المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > تاريخ وتراث > تاريخ وتراث
تاريخ وتراث جميع مايتعلق بتاريخنا وموروثنا وتراثنا الأصيل !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


العلامة الكندي باحنان

تاريخ وتراث


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-19-2014, 10:54 PM   #1
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي العلامة الكندي باحنان

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

العلامة الكندي باحنان
هو العلامة الفقيه محمد بن علي بن عوض بن سعيد بن زاكن بن سعيد بن زاكن ابن عمر بن زاكن بن محمد بن عبدالله بن محمد بن حنان بن ابي بكر بن علي بن الشيخ عبدالله المعروف بابن شملة باحنان ، ويتصل نسبه بالأشعث بن قيس الكندي الصحابي المشهور رضي الله عنه.
ولد في مدينة تريم عام 1312هـ ، بين أحضان أبوين صالحين، ولم يكد يبلغ الثانية عشرة من عمره حتى توفي والده، وكان رجلاً صالحاً ناسكاً، فنهضت والدت بتربيته وتعليمه في طفولته، وأدخلته مدرسة الشيخ الحسين بعينات، فقرأ على الشيخ عبدالرحيم بن سالم باحمود التريمي القرآن الكريم.
وقد بذلت أمه أقصى ما وسعها من الجهد في توجيهه إلى الدروس العلمية، وبعد بروز شيخه الأول العلامة الحسن بن إسماعيل الحامد، فعني به كل العناية ، ووجهه خير توجيه، وبذل له من النصح والإرشاد كل ماوسعه.
وقد حفظ عليه كثيرا من المتون، وقرأ الوانا عديدة من الكتب المطولة والمختصرة في سائر الفنون، من فقه، وتفسير، وحديث، وآلة، وتصوف، وأدب..ونحو ذلك.
فاز بالأسبقية على أقرانه، من تلاميذ شيخه المذكور، الذي أنقذ وطنه (عينات) من هوة الجهل وحضيض البداوة، إلى قمة العلم والحضارة.
ولما بلغ سن المراهقة ارتحل إلى مدينة (تريم)، وانتظم في سلك المتعلمين برباطها
الميمون، وأخذ عن مشاهير علمائها، كالعلامة الإمام عبدالله بن عمر الشاطري، والعلامة العارف بالله عبد الباري بن شيخ العيدروس، والعلامة المفتي الأديب علوي بن أبي بكر خرد، وغيرهم.
وفي آخر شهر صفر من عام 1334هـ قدم إلى عينات إمام العارفين العلامة المجتهد أحمد بن حسن العطاس فطلب من شيخ المؤلف الحسن بن إسماعيل أن يسمح لصاحب الترجمة بصحبته إلى (دوعن وحريضة) ليقرأ عليه ويأخذ عنه، وذلك لما توسمه فيه من استعداد وحرص، فإذن له بعد إذن أمه، وقد أجازه في كل ما أخذه عن مشائخة إجازة خاصة وعامة، وامره أن يكتب ويجمع.
ولما عقدت جمعية الحق بتريم، وافتتحت مدارسها، وتلتها جمعية شكر الفضائل قدم إلى عينات الفاضل أبوبكر بن علوي المشهور، فزين الشيخ المؤلف إنشاء مدرسة تكون فرعا لمدارس هذه الجمعيات على مناهج التعليم الحديث، فاختير صاحب الترجمة للتدريس بها حوالي عام 1336هـ.
وفي سنة 1338هـ طلب شيخه العلامة عبدالله بن عمر الشاطري، أن ينشر قاعدته التي نحاها في رسم الحروف وطريقة التهجي برباط تريم، فمكث نحو خمسين يوما، ألف فيها كتابه (قرة الطرف في تعليم قواعد التهجي ورسم الحرف).
وظل المؤلف مشتغلاً بالتعليم والعلم في بلدته، تتخرج عليه المئات من أبنائها، ثم
هاجر إلى دوعن سنة 1360هـ وقام بالتدريس في مدرسة (نسرة).
ولما كانت سنة 1363هـ وحالت أزمتها دون اطراد التعليم بالمدرسة، اضطر إلى الانتقال منها إلى منطقة (صيف) بدوعن التي تبعد عنها عدة أميال، وهناك ألقى عصا التسيار وانقطع للعلم والتعليم. حتى كان عام 1381هـ وهو العام الذي حج فيه حجته الثانية.
وله العديد من المؤلفات منها: التحف السنية – اللؤلؤة الثمينة، نظم سفينة النجاة في الفقه – المدد الفائض في علم الفرائض – تاريخ الأحقاف – منهل العرفان تراجم مشاهير بني حنان – العقود الحسان في شجرة فروع بني حنان - ...... وغيرها الكثير من المؤلفات.
وفي صبيحة الثاني عشر من جماد أول سنة 1383هـ انتقل الشيخ الجليل إلى جوار ربه حيث وافته المنية عن عمر يناهز السبعين عاماً قضى جله في التصنيف والتأليف خدمة للدعوة إلى الله عزوجل، وخدمة للعلم والتعليم، وقد دفن في مقبرة صيف – دوعن حضرموت.
• ادوار حياة الشيخ باحنان وهي:ــــــــ
دور التربية والتنشئة:ـ
أما تربيته فكانت والدته هي المضطلعة بها وهي: السعد بنت عبيد مسيعود باجهام التريمي , لان أباه كان من الإبدال المدلهين الذين لا يحسنون أحوال حياتهم ومعاشهم, وقد ترجم الشيخ باحنان لوالده ووالدته في كتابه ((منهل العرفان في ذكر مشاهير بني حنان)) .
و لقد كانت والدته دائما ما تحثه على الدأب والجد والاجتهاد في طلب العلم فكانت تسامره ليجتهد في حفظ المتون ودرسها, ومطالعة دروسه العلمية فلا تنام حتى ينام , حتى حفظ الزبد لابن رسلان في الفقه, والملحة للحريري في النحو, ونحو ربع ألفية ابن مالك فيه وفي الصرف, والرحبية في الفرائض, ومنظومة النكاح للشيخ باسودان الحضرمي, وشرذمة يسيره من الإرشاد, وغير ذلك من المتون المختصرة, كعقيدة العوام , ورياضة الصبيان , وغيرهما.
ولم يقنعها حرصها ذلك حتى جلبت له أترابه في المدرسة إلى بيتها ليلا ونهارا لينافسه وينافسهم في الطلب وللتعاون على البر والتقوى , وتحصيل الرقي والنشاط , فكانت تجمع الجميع في بيت والده وتساهرهم وتحثهم على اغتنام الساعات , ولا تنام حتى ينام آخرهم فكأن البيت لذلك رباطاً أو خانقاه أو مدرسة , لما يعلو من أصوات الطلبة ومباحثهم العلمية , وكانت تداري الطلبة وترغبهم ما استطاعت , وتسال عنهم إذا تأخروا عن الإتيان إلى البيت , وتصبر على أذى أهل العرامة منهم إلى آخر حياتها ((رحمة الله عليهم أجمعين)).
دور الطلب:
وعند تميزه أدمجته أمه في سلك المتعلمين أولا عند المعلم أحمد حمادة, ولم تطل فترة مدة تعليمه لديه, ثم بمعلامة الشيخ ابوبكر بن سالم وفيها المعلم سالم عبود باوزير, ثم بمعلامة الشيخ الحسين بن أبي بكر وفيها المعلم عبدالرحيم بن سالم باحمود , وكان يردد درسه عند الرجل الصالح العابد: مبارك بن عبيد منصور , حتى أكمل القران لدى المعلم المذكور في سنة 1324هـ .
وقد عانت والدته في تعليمه ما لا يستطيع الجزاء عليه إلا بدعوة كل ابن لوالديه بما جاء في كتاب الله العزيز :وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.
فقد كانت امه تنهاه ـ رحمها الله ـ عن مخالطة الأضداد , وتزجره اشد الزجر من كلام السوء الذي يتعوده السوقة , وكان يهابها اشد ما يخاف الغلام من مؤدبه الأب والمعلم , فكانت تتفن في تربيته , تارة بالحبس وأخرى بالضرب ومره بغيرهما , وتأمر من تتوسم فيه الصلاح والإنصاف من الأقارب والجيران بحسن رعايته وتأديبه عند المقتضى , وكانت منذ ابتدائه في التعلم لا تزال تسال المعلم عنه وعن مثابرته على التعلم وتخلفه , وكثيرا ما تخرج به مساقا بالضرب إلى المكتب مع بعده , و تؤنبه حينئذ لتخلفه , وانقطاعه , فإذا بلغ المكتب دفعته إليه وأمرت المعلم بتأديبه ـ رحمة الله عليهما أجمعين ـ .
حتى اختتم قراءة القران وعرف مالا باس به من الخط , وكان إذ ذاك مصادفا انتصاب الإمام الفقيه العلامة شيخه الأول : الحسن بن اسماعيل بن علي الحامدي البكري للتدريس بعينات , بعد رجوعه من تريم بمدة , فأتى به والده قبل وفاته بقليل , وحثه على الاعتناء به , وحط نظره عليه فامتثل ذلك الإمام الأمر , فابتدأ في الطلب وقرا على شيخه المذكور ما حفظه ومن الكتب المطولة , فقها ونحوا وتفسيرا وحديثا , ومن كتب القوم الصوفية ما يعسر حصره , ويطول ذكره انفرادا , واجتماعا مع أترابه في الطلب وغير ذلك .
هذا وقد عني به شيخه الحسن ابن اسماعيل كل العناية ووجهه خير توجيه وبذل له من النصح والإرشاد كل ما وسعه , حتى لقد كان يوصيه نثرا ونظما , بالجد والتسابق في مضمار البحث والتحصيل , ولقد ضاعف من اهتمامه به ما كان يلاحظه عليه من الإقبال على العلم , والرغبة فيه , ونأخذ من ذلك القصيدة التالية , المؤرخة بيوم الجمعة الموافق عشرة جمادى الآخر سنة 1328 هـ والتي يوجهه ويرشده فيها حيث يقول:
يا بن زاكن افهم المعنى ودندن وغن
وسر على المنهج الوضاح في أقوم سنن
وقبل إلى الله بالوجه الطليق الحسن
ليمتلي القلب نورا بعد محو الــدرن
طوبى لعبد بذا المحبوب أفنى الزمن
مـا همه إلا الله فـي خـفا و علـن
فرح تعلم ولا تنظر إلى من ركـن
إلى الدنية فعقبى اليوم يـوم الحــزن
وقم تضلع من أهل العلم في كل فن
فسوف تحمد كسب العلم يوم الضعن
واطلب علوم الشريعة في ليالي الدجن
يا محسن العلم للطالب إذا اللـيل جن
تفرح وتجذل إذا حان السفر للوطن
تعطى وقاية من أهل السؤ وأهل الفتن
قد راحوا الناس عالمهم ومن قد حزن
أين أبو المرء أيـن الأخ أين الخـدن
انهض بهمه قويـــه للمعالي فمن
جد وجد مكسب الخيرات غالي الثمن
عليك بذكر لله الكـثير المـــنن
فالذكر يجلي صدى القلب الذي في البدن
حافظ على ما فرضه الله هو السنن
والنفل مروى عـن المختار جد الحسن
وحسن الظن تسلم من جميع المـحن
فـي الناس مثل أويس من قبيلة قـرن
وعاد آل النبـي المختار ألـزم فلن
يخـاف صاحب لهم من نائبات الزمن
فكن قرينا لـهم في حطهم والظعن
تفلح وتسكن في الجنان مع من سكن
ثم الصلاة مـع التسليم ما رعد حن
على النبي المصطفى المختار زاكي الفطن
وهذه القصيدة وغيرها مثبته في ديونه المسمى (( بالروض المؤنق )) وقد ترجم الشيخ باحنان لشيخه الحسن بن اسماعيل , وذكر بعض شمائله وأحواله في بعض كتبه كمناقبه المسماة (( بالشرف الأصيل في شمائل ابن اسماعيل )) (( وكمنهل العرفان في ذكر مشاهير بني حنان )) وفي ثبته المسمى (( بمنح المنان على عبده المفتقر إلى الغفران )) وغير ذلك .
طلبه للعلم بتريم وذكر من اخذ عنهم:ــ
ولما بلغ الشيخ محمد ـ رحمه الله ـ سن المراهقة طلب من شيخه الحسن ابن إسماعيل ومن والدته أن يأذنا له بالالتحاق برباط تريم فقرا واخذ عن جميع المشهورين من علمائها , الذين من اجلهم العلامة القائم بالتعليم والإرشاد برباط تريم الإمام الفقيه : عبدالله بن عمر الشاطري , وكذلك العلماء والمشايخ الأفاضل والذين منهم : علي بن عبدالرحمن المشهور , والعلامة عبدالباري بن شيخ العيدروس وغيرهم.
أما الذين اخذ عنهم وتردد إليهم إلى بلدانهم , وقرأ عنهم فكثير نذكر بعضهم إذ يصعب حصرهم , وفي من نذكرهم كفاية في الدليل على باقيهم , ومنهم من كان صحبة الشيخ محمد لهم في الصبى كالعلامة الفاضل أعجوبة زمانه : عبدالله بن محمد بن عقيل مطهر , وكالسادة الأشياخ الأفاضل : عبدالله بن هادي الهدار , احمد بن محسن الهدار , محمد بن احمد المحضار صاحب اندونيسيا أخذ عنه كتابيا , وعمر بن محمد إبراهيم , واحمد عبدالرحمن السقاف , وسالم بن حفيظ بن الشيخ ابوبكر .
وقد ذكر كثير من مجريات أحواله مع بعض أشياخه المذكورين في ثبته المسمى ((منح المنان)).
أخذه عن الشيخ احمد بن حسن العطاس ((رحمه الله)):
وفي أخر شهر ظفر سنة 1334هـ كانت أخر رحله للإمام العلم النبراس قطب العارفين شيخ جميع مشايخ العصر المجتهد : احمد بن حسن العطاس , فطلب من شيخ باحنان الحسن بن اسماعيل أن يسمح له بأخذه إلى (دوعن وحريضه) ليقرأ عليه ويأخذ عنه ، وذلك لما توّسمه فيه من استعداد وحرص ، فأذن له بعد إذن أمه ، وصحبه في رحلته، متنقلاً معه بين المشهد ودوعن وحريضة، حتى توفي الإمام المذكور في رجب من العام المذكور، بعد أن انتفع المؤلف بصحبته التي كانت على قصرها من أهم الأسباب التي هيأت له إلماماً واسعاً بمختلف العلوم والمعارف ، كما كان لها الأثر في توسيع إدراكه ، وترحيب أفقه ووقوفه على كثير من أسرار ما غاب عنـه ، أو اعتاص عليه ؛ وقد أجازه في كل ما أخذه عن مشايخه إجازة خاصة وعامة ، وأمره أن يكتب ويجمع.
اشتغال الشيخ باحنان بالتعليم والعلم :
ولما عقـدت جمعية الحق بتريم ، وافتتحـت مدارسهـا ، وتلتهـا جمعيـة نشـر الفضائـل قدم إلى (عينات) الفاضل: أبو بكر بن علوي المشهور، فزيَّن لشيخ باحنان بن اسماعيل إنشاء مدرسة تكون فرعاً لمدارس هذه الجمعيات على مناهج التعليم الحديث ، فاختير الشيخ باحنان للتدريس بها حوالي عام 1336هـ ، فأسهم في تلك النهضة العلمية العظيمة التي كان لها أثر محمود في دراسة الفقه والقرآن والتجويد والتوحيد والتفسير والحديث والعلوم الرياضية الأخرى.
وفي سنة 1338هـ طلب شيخه العلامة عبدالله بن عمر الشاطري ، أن ينشر قاعدته التي نحاها في رسم الحروف وطريقة التهجي برباط تريم ، فمكث نحو خمسين يوماً ألّف فيها كتابه (قرّة الطرف في تعليم قواعد التهجي ورسم الحرف).
وكان للشيخ محمد باحنان بالإضافة إلى هذا الكتاب كثير من المؤلفات في فنون اللغة العربية وآدابها , من نحو وصرف منها : ( تقويم اللسان في علمي النحو والصرف لمرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط ) . ومنظومة قاعة التهجي ورسم الحرف المسماة ( العلم في معرفة التهجي ورسم القلم ) .
وظل الشيخ باحنان مشتغلاً بالتعليم والعلم في بلدته ، تتخرج عليه المئات من أبنائها ، حتى سنة 1360هـ بعد ابتداء الأزمة بحضرموت. وفي تلك السنة هاجر إلى (دوعن) لأسباب أهمها اشتداد هذه الأزمة، وقام اولاً بالتدريس في مدرسة (نسرة) القرية التي نهض بالتعليم فيها والإنفاق عليه الشيخ المحسن : أحمد بن سالم بامساعد ، فتخرج عليه فيها أعداد كثيرة ، وارتفع صيت المدرسة به ، وذاعت شهرتها في أرجاء حضرموت بسببه ، حتى ارتحل إليها المئات من المغتربين للأخذ عنه , وفي هذه النهضة العلمية التي شهدتها نسره يقول الشيخ باحنان في قصيدة له من كتابه ( الرحلة إلى نسره ).
عريب الجزع ( جادكم ) الرذيـم
** وحيا نسره المولى الكريم
لقد كانت بـه نسبا فعادت
** يردد ذكرها اليمن العظيم
وربعا لم يكن من قبل شيئا
** به كم فيه خريج فهيم
وبوأ أهلها امنا وفضلا
ج ** وتعليما له يسقـى العليم
من السيطــان والهجرين والمصنـــــعة والغار يقصده العظـيم
ومن حوره وميخ تولبه ميفـع
** ومن قيدون من فيها يسيم
ووادي العين والريدة حبر
** وحصن الابيضي فيــها يهيـم
وقبل خنفر ليس نمير
** لبه صيلع فذا فضل عظيم
ومن غير الذين ذكرت كثر
** لهم في العلم سعي مــستقيـم
ولما كانت سنة 1363هـ وحالت أزمتها دون اطراد التعليم بالمدرسة ، اضطّر إلى الانتقال منها إلى (صيف) التي تبعد عنها عدة أميال ، وهناك ألقى عصا التسيار، وانقطع للعلم والتعليم ، يبذل فيهما جهده للصغار والكبار، ويحارب العادات والعقائد المنحرفة ، والأهواء والبدع الفاسدة ؛ وهو يصابر المعادين له والمعاندين ، ويصبر على كيدهم ، دون أن يصدّه ذلك عن الجهاد في سبيل العلم والدين
إقامة الشيخ باحنان بدوعن وانتصابه للعلم والتعليم :
وخلال إقامته بصيف دوعن قام ومع ابنه الشيخ علي وبالتعاون مع المحسنين من أهل البلد بتأسيس مدرسة الفلاح التي ذاع صيتها وانتفع بها , حتى زارها عدد من العلماء والمشايخ الفضلاء , للوقوف على هذه المدرسة وهذه النهضة العلمية , التي عم بإذن الله خيرها وادي دوعن كله , ونشرت أخبارها في الصحف والمجلات الصادرة آنذاك كمجلة النهضة , والطليعة , والأيام العدنية وغيرها .
انطباعات قيلت شعراً في صيف ومدرستها ومديرها باحنان
وهنا نذكر بعض النصوص الشعرية التي قيلت في صيف ومدرستها ومديرها الشيخ محمد باحنان , والمنفقين عليها من المشايخ آل با ناعمة وال با مفلح وال با صلوح وغيرهم كثير .
فمن ذلك القصيدة التي أرسلها السيد علوي بن عباس المالكي من مكة المكرمة بتاريخ 22 جماد الاولى 1371 هـ نختار منها هذه الأبيات :
تلك الفلاح بدت في صيف تزدهر
** وروضها مثمر بالعلم يفتخر
تسير نحو العلاء والدين رائدهــا
** تقضي على الجهل لا تبقي ولا تذر
تسمو بطلابـها للمجد راقية
** يديرها حـازم أعماله غـرر
اعني به الشيخ باحنان من حسنت
** آثار إخلاصه في القطر تنتشر
وهذه أبيات من قصيده للسيد الفاضل الأديب الداعي إلى الله : عبدالله بن احمد الهدار :
زهت صيف بنشر العلم فيهـا
** وصار العلم يعرف في بنيهــا
ومدرسة الفلاح سمت فخارا
** وتاهت وازدهت شرفا وتيها
وقد نبغ الشباب بها نبــــوغا
** وبالتعليم قد أمسى بنيها
وقال العلامة الأديب: حسن بن احمد السقاف السيوني :
ومدرسة لما نزلت بسوحها
** جذلت بابناها الكرام الاماجد
لقد سرني لما نظرت نظامها
** فحصنها الرحمن من كل حاسد
فحقاً ترى فيها الكمالات كلها
** بناء وتعليما بكل الفوائد
ولو لم يكن إلا الغضنفر وابنــه
** مديرا كفى في فضلها من شواهد
هنيئا لكم يابــانيين تقربـــا
** إلى الله بالحسنى وكل المحامـد
وفي قصيده للأديب العلامة عبدالقادر بن احمد بن عبدالرحمن السقاف قال:
انظر إلى العلم ورواده
** في ربع صيف وأمجاده
هبوا لنشر العلـم حتـى غدا
** كمنهـل عذب لــــرواده
فقل لباغي العلم من حولها
** بلاد صيف دار اسنـــاده
وقال الشيخ الشاعر الوحيد العصري بالشعر الدارج الحميني : عبدالله بن أبوبكر باخشب في قصيده له:
كن واثقا بالله يا زاكــن وزمجر كــالأسد
شف من وثق بالله لو في بحر يتلاطم جـمد
ولا يهمك شي من الدنيا سوى الفرد الصمد
ولا تهاب الناس هاب الله هو واحد احـــــد
وقال الأديب صالح باهميم القريني :
وليـلة بـــــات سميري بــها
شيخ يحار العقـل في أمره
بحر علوم الدين والنحو وال
آداب في النظم وفي نثـــره
الشيخ باحــــنان ذاك الـــــذي
هو الفريد في بني عـصره
إلى أن قال:
وخصه الــرحمــن سبــــحانه
بنفع أبناء بنــي عصـــــــره
وخير خلق الله في أرضه
من قد أنال الناس من خــيره
ونحتم بهذه الأبيات للشيخ محمد بن محفوظ الشحري والذي قال فيها :
ساد من رام المعــالي معهـــــــدا
للعلى والعلـــم بالنشر الجديـد
يا لهـــا مدرســــة أعجوبة
تصلح الأخلاق من كـــــل جليـــد
عربدي يا صيف واستعلي علــى
كل ارض واطلبي هل مـــن مزيد
ثم قولــــــي ربــــنا يــا ربـــــــنا
متــــع اللهم بالــــوجـه الســـــعيد
انطباعات أخرى مكتوبة لبعض علماء ومشايخ آخرين:
(( وقد سمح لي الوقت بدخول المدرسة التي قام بها أولئك القائمون بصيف فثبتوا تأسيسها وبناءها , وشيدوا أركانها وأرجاءها , وهيئوا لها الأستاذ الفهيم الملقن الصابر على تفهيم المتعلمين وتأليف النافرين , وتقريب النازحين عن التعلم والتفهم والتلقين وهو الشيخ محمد علي زاكن باحنان الكندي , وقد رأينا التلاميذ , وفتشنا برامج التعليم فلم نر إلا ما يقر العين ويسر الفؤاد .
العالم والمؤرخ : علوي بن طاهر الحداد:
(( بمناسبة أن صديقي العلامة : محمد بن علي بن زاكن باحنان مقيم ببلدة صيف المشهورة , انتهزت في تلك الفرصة زيارته في منزله فكان كما كنت اعتقده كريما من الكرماء , وعظيما من العظماء , وفق المبالغة بالاستبشار بقدومي إليه مساء يوم السبت 17 رجب 1371 ه فقد مهد لي السبيل للاجتماع بتلاميذ مدرسة الفلاح الأهلية وبمبناها الضخم الجديد الذي تكفل به المشايخ الكرام سالم وعبدالله ابنا الشيخ احمد سالم العاده باناعمه ....... وحدثت بيني وبين أهل القسم الرابع .
مناقشات بصفة سبر غور لمعارفهم , فإذا هم نجباء يبشرون بمستقبل باهر لهم ولوطنهم )).
الأديب والعالم :عبدالله بن محمد بن حامد السقاف:
(( زرت المدرسة ولاحظت ذكاء الطلبة النادر , وحرصهم الشديد على الدرس والتحصيل ويبدو للإنسان من أول وهلة إن المدرسة تسير قدما إلى
الأمام , ويكاد يلمس الرغبة من الأهالي والطلبة على السواء ... أما مدير المدرسة فهو الشيخ محمد باحنان العالم والمؤرخ المشهور ......
عبدالله الناخبي ناظر التعليم الأهلي في السلطنه القعيطية:
(( أما بعد فلما من الله علي وتفضل بزيارة صيف وهو بلد من بلاد الاحقاف سكن فيه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي زاكن باحنان الكندي وزرناه ونزلنا عنده وزرنا مدرسته وأهل بلده , فوجدناهم وهم على صلاح وتقوى ورأينا تلاميذه النجباء لا يوزن بهم الجبل من الذهب من خلوقهم وآدابهم .
وفق الله بهم الخير العميم لصلاح النشئة والبلاد واشكر الشيخ المشار إليه شكرا جزيلا .
العالم والمؤرخ :سالم احمد بن جندان:
ونختم هذه الكلمات التي قيلت في صيف ومدرستها ومؤسسها ومديرها الشيخ الفقيه محمد علي زاكن باحنان بما نشر في جريدة الأيام العدنية في العدد ( 643 ) في السنة الثالثة المؤرخ 19 ربيع أول سنة 1380 هـ الموافق 10 سبتمبر 1960م تحت عنوان :
هنيئا لبلد صيف بعالمها الجليل
كان الناس في بلد صيف قد عرفوا رجلا عالما يدعو إلى الخير ويساهم في تعليم أبنائها بنشاط وإخلاص , وهذا العالم الجليل هو الشيخ محمد علي زاكن باحنان , قد ظل الشيخ باحنان يعمل في بلده صيف 15 عاما يعلم ويؤم الناس في الجامع ويتولى خطبة الجمعة ولأسباب صحية كان قد تأخر عن واجبه نحو عام وفي خلال هذه المدة فقدته بلد صيف ووجدت فيها فراغا وخسارة لأنه الرجل المثابر لتأدية واجبه الحريص على خدمة بلده , بكل ما أوتي من جهد ولكن الحمد لله ما كاد العام ينتهي حتى يسمع الناس بعودته إلى وظيفته والقيام بخدمة التعليم الحر ونحن نهني الشيخ الفاضل بعودته التي ستكون فيها المنفعة العامة , كما نشكر الأهالي على سعيهم الطيب نحو العلماء والصالحين ,
بارك الله في الجميع ووفق العاملين إلى كل خير .
بقلم : ابن القيم التريمي:
نماذج من مكاتبات الشيخ باحنان مع بعض شيوخه وأقرانه:
كثير هي هذه المكاتبات , المفعمة بالمشاعر الطيبة , والعواطف الرقيقة , إذ يعسر حصرها , وذكر أصحابها , علاوة على تناول مضمونها , ولكن نكتفي ببعض المقتطفات من هذه المكاتبات :
المكاتبة الأولى :
من السيد مصطفى بن احمد المحضار ـ رحمه الله ـ إذ يقول فيها (( الحمد لله ونسأله نشر العلم , والفهم والتفهيم على يد الشيخ الفاضل الفهيم الشيخ العليم محمد بن علي زاكن باحنان , لا زال يحن , ويصبر , ولا يشتحن وفي صيف يرضى وشويها خير من جم غيرها , وتلقيهم لعلمه أحسن من تلقي غيرهم , والسلام إليك يا شيخ محمد ........ وهذا بعجل ووديت طول الكتاب ولكن باسواد مستعجل وأنا مستعجل والاشاره كافيه والدعاء والسلام على الجميع من الجميع .
المكاتبة الثانية :
من صديق الشيخ الوفي الأديب العالم احمد سالم بامفلح ـ رحمه الله ـ وهو من الشخصيات المعروفة بمنطقة صيف دوعن حيث يقول في كتابه (( حضرة الأجل الأمجد والعالم الأوحد فضيلة الأستاذ : الشيخ محمد بن علي زاكن باحنان دامت معاليه , سلامي العاطر وتحياتي القلبية ابعثهما إليك من قلب مفعم لك بالمودة والإخلاص وجنان اشرب حبك وعكف على تلاوة أحاديثك الشيقة التي يرتشفها من بين صفحات مخاطباتك الأنيقة ..... شكرا لك أيها الأخ : العزيز الكريم على مخاطباتك النفيسة , وقد تلوتها حرفا حرفا تلذذا بعباراتها , واندفاعا مع فصاحتها وبلاغتها , أما القصيدة الطنانه الرنانه فلا يسعني إلا أن أقوم بواجب الشكر , وقد قلتم ما تحبون عن أخيكم , وقد
عرضتها على أدباء الحجاز ليعلموا أن بالاحقاف من يساجلهم حلبة السباق .
المكاتبة الثالثة :
من العلامة محمد بن سالم بن حفيظ ـ رحمه الله ـ (( بسم الله الرحمن الرحيم من تريم الغناء في جماد الأول 1370 هـ إلى بلد صيف الحمد لله حمدا لا ضابط لحده ولا نهاية لحده , وصلى الله وسلم على أفضل من سبح بحمده سيدنا محمد رسوله وعبده , وعلى اله وصحبه وجنده وعلينا معهم وفيهم نحن وصديقنا العلامة البحاثة الذي نال الفضل والمجد اكتسابا ووراثة ناشر العلم والتعليم بحسن التعبير والتفهيم الشيخ محمد بن علي زاكن باحنان أصلح الله لنا وله كل شان وحمانا وإياه من شر كل شنان , وجمعنا بمحياه في الأوطان على أحوال حسان آمين اللهم آمين )) .
هجرة الشيخ باحنان أولا لنسره ثم لصيف وأسبابها:
لقد قدر وجود سنين مجدبة , وما فيها من فتن جما وحصول ابتلاءات واحن في الزمن الذي مبتداه من 1358 إلى عام 1364 هـ كثرت فيها أسباب النقل , وقلت به أسباب الكسب والعمل واضطر إلى النقلة كل راغب فيها .. حيث ساء الحال وكثرت الأهوال وكان الشيخ محمد باحنان ممن أعوزته الرحلة بعد تجرعه ما لاقاه من الأذى والمعارضة , والكيد , والوعيد , والتهديد , والعداوة , والمناهضة , والتثبيط في سبيل نشر العلم والتدريس ببلده عينات , وقد كان الشيخ باحنان في هذه المدة ينقم على الشعب بعض العادات الفاسدة , والغلو في العقائد , وقد بين في مقدمة تاريخه المسمى ( الإتحاف ) وغيرها من كتبه كثيراً من هذه العادات , والقيام بإنكارها مما حدا بالبعض إلى عداوته , ومضايقته , مما أدى به إلى الهجره من وطنه الأول عينات , علاوة على تردي الوضع الاقتصادي , وقلة الكسب في ذلك الوقت .
وقد نظم عدداً من القصائد مثبته في دواوينه وكتبه , يصور فيها حاله وحال أهل زمانه وما لاقاه من تعب ومشقه في نشر العلم والدعوة إلى الله , ومحاربة العادات والبدع السيئة في المجتمع : و من هذه القصائد ما يلي :
إلى الله أشكو من أذى كل ذي ضر
تجبر حتى باء بالإثم والخســـر
ينازعني طول الـــــحياة بحقــــده
ويبغي بإفساد بما يزدري قدري
وسامت به الأعداء ضري وفوقت
على سهام البغي في سالف العمر
على أنهم أبدوا فظاظا وغلظـــــة
جزاء لما قدمت فيهم مـــــن الـــبر
رأوا كل معروف من الشرع منكرا
ومنكر شرع الله عرفــا بلا نــــــكر
لقد صدق الأمي في وعده بمـــــا
تحقق فـــــي هذا الزمان مــن الشــــــر
فكم منعوني من إمـــــامة مسـجد
وتدريس علم بالمساء وبالظهر
وكم برهة أغروا سفاه عقولهم
بقدح ورجم باللسان وبالصخر
وكم فينة قد هاجروني وقصـدهم
بذلك أن اعتاض فيما بغـــــــوا خـــسري
ولكنني سالمتــــــهم ووصـــلتهم
ولم أجزهم مما أرادوا من الشر
وكم روعوا من كان يألف مدرسي
كرهطي وأصحابي لكي يغمطوا خيري
وأنقم منهم محدثات ضلالة
تجرع قوم صاب علقمها المر
ولو انني قد رمت إثبات ما قضـــوا
به عمرهم من هتك عرضي ومن اصر
لألقت بنات الشعر ما يدهش الورى
من الشتم والتعنيف والوعد بالـشر
وما نقموا مني سوى أنني على
شريعة لا ابغي بها بدلا يجري
فأذم ممن خالف الشرع حكمه
رأى حكم طاغوت يليق بذا العصر
واني مدى الأيام قضيت ساعتي
بعلم وتعليم وتـبليـغ مـا أدري
بذلت لهم وسعي وجهدي لنفعهم
فما قصروا في الشؤم واللوم في ضري
وثقفت منهم نشأة ضاق حــصرها
بتعليم قران وعلم على قدري
به ابتغي وجه الإله وفضله
فلا ارتجي منهم جزائــــــــي ولا شكـــري
رموني باني لا أوالي أولي التقـــى
من الأولياء الصالحين ذوي السر
لما قلته من ذم تحـــريم عــــــــادة
تذم ومن تقبيح فخفخة الغمر
بلى أنني ممن يوالي مصدقا
لحال وقـال بالسان وبــالصـدري
فكيف يجيش الصدر بالسوء بعدما
افاض ابن عطاس الشهاب مــــن البر
إمام الورى القطب الملاذ غياثنا
أبو سالم من زان في مدحه شعري
إمام له في الكشف حظ موقر
يضن به هذا الزمـان مـن السر
دعاني إلى أخذ يود أولو النهى
له سـاعة يجنون مــــن يـــــانع الثــمر
وخدمته في ثلث عام منحتها
إلى أن أتاه الحين من آخر العمر
فيا فالق الإصباح والحب والنوى
ويا من له تعنو الوجوه علـى قــدر
أجرني أغثني يا مــــــجير فأننـي
عدمت سروري حينمــــــا عز بــي صـبري
وصــــل على خير الأنام مــحمد
مــــع الآل والصحب الكـرام مــدى الدهـــر
الشيخ باحنان فقيها ومورخا وشاعرا وداعيا إلى الله وأستاذا قديرا:
لم يكن في حياته إلا معلما ومربيا , تتخرج على يديه الأجيال تلو الأجيال , فعندما كان في عينات كان يخرج إلى القرى المجاورة .
إلى جانب أنه كان فقيها , وعالما , ومؤرخا , فقد كان كذلك أديبا وشاعرا مفوها , وله العديد من الأعمال الشعرية منها : ( اللؤلوة الثمينة نظم سفينة النجاة في الفقه ) , ( نظم العقد الثمين في سيرة سيد المرسلين ) , ( منظومة العلم في معرفة التهجي ورسم القلم ) , ( تخميس قوافي الحكيم الترمذي في الوعظ برمضان ) , وقد جمع هذا وغيره في ديوانه الذي سماه ( الروض المؤنق) في أكثر من ( 300 صفحة ) , وكذا ( تنميق الأسفار بما وقع من الأشعار ) , وهو يقول الشعر الحكمي والحميني , و نقتطف من الحديقة الغناء لأشعار الشيخ باحنان هذه المقتطفات :
فلنبدأ بهذه الأبيات من قصيدة ترحيب بمقدم الشيخ العلامة عبدالله بن هادي الهدار من السفر يقول فيها :
يهنا الربـوع بمقدم الأسيـاد
* عرف يضوع به جميع الوادي
بتجرد بالتيه حيث سرورها
* ينمو بإشرأق الضـيا البــادي
.....الخ
وقال مرثاة في الحبيب عبدالله بن محمد بن عقيل مطهر مطلعها :
دعني وشجوي فكم في ذا الحشا نار * والجسم مني كقصر صار ينهار
لو لا الأنين وترجيع البكاء لما
* رأت سواد لباس الحزن أبصـار
....الخ
ومن قصيده مديحة في شيخه الحسن بن إسماعيل قال :
أبو علي ابن إسماعيل نخبة اهل
* الفضل خدن العلوم من بها قمن
لقد اقام دروس العلم واتضحـت
* من بعد ما درسها الجهل والفتن
....الخ
وهذه ابيات من قصيدة وعظية قال فيها :
الحمد لله دائما كل حين
* عد الذي يذكرون الله والغافلين
ثم الصلاة على احمد وآله الطاهرين
* اهل التقى والنقى والصحب التابعين
وبعد فالذكر حقا ينفع الذاكريـن
* هذه نصيحه ونا أولى من الحاضرين
....الخ *
وقال رحمه الله ملغزا وأرسله إلى السيد الهمام محمد بن سالم بن حفيظ :
آيا من ترقى في الفهوم له الفـكر
* وجد ومن جد له حــصل الوفـر
اجبني فاني سيدي مترقـــب
* جوابك لي لازال يعلو لك القــدر
فما اسم ثلاثي به النفع والضــر
* له طلعه غرا لها يخجل البدر
وهذا جواب من السيد المذكور رحمه الله :
آيا من به نعلو وحقا لنا الفخر
* ومن كان في العلم الشريف هوالبحر
نسجت لنا لغزا طلبت جوابـــه
* فها هو ذا لكن عسى يجبر الكـسر
سالت عن النار التي تنفع المـلا
* كثيرا وقد ياتي من النافع الضر
.....الخ
وهذه قصيده يخاطب بها ابنه الأديب فضيلة الشيخ القاضي علي ـ رحمه الله ـ ويعظه , وفيها يقول :
واطلب العلم قايد لك الى الخيردراك
* فاجعله سلوتك وأما الورع ساس مبناك
فان به تقتبس نورك وبه طيب مرعاك
* واحذر الظم أن الخلق بالظلم تشناك
ونختم هذه الأبيات للشيخ محمد باحنان بهذه المساجله التي وقعت بينه وبين السيد محسن الحداد ساكن قيدون , وكان انشاؤها في بلد نسره على صوت الدان : كل بيت عليه علامة (س) فهو مقول السيد الحداد وكل بيت عليه علامة (م) فهو مقول الشيخ محمد باحنان :
س: وسط نسره وقع أنس حالي ** با نغني الى ما الـضــويــه
شل صوتك بقول المعاني
** قل لزاكن ونسنس على الدان
م : ذي ليالي بها البسط عالي
** في مجالس رجال السريــه
ذي لهم في المعاني معاني
** من رجال ابن هاشـم وعدنـان
م : محسن الجيد له قلب سالي
** وابن طالب حسين الطويه
بن مسلم لي يقرا المثانــي
** هم صحاب الموده والاحــسان
****اورة لها كقسم ومشطه والقرية وغيرها , وكذلك عندما كان في صيف دوعن فانه كان يخرج إلى القرى المجاورة لها من أجل الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنه , إضافة إلى انه كان إماما وخطيبا لمسجد جامع صيف .
بالإضافة إلى هذه المهمة فقد اشتغل بالتصنيف والتأليف , وترك ثروة علمية ضخمة لا تقدر بثمن , فله من المؤلفات في الفقه , والسيرة , والأدب والشعر و أدب الرحلات والتراجم ما يقرب من أربعين مصنفا بعضها أكمل تأليفها والبعض الآخر بدأ فيها ولم يكملها حتى أدركته المنية , ومن العجب انه على الرغم من كبر سنه وتجاوزه سن السبعين واتعاب الشيخوخة والمرض إلا انه كان يسجل ويدون و يؤلف حتى ما قبل وفاته بأيام قلائل عليه رحمة الله .
وهنا ونستعرض بعضاً من مؤلفاته في فنون شتى وقد سبق ذكر بعضها :
ففي الفقه وعلوم الشريعة واللغة
( التحفة السنية شرح المختصر اللطيف وهو جزءان ) , ( المدد الفائض في علم الفرائض ) , ( القول المبين شرح العقد الثمين ), ( كشف الغمة تعليق على حديث اختلاف أمتي رحمة ) , ( القول الصحيح الأرجح لبعض من مسائل العقيدة ) , ( السيوف الباترة لأهل البدع المنكرة ) , ( الدر الثمين في أصول الدين وتعليم التلاميذ ما يجب على المسلمين ) , ( التذكرة العامة للبوادي والعامة ) , ( التذكرة والإدكار لأهل التبصرة والإعتبار ) , ( رسالة في حياة المرأة المسلمة ) , ( رسالة في علم التجويد ) ( قرة الطرف في تعليم قواعد التهجي ورسم الحرف ) .
أما في التاريخ والتراجم و أدب الرحلات
تاريخ الأحقاف وهو كتابه الجامع المسمّى (القول الشاف في تاريخ الأحقاف) في تسعة أجزاء ، ومقدمته المسماة (الإتحاف) , ( جواهر تاريخ الأحقاف ) وهو منتخب من كتاب ( القول الشاف في تاريخ الأحقاف ) ( والإسعاف : وهو فهرست تاريخ الاحقاف ) , ( الأصداف اختصار تاريخ الأحقاف ) , ( الوجيز في تاريخ الاحقاف السياسي ) , ( الفرج بعد الشدّة في إثبات فروع كندة ) , ( الجواهر المعدة في تاريخ كندة ) , ( الدرر النفائس في مشاهير كندة وال فارس ) ,( قرة العين في تاريخ الهجرين ) , (مشجرة لأصول مشاهير ملوك كندة بحضرموت في الجاهلية والإسلام ومشاهير الصحابة الوافدين على النبي صلى الله عليه وسلم وأهل الفتوحات وعلمائهم ومحدثيهم , وقضاتهم وادبآئهم ) ( الصحابي الجليل الأشعث بن قيس الكندي ـ رضي الله عنه ـ ) ,( ذخيرة الأكياس في مناقب شيخه أحمد العطاس) , (الشرف الأصيل في مناقب شيخه الحسن بن إسماعيل) , (منح المنان على عبده المفتقر إلى الغفران ) وهو ثبت في شيوخ المؤلف رحمة الله عليهم أجمعين , (غرر العبر مما مر في الحياة وغبر للعبد الاقل) وهو السيرة الذاتية للمؤلف رحمه الله , (بشرى المنقبين عن مجد العموديين ),( منهل العرفان تراجم مشاهير بني حنان ),(العقود الحسان في شجرة فروع بني حنان ),( الرحلة المكية ),( ورحلة حجة سنة 1368 هـ), ( الرحلة إلى نسره ) , ( رحلة السادة البكرية إلى المناطق الحضرمية) .
و نكتفي هنا عرضا للكتب التاريخية بما ذكره في مقدمة التاريخ عن دواعي كتابته لتاريخ حضرموت و صفه لكتاب القول الشاف حيث قال رحمه الله في مقدمة الجزء الثاني : (( إن علم التاريخ علم شريف , وفن منيف , لا يستغني عنه أولو البصائر , ولا يهتدي لجلالته إلا من هو في تحصيل العلوم صابر . قال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ : (من علم التاريخ زاد عقله). إلى أن قال:
((ولما رأيت فحول رجال العصر الحاضر والغابر تتنافس في تأليف تاريخ الأجيال , وتراجم الرجال ويتداولها الأمم من العرب والعجم , وتسمو إلى تحصيلها الهمم من أولى الفضل والشمم , ألقيت نظره إلى تاريخ حضرموت منذ كانت فوجدت لها التاريخ المجيد والحظ السعيد والمجد الذي لا يحيد .
ولكن فحول المؤرخين الذين كتبوا عن حضرموت في القديم والحديث قد انتحى كل منهم في تاريخها بناحية , فهب قوم إلى الاقتصار على الشمائل والأخلاق , وجد آخرون إلى ذكر قبائلهم وفصائلهم , واجتهد البعض في جمع تاريخ قرن دون قرن , ونوه آخرون بذكر بعض مشاهيرها , وقد ذكرت كثيرا مما سطروا , ونقلت عن الجمهور ما حرروا . وقد حررت في مقدمة التاريخ , ما يتعلق بحضرموت مما ليس مختصا بزمن دون زمن وجيل دون جيل , بيد أني ذكرت فيها تاريخها القديم قبل القحطانين بالإيجاز فيه لا نقصان رغبه في تدوينه وتحصيله .
وقد احتوى هذا التاريخ على الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية , والآداب الشرعية , والآثار السلفية , والمسائل الفقهية , واللغوية , والنحوية والأدبية , والوقائع السياسية والأدبية والاجتماعية , والأخلاقية , وتصرفات الدهر وتقلباته , وأبنت فيه عن مخبآت التاريخ التي لا يهتدي إلى مسارحها إلا ذو تنقيب مجد في القصد لا يلوى إلى عذل ولا تأنيب , لأنها واسعة الأكناف بعيدة الأطراف كلما برع فيها الطالب أتسعت له المطالب ولذلك تجد المؤلف كل يوم تتجدد له الرغبات , وما حسن ما قوله العماد الأصفهاني ( أني رأيت انه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن , ولو زيد كذا لكان يستحسن , ولو قدم هذا لكان أفضل , ولو ترك هذا لكان أجمل , وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلا النقص على جملة البشر . وسميته القول الشاف في تاريخ الأحقاف , ورجائي من مولاي أن يثيبني على جمعه ثواب أهل الإحسان إنه جواد منان .
أما عن مقدمة التاريخ المسماة بالإتحاف فيقول (( وقد توجته بمقدمه غراء , تعنون عن نفاسته , وتدعو وتلفت إلى دراسته وممارسته , تحل ما اختصت به حضرموت , على سائر الجهات , مما ليس له وقت معين , ولا جيل معلوم , من الأخلاق والبيئات , والعادات واللغات , وحسن الشمائل والصفات..الخ
وقد وجدت تحبذا وتنشيطا من كثير من العلماء والأدباء , وأهل المكاتب , فعرفت أن ذلك من تهيئ الأسباب , فان الله جل وعلاء : إذا أراد أمرا هيئ أسبابه .
واني بحمد الله : لا الو جهدا أن شاءا لله , من أن انقل كل ذلك محققا , مهذبا من مضانه المعتمدة , وكتب أهل التحقيق فيه .
فما كان مشهورا لا أضيفه غالبا إلى قائليه , لكثرتهم وعدم الحاجة إلى ذكره , وما كان غريبا أضفته إلى قائله , أو ناقله , ورتبت المقدمة : بعد أن سميتها ((بالإتحاف مقدمة تاريخ الاحقاف )) على عشرة فصول .
وفاته ـ عليه رحمة الله ـ
توفي الشيخ الفقيه المؤرخ : محمد بن علي زاكن باحنان , يوم الاثنين الموافق 12 من جماد أول سنة 1383هـ عن عمر يقارب الواحد والسبعين سنة ، قضى جُله في خدمة العلم والتعليم والدعوة وقد قبر ببلد صيف دوعن إحدى مدن حضرموت غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين ونفع الله بعلمه.

(منقول مع تصرفي في العنوان )
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas