حضرموت قبل التاريخ حضرمية

[حد من الوادي]

حضرموت قبل التاريخ حضرمية
د.عبدالله سالم بن إسحاق

الإثنين , 8 أغسطس 2011 م

مدخل:

كان شعب حضرموت ولا يزال منبع الآمة ونهد تجددها وطاقة تفوقها ،وليس هذا تبجحا وطنيا ولا مباهاة طائفية ..وإنما هو استنطاق الحقائق وتأكيد الوقائع ولسان حال الأحداث.

فحضرموت محط أنظار الباحثين والرواد يقصدونها من أرجاء الأرض لدراسة تاريخها وحضارتها التي لم تصارع في ماديتها أو في مضامينها الإنسانية والفكرية حضارة غيرها من أقطار العالم القديم .

إن أكثر كتاب اليونان ذكرا للبلاد العربية أمثال (سترابون-بلينيوس-وبطليموس)فلقد ذكروا الحضرميون بلغتهم(chatramotitae)وإنهم كانوا أكثر تفوقا من أوربا علميا وثقافيا وصناعيا وزراعيا وعسكريا.

ولقد أثبتت الحفريات الأثرية إن الإنسان القديم قد استوطن هذا الجزء من العالم وتم العثور على أدوات حجرية كان يستخدمها الإنسان البدائي في حياته وذلك في مناطق مثل القزة بوادي دوعن وأربعه وديان نهرية واسعة وهي وادي دهر ووادي رخية ووادي الكسر ووادي العين .

كما أظهرت الحفريات ركام معبد آلهة القمر (سين)على مساحة 8في 10متر،إلى جانب مدينة قنا وميناءها الرئيسي لجنوب الجزيرة العربية والذي يعود تاريخ بناء الميناء الواقع في الجانب الغربي للمدينة إلى أواخر القرن الأول قبل الميلاد.

كما تناولها ابن خلدون والأصفهاني وابن كثير وابن الأثير والمسعودي وكثيرا من المؤرخين العرب.ونورد هنا ماأوردة ابن خلدون:

(أنة كان في حضرموت ملوك يقارب ملوك التبابعه في علو الصيت).وقال المستشرق المستر وندل فلبسقامت اقتصاديات أربع من الممالك الهامة في جنوب الجزيرة العربية ،فقد كانت القوافل تنساب من غابة البخور في حضرموت متجهة نحو الشمال على طول الجزيرة ثم تعود محملة بالذهب والفضة.

عن هذه المقدمة البسيطة جدا والتي لاتصل حتى إلى نسبة 1%من تاريخ حضرموت العريق أرتأيت أن تكون المدخل لهذا البحث التاريخي الهام والذي سيكون على حلقات حسب التسلسل التاريخي للأحداث:

من هم العرب؟

الاحقاف

عاد

نبي الله هود

وتستمر تسلسل الأحداث من التاريخ القديم إلى الوسيط وإسلام حضرموت وحتى ثورة عبدالله بن يحيى (طالب الحق)-وأحداث التاريخ الحديث-

هناك الكثير من الغيورين من كتب ويكتب والهدف هو حضرموت

[حد من الوادي]

حضرموت قبل الإسلام حضرمية -2-
د.عبدالله سالم بن إسحاق
الإثنين , 15 أغسطس 2011 م
العرب :

العرب قبل الإسلام هو سكان جزيرة العرب فقط.. فأهل العراق والشام من السريان والكلدان والأنباط واليهود واليونان،وأهل مصر من الأقباط ،وأهل المغرب من البربر واليونان والو ندال ،وأهل السودان من النوبة والزنوج وغيرهم.

وفي تاريخ الفراعنة والأشوريين والفينيقيون.فكانوا يطلقون على العرب أهل البادية في القسم الشمالي من جزيرة العرب وشرقي وادي النيل في البقعة بين الفرات في الشرق والنيل في الغرب . وفيها بادية العراق والشام وشبة جزيرة سيناء ، وكان وادي النيل الفاصل بين ليبيا في الغرب وبلاد العرب في الشرق.



ولفظ عرب في التاريخ القديم كان يراد به لفظ(بدو)أو بادية،وفي العبرية (البادية)يقابلها في العربية (العرابه)وكانوا يسمون جزيرتهم (عرب).(ياقوت 633ج3).ولما تحضر بعض قبائل العرب وأقاموا مدن في اليمن والحجاز وحوران وغيرها لم يعد لفظ (عرب)محصورا في البدو فتنوع معناه واستعملوا لفظ (الحضر)لأهل المدون و(البدو)لأهل البادية ولم يبق للفظ عرب من معنى البداوة ألان إلا في مثل قولهم إعرابي.



من هم العرب ؟وأين هو مهد الساميين؟:



المؤرخون يقولون إن الشعوب التي تتفاهم بالعربية والعبرية والسريانية والحبشية-والتي كانت تتفاهم بالفينيقية والأشورية والاراميه هم شعوب سامية نسبة إلى سام بن نوح .واللغات السامية لاوجود لها ألان.وقال سبر نجر وشر يدر ودنكار الالمانيون وروبزنتن سميث الانجليزي إن العربية اقرب أخواتها إلى اللغة السامية الاصليه وان في العبرانية والآرامية آثار الحياة البدوية وهي عربيه.



ومهما يكن من أمر فان الأمم التي تفرقت كانت تتكلم عند تفرقها لغة واحدة وهي السامية الاصليه ثم تغيرت تلك اللغة حسب الأقاليم وعلى مقتضى ناموس الارتقاء وتباعدت ألفاظها وتراكيبها ولإنزال تشترك في خصائص تميزها عن سواها من اللغات الآرية والطورانيه.



مهد الساميين :-



المؤرخين واختلافهم: طائفة من المستشرقين يقول (للتشابه بين اللغات السامية والحامية (لغات أفريقيا)قالوا إن مهد الساميين في أفريقيا :ونظرا لقرب الحبشة من بلاد العرب إقليميا قالوا إن مهد الساميين الحبشة (ومن هذه ألطائفه سالت ورويتر).



2- وطائفة أخرى تقول إن مهد الساميين جزيرة العرب ومنها تفرقوا في الأرض كما تفرقوا في صدر الإسلام ومن أدلتهم على ذلك إن اللغة العربية أقرب أخواتها إلى اللغة السامية الاصليه (ومن هذه ألطائفه سبرنجر وشريدر وونكار الالمانيون وروبرت سون سميث الانجليزي).



3- وتقول طائفة أخرى إن مهد الساميين في جنوبي الفرات واستندوا إلى أسباب جغرافيه طبيعيه تتعلق بتفرق النبات والحيوان وأسمائها في اللغات السامية ومنهم(اجنازيو جويدي المستشرق الايطالي).



4-وتوسع آخرون بقولهم إن أصل الساميين الحبشة وإنهم عبروا إلى الجزيرة العربية من بوغاز باب المندب إلى اليمن قبل زمن التاريخ وتكاثروا وانتقلوا من اليمن إلى الحجاز ونجد والبحرين ثم نزحت طائفة منهم إلى فلسطين وطائفة إلى العراق وأهل العراق يومئذ السومريون أو الأكاديون وهم طورا نيون من جنس المغول وقد تمدنوا وتحضروا ،وطائفة إلى فينيقيه فغلب الساميون على تلك البلاد وأنشأوا دول بابل وأشور وفينيقية وفلسطين وغيرها – ويرى أصحاب هذا المذهب إن العبرانيين نزحوا من الحجاز والآراميين من نجد لأن آرام معناها الجبال ونجد جبليه ويستشهدون على صحة رأيهم بما ذكره هيرودوتس عن نزوح الفينيقيين في الأصل من شاطئ خليج العجم.

ولنأت إلى التاريخ أي زمن التاريخ فيظهر إن أقدم الأمم السامية التي تمدنت وخلفت آثار هم البابليون.فقد تمدنوا في القرن الثالث قبل الميلاد.وهذا الزمن يوافق نزوح الفينيقيون من خليج فارس إلى سوريا (هيروديتس468،king135)على مايظن.وكانت بابل بلاد حضارة وتمدن قبل ذلك الحين بأجيال وسكانها السومريون(king 135-143)،فأقام الساميون أولا في غربها ببادية العراق والشام،وهم قبائل رحل يعيشون على السائحة والغزو مثل البدو هذه الأيام.



وبلاد العراق أو مابين النهرين بلاد خصب ورخاء ،فلقد نزلها الطورانيون قديما وأنشأوا فيها تمدنا حسنا،واتخذوا آلهة وشرائع واستنبطوا كتابة صورية تحولت عبر الأجيال إلى الشكل المسماري المعروف،ولما تحضروا وغلب عليهم الرفاء جاءهم الساميون من البادية وغلبوهم على مافي أيديهم وأخذوا آلهتهم وشرائعهم وزادوا فيها أو حسنوها،وزادوا عليها.ولقد تدرجوا في التغلب والتحضر على الأسلوب الآتي:

-

كان الساميون في أعالي جزيرة العرب وقد خيم بعضهم في البادية بين العراق والشام والمقيمون منهم قرب الفرات كانوا يتسربون تدريجيا إلى المدن المجاورة ، فمن تحضر منهم هناك خدم دولتها في الحروب أو غيرها مما يحتاج إلى قوة بدنية ثم يندمج مع أهلها وكان سكان تلك المدن يسمونهم (عمورو)أي أهل الغرب لأن بلادهم واقعه غربي الفرات وقد يراد بالعمورو أهل غربي الفرات من بدو و حضر ، ثم سموهم (عريبي)أو عرب ومعناها أيضا في اللغة السامية الأصلية (الغربيون)وكانوا يسمون بلادهم (مات عريبي)أي بلاد الغربيين أو بلاد العرب ، وبما أن تلك البلاد صحراء بادية صار لفظ(عرب)في اللغات السامية يدل على البادية وبهذا المعنى سماهم المصريون القدماء أيضا(شاسو) أي البدو أو أهل البادية.



والعرب وتاريخهم من القديم إلى ظهور الإسلام مروا بثلاثة أدوار كبرى...

الدور الأول كانت السيادة لقبائل القسم الشمالي من جزيرة العرب وأكثرهم من العرب البائدة.

الدور الثاني المتوسط كانت السيادة فيه لعرب القسم الجنوبي وأكثرهم من القحطانيين.

الدور الثالث الأخير عادت السيادة فيه إلى الشمال وينتهي بظهور الإسلام وأكثر قبائله من العدنانية.


(يتبع)

[حد من الوادي]

حضرموت قبل التاريخ حضرمية (3)
د.عبدالله سالم بن إسحاق

الثلاثاء , 23 أغسطس 2011 م


الطور الأول: عرب القسم الشمالي = العرب البائدة =

يقول العرب إن هذه الطبقة تشتمل على :

عاد ، ثمود ، العمالقة ، طسم ، جديس ، أميم ، جرهم الأولى ، حضرموت ومن ينتمي إليهم ويسمونها العرب العاربة وإنهم من أبناء سام بن نوح . قال ابن خلدون وكان لهذه الأمم ملوك ودول في جزيرة العرب وامتد ملكهم فيها إلى الشام ومصر ويقال أنهم انتقلوا إلى جزيرة بالقرب من بابل لما زاحمهم فيها بنو حام ، فسكنوا جزيرة الغرب بادية ثم كان لكل فرقة منهم ملوك وقصور ، إلى أن غلب عليهم بنو يعرب بن قحطان . وقال في مكان آخر ( إن قوم عاد والعمالقة ملكوا العراق)

والعرب يقسمون القبائل البائدة إلى قسمين : العماليق من نسل لاوذ بن سام ، وسائر القبائل البائدة من نسل أرم بن سام قال ابن خلدون (كان يقال عاد ارم ، فلما هلكوا قيل ثمود ارم، فلما هلكوا قيل نمرود ارم ، فلما هلكوا قيل سائر ولد ارم.

فالعرب يعدون العرب البائدة ساميين من نسل ارم، أي آراميين. إلا العمالقة فيقولون أنهم من نسل لاوذ بن سام أخي ارم ويقولون أنهم ملكوا العراق (بابل) ثم نزحوا إلى جزيرة العرب..

- هل العمالقة أصل سائر العرب البائدة، أو هو اسم يشملهم جميعا ؟:

يريد المؤرخون بالعمالقة قدماء العرب وخاصة أهل شمالي الحجاز مما يلي جزيرة سينا الذين فتحوا مصر باسم الشاسو ، واصل لفظ العمالقة مجهول ( رأي ) ( جرجي زيدان) في نظرة أنهم نحتوه من اسم قبيلة عربية كانت مواطنها بجهات العقبة أو شماليها) حيث كان العماليق على قول التوراة ويسميها البابليون ( ماليق) أو(مالوق) فأضاف إليها اليهود لفظ (عم) أي الشعب أو الأمة فقالوا (عم ماليق) فقال العرب عما ليق ثم أطلقوه على طائفة كبيرة منهم.

وكان للعماليق دولتان كبيرتان أحداهما في العراق والأخرى في مصر .

العمالقة في العراق:

أقدم من ذكر سيادة العرب على العراق كاهن كلداني أسمة بروسوس من أهل القرن الرابع قبل الميلاد . وجعل كتابة هدية إلى انطيو خوس ملك سوريا وضاع ذلك الكتاب ونقل بعض نصوصه ابولودوروس و بوليسنور من أهل القرن الأول قبل الميلاد . ووضع جدول للدول التي توالت على مابين النهرين :

دول قبل الطوفان-------- ملوكها 10 حكمهم 432000

دول بعد الطوفان----- " 86 " 34080

دولة مادي---- " 8 " 204

دول أخرى----------- ضاعت أرقامها

الكلدان------ " 49 " 458

العرب------------ ملوكها 9 حكمهم 245

الأشوريين-------- " 45 " 526

والملاحظ إن هناك مبالغة في مدد الحكم الأولى للدولتين ماقبل الطوفان ودوله العرب المشار إليها توافق ما يسميه المؤرخون ألان ألدوله البابلية الأولي أو دولة حمو رابي نسبه إلى حمورابى أشهر اكبر ملوكها وصاحب أقدم كتب الشريعة في العالم ولقد اعتبروا المؤرخون تاريخ من دولة مادي إلي الأشوريين اعتبروه تاريخا

وإذا كان ما اكتشفه المؤرخون في بابل ذالك النصب الذي اكتشفوه إن نبغ صرحون الأول سنة 3800 ق.م استقل بمملكه بابل هو وابنه نرام سين وان هذا الملك سامي العنصر لأنة كتب فتوحه بلغه سامية فيكون الساميون قد شاركوا السومريون في الحكم من ذالك العهد البعيد (DerameorientK1x;3)وامتدت سلطه سرجون وأبناءه من بلاد الفرس في الشرق إلي اليم المتوسط وجزيرة سينا في الغرب .

وتوالى بعده عدة ملوك ودول حتى ضعف أمر السومريون فأتيح للساميين الاستبداد بالسلطة وأول ملوكهم اسمه (ساموابي )أي سام أبي أو ابن سام وهو يعتبر رأس دوله حمورابى أو الدولة البابلية الأولي ،استولى أولا على شمالي بابل نحو سنة 2460 ق.م .وكان جنوبها في حوزة ملك عيلالى وخلفه ابنه (سامو ليلا) الذي انتق إلى بابل كعاصمة لمملكته وهو أول من قبل ذالك .وتوالى بعده خلفاءه من أسرته حتى وصل إلى حمورابى وهو سادسهم وخلف حمورابى ملوك من اسرنة آخرهم (شمسوذيتانا) الذي خرجت السيادة منة إلى دولة أخرى حكمت 368سنة ثم دولة القاصين سنة 1800 ق.م الذي خرجت في أيامها سوريا وفلسطين من سلطة بابل واستقلت،واستقلت آشور وبذلك يكون الآراميون قد حكموا بابل ثلاثة قرون بين القرن 24والقرن21 ق.م وعدد ملوكهم 11 ملك (ماسيرو-كلاي). .

وفي أثناء هذه الدولة ظهر إبراهيم الخليل علية السلام وهاجر من أور الكلدانيين ،وفي أول دولتهم كانوا يستخدمون اللغة السومرية ثم أهملوها بالتدريج حتى ذهبت وذهب معها العنصر السومري وبقي العنصر السامي (كما تغلب العنصر العربي بمصر والشام بعد الإسلام ) واستبقوا الخط السومري وهو الفلم المسماري وزادوا فيه أحرفا لم تكن موجودة.

ولقد وجدت نسخة من الشرائع والنظم التي سنها حمورابى والتي رتبها في 282ماده وجدوا نسخه منها سنة 1901في السوس منقوشة بالحرف المسماري على مسلة من الحجر الأسود الصلب طولها سبعة أقدام.

هل دولة حمورابى عربية؟

لإخلاف إن دولة حمورابى سامية الأصل واختلف المؤرخون إلى نسبتها إلى فرقة من الفرق السامية .

(يتبع)

قف سائل الآثار كيف ذوت------ تلك الخمائل فهي ذي جرد

تخبرك أن نطقت : وربما------ نطق الجماد وقوله الرشد

في بطن ارض أنت واطئها----- همم تصول فليس ترتد

تصبو الى العمل المفيد ترى----- أن السعادة ركنها الجسد

فتلاهم خلف كأنهم------- لا ساعد لهم ولا زند

فسبيلنا ترديدنا أبدا------ نعم الجدود وبئست الولد

(علي أحمد باكثير)



إضـــــــــاءة



طه حسين قال قولته المشهورة:

( الأدب في حاجة إلى الحرية... في حاجة إلى ألا يعتبر علما دينيا ولا وسيلة .وهو في حاجة إلى أن يتحرر من التقديس، هو في حاجة إلى أن يكون كغيره من العلوم قادرا على أن يخضع للبحث والتحليل والشك والرفض والإنكار، لأن هذه الأشياء كلها هي الأشياء الخصبة حقا)

أنت ترى بعد هذا كله أنا لم نكن هدامين ليس غير، وإنما هدمنا لنبني ونحن نحاول أن يكون بناؤنا متين الأساس قوي الدعائم.

لايتطور الفكر في أي أمة من الأمم تطورا طبيعيا ، أو عفويا فالفكر لايتطور إلا بالصدمات الحادة أو الانقطاعات المعرفية التي ينتقل بها من حال إلى حال ، ويتقدم بها من عهد إلى عهد .. هذه الصدمات أو الانقطاعات تضع فكر الأمة في مواجهة حضوره..وتثير التوتر بين مكوناته فتحيل الثبات إلى تغير ، والرضا بما هو قائم إلى بحث عن المخالف الذي يفتح أفق الاحتمالات ألخلاقه للتقدم والتطور.

فالدور الذي تقوم به الذات الفاعلة في الفكر ، وهي ذات موصوفة بصيغة المفرد لكنها تنطوي على معنى الجمع، وتشير إلى ماتبذلة الطليعة التي لا تتوقف عن مساءلة القائم والمتوارث والمتعارف عليه.

وتتكون هذه الطليعة من الأفراد المتميزين الذين يستبدلون حرية الفكر بضرورته ،وإبتكارية الرؤية بتقليديتها ، تماما كما يستبدلون الشك بالتصديق والتمرد الخلاق بالإذعان إلى الأتباع، هؤلاء الإفراد المتميزون هم الرواد الذين يأخذون على عاتقهم مواجهة مجتمعاتهم في شجاعة ، متحملين في صلابة وعزم كل هجوم واضطهاد.

[حد من الوادي]

حضرموت قبل التاريخ حضرمية -4-

الدكتور/ عبدالله سالم بن إسحاق

الأربعاء , 7 سبتمبر 2011 م
العمالقة في مصر (من سنة 2214_ 1703 ق.م)

الشائع إن سكان وادي النيل القدماء من الشعوب الحامية نسبة إلى حام أو الكوشية نسبة إلى كوش ،أما الساميون فقد نزحوا قديما إلى مصر فالاكتشافات الأثرية الاخيره في مصر أثبتت إن العصر الحديدي بمصر يبدأ بدخول الساميين إليها،بما يؤكد إن المصريين قبل دخول الساميين لم يكونوا يعرفون الآلات الحديدية فأتاهم الساميون بالحدادة في أقدم أزمنة التاريخ ، وأيضا من الاستدلال على قدم نزوح الساميين إلى مصر إن أقدم آلهة مصر (قتاح)سامي الأصل (king 40-43-93(.

ولقد جاء الساميون مصر من الشرق إما بطريق برزخ السويس أو البحر الأحمر والمصريون منذ القدم يسمون بلاد العرب (الأرض المقدسة ) وعرفوا من الساميين عدة شعوب سموا كل منها باسم وأطلقوا عليهم جميعا لفظ (عامو) أو (آمو) وهو سامي الأصل معناه الشعب أو الأمة .ونزلوا الساميين في أطراف الدلتا وشرقيها بجوار بحيرة المنزلة ، ولا تزال بعض الأسماء هناك تعرف بأسماء سامية وفي هليوبوليس (عين شمس) أدلة كثيرة على أصل سامي في عمرانها.ومن الأسماء المميزة للشعوب السامية بأسماء خاصة منها(فار) أو(فال) ويقصدون به الفينيقيين . ويسمون أهل البادية من الساميين ( شاسو ) أي بدو وهم العرب أو العربي عند البابليين والمعنى واحد، وكانوا يتنقلون في بادية مصر الشرقية بين النيل والبحر الأحمر وكان المصريين يسمون هذه البادية (تشر) أي الأرض الحمراء ويرحلون بينها وبين جزيرة سيناء وما وراءها.وكان هؤلاء البدو كثيرا مايسطون على المصريين في مدنهم وكان المصريين يعدونهم من الأشقياء وأهل السلب ويحتقرونهم ولكن كانوا يخافونهم وكثيرا ماكان الفراعنة يستعينون بهم في الحروب ، وظل الشاسو دهورا حتى سنحت الفرصة لهم ووثبوا على مصر وملكوها ويقابل ذلك الزمن الذي تملك به العرب بابل.ووجد الشاسو من ينصرهم من الفينيقيين ففتح العمالقة الوجه البحري ،وتقهقر الفراعنة إلى الصعيد وذلك في أوائل القرن الثامن عشر وعرفت دولتهم بدولة البدو ، واليونان يسمونهم هيكسوس.



عـــــــــــــاد



جاء ذكرها في القرآن الكريم ( عاد إرم ذات العماد) أختلف المؤرخون ومنهم من زعم بأنه أسم مدينة بناها عاد قال بعضهم أنها الإسكندرية وآخر دمشق وغيرهم قال في اليمن . وبغض النظر عن القصة التي يرويها بعض المؤرخين عن بناء تلك المدينة على يد شداد بن عاد. ولان هذه الأقوال بها من المبالغات الشئ الكثير ولافتقار التاريخ إلى الأدلة من آثار ومخطوطات جعل الكثير من المؤرخين العرب والمستشرقين يبدي وجهة نظر خاصة به مجردة من أي دليل مقنع الأمر الذي جعل بعض المؤرخين ينسب هذه الأمة والحضارة والحقبة التاريخية الهامة في تاريخ البشرية إلى جهة.

ومن استخلاصنا للكثير مما كتبة بعض المؤرخين وما أكدوه اليونانيين حوالي تاريخ الميلاد وماروي عن الصحابة عن هذه الحضارة . وقبل هذا وذاك نرجع إلى القرآن الكريم وما جاء فيه من كلام المولى عزَ وجلَ :

- وأذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالاحقاف

- والى عاد أخاهم هودا قال ياقوم أعبدوا ألله.

- ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود

(صدق الله العظيم)

ومعنى الإنذار: الإعلام والتخويف.

الاحقاف : الرمال العظام وأحدها حقف.

قال ابن إسحاق :كانت منازلهم فيما بين عمان إلى حضرموت .وفي تفسيره للاحقاف يقول هي الرمال الواقعة شمالي الشحر إلى عمان .

وقد عين بطليموس موضع عاد وجعلهم في شمالي غربي الجزيرة العربية.

إذا لااختلاف حول موقع الاحقاف ومعناها ومن سكن بها . فلنعد ألان إلى ماقالة اليونان بشأن حضرموت فقد ذكروا في حوالي تاريخ الميلاد قبيلة يكتبونها بلسانهم –adramitai-وتكتب هذه باليونانية –XADRAMOTTITAI-وباللاتينية –CHATTAMOTITAI- ويتبادر إلى الذهن إن المراد بها (حضرموت). وروي عن أبو الدرداء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلميذه ، وفي خلافة عثمان رضي الله عنه وقد ولي القضاء على الشام ، فقد قام خطيبا فيهم قائلا:

- قد كانت القرون من قبلكم يجمعون،فيوعون...ويؤملون فيطيلون ويبنون،فيوثقون..فأصبح جمعهم بورا وأملهم غرورا وبيوتهم قبورا (أولئك قوم عاد ،ملأوا مابين عدن إلى عمان أموالا وأولادا....)ومابين عدن إلى عمان هي حضرموت ، فإجماع مفسرين القرآن للاحقاف وما قاله المؤرخون القدماء بأن قوم عاد بحضرموت وان الله بعث إليهم هود عليه السلام (والى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله) وهود عليه السلام هو( عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح) عليه السلام وكانوا يعبدون الأوثان وكذبوا برسالة هود .يروي المفسرون :

يقول مقاتل :قوم عاد أولاد عاد بن عوف بن ارم بن سام بن نوح وهي عاد الأولى بعث الله إليهم هودا بن عبدالله بن رياح بن الخلود فدعاهم إلى التوحيد فزادوا طغيانا فحبس الله المطر عنهم ثلاث سنين حتى جهدوا وسخر الله عزَ وجلَ عليهم ريحا كالشهب النار سبع ليال وثمانية أيام حسوما أي متتابعة وسكنت آخر اليوم الثامن. واعتزل هود ومن معه من المؤمنين ونجا هود ومن آمن به ومن هؤلاء الوفد الذي أرسل إلى مكة للاستسقاء ومنهم تتألف عاد الثانية التي ظهرت بعد هلاك عاد الأولى ،لقولة تعالىوأنة أهلك عادا الأولى).ويذكر بعض الرواة إن هودا ارتحل ومن معه من المؤمنين بعد النكبة التي حلت بقومه إلى الشحر ،ولما مات دفن بوادي برهوت.

وفي كل الأحوال فأن الثابت أن عاد وشعبه موطنهم الاحقاف وهي حضرموت نسبة إلى حضرموت بن قحطان بن عابر وان قحطان يعد تاريخيا أب العرب جميعا وهنا يستوجب التوضيح بشأن نسب القبائل اليمنية فهم ينتسبون إلى (سبأ الأكبر بن يشجب بن يعرب وبهذا فهو حفيد حضرموت بن قحطان الذي سميت باسمة حضرموت التي لاتزال حتى اليوم تحمل هذا الاسم عبر هذا التاريخ الطويل الذي اندثرت مسميات جميع الحضارات التي قامت فيه ويكفي حضرموت فخرا أنها لازالت تحتفظ بهذا الاسم حتى اليوم.

وهناك الكثير من القصص والروايات عن مدينة عاد بها الكثير من المبالغات .فمثلا :في قولة تعالى:-( ألم تركيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد) . ففي ارم أربعة أقوال الأول :انه أمة من الأمم ومعناه القديم . والثاني :انه اسم قبيلة من قوم عاد . والثالث : انه اسم لجد عاد. والرابع: انه اسم بلده.

وفي قولة ذات العماد أربعة أقوال أيضا:الأول أنهم أهل عمد وخيام .والثاني:إن المراد بالعماد الطويل.والثالث:ذات الشدة.والرابع:ذات البناء المحكم.

(التي لم يخلق مثلها في البلاد) فيه قولان : الأول:القبيلة في قوتها . والثاني: المدينة,

(يتبع)



القراءة الشعبية للتاريخ



كيف نرى التاريخ من خلال عيون الناس وكيف تتكون الرؤية الشعبية للتاريخ؟

(التاريخ الشعبي) مصطلح يثير من المشكلات أكثر مما يطرح من حلول .إذ إن هناك جدلا كبيرا حول مدلول هذا المصطلح ومغزاه.والناظر فيما يكتبه الباحثون في هذا المجال يشعر ، للوهلة الأولى ، آن هؤلاء الباحثين مشتبكون في (مشاجرة) لا تبدو لها نهاية . ولسنا نقصد أن ندخل طرفا في هذه (المشاجرة) كما أننا لن ندعي لآنفسنا القدرة على فضها والفصل بين أطرافها .بيد أن ما يلفت النظر حقا أنه كلما اتسع نطاق (المشاجرة) ظهرت جوانب جديدة لمصطلح (الموروث الشعبي)، من حيث مدلوله ومغزاه، ومن حيث الرسالة التي يحملها.

وفي تصورنا (وليس هذا دخولا في المشاجرة) أن الموروث الشعبي في أحد معانيه هو نمط من القراءة الشعبية للتاريخ.فالموروث الشعبي يتعلق بأمور تدور حول المجتمع الإنساني ، ثقافته ونظامه الأخلاقي والقيمي من ناحية ، ورؤية المجتمع لذاته وللاخر من ناحية ثانية، كما أن الموروث الشعبي يتسم بالبساطة والتلقائية من ناحية ثالثة ، وعادة مايحمل هذا الموروث الشعبي (نواة تاريخية) لأنه في التحليل الاخير (القراءة الشعبية للتاريخ) أي أنه يحمل تفسيرات شعبية لأحداث تاريخية ، ويحكي عن (أبطال تاريخيين )من خلال الرؤية الشعبية التي تحمل من الخيال والرموز التي تخدم الاهداف الاجتماعية/ الثقافية ما يجعلها تختلف عن أية (قراءة) أخرى لنفس الاحداث التاريخية.

وتتميز القراءة الشعبية للتاريخ ، التي تتجسد في الموروث الشعبي ، بخاصيتين تبدوان متناقضتين : أولاهما أنها تحمل أفكارا ثابتة تشكل المنحى الثقافي للمجتمع ، وثانيتهما أن القراءة الشعبية تحمل أيضا تفسيرات لهذه الافكار الثابتة تتجدد مع كل حقبة زمنية ، ومن ثم فإن بوسعنا أن نصف الموروث الشعبي بأنه نوع من (القراءة الشعبية للتاريخ) ، وهو ما يعني أنه رؤية الجماعة لتاريخها ، ولدورها في صنع هذا التاريخ ، بغض النظر عن التفاصيل التي تتعلق بالزمان أو المكان أو أبطال الحكاية التاريخية.