الجنوب .. دولة أقرب إلى (الاستقلال) من اي وقت مضى

[حد من الوادي]

الجنوب .. دولة أقرب إلى (الاستقلال) من اي وقت مضى

الثلاثاء 27 يناير 2015 04:50 مساءً

عدن(عدن الغد)خاص:

صباح الاثنين تبدو الحركة مشلولة في مدينة عدن العاصمة الجنوبية , شوارع مدينتي الشيخ عثمان والمنصورة ومدن أخرى بدأت خالية من حركة السير , مع ساعات الصباح الأولى " أنهم يوم العصيان المدني" , بضعة نفر يسيرون في طرق رئيسية تربط مدينة المنصورة بالشيخ عثمان على إقدامهم نظراً لانعدام وسائل النقل.

شاب في الثلاثينات من عمره , يسير على قدميه بعد أن عجز في الحصول على مركبات تقله من مدينة الشيخ إلى المنصورة , نظراً لرفع سائقي التاكس تكلفة الأجرة باعتبار اليوم (الاثنين) عصيان مدني وقد يطوف مالك المركبة أماكن بعيدة للوصول إلى المكان الذي يقصده "الشاب" , كما قال.

يقول صلاح أنه منذ الصباح يبحث عن مصرف لاستلام أموال منذ الصباح الباكر " جميع المصارف مغلقة وكأننا في نهار رمضان".

تطوف المدينة مركبات خاصة وعلى متنها مسلحي اللجان الشعبية التي دخلت مدينة عدن عقب تقديم الرئيس اليمني هادي استقالته من الحكم.

الأجواء تبدو هادئة لم يصادق المحرر أي إعمال شغب أو قطع للطرقات , كما جرت العادة.

شلل تام عاشته ساعات صباح الاثنين الأولى , قبل أن تعود الحياة للمدينة من جديد , عند العاشرة , لكن بعض مالكي المحلات التجارية والمصارف , لم يفتحوا محلاتهم , وظلت مغلقة إلى عقب الظهيرة.

عبر سماعة الهاتف يتحدث أحد المنظمين للعصيان المدني " العصيان المدني اعتيادي وغالبية الناس تستجيب له لان احد وسائل النضال السلمية, وهو في الأساس تعبير عن الرفض الشعبي العارم للتواجد الشمالي في بلادنا".

منذ سنوات يناضل الجنوبيون من أجل تحرير بلادهم التي اجتاحتها صنعاء في منصف تسعينات القرن الماضي , ولكن هذا النضال سلمي ولم يرفع فيه الجنوبيون السلاح في وجه أشقاءهم من أبناء اليمن الشمالي المتواجدين في عدن والمدن الجنوبية الأخرى.

رايات اليمن الجنوبي تزين جدران المنازل والمرافق الحكومية وأقسام الشرطة " وكأن الجنوب قد حصل على استقلالها".

أقسام الشرطة باتت اليوم تحت السيطرة الجنوبية " اللجان الشعبية ورجال الأمن والشرطة الجنوبيين".

يتذكر عوض وهو رجل أمن سابق منذ ابان دولة اليمن الديمقراطية السابقة , علم بلاده وهو يرفرف فوق مديرية أمن عدن بخور مكسر.

ربع قرن على اختفاء علم الجنوب من فوق سارية المعسكر والإدارة عقب دخول دولتي الجنوب واليمن في وحدة سلمية انقلب عليها رئيس اليمن السابق علي عبدالله صالح واجتاح على اثرها الجنوب واحتله وشرد مواطني البلد الذي يقع على شريط البحر العربي وخليج عدن.

يقول عوض أن أيام دولة الجنوب كان كل شيء فيها جميل رغم الصراعات السياسية التي كانت تسبب بين القيادات , لكنها كما يقول لم تؤثر على النسيج الاجتماعي وخاصة في مدينة عدن.

" أنا متفائل جداً دولتنا ستعود أن شاء الله عما قريب , لم يعد هناك أي جنوبي يشرعن لصنعاء احتلال بلادنا , خلاص كل الجنوبيين الذين كانوا في صنعاء هاهم اليوم يتعرضون لحصار من قبل مسلحي الحوثي وسوف يعودون إلى الجنوب للمشاركة في بناء ما دمرته صنعاء أو على الأقل كمواطنين عاديين تكفل لهم الدولة المنشودة كل الحقوق.

"عرف عن عدن بأنها عاصمة دولة ذات قانون صارم , وكانت المحاكم فيها تمتع بسلطة قوية , وتستطيع ان تبت في القضايا بسرعة دون مماطلة كما هو الحاصل الآن" محمد عامل أرشيف في احد محاكم المدينة العريقة.

يقول محمد " اليوم لا يستطيع القاضي أن يبت في اي قضية , خشية ان يتم تصفيته من قبل الطرف المحكوم عليه , كل شيء تدمر في هذا البلد".

يؤكد محمد أنه متفاءل جداً بعودة دولة الجنوب أفضل من السابق , لان الجنوبيين كما قال قد اتعظوا من أحداث الماضي , وهاهم اليوم يشددون على الشراكة في كل شيء , همهم هو استعادة دولتهم تقبل الجميع دون إقصاء أو تهميش.

لسنوات ظلت قوات الأمن المركزي اليمن تمارس إعمال قتل وحشية , حيث قتل على مدى السنوات القليلة الماضية العشرات من أبناء الجنوب في إعمال قمع وحشية للتظاهرات المنادية باستقلال الجنوب , وكذا قتل مدنيين بينهم نساء وأطفال.

وفي الثلث الأخير من يناير يبدو ان الوضع في عدن ومحافظات جنوبية أخرى في طريقة للتغير جذرياً , حيث تمكنت اللجان الشعبية الجنوبية من السيطرة على الوضع الأمني في عدن , والتمكن إدارة الأمن.

وقال ناشطون جنوبيون أن اللجان الشعبية الجنوبية استطاعت أن تقزم قوات الأمن اليمني التي مارست أبشع أنواع التنكيل بحق المدنيين.

وتسبب تقديم الرئيس عبدربه هادي والحكومة اليمنية استقالته في فراغ دستوري , وهو ما دفع اللجان الشعبية الجنوبية إلى الذهاب إلى عدن لتأميل العاصمة الجنوبية.

الجنوب اليوم وفقا لمسئولين حكوميين باتت الأمور فيه تحت السيطرة ولا توجد أي اختلال ".. موضحين أن " محافظات الجنوب مقومات الدولة فيها أفضل بكثير من مقومات الدولة في صنعاء".

ويرى جنوبيون أن دولتهم قاب قوسين أو ادني من مشروع الاستقلال أفضل من إي وقت مضى.

وكان جنوبيون يطرحون مشاريع يرون بأنه قد تمثل طوق نجاة لليمن الشمالي والجنوبي , لكن بعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة اليمنية صنعاء والانقلاب على رئيس البلد خرجت البلد عن سيطرة الدولة إلى العشوائية , وتسط تصاعد لإعمال العنف المناطقي والطائفي.

السلطات الحكومية في مدن الجنوب أعلنت تأييدها لحق الجنوب في الاستقلال وإقامة دولة , فيما أعلنت كتلة برلمانية جنوبية تأييدها لدعوات الاستقلال وحق الجنوب في تقرير مصيره في اجتماع عقد الثلاثاء في مدينة عدن.

وبات الجنوب اليوم وفق للكثير من المعطيات أقرب من اي وقت مضى.

*عدن الغد


جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}