المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الحوار السياسي
سقيفة الحوار السياسي جميع الآراء والأفكار المطروحه هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


الأصولية في اليمن من معارضة الإمامة الى ليمبورغ

سقيفة الحوار السياسي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-16-2003, 11:43 AM   #1
ابن حضرموت
حال نشيط

افتراضي الأصولية في اليمن من معارضة الإمامة الى ليمبورغ

اختلف الكثيرون في ارجاع ظهور الارهاب أو بشكل ادق الجماعات الاصولية في اليمن الى حقبة سبقت الثورة اليمنية عام 1962، حيث نشطت الحركات المعارضة للحكم الإمامي، ويرى البعض ان الدعم الذي قدمه جمال عبدالناصر للثوار اليمنيين الذين يسعون لانقلاب جمهوري فتح الباب امام الاخوان المسلمين المصريين للدخول الى اليمن والتفريخ فيه، خلايا تطورت مع تطور الأحداث الدولية الى ماوصلت اليه الآن.


على ان الجماعات التي توسم اليوم بالإرهابية ترجع بشكل اساسي الى حقبة الحرب الباردة التي استدعت قتال الشيوعية وهو ماشجعته الولايات المتحدة وقدمت فيه الدعم اللوجستي والمادي والعسكري لهذه الجماعات لمحاربة عدوها اللدود الاتحاد السوفييتي سابقا، ولم يقتصر الأمر على أميركا إذ دعمت الدول الإسلامية جميعا داعي الجهاد وقدمت دعما لهذه الجماعات رغم ان العديد كان يستفيد من السوفييت كحليف، ويمكن القول ان حلفاء الولايات المتحدة الاميركية في العالم الاسلامي هم من شكل ابناؤهم هذه الخلايا التي انضم اليها المجاهدون سابقا والذين تصفهم بلدانهم قبل غيرها اليوم بالارهابيين.


واليمن كان مرتعا خصبا لهذه الجماعات بمختلف جنسياتها إذ كانت تحارب الشيوعية فيه والتدخل الأجنبي والاقليمي، ومن هنا جاء قتال الاصوليين مع اليمنيين الشماليين وصولا الى الوحدة، ثم انقلابهم عليها بمطالبتهم بمناصب سياسية رأت حكومة الوحدة انها قد تحيلها الى «جزائر» ثانية، فأحجمت ومنها يمكن القول ان هذه الجماعات تحولت الى الارهاب بضرب المصالح الأميركية واليمنية معا.


وملف الارهاب شائك خاصة في بلد كاليمن تتحكم به القبيلة ومعظم حروبه كانت صراعات قبلية مدعومة من لاعبين خارجيين، ولقراءة هذا الملف في ضوء الواقع اليمني ينبغي ان نقرأ أولا تاريخه السياسي الذي كان أرضا خصبة لنشوء تشكيلات تحولت في ما بعد الى خلايا ارهابية واهميته الاستراتيجية.


يزين اليمن خاصرة الجزيرة العربية الجنوبية والغربية مشكلا مثلثا ضلعاه يستقران على ضفاف البحر الاحمر من جهة الغرب والبحر العربي من جهة الجنوب بينما تستقر قاعدته على سلسلة التلال والمرتفعات الهاجعة على حدود الجزيرة العربية بمحاذاة الحدود السعودية العمانية بعد قيام دولة الوحدة، ارتفع عدد سكانه الى قرابة 25 مليون نسمة وهو ما يقارب ضعفي عدد سكان دول شبه الجزيرة العربية المشكلة لدول مجلس التعاون الخليجي.


يطل اليمن على المدخل البحري المهم باب المندب ويمتلك عددا من الجزر المحيطة به، بينما تشير التقارير الصحفية الى انه يمتلك مخزونا كبيرا للنفط ومواد خام اخرى، وينظر لليمن على انه بلد ناشيء في قلب الجزيرة العربية ذو قدرات استيعاب سوقية كبيرة ويسير بخطوات سريعة نحو تطوير قطاع التعليم والخدمات وتأهيل المرافق والقطاعات الانتاجية، وتتحكم القبلية بالخريطة السياسية والاجتماعية لليمن، ويعتقد البعض ان اليمن في ظل المتغيرات الجديدة قفز الى واجهة الاهتمامات الدولية خاصة من قبل الاستراتيجية الاميركية للامن في الخليج.


وتشير دراسات المركز الوطني اليمني للمعلومات ان اليمن شهد في المدة ما بين عام 1948 ـ 1962م تغيرات مهمة في جميع جوانبه،وقد شكلت تلك المدة خلفية لحدث تأريخي في الجزيرة العربية،والذي لم يكن محض صدفة أو وليد ساعة، بل توج من خلال تراكم نضالي دؤوب ومتواصل في المدة نفسها،وعد ذلك الحدث لبنة من لبنات النضال في الوطن العربي، فقد كانت هذه الحقبة حافلة بالاحداث التي شهدها الوطن العربي بدءا بهزيمة الأنظمة العربية في فلسطين عام 1948م، واندلاع ثورة مصر عام 1952م مروراً بثورة الجزائر، والوحدة المصرية ـ السورية، وثورة العراق والتي أثرت جميعها بشكل مباشر أو غير مباشر على الأوضاع في اليمن.


من المعارضة الى الوحدة تشير الوثائق اليمنية الى ان الإمام يحيى كان إماما كأسلافه من الأئمة في عهودهم الأولى والطويلة، حيث كانت طبيعة الحكم المبرر بالدين والنسب تقوم على الفردية المطلقة المفضية إلى الاستبداد، إذ لا حكومة ولا مؤسسات حكم، وقد اعتبر الأئمة الناس رعايا وفي خدمة من أرادهم الله أئمة وحكاما للمسلمين، واعتبر الخارج عن الإمام خارجا عن طاعة الله، الذي يؤدي بالضرورة إلى التعسف في فرض الضرائب على المواطنين، وإطلاق أيدي الجباة في رقاب الناس وأرزاقهم، وكانت المقارنات بين حال اليمن وحال البلاد الأخرى تقذف باليمن بعيدا في أزمنة التاريخ الأولى، ولا تمكن من إقامة أي صلة مع عالم القرن العشرين المائج بمختلف التطورات التقنية والعلمية والمذهلة في سرعتها، لقد أغلق الأئمة أعينهم وصموا آذانهم عن كل هذه المتغيرات، وأقاموا حاجز عزلة منيعاً خشية على البلاد من الغرباء حسب زعمهم، بينما هي خشية على السلطة من الضياع، لقد تضافرت ويلات البؤس والفقر والعزلة لتجعل من اليمن واحدة من أكثر بلاد الله تخلفا وغرقا في ظلمات الأزمنة البدائية.


خلق ذلك واقعا استوجب ان تقوم في عام 1935 مباشرة أولى المحاولات لإنشاء معارضة منظمة ضد الإمام، ومع أن المحاولة لم تسفر عن قيام تجمع سياسي من أي نوع، إلا أنها حشدت قوى المعارضة في الداخل والخارج باتجاه الفكرة، رافعة شعار الإصلاح، وقد وجدت كثيراً من الأصوات الوطنية لكن التبلور النهائي لميلاد أول منظمة سياسية سرية لم يكتمل إلا عام 1940م حين تشكلت في القاهرة ما عرف باسم كتيبة الشباب اليمني، التي عبرت عن رغبتها في تجذير المعارضة في الداخل للدفع بطموحات المعارضة إلى الأمام، وهي الطموحات التي لم تكن بعد قد تبلورت أهدافها بوضوح كاف متفق عليه، وفي العام التالي كانت الرؤية أشمل وأوسع عندما أصدرت قوى المعارضة برنامج هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه الهيئة هي التي يرجع المحللون والدارسون اليها نشوء الجماعات الأصولية فهي قد أخذت من جماعة الاخوان المسلمين المصريين نظامها وتشكيلها وفق دراسات كثيرة.


واستمرت المعارضة قدما في كشف عيوب النظام الإمامي وتصوير تخلفه عن ركب الأمم المتقدمة، فتشكل عام 1944م حزب الأحرار اليمنيين أو ما عرف فيما بعد بـ «حركة الأحرار»، وقد أخذ هذا الحزب عبر المجلات المختلفة يعلن عن طموحاته في التغيير والإصلاح ويكشف عيوب النظام الإمامي البدائي، وفي عام 1946م شكل الأحرار الجمعية اليمنية الكبرى في عدن.


في عام 1948 قامت حركة نجحت في قتل الإمام يحيى، الا انها لم تنجح في الإطاحة بنظامه، إذ بعد ثلاثة أسابيع فقط تمكن نجله الإمام سيف الإسلام احمد بن يحيى حميد الدين من الفرار من تعز إلى حجة وهناك تمكن من حشد القبائل إلى صفة مغريا إياها بإباحة صنعاء لهم للسلب والنهب، وتمكن من دخول صنعاء والقضاء على الحركة وقتل وسجن وتشريد زعمائها،ثم أعلن نفسه إماما بدل أبيه، وقد حافظ على نظام الحكم الموروث برمته، رغم تطلعه إلى عقد معاهدات مع دول خارجية كالاتحاد السوفييتي والصين، بل انه دخل في الاتحاد الثلاثي المشكل إلى جانب اليمن من مصر وسوريا، إلا أن كل هذه الأمور لم تغير شيئا في الواقع المعاش لحياة الناس.


ورغم ما أصاب المعارضة من نكسة ووهن في الأعوام التالية لحركة 1948م، إلا أنها تمكنت من إحياء نشاطها ثانية، بإنشاء منظمة جديدة في عدن هي «الاتحاد اليمني» وبفضل الدعم الكبير المعنوي والمادي من مصر بعد ثورة الضباط الأحرار هناك عام 1952م وتزعم عبد الناصر لفترة من فترات النضال العربي ضد التخلف والاستعمار ومن أجل الوحدة العربية ومجابهة إسرائيل، تمكن الأحرار من مواصلة نضالهم من هناك، الا ان هذه الفترة حفلت بتداعيات كثيرة، وفيها عد الكثيرون التدخل المصري في اليمن مضرا باليمن نفسه ومنهم من قال بأنه توريط للمصريين وانها كانت حربا اسرائيلية باردة ومن ذلك ماقاله رئيس الموساد السابق شابتاي شافيت الذي يشغل منصب رئيس المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب: «إن إسرائيل كانت تريد إضعاف الاقتصاد المصري وإرهاقه بهذه الحرب التي تورط فيها بوقوفه بجانب الثوار اليمنيين بجزء كبير من الجيش المصري يقارب ثلث عدد أفراده، وبأننا ـ والكلام لشافيت ـ كنا نريد أن نتعرف عن قرب على حقيقة القدرات العسكرية للجيش المصري المحارب في اليمن، وقد ساعدنا ذلك على إلحاق هزيمة مروعة به عام 1967».


وتابع رئيس جهاز الموساد السابق حديثه الذي نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية الاثنين 21/2/2000 بقوله: «إن التدخل في الحرب الأهلية اليمنية كان جزءاً من نظرية إستراتيجية شاملة لجهاز الموساد الذي يسعى إلى إثارة الانقسامات والنزاعات في صفوف العالم العربي، والبحث عن حلفاء له في المنطقة.. كما أن التدخل الإسرائيلي في تلك الحرب مكّن الموساد من دسّ عملاء له ليحصلوا على معلومات حول قدرة الجيش المصري في تلك الفترة الحساسة التي سبقت حرب يونيو عام 1967».


وفي العام 1956 م اصدرت المعارضة برنامجا جديدا بعنوان «مطالب الشعب» أكدت فيه مطالبها السابقة، ومع ذلك، وبفعل دأب الإمام على شق الصف الوطني، شهدت معارضة الأحرار المنضوية تحت مسمى الاتحاد اليمني بعض الانشقاقات، لكن زخم المعارضة استمر في التصاعد داخل البلاد وخارجها عبر التجمعات الوطنية لليمنيين التي تشكلت بشكل خاص وفاعل في كل من الحبشة وبريطانيا، وحشدت المهاجرين اليمنيين نحو فكرة الجمهورية والتخلص من نظام الإمامة العتيق والمتجاوز زمنيا، وفي السنوات التالية زاد هذا الاتجاه تجذرا في أوساط جماهير أوسع من الشعب اليمني، بفضل انتشار الأحزاب الوطنية السرية بمشاربها الفكرية المختلفة، وقد ساهم بعض الضباط في التمهيد للثورة حين أرادوا عام 1961م التخلص من الإمام في الحديدة، إلا انه نجا من القتل مثقلا بالجراح التي لازمته حتى وفاته في 19 سبتمبر 1962م.


خلفه ابنه البدر محمد الذي أعلن تمسكه بخط أبيه في السياسة والحكم، وكانت قناعة القوى الوطنية في البلاد لاحداث التغيير الجذري في طبيعة الحكم قد دفعت بترتيبات الثورة قدما، وبعد أسبوع فقط من تولي الإمام البدر مقاليد الحكم، أي في 26سبتمبر 1962م انفجرت الثورة اليمنية التي أطاحت بالإمامة جسدا وفكرا، ومع الثورة سقط التبرير الديني لحكم السلالات، ليحل محله التبرير الجماهيري لحكم القادر على خدمة البلاد بإخلاص، ومن أي من أبناء الشعب اليمني دون قصر على سلالة أو قبيلة أو مذهب، لقد أخرجت ثورة سبتمبر بأهدافها الستة المعلنة اليمن فعلا من ظلمات العصور البدائية وبراثن الجهل والفقر والمرض إلى رحاب التاريخ المعاصر بمتغيراته المتنوعة، وبعد عام فقط من قيام الثورة في شمال اليمن كانت ثورة يمنية أخرى في 14 أكتوبر من عام 1963م تنطلق من جبال ردفان ضد المحتل البريطاني، لتقض مضجعه، ولتجبره على الرحيل في 30 نوفمبرعام 1967م، بعد أربع سنوات فقط من اندلاع الثورة.


لم تتم الوحدة بعد جلاء الإنجليز بفعل تشابك وتعقد الاتجاهات السياسية وهيمنة الإيديولوجيا على طبيعة أنظمة الحكم العالمي آنذاك والمؤثرة على مصائر البلدان الصغيرة والضعيفة، واخذ الشطران اليمنيان تحت تأثير الأيديولوجيات السياسية و الوضع العالمي القائم يبتعدان سياسيا عن بعضهما فيما أفئدة الجماهير اليمنية في كل اليمن تلتهب شوقا لإعادة توحيد اليمن، ولم يكتف الشطران بالابتعاد عن بعضهما، لكنهما خاضا حربين داميتين في الأعوام 1972 و 1979م، وظلت أشواق اليمنيين نحو الوحدة تعبر عن نفسها بأشكال شتى وفي كل اتفاقية عقب كل حرب او ازمة في العلاقة بين الشطرين الى ان تحققت الامال باعلان الوحدة اليمنية و قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م.


لم يمنع إعلان الوحدة بين شطري اليمن في مايو 1990 من نشوب حرب أهلية بعد أقل من أربع سنوات. مما يؤكد أن الاندماج السياسي في اليمن، لا يزال من الموضوعات المثيرة للجدل على المستوى الشعبي، وعلى مستوى النخب السياسية، وقد شهدت الجمهورية اليمنية خلال العقود الماضية العديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية المتسارعة التي جاءت مقترنة ببناء وهيكلة كثير من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الحديثة. وقد استلزمت عوامل التغيير هذه وبخاصة بعد قيام دولة الوحدة، تعديل الكثير من التشريعات واستصدار قوانين جديدة تواكب المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومنها ما كان على صعيد المعاهد الدينية التي اثارت وتثير جدلا سياسيا كبيرا تطور في احيان كثيرة الى أزمة.


المعاهد الدينية والافغان العرب يبرز التنقيب في وثائق المعاهد العلمية وأدبياتها للمهتمين بالجدل السياسي الدائر حاليا في اليمن، أن جذور المعاهد الدينية تعود إلى ما بعد قيام الثورة اليمنية في 26 سبتمبر عام 1962، حين جاءت كبديل للمدارس العلمية التي كانت منتشرة قبل الثورة، غير أنها أهملت شكلاً ومضمونا، فلا شهادة ولا منهج محدد ولا عناية بها، حتى بادر علماء اليمن ورموز في الحركة الإسلامية «الإخوان المسلمون» إلى تأسيس معاهد علمية حديثة تجمع بين العلوم الشرعية والعلوم الطبيعية الدنيوية، وتجمع بين الأصالة والمعاصرة، وذلك في أوائل السبعينيات من القرن الماضي.


وقد تعرضت المعاهد العلمية لحملات إعلامية قوية من خصوم الحركة الإسلامية، وخاصة من قبل الأحزاب الماركسية، التي كانت تخوض حروبا مستمرة ضد الأنظمة الحاكمة في شمال اليمن، إضافة إلى قوى مذهبية، تقدم نفسها باعتبارها ممثلة للمذهب الزيدي الهادوي، وأخرى تصف نفسها بالسلفية، ويمثلها الشيخ «مقبل بن هادي الوادعي»، الذي يقيم معهدًا له في منطقة دماج بمحافظة صعدة «حوالي 245 كم شمال العاصمة صنعاء» وفق مصادر بحثية يمنية.


وقد تعاملت كل قوة من هذه القوى مع واقع المعاهد العلمية من زاوية تأثيرها على مصالحها. وأثارت تلك الحملات عددًا من الاتهامات منها «وهّابية مناهج المعاهد»، وأنها تمثل عامل ازدواج للتعليم، وأنها تعلّم الطلاب الأغاني «يقصدون الأناشيد الإسلامية»، وأنها وكر لتخريج عناصر مرتبطة بالإخوان المسلمين، وأنها تقوم بتدريب طلابها على السلاح، إلى آخر الاتهامات، التي روّجتها وسائل الإعلام التابعة للحزب الاشتراكي، وحزب الحق، وكتيبات أصدرها التيار السلفي الوادعي.


وتصاعدت الحملة مطلع الثمانينيات، ولا سيما بعد أن خاضت الحركة الإسلامية «الإخوان المسلمون» بالتحالف مع الحكومة مواجهات عسكرية ضارية ضد المعارضة الماركسية المسلحة، وحققت نجاحا ملموسا، وأسهمت في إنقاذ النظام الحاكم، الذي كان يعاني حالة ضعف شديدة آنذاك، وتعرض الأخير لضغوط قوية لإلغاء المعاهد، مقابل إيقاف العمليات المسلحة للقوى اليسارية، فتشكلت اللجنة المكلفة بدراسة مناهج التربية والتعليم والمعاهد العلمية. وبحلول عام 1985 كانت المعاهد العلمية قد أصبحت مؤسسة تعليمية موجودة في عموم محافظات شمال اليمن، التي كانت تسمى «الجمهورية العربية اليمنية»، لكن حجم الضغوط تزايد على رئيس الجمهورية من القوى الماركسية واليسارية والقومية العلمانية، ومن قوى خارجية؛ لتحجيم قوة المعاهد، وتقليص عملية انتشارها، بعد أن أحست تلك القوى أن المعاهد تشكل مخزونًا تربويا يمكّن من مواجهة تيارات التغريب في البلاد.


وهكذا عادت الرغبة في إلغاء المعاهد العلمية ثانية، لا سيما بعد أن نجحت الحكومة في استئصال قوات المعارضة اليسارية المسلحة ودحرها، بالتحالف مع أبناء الحركة الإسلامية، من المناطق التي كانت تسيطر عليها، وذلك مع تنامي شعور الحكومة باستغنائها عن الحركة الإسلامية، فشكلت المجلس الأعلى للمناهج. وعاد الرئيس علي عبدالله صالح إلى تأكيد أهمية المعاهد العلمية مع انفجار الأوضاع في جنوب اليمن في يناير عام 1986، ولذلك توجه إلى مدينة تعز الحدودية، وألقى هناك خطابه الشهير في معهد معاذ بن جبل العلمي في 17 يناير 1986، مؤكدا أن المعاهد العلمية جزء لا يتجزأ من حقول التربية والتعليم، وأوضح أن جيل التربية والتعليم هو جيل واحد، سواء كان في المعاهد العلمية، أو في معاهد المعلمين، أو في الجامعة، أو في أي حقل من حقول التعليم.


وما إن أعلنت الوحدة اليمنية في مايو 1990 حتى شدد الحزب الاشتراكي من ضغوطه من أجل إلغاء المعاهد العلمية، باعتبارها إحدى المؤسسات، التي ساهمت في إجهاض مشروعه اليساري في شمال اليمن. وبالفعل تحالف أعضاء الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي في مجلس النواب إبان الفترة الانتقالية، التي أدارها الحزبان، لإصدار قانون التعليم، الذي ينص على دمج ميزانية المعاهد العلمية في ميزانية التربية والتعليم، وذلك عام 1992.


والواقع ان هذه المعاهد افرزت تيارات اصولية عنيفة منها من هاجر الى الحرب في افغانستان ومنها من بقي يثير النزاعات في الداخل، ويقول المشير ابو غزالة: «وان كثيرا من هؤلاء المجاهدين العائدين كانوا يمنيين اصلا سبق طردهم عام 1967 عندما كان اليمن الجنوبي محكوما بنظام ماركسي؟ ويقولون ان عودتهم عام 1990 خلقت لهم فرصة للانتقام من خصومهم السابقين؟ ومنذ مايو 1990 وحتى نشوب الحرب الأهلية اليمنية في مايو 1994 تعرض اليمن لعمليات اغتيالات ونسف وخطف يرى المحللون انها كلها اعمال ادارها حكام جنوب اليمن السابقون وان لهؤلاء علاقات متشابكة مع اليمنيين الأفغان»، رغم انهم كانوا اشد الحاملين عليهم لاختلاف الأيديولوجيا.


الا ان الكثير من اليمنيين يشيرون وفق الوقائع التي حدثت على الساحة اليمنية الى ان هذه الجماعات ساهمت في حرب الوحدة ودحرت الجنوبيين، لكنها طالبت حكومة الوحدة بثمن باهظ خشيت معه هذه الحكومة من ان تتحول اليمن الى ساحة صراع ايديولوجي شبيه بما يحدث في الجزائر فبدأت بتنظيف اليمن من التطرف ومن هنا بدأت معركة داخلية من نوع آخر.


هذه الحرب غير المعلنة بدءا قادت الى حرب عام 1994 وتشير المصادر الى ان القضية هذه تختزل أخطر الملفات اليمنية للصراع التي أججت الأزمة وزعزعت الوحدة وفجرت الحرب، وأفضت الى مساومات أغلقت كل منافذ الاستقرار والتعايش والنمو في اليمن وفتحت ملف الارهاب في اليمن، وسلسلة الاغتيالات والتفجيرات التي شهدتها البلاد، وطالت أكثر من 150 قياديا قبل حرب صيف 94. وتذكر المصادر ان «ابو عبدالرحمن» و«ابو الحسن ـ أعدم» اللذين اعتقلا في عام 1995 بتهم كثيرة منها التفجيرات واختطاف السياح وقتلهم، كانا رأسين لأشد الجماعات التخريبية في اليمن.


فقد قادا مع كل التيارات المتشددة والمتطرفة والأفغان العرب والبدو اليمنيين، حملة تتصدى للوحدة مع الشيوعيين في جنوب اليمن، ورفضوا دستور الوحدة، ثم انتقلت العملية الى الاغتيالات وتصفية الخصوم جسديا، وتصاعد الأمر مع الأزمة السياسية، ووجدت أطرافاً عسكرية في السلطة هذه الجماعات وسيلة لتنفيذ مآربها لتصفية الآخر، وتقاسم الجميع رفض الآخر والهروب من الوحدة، بل ان هناك من يتهمهم بالقيام باغتيال 150 من قيادات الحزب الاشتراكي لايقاع التحالف الذي يدعم الوحدة في شر انفصال داخلي.


ويبدو واضحا ان القيادات التي تواجه اليوم تهمة الارهاب، وعملية قتل الرهائن الأوروبيين، لم تعد تأبه فقط بالتمسك بمشروع الجهاد الأفغاني. وباستثناء الحزب الاشتراكي المعارض فان بين الجماعات الإسلامية المتطرفة والارهابية والمتشددة، والأحزاب المعارضة والتابعة في اليمن حالات من الود والهدنة غير المعلنة، فلا تثار قضايا الارهاب والتطرف مما جعل من قضاياها بعيدة عن أنظار المراقبين.


لقد افرزت هذه الصراعات اثارا شديدة على اليمن وعلى ما يحيط بها وكان هذا سببا رئيسيا في بحث اليمن عن تحالف مع الولايات المتحدة والذي قال فيه الرئيس علي عبدالله صالح: «نحن ذهبنا إلى هناك لنجنب بلادنا الخطر ونجنبها كيد الكائدين لأن هناك معلومات كانت تنقل بأن اليمن هي أفغانستان الثانية وأنه يوجد بها جيش «عدن أبين» وأن بها جبالا وتضاريس صعبة.. وذهبنا إلى هناك لنعالج مثل هذه المشاكل، لقد كان الجميع مجاهدين في أفغانستان بأمر من أميركا عندما كان يتم محاربة المد الشيوعي وكان المجاهدون من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي ولكن عندما تم الاستغناء عن هؤلاء المجاهدين أصبحوا إرهابيين»، فكيف عالجت حكومة الوحدة هذا الملف؟
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اليمن" وكالات الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة في اليمن حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 12-19-2011 01:08 AM
اليمن واليمنيون : وحدة دم أم وحدة بالدم !! نجد الحسيني سقيفة الحوار السياسي 16 06-01-2011 04:25 PM
ياجنوبي اقراء التاريخ حتى لا تنسى القضية,,,,,,,, ابوسيف(بلعجم) سقيفة الحوار السياسي 0 05-23-2011 01:58 AM
شعرت بالحزن عندما سمعت علي سالم البيض يدعو سلاطين الجنوب العربي للانضمام إلى الحراك عليان الكندي سقيفة الحوار السياسي 0 02-09-2011 09:21 AM
الحضارم السلفيون ابوسعدالنشوندلي سقيفة إسلاميات 0 12-12-2010 02:24 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas