القنصل الهولندي ورحالة ألماني في زيارة تاريخية لحضرموت عام 1931م

[خذني معاك]

- أبـــ صلاح ـــــــو :

- من خلال متابعتي لهذه السلسلة التاريخية الذي تسطرها أنامل

- الكاتب التاريخي تتركنا نسبح بعمق ونتلذذ في سرد القصة التاريخية القديمة

- ومن حيث التوثيق الرائع الذي يكلف الكاتب ( أبا صلاح ) الكثير من المشقة والتعب

- ولكن كونك رجل لديك إنتماء وطني وحبك لبلادك , فيدفعك التاريخ بقوة صارمة لبذل كل جهودك

- التي تشكر عليها وستثبت لك السقيفة هنا تسجيلك لهذا التاريخ العريق الذي تدونه بقلمك البلاتيني

- إلى جانب دعوات أبناء وطنك لك بالتوفيق , لأنك أنت ياأستاذي الكريم من أنرت عقولنا بهذا السجل العظيم

- مهما كتبت عنك فلن اوفيك حقك يا هذا الرجل المتحمس .

- ولو قلت لك مليون تحية قليل لجنابك وشخصيتك المرموقة ..

- لك من أبو خالد : كل الود والتقدير // تحياتي وودي //

[أبو صلاح]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خذني معاك [ مشاهدة المشاركة ]

- أبـــ صلاح ـــــــو : - من خلال متابعتي لهذه السلسلة التاريخية الذي تسطرها أنامل - الكاتب التاريخي تتركنا نسبح بعمق ونتلذذ في سرد القصة التاريخية القديمة - ومن حيث التوثيق الرائع الذي يكلف الكاتب ( أبا صلاح ) الكثير من المشقة والتعب - ولكن كونك رجل لديك إنتماء وطني وحبك لبلادك , فيدفعك التاريخ بقوة صارمة لبذل كل جهودك - التي تشكر عليها وستثبت لك السقيفة هنا تسجيلك لهذا التاريخ العريق الذي تدونه بقلمك البلاتيني - إلى جانب دعوات أبناء وطنك لك بالتوفيق , لأنك أنت ياأستاذي الكريم من أنرت عقولنا بهذا السجل العظيم - مهما كتبت عنك فلن اوفيك حقك يا هذا الرجل المتحمس . - ولو قلت لك مليون تحية قليل لجنابك وشخصيتك المرموقة .. - لك من أبو خالد : كل الود والتقدير // تحياتي وودي //

أستاذي المبارك أبو خالد بارك الله فيك وأطال الله عمرك في طاعته ،وأستعملنا وأياك في ماهو خيرُ لدنيانا وآخرتنا أنه سميع مجيب
كلماتك كالبلسم على الجروح ،، والغيث للقلوب بوركت ياسيدي الفاضل أنني بصدد الإنتهاء من الوقفة التالية من هذا الموضوع الشيق الذي كما ذكرت سابقاً يرجع بنا إلى أكثر من ثمانين عاماً إلى الوراء في تاريخ حضرموت . نناقشه في وقفات أرجو من الله أن يوفقني إلى أتمامه ،وقد توقفت منه في رمضان وأيام العيد وهانذا أعود إن شاء الله تعالى [/COLOR]

[أبو صلاح]

من الهجرين إلى المشهد .....
من الهجرين إلى المشهد ؛ والمشهد قر ية صغيرة كانت تعرف قديماً ( الغيوار ) تقع شمال مدينة الهجرين التاريخية ولا تبعد عنها كثيراً،
وأسم "المشهد " جاء أنه أسم قرية عربية تقع في الجليل شمال فلسطين التاريخية, أو شمالي مدينة الناصرة في الأراضي العربية المحتلة من فلسطين. وأمّا" مشهد أو طوس "كما كانت تسمى قديما ايضا، فهي من كبريات مدن إيران ومن أعظم مدن خراسان، وقد فتحت في أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأصبحت (مشهد ) الإيرانية ،محل اهتمام كبير عند الشيعة الإمامية الاثناء عشرية ، لأن فيها الكثير من المزارات والمقامات الشيعية ، وأهمها إطلاقا ضريح الإمام علي بن موسى الرضا، ومشهده الذي به سميت تلك المدينة مشهدا.وأما "مشهد "في حضرموت الوادي ، فقد أطلق عليها هذا الأسم بدلاً
من أسمها القديم (الغيوار كما ذكر السيد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف في (إدام القوت ) هو السيد علي بن حسن بن عبد الرحمن العطاس، مؤلف كتاب "المقصد في شواهد المشهد" الذي توفى سنة سنة1172 هجرية، ويرجع بن عبيد الله السقاف سبب التسمية أنه لما هاجر إلى هذا المكان قرية ( الغيوار ) كما تقدم بسبب أن أفراداً من عشيرته حسدوه في بلدته حريضة قال عنه لتفضله عليهم بعلو شانه وغزارة علمه وقوة عارضته وكان يتنقل في البلدان لنشر الدعوة الى الله تعالى وكانت امه من آل اسحاق الساكنين بهينن فبدا له ان يختط بذلك المكان دارا ويبني مسجدا ورغب الناس في البناء بجواره )كما ذكرأيضا -بن عبيد الله السقاف في كتابه السالف الذكر - قال ... وعندما راوا عموم الامان بنيت الديار حوالي مسجده فكان بناءه واختطاطه ذلك المكان حصاة صادت عدة عصافير اذ قد استراح هو من مناواة الحساد وامن به الناس وزال الباس وكان يحتفل بمولد النبي [ صلى الله عليه وسلم ] في اليوم الثاني عشر من ر بيع الاول في كل عام يتقاطر له الوفود من كل ناحية ...) غير أن بعض من كتبوا في المسائل العقدية من العلماء المتقدمين شنع في القول بتسمية القبر مشهداً ،و عدَّ ذلك من الأصنام والأوثان كالإمام المحدث اليمني المجتهد محمد بن اسماعيل الصنعاني ، في كتابه (تطهير الاعتقاد , المكتب الإسلامي الطبعة الخامسة 1405هـ صفـ 27و26ـحة وآخرون .
أما المؤلف الهولندي الزائر "دانيال فان در ميولين " صاحب الكتاب فله سبباً أخر بتسمية (المشهد ) خلافاً لما ذكر أعلاه قال المشهد مدينة صغيرة منقرضة تقع وسط صحراء الوادي الجرداء. ومعنى اسم "المشهد" هو "المكان الذي مات فيه شهيد". وهي سوق موسمية هامة ومكان للحج. فخلال أيام محددة في شهر محرم حددت لهذا الغرص, يمتليء المكان بالبائعين والمشترين الذين يسكنون في المنازل والأكواخ المؤقتة, وأغلب المنازل الآن خالية ......) ولاشك أن الكاتب قد أخطأ في تعليله أو أن هذا من المترجم للكتاب .
وفي كل الأحوال قد وصلوا إلى المشهد في غياب حاكم المنطقة الذي يفضل السكنى في مدينة حريضة المزدهرة ،لكن هذا لم يمنع أبناءه المتواجدين في قرية المشهد بتقديم فروض واجب الضيافة لمن قدم من الضيوف على المنطقة ،ومما تجدر الإشارة أليه فقد أعجب بهما الضيفان الأجنبيان ،وهذا ليس بغريب عن عائلة آل العطاس التي يقصدها الزوار والضيوف باستمرار كما هو الحال في عاصمة آل العطاس حريضة قال : (.... تمتلك عائلة العطاس منزلا للضيافة جيد الإعداد لأفراد الأسرة الذين يمرون على المشهد. وتم حديثا طلاء الطابق الأعلى بالجير الأبيض, والسلالم والممرات والحمامات والمراحيض وكل شيء في غاية النظافة. كان شيئا كماليا بالنسبة لنا أن نستحم ونضع أسرتنا السفرية فوق السطح النظيف بطلائه الأبيض بعيداً عن الروائح النتنة التي تنتشر في كل مدينة عربية. وياله من فرق بين سح الأسطبل في "صيف"؟)
أتجه الكولنيل دانيال فان در ميولين والدكتور. هـ . فون فيسمان إلى خرائب ريبون القريبة من المشهد وتقع في جنوبها وجنوبها الغربي ،وهي من أهم مراكز الإستيطان البشري في حضرموت منذ آلاف السنين وقيل إلى ما قبل القرن التاسع قبل الميلاد، واستمر فيها الاستيطان والحياة المزدهرة حتى القرون الميلادية الأولى .
ولقد تمت في هذه الخرائب من المدينة حفريات وأبحاث ودراسات أثرية من قبل البعثة الآثرية السوفيتية في الفترة من «83 - 1989م » وهي دراسات علمية من قبل آثاريون روس وحضارم متخصصون ، وتوصلت إلى معطيات من خلال استقراءات النقوش والآثار بأن سكان المدينة كانوا يزاولون الزراعة وتربية الحيوانات ، وبنوا مجمعات سكنية وقصوراً جميلة للسكن وأبنية أخرى خاصة لأنشطتهم الدينية كالمعابد، وقد كانت كل الأراضي المحيطة بالمدينة التي تمت فيها الحفريات مغطاة بشبكات من قنوات الري والقنوات والسدود وأحواض المياه، ويدلكل هذا على ازدهار بلغ أوجه.
وقد شاهدالكولنيل" دانيال فان در ميولين والدكتور. هـ . فون فيسمان" بنفسه كثيراً من النقوش على صخورمنحوتة في المنازل وقبور الأولياء والمساجد والسقايات وفي داخل بئر القرية الكبيرة العميقة وقال : ( لم تكن المادة مشجعة؛ فالحجر الجيري الذي نقشت فيه مأخوذ من الجبال المجاورة وكان هشاً فلم تبق إلا شظايا من أغلب النقوش. لا شك أن بحثا دقيقاً أعمق مما نستطيع القيام به, سوف يسلط عليها ضوءا أكثر سطوعا.)
وحين أنتقل إلى خرائب ريبون جنوب غرب قرية" المشهد " أيضا قال .... ويشاهد الإنسان ///////////////////////// يصل ارتفاع بعضها إلى ثلاثين قدما, وعلى قممها بقايا جدران بنيت من كتل حجرية منحوتة, تلتحم مع بعضها بنوع من الأسمنت. وفوق قمة التل الأول شاهدنا بقايا لأربع قوائم عليها نقوش مربعة, علها الأساس لأعمدة. وفي اتجاه المنحدرات وجدنا الكثير من شظايا الحجارة نقشت عليها شخصيات. وفي التل التالي بئر قديمة, قطرها ثلاثون قدما وعمقها يصل إلى ستين قدما. ويتكون الجزء الأعلى من حائطها من طبقات من صخر متراكم بينما الجزء الأسفل من الطين. تغطى الأوساخ الآن جزءاً كبيراً من البئر ولعلها كانت أعمق مما هي عليه الآن ....)
وهكذا ظل الزائر ينقل في المنطقة الواقعة جنوب قرية "المشهد " يلاحظ ويسجل ويصوربآلة التصوير التي يحملها مزيداً من الأنقاض والآثار والنقوش التي حفلت بها منطقة أو مستوطنة "ريبون" ،وقد توقف أمام ماكان يعرف " بمقبرة الملوك " التي وقف عليها وقال : مقابر الملوك, التي تقع في مربع كبير جنوب جنوب غرب المشهد, تخلف كل الفضوليين الذين كانوا يتابعوننا. وجدنا نقوشاً قليلة هنا. والتلال منفصلة عن بعضها البعض, وعلى قممها أساسات لجدران صلبة يتكون منها سياج مربع مساحته ثلاثون قدماً. لم تكن الحجارة كبيرة جداً لكنها منحوتة نحتا جيداً. والأنقاض هنا مغطاة لحد كبير بأكوام من الطفال الرملي, ومن المحتمل جداً أن يكون بقايا الأجزاء العلياء للمباني. وتتناثر بين الصخور كثير من شظايا فخارية بنيّة - حمراء.)
وكان السيد حسن العطاس الأخ الكبير للسيد علوي رفيق الكولنيل " دانيال فان در ميولين " موجوداً في حضرموت بعد إن كان مسافراً في بتافيا من قبل , وقد حرص على اللقاء بالضيوف بعد أن جاء إلى المشهد للقائهم . قال : (.... لقد أرسل والدهم تعليمات ببرقية من بتافيا, ليستقبلوا بحفاوة المبعوث الأول لهولندا في حضرموت. وما أن استلم السيد حسن التعليمات, حتى امتطى هجينا وانطلق لملاقاتنا. ولم يجرؤ أن يلبس في بلاده غطاء الرأس الواقي من الشمس (البرنيطة) الذي يستعمله الإفرنج. لكن برزت فيما بعد كل تقدميته وحيويته وجرأته.)
ومنذ هذا اللقاء الذي تم في المشهد أصبح السيد حسن بن علوي العطاس الذي هو رب الأسرة ومقدمها في حريضة والذي وصفه الزائر بأنه رجلاً تقدمياً،وفي هذا كناية على تحضره ومدنيته التي أكتسبها من الهجرة وتعامله مع غيره من الأجنبيين , قال ( ... وقضينا وقتا جميلا تحت رعايته. ولو كان له الوقت الكافي ليرافقنا في رحلة العودة, لتجنبنا الكثير من المنغصات.) أنتهت بهذا زيارتهم للمشهد وخرائب ريبون .
لنا وقفة أخرى إن شاء الله تعالى ، نسجلها في حريضة موطن آل العطاس العلويون وإلى ذلك اللقاء لكم تحياتي

[ابوعبدالرحمن الحزمي]

اابحاث تاريخية طيبة يكتبها الباحث ابو صلاح الذي تخصص في تاريخ حضرموت وتراثها جزاك الله خير موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

[أبو صلاح]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوعبدالرحمن الحزمي [ مشاهدة المشاركة ]

اابحاث تاريخية طيبة يكتبها الباحث ابو صلاح الذي تخصص في تاريخ حضرموت وتراثها جزاك الله خير موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

شكرا للأخ أبو عبد الرحمن الحزمي وبالمناسبة أبتداء من اليوم إن شاء الله سأستأنف كتابة بقية المواضيع حول هذه الرحلة الشيقة إن شاء الله تعالى تقبل خالص شكري وتقديري لك ولجميع حلان السقيفة الشبامية الكرام فالسقيفة بيتنا نحن دائماً بصدد التفكير في تقديم الأجمل والأفضل وقد نشغل أحياناً بظروف العمل وعوامل أخرى فوق طاقتنا لكنني لا أنسى السقيفة خلال يومي على الإطلاق .

[الخليفي الهلالي]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو صلاح [ مشاهدة المشاركة ]

شكرا للأخ أبو عبد الرحمن الحزمي وبالمناسبة أبتداء من اليوم إن شاء الله سأستأنف كتابة بقية المواضيع حول هذه الرحلة الشيقة إن شاء الله تعالى تقبل خالص شكري وتقديري لك ولجميع حلان السقيفة الشبامية الكرام فالسقيفة بيتنا نحن دائماً بصدد التفكير في تقديم الأجمل والأفضل وقد نشغل أحياناً بظروف العمل وعوامل أخرى فوق طاقتنا لكنني لا أنسى السقيفة خلال يومي على الإطلاق .

قواك الله يا أبا صلاح

أنت مثل الطبيب الذي يسعى لتطبيب الجراح وأنت تطبب جراح القراء بماتنقله لهم من سير وقصص تاريخيه وتراثيه.

دمت بخير؛؛؛؛؛

[أبو صلاح]

القنصل الهولندي والرحالة الألماني في زيارة لحضرموت 1931م

حريضة وهولندا وآل العطاس

أستطيع أن أقول أن زيارة (الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) لمدينة حريضة تعد من أبرز أهداف الرحلة إلى حضرموت ؛إذ كانت الرحلة ذات أهداف هامة ولا يستبعد أن بعضاً منها سياسياً،له علاقة بطبيعة الصراع الذي احتدم بين طائفتان من مهاجرة الحضارمة هما جماعة العلويين وخصومهم جماعة ،الإرشاد منذ مستهل القرن الماضي ،في بلد تستعمره هولندا،وكان لبعض الشخصيات الدينية والسياسية من العلويين وخاصة من آل العطاس دوراً كبيراً ومؤثراً كفضيلة السيد عمر بن سالم العطاس ،الذي كان له دوراً محورياً في تلك الفترة
وكذلك أبوبكر بن عبدالله العطاس ، ومحمد بن عبدالله بن علوي العطاس،هذا من جهة ومن جهة أخرى،يتضح هذا من حفاوة الاستقبال الذي تميز في غيره من المناطق التي مر بها الوفد الزائر حتى الآن ، وبرنامج الزيارة الحافل بزيارة كل ما له ارتباط بعائلة آل العطاس من جهة والمدينة التاريخية من جهة أخرى ، والفترة الزمنية التي مكثا فيها الضيفان الأوربيان .
وقد علمنا أن السيد حسن بن علوي العطاس هو رفيقهما في هذه الرحلة التي بدأت من مدينة المكلا عاصمة الدولة القعيطية في مايو من عام 1931م إضافة إلى كونه أحد مستوزري الحكومة القعيطية التي أنتهت مع غيرها من السلطنات في سبتمبر من عام 1967م .
وأمّا حريضة فلابد أن يكون لعائلة آل العطاس الحضرمية الهاشمية العريقة ،ذات المكانة والرفعة في حضرموت، وهي التي وفدت من قرية اللسك شرق مدينة تريم ،وكان عميد الأسرة ومؤسسها في حريضة كما جاء في كلام الحبيب عمر بن حسن الحداد أن الحبيب عمر عبد الرحمن العطاس كان كآبائه في اللّسك ، فأشار عليه شيخه الحبيب حسين بن الشيخ أبي بكر بن سالم أن يرحل إلى حريضة ، ليعلم أهلها ، علهم يفيقون مما هم عليه من الجهل والغلظة ، وقال له :( لو أعلم أحد أجفى منهم لبعثتك إليهم ، فسار إلى هناك وألفاهم على جاهلية جهلاء .....) وتوفي الحبيب عمر بن عبد الرحمن العطاس بحريضة سنة 1072هجرية ،وانتشرأحفاده في عدد من القرى والأودية غرب الوادي .

وهناك استقرت العائلة، وصنعت مجداً لاتغيب عنه المؤلفات الحضرمية ، سواء من مقام المنصبة والدعوة ، أوالمكانة أو الكرامات الروحية لبعض رجالاتها في حريضة والمشهد ووادي عمد ، ذلك الوادي الذي عاشت فيه قبيلة "الصدف "من قبيلة حضرموت القديمة، حضرموت بن قحطان
التي عاشت في ( لحروم ) وعندل ومناطق الكسر الأخرى ،وكذا القرى والأرياف المجاورة للمدينة منذ أكثرمن سبعة آلاف سنة قبل الميلاد ،وكأن المدينة – حريضة - ظلت تمارس وظيفتها الدينية مع "المعابد و الطقوس " في نفس المكان ،مع فارق الزمان ،التي بدأته منذ آلاف السنين قبل الميلاد ، من حضارة مملكة حضرموت القديمة ،ولازالت آثارا لمعابد باقية ،وكذا الرحبات أو الساحات التي يتجمع الناس فيها للمناسبات وللبيع والشراء ، وتنفيذ الأحكام قرب المعبد، منذ آلاف السنين (كمعبد آله القمر سين ) في حريضه قبل أن يعرف سكان حضرموت الديانات التوحيدية ،ثم أن آثار مدينة "ريبون "التاريخية القديمة ماثلة إلى اليوم قريباً من قرية "المشهد "
،وتقدم في زياراتنا "للمشهد" والتي يوجد بها قبة كبيرة،أقيمت على ضريح السيد علي بن حسن العطاس أحد أبرز رجال في حضرموت ،وتقام له زيارة حولية يشهدها جمهور كبير من الناس ، في شهر ربيع الأول من كل عام وتعرضنا،للحديث عن هذه المنطقة فيما تقدم .
أعود للوفد الزائر الذي قد وصل إلى مشارف حريضة بعد أن زارا قرية "المشهد " كما تقدم معنا من سابق ،وعلى هذا فقد غادروا المشهد ظهراً بقيادة السيد حسن العطاس , وسارواعبر الوادي الكبيرالذي يقع أسفل مدينة حريضة إلى مدخل وادي عمد، ومروا بمنطقة "بحران" التي يعود سبب تسميتها عند الأقدمين الحضارم ببحرين عند أن تجتمع السيول (أي النهرين), حيث مجرى السيل في وادي دوعن على الشمال ووادي العين على اليمين وتفصلهما هضاب من الكثبان الرملية وبعض الرواسب التي تجلبها السيول ثم يلتقيان وتكون تربة من الغرين الجيد الخصوبة ،وعند هذه المنطقة قرب قرية "سدبة" وغير بعيد منها قرى كثيرة ترتفع على الهضبة الجنوبية الشرقية مثل حوره ،وهي أحد التجمعات السكانية الكبيرة في غرب حضرموت .
وهكذا دخل الوفد الزائر وادي عمد وخلال سيره لاينسى الكولنيل "دانيال " أن يصف كل شاردة وواردة وقع عليها بصره ، وسأل عنها من يرافقه "خاصة "حسن العطاس " الخبير بمعرفة هذه المناطق لهذا فهم شاهدوا خلال سيرهم تلك السقايات التي تنتشر على جوانبي الطريق وشاهدوا أيضا بعض التحصينات والقلاع و بعض الأرض المحروثة في الوادي, و شجر النبق الدوم والأعشاب المتناثرة هنا وهناك. و بعض أشجار النخيل والمستوطنات الزراعية التي يسكنها العاملين في فلاحة الأرض قال : " فيخرج سكانها وينادوننا في ريبة، وعندما يسمعوا أن السادة من آل العطاس في ركبنا, ترتفع التحايا "يا حيّا" "و هو دليل على المكانة التي تحتلها عائلة آل العطاس العلوية في نفوس هولاء الفلاحين في هذه الوديان .
ونحن نقترب من حريضة لابد أن نشير أن المدينة كانت تحت سلطة مباشرة من" آل بن بريك " من يافع ،لكنهم تركوها في خضم صراع القوى القبلية في تلك الفترة واستقروا في ميناء الشحر,وتنازلوا عن حريضة لآل العطاس, وذلك في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي ؛ ونشأت على إثر ذلك علاقة حميمة بينهما.
كانت حريضة على موعد للقاء بضيوفها من المستعمرين الهولنديين ، للمهجر الحضرمي جزيرة جاوا وبتافيا وسربايا وغيرها من الجزر، التي نشأ فيه وترعرع وتعلم جيل كبير من الحضارمة المولدين في جزرالهند الهولندية ؛ وهم الذين جمعوا ما بين الهوية الحضرمية من جهة والجاوية الملاوية ذوات العيون والأنوف الصغيرة ،والملامح الصينية القصيرة من جهة أخرى ، وقد سيطر عليها البرتغاليون والبريطانيون والهولنديون منذ القرن السادس عشر الميلادي على هذا الأرخبيل .حتى أستقلت البلاد الإندونيسية عن الاستعمار الأوروبي عام1945م0
ولهذا كان في مقدمة المستقبلين للضيوف عند مدخل مدينة حريضة كما ذكر الكولنيل الهولندي "دانيال"شباب ولدوا في اندونيسيا وقدموا حضرموت لتعلم اللغة العربية ومن ثم سيعودون ،ولهذا وصفهم بقوله (شباب غض وجريء, كانوا يتدافعون من حولنا لمصاحبتنا والتحدث معنا بشغف.يطرحون بعض الأسئلة باللغة الملاوية. وعندما جاءتهم الردود أيضاً بنفس تلك اللغة, أخذت الأسئلة تتلاحق تباعاً هؤلاء الشبان الواعين, ولدوا في جاوا ثم أرسلوا إلى هنا ليحصلوا على تعليم عربي سليم. )
قالوا للقنصل الهولندي أنهم لا يرغبون في المكوث طويلاً في بلد أجدادهم الأصلي حضرموت وعندما سئلوا أجابوا : ("هل تستطيب لك الإقامة هنا؟ قال البعض منهم : ("قطعا لا, هذه بلاد كريهة بفقرها وحرارتها ومللها".)
إن هولاء الجاوة المولدين ،كان يملأهم الحنين والشوق للعودة إلى جاوا حيث السماء الملبدة بالغيوم وأشجار الفاكهة الاستوائية الجميلة التي تغطي أرض الجزر في كل مكان , وحيث ما زال آباؤهم هناك فهم يرغبون في العودة فوراً.
ومما تجدر الإشارة أليه أن هذه هي أول زيارة لوفد أجنبي هولندي رفيع المستوى يزور بلد حريضة بوادي حضرموت فقد ( كان الأجانب حتى وقت قريب يمنعون من دخول حريضة,) وعلق الضيف بأن أصبح الرأي العام الآن أكثر حداثة. ثم أن هناك تعاطفاً في كل حضرموت نحو هولندا وتقديراً لتلك البلاد وللاستضافة والمعاملة الكريمة التي يلقاها الحضارم في البلاد التي تقع تحت حكمهم. هذا ماقاله المتحدث الرسمي باسم أهالي المدينة وهو حاكم المدينة ومفوضها الرسمي من قبل الحكومة القعيطية آنذاك ،ولقد أمسك الحاكم يد الهولندي بوقار وهو في طريقه نحو مقر الضيافة في المدينة . وسار بجانبه السيد حسن علوي العطاس يسير في زهو وفرح لايوصف ، مع نور المصابيح . واصطحب اثنان من الوجهاء "فون فيسمان" الجغرافي الألماني صديق الكوننيل بنفس الطريقة, ومن ثم بدأ التقدم البطيء نحو المدينة، التي شوهدت مبانيها من الطين وبشكل غير منظم وبينها مسجداً تلمع منارته من بعيد .
قال الزائر في معرض وصفه للمدينة : (000 عبرنا المكان بعد خمس دقائق, وهو على منحدر ركام الصخر, منزل العطاس الضخم مضاء وبه العديد من الشبابيك الصغيرة.) وتقدم أحد إخوة حسن علوي مع عمه لتحية الضيوف القادمين . شرح الكولنيل بعض المعلومات للسيرة الذاتية التي أخبروهم بها قال : (000تلقى هذا الأخ تعليما هولنديا, بينما تعلم علوي في مصر, وحسن في الهند. وكان العم ضابطاً في الكتيبة الحضرمية في جيش نظام حيدر آباد.)
ولهذا أستطاع السيد حسن علوي العطاس أن يسهم في إنجاح برنامج الزيارة لخبرته ومعرفته التي لاتوصف في هذا المجال 0
كان الاستقبال في المجلس قصيراً أعقبه تناول وجبة دسمة قدمت لهم فوق السطوح إي في الغرف العالية التي عادة ماتكون كالبناقل فوق القصور المشيدة الواسعة بصحبة الرجال الأقربين في العائلة.
لقد وصف الزائر أيامه في حريضه بأنها كانت أيام جميلة عكس مالقيه في أماكن أخرى من وادي دوعن كما لاحظنا من قبل ولهذا قال وهو بصدد الحديث عنها : (خصصت لنا مضيفة أنيقة نظيفة لإقامتنا في حريضة. كانت هذه ميزة كبيرة إذ أعطتنا مكانا فيه خصوصية نرتاح فيه, فلا نقابل الزوار إلا في منزل عائلة العطاس. )
وأصر آل العطاس أن يقدموا ضيوفهم في محفل للجمهور وقد لاحظ الضيف أن هذه الاجتماعات يحضرها العالي والوضيع, والكبير والصغير, وحتى البدو في القافلة, والجنود من حراس المنزل, وجنودهم من العبيد, وأفراد الأسرة الصغار قد حضروا في مكان واحد ويشربون من إناء واحد ويجلسون في مكان واحد .
ولهذا وصف الحالة بالديمقراطية على حد تعبيره .
لكنه أردف قائلاً : (000 الشيء الوحيد أن الصغار والتبّع يبقون على مسافة في الخلف ويحرصون ألاّ يحدثوا ضوضاء تزعج الكبار. ويبقى الكبار وعقلاء المنطقة مع بعض.)
ماذا دار من حديث في هذا المجلس أو المحفل في العشرين من مايو 1931م وماهية القضايا التي يمكن أن تلفت نظرك أيها القارئ الحصيف ؟
هذا ما سأتناوله في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى .

[أبو صلاح]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الخليفي الهلالي [ مشاهدة المشاركة ]

قواك الله يا أبا صلاح أنت مثل الطبيب الذي يسعى لتطبيب الجراح وأنت تطبب جراح القراء بماتنقله لهم من سير وقصص تاريخيه وتراثيه. دمت بخير؛؛؛؛؛

شكراً لك ياصديقي الخليفي ولك خالص شكري وتقديري موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .