن تقوم بحملة لإبادة القبور فيي جميع أنحاء العالم؟
أليست هناك قضايا تهم المسلم أكثر من الأموات و قبورهم؟
أم أن جميع المشاكل قد حلت و بقيت مشكلة القبور تقض مضاجع المسلمين؟
أيهما أولى أن ننشغل بمحاربة القبور و إثارة فتنة بين مليار مسلم؟
هل هذه فعلا قضية أساسية في الشريعة الإسلامية غفل عنها علماء المسلمين في كل الدنيا؟
أم أن هناك أيدي تدفع بنا إلى الإنشغال بهذه الأمور لكي تنخر في جسم المسلمين من الداخل
بعد أن عجزوا عن محاربتهم بالطرق التقليدية؟
أم نتكاتف جميعا و نتفرغ لمحاربة أعداء الإسلام الذين يحدقون بنا من كل جانب؟
هل نحن فعلا بحاجة إلى إثارة هذه المسألة و هذا هو الوقت المناسب؟
أم نحن نتحجج بها لأننا عاجزون عن عمل شيء آخر أهم للمسلمين لكي ينسوا مطالبهم الحقيقية؟
هل ... هل .... هل ..... ؟ مليون سؤال و سؤال أمام إثارة مواضيع جانبية
تشتت شمل المسلمين لنتحارب في ما بيننا و ننسى القضايا الأساسية....
و شكرا


التعديل الأخير تم بواسطة abu iman ; 11-22-2009 الساعة 06:14 PM
  رد مع اقتباس
قديم 11-22-2009, 08:14 PM   #6
الحضرمي التريمي
حال متالّق

افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم المجد القادم سلمك الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لله درك وكثر من أمثالك ، ماهذا البحث الرائع الذي بعده يصمت القبوريون ويخرس المتكلمون 0
شكر الله لك وجعله في ميزان حسناتك أيها الفارس الهمام قم بزيارة إلى تريم مدينة الأحلام والأوهام 0
تضيف لهذا البحث الرائع أضرحة أخرى لعل الله أن ينفع بعلمك وجهدك كثير من المخلوقين ، ويرد كثيراً من المخدوعين ، العاكفين عليها سنيناً بعد سنين نسأل الله هدايتهم إلى نور التوحيد في الدين0
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
  رد مع اقتباس
قديم 11-22-2009, 08:20 PM   #7
المجد القادم
حال نشيط
 
الصورة الرمزية المجد القادم

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abu iman [ مشاهدة المشاركة ]
ييعني مليار مسلم كلهم على ضلالة ..... سبحان الله
هل تعني أنهم جميعا خرجوا عن الملة إلا قليل منهم ؟
هل علينا أن نجدد اسلام مليار مسلم من الصين و حتى موريتانيا؟
هل الأغلبية على خطأ و كم نفر هم فقط على صواب؟
هل علينا أن تقوم بحملة لإبادة القبور فيي جميع أنحاء العالم؟
أليست هناك قضايا تهم المسلم أكثر من الأموات و قبورهم؟
أم أن جميع المشاكل قد حلت و بقيت مشكلة القبور تقض مضاجع المسلمين؟
أيهما أولى أن ننشغل بمحاربة القبور و إثارة فتنة بين مليار مسلم؟
هل هذه فعلا قضية أساسية في الشريعة الإسلامية غفل عنها علماء المسلمين في كل الدنيا؟
أم أن هناك أيدي تدفع بنا إلى الإنشغال بهذه الأمور لكي تنخر في جسم المسلمين من الداخل
بعد أن عجزوا عن محاربتهم بالطرق التقليدية؟
أم نتكاتف جميعا و نتفرغ لمحاربة أعداء الإسلام الذين يحدقون بنا من كل جانب؟
هل نحن فعلا بحاجة إلى إثارة هذه المسألة و هذا هو الوقت المناسب؟
أم نحن نتحجج بها لأننا عاجزون عن عمل شيء آخر أهم للمسلمين لكي ينسوا مطالبهم الحقيقية؟
هل ... هل .... هل ..... ؟ مليون سؤال و سؤال أمام إثارة مواضيع جانبية
تشتت شمل المسلمين لنتحارب في ما بيننا و ننسى القضايا الأساسية....
و شكرا


اخي العزيز شاكرا مرورك واليك الدليل القاطع عن الرسول صلى الله علية وسلم
تقديس القبور والأضرحة) مفهوم لم يعرفه الإسلام ولو في إشارة يسيرة، بل جاءت نصوصه الثابتة بالنهي الصريح عن كل ذريعة تفـضي إلى ذلك المفهوم الذي يمثل خطوة أولى على طريق الانحراف نحو الشرك؛ فمن الأقوال القاطعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما لا يدع مجالاً لتوهم نسـخ أو تخصيص أو تقييد ما جاء عنه: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلّوا عليّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)(1)، وعنه: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (2).. هذا في قبره الشريف وفي كل قبر، وعن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال لأبي الهياج: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته)(3)، ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن (يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) وفي زيادة صحيحة لأبي داود: (أو أن يكتب عليه)(4).. ولعن (المتخذين عليها [اي القبور] المساجد والسُرج)(5).
  رد مع اقتباس
قديم 11-22-2009, 08:22 PM   #8
المجد القادم
حال نشيط
 
الصورة الرمزية المجد القادم

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحضرمي التريمي [ مشاهدة المشاركة ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم المجد القادم سلمك الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لله درك وكثر من أمثالك ، ماهذا البحث الرائع الذي بعده يصمت القبوريون ويخرس المتكلمون 0
شكر الله لك وجعله في ميزان حسناتك أيها الفارس الهمام قم بزيارة إلى تريم مدينة الأحلام والأوهام 0
تضيف لهذا البحث الرائع أضرحة أخرى لعل الله أن ينفع بعلمك وجهدك كثير من المخلوقين ، ويرد كثيراً من المخدوعين ، العاكفين عليها سنيناً بعد سنين نسأل الله هدايتهم إلى نور التوحيد في الدين0
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

مرورك زادني شرف وفقك الله
  رد مع اقتباس
قديم 11-22-2009, 08:29 PM   #9
المجد القادم
حال نشيط
 
الصورة الرمزية المجد القادم

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوبروج [ مشاهدة المشاركة ]
فسطاط الخرافة.. الجذور والواقع

تقديس القبور والأضرحة) مفهوم لم يعرفه الإسلام ولو في إشارة يسيرة، بل جاءت نصوصه الثابتة بالنهي الصريح عن كل ذريعة تفـضي إلى ذلك المفهوم الذي يمثل خطوة أولى على طريق الانحراف نحو الشرك؛ فمن الأقوال القاطعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما لا يدع مجالاً لتوهم نسـخ أو تخصيص أو تقييد ما جاء عنه: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلّوا عليّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)(1)، وعنه: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (2).. هذا في قبره الشريف وفي كل قبر، وعن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال لأبي الهياج: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته)(3)، ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن (يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) وفي زيادة صحيحة لأبي داود: (أو أن يكتب عليه)(4).. ولعن (المتخذين عليها [اي القبور] المساجد والسُرج)(5).

من النور إلى الظلمات:

وعلى ذلك سـار سلفنا الصالح من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان (ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم من ذلك شيء في بلاد الإسلام، لا في الحجاز، ولا اليمن، ولا الشام، ولا العراق، ولا مصر، ولا خراسان، ولا المغرب، ولم يكن قد أحدث مشـهد، لا على قبر نبي، ولا صاحب، ولا أحد من أهل البيت، ولا صالح أصلاً، بل عامة هذه المشاهد محدَثة بعد ذلك، وكان ظهورها وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس، وتفرقت الأمة، وكثر فيهم الزنادقة الملبّسون على المسلمين، وفشت فيهم كلمة أهل البدع، وذلك من دولة المقتدر في أواخر المئة الثالثة؛ فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القدّاحية في أرض المغرب، ثم جاؤوا بعد ذلك إلى أرض مصر)(6).

(ولم يكن في العصور المفضلة (مشاهـد) على القبور، وإنما كثر بعد ذلك في دولة بني بويه لما ظهرت القرامطة بأرض المشرق والمغرب، وكان بها زنادقة كفار مقصودهم تبديل دين الإسلام، وكان في بني بويه من الموافقة لهم على بعض ذلك. ومن بدع الجهمية والمعتزلة والرافضة ما هو معروف لأهل العلم، فبنوا المشاهد المكذوبة كمشهد علي -رضي الله عنه- وأمثاله...)(7).

(... وفي دولتهم أُظهر المشهد المنسوب إلى علي -رضي الله عنه- بناحية النجف، وإلا فقبل ذلك لم يكن أحد يقول: إن قبر علي هناك، وإنما دفن علي -رضي الله عنه- بقصر الإمارة بالكوفة)(8).

فعندما بدأت المحدَثات تدب في حياة المسلمين، كان منها ذلك الأمر الجلل (فظهرت بدعة التشيع التي هـي مفتاح باب الشرك، ثم لما تمكنـت الزنادقـة أمـروا ببناء المشاهد وتعطيل المساجد... ورووا في إنارة المشاهد وتعظيمها والدعاء عندها من الأكاذيب ما لم أجد مثله فيما وقفت عليه من أكاذيب أهل الكتاب، حتى صنف كبيرهم (ابن النعمان) كتاباً في (مناسك حج المشاهد) وكذبوا فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته أكاذيب بدلوا بها دينه، وغيروا ملته، وابتدعوا الشرك المنافي للتوحيد، فصاروا جامعين بين الشرك والكذب)(9).

الرواد الأوائل:


وعلى ذلك يتضح أن الذين بذروا بذورَ شرك القبور كانوا رافضة، وهذا ما تؤكده لنا عالمة الآثـار الدكتورة سعاد ماهر فهمي عندما تسرد أوائل الأضرحة ذات القباب، فتقول: (.. ويليها من حيث التاريخ: ضريح إسماعيل الساماني(10) المبني سنة 296 هـ في مدينة بخارى، ثم ضريح الإمام علي - رضي الله عنه - في النجف الذي بناه الحمدانيون سنة 317 هـ، ثـم ضريح محمد بن موسى في مدينة قم بإيران سنة 366 هـ، ثم ضريح (السبع بنات) في الفسطاط سنة 400 هـ، وقد احتفظت لنا جبّانة أسوان بمجموعة كبيرة من الأضرحة ذات القباب التي يرجع تاريخ معظمها إلى العصر الفاطمي في القرن الخامس الهجري)(11).

فبدايات تعظيم القبور واتخاذها مشاهد وأضرحة ارتبطت تاريخياً بأسماء: القرامطة، وبني بويه، والفاطميين (العبيديين)، والسامانيين، والحمدانيين... وجميعهم روافض وإن تفاوتوا في درجة الغلو(12).

على أن الــدكتورة سعاد ماهر تذكر لنا (أن أقدم ضريح في الإسلام أقيمت عليه قبة يرجع إلى القرن الثالث الهجري، وقد عُرف هذا الضريح باسم (قبة الصليبية)، ويوجد في مدينة سامرّا بالعراق على الضفة الغربية لنهر دجلة إلى الجنوب من قصر العاشق...، ويقول الطبري: إن أم الخليفة العباسي استأذنت في بناء ضريح منفصل لولدها فأذن لها؛ إذ كانت العادة قبل ذلك أن يدفن الخليفة في قصره، فأقامت قبة الصليبية في شهر ربيع الثاني سنة 284هـ، وقد ضم الضريح إلى جانب المنتصر الخليفة المعتز والمهتدي، وتعتبر قبة الصليبية(13) أول قبة في الإسلام)(14).

ولكن الدكتورة سعاد تذكر لنا الأضرحة (ذات القباب) فقط، ولا ندري هل كانت قبل قبة الصليبية أضرحة أخرى ليست ذات قباب أم لا؟

تعانق الجبت مع الطاغوت:

على أن الذي يعنينا في هذا المقام هو أن (تقديس القبور والأضرحة) أمر حادث في الإسلام، وإحداثه لم يرتبط بأهل التقوى والعلم، بل ارتبط بأصحاب الدعوات الهدامة وأهل السلطان، وقد أشار القرآن الكريم إلى مثل ذلك في قوله ـ تعالى ـ عن أصحاب الكهف: ((قَالَ الَذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً)) [الكهف: 21] فالذين أرادوا اتخاذ مسجد على قبور الفتية هم أهل الغلبة.

ولعلنا نلمح أن في ذلك جنساً من اتباع سَنَن من كانوا قبلنا في تعانق الجبت مع الطاغوت عند حدوث الانحراف العقدي، وذلك كما في قوله ـ تعالى ـ: ((أَلَمْ تَرَ إلَى الَذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ..)) [النساء: 51]؛ حيث يتآزر دعاة الأوهام والخرافة مع أصحاب الطاعة والتشريع من دون الله، ويتبادلون الأدوار أحياناً، فتجد الكهان والمنجمين والسحرة يطلبون الطاعة ممن يؤمن بخرافاتهم ويحلون له الحرام، ويُحرمون عليه الحلال، كما أنهم يمدون أصحاب السلطان والطاعة بالشرعية التي هم في حاجة إليها، وتجد أصحاب السلطان ممن يُطاعون في معصية الله يستشيرون الخرافيين ويقربونهم ويفسحون المجال للترويج لبدعهم بين الناس.. ولا شك أن لكل ذلك أثراً في الواقع.

دينهم وديدنهم:

كما أن مكانة القبور والأضرحة (المقدسة)! غير قابلة للمساومة في دين الرافضة؛ فطائفة البهرة الإسماعيلية (من غلاة الرافضة) ذات نشاط واسع في عمارة وتجديد المساجد ذات الأضرحة بحجة الاهتمام بالعمارة الإسلامية، وبخاصة في مصر... والقبر الأول الذي يحظى بحج الجماهير في دمشق ـ وهو القبر المنسوب إلى السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ ما زال مكتوباً عليه إلى الآن: قام بعمارة البناية الضخمة عليه والمسجد حولها والقبة المزخرفة: محمد بن حسين نظام وأولاده من طائفة الشيعة(15).

وأيضاً فإن أصحاب الأضرحة الكبرى ممن ينسب إلى التصوف هم في الحقيقة من غلاة الشيعة الباطنية؛ حيث (من العراق انطلق أحد أتباع الرفاعي إلى مصر، وهو (أبو الفتح الواسطي) (جد إبراهيم الدسوقي) لنشر دعوتهم الباطنية بها، وقد كان ذلك في العهد الأيوبي، وبعد موت الواسطي جاء (البدوي) ليخلفه في دعوته تلك، وقد توزع هؤلاء الدعاة في مصر، فكان (الدسوقي) بدسوق و (أبو الحسن الشاذلي) بالإسكندرية، و (أبو الفتح الواسطي) ما بين القاهرة وطنطا والإسكندرية، ولما مات الواسطي حل محله البدوي بطنطا، وجميعهم من فلول العبيديين الذين طردهم صلاح الدين الأيوبي من مصر، ثم حاولوا العودة تحت ستار التصوف والزهد... كما أن كلاّ من ابن بشيش وابن عربي قد تتلمذا على يد (أبي مدين) بالمغرب)(16).

(وفي أواخر عهدهم أنشأ الفاطميون المشهد الحسيني عام 550هـ عندما شعروا بأن سلطتهم قد ضعفت ليجذبوا إليهم المصريين، وعهدوا إلى ابن مرزوق القرشي (564هـ (تربية مريدي الصوفية، فانتظم أتباعه في طوائف وطرق لنشر الدعوة الشيعية؛ إلا أن هذه التنظيمات انهارت بانهيار الدولة الفاطمية وتحول المشهد الحسيني إلى ضريح صوفي)(17).

والحاصل: أن تقديس القبور وزيارة المشاهد تقليد شيعي في نشأته، فالشيعة هم أول من بنى المشاهد على القبور؛ حيث تتبعوا ـ أو زعموا ـ قبور من مات قديماً ممن يعظمونهم من آل البيت، وراحوا يبنون على قبورهم ويجعلونها مشاهد ومزارات، ثم جاء الصوفية فنسجوا على هذا المنوال، فجعلوا أهم مشاعرهم هو زيارة القبور وبناء الأضرحة والطواف بها والتبرك بأحجارها، والاستغاثة بالأموات(18).

الحاجة أمّ الاختراع:

وأصبح تقديس القبور والأضرحة لازماً من لوازم الطرق الصوفية؛ بحيث لا يتصور أحد وجود طريقة صوفية من غير ضريح ـ أو أكثر ـ تقدسه.. ومع تمكن الداء من جسد الأمة ظهرت (الحاجة) إلى تعدد الأضرحة والمزارات لتلبي رغبات من صرعتهم الأوهام، وضاق بالقبوريين أن يتحروا ثبوت قبور الأولياء المشهورين لدى جمهورهم، ولأن الحاجة أُمّ الاختراع ـ كما يقال ـ فقد وجدوا لهذه الأزمة بعض المخارج والحيل:

- فظهر ما يسمى بأضرحة الرؤيا، تقول الدكتورة سعاد ماهر: (ظهر في العصور الوسطى ـ وخاصة في أوقات المحن والحروب التي لا تجد فيها الشعوب من تلوذ به غير الواحد القهار ـ أن يتلمسوا أضرحة آل البيت والأولياء للزيارة والبركة والدعاء ليكشف الله عنهم السوء ويرفع البلاء، ومن ثم: ظهر ما يعرف بأضرحة الرؤيا، فإذا رأى ولي من أولياء الله الصالحين في منامه رؤيا مؤداها أن يقيم مسجداً أو ضريحاً لأحد من أهل البيت أو الولي المسمى في الرؤيا فكان عليه أن يقيم الضريح أو المسجد باسمه)(19).

وتلك كانت الدعوى نفسها التي أقيمت عليها (مزارات الشهداء) عند النصارى (وكان ذلك إبان القرن الخامس الميلادي؛ حيث أصبح لكل قرية مزار لشهيد يحوي عظاماً لبعض الموتى المجهولين، أخرجت من القبور، ومنحت كل التبجيل والاحترام، دون أدنى دليل يثبت أنها ـ على الأقل ـ بقايا مسيحيين، ويُخلع على هذه الرفات أسماء وألقاب لائقة، وفي حالات كثيرة كان المرجع الوحيد في هذا الشأن (حلم) أو (رؤيا) لكاهن أو راهب)(20).

وعلى ذلك لا يلزم أن يكون الولي المقام الضريح باسمه ثبت وجوده في ذلك المكان، بل لا يلزم أن يكون وطئت قدمه أرض تلك البلاد أصلاً، ومن هنا ظهرت أضرحة مزعومة ومكذوبة في طول البلاد وعرضها، وتعددت الأضرحة للولي الواحد في أكثر من قُطْر، ولتسويغ ذلك الخطل نسجوا خرافة واضحة الزور والبهتان، فقالوا: إن الأرض لأجسام الأولياء كالماء للسمك، فيظهرون بأماكن متعددة ويزار كل مكان قيل عنه إنه فيه نبي كريم أو ولي عظيم(21).

- ومن الحيل الرائجة لإقامة ضريح أو مشهد: نسج الكرامات حول الشخص المزعوم بأنه ولي، أو حول المكان المزعوم بأنه مكان قبر ولي.

فمما ينسج حول الأشخاص: ما حدث مع (الشيخ) صالح أبي حديد الذي كان وبعض صحبه من قطاع الطريق، وحين كشف أمره هرب ولجأ إلى بيت مغنية مشهورة، فأخفته وادعت أنه مجنون ووضعت في رجليه قيداً من حديد، وقد اعتقل لسانه من شدة الخوف، ثم أشاعت هي والمجتمعون من حوله أن له كرامات وإخباراً بالمغيبات، فأقبل عليه الناس بالهدايا والنذور حتى ذاع صيته، وزاره الخديوي إسماعيل واستبشر به وبنى له قبراً بقبة عالية بعد وفاته ووقف عليه الأرض وغيرها(22).

ومن ذلك: مسجد في حلب يعرف بمسجد العريان، يعتقده أهل المحلة الموجود بها، ويقولون: إنه عرف بالعريان؛ لأنه في أكثر أوقاته يتجرد من ثيابه، ويدّعون أن ذلك لغلبة الحال عليه(23).

الواقع الأليم.. شبكة أضرحة:

ولغفلة جموع كثيرة من الأمة عن حقيقة دينها فقد أنبتت هذه الجذور شبكة واسعة من القبور والأضرحة (المقدسة) عمت معظم أنحاء العالم الإسلامي، بل إن بعض الباحثين يقدر عدد الأضرحة في القطر الذي يعيش فيه بما لا يقل عن عدد المدن والقرى في هذا القطر، حيث يقول: (وأضرحة الأولياء التي تنتشر في مدن مصر ونحو ستة آلاف قرية: هي مراكز لإقامة الموالد للمريدين والمحبين، ويمكننا القول: إنه من الصعب أن نجد يوماً ـ على مدار السنة ـ ليس فيه احتفال بمولد ولي في مكان ما بمصر)(24)، بل أصبحت القرى التي تخلو من الأضرحة مثار تندر وتهكم سدنة الأضرحة، فقد ذكر الدكتور زكريا سليمان بيومي أن من القرى التي تخلو من أضرحة الأولياء: (بِيّ العرب) و (أبو سنيطة) و (ميت عفيف) وهي جميعاً مركز الباجور منوفية، وأطلق المشايخ أمثلة شعبية على بخل هذه القرى وخلوها من البركة ما زالت سارية بين الناس حتى الآن!(25).

ولكي ندرك حجم المأساة أكثر سنورد بعض ما تيسر من نماذج توضح حجم انتشار هذه الأضرحة في بعض بقاع العالم الإسلامي، وبالطبع، فليس من بلد به ضريح إلا وله مريدون ممن يعتقدون فيه..

فمن بين ألوف الأضرحة المنسوبة إلى الأنبياء والصحابة والأولياء في العالم الإسلامي يشتهر في مصر من بين أكثر من ستة آلاف ضريح (على تقدير من أشرنا إليهم (أكثر من ألف ضريح(26)، (ويذكر صاحب الخطط التوفيقية علي باشا مبارك أن الموجود في زمنه في القاهرة وحدها مئتان وأربعة وتسعون ضريحاً)(27)، أما خارج القاهرة فيوجد (على سبيل المثال في مركز فوّة.. (81) ضريحاً، وفي مركز طلخا (54)، وفي مركز دسوق (84)، وفي مركز تلا (133)، وهي الأضرحة التابعة للمجلس الصوفي الأعلى، بخلاف الأضرحة التابعة للأوقاف أو غير المقيدة بالمجلس الصوفي)(28) كما يوجد في أسوان أحد المشاهد يسمى مشهد (السبعة وسبعين ولياّ)(29).

وتنقسم الأضرحة إلى كبرى وصغرى، وكلما فخم البناء واتسع وذاع صيت صاحبه زاد اعتباره وكثر زواره.


فمن الأضرحة الكبرى في القاهرة: ضريح الحسين، وضريح السيدة زينب، وضريح السيدة عائشة، وضريح السيدة سكينة، وضريح السيدة نفيسة، وضريح الإمام الشافعي، وضريح الليث ابن سعد... وخارج القاهرة تشتهر أضرحة: البدوي بطنطا، وإبراهيم الدسوقي بدسوق، وأبي العباس المرسي بالإسكندرية، وأبي الدرداء بها أيضاً، وأبي الحسن الشاذلي بقرية حميثرة بمحافظة البحر الأحمر، وأحمد رضوان بقرية البغدادي بالقرب من الأقصر، وأبي الحجاج الأقصري بالأقصر أيضاً، وعبد الرحيم القنائي بقنا...

أما في الشام فقد أحصى عبد الرحمن بك سامي سنة (1890م) في دمشق وحدها 194ضريحاً ومزاراً، بينما عد نعمان قسطالي المشهور منها 44 ضريحاً، وذكر أنه منسوب للصحابة أكثر من سبعة وعشرين قبراً، لكل واحد منها قبة ويزار ويتبرك به.

وفي الآستانة عاصمة السلطنة العثمانية كان يوجد 481 جامعاً يكاد لا يخلو جامع فيها من ضريح، أشهرها الجامع الذي بني على القبر المنسوب إلى أبي أيوب الأنصاري في الآستانة (القسطنطينية).

وفي الهند يوجد أكثر من مئة وخمسين ضريحاً مشهوراً يؤمها الآلاف من الناس.

وفي بغداد كان يوجد أكثر من مئة وخمسين جامعاً في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وقلّ أن يخلو جامع منها من ضريح، وفي الموصل يوجد أكثر من ستة وسبعين ضريحاً مشهوراً كلها داخل جوامع، وهذا كله بخلاف الأضرحة الموجودة في المساجد والأضرحة المفردة(30).

وفي معظم مناطق أوزبكستان كثير من الأضرحة المنسوبة إلى الصحابة والمشائخ ورجال العلم والأولياء، وأصبحت هذه القبور مزارات يفد إليها مريدوها جماعات وأفراداً، يدعون ويبكون، ومن أهم تلك المزارات ضريح قثم بن العباس ابن عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سمرقند، وضريح الإمام البخاري في قرية خرتنك(31).

بين الحقيقة والوهم:

وإذا كان ذكر أسماء الأضرحة المشهورة في العالم الإسلامي قد يشق على المتابع فسنذكر هنا طرفاً من الأضرحة المكذوبة والمشكوك في نسبتها:

فضريح الحسين بالقاهرة (كذب مختلق بلا نزاع بين العلماء المعروفين عند أهل العلم، الذين يرجع إليهم المسلمون في مثل ذلك لعلمهم وصدقهم)(32)، (فإنه معلوم باتفاق الناس: أن هذا المشهد بني عام بضع وأربعين وخمسمئة، وأنه نقل من مشهد بعسقلان، وأن ذلك المشهد بعسقلان كان قد أحدث بعد التسعين والأربعمئة... فمن المعلوم أن قول القائل: إن ذلك الذي بعسقلان هو مبني على رأس الحسين -رضي الله عنه- قول بلا حجة أصلاً..)(33).

وقد ورد عن المشائخ: ابن دقيق العيد وابن خلف الدمياطي وابن القسطلاني والقرطبي صاحب التفسير وعبدالعزيز الديريني إنكارهم أمر هذا المشهد، بل ذكر عن ابن القسطلاني أن هذا المشهد مبني على قبر نصراني(34).

وإضافة إلى مشهدي عسقلان والقاهرة هناك ضريح آخر في سفح جبل الجوشن غربي حلب ينسب إلى رأس الحسين -رضي الله عنه- أيضاً، وهو من أضرحة الرؤيا، وكذلك توجد أربعة مواضع أخرى يقال إن بها رأس الحسين: في دمشق، والحنانة بين النجف والكوفة، وبالمدينة عند قبر أمه فاطمة ـ رضي الله عنها ـ، وفي النجف بجوار القبر المنسوب إلى أبيه -رضي الله عنه-، وفي كربلاء حيث يقال: إنه أعيد إلى جسده(35).

ورغم أن المحققين يقولون إن السيدة زينب بنت علي ـ رضي الله عنهما ـ ماتت بالمدينة ودفنت بالبقيع، إلا أن القبر المنسوب إليها والذي أقامه الشيعة في دمشق هو (القبر الأول الذي يحظى بحج الجماهير إليه...)(36).

ولا يقل عنه جماهيرية ذلك الضريح المنسوب إليها في القاهرة، والذي لم يكن له وجود ولا ذكر في عصور التاريخ الإسلامي إلى ما قبل محمد علي باشا بسنوات معدودة ـ كما يذكر أحمد زكي باشا ـ(37)، ويقول علي مبارك في الخطط التوفيقية: (لم أرَ في كتب التاريخ أن السيدة زينب بنت علي ـ رضي الله عنهما ـ جاءت إلى مصر في الحياة أو بعد الممات)(38).

وأهل الإسكندرية بمصر يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن أبا الدرداء مدفون في الضريح المنسوب إليه في مدينتهم، ومن المقطوع به عند أهل العلم أنه لم يدفن في تلك المدينة(39).

ومن أضرحة الرؤيا: مشهد السيدة رقية بنت الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالقاهرة، أقامته زوجة الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، وذلك بلا خلاف(40)، ومنها كذلك: ضريح السيدة سكينة بنت الحسين ابن علي ـ رضي الله عنهم ـ(41)، ويذكر المقريزي في خططه (2/45) جملة من الأضرحة المزعومـة، منها: (قبـر في زقاق المزار تزعم العامة ومن لا علم عنده أنه قبر يحيى بن عقب، وأنه كان مؤدباً للحسين بن علي بن أبي طالب، وهو كذب مختلق وإفك مفترى، كقولهم في القبر الذي بحارة برجوان إنه قبر جعفر الصادق، وفي القبر الآخر إنه قبر أبي تراب النخشبي... إلى غير ذلك من أكاذيبهم)(42).

ومن أشهر الأضرحة أيضاً: ضريح الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالنجف بالعراق، وقد مرّ بنا سابقاً كلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ من أنه قبر مكذوب، وأن علياً -رضي الله عنه- دفن بقصر الإمارة بالكوفة(43).

وفي البصرة عدد من الأضرحة المنسوبة إلى الصحابة منها: قبر عبد الرحمن بن عوف رغم أنه مات بالمدينة ودفن بالبقيع(44).

وفي بلدة الرها من أعمال حلب ضريح يقال إنه لجابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضي الله عنهما ـ مع أن جابراً توفي في المدينة(45).

وفي مدينة نصيبين بالشام (حالياً بجنوب تركيا) قبة يزعمون أنها لسلمان الفارسي، مع أنه -رضي الله عنه- مدفون في المدائن(46).

ويضيف ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (وكذلك بدمشـق بالجانب الشرقي مشهـد يقال: إنه قبر أُبَيّ بن كعب، وقد اتفق أهل العلم على أن أبيّاً لم يقدم دمشق، وإنمـا مات بالمدينة، فكان بعض الناس يقول: إنه قبر نصراني، وهذا غير مستبعد... فلا يستبعد أنهم [اي: النصارى] ألقوا إلى بعض جهال المسلمـين أن هذا قبر من يعظمـه المسلمون ليوافقوهم على تعظيمه)(47).. وما لم يستبعده ـ رحمه الله ـ حدث مثله في العصر الحاضر (ففي الجزائر كان الشعب هناك يؤم ضريحاً في بعض المناطق الشرقية ويتبـرك بأعتابه، ثم اكتُشف أن هذا القبر كان لراهب مسيحي، ولم يصدق الناس ذلك حتى عثروا على الصليب في القبر)(48).

وفي دمشق أيضاً: قبور منسوبة إلى أمهات المؤمنين: عائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة ـ رضوان الله عليهن ـ مع أنهن مدفونات بالمدينة المنورة، وفيها كذلك قبر لأسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ مع أنها ماتت في مكة بعد مقتل ولدها عبد الله بن الزبير بأيام قليلة(49).

وينسب الناس في الشام قبراً إلى (أم كلثوم) و (رقية) بنتي رسول الله (وقد اتفق الناس على أنهما ماتتا في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة المنورة تحت عثمان، وهذا إنما هو بسبب اشتراك الأسماء؛ لعل شخصاً يسمى باسم من ذكر توفي ودفن في موضع من المواضع المذكورة، فظن الجهال أنه أحد من الصحابة)(50)، (ومنها (قبر خالد) بحمص، يقال: إنه قبر خالد بن يزيد بن معاوية...، ولكن لما اشتهر أنه خالد، والمشهور عند العامة خالد بن الوليد: ظنوا أنه خالد بن الوليد، وقد اختلف في ذلك: هل هو قبره أو قبر خالد بن يزيد)(51).

ولعل لهذا السبب أيضاً وجد ضريح (سيدي خالد بن الوليد) بكفر الحما مركز أشمون منوفية بمصر، وضريح (الشيخ عمار بن ياسر) بناحية بني صالح تبع مركز الفشن(52).

انفراط العقد:


وفي دمشق كذلك ضريح يدعي الناس أنه لرأس يحيى بن زكريا ـ عليهما السلام ـ يقع في قلب المسجد الأموي، وله قبة وشباك، وله نصيبه من التمسح والدعاء، وبجانب المسجد الأموي قبر القائد صلاح الدين الأيوبي، وإلى جانبه في القبة قبر عماد الدين زنكي، وقبور أخرى تزار ويتوسل بها... وفيها قبور أخرى كثيرة كقبر زيد بن ثابت، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، والراجح أنه قبر معاوية بن يزيد بن معاوية، أما قبر معاوية الصحابي فقيل إنه بحائط دمشق الذي يقال إنه قبر هود ـ عليه السلام ـ، وفي دمشق أيضاً قبور كثير من التابعين والقواد العظمـاء، ومعظـم ما يقال عن هذه القبـور تخرصـات و تكهنـات معظمها من وضع الشيعة والصوفية، وإلا فليس هناك دليل مادي يثبت قبر كل فرد بعينه(53).

وإضافة إلى ضريح دمشق المنسوب ليحيى بن زكريا ـ عليهما السلام ـ فإن له مزاراً آخر في صيدا جنوب لبنان في قمة جبل يشرف على البلد والبحر، وله أيضاً مقام ثالث في الجامع الأموي بحلب؛ حيث توجد حجرة تعرف بـ (الحضرة النبوية) يقال إن بها رأس يحيى بن زكريا ـ عليهما السلام ـ في صندوق جرن، وقيل إن بها عضواً من أعضاء نبي الله زكريا ـ عليه السلام ـ في صندوق مرمر(54).

وفي حلب أيضاً: (مسجد يعرف بمسجد النبي، منسوب إلى نبي يدعى كالب بن يوفنا من سبط يهوذا)(55).

ونحو الجنوب إلى معان بشرقي الأردن يوجد مزار النبي هارون، ولا يوجد عند أهل هذه الناحية مقام أشد إكراماً ولا أوفر آياتٍ منه!، كما يوجد في شرقي الأردن أيضاً مقام النبي هوشع (يوشع) على قمة جبل بالقرب من السلط، وهو مبني بحجارة قديمة يرتئي الباحثون أن أكثرها يرتقي إلى عهد الصليبيين!، كما يوجد في غربي الكرك مزار النبي نوح، وفي بادية البلقاء وموآب يوجد مقام (الخضر الأخضر)(56).

كما يوجد ضريح آخر للخضر ـ عليه السلام ـ في مغارة بمعرة النعمان بشمال سورية بالشام، ويوجد بها كذلك ضريح آخر ليوشع ـ عليه السلام ـ، وفي معرة النعمان أيضاً يوجد ضريح شيث ـ عليه السلام ـ، مع أن هناك جامعاً كبيراً في الموصل يسمى بجامع النبي شيث داخله ضريح يعتقد الناس أنه مدفون فيه، ولم يكن هذا القبر معروفاً قبل القرن الحادي عشر للهجرة، حيث رأى أحد ولاة الموصل في ذلك القرن مناماً يدل على موضع القبر، فبنى الضريح(57).

ومن المقابر المكذوبة باتفاق أهل العلم القبر المنسوب إلى هود ـ عليه السلام ـ بجامع دمشق، فإن هوداً لم يجئ إلى الشام(58). وهناك قبر منسوب إليه في حضرموت، وفي حضرموت أيضاً قبر يزعم الناس أنه لصالح ـ عليه السلام ـ، رغم أنه مات بالحجاز، وله أيضاً ـ عليه السلام ـ قبر في يافا بفلسطين، التي بها كذلك مزار لأيوب ـ عليه السلام ـ(59).

ويونس ـ عليه السلام ـ له ضريح في بلدة حلحول بفلسطين، وضريح آخر بقرية نينوى قرب الموصل بالعراق، وثالث في غار بضيعة قرب نابلس بفلسطين، وكلها يُدّعى أن فيها قبره ـ عليه السلام(60)، وفي نابلس أيضاً ضريح الأسباط إخوة يوسف ـ عليه السلام ـ، وله ـ عليه السلام ـ قبر في مسجد الخليل بمدينة الخليل بفلسطين، وفي المسجد نفسه ضريح إبراهيم ـ عليه السلام ـ، وكذا: أضرحة تنسب إلى إسحاق ويعقوب ـ عليهما السلام ـ(61).

ورغم وجود مزار لداود ـ عليه السلام ـ في قضاء كلّز من أعمال حلب بسورية، إلا أن له مزاراً آخر في جنوب غرب صيدا بلبنان، التي في جانبها الشرقي مزار ـ شمعون ـ يزعم الناس أنه من أنبياء بني إسرائيل، وله نفسه مزار آخر في قضاء كلّز أيضاً، وفي صيدا أيضاً مزار (صيدون) يزعم الناس أيضاً أنه من أنبياء بني إسرائيل(62).

وذكر الفيروزآبادي في تعريفه لبلدة قرب نابلس تسمى (عَوْرَتا): (قيل بها قبر سبعين نبياً، منهم: عزير، ويوشع)(63).

وبعد هذا السرد إليك ما قاله شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في نسبة قبور الأنبياء، فقد حكى عن طائفة من العلماء (منهم عبد العزيز الكناني: كل هذه القبور المضافة إلى الأنبياء، لا يصح شيء منها إلا قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثبت غيره أيضاً قبر الخليل ـ عليه السلام ـ(64))، ويقول أيضاً: (وأما قبور الأنبياء: فالذي اتفق عليه العلماء هو قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن قبره منقول بالتواتر، وكذلك قبر صاحبيه، وأما قبر الخليل فأكثر الناس على أن هذا المكان المعروف هو قبره... ولكن ليس في معرفة قبور الأنبياء بأعيانها فائدة شرعية، وليس حفظ ذلك من الدين)(65).

وماذا بعد؟

ولم يقف الأمر عند حد نسبة القبور زوراً إلى شخصيات لها نصيبها من الحب والاحترام لــدى الناس، بل وصل الادعاء إلى اختلاق بعض هذه الشخصيات من الوهم والعدم ونسبة الأضرحة إليها، فمن ذلك: قبر في طريق بلدة (طورخال) بتركيا لصحابي أسموه (كيسك باش! (، وفي معرة النعمان ضريح لرجل يدعى (عطا الله) يزعمون أنه صحابي أيضاً(66).

وذكر المقريزي أن في القاهرة قبراً على يسرة من خرج من باب الحديد ظاهر زويلة،يزعمون أنه لصحابي يدعى: زارع النوى!(67).

وفي مدينة الشهداء بمصر ضريح داخل مسجد منسوب إلى (شبل) بن الفضل بن العباس عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، رغم أن المصادر العلمية تتفق على أن الفضل بن العباس -رضي الله عنه- لم ينجب إلا بنتاً واحدة اسمها (أم كلثوم)(68).

وأخيراً:


فإننا ربما لا ننتهي إذا حاولنا استقصاء حقيقة القبور والأضرحة المنتشرة في أنحاء العالم الإسلامي، والتي على فرض ثبوت صحة نسبتها فإن إقامة المساجد عليها وممارسة الأفعال التي اعتاد الناس على القيام بها حولها.. ليس من دين الله في شيء، بل يقع معظمه في دائرة المحرمات بدرجاته المختلفة، ومنها ما قد يصل إلى حد الشرك المخرج من الملة.

ولكن إذا ثبت أن ديننا ينهى عن تلك الأفعال، وثبت أن سوس الجهل والأوهام يرتع ناخراً في فسطاط الخرافة، فما الذي يدفع مرتادي الأضرحة والمعتقـدين فيها إلى ولـوج هذا الكيان والتمسك به؟!

الهوامش :

(1) أخرجه الإمام أحمد، 2/367، وأبو داود، كتاب المناسك، باب زيارة القبور، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود، ح/1769.

(2) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل 2/246، وصححه الألباني في تحذير الساجد، ص25.

(3) أخرجه مسلم في الجنائز، باب الأمر بتسوية القبور، وأبو داود والترمذي والنسائي.

(4) أخرجه مسلم في الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر، وأبو داود، ح/3226، وانظر: صحيح سنن أبي داود للألباني، ح/ 2763.

(5) أخرجه الترمذي وأبو داود والإمام أحمد، وقال أحمد محمد شاكر في تعليقه على (سنن الترمذي) 2/137: (الشواهد التي ذكرناها ترفعه إلى درجة الصحة لغيره، إن لم يكن صحيحاً بصحة إسناده هذا)، وضعف الألباني لفظ (السرج)، انظر: الضعيفة، ح/225.

(6) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج/ 27، ص466.

(7) السابق، ص 167.

(8) السابق، ص 466.

(9) السابق: ص161 ـ 162.

(10) ينتسب السامانيون إلى رجل فارسي يسمى (سامان)، كان مجوسياً واعتنق الإسلام أواخر عهد الدولة الأموية، وإسماعيل المذكور هو: إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان، آلت زعامة السامانيين إليه عام 279هـ، وتوفي سنة 295هـ. انظر: التاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر، ج/6، ص91، 107،....

(11) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ1، ص46.

(12) انظر: التاريخ الإسلامي، جـ 6، ص149.

(13) نسبة إلى موقع الضريح عند تقاطع طريقين.

(14) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون جـ1، ص46.

(15) انظر: شهر في دمشق، لعبد الله بن محمد بن خميس، ص 67.

(16) بدع الاعتقاد، لمحمد حامد الناصر، ص: 247، نقلاً عن (السيد البدوي ـ دراسة نقدية) للدكتور عبد الله صابر.

(17) عمار علي حسن، الصوفية والسياسة في مصر، ص88.

(18) انظر: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، لعبد الرحمن عبد الخالق، ص: 427.

(19) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ1، ص102 ـ 103.

(20) موالد مصر المحروسة، لعرفة عبده علي، ص71.

(21) الانحرافات العقدية...، ص285.

(22) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، د. زكريا سليمان بيومي ص125، والانحرافات العقدية، ص299 ـ 300، وبدع الاعتقاد ص267.

(23) انظر: الانحرافات العقدية، ص300.

(24) عرفة عبده علي، موالد مصر المحروسة، ص7.

(25) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص126.

(26) د. سعاد ماهر فهمي، مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ1 ص44.

(27) الانحرافات العقدية، ص293.

(28) د. زكريا سليمان بيومي، الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص127، 153.

(29) انظر: الآثار الإسلامية في مصر من الفتح العربي حتى نهاية العصر الأيوبي، مصطفى عبد الله شيحة، ص152.

(30) انظر: الانحرافات العقدية، ص289، 294، 295.

(31) انظر: مجلة (دراسات إسلامية) العدد الأول سنة 1418هـ، مقال (مسلمو أوزبكستان)، لعبد الرحمن محمد العسيري، ص217، 218.

(32) مجموع الفتاوى، جـ27، ص451، وانظر: ص465.

(33) السابق، ص456.

(34) السابق، ص485، ص493.

(35) انظر: الانحرافات العقدية، ص288، ومجلة (لغة العرب)، جـ7 السنة السابعة (1929م)، ص557 ـ 561، ومعالم حلب الأثرية، عبد الله حجار.

(36) عبد الله بن محمد بن خميس، شهر في دمشق، ص 67.

(37) سمير شاهين، الوثنية في ثوبها الجديد، ص81.

(38) السابق.

(39) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ2، ص33.

(40) مصطفى عبد الله شيحة، مرجع سابق، ص143.

(41) مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، جـ1، ص102.

(42) عن مقال: تأملات في حقيقة أمر أولياء الله الصالحين، لحسين أحمد أمين، مجلة العربي، ع/226، رمضان 1397هـ، ص135.

(43) انظر أيضاً: مجموع الفتاوى جـ27، ص493.

(44) الانحرافات العقدية، ص291.

(45) السابق، وانظر: مجموع الفتاوى، جـ27، ص494.

(46) السابق، ص290.

(47) مجموع الفتاوى، جـ27، ص460.

(48) الانحرافات العقدية، ص288.

(49) انظر: السابق، ص290، ومجموع الفتاوى، جـ27، ص170.

(50) مجموع الفتاوى، جـ27، ص494.

(51) السابق، ص492.

(52) انظر: الطرق الصوفية بين الساسة والسياسة في مصر المعاصرة، ص159، هامش 4، ص138.

(53) انظر: عبد الله بن محمد بن خميس، شهر في دمشق، ص 66، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جـ27، ص447، ص491.

(54) الانحرافات العقدية، ص278، 279.

(55) السابق، ص 284.

(56) انظر: المزارات في شرقي الأردن، بقلم الخوري بولس سلمان، مجلة المشرق، 11/11/ 1920م، ص902 ـ 910.

(57) انظر: الانحرافات العقدية، ص282 ـ 283.

(58) انظر: مجموع الفتاوى جـ27، ص491، ص484.

(59) الانحرافات العقدية، ص283، ص281.

(60) انظر: السابق، ص281، ص282.

(61) السابق، ص282، ص281.

(62) نفسه، ص281، ص280.

(63) القاموس المحيط، مادة (ع و ر).

(64) مجموع الفتاوى، جـ27، ص446.

(65) السابق، ص444.

(66) انظر: الانحرافات العقدية، ص290، ص291.

(67) حسين أحمد أمين، مرجع سابق.

(68) انظر: الوثنية في ثوبها الجديد، سمير شاهين، ص82.

مرورك زادني شرف وفقك الله وشكرا على الاضافات على الموضوع
  رد مع اقتباس
قديم 11-22-2009, 10:00 PM   #10
abu iman
حال متالّق
 
الصورة الرمزية abu iman

افتراضي

شكرا عل ردك الهادئ و الهادف و الموضوعي
و لكن ماذا عن باقي الأسئلة اللتي كتبتها يأخي
ألا تستحق التمعن و التفكر و الإجابة
أليس سؤالي مشروع أم لا يجوز لي أن أتساءل... او عييت عن الإجابة
و لكي نخرج بفائدة للجميع.... أكرر تساءلاتي
هل علينا أن تقوم بحملة لإبادة القبور فيي جميع أنحاء العالم؟
أليست هناك قضايا تهم المسلم أكثر من الأموات و قبورهم؟
هل نحن فعلا بحاجة إلى إثارة هذه المسألة و هذا هو الوقت المناسب؟
أم أن جميع المشاكل قد حلت و بقيت مشكلة القبور تقض مضاجع المسلمين؟
أيهما أولى أن ننشغل بمحاربة القبور و إثارة فتنة بين مليار مسلم؟
أم نلتفت إلى أمور أهم يحيق بالإسلام و المسلمين (و لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)
فهم لا يفرقون بين سني و شيعي و سلفي و صوفي
و كثير من المسميات التي لم نكن نروج لها أو نلقهي لها بالا إلا اليوم
هل قضية القبورفعلا قضية أساسية في الشريعة الإسلامية
يجهلها مئات الآلاف من علماء المسلمين في كل الدنيا
لمدة ما يقرب من ألف و مائتين عام و حان اليوم أن نردهم إلى الصواب؟
أم أن هناك أيدي تدفع بنا إلى الإنشغال بهذه الأمور لكي تنخر في جسم المسلمين من الداخل
بعد أن عجزوا عن محاربتهم بالطرق التقليدية؟
أليس الأفضل أن نتكاتف جميعا و نتفرغ لمحاربة أعداء الإسلام الذين يحدقون بنا من كل جانب؟
أم نحن نتحجج بهذه المسائل لأننا عاجزون عن عمل شيء آخر أهم للمسلمين لكي ينسوا مطالبهم الحقيقية؟
إجعل في صدرك متسع للتفهم .... و لك مني كل التقدير
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أيها المسلمون السويسريون ! المنائر لم تكن ركناً ولا واجباً من أركان الدين الإسلامي الحضرمي التريمي سقيفة الحوار الإسلامي 10 12-07-2009 04:54 PM
رابطة العالم الإسلامي تحذر من نشاط تنصيري في اليمن يماني وشامخ كياني سقيفة الأخبار السياسيه 1 11-22-2009 06:46 PM
أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي يكشف عن رغبة صادقة للرئيس في إيقاف حرب صعدة حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 10-31-2009 08:34 PM
الداعية الإسلامي عائض القرني يبدي استعداده لتقديم أي جهد يحقن دماء اليمنيين حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 3 10-14-2009 04:55 PM
توزيع الإختصاصات بين سقيفة الحوار الإسلامي وسقيفة إسلاميات !!!! مسرور سقيفة الشكاوي والأقتراحات 4 09-29-2009 05:25 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas