المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > شؤون عامه > سقيفـــــــــة التمـــــيّز
سقيفـــــــــة التمـــــيّز كل ماهو مميّز وجميل يتم انتقاؤه من قبل مشرفي السقائف ووضعه هنا
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


كتاب (( نثر وشعر من حضرموت )) للمستشرق روبرت سيرجنت ...!!

سقيفـــــــــة التمـــــيّز


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-21-2008, 09:25 PM   #1
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي كتاب (( نثر وشعر من حضرموت )) للمستشرق روبرت سيرجنت ...!!

هذا الكتاب : مضى على طباعة كتاب (( نثر وشعر من حضرموت )) باللغة الانجليزية أكثر من سبع وخمسين عاما ، ومضت على ترجمته للعربية أكثر من سبع وعشرين عاما ، وطبعت الترجمة عام 1981م في نسخ قليلة ومحدودة على جهاز ( استنسل ) وبقي يتداول على نطاق محدود في اوساط المهتمين بالتراث الحضرمي، وبما أن هذا الكتاب من الأبحاث القيمة والمفيدة والقليلة جدا التي تتناول التراث الحضرمي بأسلوب علمي رصين وجاد ، نرى أنه ليس هناك أي موانع من إعادة نشره في سقيفة الشبامي عبر هذه الوسيلة الألكترونية ، خدمة لتاريخ التراث الحضرمي ، وليكون مرجعا مفيداً للقاري والباحث ، وننشره هنا في سقيفة التاريخ والتراث بناءا على رغبة وطلب الكثيرين من المهتمين بالتراث الحضرمي ..


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



تنفرد سقيفة الشبامي بنشر كتاب هذا الكتاب المهم والمطبوع باللغة الانجليزية (( نثرت وشعر من حضرموت )) للمستشرق الانجليزي الدكتور روبرت سيرجنت ترجمة الاستاذ سعيد دحي وهذا الكتاب المهم للدارس والباحث والمهتم بالتراث الحضرمي ، تنفرد سقيفة الشبامي بنشره على النت على حلقات نأمل أن تعم فائدته على الجميع.

مقدمة المؤلف

خلال عام 1947 - 1948 م تم اختياري عضوا باحثا في شؤو ن المستعمرات للقيام بالعمل في حضرموت ، فتوجهت بصحبة زوجتي إلى تريم عن طريق المكلاّ ، حيث مكثنا بها حوالي سبعة أشهر، قمنا خلالها بزيارة عينات وقسم وقبر هود وسيئون...... الخ ، ثم قفلنا عائدين إلى المكلا ، وقمنا بجولة في بلاد الواحدي زرنا فيها بلحاف وعزان وحبان وأحور وبير علي ، ثم عدنا إلى المكلا عن طريق ميفع وبروم ، وكنت في بداية عام 1948 م قد سافرت عن طريق مولى مطر والخريبـة ، إلى النجد وبلغت بذلك إلى وادي دوعـن ثم إلى المشهد وحريضـة وهينن والقطن عائدا إلى تريم ، كما قضيت أياما في المنطقـة الساحليـة زرت خلالها الحامي والشحر وغيل باوزير ، وكان الهدف من أبحاثي تلك هو تقديم دراسة عن مظاهر الحياة والحضارة في حضرموت من خلال اللغة التي يتحدث بها أهل تلك البلاد ، وتقديم حقائق وبيانات صحيحة وثابتة ذات صبغة موضوعية اكثر منها انطباعات ذاتية ، وتنفيذا لهذا الهدف ركزت على جمع قصائد من الشعر العامي وقمت بفحص ما عثرت عليه من مخطوطات في المكتبات ، كما قمت بشراء بعض النماذج والمواد ذات الطبيعـة الثقافية لضمها إلى مقتنيات متحف المعمار وعلم فصائل الأجناس بجامعـة كامبردج ، كما قمت أيضا بجمع مجموعة من الوثائق المتعلقـة بالقانون القبلي و التركيب الاجتماعي للبلاد ، وقـد أجريت تلك الأبحاث والدراسـات في مناطق الحضر الزراعية والمدن اكثر من المناطق البدوية القبلية.
لقد كانت أهدافي من هذه الزيارة قد حصرت بعد إمعان النظر بحيث أتجنب ضياع الجهد وبعثرته ففضلت التركيز على الشعر العامي اكثر من محاولة دراسة اللهجة المحليـة بشكل عام .
حيث أن هذه البلاد قد زارها العديد من الباحثين قبلي , وكانت أبرز دراسة حقيقية حول أي مظهر من مظاهر حضارتها هي تلك الدراسة التي قامت بها السيدة كايتون تومبسـون ,MissCaton thompson المتمثلة في الحفريات الرائعة ، لتي قامت بها في حريضه ، كما أنني أخترت أن أقوم بجمع الأشعار اكثر من دراسة لهجة تريم ، لأ نني اكتشفت أن السيدين ( محمد بن هاشم ، وعلي بن عقيل ) ، يقومان بجمع مواد لغوية تتعلق بالقاموس اللغوي المحلي، كما ان المحاضر البروفيسور ( سيف ابن السلطان حسين القعيطي ) من الجامعة العثمانية بحيدر أباد يقوم بعمل مماثل( 1) ، وسيكون من الإسهاب والزيادة قضاء عاما كاملا في عمل يقوم به دارسون منافسون من أهل البلاد ، وسأشير في الهوامش إلى أبحاثي المنشورة في هذا الجانب إذا مادعت الحاجة الى ذلك ، وكان في نيتي ان أضمّ الى الكتاب المدونة الخاصة بحضرموت ، منقولة من مخطوطي (مدونة جنوب غرب جزيرة العرب ) ، الا ان ذلك سيجعل هذا المجلد أكبرحجما مما يجب ، كما انه سيتم نشرهذه المدونة في مكان آخر . (2)


الطرق التي أتبعتها في جمع مواد الكتاب

لقد قمت بجمع مواد هذا الكتاب من النسخ المكتوبة لدى الحضارمة ، باستثناء بعض القطع القصيرة ، وقد اختيرت أكثر الأشعار من المجموعة الضخمة التي قام بجمعها عبدالله رحيّم المنتمي الى المشايخ آل بافضل(3) ، وهو رجل لم يلم بالثقافة العربيـة الكلاسيكية ، الا انه لا يفتقر إلى الاستئناس بالكتب ، وتحتوى المواد التي قام بجمعها على ما يجاوز الألفين صفحة مخطوطـة من الشعر والنثر تلقـفها سماعا من أهالي تريم ، أو نقلها كتابـة من الآخرين وقد قمت بمقارنـة ما اخترتـه من مجموعـة ( رحيّــم ) بنسخ مخطوطـة كلما تسنى لي ذلك ، ووجدت بعض القصائد في كتاب ( الوقائع ) ، او في الفهارس الملحقـة باسطوانات الجرمافون، وقد وجدت اختـلافا ملحـوظا بين بعض النصوص ، وقد نوقشت القطع الغامضـة مع اكبر عدد ممكن من الأفـراد الموثوق بهم ، وتم قبول تصحيحاتهم في بعض الأحيان اذا كان ذلـك متفقا مع سـياق النص الذي اعتراه التحريف ، وقد اقتضى الأمر ان تشـرح لي إحدى المقامـات الأدبيـة في حبّـان ، وهي بلدة تبعد مئـات الأميال عن مدينـة تريم التي قمت فيها بنقل تلك المقامات كتابيا ، وتشابه الظروف مع تلك التي واجهها( الهمداني ) عندما قام بجمع (أرجوزة الحج ) (5) الممتعة، والتي لازالت تفتقرالى الشرح الوافي وهي قصيدة تصف الطريق بين صنعاء ومكة ونجد ، وقد استمع الهمداني إلى أبيات تدور حول هذا الموضوع من العديد من البصريين والشعراء الآخرين .

وقد طرأ على تلك القصيدة التي استقاها من شخص يسمى ( الرداعي ) من رداع باليمن ، الكثير من التحريف لاسباب عديدة ولدوافع سياسية كما يبدو من قبل ( الأبناء ) والصنعانيين ، بحيث لم يوجد في صنعاء نفسها نص صحيح أو كامل وظل (الهمداني) مثابرا في بحثه عن النص الكامل حتى سمعها من ذلك ( الرداعي ) وهو رجل غير موال لأحد ولا تدفعه أي رغبة في التقليل من سمعة أحد ، وكان منذ صغره قد حفظ القصيدة بتكرارها عشرة أبيات بعد عشرة حتى استكمل استظهارها وثبتت في ذاكرته ، وقدمها الهمداني بأشكالها المختلفة أي ( بلغاتها ) ولكنه قام بتصحيح ماأعتراها من تحريف وشرح الكلمات التي لا يتيسرفهمها للجميع.

ولو أتيح الوقت الكافي لكان في مقدور المرء أن يقوم بما قام به ( الهمداني ) حتى يحصل على اكبر عدد من القصائد في موضوع تقليدي في حضرموت المعاصرة ، اما في خلال سنة واحدة فيستحيل عليه أن يقوم بهذا البحث في بلاد متراميـة الأطراف في سبيل الحصول على احسن القصائد التي تمثل موضوعا معينا ، ولهذا فسيجد القارئ أن بعض النصوص التي تحمل موضوعا ما هي في الواقع النصوص الوحيدة التي استطعت الحصول عليها كما انني بالطبع لم أحاول اكتشاف المزيد من الشعر السياسي ، وهو أكثر الأنواع الشعرية انتشارا في البلاد ، وقد تجنبت الخوض فيه متعمدا..

أما فيما يتعلق بالمواد المكتوبـة فقد قمت بنسخ القصـائد وقـام راويتي بقراءتهـا مرّة ومرتين ثم بوضـع حركاتها الصوتية أي تشكيلها وتصحيح أي خطا في النسخ ، وبعد ذلك أطلب من راويتي أن يقرأ علي النص سطـرا سطـرا ، وشرحـه لي بالعاميّـة ، وعلى هذه الشروحات يعتمد الجزء الثاني من الكتاب والذي يشتمل على مظاهر الحياة اليوميـة في حضرموت ، وبالرغم من اعتماد هذه الطريقة الشموليـة فقد بقيت بعض الكلمات والنقاط دون شرح .

وقد وجدت أنّ ( لاندبرج ) نفسه كان يقع في مثل هذا الارتبـاك بالـرغم من كـثرة معاونيه ورواته المأجورين والوقت الكافي للمراجعة ، وبعد ذلك قمت بتحليل بحور القصـائد عروضيا ، وأعتمد ت في هـذا على العرب كلما واجهت قطعة شابها الخطأ أو التضارب (6) ، وأني لذلك مقتنع بأن النصوص التي أوردتها قريبة من الصحة بقدر ما أستطعت كما لم يكن بمقدوري طبعا أن أقوم بمثل ما قام به ( لا ندبرج ) إذ يعتبر رائدا في دراسة الأدب العامي (7) .

ان فائدة تحليل النصوص من الناحيـة العروضيـة تكمن في الكشف عن الأخطاء والمتناقضات وحتى التحريفات ، وهي مسألـة يجب التأكيد عليها سواء كانت هذه الأمور تعود إلى عدم دقة الراوي أو الجامع ، وكان رحـيّم (8 ) وهو نفسه شاعر غير مشهور شديد الاهتمام بمحتويات كل سطر ، وبالرغم من عدم معرفتـه بالعروض الا أنه يستطيع أن يلحظ أي نقص أو زيادة قائلا : ( أن هذا السطر زائد أو ناقص أو مستو ) فأن أغلب الأشعار التي وردت هنا ملحنة على الموسيقى باستثناء بالطبع تلك القصائد التي تنظم في المناسبات الاجتماعيـة ، غير الزامل البدوي وكنت أودّ أن يكون عندي تسجيل لكل قصيدة من ذلك النوع حيث ان ذلك من شروط اكتمال التوثيق غير أن الظروف لم تسمح بذلك ، وأقتصر الأمر على أغاني جنـوب الجزيرة العربيـة المسجلة على أسطوانات الشمع التجاريـة ، وهي تشمل أغاني حضرمية ، والتي أملك بعضا منها ، وكان من المبادئ التي اتبعتها قبل تصحيحات رحيّم عندما تطرأ أخطاء في بعض الأبيات خصوصا في النصوص القديمة التي جعلها التحريف غير مفهومة إذ لا فائدة من نقل نصوص محرفـة حيث ان الحضارمة خلال عملية النقل والرواية بدّ لوا وغيروا تلك النصوص في مواضع كثيرة ، وما رحيّم الاّ أحد القائمين بهذا التقليد المتبع في بيئة اجتماعية يعيش فيها وهو جزءأً لا يتجزء منها.

بين الكتابة العربية وكتابتها بالأحرف الرومانية

لم تبذل أي محاولة لكتابة الشواهد والنصوص بالحروف الرومانيـة ولا يتيسر استعمال الحروف العالمية( 9) لغير الإنسان المتدرب عليها وهي غير مفهومـة للطالب والباحث العربي على الأغلب ، ناهيك بالعرب أنفسهم ، ومن المحتمل ان يكون النص المكتوب بالأحرف الرومانية ذا جدوى في إعطاء صورة عن نطق أحد المتكلمين ، الاّ انه لأسباب عديدة لم أقم بالمحاولـة وأول هذه الأسبـاب هي تكاليف الطباعة ، وثانيها الحاجة الى الزمن والحيز من مساحـة الورق ، وقد اتبعت نظاما يقترب بقدر الإمكان من النطق الذي سمعته وكما تسمح به الكتابـة العربية .
وكتابـة مثل هذا النوع من القصائد ، يشكل صعوبات كثيرة والكثير من هذه القصائد معروف لجميع الطبقات، كما انها منظومة بلهجـة محليـة يستعملها الكل، حتى العلماء الذين قد يستعملون العربيـة الفصحى في أحاديثهم العادية إلا انهم مع ذلك تربوا في أحضان النساء اللاتي لايتحدثن إلا بالعاميـة ويستقي هؤلاء العلماء من هذه القصائد المتعـة والتسلية كما انهم يستسقون منهاالأمثال المنظومة شعرا كالفلاحين ويقتبس السيد المتعلم مثلا سائرا من العاميـة يستعين به لتعزيز نقاشه وحجته، وقد ينظم كاملا على منواله ، وتجدر الأشاره الى ان هناك اختلافا لايستهان به في النطق بين مختلف الطبقات بل حتى بين الرجال والنساء حين يتحادثون (10) ولا يستطيع أحد أن يتجاهل الحرف الصوتي العريض الذي ينطقه الفلاح مقارنا بالطريقـة التي يتحـدث بها السيـد المتعلم .

وإضافة إلى ذلك، فقد كان بإمكاني بعد ستـة اشهر قضيتهـا في وادي حضرموت ان أميز بوضوح اللهجة السيئونية عن التريمية بينماتختلف لهجة أهل شبـام عن سيئـون وتـريم ، كما قيل لي، فإذا كان على المرء أن يكتب بالرموز الصوتيـة فأي نطق يختار من اللهجات.؟ مع العلم ان جميع القصائد قد نظمت لجميع أهل حضرموت ، اما الحركات، أي الأصوات اللينة القصيرة، فغالبا ما يكون مستحيلا على السامع التمييز بينها ولوسئل (رحيّم) نفسه عن هذه المسألة فمن المحتمل ان تكون إجابتـه بعد تفكير وامعان بأن حرفا صوتيا لينا مثلا يميل إلى صوت (الفتحـة) أو انه سيبدي عجزه عن التعريف للحرف الصوتي، ولغرض النطق يمكن للمرء ان يفترض بأن المعلومات التي لخصهـا وقدمهـا ووضبهـا لاندبرج يمكن ان تنطبق على هذه المادة أيضا وهذه دراسة لمادة عربيـة وليست فحصا أواختبارا للنطق في حضرموت وبشكل عام يمكن للمرء ان يقول بأن الـ Kaf ( أي الـ ك) قريبة من نطق حرف الـ (g ) في كلمة Gate الإنجليزية، أما الضاد والظاء فلا يمكن التمييز بينهماوكلاهما ينطقان بطريقة سكان جنوب الجزيرة (11) وينطق ( الجيم ) ياء في بعض المناطق وهو كالجيم الفصحى او كحرف J الإنجليزي في مناطق أخرى ويقترب من الحاء في النطق ، وتجـدر الإشارة أيضا إلى ان حرفي الذال والضاد ليس بعيدين عن الالتباس في الكتابـة، وان الفتحة والكسرة قـد يقومان مقام بعضهما في القافية في مثل العين ( بفتح العين) (بكسرها) لأن الأحرف المزدوجة Diphthohgs لا توجد في اللغة العربية.

أسس الاختيار

لقد كان الأساس الأول الذي تصورته في ذهني هو الحصول على القصا ئد التي تحتوي على معلومات عن حياة الحضرمي وعقليته وسلوكـه ، وقد حاولت أيضا ان أجمع اكثر النصوص اختلافا في موضوعاتها قدر الإمكان.
ولست أدعي الكمال في هذا الجانب ، وحاولت أيضا ان تضم هذه القصائد مواضيع ذات قيمة جمالية أو فنيةأومواد ذات قيمة في دراسة اللغة والثقافة، والأهم من ذلك كله هو تقصي العادات والتقاليد في هذه الأشعار واتخاذها شاهدا لا يقبل الجدل عند الحديث عن أي مظهرمن مظاهر الحياة في حضرموت وهكذا كنت متمثلا بالمثل الحضرمي ( خذ لك من كل سقاية مقدح ) أي خذ قدحا من الماء من كل سقاية.

بعض الملاحظات حول اللهجة الحضرمية

إني أدين بالفضل للسيد علوي بن طاهرالحداد مفتي جهوربالملايو ، للملاحظات التالية حول اللهجة الحضرمية ( ( تعتبر اللغة الدارجة اليوم في أسفل حضرموت أي حيث يسود العنصر الكثيري والنهدي ، لغة كنده أو حضرموت لأن هذين الشعبين كنده وحضرموت قد هزما وأكتسحا وهاجرأكثرهم من حضرموت الى أسفل اليمن وبيحان ، وذهب البعض الى صعيد مصر ، و برقـة ورافق البعض الآخر بني هلال الى المغرب الا بقية منهم انتشروا في قرى وادي دوعن ، كما هاجر أغلب أهل الصدف بوادي دوعن الى مصر والأندلس مع بداية الإسلام ، وهؤلاء الباقون في جبال دوعن ينتمي البعض منهم الى كنده اما الأغلبية فينتسبون الى حمير الأصغر وهم المعروفـون بأمة حضرموت،أن اللغة في الأماكن الكثيريـة هي الضنية وقد سادت بينهم لهجـة نجد، لأن مساكنهم الأولى كانت قريبة من نجد، أما لغة الحواضر بدوعن فتعتبر خالية من آثار قضاعه ( التقضـــع ).
اني أنشر هذه الآراء دون مناقشة لكل باحث في أوربا، وهو في حال يحتاج فيها إلى آراء باحث عظيم كالسيد علوي بن طاهر والذي يمتلك كثير من المخطوطات التي يجهلها الكثير من الباحثين والنظرة الناقدة والحكم الصائب.
__________________________________________________ _

الهوامش
______

(1 ) تضم هذه الأعمال:
( ا )اللغة الحضرمية:قاموس في 12 مجلدا.
( ب) خصائص اللغة الحضرمية.
( ج)الأمثال والأقوال الحضرمية.
( د ) فقه اللغة الحضرمية .
( ه ) العربية الحضرمية ومالها وما عليها ولا يعرف ان كانت هذه الأعمال ستخرج من الشكل المنسوخ الى المطبوع .
(2 ) لم أتمكن حتى إعداد هذه الدراسة من الاطلاع على كتاب مسز دين انجرامس( kظرة عامة حول الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لمحمية عدن ) ( اسمرا 1949م ) وتبرز قيمتها على وجه الخصوص من ملاحظاتها الشخصية عن المرأة الحضرمية )
(3) انظر ترجمة حياته في فصل التراجم.
(4) انظر بروك Brock ص820 .
(5) جزيرة العرب تأليف دي . اتش ميللر( ليدن1884- 1891) ص234.
(6) أنني مدين هنا على وجه الخصوص ،للسيد محمد غانم وهو شاعر وصاحب ديوان بالشعر الكلاسيكي وشاعر بالعامية أمكنني معه مناقشة كثيرمن المسائل العروضية..
(7) يبدو ان لاندبرج اتبع نظاما يتلخص في استخدام معاونيه العرب يمدونه بالأشعار التي أخذوها من رجال القبائل الأميين ثم يستمع إليها إنشادا ثم يغنيها أفراد مختلفون من قبيلة الراوي وقد طبع النصوص بالعربية متخذا نظاما خاصا به في كتابتها بالحروف الرومانية وتقترب طريقته من المثالية والكمال ، ولكنه تحتاج الى باحث له نفس وسائله وامكاناته والى الفراغ ليتمكن من الجمع بمثل طريقته وبالاضافة الى ذلك فقد تحمل نفقات الطبع من ماله الخاص .
(8) يبدو لي ان( اتور روسي ) لم يقم بتحليل عروضي للنصوص التي ضمها كتابه الرائع( العربية الصنعانية ) وهو رائع في دقته ووضوحه وفائدته العلمية ، ولذلك يميل المرء في بعض الاحيان الى استفسار النصوص الشعرية وقد أشار السيد محمد عبده غانم الذي يحفظ بعض هذه القصائد عن ظهر قلب الى أن بعض الأبيات لاتخلو من الخطأ العروضي.
(9) اعترف نادما على عدم إجادتي استعمال هذه الحروف.
(10) استفسرت عما إذا كانت للنساء في تريم لغة خاصة يستعملونها فيما بينهنّ ويبدو انهنّ لايستعملن لغة خاصة ، الا انهن كما حكى لي أحد اصدقائي من السادة يستعملن بعض الكلمات والتعابير بينهن فقط فعندما يشعرن بالخوف والدهشة يعبرن عن ذلك بلفظة اعتراضية (( يُة )) وعندما لا تعجبهن كلمة او عبارة يعترضن على ذلك بقولهن ( ياخيلاه ) أو (( ياخشيباه )) ومن ناحية اخرى ولانهن اميات فلا يعرفن الا القليل من العربية المثقفة لذا لاداعي للاستفسار عن لغة (سرية ) للنساء.
(11) تنبه صديقي السيد علي بن عقيل الى ان الحروف الصوتية في العربية الفصحى لا تعبر عن جميع الفروق في الحروف الصوتية للعامية، وفي نطاق جمعه لنصوص من اللهجة الحضرمية استخدم نطاقا يضع فيه الحركات الصوتية العادية في مواقع متوسطة للإشارة الى هذه الفروق وهو نظام يترتب عليه صعوبات فنية طباعية. ولذا فاني اعتبر أنسب حل لذلك استعمال اقرب تشابه للحروف والحركات الصوتية معمول به الآن هنا.
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 12-31-2008 الساعة 06:03 PM
  رد مع اقتباس
قديم 12-21-2008, 10:40 PM   #2
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

الفصل الأول

الشعر المعاصر في جنوب الجزيرة
------------------------------------


يعتبر الشعر في حضرموت كماهو الحال في جميع البلدان الناطقة بالعربية، فنا من الفنون الرئيسية أو بالأحرى الفن السائد الذي تمارسه وتتذوقه كل الطبقات، وبهذا فانه يعتبر مظهرا من مظاهر الحياة وربما يكون أكثر المظاهر بروزا في مختلف الأنشطـة والاحتفالات الشعبية ، ونتيجـة لذلك أصبح من الممكن الحصول على معلومات كافية عن جميع مظاهر الحياة العربية تقريبا من الشعر العربي أو الشعر السائد في الحياة العربية أي الشعرالعامي حيث أن الشعـرالحديث ( الشعر الكلاسيكي ) يحتاج الى بعض الإيضاحات الضروريـة لبيـان مناسباتـه وأغراضه وأسلوب نظمه ، وبهذا يكون الشعر العامي الحضرمي بالنسبة للمختص في الدراسات اللغويـة العربية وثائق حافلة بالملاحظات المختزلـة عن مختلف مظاهر الحياة في جنوب الجزيـرة ، ويمكن توضيح ذلك من رسالة كتبها اليّ من باتايا السيد علي بن عبدالله التوي يقول فيها (1) ( الشعر الحميني هو صدى لمشاعر وأحاسيس الشعب يصدر عن الأفراد من شعرائـه، معبرين عن وجدان سواده تثيرهم لقولـه ابسط البواعث ) .
وهكذا يعبر الحضرمي عن قيمـة وتقديـر الشعر العامي ، وقد أصبح كل همي اكتشـاف العـادات والحـوادث والمعتقدات..الخ ، التي يتناولها الشعر العامي بالإشارة لتكـون مادة لـدراسـة المجتمع العربي في جنوب الجزيرة في الماضي والحاضر ، كما ان هذه المادة الموثقـة يمكن ان تكـون مرشدا وضابطا للدارس الاجتماعي الذي يبحث عن تفسير الكتابات واستنتاجاته التاريخية كما انها تمد الباحث اللغوي بمادة جديدة في الكلمات وقواعداللغة يمكن ان تساعده في دراسة الأدب العربي الكلاسيكي وقواعده ا للغوية (2) والأخذ بهذه المفاهيم العريضة من زاوية لغوية واسعـة وفسيحـة جاءت وتبلورت هذه المختارات ، ان ما تجمع من الأدب المطبـوع في جنوب الجزيرة ليس بالقدر الكبير ، ولا يمكن إغفال الإحاطـة والمعرفـة الواسعـة التي يمتلكها لاندبرج Landberg متوجة باحتكاكه ومعرفتـه المباشرة بالبلاد ، إذ ان الدراسات الحديثة في الشئون اللغوية العربيـة لم يتيسر لها الوقت والوسائل الكفيلـة بتحقيق ما أنجـزه لاندبرج في هذا المضمار ، كما لم يتوفرلها المال اللازم لطبـاعتها بشكل واسع ، والواقع أن النـصوص التي نشـرها لا ندبرج ليست بالحجم المتوقع إذا قورنت بتعليقاته وضخامة عمله المعجمي ، وقد جاءت معظم تلك النصوص من منطقـة دثينـه ، ولا يحتوي المجلد الخاص بحضرموت الا على قصائد قليلـة ، فإذا ما خطر للمرء ان يتفحص نظرياتـه فسيجد ان الحقائق التي أوردها لاتقبل الطعن .

أما المواد التي أوردها ( سنوك هير قرونجي ) فتبدو اقل دقة كما انها ليست بالقدر الكافي ، بينما تمكن ( آر روسي ) من الحصول على مختارات محدودة ولكنها تمتاز بالدقة وهي ثمينة أيضا ، وباستثناء اليهوديات أو الدراسات العربيـة اليهودية ، فان هذا هو المدىالذي وصلت إليها الدراسات حول الشعـر في جنوب الجزيرة.

اما فيما يتعلق بالمواد المطبوعة في الشرق الأقصى فأن أفضل ما يمكن أن يقوم بـه البـاحث هو الرجـوع الى القـوائم التي تصـنف الأغـاني والأشـعـار المسجـلـة في اسـطوا نـات الجرامفـون ( الحاكي ) ، والتي قامـت بطبعهـا في عدن شـركـة التاج العدني (3 ) ، حيث أن شركات الأسطوانات قد قامت بدون قصد بالطبع بتسجيل الشعر والأ لحان الشعبية ، كما قامت بطبع مجموعة لابأس بها من شعر الغزل ، ويمكن الحصـول على بعض من الأشعـار العاميـة من خلال ماكتبـه الكتّاب المحدثـون من أمثال صلاح البكري (4) ، الا ان أكثر مؤلفات الشعر الحضرمي فائدة هو كتاب ( الوقائع بما جرى بين تميم ويافع ) وهو كتاب يكاد يستحيـل الحصول عليه ناهيك عن اقتنائه(5) ، وكما سيتضح فيما بعد فإنني قمت بجمع مجموعـة القصائد من الرواة الذين اتصلت بهم وهي قصائد سيجدها القارئ في هذا الكتـاب .

ومن المحتـمل أن تكـون هناك مجموعـات أخرى من الأسطوانات التي طبعت في الهند واندنوسيا قد تعرضت للإندثار قبل رصدها وتسجيلها ويبدو أن هناك بعضا من الشعـر العامي الحضرمي في طريقـه إلي الطبع في الشرق الأقصى بالرغم من عدم إطلاعي على شئ منه إذ يقوم أخ لصديق قاضي حريضه ، وهو رجل متعدد النشاطات بطبع دواوين لبعض شعر العاميـة الحضارمـة في سنغفـوره ، ولسـت بعد هذا على معرفة بأي مؤلفات أخرى تحتوي على مواد يمنية أو حضرمية.

وفي عدن أمكننا الحصول على بعض الأعمال الجديدة المطبوعة وبالرغم من اعتقادي الأكيد بوجود نشرات كانت تصدر في عدن قبيل الحرب العالمية الثانية الا انه تنقصني المعلومات عن هذا النوع من الشعر ، وقد قام الأمير أحمد بن فضل العبدلي وهو أحد أفراد العائلة المالكة في لحج ( توفى منذ فترة ليست بعيدة كما أعتقد ) بطبع ديوان الأغاني اللحجية ( مطبعة الهلال عدن 1938م ) ، ونسخة موسعة من ( المصدر المفيد في غناء لحج الجديد ) حوالي عام 1943م وقصائد هذا الشاعر تشبه القصائد الحضرمية مع اختلاف الوضع ، وكذلك مع اختلاف طفيف في الأسلـوب ، كما هوالحال في اختلاف هذا الجزء من جنوب الجزيرة عن حضرموت(6) ، ولا أعتبر نفسي مجانبا للصواب إذا قلت ان القصائد اللحجيـة تمتاز بخيال اكثر ثراء من أغلب القصائـد المنتـشرة في حضرموت ، الا أنها مع هذا التميز تشترك مع النوع الحضرمي في الاستهلال والختام كما تستعمل نفس البحـور الشعريـة في المنطقتين ويمثل شعر احمد فضل ذلك الشعـر المحلي المطبوع بالثقافة المحليـة وبطابع المنطقة ، وهويختلف لغة عن ذلك النوع الذي ينظمه الفلاحون ، مثـل القصيدتين 33 و42 من الشواهد ( للعطاس وعسكول ) ويبدوان أحمد فضل كانت لديه فرقة موسيقية خاصة وله مقالة تدور حول تحليل العـود والرباب والتي سنتناولها فيما بعد ، وقد سجلت بعض قصائده التي نظمها للغناء.

حركة التحديث

يسود الميل بين الشباب في عدن الى نظام الشعر الفصيح ، والابتعاد عن تناول المواضيع الشعرية التقليدية ، وتجاهل الشعر المحلي ، خصوصا أولئك الشباب الذين عاشوا في أقطار عربية أخرى لتلقي العلم ولا شك ان الطلاب والمدرسين الذين شاركوا في ثورة 1948م في اليمن ، يتجهون الى نفس ألا تجاه ، ويعتبر الشاعرالمشهور علي محمد لقمان نموذجا بارزا للشعراء في عدن ، وهو صاحب ديوان أشجان الليل ( عدن 1945م ) وديوان الوتر المغمور ( عدن1944م ) ، وهو يعمل الآن في مطبعة والده ، وهذا الشاعر الشاب الذي درس في مصر متأثرا بكتابة الشعر الرقيق الشائع في منطقة الشرق الأدنى وللمفارقة بين قصائد هذه المجموعة وشعر هؤلاء الشباب ، يمكن للمرء أن يقرأ إحدى قصائد عن مطعم ( جزيرة الشاي ) في القاهرة ، مع الإشارة إلى رقصة الخد بالخد وهو يخاطب محبوبته بضمير التأنيث ، متحررا من المعاني التقليدية الشائعة ، مع أنني اعتقد أن بإمكانه أن ينظم شعرا بالأسلوب القديم ، وفي تصوري أن بعضا من قصائده جدير بالقراءة ، هذا بالرغم من أن غريبا مثلي لا يمكن أن يكون ناقـدا مميزا لهذا الشعر ، ولا تفـوتني الإشارة إلى صد يقي السـيد محمد عبده غانم صاحب ديوان الشاطئ المسحور(عدن1946م)، وهوالحائز على إحدى جوائز مسابقات إذاعة أل ( BBC ) الشعرية، بالرغم من أنه لم ينبهر بحركةالتحديث لذاتهـا، كما أنه يعتبر باحثا دارسا ولايسعني هنا أن أتناول الحركة الشعرية في عدن بأكثر مما قلت وهي حركة جديرة بالنظر .

أما عن الحركة الحديثة بين الحضرميين فلن أقول شيئا هنا أكثر مما هو ضروري للإشارة إلى ما يمكن أن يحدث من تطورات ، وآمل أن أتناول هذا الموضوع بشيء من الاستفاضة ، ولحضرموت وضع خاص ولها تقاليد في العلم أكثر عراقة من عدن التي لازال علماؤها في الماضي والحاضر من الحضرميين ، وقد بدأ ت الحركة الأدبية الحديثة في حضرموت قبل ما يقرب من خمسين عاما، وكان ذلك خارج حضرموت نفسها ، في الهند الشرقيـة وجاوه وسومطره وسنغفوره..الخ ، وقد نشر الحضارم(7) الكتب والصحف قبل أن يظهر شئ من ذلك في عدن ولم يكن في صنعاء نفسها غير الصحيفة العربية التركيـة التي تصدر عادة في كل عاصمة من عواصم الولايات التركيـة ، وشارك الشعراء الحضرميون في الحركات الحديثة في مصر وسوريا وذلك في مضمار تطويـر الأدب العربي المعاصر حتى وهم يكتبون عن مواضيع حضرميـة ، وقد نشر الشاعر صالح بن علي الحامد أشعاره في مجلة ( أبو لو ) الشعريـة بالقاهرة، ويعتبر ديوانه نسمات الربيع ( القاهرة 1936م) ذا مستوى حديث في أسلوبـه.

أمـا ديـوان أبو بكر بن شهـاب فلاشـك أنـه عـلامـة مميزة لأنشطـة الحضارمـة الشـعـريـة والأدبيـة في الـهند( 8 ) ، وهو يحـتوي في مجملـه على مدائح بالشعـر الكلاسيكي، وهو شاعر لا أشك أنه نظّم الشعـر العـامي (9) وتبـدو حضرمـوت اليوم مسرحا لنشاط أدبي عنيف، ولكن هذا النشاط لايزال مكتوبا بخط اليد لعدم وجود مطبعة في البلاد باستثناء مطبعة متداعية بالمكلا لا تتجاوز قدرتها طباعة نشرة إخبارية صغيرة شهريا.

الرجـوع الى كتاب ( تاريخ الشعـراء الحضرميين ) (11) لمعرفة الشعراء الذين كتبوا شعرا بالعامية ، إضافة إلى الشعر الكلاسيكي الفصيح ذلك الشعر الذي يشار إليه بالشعـر ( الحميني ) وصاحب الكتاب لم يورد أي شواهد من أن القصائد التي نشرها ( بامخرمه ) والمتعلقـة بالأحداث التاريخيـة التي جرت في حضرموت في فترة ( الفروسية عهد السلطان بدر أبو طويـرق الكثيري ) جديرة على وجه الخصوص بالجمع والنشر ، ولكنها ستكون مهمـة رهيبة.
وجمع عينات من الشعر العامي الحضرمي تعود إلى ماقبل أربعمائة سنـة أو خمسمائة سنة عمل لم أحاول القيام به في هذا الكتاب.

الشعر العامي في المخطوطات
تعتبر اليمن وحضرموت بلدا غنيا بالدواوين المخطوطـة في كل من الشعـر العامي والفصيح ، ولقد كان من الحكمـة عدم نشر دواوين الشعـر الكلاسيكي اليمني القديـم في أوربا، ذلك الشعـر الذي نظمـه شعـراء يمنيون في العصور الوسطى وذلك للصعـوبات التي سيواجهها الناشـرون والشارحون لتلك الدواوين وهي صعـوبات لايمكن حلها إلا بزيارة لبلاد اليمن، وقد قمت بعرض وتصنيف مجموعـة من الدواوين المخطوطـة التي شاهدتـها في حضرموت، وخصوصا تلك التي تحتوي على شعر باللهجة العامية(10) إلا ان هناك دواوين كثيرة غيرها ويمكن الرجـوع الى كتاب ( تاريخ الشعـراء الحضرميين ) (11) لمعرفة الشعراء الذين كتبوا شعرا بالعامية ، إضافة إلى الشعر الكلاسيكي الفصيح ذلك الشعر الذي يشار إليه بالشعـر ( الحميني ) وصاحب الكتاب لم يورد أي شواهد من أن القصائد التي نشرها ( بامخرمه ) والمتعلقـة بالأحداث التاريخيـة التي جرت في حضرموت في فترة ( الفروسية عهد السلطان بدر أبو طويـرق الكثيري ) جديرة على وجه الخصوص بالجمع والنشر ، ولكنها ستكون مهمـة رهيبة ، وجمع عينات من الشعر العامي الحضرمي تعود إلى ماقبل أربعمائة سنـة أو خمسمائة سنة عمل لم أحاول القيام به في هذا الكتاب.

___________________________


الهوامش
----------
(1) ناقشنا هذا المصطلح في الفصل الثاني.
(2) في القرن العشرين حان الوقت لأن نأخذ الشعر الكلاسيكي في عصور ماقبل الإسلام وصدره في البلاد العربية التي جاء منها، ثم يجري حولها النقاش . والتعليق ثم نرى ما يمكن الخروج منه من نتائج سلوك هذا المنهج مع الأخذ بالحيطة والحذر و بهذا يمكننا أن نحصل على شرح اكثر حيوية للشعر من ذلك الذي قدمه لنا أي نحوي من العصر العباسي ،إن النظريات التي جاءت نتيجة الدراسة كنظرية دي.اس مرجليون (أصول الشعر العربي)(J.R.A.S,1925 ) وما تلاهما إلى حد ما لطه حسين( في الشعر الجاهلي) وقد أنكرها الباحثون الحضارمة الذين هم على معرفة بالعرب الحاضرة والبادية ويقفون على مواقع ثابتة فبما يتعلق في شعر كنده الكلاسيكي.
( 3 ) أنظر صفحة( ص 103)
(4 ) تاريخ حضرموت السياسي (القاهرة1936م)
( 5) طبع في بومبي( عام 1315هجرية)
( 6) أنظر المقابلة التي أجريت معي في (المستمع العربي )لندن1943م العدد الخامس.
( 7 ) يبدوا أن وجود العرب الحضارمة بأندنوسيا يعود الى القرن السابع الميلادي وقد استطاعوا تغيير النظرة للإسلام من شكله الصوفي الهندي الى شكل قويم وكما ان لهم تأثيرا كبيرا في المنطقة أنظر سي. سنوك هركرنجي، وترجمة أ .دبليو. أس. أوسلوفان( (لندن 1905م وأول طبعة 4_1893م) عن الحضارمة في الجزر الهند الشرقية. ومحمد ابن أحمدزباره ( ملحق البدر الطالع القاهرة 1348 هجريه ص170) يشير فيها الى حضرمي هو علي بن عمر باعمرالذي ذهب الى الهند ثم جا وه توفى عام(1096 هجريه)وقد نقل الأمير شكيب أرسلان عن لوثروب ستودارد في كتابـه ( حاضر العالم الإسلامي ) القاهرة 1352 هجريـه الجزء الثالث صور جيده عن أولئك المهاجرين واورد أسماء العديد من المناطق التي أستقر بها الحضارمة.
(8 ) أنظر مقالتين نشرتهما تحت عنوان ( الحركة الأدبية في حضرموت ) في مجلة ( المستمع العربي) عام 1950م المجلد العاشر الأعداد 8 و9 للحصول على نبذة عن الشاعر المذكور.
(9 ) نشر ديوانه في ( بوقور ) ( بوتنزورج ) عام 1344 هجرية.
( 10) مواد من تاريخ جنوب الجزيرة العربية الجزء الثاني ( معهد الدراسات الشرقية والأفريقية(لندن 1950)المواد من رقم 28 إلى رقم30 (11) مؤلفه عبدالله بن حامد السقاف ( القاهرة حوالي 1349هجريه في خمسة أجزاء )

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 12-21-2008 الساعة 10:44 PM
  رد مع اقتباس
قديم 12-22-2008, 02:19 PM   #3
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

الفصل الأول

القصيدة الحضرمية

يميز الحـضرمي بين نوعـين من الشعـر ، هما الشعـر الحـميني والشعر الحكمي (1) وهما اصطلاحان لن أحاول تعريفهما ويحافظ الشعـر الحكمي على الروي والقافيـة والأسلوب الشعـري الخطابي والعبـارات العاطفية الوجدانية للشعر العربي الكلاسيكي ، كما أنه يعالج مواضيع مألوفة شائعة ، ويعتبر كتاب تاريخ الشعـراء الحضرميين بحق معجما للأعلام من الشعـراء ، ويحتوي على شواهد شعرية تجري على هذا المنوال ، إلا أن الشعـر الحكمي ليس موضوع دراستنا هذه ، وقد أفهمني الحضارمة أن الشعر العامي هو ما يعرف بالشعر الحميني ، ولكني أشك الآن في صحة هذا التعميم ، كما أن السيد محمد عبده غانم لا يوافق على اعتبار جميع القصائد الواردة في ملحق هذا الكتاب ، تندرج تحت ما يمكن أن يعتبره من الشعرالحميني ومن جهـة أخرى قام ( رحيّم ) بتعريف الشعر الحميني بأنه : (( الكلام العامي الذي يفهمه عامة الناس )) ويبدو أن ( رحيّم ) بهذا التعريف يقصد كل أنواع الشعر التي لاتندرج تحت فصيلة الشعر الحكمي ، كما أنه أشار إلى أن ناظم الشعر الحكمي يستحيل عليه نظم الشعر الحميني (3) وإذا كان هذا ينطبق على واقع اليوم فلا شك أنه ينطبق على الماضي دائما ، حيث أن كتاب ( تاريخ الشعراء الحضرميين ) (4) لا يخلو غالبا من الإشارة إلى شاعر نظم الشعر ( الحميني ) كإصطلاح يرادف ( الشعبي ) إلى جانب شعره ( الحكمي ) ويخامرني الشعور بان النـوع الأول الحميني أكثر قيمة من الناحية الجمالية من تلك الأعمال الشعريـة الرصينـة في التصوف والمراثي والتوحيد.... الخ ، وحدثني رحيّم أن الشاعر( النحوي ) هو القادر على نظم الشعر الحكمي ، ولا يستطيع ذلك بالطبع من لم يكن متمكنا من قواعـد اللغـة العربيـة ، كما أنه يجب الالتزام الصارم بالأوزان والبحور الشعرية ، بينما يسمح للشاعرالحميني ببعض التجاوزات(5) ولا يمكن اعتبار كلمـة ( حميني ) اصطلاحا حديثا بأي حال من الأحوال إذ توجد هناك إشارات إليه عند صاحب ( تاج العروس ) ، والذي أعتبره من أنواع البحورالجديدة المبتدعة وأنه كموشح يعتبر من الأوزان اليمنية ( 6 ) ، كما انه توجـد هنـاك من القصائـد المطبوعـة على منـواله وأوزانه ويفهم ( هارتمان ) Harthman الشعـر الحميني بهذا المفهوم (7) ، ويشير إلى ان محمد بن علي السويدي الهادي المتوفى عام 932 هجرية قد نظم شعرا من النوع الحميني إلى جانب الأشعار الكلاسيكية.

أنظر ( ديوان عبدالرحمن بن مصطفى العيدروس المسمى تنميق الأسفار فيما جرى له مع أخوان الأدب في بعض الأسفار ) القاهرة 1304 هجرية 1843 م وفي ملحق له يحتوي على ما يقابله حرفيا وماله من النظم ( الحميني ) ، أنظر أيضا تاريخ الشعراء الحضرميين ج2 ص189، ( مات هذا الشاعر في القاهرة حيت دفن عام 1192 هجريه )أنظر أيضا علي بن محمد الحبشي في ( الجوهر المكنون والسر المصون ) ( سوربايا 1843م) الجزء الأول منه يحتوي كله تقريبا على قصائد دينية ( حمينية ) ، ونشير إلى أن كلمة( حميني ) مصطلح معروف في فلسطين إلى اليوم ، وهناك كما هو معروف اختلاف بين عرب اليمن وعرب الشمال ولا يزال مستمرا ، ويقال ان الكلمة لازالت تستعمل في أحاديثهم وأغانيهم إلا ان مدى العلاقة بين استعمالها في اليمن واستعمالها في فلسطين من دلالات للمعنى أمر لا يزال ينتظر التمحيص ، قارن بكتاب أتش . قراند فست ( أحوال الزواج في قرية فلسطينية ) (Helsing Fors,19 ) ملحق الهوامش وإشارات أخرى تتعلق بقيس واليمن ...

وقد طرأت في عهد قريب أثناء النصف الأخيرمن هذا القرن بعض التغيرات في طريقـة نظم الشعر ( الحميني ) وذلك بتأثير العلاقات الأدبية مع الحركة الأدبية الحديثـة في مصر وسوريـا ، وقد أكد ذلك لي حسين عبد القادرالكاف واعتبر تلك التغيرات في نظم الشعر( الحميني ) تحسينا إذ أنـه بعد أن كان الشعراء يقتصرون على استعمال الكلمات المحلية ، حاول المحدثون منهم إدخال الكلمات الفصحى وقد أوردنا مقطعا من قصيدة ( لحداد بن حسن الكاف ) هو المقطع رقم واحد من شواهد القطع المتفـرقـة من الشعر العامي ، ويبلغ حداد بن حسن حوالي الأربعين من عمره وهو من سكان مدينة تريم ، وقد رأيت أسلوب نظم تلك القصيـدة لا يتميز كثيرا عن مجموعـات القصائـد المسجلة في كاتلوج الأسطوانات ويقولون أنها نموذج للشعر الحميني الحديث .

وكتذوق شخصي ، لا أجد نفسي ميالا لهذا النوع المكرر والمقلوب من الشعر الذي يقال له محسنا ، فهو يتبع قوالب نماذج معينة ويفتقر إلى ثراءالتعبير وغزارة المعاني والمفردات وهو فوق ذلك يفتقر إلى الدعابـة والظرف اللذين يجدها المتذوق في الشعر المحلي البعيد عن التكلف وما علينا الا أن نقارن بين الأبيـات القـوية الـزاخـرة لبـا مخـرمة ( ليست وارده من ضمن الشواهد في هذا الكتاب ، ) وبين تلك التي نظمهـا علي بن حسن العطاس صاحب المشهد لنرى تلك القوة الزاخرة في أسلوب الشعر العامي ( أبيات العطاس هي رقم33 في الشواهد ) .

شكل القصيدة الحضرمية

يستهل شعراء القصيدة الحمينية الحضرمية الأصيلة قصائدهم بما وصفه لي محدثي بأنه بالمناجاة الإلهية ، بالرغم إن هذا المصطلح لا يبدواصطلاحا فنيا شائعا ، وتحتوي ( الإلهية )على ذكر الله وصفاته ووحدانيته..الخ ويتبع ذلك ذكر الرسول والصـلاة عليـه وعلى الآل والأصحـاب(8) ، وتتضمن الإلهية إشارة إلى موضوع القصيدة ويسمى بـراعـة الاستهلال (9) والمثال الجيد لبراعة الاستهلال القصيدة رقم 34 من الشواهد وتبدأ الكثير من القصائد بعبـارة ( ابدي بربي ) أي أبـدأ بذكر ربـي أو( بـديت بالله ) أو ( يا للـه أبـديت بك).. الخ (10) والبعض يتخلص من شكـل الاستهلال الديني المتبع بقوله: ( وبعد ) أو ( ذا فصل ) أي هذا يكفي وفي أحد القصائد التي أوردها ( لا ندبرج ) تستعمل كلمة ( ساعة ) (11) *ثم يظهر موضوع القصيدة ويمكن أن يكون واحدا من المواضيع المألوفة في القصيدة العـربيـة الكلاسيكيـة كالرثاء أو المدح أو الغزل أو المجتمع ، وتنتهي القصيدة ( بالختم ) ، وهــو الأختام ويكون بعبارة و( الختم ) بسكون الـتاء أو بكسرها ، ويحتوي الخـتم على الدعـاء للرسول وآله واصحابـه ..الخ وجميع القصائد تقريبا تتـضمن أدعـيـة وبـركات بعدد قطرات المطر وحبـات الرمال أو بطـول ماغنَّى الحمام الزاجل ، وكما هو في الاستهلال تكون هناك إشارات إلى موضوع القصيدة في ( الختم ) أي أنه تكـون هناك علاقة بين مايشار إلى عـدده وبين ماورد ذكره في أبيات القصيدة من قبل وفي أحـيان كثيرة تكون القصيدة خـالية من المقدمـة والختم ، فيأتي أحد النساخ وبـنزعـة دينيـة، ليضيف إلى القصيدة مقدمة وختما من نظمه وذلك مـا واجهته في مخطوطتين لقصيدة واحدة من المخطوطات التي في حوزتي حيث كانت إحداهما خالية من الختم ، ومن البديهي أن كلا من الإلهـية والخـتم يعتبران من التقـاليد والإضافــات الإسلامية، وقد كان التقليد القـديم في الاستهلال هو قول الشاعر( فلان قال كـذا ) مثل: قال الحميد بن منصور ويقول ( باعيشه ) من بلدة قسم ومن المحتمل أن يكون حائكا.

ثم يقول بو سالم البارح الهاجس أقبل و هو زفـان
يبدع قوافـيه محكـومـه ينظم قصيده في الفنجـــان

ويمثل الهاجس التجسيد للاستثارة والتهيؤ لقول الشعر(12).

وكما سيظهر في الصفحات القادمة ، سنجد نوعا نوعا آخر من الاستهلال الذي يبدأ به الشعـراء قصائـدهم غـالبا مثل ( قال بـدّاع القـوافي ) ، وهذه الطريقة في الاستهلال هي الشائعة بين شعراء الشعـر المرتجل وهي ولاشك تمثل تقليدا قديما ، وقد يستهل بعض الشعـراء قصـائدهم بترحيب درامي تمثيلي وهو شبيـه بما يـرد في زوامل القبـائل التي سمعتها في محمية عدن الغربية مثل : ( ياحيـّا، يا مـرحيـب ياحيـّا.الخ )
وهذا أيضا من التقاليد الشعـرية الراسخة المرتبطـة بمجتمع أقرب إلى القبيلة منه بالمجتمع الوراعي المستقر ويرد في شعر عماره( هـ .دينبرج وعماره دويمن طبعة باريس 1902) الجزء 2 ص 646 بيت شبيـه بهذا ، ( حيّـاك يا عدن الحيـا حيّـاك ) وهو شطر يمكن اعتباره من الشعر الكلاسيكي الفصيح أو العامي دون أي تغيير في الوزن وسأتحدث في الصفحات القادمة عن شعر( بني مغـراة ) الذي من عادة الشعـراء فيه أن يدخلوا إلى موضوع القصيدة مباشرة.

وفي بعض الأحيان يستعمل الشاعـر ( التخلص ) ويكون في العادة اسما وهميا مستعارا مثل( بومعجب ) الذي يستعمله الشاعر يحيى عمر ومعظم الشعراء يطلقون على أنفسهم كلمة ( أخو فلان ، أوأبوفلان، أوأبن فلان ) مستعملين أسماء حقيقيـة (13).
وكثيرا من القصائد الواردة في الشواهد تحتوي على لازمة أو ترنيمة مما يشير بالطبع إلى علاقتها بالغناء بالرغم أن بعض القصائد نظمت لأغراض رسمية وليست للغناء .


الموضوع في القصيدة الحضرمية

لقد تم جمع الشواهـد الواردة بهـذا الكتاب تبـعا لموضـوعاتـها مع الحـرص على اشتمالها لمختلف مظاهر الحياة وأنماطها في حضرموت وقد أوردنا قصيدتين من القصائد السياسيـة بالرغم من أن الشعـر السياسي هو أكثر المواضيع تـناولا على وجه التقريب وهما قصيدتـان معروفـتان أحدهما تتـناول نجاح الكثيري والثانيـة تتـناول انتصـار القعيطي، وعلى كل حال فقد كان تركيز ( لاندبرج Landberg ) على القصـائد البطوليـّة وأغاني الغزل الشائعة بينما ركـزت أنا على شعـر المجتمعات المستقرة في مدن وقرى وادي حضرموت(14) .

ومن هذه الشواهد يستطيع القارئ الإلمام بزيارة هود وبعض المعلومات الجغرافية والزراعية والأطعمة والمشروبـات المألوفة في البلد ، وكيـفية اصطيـاد الوعـول في حضرموت ، وأحاسيـس الحضارمـة تجاه وطنهم وحفاظهم على التقاليد التي تجعله مرتبطا ومحافظا حتى على موقد قهوته القديم ، ورافضا أو غير متقبل من الناحية الذهنية على الأقـل لمشـروب الشاي المستحدث ، كما يشكـو ( عبيد باشـامخـه ) من انعـدام العدل الاجتماعي، ونكشف حقيقة مشاعره تجاه المرأة ، مقارنة بقصائد وأغانـي الغزل والحب ، ولنتعرف على أحاسيسه تجاه الحيوانات واحتقاره المشوب ببعض الخوف من قبائل البدو، وهو يفيض على كل هذه المعاني ثوبا من الطرافة والسخرية الطبيعية بطريقة لاذعة وذكية ، وذلك لأن الحضرمي قد فطرعلى النكتة العملية الصائبة ، وميال إلى خفة الدم وفي إمكاننا فعلا أن نربط روح السخـرية عنـده ببعض من الطبيعـة التشهيرية الميالة إلى التحدث عن الفضائح والعيوب، وكل من المقامات والقصائد يشوبها اللون الإسلامي ومصبوغة بالشعر الديني ، ويختلف نوع القصيدة اختلافـا واضحا ويعتمد هذا الاختلاف على نـوع الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الشاعر ( 15 ) وهوشيء بالغ الأهمية في حضرموت وغالبا ما يكتب السيد أو الشيخ ( من طبقة المشائخ ) الشعـر الحميني المتكلف أو المشوب بطابع الثقافة وذلك ماناقشناه قبل قليل أما المزارع أو الـفلاح فينظم قصائده بطريقـته الخـاصة وبلهجة عامية خالصة ويستقي الصور والأخيلة من واقع حياته اليومية.

أما البدوي أو رجل القبيلة فينظم شعره بلهجته العربية الخاصـة والتي تختلف بدورها عن لهجة السادة والمشائخ والفلاحين ومن ناحيـة أخرى قد يكتب السيد أو الشيخ باللهجة العامية عما يتعلق بالزراعة وهو أمر قد يتوجب عليه الإلمام به إذا كان من ملاك النخيل أوالابار الزراعية أما في مجتمع المتعلمين المهذب فقد تنـظم القصائـد باللهجـة العـاميـة في الشئون الاجتماعية التافهة كما حدث لصديقنا محمد بن هاشم عندما فقد جزءا مخـطوطا في التـاريخ كان مشغـول بتـأليفه، فكتب أصدقاؤه مسرحية هزليـة قصيرة يتهمونه فيها متندرين بأنه كان يتظاهر بتأليف كتـاب بينما هو في الواقع لم يضع قلما على طـرس ، ويتصل السادة ببعضهم البعض اتصالات ثقافية بالوسـائل المعهودة فـتمر القصائد من سيد إلى آخر داخل حضرموت أو خارجها إلى إندونيسيا.

وسيكون من غير الطبيعي رسم خط فاصل بين القصائد التي( للمساكين ) وتلك التي ينظمها العلماء ( من السـادة أو غيرهم ) وذلك لأنه إلى وقت قريب نسبيا كان السادة إلى حد ما يعملون في زراعة أرضهم بأنفسهم .

__________________________
الهوامش

(1)اى.روسي L Araboparlatoa sana (روما 1939ص102) ويسميه بكسر الحاء حكمي كما يفعل بروكلمان، ولكني سمعتها دائما تنطق بفتح الحاء حكمي.
(2) في الكتاب المذكور فراغ من أصل الكتاب المذكور.
(3) يعود تاريخ كلمة ( حميني ) إلى فترة مبكرة إلى عصر أبن الأثير الذي أشار إليها في كتابه ( اللباب في تهذيب الأنساب) (القاهرة 1357 هجرية ص 323
(4) تاريخ الشعراء الحضرميين ج3 ص 125.
(5) لايمكن بالأخذ برأي رحيم حرفيا في هذه المسألة
(6) ( تاج العروس) ج 9 ص184
(7) Martin Hartman Das Arabische Strophengedicht I.
Das Muwassah ( Weimar, 1896) p.20FT.note ) قارن بروكلمان فيما سبق ج2ص255.
(8) يلاحظ المرء انه من مميزات كثير من القصائد الحضرمية التكرار والإسهاب في الإشارة إلى الرسول(ص) وأسرته في المقدمة والختام.
(9) ( ينقل دوري في ملحقه Supplement)) ج2ص760 عن أبن خلدون براعة الاستهلال.
10) كتب الهمداني في صفة (جزيرة العرب) استهلالا لقصيدة شبيه بالقصائد الحضرمية،في قوله: ( أول ما أبدا من مقالي الحمد المنعم ذي الجلالي ).
وهناك استهلال مماثل بين شيوع هذا النوع من الاستهلال في كتاب الويس موسيل (عادات وتقاليد بدو الرولا ) نيويورك 1928مص289. ويمكن نقارن ملاحظاته حول المبنى الشعري بهذا الفصل( ص 283)
(11) كتاب (حضرموت) (طبعة ليدن 1901م ص7) لمصدر الهام الأشعار الحضرمية.
(*) ولعل الأصح ( وبعد يا لسّاع ) (المترجم).
12) قارن بما ذكره سي. آ . ستوري في كتاب الفاخر للفضل ابن سلمه طبعة ليدن 1915 م ص54 من شعر ممتع شبيه بالشعر الحضرمي المعاصر يقول الشاعر في أبيات له:
( وأن شيطاني أمير الجن يذهب في الشعر كل فن ) ويقول شاعر آخر ( أهذي بكلام الجن ) أي بعض الكلمات من عندي والبعض من عند الجن.
(13) أنظر ملاحظاتي عن 0بوريا) في الموضوع رقم 30 من مقالاتي في تاريخ جنوب الجزيرة ج2 B.S.O.S ( لندن 1950 م) الجمعية البريطانية للدراسات العربية.
(14) قصائد نشرها سي هركرنجي وهي منسوخة بالخط الروماني وبطريقة رديئة
(15) لمزيد من المعلومات عن الطبقات في حضرموت أنظر كتابي (مقابر تريم).

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 12-24-2008 الساعة 01:29 AM
  رد مع اقتباس
قديم 12-22-2008, 03:04 PM   #4
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

القصائد السياسية وعلاقتها بالأنواع الشعرية الأخرى

القصيدتان القريبتان من الشكل الكلاسيكي تعتبران من الشعر السياسي وهذا الأسلوب في النظم يفهمه حتى ( العمـال والفلاحين ) ، فقد سمعـت القصيدة(رقم6) في الشواهد أول مرة من ( عوض باحشوان ) ويعتبر من الحرفيين في بلدة تريم ، وهو ملم بالقراءة والكتابة ولكنه ليس متعلما أو مثقفا ، وقد قال أنه سمعها من والده ومن المحتمل أنه قد سمعها من مصدر ما عن طريق السماع ، ولاشك أن أسلافهما في تريم قد شاركـوا في الأحـداث التي وردت في القصيدة وحتى أولئـك المتعلمين من ( آل باعطوة ) لا يحتمل أن يكونوا قد درسوا ( الدواويـن ) القديمـة حتى ولو كانت في متناول أيديهم ليختاروا منها بعض العبارات القديمة لتزيين قصـائدهم بها أمـا القصيـدة الأخرى والقريبـة من الأسلوب العربي الكلاسيكي والتي كانت عن مغامرات ( أبو زيد الهلالي ) فقد حصلت عليها من شخص أمي تماما(16)...

وتحتوي القصائد السياسية الواردة في الشواهد على كلمات لا تنتمي إلى المعجم الكلاسيكي ، ولكنها تعتبر كلاسيكية قديمة لكونها تتساوى في القدم مع تلك الكلمات الكلاسيكية المعروفة ، كما أن كثيرا من هذه الكلمات لا تستعمل في لغة الحديـث اليومية ، وقد أصاب ( سنوك هير جروجي Snonk Hergroje )(17 ) عين الحقيقة عندما أشار إلى لغة ( آل باعطوة ) الشعرية ليست عـامية في الحقـيقة ، بالرغم من أن كثيرا من ( آل باعطوة ) أميـون الا أنهم يلمون بالتقاليد والأساليب الأدبية التي أكتسبوها عن طريق السماع حتى ولوكانت بشكـل مشـوه أو محـرف (18) وأذن فلدينا الآن أسلوب شعـري قريب من الأسـلوب الكلاسيكي في نظم القصيدة السياسـيـة يستخدمه شعــــراء من طبقـة الأميين معترف لهم بأنهم تعلموا نظم القصـــــــــــــائد من أســــلافهم ويمكنني أن أذهب في الظـن إلى حد القول بأن الشاعر الحضرمي المعروف لا ينظم بالبحــر الطويل(19) إلا في هذا النوع من الشعر على الوجه الأغلب ، بالرغم من إفتقارنا إلى الدليل الوثائقي الاأننا من الصعب أن نعتبر أنفسـنا مبالغين أو مخطئين إذا قلنا أن هذا التقليـد الشعري يمتد بالتواتـر إلى العصر الجاهلي، أن لغة الحماسـة والبطولة هي اللغـة التي يمكن أن تكون مفهومـة كثيرا أوقليلا في عموم شـبـه الجزيرة العربيـة بالرغم من طولـها أو عرضها ، وكما هو موجود في الشعـر العربي القـديم فأن لهذا النوع من الشعر قوالبه المعروفة ( Chlicles ) ، والتي تختلف بقدر ضئيل من شاعر إلى آخر ومثالنا على ذلك الأستعاره الشائعـة لومضـات البـرق في الحديث عن طلقات البندقية ، وهي استعارة تتكرر في الشعر في جميع أنحـاء جـنوب الجزيرة العربيـة ، ويمكنني التـأكيد على أن ما افترضـه المستشرقون حول شيوع ووجـود لغة شعرية بطولية في بلاد العـرب القديمة استقراؤه واستنباطه وفـق دراسـة الشعـر السياسي المعاصر المنظوم باللهجة العاميـّة أو اللهجـة القريبة منها ، وتقف هذه القصـائد السياسيـة وقصـائـد الغـزل الغنائيـة نفس الموقف وبنـفس العلاقة من الأنواع الأخرى من الشعـر العامي ، كما هو الحاصل بالنسبـة إلى نفس النـوع من القصائـد المنظومة في الجزيرة العربية قبل الإسلام .

ولا تزال الأحوال والأوضاع الاجتماعية التي كانت سائـدة منذ القدم في بلاد العـرب موجـودة في حضرمـوت فـالمدن وهي مراكز الحضارة والاتصال بالعالم الخارجي تحيط بها وتسـودها العلاقات القبلية ، ويعيش رجال القبائل أحيانا في المدن، كحكـام واداريين وهم مع ذلـك يتميزون بشـكل واضح عن أهل المدينة بكبريائهم وأصـولهم القبـلية ، ويـبـدو أن الإسـلام في بدايتـه أجتذب إليه العناصر غير القبلية ، غير أن رجال القبائل الذين حققوا انتصارات ونالوا الغلبة اهتموا بالأحفتـاظ بأصولهم وأنسابهم ، أما الآخرون الذين كانوا بلا شك يرافـقون رجال القبـائل في الحروب كتابعين وعاملين في المخيمات، فلم يكونوا مهتمين بذكـر أصولهم غير القبلية ، أو بتذكيرهم بأصولهم الفلاحية ، ولهذا فأنا أعتقد أن شعر الفلاحـين أو الشعر الذي ينتمي إلى الطبقات الغير قبلية قد تعرض للنسيان باستثناء بعض الأبيات المتناثرة هنا وهنـاك ، كما ضاعـت معه معالمه اللغوية وخصوصيات لهجته ، وفي الجانب الآخر تواترت رواية القصائد القصصية الطويلة بل وتم جمع بعضها في الكتب من قبل القبائل المعنية بهذه القصص(20)، وحتى هذا أيضا لم يبقى منها بالطبع إلا النزر اليسير ويدل على هذا قلة النصوص الشعرية الحضرمية بين أيدينا(21) ، إذ لم يبق من تلك الأشعار غير ديوان امرئ القيس الشاعر الكندي الذي ينتمي إلى سادات حضرموت من قبيلة كنده ، وهي التي تنتمي إليها قبيلة ( الصيعر ) القاطنة في شمال غرب حضرموت، ويضاف إلى ذلك القليـل من أشعار البطولة لغير امرئ القيس .


ولم يبق أثر يذكر لأغاني نزح الماء من ( السناوة ) وأغاني درس الحبوب وغير ذلك من الأغاني المتعلقة بأعمال الزراعة ، ولم تسلم من النسيان حتى أشعار الصيد ( بني مغراه ) ، والتي نعتقد إنها موغلة في القدم ولو كتب لهذه الأشعـار البـقاء لـكان في إمكاننـا دراسـة اللهجـات في الجزيرة العربية قبل الإسلام ، تلك اللهجات التي أشار إليها علماء اللغـة ولا نجد لها أثرا في الشعر الفصيح ، وهوأمر يحتاج إلى الدراسة والفحص ويمكنني أن أشير إلى مناسبة قريبـة تدل على الدور البارز الذي تـؤديه القصيدة السياسية في الأحداث اليومية الهامة في حضرموت ، ففي عام 1937م أرسل صلاح بن أحمد الأحمدي قصيدة إلى حضرموت يندد فيها بتفـريط السـلطات المحلية في السمـاح للبريطانيين بالدخـول إلى المنطقة (22) ، ولدي نسخة من هذه القصيدة ونسخـة أخرى معارضـة كتبها شاعر باسم مستعار هو ( الفرزدق العصري ) ويقال أن ذلك الشاعر لن يكن غير محمد بن هاشم ، ولا أستطيع أن أؤكد ذلك من الصحة ، و( الفرز دق ) هذا الاسم المستعـار لشـاعر ساخـر بـرز أسـمه في الأيام الأخيرة في حضرموت( * ) ولم يستطع أحد أن يدلي برأي مؤكـدا حول حقيقة هوية الشاعر، وقد نسبت إلى ذلك الاسم المستعار الكثير من القصائد الأخرى.

ومن المناسبات التي يقال فيها الشعـر ( الرسمي ) إن لم يكن السياسي، عيـد جلوس السلطان الكثيري أو تتويجه ، ويبدو أنه قد جرت العادة أن يكسى السلطان الجديد بثـوب كدليل على المباركة ، والتأييد من قبـل السـادة ( آل السقاف ) في سيئون ، وذلك يوم الجمعة في تمام الساعة السابعة صباحا يخرج السلطان في موكب من اتباعه وخدمه من قصره إلى المسجـد الجامع ، ويجلس محاطـا بالأعيان والعلمـاء من السـادة والمشائخ وتلقى الكلمات والخطـب والمـراثي في ذلـك الحفل الذي تقـدم فيه التعـازي بموت السلـطان السـابق وفروض الولاء والطـاعة للسلطان الجديد (23).

قصائد ألقاب القرى والبلدان Route Poetry

( قصائد القـرى والبلـدان ) Route Poetry. لقـد ألحقـت قصـيدتين من هذا النـوع من القصـائد وهما القصيدة التـاسعة والعـاشـرة بمجـموعـة الشـواهد ، كما إن جزءا من المقامـة الثالثـة يحتوي على نفـس المضمون ، ولا مجـال للتساؤل عن مدى عراقة هذا النوع من الشعـر ويمكن الرجوع إلى كثير من النماذج التي أوردها الهمداني (24) ، والقصيدتـان الملحقتـان بالشواهد تتناولان طريقـة الســـفر إلى زيـــــــارة هود (25) وغني عن السؤال هنـا عن المدى الذي يمتد إليه هذا النوع من القصائد وعمـّا إذا كانت معروفة قبل الإسلام ، ومما تتميز به هذه القصائد إنها تحتوي على ألقاب المواقع التي يمربها المسافر.

وفي الوقت الحاضر يطلق على كل بلـدة أو قرية في جنوب الجزيـرة لقب معين ، أحيانا اكثر من لقب (26) ، وقد سمعت هذه الأسماء والألقاب ينادي بها رفاقي في الرحلة التي قمت بها إلى( هود )1947م كلما مررنا بقرية من القرى ، ويوجد لمعظم هذه الألقاب مقابلة لا تقل فحشا وفظاظة عن سابقتهـا ، وتثير هذه الألقاب حفيظـة وغضب سكان المكان المعنى ، وقـد بدا لي ذلك واضحا عندما تقدمت بسـؤال بـرئ وللمعرفـة العلمية الخالصة ، إلى منصب عينات ليشرح لي مغزى لقب قريته ؟؟ فبادرني بالرفض وسألني بشيء من الغضب والحدّ ة عما إذا لم أكن أعرف لقب مدينة تريم التي اقطنها آنئذ واغلب المتعلمين يتناولون هذه الألقاب بشيء من التندر وهي تثير الضحك لدى المهاجرين من الحضارمة كما أشارت إلى ذلك صحيفـة ( النهضـة الحضرمية )(27) في مقال لها.

وتستخدم في مثل هذه القصائد عبارات سائدة كتلك التي يستهل بها الشاعر ( عبـود ) من الغرف قصائده بقـوله ( واقصد يلمـّا الى أمّـا ) أي أرحل إلى، وكذلـك في بعض الأبيات من قصيدة نشرهـا ( لاندبرج ) للشاعر ( بلخير ) ( 28 ) ويمكن مقارنة هذه الافتتاحيـات أو الأسـتهلالات بقول ( عسـكول )( أرجع تخـبر ) رقم القصيدة في الشواهد 42.

المنظومات القاموسية : Catalouge Poems

تعتبر بعض القصائد مثل رقم 32و34و42 ،الخ أكثر قليلا من كونها ( منظومات ) ، فقصيدة عسكول تتناول مختلف المهن والحرف في حضرموت أما قصيدة بن شهاب فتحتـوي على مصنف طويل بالتمور المعروفـة في حضرموت ، والشاعـر الأخير هو صاحب القصيدة الطويلـة التي تشمل على أسماء مختلف أنـواع الأسماك التي يمكن الحصول عليها في ساحل البحر العربي (29) ، وقد أطلعني ( رحيّم )على قصيدة تحث على صيانة المساجد في حضرموت وتحتوي أيضا على قائمة طويلـة بأسماء تلك المساجد ،وقـد نظمت الأبيات السائدة في الزراعـة على أراجيز ( سعد السويني ) ، كما استمعت إلى منظومات أخرى في النجوم والرياح وشئـون أخرى ، و ينقل الهمداني(30) قصيـدة تجري على نفس هذا المنوال، وتحتوي على قائمة بأسماء القبائل وأماكنهم وبهذا يمكن القول ان كل ما يتعلق بشئون الحياة اليومية قد تم تسجيله في تلك منظومات .

الشعر الديني : ReligiousVerse

سيجد القارئ إن الشواهد التي وردت بهذا الكتاب ينقصها هذا النوع من الشعـر ، ذلك لأنني لم اضمنهـا أية أشعـار تدور حـول الأولياء والسادة وأضرحتهم .... ..الخ ، كما أنني لم اضمنها أية أشعار حول التوحيد والتصوف بالرغم من النوع الأخير قد تناولته الأشعار الفصيحة الكلاسيكيـة وورد في كتاب ( تاريخ الشعراء الحضرميين )(31).
تسود النزعة الصوفيـة والفقهيـة كل أنحاء حضرموت ، وكان لذلك اثر في الشعر جعله مصبوغا وموسوما بالتصوف والفقه ، وتصف قصيدة شائعـة مدينة تريم وأولياءها ومدنا أخرى ، ولكن تريم لامتيازها وأفضليتها قد حازت على اكبر قدر من الأوصاف ، إذ لا تخلو قصيدة من الإشارة إلى قدسيتها.ويمكن القول بأنه يوجد هناك نوع من الشعر شبيه بأدب( الفضائل ) ، الذي نجده في الشعر الكلاسيكي وشعر البلدان، ويمكن عقد مقارنة بينه وبين أدب المقامة في ( الروضة وبيرالعزب ) (أنظر ص 110) ..
ومن تلك القصائد التي تعتبر نموذجا لقصائد تمجيـد الأوليـاء قصيـدة في ديوان أبى بكر بن شهاب(32) ، واعرض هنا قصيدة لأبي بكر بن سالم مولى عيديد حول قصيدة قيلت في عمر المحضار(33) اشهر أولياء تريم يستهلها بقوله: ( تريم قدحماها ذو الحمية ...... سلفها ذو الجياد المعنوية ) (34). وهي قصيدة تجعل من هؤلاء الأولياء حماة لتريم. ( بما في زمبل من بدرأنور ... وسكان الفريط والأهل أكدر )(35).

ويمكن ان تضم إلى نوع الشعر الديني مجموعة من القصائد المعروفـة بالمواعـظ أو( النصائح ) وهي بالطبع ليست دينيـة دائما ، وكذلك نضم إليها الحكم الشائعـة ل ( أبو عامر ) (المقطع 26) وهي تستحق الاقتناء، ولكنني لم أضم إلى الشواهد أي نوع من قصائد ( النصائح ) التي تحتوي على وصايا خلقيـة أو دينية لأنها قليلـة الأهمية في الفنون الشعبية.

_________________________
الهوامش

(15) لمزيد من المعلومات عن الطبقات في حضرموت أنظر كتابي( مقابرتريم ).
(16) أنظر صفحة(12) من كتاب المؤلف الشعر والأدب الشعبي في حضرموت.
(17)Zur Dichtkunst der Ba Atwah .
(18) لم يفهم راوي هرجروجي معنى ومدلول كلمة ( ليث ) ويبدوأن الراوي شخص يفتقر إلى . الإرشادات الكافية.
(19) تجدر الإشارة إلى أن خاتمة القافية في النص 6 تأتي حسب الضرورة العروضية.
(20) قارن ماكتبه( قولد يهر ) بعنوان دواوين القبائل العربية في مجلة (الجمعية الملكية) (لندن 1897ص334).
(21) قارن بما ورد في تاريخ الشعراء الحضرميين ج1.
(22) كانت إحدى احتجاجاته ضد البريطانيين ما ورد في شعره من( بحر الرجز ) قوله:

وشيـدوا فيـها الكنائس والبراكس للجنـود .......... آه على الأوطان ياغبني على مثوى الجدود

(*) الفرزدق العصري: أسم مستعار أطلقه ثلاثة شعراء من الحضارمة المهاجرين هم صلاح الأحمدي،وأبوبكر بن شهاب، وحسين القعيطي .
(24) ذكر الهمداني في صفة جزيرة العرب ج1 قصيدة ممتعة تستحق مزيد من البحث وللإطلاع على قصيدة أخرى من قصائد الرحلات أنظر مانشر(الرابطة العلوية) (باتافيا1347 هجري1928م بعنوان( الطريق فيما بين حضرموت واليمن) مع قصيدة للشاعر ابن عقبه الشبامي انظر ترجمته في كتاب البكري(تاريخ حضرموت السياسي) وهذه القصيدة لاتحتوي على ألقاب ولكنها تصف الطريق من الجوف إلى حضرموت. وفي(لاندبرج ( حضرموت )ص64 وفيما بعدها نجد قصيدة حديثه من هذا النوع إلا إنها .لاتمثل هذا النوع بكل ملامحه كما تمثلها تلك القصائد
(25 ) وهي قصائد اقصر وبعضها يصف كل البلاد في الطريق من حريضه إلى هود.
(26) لفت هركرنجي الانتباه إلى وجودهذه الألقاب إلا انه نشر القليل منها وفي 1947م تضاءل عدد الزائرين إلى هود حتى اصبحوا أفرادا لايتجاوزن أصابع اليد لأسباب تتعلق بإضطراب الأمن بصورة مؤ قته للخلافات التي نشبت مع قبيلة ( المناهيل ) سنذكر مزيدا من الملاحظات حول( هود ) في التعليق على القصائد وفي موضع آخر.
(27) انظر ماكتبه أحد السادة ( مجهول الاسم ) الذي يبدو انه شابا جادا في حديثه وذلك في مقال بعنوان ( سوق الألقاب بحضرموت ) في مجلة ( النهضة ) ( سنغفورة عام 1352 هجريه الموافق 1933م ) وذلك في الصفحة 15و16 ( المجلد الأول العدد العاشر )، ويعترض فيه عل استعمال الألقاب ولكن محرر الصحيفة لم يشاركه نفس الشعور.
(28) ( حضرمـوت ) تأليف لاندبرج في الكتاب سالف الذكر ص68 .
(29) اطلعت على هذه القصيدة ولم يكن عندي متسع في حينها من الوقت لنسخها وقد حاولت الحصول عليها منقولة فلم أوفق انظر ماكتبه( علي عبود العلوي بعنوان ( الأسماك في الشواطئ الحضرمية ) وذلك في مجلة ( الرسالة ) (القاهرة في التاسع من سبتمبر 1946م العدد688 وفي الصفحتين من1002الى1003 وفي 23 سبتمبر العدد690 في الصفحتين 1057 و1059 وهذان هما الجزآن الثاني والثالث ولم أطلع في الجزء الأول وقد اكتشفت أن هذه المقالات تفتقر إلى الحقيقة عندما سردت الأسماء الواردة مع ( (مقدم قرية بروم ) وهي إحدى قرى الصيادين ولذلك لايمكن الاعتماد على كل ما جاء فيها.
(30) ( الجزيرة) ص206 ( نعتقد ان المؤلف يقصد كتاب الهمداني ) (المترجم).
(31) الجزء الأول ص3.
(32) الديوان ص151.
(33) التخميس( وقوافيه أأأ ب ) والبيت الأخير من كل مقطع هو أصل عمر المحضار
وهذا النوع من الشعر يسمى ( تضمينا ) تتميم.
(34) من بحر الوافر.
(35) فريط وزمبل ، هما المقبرتان اللتان يدفن فيها الأوليـاء وكلاهما يطلق عليهمـا( آل بشـار ) كتاب الفوائـد السنيـة لعبـد الله بن علوي الحداد ص5 (أنـظر مقـالتي موضـوعات عن تاريـخ الجزيـرة العربيـة) الجزء الأول المقال رقم 5 ففي (ص121 أ ب) قصيدة في إطراء المناخ الحضرمي(يا وادي الروح والرحمة) ومرة أخرى(ص32 أ) هناك قصيدة في إطراء مناخ حضرموت.

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 12-24-2008 الساعة 01:31 AM
  رد مع اقتباس
قديم 12-22-2008, 08:21 PM   #5
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

المرأة والحب

لقد ميزت بين نوعين من الشعر المتعلق بالمرأة والقصيدتان الرابعـة والعشرون والخامسة والعشرون ، تمثلان بوضوح رأي الحضرمي في ربة بيتـه إلا أن أغاني الحب والغزل هي بالطبع الأكثر شيوعا وظهورا من التعليقات الساخرة التي يبديها الزوج الحضرمي ، والمرأة الجميلـة هي سلطان يتبعه الحراس ولها أنف دقيق كالخنجر وأرداف ترتج كالمركب المتـمايل وكعوب كالرمان وهو تشبيـه مجازي شائع بين العرب، ومن الصعب تطبيقه على البيئة الحضرميـة لندرة الـّرمان في حضرموت.
أما فمها فله مذاق عسل ( جرداني ) وشعرها حبشي السـواد ويسمى هذا الوصف في اليمن ( التشخيـص )(36).
وكما هو في الشعر القديم يستهل الشاعر قصيدته بشكوى الأرق لتعلقه وحبـّه لحبيبتـه، وقد أصبح هذا الاستهلال شـائعا حتى في غير قصائد الحب والغـزل .
والقصيدة السابعة عشـرة تمتاز بكونها من القصائد التقليدية وقد اختيرت لهـذا السبب .
وبينما تبدو القصائد المشابهة والمعتبرة أكثر تطورا في اليمن وعدن وحضرموت، متحفظة في لهجتها( 37 ) ، حتى حينما تعبر عن الهيام، فأن قصائد ( السـناوة )التي يتغنى بها الفلاحون وكذا أراجيز العمال، فتغلب عليها بطبيعة الحال الدعابـة الفاضحة التي تصطبغ بها أشعار الفلاحين في كافة أنحاء العالم كما هو الحال مثلا في القصائد المنسوبة إلى( سعد السويني ) وفي عدن خاصة تغنى قصائد غرامية صريحة بل بذيئـة ، لكن هذه لاتلقى قبـولا عند بعض القبائل المحتشمين،كما أن أغلب المثقفين ولا ريب لايستطيبونها ويقال لهذا النوع من الشعر(العشق)بمعناه الممجوج الذي يطلق على كلمة ( العاشق )( 38) ، وأن قصيدة( عمر الجميلة ) والمنافيـة بصراحة للأخلاق الإسلامية المعروفة تغنى في أرجاء حضرموت كلها، بيد أنني على يقين من أن الملتزمين لا يستطيعون إلا استهجانها ، وقد قرأت شكلا شعريا يوجد في عدن ولا ينتشر حضرموت(39) وهوعبا رة عن بيت من الشـعر يكـون في صيغـة الســؤال ثم يكون البيت الثاني جوابا عليه ، ويكون الأول من الرجل والثاني من المرأة وأعتقد أن هذا النوع من الشعر تطور كثيرا في اليمن، وهو معروف في بلاد فارس.
ويدفعني الاعتقاد إن هذا النوع من الشعـر يكون مرتبطا بالرقص ولكن ليس لدي ما يدعم هذا الاعتقاد. ومن ناحية أخرى هناك نوع آخر من الشعر يغلب عليه طابع الاتهام والدفاع كما في القصيدتين ( رقم 38 و 39 ) وكما هو في القصيدة ( 23 ) حيـث تعرض لنا قضية ثلاث نسـاء لكل واحدة لون بشـرتها الخاص وتحاول كل منهنّ أن تتفوق على الأخرى وهذا النوع من القصـائد ينقسم الى ثلاثة أقسام: الدعوى والنقض ثم يأتي حكم القاضي .

أنواع أخرى من الشعر

كثيرا ما يصادف المرء قصائد نظمت في القهوة ومناقبهـا لما نالتـه في الوقت الحاضر من مكانـة تسمو إلى حد ما من التقديس والتبجيـل ولكونهـا المشروب الشعبي ، رغم ما تعرضت له في البداية من حظر وزجر علماءالجزيرة العربية بما فيهم حسين بن أبي بكر بن سالم ( صاحب عينات ) وقد حصلت على عينـة من المخطوطـات التي كتبت عن القهوة من المشائخ ( آل باكثير ) في سيئون ولكني لم أضمها مع الشواهد لكثرة مايدور حول القهوة وشيوعها. ويستطيع المرء بالإضافة إلى ذلك أن يعود إلى ما نشر من قصائد عن القهوة في كتاب( النور السافر ) (41) ، ولدي أيضـا وثيقـة ضـد التدخين نقلهـا من مخطوطـة عنده لي ســيـد من ( آل باروم هو محمد بن حسين من بلاد الماء في دوعن الأيمن )(42)، كما يصادف المرء أيضا بعض القصائـد التي تهـاجم وتنتقـد تدخين التمبـاك ، وهناك قصائد متفرقة تتناول مواضيع جانبية للفكاهة والتندر(43).
ولعل مـن أغرب القطع الأدبيـة التي وجدتها لدى (رحيـّم ) ضمن مقتنيـاتـه تلك القطعـة التي قيـل أنهـا من منـظومـات أحد الجـن وأسمـه بالتحـديـد( شيخ عمر الجني) (44) ويبـدو أن (رحيّم) نفسه لايبدي قدرا كبيرا من التصديق بنسبة هذه القطعة إلى الجن، وقد علق عليهـا بالقول بأنهـا هـراء تتخـللـه بعض الكلمـات الغـامضـة هنـا وهنـاك. وعندما نسـتمع إليهـا سنجـد إنها تحتوي على إيقاع أجوف طنـّان كما في الأسطر التـاليـة التي تكفي عن الكـشف عن طبيعتهـا

أشجاك تشتت وشعب الحي
فأنـت لـه أرق و صـــــــــب
أجــل وجــل ملـل و فـلـل
عجـل حـلل نجـل تـعـــــــب (45)

دائرة ( بوزيد الهـــلالي )

كان بودي أن أضم إلى الشواهد إحدى قصائد ( بوزيد ) فقد التقيت برجل من قبيلة( نهـد ) ، يروي من ذاكرته ومحتوياته ما بين ثلاثين وأربعين قصيـدة من قصائد ( بوزيد ) وذلك في إحدى الليـالي التي قضيتها بهـينن، وقد كان في مقـدوري أن أنقل إحدى القصائد لولا أن النص كان ينقصه الضبط والدقة العروضية ، كما لم يكن لدي الوقت الكافي لدراسته بحيث لم أستطع أن أتأكد من صحتـه ، وقد كتبت القصيدة بأسلوب يقـترب من الشعر العربي الكلاسيكي ، ولا تبدو عليهـا الروح المحليـة كما أنها منظومـة ببحر( الطويل ) ، ولكنها من الثابت والمؤكد تنتمي إلى البيئة المحلية بشكل واضح ، والى هذه المنطقـة الواقعة في الغرب من هينن ينتمي بنو هلال كما يقال ، بالرغم من أن السلطان علي بن صلاح القعيطي من القطن أكـد لي انه احتمال بعيد ، حيث أن من المعروف ان بني هلال ينتمـون إلىالعدنانية في نجد ، وهذا قول مخالف للاعتقاد السـائد محليا الذي يؤكد إلى حد ما انتماء بني هلال إلى المنطقة بعض الأسماء للأماكن إذ يوجد في جنـوب ( حوره )على سبيـل المثـال مكان يسمى ( عرض أبوزيد) (46) وتعرف أطلال بني هلال باسم (النسييني) في وادي مرخه وباسم ( بن ماضي ) في وادي عمد ( وطمخه ) و( حبره ) و (الوجر )......الخ. كما أن شاهدا من الشعر (المقطع رقم2 ) يزودنا بهذه المعلومة وهو قول ( بوزيد الهلالي ) :

وسرنا وخلفنا النسيين صــــــــربه ......... طوال القنا يلقون طعن العباير
وســــرنا وخلّفنا النسيي وبن عذ به....... بالقار لي قد قال مانا بســـــــاير

وبن عذبه هو جدآل ماضي الذين يفتخرون في عزوتهم (47) بقولهم ( بلقار ) .
وجميع الأسماء الواردة في هذه القصائـد قد وردت في مجموعـات القصائـد المـتداولـة في الأقطـار العـربيـة وهي أسماء الولـد مـرعي، ويحي ويونس.. ألخ ) (48) وقد قـيل لي أنه لا يـوجـد غير رجلين أثنين في بلدة هينن ممن يحفظون كل أشعار بني هلال عن ظهر قلب ، وهما رجلان قد تخطيـا سن الشباب، ولا شك أن جمع وكتابـة هذه القصائد قبل فوات الأوان سـيكون عملا يستحق الجزاء إذا علمنا أن حياة هذا الأثر مرهون بحياتهما (49).

تأثير المهجر الإندونيسي

لقد كتبت بعض القصائد ذات المواضيع الحضرميـة في إندونيسـيا مثل قصيـدة ( باغريب ) في وصف الأطعمـة الحضرميـة ، وبالرغم من أنه يرسـم صـورة أزهى مما هـو عليـه في الواقع إذا قارنا هزال واقع الحيـاة
المعيشي بالنسبة إلى المناطق الأخرى في جنوب جزيرة العرب .

وقد أوردنا في الشواهـد قصيدتين تكشفان بوضوح اتجاهين متعارضين تجاه المهجـر الإنـدونيسي، إحداهما قصيدة ( الشعيرة ) (رقم 29) في ذم جاوا ردا ومعارضة لقصيدة ( بايعشـوت ) في مدح جاوا وسخرية من حضرموت وينقل لنا ( صلاح البكري ) قصيدة لمحمدبن حسن بن شهاب(50) شبيهه بذلك النوع، ينتقد فيها إندونيسـيا ( الملايو ) ويشـير بوجه الخصوص إلى التحلل الجنسي والاختلاط بين الجنسين، وهما من الأشيـاء التي يعتقد أهل حضرموت وجودهما في المهجر، كما أنهم يعيبون على المهاجرين ممارستهم للربا. وهناك قدر لا بأس به من الأدب المطبوع المتعلق بالحضارمة في جزرالهند الشرقية .


وتقاوم حضرموت التقاليد والعادات الإندونيسيـة وما يتعلق بها من أشياء ماديـة أو ثقافية بالرغم من توغل الحضارمـة إلى القرى البعيدة الداخـليـة في إندونيسيا وبينما نجد أن القصائد في مضمونها لا تسلم من تأثير الاتصال الإندونيسي على الحياة الاجتماعية في حضرموت، الاأن اللغة نفسها لم تتأثر بهذا الاتصال باستثناء تفاصيل معينة تتعلق بالمفردات وتقدم لنا صحيفة ( الرابطة العلوية ) (51) قائمـة بخمسين كلمة تشمل المواد الوافدة والتي أستعملت في حضرموت وهناك عدد معين من الكلمات الإنجليزية الشائعـة الاستعمال في حضرموت، ويأتي الوادي الكثير من الحضارمة الشباب المولودين من أمهات إندونيسيات( المولدين ) والذين لا يعرفون من اللغـة العربيـة شيئا فيتعلمون لغتهم الأم في بلاد الأباء والأجداد والبعض منهم لايستطيع التحدث بها بطلاقـة ولكنهم لا يلبثون إلا قليلا حتى يندمجوا اندماجا كليا بأهل البلاد ولعل أحسن المعالجات والمناقشات حول هذا الموضوع هو ماورد في كتاب الدكتور فان دير هويلن (52) ( من عدن إلى حضرموت ) (Aden to Hadramout ) ، الذي يشتمل على وصف جيد للحياة الاجتماعية .
ونستطيع القول ان الاتصال الإندونيسي لم يؤثر إلا على الجانب المادي أكثر من تأثيره على الحياة العقليـة والثقافيـة في حضرموت أما إذا شاء المرء أن يتتبع التأثيرات الثقافيـة الجديدة ويتناولها بالتحليل والوصف فما عليه الا أن ينظر إلى عوامل التأثيرات العربية وخاصة تلك القادمة من مصر وسـوريـا.


ملخص عـام
في إمكاننا أن نفهم مما سبق قوله، أن المواضيع التي يتناولهــا الشـعر الحضـرمي تـنتـمي إلى منـابع محـليـة تقليـد يـة كمـا أن كثيرا منهـا مواضيـع قـديمـة، ومع هـذا نسـتطيع أن نؤرخ للفترة التي قيـل فيهـا هـذا النـص أو ذاك في بعـض الأحيـان كما هو الحـال بالنسبة لقصـائد القهـوة واعتبارها مشـروبا شعبيـا وذلك في فترة قريبـة نسبيـا وحتى ذلك الموضـوع الغريب كالمنافسـة بين النسـاء الثلاث، البيضـاء، والصفراء، والخضراء، سنجـد له أصـلا في قصيدة للشاعـر بامخرمه ومنـذ قـرون خلت(53) يبـدو أن الشعر قـد ظـل مقصـورا على تنـويعـات محـدودة من المواضـع والصـور والأخيلـة المحليـة التقليديـة ولا شـك أن هنـاك برزخـا واسـعا وبعـدا حقيقيـا بين الشعـراء المحليين التقليدين وبين الشعـراء المحـدثين الذين حـولوا أنظـارهم إلى القـاهرة ورغم ذلك يمكنـنـا القـول أن الحضـارمة أبعد ما يكونون عن استهجـان موروث هم المحلي العامي كما هو الحـال في بعض الأقطـار العربيـة الأخـرى .
_____________________________
الهوامش

(36) أي. روسي،ص134 من الكتاب وعندي قصيدة نظمها حسين بن عبدالله الحداد، وقد جمعتها عندما كنت في (عـزّان) وهي منطقة قبلية ولذيها نفس النوع من التصوير والخيال مع اختلافات محلية طفيفة ، كشعر الغزل في حضرموت ذات الثقافة المتحضرة في كتاب (سي .ستوري C .Storey( وفي صفحة115 منه يعرض لنا مؤلفه تشبيها يكاد يكون مماثلا لأنف امرأة عربية جميلة يصفه الشاعر بأنه ( كحد السيف المصقول ) ويسمي الشاعر نفسه( خو سالم) وهناك قطعة عربية مثيرة لكاتب تركي من القرن الثامن عشر هو( فاضل باي Fagil Bey ترجمة J.A.Decourdemanche,Librede Femmes ( باريس عام 1879م ص45 لا يجد الكاتب في المرأة اليمنية أي جمال أو فضيلة وهذا هو بعيد عن الأنصاف.
37) أنظر كتاب(روسي) وكتالوجات الأسطوانات المسجلة المشار اليها في ص
(38) انظر على كل حال (ص53 من الأصل) حيث تحدثنا عن مقامة تطري النكاح دون الزناولا يبدو أن هناك اعتراضا على مناقشة الجنس كشيء بصورة مجردة تماما أما الحديث والتشهير بنساء أي رجل فمسألة مثيرةللأستنكار الشديد وعلى كل حال فالموقف يختلف اختلافأن نعيد إلى الأذهان أن اختلاطا بين الجنسين تجربة نسبية عند الفلاحين والقبائل أما بين طبقات السادة فيسود الحجاب الصارم.
(39) يصف شاعر من عدن، ما حدث حين فاجأ رجل بنتا تستحم فقال من البحرالبسيط:

تجـــردت ذات حـسن من ملابسهــــــا ........... فقلت مالك خضبت الأ ناملا
قالت: مسحت به ثغــــرا به عسل قلنا ....... صدقت وما للطرف مكحـــــلا

أنظر ( البدر الطالع ) لعلي الشوكاني ( القاهرة 1348هجريه ) على قصيدة صيغة بشكل مسألة وجوابها ذلك في ( ص53 ج1).
40) أنظر مقالي الأدب العصري في جنوب شبه ( جزيرة العرب )و(الأدب والفن) ( لندن 1944م) ج2 و3 ص14.
(41) انظر كتاب (النور السافر) لأبن العيدروس ( عبدالقادر بن شيخ بغداد1934م)
(42) بوا دي دوعن نبع ماء عجيب يظهر ويختفي بدون سبب ويعرف باسم( شاجي ماجي)(أي أجي ولاأجي) وبالرغم من أن السيد يملك مخطوطة كهذه الا انه يدخن(الرشبه (الشيشة) بإدمان وضحك من إشارتي إلى عدم التزامه الامتناع عن التدخين.
(43) نسخت قصيدة عن(البق) في حريضه وهي مثيرة للفكاهة والمرح ولكن لم أنشرها هنا لأنه لم يتيسر لي الوقت الكافي للاستيضاح عن بعض ماورد فيها من تعابير قبل مغادرتي حضرموت (44) يخاف الجن حتى كثير من المتعلمين وخصوصا ذلك النوع الذي يسمى(السّتكن) ومفرده (سـكني) وهي التي تسكن البيوت وهي معروفة في مكة أيضا كما ذكر(هر كرنجي) ولمعرفة بعض الحكايات عن سكان الهواء(*) الذين سرقوا لسان أحد الأولياء ويجعلونه يتلفظ بكلمات شيطانية أنظر ملحق( البدر الطالع) لمحمد بن محمد زباره .
(45) لست متأكدا من بحر البت الأول أما البت الثاني فمن بحر (المتدارك)
(*) هكذا في الأصل بالأحرف الرومانية( المترجم)
(46) هناك مثل عربي معروف في جنوب الجزيرة يقول(أبو زيد معروف بشمله) لمزيد من الملاحظات عن (بوزيد) هذا وعن النسيين وعن بني هلال، قارن بما ذكره لندبرج في كتابه(Arabica ) الجزء الرابع (ليدن 1897).
(47) للإطلاع على مزيد من الحديث حول العزوة (أوالصرخة) قارن بما ذكره هركرنجي.
(48) هناك أيضا نصوص حجازية وسورية، انظر أيضا ( مجلة اللغات الأفريقية والأسيوية ( برلين 1898) الجزء الرابع لم أحصل عليه وفيها مقال بعنوان( حكايات عن بني هلال )
(49) أنظر رسالة في أنساب الساكنين بحضرموت( احمد بن حسن العطاس مولى حريضه) يشير فيها إلى كثير من القبائل التي تنتمي إلى بني هلال ، ومنها آل باحكيم الساكنين بدوعن قارن بما ذكر في (موضاعات عن تاريخ جنوب الجزيرة العربية)ج1الموضوع15
(50) أنظر ( تاريخ حضرموت) الجزء الثاني ص178.
(51) (باتافيا عام 1347 هجريه الموافق 1928م) الجزء الأول والسادس ص370.
(52) (حضرموت ليدن 1932م) وكذلك ( من عدن إلى حضرموت ) (لندن1947م.
(53) قارن بماذكر في ( موضوعات عن تاريخ جنوب الجزيرة العربية) ج2 الموضوع28.

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 12-24-2008 الساعة 01:32 AM
  رد مع اقتباس
قديم 12-22-2008, 09:25 PM   #6
إحساس حضرمية
حال قيادي
 
الصورة الرمزية إحساس حضرمية

افتراضي

ألف شكر لك استاذنا الكريم *ابو عوض الشبامي*
على مجهودك في نشرهذا الكتاب الرائع لنا
سنكون من المتابعين وبلقرب حتى نستفيد ونستمتع ...

"تقبل كل تحياتنا وتقديرنا وكل شكرنا لك على هذا المجهود الطيب الذي تقوم به
وبالتوفيق داائماً لك"
التوقيع :

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لا اله الا الله نـور (ن) عـلا فـوق السحـاب
لا الــه الا الله حــق و عقـيـده جابـهـا
لا الـه الا الله نفتـح بهـا ملـيـون بــاب
للمعالـي لـو نـوّحـد نرتـقـي بأطنابـهـا
لا الـه الا الله نجـم (ن) تـلألأ مـن شهـاب
فـوق الثريـا لـو تمّـره تكتسـح اسبابـهـا
لا الـه الا الله يــارب يــارب الاربــاب
امحي الزلات يارب من ذنـوب (ن) صابهـاا...

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
شاعرة الجنوب
  رد مع اقتباس
قديم 12-22-2008, 11:25 PM   #7
بادحمان-الهجرين
حال جديد

افتراضي

والله شكرا على هذه المعلومات
  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2008, 12:51 PM   #8
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إحساس حضرمية [ مشاهدة المشاركة ]
ألف شكر لك استاذنا الكريم *ابو عوض الشبامي*


على مجهودك في نشرهذا الكتاب الرائع لنا
سنكون من المتابعين وبلقرب حتى نستفيد ونستمتع ...

"تقبل كل تحياتنا وتقديرنا وكل شكرنا لك على هذا المجهود الطيب الذي تقوم به

وبالتوفيق داائماً لك"

شكرا لاحساس حضرمية على التعقيب ولربما فائدة هذا الكتاب كثيرة للمهتم بالشعر والنثر الحضرمي
وللمهتم بالأغاني الحضرمية ، وقد بدل المستشرق روبرت سيرجنت جهودا كبيرا حتى وثق لنا هذا السفر
من الموروث الشعبي الحضرمي والذي تأتي بقية اجزاءه تباعا في هذه السقيفة .



ز


.
  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2008, 12:53 PM   #9
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بادحمان-الهجرين [ مشاهدة المشاركة ]
والله شكرا على هذه المعلومات

شكرا لأخينا بادحمان الهجرين القادم علينا من البلاد ، يتقصى من هذا الكتاب المفيد
من الأبحاث في الشعر والنثر الحضرمي .


.
  رد مع اقتباس
قديم 12-23-2008, 02:38 PM   #10
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

الفصل الثالث

الأغنية الحضرمية موسيقاها ومكانها في المجتمع الحضرمي
الموسيقى في جنوب اليمن

عدا الموسيقى العسكرية لفرقة الأمام تعتبر الآلات الموسيقية وممارسة الطرب من الأشياء المحظورة في اليمن.
ويمارس الناس العزف على الآلات الموسيقية سـرا، وينطبق هذا بالمثل على الجرامافونات و يسمى الجرامافون في عدن ( صندوق الطرب وفي حضرموت الحاكي ) وتسمى الأسطوانات( صحون ) وفردها ( صحن ) وهناك معارضـة قـوية(1) ضد السينما في كلا الشطرين وحتى فيعدن نفسها ، وتسمع الموسيقى في المناسبات و هنـاك شعور مضاد وحاد لهـا إلى الحد الذي جعل أحمد فضل العبدلي يكتب رسالتـه التي سماها ( فصل الخطاب في إباحة العود والرباب ) (عدن طبعتان في عامي 1938و1941م تقريبا ) ، ومن محتوياتهـا قصيدة في شرعية العود وهي في مجملها مدعمة بالشواهد من الأحاديث النبوية.

وقد تكون المقالة المحمومة التي كتبها محسن بن محمد العطاس وهومن سادة حضرموت بعنوان ( رقيـة المصـاب بالعـود والـرباب ) (المطبعة العربيـة من الردود التي تهاجم الآلات الموسيقية .وكتب ( لاندبرج Landberg )(2) عن تلك الآلات ما يلي: ( لقد وقف الشوافع المتشددين موقفا معارضا رافضا لأفكار ذلك المطرب ( أحمد فضل العبدلي ) وقد أوعزوا لأحد السادة في عدن أن يكتب حول ذلك الموضوع وأمدوه بما يحتاج إليه من الدعم المادي لا تمام المشروع ). وأورد باصبرين من دوعن (3) بالتفصيل عددا من المحرمات المنافيـة للإسلام في حضرموت ومنها عزف ( العنفيطـة ) ( وهو المزمار ذو القصبتين ويستعمل في شرح العبيد على وجه الخصوص ) والمدروف ( الناي ) و القنبوس ( العود القديم ) والربابة وجميعها آلات للهو تمنعها المذاهب المعتمدة باستثناء تلك الموسيقى التي تستعمل للحرب واستنفار المماليك ( الجنود ) .
ويبدوأنه يوجد في تريم شئ من المنع قانونا أوعرفا على عزف تلـك الآلات أوعلى الأقل، عزفها علنا على سمع من الناس والمجتمع ولا أستطيع أن أؤكد إلى أي حد يسـود هذا المنـع. والآلة الوحيدة التي استمعنا إليها خلال الأشهر الستة التي أقمنهـا في تريم هي ( الطبل ) وكان يستعمل في الحي الذي نسكنـه لأغراض التسليـة ولا يستمع الناس للموسيقى عن طريق الإذاعة بالرغم من وجود أسطوانات الجرامافون ( الحاكي ) في بيوت السـادة الأغنياء وهم غالبا ما يكونون الأقل تحفظا وتزمتا، وعلى أي حال ففي مدينة تريم يوجد فنانون موسيقيـون محترفـون وهم من الرجال بالطبع، ولا أشك أنهم قد تحصلوا على اجر مجز وذلك في الرحلة( المندر ) الذي أقامه على شرفنا السيد جمل الليل الكاف الذي أستأجر أحد الفنانين طوال اليوم ، وقد اخبرنا هذا الفنان انه قد أعتاد على شرب الكحول( الخمر ) لمساعدة صوته على الأداء وأكد لنا أن ذلك لأغراض صحيـة بالطبع.

وقام بالغناء بمصاحبة العـود المصري وهوآلة ذات تجويف كبير وعنق أسـود وقد نقش في وسطها بالصدف وكتب أسمه عليها وقد غنى لنا أغاني حضرمية ويمنية ومصرية وهندية، ويبدوأن الموسيقى في سيئون ( بلاد الأنس والنغم ) ليست شيئا ممنوعا.وفي الوقت الذي زار فيه ( لاندبرج L andberg ) حضرموت يبدو أن القنبوس والمصنوع محليا، هو السائد ولاشك في بقية أجزاء الجزيرة ،اما في الأوساط الكبيرة الواسعة فقد عم استعمال العـود المصري والهندي كما تستعمل الآلات الموسيقية الغربية حيث في مدينة المكلا فرقة موسيقية عسكرية وفرقتان خاصتان ،وكما يقول صلاح البكري في كتابه( تاريخ حضرموت ) (4) أن الآلات (الموسيقية المستعملة في حضرموت هي ( المرواس ) طبل صغيرو( الهاجر ) طبل كبير، والعود،والمدروف والمزمار.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



وعندما استفسرت عن( العنفيطة ) التي ذكرها باصبرين قيل لي بأنها (الزيتي)(*) وهي كلمة تستعمل في عدن للصفارة العسكرية ويمكن ان تكون هذه الآلة التي يستعملها العبيد في حضرموت من نوع آلة( المزمار ) التي يستعملها( الحجور ) وهي كلمة تعني ( الصبيان في حضرموت) في منطقة ( خنفر بأبين ) ، وقد أقتنيت من شبام مزمارا محلي الصنع ليكون من معروضات متحف جامعة كمبردج لتاريخ المعمار وعلم الفصائل البشرية وقد سمعت كلمة ( القصبة ) تستعمل في دوعن للمزمار، وقد وصف ( لاندبرج ) بالرسم آلة القنبوس والمرواس والهاجر والمدروف ( الناي(5).

ومنها أنواع وكثيرا مارأينا الأطفال في شبام وتريم يستعملون تجويف قصب الذره ويؤسفني أنني لاأستطيع أن أعطي وصفا فنيا تخصصيـا لهذه الآلات الموسيقيـة والتي يبدو أنها توجد كثيرة .

وفي قيـدون بدوعن صادفت أثنين من جماعة الجوالة اليمنيين الذين يجولون أكثر البلاد ، ويعرفـون بـ ( آل بن علوان ) بالرغم من أنهم لايرتبطون ( بالولي )(6) الشهير بن علوان بأية صلة ويقال أنهم يأتون أحيانا من لواء البيضاء وقد قابلت أحدهم في ( مكيراس ) وأذكر أنه قد قيل لي أنهم من مجاذيب أبن علوان وينظر إليهم الناس بشئ من الحذر والخوف الروحي المرتبط بالاعتقادات الدينية ، ويحمل كل منهم طبلا ( ودفا ) طارا تعلق به صناجات تحدث صليلا عند الغناء وتساعد على الإيقاع أثناء اللعب بها ، والبعض من هؤلاء المغنين ( الدوشان ) يحملون سهاما يركزونها على جفونهم وعيونهم كما قد رأيت في( بيحان ) ويمكن ان يكن هؤلاء المغنون الجوالون من الوسائل التي تنقل بها الأشعار وتنتشر الألحان من منطقة الى أخرى في جنوب الجزيرة العربية ، وهناك فصائل أخرى من المغنيين والشعراء الجوالين ومنهم (الشاحتون(7) أو( الشحت ) جمع شاحت ، الذين في الإمكان أن يلقي البحث عن أصولهم بعض الضؤعلى الدور الذي يؤديه الراوي في بلاد العرب القديمة ، وأميل إلى التذكير في أن بعض الآراء القديمة التي أبداها الشارحون والدارسون حول هذه الطبقة قد تقبلها المختصون في أوربا بقدر كبير من التساهل وعدم التمحيص ويشير محمد بن هاشم(8) الىشحادين بغداديين ومغنيين في المكلا.

ويبدو أن البحث في الموسيقى الشعبية وأصول الموسيقى التي يغنى بها الشعر في جنوب الجزيرة سيفتح مجالا لدراسة خاصة ، وأشعر أن هناك نقصا مـا في كتابة القصائد بدون موسيقي المصاحبة لها عندما تغدو هذه القصائد من أغاني التراث(9).


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



المغنون وتابعوهم

كنا في ميناء بلحاف في نوفمبر1947م ، وقد دعى ( القائم ) عددا من البحارة الذين ترسوا سفنهم في مرسى المدينة ، وكان الحضور عددا من الرجال الحضارمة والعمانيين واليمنيين والصومال ، وخليط آخر من مختلف الأجناس ، وقد جلسوا على شكل مربع ملاصقين لجدران الغرفة ، ومع الشعور بالعطلة والتمباك ( الحمي ) اللاذع ، كان الجو متكهربا بالإثارة والمرح ، وكان المغني الأساسي تميميا من إحدى القرى المجـاورة لتريم ، وقد صـدح بالغنـاء المصري والعمـاني واليمني والحضرمي (10) ، وكان يغني بصوت قوي جميل ومنفعل ويمكن القول بأنه كان غناء حارا مشتعلا لولا حرارة ذلك المساء المفعم بالسرور ، ولولا أن الغرفة كانت أيضا حارة لكنا سهرنا حتى وقت متأخر(11) ، قد أستهل غناءه بغزف خفيف على القيتاره ( السمسمية) وبإيقاع خفيف على أثنين من ( الدنابق ) التي تسخن على موقد الفحم لكي يكون الجلد مشدودا ويصاحب الموسيقى تصفيق إيقاعي بتوقيت معين من قبل الحضور، وعندما بلغت النشوة بالحاضرين مبلغا كبيرا قام اثنان من ذوي الملامح الأفريقية ، أو صومالية أو من المحتمل أن تكون سواحلية ، وشرعا بعملية التحريك وهز الوركين ، وقد أحاط كل منهما بعمامة في وسطه وأمسك بطرفيها بيديه ، ويسمى الهز أو بالأحرى التحريك (اللوك الفعل : لاك ،يلوك ). أما تحريك الأكتاف فيسمى الرعش أو( النعش ) وكانت الضحكات تتعالى طوال السمر وصاح المغني الذي كان في غاية الاستمتاع والإنشاء بالغناء ( يامولى البحر) ، وقد كان صاحب صوت جميل رخيم وكان أحسن ما أستمعت اليه من الأغاني هي الأغاني الحضرمية التي أمتازت بقرار أو لازمة حزينة خلافا للأغاني المصرية البهيجة (12).

وقد كان هذا الغناء( الجماعي ) مختلفا جدا عن غناء مغن آخر استمعنا اليه في ( مسيلة آل بن يحي ) قرب تريم وذلك عندما أستدعي أحد المغنيين المزارعين ، وقد دعاه السيد علي بن عقيل إلى بيته احتفاء بنا ، وكان المغني ذو ملامح زنجية بعض الشيء إذ قارنا لون بشرته الداكن بلون بشرة الحاضرين وكان انفه عريضا أيضا إلا انه لايختلف كثيرا عن أي فلاح عادي .

وقد جلس على هيئة ( الحبوة ) وهي جلسة يربط الجالس فيها خصره وركبته بقطعة من القماش ورجلاه متقاطعتان بعض الشيء وهي المتعارف عليها والمميزة للمغني ، وكان يضع أصابع يديه اليمنى بإذنه اليمنى وإبهامه إلى داخل الأذن بعض الأحيان يرفع كلتا يديه إلى إذنيه وبدون هذه الحركة لا يتحفز المغني للغناء أي ( مايطلع الغــوا ) .

وفي البداية قد يكون المغني باردا ثم يبدأ بالهمهمة ( وينسنس أو يدنـدن ) وبعد هذه الهمهمة الخافتة ينطلق المغني بجدية كان شيئا حركه من الأعماق وقد كان هذا المغني غلاما قرويا خجولا ظل طوال الوقت خافضا بصره في خجل وارتباك يغني ( ينوح أوينغـق ) ، وقد غنى لنا نوعين من الغناء هما حسب الإصلاح الموسيقي:

1- علوى وهو غناء الجزء الذي يسمى ( علوا ) أي منطقة أعالي وادي حضرموت ويمتاز الحان هذا اللون من الغناء بالتطويل والتمديد .

2 - الجزعي من جزع ( بكسر الجيم وسكون الزاي ) أوجزع ( بفتح الجيم ) ويعني الأودية الفرعية او الجانبية في المنطقة الجنوبية ( الشق البحري ) وهي منطقة يقال إنها بين البدو والحضر ثقافيا ويمتاز الحان هذا اللون من الغناء بالسرعة والخفة والركض والعجلة(13). وقد غنى لنا ( سيد ) من تريم وهو غير متقيد بتلك الهيئة وقد يختلف الظرف هنا قليلا ويحتمل الا نجد هذا التقيد في أوساط الطبقة المتعلمة.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



___________________________________________
الهوامش

(1) هناك موسيقى عسكرية تابعة للحكومة اليمنية قارن بما ذكره( نزيه المؤيد العظم ) في كتابه رحلة في بلاد العربية السعيدة الجزء الأول ص48 وبما ذكره ( محمد حسن ) في قلب اليمن ( بغداد1947م ) ص165 وفيه يقول أن الغناء ممنوع في صنعاء وكذا الاستماع إلى موسيقى الإذاعات الأجنبية ، وكذلك امتلاك الجرامافونات ، ويعاقب المغنون طبقا للشريعة ويوجد الغناء الديني إلا أن الغناء الغزلي محظورا نهائيا وأي حفلات غنائية من النوع الآخر تقام في أماكن سرية خوفا من المخبرين ، إذ يجتمع عشاق اللهو في مخابئ للغناء ومن المستغرب أن يمنع اليمنيون الموسيقى بهذه الطريقة بغض النظر عن موسيقى الأمام وخصوصا أن اليمن مشهورة بالمغنيين من عهود تمتد للعصر الجاهلي إذ يذكر بن القفطي في كتابه( تاريخ الحكماء ) وقد قام بنشرهJ.Lipper1903م ص162 انه رأى رجلا تعلم العود في فارس واليمن، أما الشوكاني في كتابه ( البدر الطالع ) في ص 143 الجزء الأول (القاهرة 1348 هجريه ) يعرض لنا عملا كتابيا من أعمال الأمام أحمد بن يحي المتوفى عام840 هجريه( 1436م ) يعارض فيه الذين يجيزون الملاهي والمزمار ويحتمل وجود مؤلفات مماثلة أخرى في اليمن.
(2) الجزء الثالث من Arabica ( ليدن ص 3)
(3) الربانية يحمل رقم 49 في ص18 انظر (موضوعات عن تاريخ الجزيرة العربية) الجزء الثاني الموضوع رقم26 بداية الموسيقى العسكرية منA rabica( ليدن ص13مخطوط عندي بعنوان المرتكب من المناهي والطبول في حضرموت في فترة سبقت قليلا عام 1345هجريه.
(4) تاريخ (حضرموت) الجزء الثاني ص33و34 منه.
(5) Arabica الجزء3 ص29و33و34.
(*) ألتا شبه بعيد قليلا بين الزيتي وهي الصفارة العسكرية المصنوعة في الأغلب من مادة معدنية وبين العنفيطة المصنوعة من القصب (المترجم).
(6) يفترض أن بن علوان هو أبو العباس احمد بن علوان المذكورفي (طبقات الخواص لأحمد الشرجبي القاهرة1903م ص19. وهو مشهور بالشعر الصوفي ضريحه في يغرسقرب تعز). (7) انظر هركرنجي ( مكه) وقد ترجمه J.H.Monahan (ليدن1931 ص4 (8)( الرحلة ) ص55.
(9) لم يصل إلى متناول يدي من محاولات حول تدوين موسيقى جنوب الجزيرة غير مايلي (( بعض الألحان العربية للإذاعة البريطانية كما أن لدى( لاندبرج ) بعض الألحان في كتابه ( حضرموت ) وقام أتش هلفرتس بتسجيل بعض الأغاني وإذا كانت لاتزال في فينـّا فأنها لم تنشر بعد وهناك بعض العمال حول الألحان اليمنية اليهودية قارن بما ذكره آ.زد.دلسون، في كتابه (الألحان العبرية الشرقية ) بنفس المصدر بعنوان (الألحان اليمنية اليهودية ) ( لندن1917م ) الجزء السابع ومصادر أخرى ولا نتوقع أن يكون هناك أي اختلاف كبير بين الموسيقى اليهودية والعربية في المدن ، هذا بالرغم من إنني استمعت إلى ألحان عذبة جدا من أحد المعيدين اليهود في حبّان ، وهي تختلف تماما عن الموسيقى العربية إذ أن الأناشيد الدينية تمثل نوعا آخر من الموسيقى الشعبية ، انظر أيضا بعض الملاحظات حول العروض و الموسيقي فون لاندبرج ( ليدن1884)الشعبية ) لكاتبه دبليو إدريس جونز( جلاسجو محاضر جمعية الدراسات الشرقية بجامعة جلاسجو طبع عام 1934و1935 ) الجزء السابع الصفحات من10 الى16 أنظر أيضا( العالم الإسلامي ) ، ( هارتفورد1937م ) مجلد27 ج2 وأيضا كتاب (Kingdom Of Melchior ) مملكة الملوك ( لندن 1949) وفيه بعض الألحان من محمية عدن التي سجلت.
(10) تعود بي الذاكرة لأغنية مصرية استمعت اليها من أسطوانات جرامافون لأحد البحارة المصريين:

غني لي شويه شويه ........ غني لي وخد عـينيـه

(11) غالبا ماتغنى الأغاني الدينية على هذه الألحان الشعبية مع قلة الاهتمام بالكلمات. (12) قيل لي أن الألحان الحضرمية تلحن بناء على مقام موسيقى يسمى ( سيكا ) وأدين بالفضل للدكتور (آ . بيكر ) الذي قدم الملاحظات والمراجع التالية ( ظهور الموسيقى في العالم القديم ) لكاتبهCurt Sachs نيويورك 1944م ص285 والمقام هو في الأصل المكان الذي يقف عليه المغنون للأداء أمام الخليفة وهو مرادف لكلمة راجا (Raja ) الهندية وهو ضرب من الألحان يعتمد على مقاس مضبوط مع شئ من الانطلاق والتحرر من قيوده وحركة البداية هامة جدا ويبدأ مقام (الراست) من القرار ويمتاز الراست بالرزانة بينما المهر بالخفة اما البيات فيكون بضرب الرابع والسيكا بضرب الثالث تحت القرار قارن بماذكره في ص305 ومقام السيكا ذو القرار الثلاثي الذي يستخدم فيه درجة(ب) بدون دليل مقام_مي) يعطي باستمرار خامسا مضبوطا بشد النوتة.((**)((**)) تعليق للمترجم( مادة موسيقية يجب التأكد من محتوياتها من موسيقار مختص ).
(13) الملاحظات الميدانية مايو1947م.

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 12-25-2008 الساعة 08:53 AM
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عضو جديد يريد المشاركة باستفسار عن تاريخ حضرموت mdahmed تاريخ وتراث 7 01-26-2011 11:37 PM
الحلقة السادسة من رحلة القبائل الناقلة إلى حضرموت :يافع في حضرموت الحضرمي التريمي تاريخ وتراث 20 06-17-2010 11:26 PM
اليمن ، إلى أين ؟ - 4 - التأريخ والجغرافيا .. الإنسان والحضارة (3) حضرموت 2 نجد الحسيني سقيفة الحوار السياسي 41 02-22-2010 10:22 PM
اليمن إلى أين -3- التأريخ والجغرافيا والإنسان (2): حضرموت 1 نجد الحسيني سقيفة الحوار السياسي 2 02-15-2010 10:40 PM
حضرموت" العاصمة" الداخلية تنحي الحامدي من منصبه بعد مواقفه الايجابية حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 05-02-2009 08:09 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas