رجال في ذاكرة التاريخ من الجنوب العربي المحتل

[حد من الوادي]

رجال في ذاكرة التاريخ
«الأيام» نجيب محمد يابلي

:
1- الشيخ أحمد علوي الدماني:الميلاد والنشأة .. منطقة الدماني، كما ورد في الكراس الموسوم (الشيخ المناضل أحمد علوي سالم الدماني في ذاكرة التاريخ) لمؤلفه عوض علي بن حداد المسعودي «تقع شرق مدينة لودر والجزء الأول منها يقع فيما يعرف بـ(الكور) من أرض آل عوذلة ومن بلداتها هناك (اموركا) و(امخيالة) التي يوجد فيها منزل أسرة آل سالم علي الدماني، ثم قرية امنوق ثم منطقة آل الضبع واخناق الرقب، أما الجزء الثاني من أراضي الدماني يقع فيما يعرف بـ(الظاهر) من أرض آل عوذلة ويمكن الوصول إليها بعد صعود (عقبة امحلحل) وهي عبارة عن هضبة ترتفع عن سطح البحر بحوالي 2600 متر، وتنتشر الجماعات السكانية من قبائل الدماني في مناطق متفرقة من الهضبة ومنها بلدة (مروحة) ومن قبائل الدماني: الدماني والضمجي والقفعي والشمروخ والمحرزي والعناني والسياري.

الشيخ المجاهد أحمد علوي سالم الدماني من مواليد عام 1924م في حصن ريح، منطقة دمان، لودر إحدى كبريات بلدات السلطنة العوذلية في أسرة كانت تتمتع بنفوذ في منطقتها، إذ كان للعاقل الدماني مركز جمرك يدفع المسافر ما كان يسمى بـ(العشر) مقابل حماية البضاعة أثناء مرورها عبر منطقته.

الشيخ الدماني يواجه المسؤولية مبكراً
في رمضان 1354هـ (1935م) اغتيل العاقل علوي سالم الدماني في منطقة (امسر) من أرض قبيلة لقفاع، إحدى قبائل الدماني، وكان بمعيته ولده أحمد فتداعت قبائل الدماني وأدركت بأن هناك مؤامرة تستهدف شق الصف من وراء اغتيال الشيخ علوي سالم الدماني وتم اختيار ولده الشيخ أحمد علوي سالم الدماني عاقلا للقبيلة خلفا لوالده، ولما كان الشيخ أحمد في العاشرة من عمره تحمل مسؤولية المعقلة عمه الشيخ عمر سالم الدماني.

مشروع طريق يفجر الأوضاع في المنطقة
رأت الإدارة البريطانية ضرورة ربط عدن وأبين وشبوة بطريق بعد عملية استكشاف النفط في حضرموت، فأثار ذلك المشروع مخاوف القبائل، فعبر الشاعر الشعبي سالم صالح الفطحاني عن ذلك فخاطب العاقل الدماني

يا امعاقل امباطل من امعاطل

والرجل في قيدين محبوسه

عاد امعمى لاجاتنا الرصدة

وامست حيود الكور منكوسه

أعلنت منقطة الدماني التمرد على السلطات البريطانية يوم 3 نوفمبر 1953م، وقد برز في الأشهر الأولى للانتفاضة قائدها وشاعرها الأول العاقل عمر سالم الدماني وذئب الانتفاضة الخضر سالم الدماني ومن فرسان الانتفاضة وقادتها محمد سالم الدماني وعبدربه سالم الدماني وعبدالله سالم الدماني وأحمد علوي سالم الدماني وأحمد الخضر سالم الدماني ورشيد عبدربه سالم الدماني وحسن علوي وصالح علوي ومحمد علي سالم (امكنهوش) وناصر عمر سالم وسالم الخضر سالم، واعتمد رجال المقاومة من آل الدماني أسلوب الكر والفر أو حرب العصابات، ومنها الكمين الذي نصبوه لقافلة عسكرية بريطانية في سيلة (امحلحل) عام 1954م. اعتبرت السلطات البريطانية منطقة الدماني منطقة محرمة وطلبت من السكان مغادرة المنطقة (مرجع سابق: الكراس).

السلال والبيضاني يطلبان الدماني
استقرت مجاميع آل الدماني في منطقة البيضاء المحاذية لمكيراس حتى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م. استدعى المشير عبدالله السلال رئيس جمهورية (ج.ع.ي) ونائبه الدكتور عبدالرحمن البيضاني، مجاميع آل الدماني وتحركوا من البيضاء إلى صنعاء والتقوا المشير السلال والدكتور البيضاني وطلبا منهم التوجه إلى منطقة جحانة ثم العروش إلى الوتدة، واستشهد من آل الدماني ثلاثة أشخاص من بينهم أحمد عبدالله دحفوش وكان قائد الحملة ناجي بن صالح الرويشان، ومكث آل الدماني هناك مدة شهرين وكانوا يعيشون على الماء والكدم (مرجع سابق: الكراس).

عاد آل الدماني بعد ذلك إلى صنعاء حيث ابلغوا بأن الثورة قد تتعرض لهجوم من الخلف خاصة إذا ما طلب البدر المساعدة من البريطانيين دعما عسكريا عبر أرض مكيراس المحاذية للبيضاء فعادت مجاميع الدماني إلى مكيراس للقيام بأعمال عسكرية ضد معسكرات البريطانيين هناك لإحباط أي محاولة بريطانية لاستهداف الثورة في الشمال.

الدماني وآخرون في نصرة ثورة 14 أكتوبر
واجهت قيادة يافع وردفان صعوبات في إدخال السلاح إلى مناطق الجنوب عبر الحدود مع الشمال نتيجة الرقابة البريطانية الصارمة على المناطق الحدودية، وبتوجيه من العاقل عمر سالم الدماني تم الاتفاق مع ذئب الانتفاضة الخضر سالم الدماني بإدخال أكثر من 100 جمل محمل بالأسلحة والذخائر في مطلع عام 1964م بحراسة 34 مقاتلا منهم عبدربه سالم الدماني والشهيد ناصر عمر سالم ومحمد عبدالله المجعلي قائد جبهة يافع وردفان وأحمد عوض شقفة وسالم محمد مدرم ورافقهم في تلك العملية صحفي مصري و60 مقاتلا من أبناء ردفان منهم المناضلان الوطنيان الكبيران بالليل بن راجح لبوزة وسعيد صالح سالم، وتم توصيل القافلة إلى منطقة يهر بيافع وسلمت هناك للمناضل الوطني الكبير محمد عبدالله المجعلي.

الدماني وحظ عاثر مع قيادة الثورة في الجنوب
ظن آل الدماني أنهم سينعمون بالاستقرار في المحافظات الجنوبية بعد استقلالها في 30 نوفمبر 1967م، إلا أن الرياح أتت بما لم تشته السفن، وتعرض آل الدماني لأعمال التنكيل من قبل النظام في الجنوب وتعقبتهم طائرة حربية وقصفت موكبهم مما أدى إلى استشهاد أخت المناضل الكبير الشيخ أحمد علوي سالم الدماني (نوبة بنت علوي سالم) وشمس بنت محمد القيدعي.

من ضحايا النظام في الجنوب من آل الدماني المناضلون محمد سالم الدماني والخضر عبده عبدالله وحسين علوي سالم الدماني، وقد استشهد في السبعينات كل من محمد علوي سالم الدماني وناصر عمر سالم الدماني.

الشيخ أحمد الدماني ينتقل إلى جوار ربه
كان الشيخ أحمد علوي سالم الدماني من مؤيدي قيام دولة الوحدة، وقال في ذلك:

والسادسة هنيت لشطرينها

ذي توحدوا واخوان في الميدانها

والشعب أيدها وبارك سيرها

من خالف الوحدة شفه كذابها

انتقل الشيخ المجاهد أحمد علوي سالم الدماني إلى جوار ربه في 19 مارس 2005م وله 11 ولدا، الذكور منهم ستة هم: ناصر، الخضر، عبدالله، صالح، محمد، ومصطفى.

2- محمد أحمد العمري:
الميلاد والنشأة

ورد في كتاب (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) لعبدالرحمن جرجرة ص 87 أن مشيخة الشعيب تقع على هضبة يتراوح ارتفاعها بين 4000 و5000 قدم في الشمال الغربي لولاية عدن، وتبعد عنها بمسافة 140 ميلا. تحاذي الشعيب اليمن من الجهتين الشمالية والغربية ويافع من الجهة الشرقية والضالع وحالمين من الجهة الجنوبية.

تنقسم قبائل الشعيب إلى أسهم هي: 1-سهم الانجود ، 2- سهم الرباط، 3- سهم السيال، 4- سهم العردف، 5- سهم العنقادي، 6- سهم القزاعي، 7- سهم السقلدي. (راجع: تاريخ القبائل اليمنية - حمزة علي لقمان ص 217 ).

للشعيب عدد من المدن الصغيرة والقرى منها: عوابل وقزعة والقهرة وبخال، والعقيد محمد أحمد العمري من مواليد قرية بخال عام 1950م.

العمري في صفوف القوات المسلحة
انضم محمد أحمد العمري في صفوف الجبهة القومية عام 1966م والتحق بعد ذلك بصفوف جيش جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية عام 1968م طالبا بمدرسة الضباط وتخرج فيها بامتياز عام 1970م، وتأهل بعد ذلك وحصل على دبلوم علوم اجتماعية وماجستير علوم عسكرية وسياسية.

تدرج محمد أحمد العمري في المواقع القيادية حيث بدأ عمله قائد فصيلة ثم قائد سرية فركن تدريب كتيبة فقائد الكتيبة 20 في لواء عبود، ثم قائدا لحامية جزيرة ميون.

كما عمل محمد أحمد العمري في صفوف اللوائين 30 و22 فنائبا لقائد اللواء 25 ميكانيك وتم اختياره في قوات الردع في لبنان، وتحمل لبعض الوقت مهام مدير الدائرة السياسية في القوات المسلحة فمدرسا في مدرسة القادة والأركان وانتخب خلال فترة عمله عضوا في المجلس المحلي لمحافظة لحج عن دائرة الأزارق، وأسهم من خلال عضويته في تقديم الخدمات للمواطنين في المناطق النائية في مجال التعليم والصحة.

من ضمن الوظائف التي شغلها محمد أحمد العمري أنه كان مديرا عاما لدائرة المهندسين وعضوا في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة كما أسهم من موقعه في لجان الوحدة في صياغة نظام الخدمة الداخلية ونظام القتال للقوات البرية.

مشروع وهمي يعرض حياة العمري للخطر
عُيّن محمد أحمد العمري بعد قيام دولة الوحدة في المزارع التابعة للقوات المسلحة وطلب منه التوقيع على فاتورة قيمتها 70 مليون ريال عام 1991م لصالح شركة حفر آبار وهمية، فعرض نفسه وأفراد أسرته للموت عندما تعرض منزله الكائن في منطقة الحصبة بجوار وزارة الزراعة لوابل من النيران ونشرت صحيفة «صوت العمال» الخبر في عددها الصادر في 19 ديسمبر 1991م، وعُين محمد أحمد العمري، رئيس لجنة تفتيش على دائرة الإمداد والمزارع العسكرية، وبعد أن نفذ التفتيش على مزرعة المطار في أرحب ومزرعة وصابة في ذمار ومزرعة الجروبة في الحديدة ومزرعة القفلة في صعدة ومزرعة شوان في عرمان ومزرعة الجوف، تعرض لكمين على بعد كليو من نفس المزرعة.

محمد أحمد العمري يصبح معدماً
بعد انفجار الأوضاع في 27 أبريل 1994م، ودخل الطرفان الموقعان على الوحدة في 22 مايو 1990م حربا أهلية ابتعلت الأخضر واليابس وحسمت في 7 يوليو لصالح الطرف الآخر، تفرقت أيدي سبأ بالطرف المهزوم في الحرب ومنهم محمد أحمد العمري، الذي خسر مسكنه وأثاثه وسيارته وكل ما يملك حتى مكتبته الخاصة واعتقلوا أخاه وابنه وحرم من حقوق خدماته في القوات المسلحة لمدة 26 عاما.

رغم تعاطفنا مع ما حدث للعديد من أصحاب الطرف الخاسر في الحرب، إلا أنه يؤخذ على محمد أحمد العمري أنه كان غليظا في تعامله مع مرؤوسيه في القوات المسلحة.

العقيد محمد أحمد العمري متزوج ولديه (7) أولاد، الذكور منهم خمسة.