المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > تاريخ وتراث > تاريخ وتراث
تاريخ وتراث جميع مايتعلق بتاريخنا وموروثنا وتراثنا الأصيل !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


عدن في عام 1709م

تاريخ وتراث


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-13-2007, 03:51 PM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي عدن في عام 1709م



عدن في عام 1709م

«الأيام» نجمي عبدالمجيد:


«إنها أفضل مكان في شبه الجزيرة العربية بأسرها لأن المدينة التي تحمل هذا الاسم هي الأشهر والأهم في تلك البلاد كافة»

تلك هي كلمات الرحالة الفرنسي دي لاروك الذي جاء عبر البحار إلى بلاد العربية السعيدة في رحلة كانت بدايتها منذ عام 1708م وعام 1710م، ثم كانت الرحلة الثانية وصولاً إلى ميناء المخا وإلى بلاط إمام اليمن في السنوات من عام 1711 م إلى عام 1713م.

هي عدن منارة الحضارة والتاريخ ومكانة الإنسان، عاشقة البحر، والمسافرة مع حلم الأمواج، الساكنة في قلب كل من أحبها، القادمة إلينا مع رحلة الغيوم، الشادية نغماً مع تساقط قطرات المطر، مدينة الشمس وسيدة النور، المتجددة الميلاد مع كل شروق.

ماذا كتب الرحالة الفرنسي دي لاروك عن عدن؟ وكيف وصف مرفأها وحصونها وحكامها؟ عدن في ذلك الزمان، المكان والإنسان وحكاية من صفحات التاريخ، وعودة إلى مفردات ومعان تنطق بلسان الدهر وكأنها الوجدان الذي لا يغفو عن الشوق، والذاكرة التي لا يغيب عنها الحنين، والحقائق المتواصلة مع رحلة الأيام.

الوصول إلى عدن

يقول الرحلة الفرنسي دي لاروك:«ما كدنا نرسو في الطريق إلى عدن، رافعين الراية الفرنسية، حتى أرسل الحاكم لنا قاربين محملين بالكثير من المؤن، مرحباً بنا على لسان أحد الضباط ،ولأننا كنا على مسافة أكثر من فرسخ من المدينة، لم نبلغ الشاطئ ذلك اليوم، ولم نجد من المناسب حجز أنفسنا تحت قلعة في بلد لا يزال أهله مجهولين بالنسبة لنا ولكن في وقت مبكر من صباح اليوم التالي أرسلنا وفداً لتحية الحاكم. وفي غضون ذلك حبيناه بطلقات من سبعة مدافع في كل سفينة، رد عليها من مدافع القلعة التي تسيطر على الطريق الأقرب إلى المدينة، وأرسل فوراً لتحيتنا مرة ثانية مع الدعوة بالقدوم إلى الشاطئ، واحتشدت قوارب البلد حولنا لتقدم لنا كل أنواع المؤن وكنا قد أدركنا بالفعل أن العرب شعب متحضر وأكثر تعوداً على رؤية الأجانب مما تصورنا.

وذهب السيد دي شامبلوريه ومضيت معه بصحبة بعض الضباط من سفننا الثلاث إلى الشاطئ بعد تناول الغداء، ووجدنا على المدخل بعض الجنود الذين اصطحبونا إلى بوابة يطلقون عليها بوابة البحر العظيمة بسبب كبر حجمها ومواجهتها للمرفأ وكان أمامها مجموعة من الحراس.

ولاحظت في أثناء مروري أن هذه البوابة هائلة السمك وبها مسامير حديدية كبيرة أو ربما أوتاد يسندها عمود من الحديد متناسب الحجم مع باقي مكونات البوابة، دخلنا من هذه البوابة إلى دهليز مقنطر على نحو بديع قرابة خمس عشرة خطوة ووجدنا نوعاً من الباحة المقنطرة على نحو مماثل تنتهي بزاوية واستقبلنا هناك بحفاوة عظيمة ضابط رفيع الرتبة يدعونه أمير البحر وندعوه أمير البر وربما هو رئيس المرفأ. وأجلسنا على أرائك من نوع خاص جداً، وسألنا من أين أتينا ومناسبة رحلتنا وكانت محادثتنا قصيرة بسبب كون هذا الضابط قد أبلغ الحاكم بأمر رسولنا، فأرسل أوامره بمثولنا أمامه.

خرجنا من بوابة حديدية في أدنى المكان أفضت إلى مكان آخر جوانبه كتل خشبية، وسرنا بين صفين من الجنود، يتقدمنا ويتبعنا آخرون، وأمير البحر على شمالنا، حتى وصلنا قصر الحاكم. ارتقينا درجاً بديعاً إلى الجناح الرئيس، حيث وجدنا الحاكم جالساً على أريكة في الطرف العلوي مغطاة بسجاد فاخر ووسائد موشاة بالذهب. وكانت حاشيته مصطفة عن اليمين وعن الشمال وأعضاؤها يجلسون بالمثل على السجاد، وكانت بقية القاعة مغطاة بالفراش الجميل واتجهنا إلى الأريكة من دون خلع نعالنا، وهو معروف نادراً ما يمنح لأي شخص. وبعد السلام على الحاكم بادر بمصافحتنا، وأبلغنا عن طريق مترجمه وهو أحد المنشقين البرتغاليين أن علينا الجلوس، وبدأ يسألنا أسئلة عامة تتعلق بالبلد الذي قدمنا منه ورحلتنا، فأجبنا عنها بما يرضيه، وأكد لنا حمايته لنا في نطاق حكمه، وبعد تكريمه لنا ببعض القهوة السلطانية، كان لطيفاً معنا إلى حد إخباره لنا أنه أمر بتجهيز مساكن لنا، وحيث إنه من غير المعتاد الحديث عن العمل في أول لقاء فقد استأذنا في الانصراف بعد أن قدمنا له الشكر وودعدنا بزيارته صبيحة الغد مرة أخرى في الصباح التالي.

صحبنا أمير البر في الموكب ذاته إلى بيته الخاص، الذي أمر به الحاكم لاستضافتنا،حيث أرسلنا قاربنا للحصول على المؤن التي كنا بحاجة لها والضروريات التي لزمتنا. وهذا البيت وإن كان واسعاً وجميلاً في مظهره، ليس به من الأثاث سوى البسط، التي ستحل محل المقاعد والمناضد بالنسبة لنا، وكنا مندهشين لذلك ولكن هذه هي عادات هذه البلاد.

أحضروا لنا في المساء بعض الشموع ولكن بدون الشمعدانات التي كان علينا التزود بها بطريقتنا، وتناولنا العشاء وقضينا الليل من دون هموم.

جاء مضيفنا أمير البر لرؤيتنا في الصباح الباكر والاطمئنان على راحتنا، وأجبته بعد تفكير طويل بدت عليه من جراء ذلك دهشة كبيرة سائلاً عما إذا كان هناك ما يزعجنا وما الذي يريحنا حيث إنه، كما قال، وضع الحراس حول البيت طوال الليل موصياً بعدم إصدار أي ضوضاء. فأبلغته أننا لم نكن معتادين النوم على فراش وثير ، مما جعله يبتسم قليلاً، حيث إن أولئك الناس متزنون للغاية، ونادراً ما يضحكون بصوت عال.

مضينا للتنزه في المرفأ، منتظرين الساعة المناسبة لزيارة الحاكم الذي ذهب إلى بيت حريمه، حيث قابلنا مرة ثانية، ولاحظنا عدة نوافذ في الجدار في سلم الدرج مع شبابيك نظرت السيدات من خلالها لرؤيتنا خلال مرورنا، وأدخلنا إلى مجلس كالذي كنا فيه بالأمس.

وكان الحاكم يجلس في الطرف العلوي ولكن حاشيته لم تكن عديدة بالقدر ذاته. وأهديناه مقطعاً من القماش القرمزي وبعض البنادق، قبلها باستحسان كبير، وحثنا على الاتجار مع حكومته، مؤكداً لنا محاباته الخاصة لنا، مشيداً بما ينتجونه من بن ممتاز ووفير فضلاً عن البضائع والتسهيلات العظيمة التي ستقدم لنا، مضينا من هناك لزيارة حاكم القلعة، الذي كانت له دار في المدينة، وبعدها قدمنا له هدية من البنادق وبعض القماش حيّانا ببعض القهوة السلطانية والحلوى. وكان رجالنا في غضون ذلك قد أهديت لهم الفواكه وكان هذا الحاكم لطيفاً جداً ومجاملاً، وكان لديه الكثير من هيبة الرجل رفيع المكانة وكان له اعتباره في جميع أرجاء البلاد.

بعد ذلك بقليل، وعقب عودتنا إلى منزلنا جاء البانيان، وهم السماسرة في شبه الجزيرة العربية، لزيارتنا وعرض خدماتهم علينا، ورغبوا في أن نرسل بطلب البضاعة التي على متن سفننا، أو على الأقل نماذج منها، ولكن حيث إنه لم يكن لدينا سوى قضبان الحديد وقليل من المرجان وبعض القرمز، وكان كل مخزوننا الرئيس من القروش لشراء البن اكتفينا بجعلهم يرون المواد التي على ظهر غنيمتنا الهولندية.

بعد تناول الغداء عدنا لزيارة كبير البانيان وطلبنا منه من دون كبير مجاملة أن يقدم لنا شرباً بدلاً من القهوة السلطانية التي لم نكن معتادين عليها كثيراً.

واتنقلنا من هناك إلى السوق حيث تباع جميع أصناف البضائع ومعروضة في المتاجر، وتوجد عدة وشوارع مجهزة كتلك التي في سوق سان جرمان.

والبانيان هم التجار ولا تشاهد النساء هناك أبداً».

وصف عدن

تقدم لنا أوراق رحلة دي لاروك إلى عدن في عام 1709م عدة أوصاف لحال مدينة عدن في تلك الفترة من التاريخ، ومما دون من وصف لمعالم عدن؛ حماماتها التي كانت كلها مبطنة بالرخام أو اليشب وبها قبب بديعة فيها فتحات في القمة تسمح للضوء بالدخول، وقد زينت من داخلها بأروقة تساندها أعمدة فخمة، أما البنايات بكاملها فقد قسمت بصورة مريحة جداً إلى عدة حجزات، وخلوات وغرف أخرى مقنطرة وكلها متصلة بالقاعة الرئيسة كذلك وجود الممرات في تلك الأماكن، وهو ما يماثل المدن التركية العظمى في ذلك الزمان التي جاء ذكرها في قصص الشرق.

وبعد الخروج من تلك الأماكن، ساروا إلى السوق الشعبية في عدن حيث شاهدوا متاجر اللحم والسمك والعديد من الحاجات المطلوبة عند الناس والتي بدت لهم جيدة جداً بأنواعها المتعددة.

وفي صباح اليوم التالي بعد زيارة الحمامات والسوق قام الرحالة الفرنسي دي لاروك بجولة في مناطق متعددة من عدن، وقد ذكر بأن المدينة تقع في سفح الجبال العالية التي تحيط بها من كل جانب، وقد تكون هذه إشارة إلى هضبة عدن.

وذكر أيضاً بأن خمس أو ست قلاع موجودة في أعلى الجبال مع ستائر وتحصينات أخرى عديدة في المضايق والممرات الضيقة بين الجبال، أما الماء فقد كان ينقل من هناك عبر قنوات جميلة التصميم إلى قناة كبيرة أو خزان يقع على بعد قرابة ربع فرسخ عن مدينة عدن، وقد ذكرت بعض المصادر التاريخية مقل أبو الفدا بأن هناك بوابة كانت توجد عند الجانب البري من عدن يطلق عليها اسم بوابة قنوات المياه، وكانوا عبرها ينقلون الماء إلى عدن من عدة أماكن، وقد أشار الرحالة في إلى أن بعض من زار المدينة في عهود سابقة قد ذكروا بأن نهراً يمر عبرها، فهو لم يجد ما يدل على ذلك، وقد زودت تلك القناة سكان عدن بماء جيد جداً.

كان ذلك المكان محاطا بالأسور غير إنه أهمل حتى أصبح في وضع سيء جداً وبالذات على جانب البحر، حيث توجد بعض الهضاب على أبعاد معينة مع خمس أو ست بطاريات مدفعية من النحاس تحمل كرات من وزن 6 أرطال، وقد رجح وجود هذا السلاح بأنها جزء من مدافع تركها القائد التركي سليمان الثاني (15أبريل 1642م - 23 يونيو 1691م) خلفه وبعد أن أجبر الأتراك على الخروج منها وتركها للأمراء العرب.

مما جاء في وصف دي لاروك لعدن، أن هناك طريقاً واحدة فقط تساعد على الوصول إلى عدن من البر وتمر عبر جسر ضيق يمتد داخلاً في البحر مثل شبه الجزيرة.

ويقدم لنا الرحالة مزيداً من الوصف قائلاً:«تسيطر على رأس هذا الجسر قلعة مع حراس متمركزين على مسافات معينة، وتوجد على مدى طلقة مدفع قلعة أخرى بيضاوية الشكل فيها أربعون قطعة مدفعية كبيرة، مركبة على عدة بطاريات مع حامية، بحيث يكون من المستحيل محاولة النزول من ذلك الجانب. وعلى طريق الاتصال بين المدينة وهذا المكان توجد أيضاً قلعة أخرى، بها اثنا عشر مدفعاً وحامية. وباتجاه البحر، الذي يمكن الوصول إلى هذه المدينة عن طريقه، يوجد خليج بعرض ثمانية أو تسعة فراسخ في المقدمة وهو مقسم إلى طريقين إحداهما واسعة جداً وبعيدة عن المدينة والثانية أقل وأقرب، والتي يطلق عليها المرفأ وهذه بعرض فرسخ واحد، وتأخذ من عرض القلعة التي تسيطر على 50 مدفعاً حتى النقطة التي تقع فيها القلاع التي وصفتها لتوي ويمكنك الرسو في جميع أرجائها، حيث يتراوح عمق المياه بين 18 إلى 20 و22 قامة. ولن أطيل الحديث عن داخل المدينة، فهي واسعة إلى حد كبير، ويستطيع المرء أن يرى فيها عدة بيوت جميلة ترتفع إلى طابقين وتعلوها سقوف مسطحة، ويمكن الحكم عليها في يسر مما هو باق .ومن خلال الموقع المميز والقول المفيد إن عدن كانت ذات يوم مدينة مشهورة وذات أهمية عظيمة، مكان قوي، ومتراس شبه الجزيرة العربية السعيدة الرئيس. والأرض المحيطة بها، وإن كانت ضيقة إلا إنها جميلة بكثير من الخضرة التي تنمو على سفوح الجبال».

أول من أدخل شرب القهوة إلى عدن

في دراسة قدمها دي لاروك عن تاريخ شجرة البن، يقدم لنا عدة معلومات عن الرجل الذي أدخل شرب القهوة إلى عدن لأول مرة، نقلاً عن كتاب «عمدة الصفوة في حل القهوة» ومؤلفة عبدالقادر بن محمد الأنصاري الجزيري الحنبلي، وقد قسم هذا الكتاب إلى 7 فصول حيث تناول الفصل الأول علم اشتقاق لفظة القهوة ومعناها وطبيعتها وخواصها وأين كانت بداية استخدمها لأول مرة والسبب في ذلك.

أما الفصول الأخرى فتتحدث عن خلاف فقهي حول موضوع القهوة، وكان المؤلف فقد سطر هذا الكتاب في مصر عام 996هـ الموافق عام 1587م، ويشير دي لاروك إلى أن ما كتبه عبدالقادر فيما يتصل بالاستخدام الأول للقهوة والتقدم الذي أحرزته بعد ذلك يعود إلى شهاب الدين بن عبدالغفار المالكي، الذي كان قد كتب من قبله بزمن طويل في هذا الموضوع وهو الأكثر من حيث المصداقية والتدقيق.

وهو الذي عاش قريباً من العصر الذي شاع فيه استخدام هذا المشروب حيث قال:«جمال الدين أبو عبدالله محمد بن سعبد الملقب بالذبحاني من ذبحان، المدينة الصغيرة من مدن شبه الجزيرة العربية حيث كان مولده، والذي كان مفتياً لعدن المدينة المشهورة والميناء في البلاد نفسها في قرابة أواسط القرن التاسع الهجري والخامس عشر الميلادي، والذي أتيحت له فرصة القيام برحلة إلى بلاد فارس، وفي أثناء أقامته هناك لاحظ بعض أبناء بلده يشربون القهوة، فلم يعر ذلك اهتماماً كبيراً في البداية، ولكنه عندما عاد إلى عدن قام بتجارب عليها آملاً أن تجلب له الانتعاش. ولم يسترد المفتي عافيته فحسب، بل سرعان ما أحس بفوائد أخرى للقهوة، خصوصاً أنها طردت كل ثقل في الرأس، وصفت الذهن وأبقته متنبهاً من دون أي آثار سيئة بعد ذلك.

وقد استغلها بصفة خاصة بسبب هذه الميزة الأخيرة وغالباً ما شرب القهوة مع الدراويش، وهم طائفة من المتصوفة المسلمين، ليقيموا الليل، أو ليواصلوا الذكر بمزيد من التنبه وحضور الذهن.

والمثل الذي ضربه المغني في شرب القهوة وكونه حجة في هذه الشأن، وكذلك رجال الشريعة وأولئك الذين أحبوا القراءة وجميع الحرفيين الذين كانوا مضطرين للعمل ليلاً، والمسافرين الذين كانوا يرتحلون ليلاً تجنباً لحرارة النهار، أدى إلى إن السكان بأسرهم أقبلوا سريعاً على شرب القهوة، وليس في الليل للبقاء متيقظين فحسب، بل في ساعات النهار أيضاً بسبب منافعها الأخرى.

وهكذا شاع استعمال القهوة في عدن، وكان هذا هو المكان الأول الذي تلقاها فيه بشكل عام، جمال الدين، وهو رجل واسع الأفق يحظى بتقدير المدينة، وعلامة آخر ذائع الصيت اسمه محمد الحضرمي، المولود في حضرموت، عاصمة البلد المسمى بهذا الاسم في شبه الجزيرة العربية».

المرجع: رحلة إلى العربية السعيدة عبر المحيط الشرقي ومضايق البحر الأحمر -تأليف:الرحالة/الفرنسي دي لاروك -ترجمة: صالح محمد علي -صادر: عن المجمع الثقافي أبوظبي -الطبعة الأولى: 1999م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الأيام للصحافة و النشر Designed & Hosted By MakeSolution.com
  رد مع اقتباس
قديم 12-27-2007, 04:14 PM   #2
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي المجلس التشريعي العدني قضايا وحوارات



المجلس التشريعي العدني قضايا وحوارات
«الأيام» نجمي عبدالمجيد:

مبنى المجلس التشريعي في عام 1959م

تعد وثائق المجلس التشريعي العدني من المصادر الهامة، والمرتبطة تاريخياً بمرحلة من تطور العمل السياسي المدني في مدينة عدن، والتي جعلت من هذا المشروع حالة إدارية تدل على مستوى الإدراك الذي تقدمت إليه هذه المدينة في مجالات الحوار البرلماني.

عبر هذه الوثائق نتعرف على اتجاهات وأفكار وقضايا واتفاق واختلاف، ولكن يظل كل هذا عند الحدود المعقولة من لغة الحوار التي تعد وسيلة لإظهار المعرفة مابين القضية، وأساليب التعامل معها. والمجلس التشريعي العدني كان الأول على مستوى الجزيرة العربية في خلق مثل هذا الكيان السياسي الذي عرفته الدول والمجتمعات المتحضرة.

المجلس التشريعي يناقش تعريف العدني

حول هذا الموضوع تذكر الوثيقة رقم 1200 الصادرة عن دائرة العلاقات العامة والنشر بعدن بتاريخ 31 ديسمبر 1959م، هذه المعلومات عبر الأعضاء في مجلس عدن التشريعي هذا الأسبوع عن وجهات نظر قيمة حول تعريف العدني، وذلك عند مناقشة الاقتراع الذي قدمه المستر (سيموند) السكرتير العام، والذي طلب فيه الموافقة على تعريف مؤقت للعدني. وبعد أن قدم السكرتير العام اقتراحه، اقترح السيد سعيد محمد حسن، إجراء تعديلات تدعو إلى رفض التعريف المؤقت، وبتقديم تعريف يضم جزءً كبيراً من السكان. وقد عارض السيد سعيد محمد حسن كلمة تعدين التي جاءت في التعريف، وقال: بأن اليمنيين والصومال والأقليات الأخرى التي جعلت من عدن وطنا لها يجب أن يكون لهم بعض الامتيازات. وعند التصويت على التعديل الذي تقدم به السيد سعيد محمد حسن ،انهزم التعديل بـ 17 صوتاً ضد صوتين، وامتناع 3 أصوات. وألقى المستر سلول كلمة قصيرة حول الموضوع مؤيداً توسع التعريف، وقد تبعه السيد علي محمد لقمان، واشترك في النقاش بإلقاء خطاب جامع ذكّر مستمعيه بأن عدن جزء من شبه الجزيرة العربية، وأن العدنيين عرب. وقال السيد علي محمد لقمان:" لتطمئن الأقلية بأننا كعرب عادلين ومتسامحين، فإننا ننظر بعين الاعتبار إلى مصالح الأقليات."، واستطرد بتذكير الأعضاء بأنهم لم يحضروا إلى المجلس لمناقشة الجنسية، ولكن ليناقشوا التعريف الذي يمس فقط الخدمة العامة. وقال السيد علي محمد لقمان أنه مسرور أن يرى إدخال المحميات في تعريف الأغلبية الموضوع الآن على بساط البحث، للموافقة عليه لتعريف مؤقت، كما يسره أيضا أن يهتم التعريف بمؤهلات اللغةالعربية. واستطرد السيد علي محمد لقمان قائلا بأن تاييده لمقدمة هذا التعريف المؤقت، لايعني أنه وافق عليه برمته إنما وافق عليه مؤقتاً، انتظارا لتعبير أوسع من قبل الرأي العام ثم وقف السيد محمد سعيد الحصيني، وقال بأنه يؤيد الكثير مما قاله السيد علي محمد لقمان، إلا أنه يختلف معه في قليل من النقاط، وقد امتدح السيد الحصيني المستر (هارتلي) مدير المعارف في عدن، لتعريفه للعدني الذي نشر كوجهة نظر واحدة من وجهات نظر الأقلية في تقرير التعدين.

وقال:" إن عدن في الواقع بلد عربي، وإن هذ ه الحقيقة لايمكن أن تغير." ثم أضاف قائلا: بأن تعريف المستر (هارنتلي) قد أكد هذه الحقيقة. وعلى أي حال فإن سكان عدن غير العرب لن يؤثر عليهم هذا التعريف. وكما نريده هو أن العرب الساكنين في هذا البلد يجب أن يكون لهم احترامهم، وأن تمنح لهم حقوقهم الشرعية. واختتم السيد الحصيني كلمته قائلا: بأن تعريفه الذي سيقدمه في ظرف شهرين يختلف كثيرا عن تعريف المستر (هرتلي).

وقف السيد مصطفى عبدالله يخاطب المجلس، وعبر أولا عن أسفه لعدم تمكن رئيس المجلس التشريعي المستر (اي اي شارلس) من المساهمة في المناقشة كونه رئيسا للجنة التعدين. وقال: بأن تعريف أغلبية لجنة التعدين يفتقر إلى تأييد الشعب، لأن كلمة (عربي) لم تدخل في التعريف. ويستغرب السيد مصطفى عبدالله كيف يجوز أن يعتمد أهالي عدن على خدمة مدينة لا يكون قوامها ضباطاً من العرب أبناء هذه البلاد. ويعتقد السيد مصطفى عبدالله بأن أهالي عدن لن يقبلوا أي تعريف لاينص أن العدني هو العربي المولود في عدن. وقد نادى السيد مصطفى عبدالله باستفتاء عام لإثبات قوله. وقد رفض السيد مصطفى عبدالله التعريف المؤقت رفضا تاماً.

وقال السيد محمد علي مقطري -مخاطباً أعضاء المجلس- : بأنه يدعو إلى تعريف يعترف بأن العدني هوة العربي، وقد عبر عن تأييده لتعريف المستر (هارتلي) الذي يعتبره السيد محمد علي مقطري تعبيراً معقولاً عادلاً.

وبعد أن انتهى السيد المقطري من حديثه، وقف السيد عبدالقوي المكاوي، ووافق على أكثر النقاط التي أدلى بها السيد علي محمد لقمان في الموضوع، وقد اعترف السيد عبدالقوي مكاوي بأن وجود تعريف مرضي ليس بالمهمة السهلة، وأن المشكلة محفوفة بآراء متباينة. إلا أن السيد المكاوي يعتقد بضرورة إيجاد حل لهذه القضية، وقد شدد الحاجة إلى تعريف يشمل جميع أولئك المستوطنين لهذه البلدة، مع الاعتراف -بنفس الوقت- بأن أهالي البلد (العرب) يجب أن تكون لهم الأفضلية.

وأشار المستر (ار. بي. ارنجتن) إلى تأييد الأعضاء لتعريف المستر (هارتلي)، إلا أنه يعتقد بأن التعريف ربما ينطبق بصورة أفضل كخطوة للمواطنة أكثر منه للخدمة المدنية. وأيّد أيضا السيد عبدالعزيز شهاب، بيان السيد علي محمد لقمان، وقال: إنه وبعض زملائه كانوا يبحثون التعريف الذي لن يحافظ على حقوق العرب فحسب، بل سيكون أيضاً عادلاً ومنصفاً للآخرين.

ثم وقف السيد حسن علي بيومي، وتحدث إلى المجلس قائلا: بأنه قد تحدث إليهم بصفته عضواً مسؤولاً، وبصفته أيضاً عضواً في لجنة التعدين، وأنه في كلتا الحالتين قد أيّد تعريف الأغلبية. وقد ذكر السيد حسن علي البيومي بأنه عربي وعدني، وأن عدن بلدة عربية، وستظل كذلك. وقد شدد في أهمية اللغة العربية كعامل قوي في تطوير العروبة.

وقال السيد عبدالله إبراهيم صعيدي: بأنه تأثر تأثراً بالغاً بخطب الكثير من الأعضاء غير الرسميين. واستمر قائلا:" وأننا لن نتخلف عن الركب، نحن عدنيون وعرب، ويجب أن نسير قدماً."

وكان السيد علي علوان ملهي آخر متحدث غير رسمي، وقد امتدح -قبل أن يدعوإلى رفض الاقتراع- مستوى الترجمة العالي، الذي وفر لهذا الاجتماع الهام. وقد لخصت آراء السيد علي علوان ملهي الاختامية عندما قال:" العدني هوالعربي، والعربي فقط." وفي نهاية النقاش عندما وضع الاقترع للتصويت، فاز التعريف المؤقت بـ 17 صوتا ضد 5 أصوات. والتعريف الذي اقترحه أغلبية أعضاء لجنة التعدين هو كالاتي:

إن العدني: هوالشخص الذي:

أ- ولد في مستعمرة عدن، أو محمية عدن، أو ابن لأب ولد في مستعمرة عدن، أو في محمية عدن.

ب- سكن في مستعمرة عدن لمدة عشر سنوات، في فترة الـ 12 سنة الماضية، شريطة أن تعتبر أي فترات قضت خارج عدن لمهمة دراسية أو تدريبية، وكأنها قضيت في مستعمرة عدن.

ج- بلغ المستوى المطلوب في اللغة العربية.

الملجس التشريعي يناقش أربعة أسئلة عن المعارف في عدن

ظلت قضية التعليم في عدن من المسائل الهامة التي تطرح في مجالات الحوار، لأنها كانت في نظر صفوة المجتمع العدني القدرة التي تساعد على تجاوز الفترات مابين مرحلة متوسطة الإدارك، إلى أخرى تصل فيها درجات الوعي إلى مستوى يساعد على الإلتقاء مع دول وشعوب ظل التعليم بالنسبة لها المساعدالأول في التقدم.

نشرت صحيفة (القلم العدني) في العدد 329 السنة السابعة يوم الأربعاء 2 مارس 1960م- 4 رمضان 1379هـ، هذا الحوار الذي طرح عدة قضايا في مجلس عدن التشريعي، وقد جاء فيه:

((س- قدم المحترم علي محمد لقمان السؤال التالي للمحترم/ عبدالله إبراهيم صعيدي، العضو المسؤول عن المعارف: هل ستدرس الحكومة إصدار شهادة محلية للمدرسة الثانوية في المواضيع الفنية والعامة سوياً، وهل ستحاول الحكومة إلحاق كلية عدن والمعهد الفني بالمعاهد العليا في المملكة المتحدة (كما هو الحال في المدرسة الثانوية في السودان، إذ أنها تلتحق بجامعة "كامبردج")، وبهذا تساعد حاملي هذه الشهادات الملحية، بحيث يعترف بهم بدون حمل شهادة الثقافة العامة، وما إذا كانت الحكومة تعلم أن هذه الشهادة ستقرر المستوى للكفاءة لغرض الالتحاق بالخدمة العامة.))

ج-أجاب المحترم/عبدالله إبراهيم صعيدي، العضو المسؤول عن المعارف، بقوله:" هذه النقطة من الأهمية بمكان عظيم، وأنا شاكر للعضوالمحترم سؤاله. أولاً: بخصوص إصدار شهادة محلية ثانوية معترف بها في الجامعات في الخارج على غرار شهادة المدرسة الثانوية السودانية، أقول:" إنه لو كان لدينا جامعة أو كلية جامعية كان بإمكانها -علاوة على أو كجزء من اختبار الدخول- أن نقوم باختبار لشهادة مدرسة عليا، في السودان 38 مدرسة ثانوية للأولاد، ومدرستان للبنات تضم 13326 ولداً و448 بنتاً، حسب إحصاءات دليل وتيكر آخر طبعة، والسودان لسبب هذه الأعداد عندها مجلس امتحان خاص بها تحت إشراف ضابط كبير يعمل بالاتصال مع جامعة (كامبردج)، ويزور هذه الجامعة بين الحين والآخر.

ثانياً: بخصوص شهادة محلية للمعهد الفني، فإن اختبار سيتي أند جيلدز)- في نظري- يليق بأحسن المتدربين. ولجنة التدريب قد أشارت بتقييم اختبار منظم العمل وهذا من شأنه متى أسس أن يقدم الطرق الصحيحة للاعتراف لهؤلاء المتدربين الذي لم يصلوا إلى مستوى السيتي أندجيلدز.

وعما قريب سوف يصبح ممكنا تقديم الشهادة العامة، وهي توازي الشهادة الأهلية العادية لما وراء البحار في عدن، وعندما نتمكن من هذا سوف ندرس الأمر من جديد، معتربين بالنتائج.

ثالثا: بخصوص المدرسة الثانوية الجديدة، والصفوف التي يحتلها طلبة لايصل مستواهم في الواقع إلى مستوى شهادة الثقافة العامة الحالي. وهذه المشكلة تديرها إدارتي اليوم. ولكنه من الصعب الوصول إلى أي تقديرات الآن إلى أن يقدم عميد المدرسة تقريره عن مستوى الطلبة في السنة الدراسية الأولى، وعن مستواهم في السنة الرابعة. ومن الواضح إن من الواجب عليهم التطلع إلى الوصول لمستوى يعترف به من قبل مستخدميهم في المستقبل.

ويجب أن أضيف أنه بالرغم من مساحتها، فإن عدن قد استلمت مقدراً غير متوقع من الاعتراف من معاهد الاختبار الخارجية، وكلية عدن هي مركز معترف به لامتحانات شهادة الثقافة للمستوى العادي والعالي.

وقد علمت أنه خلال حكم الانتداب البريطاني في فلسطين، أن امتحان المدرسة الثانوية قد أقيم باتفاق مع أحد معاهد الاختبار الخارجية. وأنا أنوي أن أسأل مدير المعارف أن يبحث من إمكانية وقابلية تقديم مثل هذا الامتحان في أقرب وقت ممكن.

س- قدم المحترم/علي محمد لقمان، السؤال التالي للمحترم /عبدالله إبرهيم صعيدي ،العضو المسؤول عن المعارف.

كم عدد الطلبة العدنيين الذين قدالتحقوا بقسم الآداب للمستوى العالي، وكم منهم قد نجحوا في موضوع، أو أكثر منذ ابتداء التعليم، لتمكينهم من التقدم لتعليم أوسع في الاقتصاد؟.

ج-أجاب العضو المسؤول عن المعارف قائلا:

"إلتحق 7 طلاب عدنيين بقسم الآداب للمستوى العالي في كلية عدن من 1957، منهم 3 في 1957 /6,196 في 1959م و1960م ، ولم يلتحق أحد في 1958م. ولم تقدم الحكومة بعثات لتعليم أوسع في الاقتصاد.

س- سأل المحترم علي لقمان، العضو المسؤول عن المعارف: ماهي المحاولات التي أقيمت باستشارة عميد كلية عدن لاختيار طالب أو عدة طلاب من الذين نجحوا في المستوى العالي لقسم الآداب الدورة الدراسية التي اقترحت في الطريقة الأولى في تقدير لجنة التعدين (صفحة 133).

ج-أجاب المستر (سيمندز) السكرتير العام:" أجيب على هذا السؤال لأن تعدين الخدمة العدنية من اختصاصي."

لم تقدم محاولات لاختيار طلبة للتمرين بالطريقة المقترحة، وأسال العضو المحترم أن يرجع إلى جوابي عن السؤال (رقم 51).

س- سأل المحترم علي لقمان، العضو المسؤول عن المعارف.

هل تدرك الحكومة أن الأخذ بالطريقة الثانية من تقرير لجنة التعدين (صفحة 133) من شأنه أن يقضي على حماس الطلبة الذين يأخذون تعليماً أعلى من مستوى شهادة الثقافة العامة للمستوى العادي.

ج- أجاب المستر(سيمندز) السكرتير العام.

"لا ياسيدي، ولكنني سوف أدرس النقطة التي أثارها العضو المحترم أثناء دراستي مشاريع تعدين إدارة التجارة."

المجلس التشريعي يناقش التطوير الجديد

تذكر نشرة خدمة صحافة الجنوب العربي، الصادرة عن وزارةالإرشاد القومي والإعلام بعدن بتاريخ 20 فبراير 1965م، رقم 228، "بأن السيد عبده حسين الأدهل، عند تقديمه للميزانية الخاصة لمشروع التطوير لولاية عدن بمبلغ (31 مليون جنيه) للسنوات من عام 1965م -1970م إلى مجلس عدن التشريعي. وقد طلب منه المصادقة على هذا المشروع حتى تتمكن الحكومة العدنية من التفاوض مع الحكومة البريطانية حول تقديم المساعدات المالية الأخرى التي كانت تحتاج إليها عدن في تلك الفترة التي شغل بها السيد عبده حسين الأدهل منصب وزير المالية. وكان الوزير قد أعلن أن الحكومة البريطانية قد أبلغت حكومة عدن بعدم مقدرتها على توفير أموال أخرى كمساعدة حتى نهاية السنة المالية 1965-1966م ،عدا المساعدة المقدمة خلال السنة المالية المؤلفة من منحة قدرها (مليون جنيه)، وقرض مالي قدره (مليون جنيه). وقال الوزير:" إن الحكومة وضعت تقديرات للمشروع، وأعدته بكل عناية وحصافة من مراعاة أحوال الاقتصاد والاعتدال، وذلك للأمور التي رأتها ضرورية لولاية عدن، خاصة وأنها مقبلة على ظروف سياسية جديدة، بل على الدخول في مجموعة الدول المستقلة قبل أن تنتهي فترة المشروع المذكور."

وقد خصص مبلغ(640,000 ,1 جنيه) بموجب مشروع التطوير الجديد من أجل بناء المدارس، و(3,655,000 جنيه) للطرقات والأراضي والإسكان، و(5,790,000)للتطوير الاقتصادي والصناعي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الأيام للصحافة و النشر Designed & Hosted By MakeSolution.com
  رد مع اقتباس
قديم 12-29-2007, 08:13 PM   #3
النقيب
حال جديد

افتراضي

تذكر نشرة خدمة صحافة الجنوب العربي، الصادرة عن وزارةالإرشاد القومي والإعلام بعدن بتاريخ 20 فبراير 1965م، رقم 228، "بأن السيد عبده حسين
  رد مع اقتباس
قديم 01-04-2008, 04:57 PM   #4
ابن_اليمن
شاعر السقيفه
 
الصورة الرمزية ابن_اليمن

افتراضي

احسنت بارك الله فيك
  رد مع اقتباس
قديم 01-17-2008, 07:44 PM   #5
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي المؤرخ حمزة علي لقمان ..عدن بين البحار والجزر



المؤرخ حمزة علي لقمان ..عدن بين البحار والجزر


«الأيام» نجمي عبدالمجيد :



ممّا سطر لنا قلم المؤرخ الأستاذ حمزة علي لقمان حول تاريخ عدن ودورها البحري وامتداد نفوذها عبر البحار الواسعة وأهميتها والجزر الملتقية بها عبر الممرات المائية، شكل لنا مرجعية في قراءة هذا الجانب من سجلات عدن التاريخية التي تقدم لنا من أبواب المعارف والقصص ما يعطي لذاكرتنا زيادة معرفة عن هذه المدينة وبحارها، وحكايات الناس فيها، ولقد كانت للجزر المتصلة بحريا بعدن الكثير من الأحداث عبر مدار الأزمان، وهذه بعض من أحاديث الأستاذ حمزة علي لقمان عن عدن وجزرها وبحارها.

ميناء عدن بين ساحل صيرة وسواحل الشيخ أحمد

في العدد 6 من مجلة «فتاة شمسان» الصادر يوم الأربعاء 1 يونيو 1960م الموافق 7 ذو الحجة 1379هـ السنة الأولى، وفي باب (صور من تاريخ عدن) نشرت هذه المادة التي تقدم عدة إجابات عن أسئلة القراء، وهذا هو نص المادة التاريخية: «س: منذُ متى عُرفت عدن كميناء بحري عظيم؟

ج: منذُ أيام سبأ وحمير، فقد كانت عدن مرسى للسفن الصغيرة والكبيرة التي تصل إليها من الهند وغيرها من بلدان الشرق، تحمل البضائع الثمنية، إما للاستهلاك المحلي أو ليعاد شحنها إلى بلدان أفريقيا ومصر والشام.

س: هل معنى هذا أن عدن كانت تحتكر التجارة مع هذه البلدان؟

ج: لقد ذكر بحار يوناني ميناء عدن، زارها في أيام دولة حمير، فقال: إن عدن احتكرت تجارة الهند، وإنها كانت وسيطة بين تجارة الهند وتجارة مصر.

س: وكيف كانت علاقة عدن بتلك البلدان؟

ج: بحكم مركز عدن الهام كانت عدن محط أنظار التجار من مختلف البلدان، وخاصة الهند ومصر وأفريقيا والإمبراطورية الرومانية، لأن الرومان كانوا ينظرون إلى عدن بعين الغيرة والحسد وخصوصا في أيام القيصر كلوديوس، الذي أراد أن يحول تجارة الهند إلى الموانئ المصرية رأسا بدلا من مرورها بعدن، ولم تكن أمامه سوى طريقة واحدة لذلك وهي تخريب ميناء عدن.

س: وماذا فعل القيصر كلوديوس؟

ج: أرسل حملة عسكرية، تمكنت من تخريب ميناء عدن والهبوط بمستواه.

س: وماذا حدث بعد ذلك؟

ج: في أيام الملك الحميري مرثد بن عبدكلام استعادت عدن مجدها القديم، وازدهرت تجارتها، وسكنها تجار الهند ومصر وأوربا، وكان ذلك في أيام حكم القيصر قسطنطين، حتى أن الرومان سموا عدن روما ثم (أمبوريم) أي المستودع الروماني.

س: ومتى كان ذلك؟

ج: حوالي سنة 340 ميلادية أي قبل الإسلام بحوالي 300 سنة.

س: وكيف صارت عدن وصار ميناؤها بعد الإسلام؟

ج: كانت عدن زاهرة في أيام دولة بني الصليحي، وكان يحكمهابالنيابة عنهم بنو معن، وذلك حوالي سنة 450 هجرية، ثم في أيام بني زريع كانت الحركة التجارية في عدن نشيطة خصوصا بعدما استقل بنو زريع بعدن وانفصلوا عن دولة بني الصليحي، أما في أيام بني أيوب فقد زادت عدن في نشاطها وبالخصوص في أيام نائبهم فيها أبو عثمان عمر بن علي الزنجبيلي الذي حكم عدن من سنة 569 إلى سنة 589 هجرية.

س: هل يمكن أن تعطينا فكرة عن حالة عدن وأهلها في تلك الأيام؟

ج: نعم، كانت الحركة التجارية مركزة في جبل صيرة وساحل صيرة والمناطق القريبة منه، وهناك كانت السفن تلقي مراسيها، وقد وصفها الرحالة العربي ابن بطوطة، فقال: «إنها مرسى بلاد اليمن، وتقع على ساحل البحر الأعظم، والجبال تحيط بها، ولا مدخل إليها إلا من جانب واحد، وإنها مرسى أهل الهند، تأتي إليها المراكب العظيمة، وتجار الهند ومصر ساكنون بها». وقال ابن بطوطة: «إن أهل عدن ما بين حمالين وصيادين وتجار، وللتجار منهم أمول عظيمة، وربما يكون لأحدهم المركب العظيم بجميع مافيه، لا يشاركه غيره لسعة ما بين يديه من الأموال، ولهم في ذلك تفاخر ومباهاة».

س: وهل وصف ميناء عدن أحد غير ابن بطوطة؟

ج: نعم وصفها صلاح الدين ابن الحكيم فقال: «ولا ينقضي أسبوع إلا ويدخل إلى الميناء عدد من السفن، فيزورها التجار حاملين بضائعهم المتنوعة، ويكسب أهلها أرباحا كبيرة».


مبنى الجمارك في المعلا المحاذي لفرضة المعلا Maalla Wharf أي مرسى السفن الشراعية، وكانت الفرضة أو المرسى أقدم موانئ عدن قبل الاحتلال البريطاني 1839م، واستمر يتطور منذ بداية القرن العشرين كمرسى وميناء لاستقبال السفن وصيانتها وكذلك بناء السفن.

وحين يتهيأ الربان للسفر فإنه يرفع رآية ليجتذب أنظار التجار الذين يسرعون إلى الساحل، ووراءهم عبيدهم يحملون الملابس الثمينة والأسلحة النافعة، وتقام أسواق على الساحل ويأتي الأهالي ليتفرجوا.

س: وكيف هبط مستوى عدن بعد ذلك؟

ج: استمر ميناء عدن نشيطا في أيام بني الصليحي وبني زريع وبني أيوب وبني رسول وبني طاهر، ثم بعد الغزو العثماني في سنة 1538 ميلادية بدأت عدن تتعرض لغزو رجال القبائل حتى ضاق التجار بتلك الحالة فبدأوا يهجرونها ثم مر العثمانيون من اليمن واستولى عليها أئمة الزيدية، أما لحج وعدن فقد استولى عليهما فضل بن علي السلامي مؤسس الدولة العبدلية سنة 1832م، فتمزقت عدن وهبط مستواها وتخرب دورها وهجرها تجارها، وفقدت مجدها وعظمتها، خصوصا أن رجال القبائل من يافع والعبادل وأبين كانوا يغزونها وينهبونها ويخربونها.

س: لقد ذكرت أن ميناء عدن كان في صيرة فمتى انتقل إلى التواهي؟

ج: كانت منطقة صيرة تسمى الخليج الأمامي، ومنطقة التواهي الخليج الخلفي أو الخليج الغربي، وكانت دار الفرضة تقع في صيرة إلا أنه في سنة 1755م بنى بعض التجار العرب والهنود مرسى في المعلا، وفي سنة 1864م انتقلت دار الفرضة من صيرة إلى المعلا، وبذلك بدأ مجد ميناء صيرة بالزوال، وفي سنة 1867م بنت الحكومة الإنجليزية دكة في ساحل الشيخ أحمد بالتواهي، وبذلك صارت التواهي تستقبل السفن بدلا من صيرة».

في كتابة تاريخ الجزر اليمنية الصادر عام 1972م عن مطبعة يوسف وفيليب الجميل في بيروت، يقدم لنا عدة معلومات تاريخية عن جزيرة صيرة التي تقف تجاه مدينة عدن كحارس أمين، تصلها بالمدينة طريق كانت تتسع لعربة واحدة في وسطها جسر تمر من تحته قوارب صيد الأسماك.

ويرى الكاتب حمزة علي لقمان أن تاريخ هذه الجزيرة ارتبط بتاريخ عدن، لأنها ظلت لعدة قرون من الزمان المركز الأمامي في الدفاع عن ميناء صيرة من جهة البحر، وفي فترات من تاريخ عدن كان السجن والجمارك في جزيرة صيرة، كما لعبت الجزيرة عدة أدوار هامة خلال الغزوات البرتغالية والمصرية والعثمانية والبريطانية، وكانت بها مواقع على الانتصارات والمآسي، وظلت الصلة بين البر والبحر.

ومن كتب الحكايات يشير المؤلف إلى أول الأساطير، وهي أن (قابيل) بعد أن قتل أخاه (هابيل) هرب إلى عدن مع أخته (أقليمة) خوفا من غضب أبيهما (آدم)، وبعد دفن جثة هابيل فوق جبل في عدن كان يعرف باسم جبل التعكر، يعرف الآن باسم جبل حديد، ظهر لهما إبليس وأغراهما على النار وبنى لهما معبدا فوق جبل صيرة.

ويذكر نقلاً عن القاضي أبي الطيب بامخرمة أنه قال: «في رأس جبل صيرة حصن قديم فيه رتبة، وسمع أن القاضي العدني جمال الدين ابن كبن طلع إلى رأس هذا الجبل، ومعه جمع من أعيان عدن، فأدلوا بالبئر المذكورة حبلا، ثم رفعوا وقد احترق طرفه، وقال شيخنا الوالد ـ رحمه الله ـ فلما حكيت هذا القصة للملك المجاهد علي بن طاهر قرر أن يصعد إلى الجبل في يوم مقرر، ولكن حين حل ذلك اليوم وصلته أخبار بمقتل أخيه الملك الظافر عامر بن طاهر عند أبواب صنعاء، فألغى رحلته إلى الجبل وغادر عدن إلى صنعاء».

أما المؤرخ ابن المجاور، فقد ذكر أن جبل صيرة به بئر تعرف باسم (عنبر)، وقد عرفت عند أهل عدن باسم (بركة عنبر)، وسميت عند حكماء الهنود (بيران) ويخرج منها دخان لسنوات طويلة من الدهر، وعرفت أيضا باسم (بئر الهرامسة)، وليس لإنسان المقدرة على النظر فيها من شدة وهج النار، وتوجد حول البئر حجارة مكسرة وأفاعٍ وحيات قائمات.

عُرف عن عدن منذُ عهود سحيقة من التاريخ أنها منطقة بركانية، لذلك ظهرت حولها الحكايات الشعبية والأساطير، إضافة إلى موقعها الجغرافي الاقتصادي والعسكري الذي جعلها ملتقى الشعوب والثقافات، وما أفرز عنها من معالم ومعارف كانت عدن الوعاء الحاوي لكل هذا، وذلك ما قدمت بعضا منه كتابات حمزة علي لقمان.

جزيرة العبيد وجزيرة الشيخ أحمد

بعد نقل الميناء إلى منطقة التواهي أطلق عليه بندر التواهي، ويتكون من شبه جزيرة جبل إحسان غربا وجبل شمسان شرقا ويصل طوله حوالي 8 أميال من الشرق إلى الغرب، أما العرض فيبلغ 4 أميال، وينقسم إلى خليجين بواسطة لسان أرضي تمتد نحو نصف ميل إلى الجنوب، ومن جزيرة علاية ،أما المدخل بين رأس سليل في الغرب ورأس طارشين في الشرق يبلغ 3 أميال وفي العرض ثلث ميل.

في هذا المحيط المائي المتصل جغرافيا بعدن توجد عدة جزر أكبرها جزيرة العبيد، عرفت باسم جزيرة السواعي، وهي سفن مصنوعة من الأخشاب (شراعية)، كانت تصل من عدة مدن بحرية، مثل صور في سلطنة عمان وزيلع في الصومال، وتقع جزيرة العبيد في مرسى السفن الشراعية في المعلا تجاه باب السلب في الجانب الشمالي من جبل حديد، وقد وجدت في هذا المكان دكة الكباش التي كانت تنقل من بر الصومال إلى عدن بواسطة هذه السفن، وترتفع أعلى قمة فيه حوالي 300 قدم، وقيل أيضاً عن هذه الجزيرة إنها كانت تستخدم كمركز لتطعيم الحجاج قبل السفر بحرا.

من عدن إلى الأراضي المقدسة

ويقول الأستاذ حمزة لقمان عن هذه الجزيرة: «وفي وقت الجزر يمكن للأنسان الوصول إليها من الطريق البحرية المرتفعة التي شيدت في البحر لتربط منطقة خورمكسر بمدينة الشيخ عثمان وبالطريق المؤدية إلى مدينة الشعب وعدن الصغرى، وحين ردم البحر لبناء أرصفة المعلا صارت جزيرة العبيد مرسى إضافيا ومعملا لترميم السفن، وشيدت في الجزيرة معامل وبنايات ومصانع لتعليب الحليب، ونجارة ومخازن ومستودعات ونادٍ للزوارق.

وأمام جزيرة العبيد تتناثر جزر صغيرة بنيت على اثنتين منها مستودعات لتجفيف وخزن السمك والجلود، وهذه الجزر هي صخرتا الأخوين علاية ومرزوق الكبير وقيس الحمال وقلفتين، وبين خليج الغزو (كونكوست بيه) ورأس عنتوف تقع جزيرة دنافة الخالية من السكان.

وفي منطقة عدن الصغرى تتناثر جزر صغيرة وصخور بارزة هي سليل والمربعة والطويلة وغيرها.

أما جزيرة الشيخ أحمد فصخرة تقع في ميناء التواهي، سميت باسم الولي الشيخ أحمد الصياد المقبور في سفح جبل الساعة المطل على ميناء التواهي، ويعتبر من المعالم التي يرغب الزوار والسواح في التقاط صور لها، لأن مسجد الشيخ أحمد الصياد هو أول ما يقابل السواح عند نزولهم إلى الرصيف، وحين احتل الإنجليز عدن وقع اختيارهم على ساحل الشيخ أحمد ليكون محطة لخزن الفحم، لأن السفن كانت تستطيع الرسو على بعد 100 ياردة من المحطة.

وقد شيدت فوق الجزيرة بنايات لتكون محجرا صحيا، وبعد إلغائه استعملت البنايات كمنازل للموظفين، وفي يناير 1968م تحولت البنايات إلى مدرسة لتدريب ضباط الهجرة».

جزيرة ميون

تبعد جزيرة ميون عن ميناء عدن مسافة 100 ميل بحري و200 ميل عن جزيرة كمران، وهي تقع في مضيق باب المندب على بعد ميل ونصف من الساحل العربي و11 ميل من الساحل الأفريقي، وتفصل باب المندب إلى قسمين، الأول المضيق الصغير الذي يفصل الجزيرة عن الشاطيء العربي، ويتكون عرضه من 3 كيلو مترات، والثاني المضيق الكبير وعرضه نحو 21 كيلو مترا، ويستخدم المضيق الصغير لمرور السفن نظرا لوجود مجموعة من الجزر البركانية الصغيرة والمعروفة باسم (الأخوات السبع) في المضيق الكبير.

وعن تكوين الجزيرة يشير الأستاذ حمزة علي لقمان إلى أنها تتكون من تشكيلات صخرية بركانية هي عبارة عن مجموعة من التلال المنحدرة نحو الشاطيء، واسعة آمنة يبلغ طولها حوالي ميل ونصف وعرضها نصف ميل وتحيط بالميناء، أما أعلى قمة مرتفعة تصل إلى 245 قدما، وقد زارها البحار اليوناني مجهول الاسم الذي ذكرها في كتابة (الطواف حول البحر الأحمر) باسم ديو دورس.

في عام 1511م احتلتها قوات بحرية برتغالية بقيادة الفونسو ديليو كيرك عند عودته من البحر الأحمر، وقد أقام بنايات عسكرية في الرأس الشمالية للميناء، ولكن انسحبوا منها لعدم وجود المياه الصالحة للشرب، وفي عام 1738م جاءها الفرنسيون وقاموا بحفر بئر ماء، لكنهم أنسحبوا لنفس السبب.

وبعد امتلاك بريطانيا لعدن عام 1839م احتلت جزيرة ميون عام 1857م وقامت ببناء فنار يصل ارتفاعه إلى 90 قدما، وأمكن مشاهدة أنواره من على مسافة 22 ميلا، ولذلك العامل أرسلت حكومة الهند جنودا لحراسة الفنار، وفي عام 1912م تم تحسين حالة الفنار وجهز بفتيلة وهاجة، وكانت في تلك الفترة تعد من أحدث ما يمكن تقديمه في مجال الخدمات في هذا الجانب.

عام 1883م أسست هيئة تجارية في الهند شركة للفحم في الجزيرة تدار من بومباي، غير أن اسمها حول بعد ذلك إلى (شركة بريم للفحم)، وأصبحت تدار من لندن، وفي عام 1884م أقامت شركة البرق الشرقية محطة لها، وأوصلت الأسلاك من تحت البحر إلى عدن وإلى الساحل الأفريقي، وظلت الشركة تعمل في تموين السفن حتى عام 1936م.

وخلال تلك الحقبة أسست مدينة ميون الصغيرة التي تكونت من البيوت والفيللات والمعامل والمنشآت والفنادق لاستقبال السواح وركاب السفن ومكاتب الشركات والمباني الحكومية، ومدرسة ومسجد ونادٍ رياضي ومصنع لإنتاج الثلج، وعدة ممرات للسفن ومحطة تقطير لمياه الشرب من مياه البحر، وأقامت سلطة للميناء لها مرشدون بحريون، وخدمات صحية ومهندسون للسفن التي كانت تزور الجزيرة من أجل التزود بالوقود والمواد الغذائية.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas