المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الأخبار السياسيه
سقيفة الأخبار السياسيه جميع الآراء والأفكار المطروحه والأخبار المنقوله هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها ومصادرها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


قصة الضحية الذي حكم عليه بالإعدام اليوم بعد إدانته بالتخابر مع إسرائيل

سقيفة الأخبار السياسيه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-2010, 04:45 PM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

قصة الضحية الذي حكم عليه بالإعدام اليوم بعد إدانته بالتخابر مع إسرائيل


قصة الضحية الذي حكم عليه بالإعدام اليوم بعد إدانته بالتخابر مع إسرائيل

المصدر أونلاين- خاص


قضت المحكمة الجزائية الاستئنافية اليوم بإعدام المتهم الأول في قضية التخابر مع إسرائيل "بسام عبدالله فضل محمد الحيدري"، مؤيدة بذلك حكم المحكمة الابتدائية التي كانت حكمت بإعدام الحيدري العام الماضي.


وفي نفس القضية أيدت سجن المتهم الثاني "عماد علي سعد حمود الريمي" ثلاث سنوات، فيما خففت الحكم الصادر بحق المتهم الثالث إلى ثلاث سنوات سجنا بدلا عن خمس.


المحكمة قالت انها استندت في حكمها إلى اعترافات المدانيين الثلاثة في محاضر الاستدلالات وتحقيقات النيابة، التي تضمنت قيام المدان الأول الحيدري بالاتصال غير المشروع مع إسرائيل، بالإضافة إلى نشر أخبار وبيانات كاذبة مغرضة باسم منظمة الجهاد الإسلامي حول نية المنظمة إحداث تفجيرات في أمانة العاصمة ومحافظة حضرموت، مستهدفه المصالح الحكومية والأجنبية بقصد تكدير الأمن العام وإثارة الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العام.


يذكر أن الرئيس علي عبدالله صالح كان قد أعلن في خطاب ألقاه في أكتوبر عام 2008م عن إلقاء القبض على خلية إرهابية مرتبطة بالمخابرات الإسرائيلية.


المصدر أونلاين ينشر التحقيق الذي أجرته "المصدر" في يناير 2009م عن المتهم الحيدري والخلية المزعومة


قبل نحو 4 أشهر بلغت هذه الحكاية أبعادها القصوى حينما خرجت إلى العلن. فلقد حمل الرئيس علي عبدالله صالح، شخصياً، على عاتقه مسؤولية إماطة اللثام عن المعلومة السارة والفريدة من نوعها.



في 6 أكتوبر 2008، بينما كان الرئيس في حضرموت لمتابعة عمليات الإغاثة لضحايا كارثة السيول، ألقى خطاباً أمام حشد كبير من المسؤولين وعلماء الدين، في القاعة الكبرى بجامعة حضرموت، كشف خلاله عن إلقاء القبض على خلية إرهابية مرتبطة بالمخابرات الإسرائيلية "رغم رفعها شعار الإسلام"، وأنها ستقدم للمحاكمة، وأنه "سيتم الإعلان عن نتائجها قريبا".



المؤكد أنه لم يكن يقصد فقط التباهي بنجاح أمني عابر. ذلك أن الخبر بحد ذاته كان ينطوي على عناصر تمثل مفارقة مثيرة لا سابق لها على الإطلاق تقريباً. إذ ليس من اليسير تصديق أمر كهذا: منظمة جهادية إسلامية تتخابر مع إسرائيل. لهذا جاءت ردود الفعل حياله متضاربة، ما بين مصدق أو مضطر لأن يصدق، وما بين مشكك أو مكذب تماما، أو ساخر على طريقة الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية إيجال بالمور في سياق رده على تلك التصريحات.



لست هنا بصدد تفسير الدوافع السياسية، أو التوقيت والأسلوب الدرامي الذي اختار الرئيس أن يضع فيه مفاجأته. لكنني أشعر بأن الجميع أصبح الآن بحاجة لمعرفة كيف أن خلية إرهابية "ترفع شعار الإسلام"، يمكن أن تقيم اتصالات مع الموساد الإسرائيلي رأساً. وما مدى الدقة أصلا في نقل معلومة من هذا الطراز الثقيل، كما وفهم ما إن كان الرئيس قد وقع ضحية تضليل أحد ما من معاونيه، أم إنه كان بالفعل يعني ما يقول، مع علمه المسبق بأن الحقائق الواقعية لا يكاد يجمعها، مع الصورة التي بدت عليها في كلامه، سوى خيط رفيع يرجح تلاشيه في خضم فيض التفاصيل الأخرى. وباختصار: أكان يدرك الرئيس حينها أنه تسرّع بعض الشيء في إعلانه؟ أجهل ذلك حقا الآن. وريثما يفرغ القارئ من مطالعة وقائع هذه القصة أعتقد أنه سيكون في وسعه أن يحكم. ولا بد أن ثمة من هو متعطش بشدة لمعرفة ما هي هذه القصة بالضبط: أحداثها، مسرحها الذي دارت فيه، وترتيبها الزمني والموضوعي، ومن هي شخصياتها الرئيسية والفرعية ودور كل واحدة منها.



سيتضح لاحقاً، أن القصة ترسم، على نحو أو آخر، صورة عن فداحة أن يكون المرء حسن النية لكنه لا يتحلى بالذكاء الكافي للاقتراب من أبناء الأكابر. وهي تظهر أيضا كم من الضروري جدا أن تكون الخطوات محسوبة عندما يتعلق الأمر بأصدقاء عابثين وعديمي أخلاق يتكئون في تصرفاتهم إلى سوء طباعهم الشخصية، وربما أيضاً نفوذ عائلاتهم في السلطة. أظن أنه قبل أي شيء آخر، يتعين تلخيص الأحداث الأكثر غرابة، التي سنرويها كاملة لأول مرة ربما في السطور التالية، بكلمات معدودة: شاب فقير يكافح بدأب لإثبات نفسه. كان يوماً ما فني كشافة بدون مؤهل. تحول بتشجيع رجال مقربين من الحكم إلى متعهد حفلات غنائية سيء الحظ. أدخله حظه العاثر تحت وطأة ديون هائلة أكبر من قدرته على التحمل. خضع بموجبها لنوع بغيض من الابتزاز. وبعد أن نفد صبره أخذ يتصرف بغباء مجنون يجعلك ترغب في الحزن لأجله أكثر من إضمار الحقد عليه.



تنقسم القصة إلى ثلاثة فصول متداخلة زمنياً وإلى حد ما ليست منفصلة موضوعياً. تتمحور حول حياة شاب يحمل بشرة بلون القرفة، يدعى بسام عبدالله فيصل محمد علي الحيدري، وهو يبلغ من العمر 26 عاما. شخصية واحدة تمر بأطوار عدة. ثم ينتهي بها المطاف بالوقوع تحت طائلة تهمة من أخطر التهم.(على الرغم من تشكيك بسام في مصداقيتها، وإدعائه، الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، بأنها انتزعت منه عبر التعذيب القاسي، إلا أننا سنعتمد في رواية الوقائع بشكل شبه رئيسي على ما ورد في محاضر التحقيقات التي خضع لها في البحث الجنائي). ومن المهم كذلك، الإشارة إلى أن عبدالرحمن برمان محامي المتهم، قال معلقاً على اعترافات موكله: "نحن لا نثق في أقوال انتزعت في البحث الجنائي لأنها تمت تحت التعذيب الشنيع".



تقريبا تبدأ القصة عند هذه النقطة بالذات: وفاة رجل الأعمال محفوظ شمّاخ مطلع 2008. لقد كانت علامة فارقة في حياة بسام. كان موظفاً شخصياً -بحسب توصيفه- لدى شمّاخ. وإذ توفي الأخير، فقد ترك بسام العمل وألفى نفسه، وهو الذي يعول 10 أشقاء ووالدته بالإضافة إلى زوجته وابنه الوحيد البالغ من العمر 3 سنوات، بدون مصدر دخل يذكر. فعاد للعمل لفترة وجيزة في عيادة والده الذي انفصل عن العائلة لأنه قرر التزوج بأخرى. ذات يوم، أوائل 2008، فبراير على أغلب الظن، جمعت المصادفة بسام بصديق يدعى (ع.ك). حينها، فكراً اثناهما، بإقامة حفلة غنائية استثمارية في صنعاء. حينئذٍ كان حفل المطربة أصالة، المثير للجدل، في عدن قد انتهى لتوه، فقرر بسام وصديقه استلهام التجربة المغرية تلك، بحثا عن الربح السريع والسهل، من خلال أنشطة قد تضعهم، وجهاً لوجه، مع المكانة والشهرة والثراء. توجها بالفكرة إلى صديق ثالث ورابع. أحدهم كان يزعم بأنه يتمتع بعلاقة جيدة مع الفنانين العرب بحكم إقامته في القاهرة للدراسة، والآخر سكرتير محافظ سابق من سنحان تقرر أن عليه البحث عن قرض بقيمة 13 ألف دولار بفوائد تقدر بـ7 آلاف دولار، وسلمت سيارة بسام من ماركة "كيا" الأمريكية رهناً بالمبلغ، وشرعوا في إنشاء شركة تحمل اسم "ستندر موف للخدمات والتسويق"، بحسب إفادة بسام للمحقق.



درسوا الفكرة معا ومتطلباتها وباشروا التنفيذ. من هنا يدخل شخص محوري في مجرى الأحداث: عصام دويد، المرافق الشخصي لرئيس الجمهورية. يقول بسام في هذا الخصوص: "بدأت معرفتي ]بعصام دويد[ عن طريق مدير الأسواق في القاع (ع.ق)، (ق.ز) مالك مستشفى المرأة والطفل، وكان الغرض من التعارف مساعدتنا في إنجاح الحفل ونشر السياحة وجذب الاستثمار بالغناء". هذا ما جاء في محضر التحقيق. على أن مصادر أكدت أن عصام دويد كان شريكاً في المشروع بنسبة لا بأس بها.



ستكون التفاصيل التالية مضجرة، بيد أنني مضطر لسردها بتوسع لأن الأحداث التالية تمثل قاعدة لما سيليها. أيا يكن الحال، سافر (ع.ض)، و(ع.ن) إلى القاهرة لتوقيع عقد استضافة مع الفنان تامر حسني. سأترك لبسام الحديث واعدا نفسي بالتدخل الطفيف لربط وبناء الأحداث. "حصلت مزابنة على تامر حسني مع رامي عبده هائل سعيد، لأنه دفع للفنان فلوساً أكثر، فقام (ع.ض) بالبحث عن فنان آخر، وأخيراً اتفق مع الفنان إيهاب توفيق، ثم عاد إلى صنعاء، فاستخرجنا التراخيص، وبدأنا مراسلة الشركات للدخول كرعاة للحفل وأعلنا عن الفعالية في الصحف والبروشورات واللافتات بعد أن تحدد موعد الحفل في 24-7-2008" يقول بسام. مضت الأسابيع. كان بسام يشغل منصب نائب المدير العام في الشركة الوليدة. ومع اقتراب الموعد سافر بسام إلى القاهرة لتسليم الفنان بقية المبلغ. يقول:" فوجئت أن (صاحبي) اتفق معه ولم يسلم له أي مبلغ، بل اتفق معه على أن يرسل له نصف المبلغ قبل الحفل بأسبوع والنصف الآخر قبل أن يقلع من مطار القاهرة، والمبلغ كامل هو 32 ألف دولار. ولم أستطع أنا و (ع.ض) تدبير المبلغ لأن الأخير أضاع الـ13 ألف دولار في مصر". قفل بسام عائداً إلى صنعاء مفعماً بخيبة الأمل. "تصايحت أنا و(ع.ض) لأنه أضاع الفلوس. فقال لي ما تدخلش والشركة شركتي، والقانون لا يحمي المغفلين، وطردني من مكتبه وتركت العمل، وألغيت التفويض في البنك، ونشرت إعلان في صحيفة الثورة عن إخلاء طرفي واتضح لي لاحقاً أن الحفل لم يقم واحتبس بسبب الديون"، قال. لا نعرف ما هو مصير صديقه (مدير الشركة)، رغم أنه ألمح في إحدى إجاباته إلى أنه متواجد الآن في عمران وليس في السجن. الأكيد أن حظه أسعفه فوجد من يمد له يد العون، فهو سكرتير محافظ سابق (من سنحان).



وحدهم الأشخاص الصغار دائما يتورطون. نهاية أغسطس 2008، أفلست الشركة تماماً وتم إغلاقها. بالطبع- بالنظر إلى الوقائع السابقة- لا أحد مذنب في حق بسام مثل تصرفه هو نفسه. لم يكن حاذقاً كفاية ليخوض تجربة باهظة خرج منها مثقلاً باثنين مليون ريال ونصف ديوناً، وصورة مع إيهاب توفيق. وهذه هي الصيرورة النهائية للفصل الأول، وهو ما سينبني عليه الوقائع الأخرى. مع الاعتراف بأن ثمة حلقات مفقودة ربما سيتاح لنا العثور عليها مستقبلا.



كان بسام لا يكف عن الاعتقاد بأن هناك من هو مذنب (سواه طبعا) يتعين عليه مشاطرته متاعبه الجسيمة، الناشئة عن مغامرته العاثرة. ومن هؤلاء عصام دويد (مرافق الرئيس)، الذي وإن لم يُلق باللائمة عليه كليا في إخفاق المشروع، إلا أنه يظل الوحيد القادر على إقالة عثرة هذا الشاب المنهار. وإذا افترضنا أن ما ورد فيها لا غبار عليه، فأقوال بسام كانت تتباين من جلسة تحقيق إلى أخرى. فمثلا، اختلق في أول جلسة تحقيق 20 سبتمبر 2008، حكاية عن تعرضه للتهديد من قبل متطرف إسلامي بقتل ولده ما لم يتوقف عن إقامة حفلة إيهاب ويلتحق "بالجهاد"، قبالة مسجد الحزيزي في جولة الثلاثين، وأنه أبلغ عصام دويد فقال له الأخير "لا تخاف من قالها ما فعلها، قع رجال وأنا أحميك"، وحضه على الانخراط في صفوف "الجهاديين"، وموافاته بالمعلومات أولا بأول مقابل تسديد ديونه. لكنه في جلسة ثانية نفى تعرضه للتهديد وأن القصة برمتها كانت ملفقة. وهذا ما سيرد في الفصل الأخير من القصة.



سأضطر للإيجاز في سرد هذا الفصل. وأحداثه تتوازى زمنياً مع أحداث الفصل التالي، أو على الأرجح متقاربان. أو لنقل بأنه كان فاصلاً وجيزاً ومؤلماً بين مشروعين هما نقيضا بعض جملة وتفصيلاً: شركة ستندز موف، التي أنشئت أساساً لإقامة حفلة غنائية لإيهاب توفيق، و"منظمة الجهاد الإسلامي" الوهمية، التي لا تخلو فكرتها من طرافة وسذاجة متهورة. يمكن رواية القصة بهذه الطريقة، طبقا لأقوال بسام في محاضر التحقيق: عندما كان نائبا لمدير موف، استأجر سيارة تويوتا من شركة العمودي لتأجير السيارات. وبينما كان يستخدمها لإنجاز مهام الحفل الفني الذي فشل، طلب منه شقيق زوجته إعارته السيارة، فأوعز إليه صهره الآخر بأن الأول غير مأمون الجانب، وأنه "سبق وسرق سيارات". بعد نكبته حاول بسام اقتراض 400 ألف ريال من صهره (المشكوك في أمانته). استغل الرجل حاجة بسام أسوأ استغلال. ففي حين وافق على إقراضه المبلغ المطلوب، فإنه اشترط على بسام أن يقوم باستئجار سيارة من أي شركة تأجير. وفي الغضون طرح الصهر موضوع تأسيس شركة بأسماء وهمية للاحتيال على شركات تأجير السيارات. أي بكل بساطة عصابة للسرقة والنصب. بحلول 27 -7-2008، أنشأ بالفعل شركة بأسماء مستعارة. ولقد شرح مبررات تصرفه بأنه اقترض من (ع.ق) و(ج.ج) و(م.ق) أموالاً لتسديد ديونه. ولأنه لم يتمكن من تسديدها، تعرض للضغوط من أجل تأسيس شركة لاستئجار السيارات وبيعها. يقول بسام: "فوافقت. بعدها جاب (ع.ق) مبلغ 15 ألف ريال سعودي لفتح الشركة، وقمت باستخراج بطاقة شخصية مزورة باسم مستعار هو محمد صالح العريقي، وصورة شخص من تعز. تمت عملية التزوير في محل الصفوة للكمبيوتر (يملكه علي محفل المتهم الثالث في الخلية التي أعلن عنها الرئيس)، وقمنا باستخراج رخصة قيادة وسجلاً تجارياً بنفس الاسم المستعار، واخترنا اسما للشركة الوهمية هو "فف كون للمقاولات والخدمات النفطية". "في 2-8-2008 قمنا باستئجار سيارة تويوتا رافور، من شركة يورب كار، باسم شركة فف كون، مقابل 500 دولار، وأرجعناها (لبناء الثقة كما أشار في مكان آخر من التحقيق). وفي 6-8-2008 استأجرنا سيارة لاند كروزر موديل 2005 وكان الغرض من استئجارها هو بيعها حيث أنني كنت استلمت 850 ألف ريال مقابل ذلك". انتقل على متنها كل من صهره وشبكة السرقة التابعة له فباعوها في ذمار. وبعد 5 أيام عادوا إلى صنعاء لمطالبته بمواصلة جلب السيارات إلا أنه "ماطلهم" على حد تعبيره.



في هذا الفصل يظهر شخص آخر هو عماد علي سعد الريمي. وهذا الشاب البالغ من العمر 24 عاماً لعب أدواراً مهمة في القصة، وهو ثاني شخص في الخلية المزعومة المتهمة بالتخابر لصالح إسرائيل. فقد كان بمثابة الذراع اليمنى لبسام منذ تأسيس شركة "ففكون" المزورة. انضم إلى الشركة بصفة نائب المدير وباسم مستعار هو نايف عبدالله العريقي. وإذ اضطلع هنا بمعاملة استئجار السيارات، فإنه في الفصل التالي سيؤدي دور "أبو الغيث" زعيم منظمة الجهاد الإسلامي، إنما بأداء رديء. كل هذا لقاء 300 ألف ريال، لكن بسام "لم يعطني سوى 30 ألف ريال وظل يماطلني ولم يف بوعده" وفقا لشكوى عماد في إحدى مدونات التحقيق.



شبح الديون ظل يطارد بسام كالعفريت. ولسوف تبقى وقائع شركة "فف كون" طي الكتمان إلى أن وقع بسام في قبضة السلطات يوم 20 سبتمبر 2008. علي أن أسترسل هنا بعض الشيء. وسنجد في نهاية الأمر أن مسألة "التخابر مع إسرائيل"، إن وجدت أصلاً، لن تشغل سوى حيز صغير فقط. أتذكر أنني كنت أضحك لحظة اطلاعي على أجوبة بسام وعماد المثيرة للسخرية والرثاء في آن.



لما منيت محاولات بسام المتكررة، لتخطي محنته، بالفشل الذريع، بدأ يتصرف على نحو غريب وطائش. مع ذلك أظن أنه لا يصلح أن يكون شريراً بارعاً. وكذلك الأمر بالنسبة إلى عماد الريمي، معاونه وصديقه الذي تقاطعت مصائرهما عندما تعارفا عام 2003. الآن سيتولى عماد إدارة شطر كبير من دفة الحديث. وسيغدو اسمه من الآن فصاعدا "أبو الغيث". ولكي يتسنى للقارئ إدراك إلى أي حد كانوا بلهاء، سنغض الطرف عن التعابير العامية والجمل الركيكة. يقول عماد للمحقق بشأن منظمة الجهاد الإسلامي:" الفكرة ليست فكرتي ولكنها مسرحية دبلجها بسام الحيدري ذات يوم واحنا مخزنين أنا وبسام في بيت (ع.ع) بعد أن كثرت الديون على بسام حيث أنه كان مديناً لـ(ع.ن) مليون ريال ولـ(ع.ق) 2000 دولار، فطلب مني بسام الاتصال بعصام دويد (مرافق الرئيس) وأملى علي ما أقول له. فاتصلت ودار بيننا هذا الحديث: السلام عليكم، فقال وعليكم السلام. قال من معي؟ قلت له أبو الغيث. فقال أهلاً وسهلاً. أي خدمات؟ فقلت له والله احنا شباب وفيه ناس يشتونا نشتغل معهم في الإرهاب. فقال ما المطلوب؟ فقلت له نشتي نقابل الأخ الرئيس نحن عاطلين ونشتي عمل لكي لا نضطر نعمل مع الحركات الإرهابية. فرحب وقال حط لي موعد واتصل فيني. وأنهينا الاتصال".



المكالمة الثانية أجراها مع تاجر سلاح. يقول عماد في تخبط مريع: "طلب مني بسام أن أذكر في الاتصال بأنني من حركة حماس وأن هناك صفقة سلاح في المياه الإقليمية اليمنية نريد توصيلها إلى غزة. فرد علي: يا أخي أنا إنسان مسكين مالي دخل ولا أقدر. وكان الغرض أن نطلب من الرجّال 50 ألف دولار كما أخبرني بسام لكنني لم أفعل". بعد يومين، اتصل عماد بعصام دويد مرة ثانية لتذكيره بطلب مقابلة الرئيس. "فقال لي يا أخي أشتي اعرف ايش مضمون المقابلة، فقلت له بحسب تعليمات بسام: نشتي نكلمه بخصوص الإرهاب وما إرهاب. فطلب مني أن أحضر إلى عنده في وجهه".



على أية حال تصرفات خرقاء للغاية. المكالمة الرابعة تضمنت التالي: "أنا طلبت مقابلة الرئيس فأهملت الموضوع، بس سوف نستخدم أسلوب آخر، سوف نهز المصالح الغربية، فقال لي مافيش داعي يابو الغيث سوف نتفاهم. وأغلقت السماعة". تلقى عماد وعداً قاطعاً من بسام بمساعدته في الزواج مقابل إجراء المكالمة الأخيرة مع عصام دويد:" بيني وبينك 600 ساعة فقط. وأقفلت السماعة". لماذا اختاروا عصام دويد بالذات؟ هذه مسألة يكتنفها الغموض. على أن بسام أكد أن الهدف هو "عمل شوشرة، ولأن عصام دويد رفض الاستجابة لمطالبي وإخراجي من أزمتي، بحكم أنهم قدوة للوطن ونحن أبناؤهم فقررت أن أقلقه". يراودني شعور بالشك في أن يكون مصدر هذه العبارة هو بسام الحيدري، لاسيما هذه "قدوة الوطن ونحن أبناؤهم". لكن ما هو مؤكد هو أن بسام أحس بتعاظم عذابه وتمزقه فاختار السير في الدروب الأشد خطورة.



توالت اتصالات التهديد "للفندم عصام" بحسب توصيف بعض محاضر التحقيق. وكان بسام قد أعد العدة اللازمة للتخفي. فاشترى شرائح هاتف جوال باسم مستعار هو أسامة عبدالله الشجري. ومن هذه الأرقام راح يمطر عصام دويد بوابل من الرسائل، بالتزامن مع اتصالات عماد وشخص آخر. في الوقت الذي بدأ فيه بإصدار البيانات عبر الانترنت باسم "منظمة الجهاد الإسلامي". هل اهتدى بسام بمحض الصدفة إلى فكرة استخدام اسم منظمة إرهابية لابتزاز دويد؟ في الواقع هناك أكثر من نظرية لتفسير سلوكه هذا. منها أن بسام ربما فكر أنه طالما عصام دويد مقرب من الرئيس فلا بد أن له علاقة وطيدة بأجهزة الأمن، وبالتالي سيكون أي نجاح أمني مدعاة لمكافأته. وبناء على هذا التقدير قرر بسام تلفيق قصة قبل زيارة عصام ليواصل إلحاحه بإقراضه مبالغ لتسديد ديونه. بطريقة أخرى: بعد تهديدات "أبو الغيث"، وبعد رسالة (sms) بعثها بسام، تتوعد بتفجير سيارته "الهمر والمونيكا"، ذهب الأخير لزيارته. وإذ كرر طلبه بشأن القرض "باعتبار أن حفل إيهاب توفيق فشل بسبب التهديدات التي تلقاها المكتب من الإرهابيين"، رد عصام على الفور: "شوف، في واحد بيهددني إذا طلع نفس الشخص الذي يهددك (كذب بسام بأنه يتعرض للتهديد) سأخارجك بدون دين". "إثر ذلك استمريت في تهديده. وقمت بإشهار منظمة الجهاد الإسلامي ومواصلته بالمعلومات باعتباري متعاون كي أحصل على المبلغ الموعود، حتى أنه كان يرسلني إلى وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن وإلى الأمن القومي وإلى مكافحة الإرهاب لكي أدلي لهم ما لدي من معلومات حول هذه الخلية"، قال. بمعنى أنه كان يصنع المعلومات والأحداث لا لشيء إلا لكي ينقلها إلى دويد، بوصفها إنجازاً أمنياً جديراً بالمكافأة.



غداة تفجير السفارة الأمريكية، بعث بسام ببيان الكتروني، يحتوي على ما يمكن أن يوهم عصام دويد بأنه مستهدف بالفعل من قبل هذه الخلية الافتراضية: "أخي أبو الغيث نبارك لكم النجاح، ثانيا بالنسبة لمهمة عصام دويد قد تأجلت". وحين تتناقل وسائل الإعلام خبر تهديد مرافق الرئيس بالتصفية، يكون بسام قد برهن على صدق معلوماته، وبالتالي يحرز المكافأة. مسرحية سخيفة أليس كذلك؟ سوف أكذب لو قلت أن الوقائع واضحة ومترابطة. إذ كيف لي أن أفهم وقد أحصيت بضعة بيانات تبنى فيها بسام عمليات كبيرة مثل هجوم تريم وتفجيرات السفارة الأمريكية في صنعاء، وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية بكل جدية.



عشرات الرسائل القصيرة والمكالمات لكل من الشيخ حميد الأحمر يطالبه بتمويلهم وكذلك إلى شقيقه قحطان الأحمر، والسفير السعودي يساومه على 500 ألف دولار مقابل عدم تفجير السفارة، ومكتب منصور بن زايد آل نهيان في الإمارات، ومندوب الأمن في السفارة البريطانية؟. وكيف وجد الجرأة لزيارة منزل احمد علي عبدالله صالح ومنزل رشاد العليمي لإبلاغهم بأن هناك هجمات سوف تتعرض لها مصالح أجنبية في اليمن؟ هستيريا تدعو للذهول حقاً. كل هذا خلال مدة لا تتجاوز الشهرين.



لا بد أن في الأمر لعبة تتعدى قدرة بسام على صناعتها. لكن بالمقابل لماذا لا يكون الأمر أبسط مما نتصور. من يدري، فشخص غريب الأطوار كبسام، مضطرب وفاقد الأمل يجعلك تشعر بأن كل شيء ممكن وبأتفه الوسائل. ألم أقل أن التفاصيل المملة هذه ستكون كفيلة بجعل مسألة "التخابر" المزعوم هامشية جداً؟ الحقيقة، لا يوجد ما يشير إلى إمكانية أن يكون بسام قد أجرى اتصالات مع الموساد الإسرائيلي، فضلا عن رفيقيه عماد الريمي وعلي محفل. الراجح أنها كانت فرقعة إعلامية ليس أكثر. حتى أن قرار الاتهام لا يتضمن أي إشارة إلى أية عملية تجسس لا من قريب ولا من بعيد، باستثناء هذه العبارة: " المتهم الأول (بسام) سعى باتصال غير مشروع لدى دولة أجنبية، بأن بادر بنفسه لخدمتها وبعث برسالة عن طريق البريد الالكتروني الخاص به إلى رئيس وزراء الكيان الصهيوني تضمنت "نحن منظمة الجهاد وأنتم يهود ولكنكم صادقين ونحن مستعدون لأي شيء" واستلم الرد منه وفيه "نحن مستعدون لدعمكم لتكونوا حجر عثرة في الشرق الأوسط وسوف ندعمكم كعميل".



لست مضطراً للدفاع عن بسام، لكن علينا أن نضع الأمور في نصابها فحسب. فأولمرت لو صحت الرسالة ليس الموساد. ثانيا لا علاقة لعماد وعلي محفل بالأمر، ما يعني عدم وجود خلية مرتبطة بإسرائيل. ثالثا لم يكن نص الرسالة كما وردت في قرار الاتهام متطابقاً مع منطوق اعترافات المتهم.



بسام عثر على إيميل أولمرت عبر محرك البحث "جوجل"، كما قال. وربما في لحظة قنوط عارمة قرر القيام بشيء ما شاذ وغير منطقي للانتقام من هذا العالم العدمي الذي لم يهب لنجدته. فكتب إلى أولمرت: "نحن منظمة الجهاد... انتم اليهود إذا وعدتم صدقتم بوعودكم بالرغم من أنكم أعداء الله وأعداء الإسلام ولستم مثل الحكام العرب كذابين. إذا أردتم أن نكون حجر عثرة في الشرق الأوسط فنحن مستعدون". فجاء رد مكتب أولمرت على هذا النحو: "نحن موافقين لدعمكم ومستعدين لأي شيء تريدونه". يقول بسام: "فلما جاء الرد قمت بحذف الرسالة لشعوري بالخطر". وحينما طرح عليه المحقق سؤالاً عن دوافع تواصله مع أولمرت، أجاب بسام ببساطة: "كان الدافع هو عدم رضا وضبح من المعيشة".

التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas